مَنْ يختار ربح ذاته

7

حسن إسماعيل

“كل أنواع الحكمة موجودة في الخير.” – كونفوشيوس

الذكريات الحميمة لا تتبخر

لا تقطن الماضي

لا تعرف الناسخ والمنسوخ

حاضرة حضورًا كليًا

تفعل فيك فعل السر والأبد

كيانك هو بيتك وطنك

ينحت رويدًا رويدًا

حديقة وطريقًا ونهرًا وكوخًا خشبيًا معتقًا بالنبيذ ورفاقًا من هنا ومن هناك

لا يوجد موت بل رجاء

لا يوجد خراب بل روح يلهم ويحرر

سحابة من الحب… تسند وترمم وتشدد وتحتوي

“في بعض الأحيان، لا يرغب الناس في سماع الحقيقة لأنهم لا يريدون أن تتحطَّم أوهامهم.” – فريدريك نيتشه.

طفولتك… صباك… شيخوختك

هنا تقطن الذكريات العتيقة

بيت أبي وأمي

وطفولتي التي تملأ كل أركان البيت غناء

كواليس الضوضاء والأفكار الجهنمية…

لا أعرف كيف يقوى إنسان أن يجرِّف تراثه

الحي في لحظة…

أن يبيع الماضي كله

وكأنه هكذا اغتاله…

شوارع الطفولة

مدرسة المشاغبين القدامى

جيران صامدون مثلك

خائفون على أرواحهم أن تفارقهم…

معلومة اختبارية

مَنْ أبقى على ذكرياته حاضرة لم يذبل..

ومَنْ ترك دوائر وطنه الأصيلة تفر أمام عينيه

ومَنْ بين أنامله

اغتربت روحه للأبد…

مهما حاول التذكر

مهما حاول الاستحضار

فالأشياء لها بصمة خاصة

إذا تركتها تتركك…

إذا أنكرتها أمام الناس تُنكرك في روحك…

تصبح روحك مع مرور الوقت ثلجية

مغتربة.. منكمشة في ركن ضيق جدًا في كيانك

تبحث طول الوقت عن سر اختفاء الحميمية

وتنسى من أين سقطت

ومتى سقطت

وكيف سقطت

فالأرواح لا تعرف إلا فعل الحميمية

ولا تفهم غير لغة الوجود…

ولا تدرك ذاتها… إلا في سر التجسد

عندما تلمس وتُلمس..

عندما تعطش وتشرب وترتوي

عندما تجوع وتأكل وتشبع وتصوم

عندما تقدر أن تمر كل صباح على ذكرياتها دون ملل أو ارتياب في العشق…

عندما تعرف أن ملامحك تصنع رويدًا رويدًا… ويومًا بعد يوم

بمد وجزر… ودمع وفرح… وعهد ونبض…

ملامحك لا تصنع في الفراغ بلا جاذبية

ترسم على لوحة ما… تنحت على حجر ما

بريشة ما… ومطرقة ما

ففصول مسرحيتك لا يوجد فيها ناسخ ولا منسوخ

ولا مكي ولا مدني

ولا تناقض يأخذ منك

أكثر مما أعطاك

فروحك بين ضفتي طفولتك وشيخوختك… وتر مشدود أو مترهل… حاضر أو مغترب

حار أو بارد… محلق أو متكفن

حميمي أو عابر سبيل…

أصغ لعاشق… تكتشف عبث تكرار الجمع وعمق المشهد المبهر والجاذب

اقرأ لعاشق… تكتشف عبث الحرف الميت وعمق المعنى المحتجب والجاذب

اعرف عاشق… تكتشف أنانية الورود الصناعية وعمق الحب الذي لا شريك له والجاذب

سُرق التابوت وسُرق القلب والعهد

الجثث تسجد بلا نبض للحائط الأصم

عندما تكون بلا نبض مجدلي… تكون بلا آخر

تراهن فقط على المصالح

يدفعك الخوف نحو الرفاهية… لعلك تُنقَذ أو هكذا تظن

يدفعك العجز نحو القدرة… لعلك تُنقَذ أو هكذا تظن

كنهر يجري بصمت

يُحيي ألف شجرة دون أن يصدر منه أي ضجيج

ومن حسن حظ المرء أن يقابل هذا الصنف النادر من البشر. مهدي الموسوي

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا