يريد الصالح لنا

3

جلوريا حنا

قرأتُ منذ فترة سفر صموئيل الأول، ومرت عليَّ قصة داود أثناء هروبه من شاول ولجوئه للفلسطينيين للاحتماء عندهم من وجه شاول. في الإصحاح 29، يذكر لنا الكتاب محاولة داود الانضمام للجيش الفلسطيني في حربهم ضد شعب إسرائيل بقيادة شاول، لكن الجنود الفلسطينيون اعترضوا على وجوده هو ورجاله خوفًا من أن يصبح عثرة لهم أثناء القتال، وحينها عاد داود من الحرب.

كان وجود داود في فلسطين هو خطأ في حد ذاته، إذ لجأ لإنسان ليحميه بدلًا من الله، بالإضافة إلى لجوئه لشعب هو عدو لشعب الله، ومع ذلك ظل الله معه ولم يتركه. لكن انضمامه للحرب في الحقيقة كان سيقوده لخطأ آخر بشكل حتمي، فهو إما سيكون خائنًا لبلاده، وبالتالي مستحيل أن يصبح ملكًا في يوم من الأيام، أو سيكون شخصًا غادرًا للشعب الذي احتمى به، وبالتالي لن يكون مصدر ثقة بتاتًا، لذلك استخدم الله اعتراض الجنود ليمنعه من ذلك الخطأ الذي أوقع نفسه فيه.

كثيرًا ما نأخذ قرارات قد توقعنا في المشاكل، أو قد تكون نتيجتها الوقوع في خطية، وعندما يفشل ما خططنا لأجله نغضب وننزعج، غير مدركين أن ما حدث هو لصالحنا في المقام الأول، مثلما حدث مع داود؛ فعندما رفض الجنود وجوده في الجيش، تضايق من اعتراضهم. لكن يمكننا أن نرى أن الله لم يكن فقط يحميه من نفسه ومن السقوط في الخطية، بل أيضًا أراد استخدامه في مكان آخر، وهذه المهمة كانت تخص داود بشكل شخصي؛ إذ نجد في الإصحاح التالي أنه عند عودته وجد العمالقة قد استولوا على المدنية التي كان يعيش فيها هو وعائلته ورجاله، وتم سبي زوجتيه، فإذا لم يكن قد عاد حينها، لكان ارتكب خطية وفقد زوجتيه أيضًا، بالإضافة إلى ضياع المدنية نفسها.

عزيزي … قد نجد أن الله يعترض الخطط التي نضعها لأنفسنا دون أن نعرف السبب، ونبدأ في لومه ونحن نرى أن تلك الخطط كانت هي الأفضل لنا، لكن الله هو مَنْ يرى الصورة كاملة. التخطيط للوصول لهدف معين شيء جيد، لكن دون أن نتجاوز كلمة الله في حياتنا، وأن تكون لدينا المرونة لأن نسلِّم تلك الخطط لله كي يعدل فيها كيفما يراه صالحًا لنا. وفي حياتي، هناك الكثير من الخطط التي تم تعديلها وتغييرها، ونحن نرى في كل هذا يد الله الصالحة معنا. قد لا نرى ما يراه في الحال، لكن لنثق أنه الراعي الصالح الذي يريد الأفضل لنا فنخضع له كما خضع له يوسف فأصبح الرجل الثاني في مصر.

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا