مصر وجماعة الإخوان المسيحيين

11

العدد 71 الصادر في أغسطس 2011
مصر وجماعة الإخوان المسيحيين

    مازال البحث جارياً لإيجاد حل للقضية المصرية يرضى جميع الأطراف من مسيحيين ومسلمين وعلمانيين واشتراكيين وشيعة وسنه وبهائيين وصوفيين وغيرهم قبل أن تتحول مصر إلى لبنان أخرى. والقضية هى كيف ستُحكَم مصر فى الفترة القادمة؟. هل ستُحكم بالعلمانية التى لا تمنع المسلمين والمسيحيين من ممارسة كافة حقوقهم فى عبادة الله سبحانه وتعالى بكافة الطرق المشروعة دون وصاية وتخويف وتخوين؟ وهل ستُكفل الحرية للجميع فى بناء دور العبادة، والدعوة كلٍ الى دينه، وحث الناس بالمعروف والموعظة الحسنة على قبول الدين الذى يختاره المرء، وأن يكون التحول من دين لدين أمراً طبيعياً سهلاً لا جريمة فيه ولا يعاقب عليه الدين ولا الشرع أو القانون؟ أم ستُحكم مصر بالشريعة التى يحاول كلٌ تفسيرها وتطبيقها على هواه ووفقاً لمصالحه أو حتى بإخلاص حسب فهمه لهذه الشريعة؟

    وفى خضم بحثى عن الحل للقضية المصرية وجدت أنه من المستحيل أن نجد حلاً بسيطاً واحداً يرضى جميع الأطراف. فما تراه جماعة حلاً لهذه القضية تراه الجماعة الأخرى كارثة ومصيبة إذا تم تطبيقه. فالجماعات الإسلاميه والسلفية ترى أن الإسلام هو الحل وتطبيق الشريعة الإسلاميه وحكم البلاد بها لهو الحل الوحيد للقضية المصرية الأمر الذى يراه المسيحيون كارثة كبرى على المسيحيين والمسلمين ومصر كلها. وما يراه العلمانيون من أن الحل فى اقامة دولة مدنية لا تتعارض مع الإسلام والمسلمين والمسيحيين يراه المسلمون خروجاً على الدين ورفضاً لشريعة المولى سبحانه وتعالى ودينه فى الأرض. وفى سياق تفكيرى فى الحل للقضية المصرية رأيت وكتبت أن المسيح تبارك اسمه وشريعته هو الحل فى مقال “المسيح هو الحل”

    ورأيت أن “الاتحاد هو الحل”

الاتحاد هو الحل

    وفى مقال سابق كتبت أن “الإسلام هو الحل”

الإسلام هو الحل

    وفى عصر الرئيس المخلوع وبالضبط فى شهر ديسمبر 2007 كتبت مقالى الشهرى فى جريدة الطريق والحق بعنوان ” جماعة الإخوان المسيحيين” (التى أرجو أن تقرأه عزيزى القارئ مع هذا المقال لأنهما مكملان لبعضهما البعض)

جماعة الإخوان المسيحيون

وهى المقالة التى أثارت الجميع، المسيحيين والمسلمين والمتأسلمين، ورأيت أن إقامة جماعة تعرف بجماعة “الإخوان المسيحيين” هو أحد الحلول المطروحة لحل القضية المصرية. ويكفى عزيزى القارئ أنك تكتب فى موقع البحث جوجل ” جماعة الإخوان المسيحيين” حتى ترى ردود الأفعال العجيبه والغريبة لمجرد كتابة هذه الفكرة. فبالرغم من وجود “جماعة الإخوان المسلمين” وبالرغم من كل ما كانت ولا تزال تعمل وتصرح به من طظ فى مصر، وعلى الجزمه، وغيرها من العبارات التى تدل على تدنى مستوى قائلها ومؤيدوه إلى الحضيض الأخلاقى والإنسانى،  وبالرغم من إعطائهم ثلث مقاعد البرلمان فى الدورة الانتخابيه قبل الأخيره فى عصر مبارك، وبالرغم من مهاجمتهم للمسيحيين فى السر والعلن إلا أن كتابة مجرد فكرة عن تأسيس جماعة الإخوان المسيحيين قد أثار الكل فَحرَّموا علينا التفكير بالرغم من تنفيذهم للمضمون، وضنوا علينا بالقول مع أنهم يمارسون الفعل بأسوأ ما تكون الممارسة، وبالرغم من ندائهم بأن الإسلام هو الحل فقد رفضوا حتى شعار المسيح هو الحل، وبالرغم من تلقيهم ملايين الدولارات من هيئات ومؤسسات عالمية معروفة بتطرفها وبسعيها لتفتيت وحرق مصر وعدم الاكتراث بمعاناتها بل والسعى لإهانة أهلها ومضاعفة شقاؤهم وفقرهم، بالرغم من كل هذا فقد أثارهم القول بأنه فى إمكاننا الحصول على ملايين الدولارات لتعليم صغارنا مبادئ ديننا الإلهى السماوى من  محبة ورحمة ومودة  وأمانة فى السر والعلن والتسامح والعفو عند المقدرة والوفاء بالوعود وحفظ العهود، وبالرغم من تعليمهم لتابعيهم أن “انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً” فقد اعترضوا على شعارنا “انصر أخاك إن كان مظلوماً”، فمن قائل إن ناجى يوسف يطالب بإقامة تنظيم مسلح يعرف بجماعة الإخوان المسيحيين، مع أننى تجنبت عمداً فى مقالى أن لا أذكر كلمة “تنظيم” حتى لا تُفهَم الجماعة بأنها جماعة حربيه أو مسلحة لتنفيذ عمليات عسكرية كما يعمل غيرها، إلى قائل إن هذا “مقال متطرف لكاتب أكثر تطرفاً”، إلى مطالبٍ لحكومة الرئيس المخلوع بتوقيع أقصى العقوبات علىَّ لمجرد التفكير فى هذا الأمر، إلى من اعتبرنى مثير للفتن الطائفية وزعزعة الأمن العام ومكدر صفو العباد، وقد تاجر الكثيرون بهذه الفكرة ليس من المسلمين فحسب بل ممن يتشدقون بأنهم مسيحيون أيضاً، وحاول البعض حتى من رفاق الكفاح، غير المسلح، لتغيير مصر التنصل من معرفتى وقام بالإدلاء بتصريحات للصحافة والأعلام تتهمنى بالتطرف وأننى لم أكن أقصد إقامة هذه الجماعة بحق وحقيق بل هى مجرد فكرة عبيطة كان يمكن أن أنساها لو دعانى أحدهم على العشاء وسقانى كوب من الشاى الأمر الذى ليس فقط لم استغربه منهم بل وكتبته مقدماً فى نفس المقال مؤكداً أن المسئولين الكنسيين لن يقبلوا حتى الالتفات لهذه الفكرة لرعبهم من الجماعات الإسلامية، ولفهمهم الخاطئ للفكرة بأننى أطالب بدولة دينية مسيحية،  ولخوفهم من حكومة مبارك فى ذلك الوقت الأمر الذى لم يحسبوه بطريقة صحيحة لأن حكومة مبارك يومها استحسنت الفكرة لتخويف الجماعات الإسلامية ولاستغلال هذه الفكرة فى تقييد حريتهم بحجة أن المسيحيين يطالبون أيضاً بتأسيس جماعة الإخوان المسيحيين، ولتزيد من الفرقة بين المسيحيين والمسلمين عملاً بالحكمة الشيطانية القديمة الجديدة “فرق تسد”  الأمر الذى دأب عليه رجال مباحث أمن الدولة يومئذ بتخويف المسلمين من المسيحيين والمسيحيين من المسلمين حتى لا يستجيبون للمطالب المشروعة لكلا الطرفين.

    وبالرغم من غرابة فكرة تأسيس جماعة تُدعى “جماعة الإخوان المسيحيين”، وبالرغم من كل الخيانات والتعليقات والتحليلات والهجوم والبذاءات التى حدثت عند طرح هذه الفكرة فى الماضى إلا أننى مازلت أرى أن واحداً من الحلول المطروحة لمعادلة ميزان القوى فى مصر هو تأسيس “جماعة الإخوان المسيحيين”. قد لا يكون الحل الأمثل أو الأوحد للقضية المصرية لكن بكل تأكيد هو واحد من أهم الحلول اليوم لهذه القضية، فاليوم وبعد حالة الحرية الجزئية، بل قل الفوضى غير المقننة، التى تتمتع بها مصر، والتى لا أعتقد أنها ستستمر طويلاً، وبعد إمكانية التعبير عن الرأى بطريقة أو بأخرى فأنا أرى أن هذه الفكرة ضرورية كما قلت لتوازن القوى المعروضة على الساحة المصرية. فالمسيحيون موجودون ومؤثرون فى مصر فى كل مجالات الحياة وحتى لو كان تعدادهم لايزيد على 10 مليون مسيحى فقط كما يدعى الكثيرون (الأمر الذى يحلو للبعض الإنقاص منه لتقليل حجم تأثيرهم فى مصر) فالمسيحيون المصريون يعادلون أربعة أضعاف المسيحيين فى البلاد العربية جمعاء، الأمر الذى لا يمكن إغفاله على الإطلاق. والمسيحيون المسجلون فى قوائم الانتخابات يزيدون على 4 مليون ناخب فيمكنهم إن أرادوا التأثير فى نتائج الانتخابات على كل المستويات. المسيحيون متغلغلون فى الجيش والنقابات والاتحادات ويمكنهم، إن أرادوا، أن يكونوا أكثر تأثيراً فى كل موقع فى أرض مصر.

    وحيث أن البقاء للأقوى والأكثر والأغنى فى هذا العالم الشرير، وحيث أن ديننا يساء فهمه بأنه دين الخضوع والخنوع، ومن لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر تفهم وتفسر على أنها جبن وخوف وانسحاب من معارك الشرف، وحيث أننا كمسيحيين لا يمكن لأحد أن يسمع صوتنا إلا إذا اتحدنا وأجبرنا العالم كله على السماع لأصواتنا الموحدة التى لا تطالب بأكثر من أننا نمارس حقوقنا المشروعة التى كفلها لنا القانون والدستور المصرى، المرقع – الذى وافق عليه المصريون فى موقعة الصناديق، والشرائع والقوانين الدولية التى وقع عليها أولى الأمر منا ضمن المعاهدات والمواثيق الدوليه.إذاً فعلى المسيحيين أن يجدوا حلاً لقضيتهم بأنفسهم دون الانتظار والتطلع للكنيسة وانتظارها فى تمثيلنا والدفاع عنا والحصول لنا على حقوقنا الضائعة فى هذا البلد مصر. ومن الواضح أن الكنيسة لن تمثلنا ولن تستطيع أن تمثلنا كشعب مصرى مسيحى وأن تحافظ على ميزان القوى المؤثرة فى مصر للأسباب الآتيه:

    1- الكنيسة منقسمة على ذاتها على مستوى الطوائف بينها وبين بعضها وأيضاً على المستوى الطائفى لكل طائفة على حده، فبالرغم من كل ما مرت به مصر من تغيرات وثورات إلا أن الكنيسة فى رأيي الخاص هى المؤسسة المصرية الوحيدة التى لازالت  تشبه أهل الكهف فى سباتها ولم يحرك لها ساكن ما يحدث حولها. وما التغييرات التى نراها فى المسيحيين اليوم ماهي إلا تغييرات على المستوى الفردى لا الكنسى.

    2- الكنيسة مشغولة بالانتخابات والمؤتمرات والتجمعات ولكل منها مشاكلها الخاصة التى تحاول حلها من ناحية  ومن الناحية الأخرى تحاول أن تقنع من حولها أنها مازالت بخير وأنه لا ينقصها شئ فهى متواجدة فى ميدان التحرير وماسبيرو وغيرها، بالرغم من أن تواجدها ككنيسة بزيها المميز فى قلب هذه الأحداث لهو أهم الأسباب فى فشلها فى أنها تحقق أية مكاسب لأتباعها، ولَسَبَب رئيسى فى تخلى الإخوة المسلمين المستنيرين الراغبين فى الدفاع عن القضية القبطية عن إخوانهم المسيحيين، فهؤلاء المسلمون يدافعون عن قضية حقوقية إنسانية بغض النظر عن ديانة المهدفين فيها ولا يدافعون عن كنيسة أو شعب قبطى لمجرد المجاملة أو لمجرد كونهم أقباطاً.

    3- الكنيسة على اختلاف طوائفها لا تريد أن تطلق الشعب المسيحى ليشق طريقه ويثبت وجوده ويقرر مصيره بعيداً عنها خوفاً من تمرده على الرياسات والقادة الدينيين مما قد يسبب هجرة جماعية للمسيحيين ،وخاصة الشباب منهم، خارج أسوار الكنيسة ويفلت الزمام ولا يعُد لسلطان الحَل والربط تأثيره الذى كان له قبل 25 يناير.

    4- الكنيسة تحاول أن ترضى الجميع الحكومة القديمة والجديدة، الجماعات الإسلامية، أعضاءها والمترددين عليها، المتظاهرين والمعترضين على سياساتها وبالتالى فهى لن تكون بأى حال من الأحوال قادره على قيادة هذه الحركة والقيام بمهامها. فالكنيسة غير واضحة المعالم والهوية والتوجهات.

    5- الكنيسة ليست لديها أية برامج سياسية أو مواقف محدده تجاه المتغيرات التى تحدث فى مصر اليوم، فلقد حرمت الكنيسة أبناءها فى الداخل والخارج من الاشتراك فى المجتمعات السياسية، وتنكرت لكل من حاول أن يرفع صوته ضد الظلم والعدوان الذى كان يقع على الأقباط المصريين فى عهد الرئيس المخلوع واتهمتهم بالانشقاق عنها وبأنهم غير مؤهلين أو مخولين للدفاع عنها أو التحدث باسمها، فلا هى وقفت فى الثغر عن الأقباط ولا تركت من يريد أن يقف ليقف.

    لى صديق فى ولاية كاليفورنيا بأمريكا مشتعل بحب مصر والدفاع عن القضية القبطية وقضية الشعب المصرى عامة من مسيحيين ومسلمين. هذا الصديق يأكل ويشرب وهو يفكر فى مصر والمصريين، وقد وضع كل آماله ووقته وإمكانياته تحت تصرف هذه القضية، ولم يمر أسبوع واحد دون أن يقضى معى ساعة أو أكثر إما فى لقاء أو على التليفون فى بحث ما يجب أن نعمله لأجل مصر. فتارة يُصِر على إننى لابد أن أرشح نفسى لأكون عضواً فى الكونجرس الأمريكى، وتارة يطلب منى أن نذهب معاً إلى العاصمة الأمريكية لمقابلة أرفع رجالات الحكم الأمريكى لنحكى لهم ما يجرى لمصر، وأخرى يُصِر على أننا لابد أن نكون أعضاء فى لوبى أمريكى مصرى ونقوم بإنشاء هيئة حقوقية غير ذاتية المنفعة حتى ندافع عن القضية القبطية وغيرها وغيرها من الاقتراحات التى لها وجاهتها والتى يمكن أن تعمل فرق فى عالم السياسة الدولية وخاصة فى مصر. وفى كل مرة يتكلم فيها صديقى معى، وبالرغم من محاولتى أن أكون لطيفاً معه ومتفهماً لموقفه من الأحداث ومحبته لمصر إلا أننى فى كل مرة أنهى حديثى معه بنفس الفكرة أو قل نفس الأسئلة التى أسألها له وهى: من أقامنا محامين ومدافعين عن الأقباط فى مصر؟ فيجيب صديقى بحماسه المعهود نحن لا نحتاج لمن يقيمنا محامين أو مدافعين لها فمصر بلدنا ونحن مصريين ومن واجبنا الدفاع عن إخوتنا واسترداد حقوقهم، فأسأله وماذا لو دافعت عن إخوتك شعب الله الذين فى مصر ثم قيل لك من قبل الرؤساء الدينيين فى مصر من أقامك علينا قاضياً أو مقسماً أو مدافعاً فنحن فقط الموكلون من قبل الشعب القبطى أن ندافع عنهم. ماذا لو صرح أحد الرتب الكنسية الكبيرة من أى طائفة أنهم لا يعرفونك ولم ولن يوكلوك بالدفاع عنهم، ألا تكون هذه انتكاسة للقضية القبطية فى مصر؟. ألم يحاول بعض قيادات الكنيسة أن يشككوا فى وطنية ودوافع أقباط المهجر ليرضوا مبارك وحاشيته، حتى لو كنا جميعاً نعلم أن تصريحاتهم ما هى إلا جزء من اللعبة السياسية؟ أليس من المضحك أن تعقد بعض قيادات الطائفة الإنجيلية – المصريين المقيمين بأمريكا-  لقاءً للصلاة لله حتى يتدخل فى الأوضاع الراهنة فى مصر ويدعون فيه القنصل المصرى المسلم فى لوس أنجيلوس وقد أطلقوا على هذا اللقاء فى حب مصر. أليس من العجيب أن تزور القيادات الأرثوذكسيه والإنجيليه مقر السفارة المصرية فى لوس أنجيلوس للتهنئة بنقل مقر السفاره من مدينة سكرامنتو عاصمة كاليفورنيا إلى مدينة لوس انجيلوس فى نفس أسبوع الثورة فى مصر وبعد أيام قليلة من حادثة كنيسة القديسين التى رتبها النظام البائد الذى يمثل سعادة القنصل العام واحداً من رجاله، ولم يتحرك وفد من الكنيستين إلى القنصلية المصرية فى لوس انجيلوس أو السفارة المصرية فى واشنطن عاصمة أمريكا لتسجيل اعتراضهم على موقف الحكومة من معالجة ذلك الحادث الشنيع الذى أودى بحياة رجال ونساء وأطفال كانوا بين يدي الرحمن يصلون حين وقع الاعتداء الغاشم على الكنيسة فى أول أيام السنة 2011. ماذا لو قال لنا قيادات الكنيسة الأرثوذكسيه فى كاليفورنيا من أعطاكم هذا السلطان للدفاع عن الأقباط فى مصر؟ وفى كل مرة يتحدث لى فيها صديقى يبدأ متحمساً ملتهباً ثم ينهى مكالمته بجملة واحدة، معاك حق وتصبح على خير.

    وحيث أن هذه هى حالة الكنيسة تجاه هذه القضية فأنا أرى أن جماعة “الإخوان المسيحيين” لا ينبغى لها أن تبدأ من الكنيسة أو أن يكون لها أية صبغة كنسية وأن لا يكون لقادة الكنيسة أى دخل فيها أو تأثير عليها من قريب أو بعيد. أما أعضاء هذه الجماعة فيكونون من المسيحيين والمسلمين والصابئة والبهائيين وكل من يرى أن مصر لا ينبغى أن تقع فى يد مجموعة واحده لتفعل بها وبأهلها ما تريد وتتعامل بمبدأ لا تناقش ولا تجادل. ولعل قائل يقول إذا كانت جماعة الإخوان المسيحيين  جماعة تضم أعضاء من مختلف الملل والنحل والأديان فلماذا تسمى جماعة الإخوان المسيحيين؟ وللإجابة على هذا السؤال أقول:

     أولاً: إن جماعة الإخوان المسيحيين لن تكون حزباً سياسياً يضم الجميع لكنها جماعة هدفها الأساسى هو الدفاع عن حقوق الأقليات وحمايتها من استبداد الأغلبية وغطرستها وظلمها. وحيث أن المسيحيين هم أكثر الأقليات عدداً فى مصر فسيكون جل إهتمامها هو الدفاع عن حقوق الأقباط فى مصر تجاه كل من تخول له نفسه أن يمس بحقوقهم حتى لو كانوا نفراً من الأقباط أنفسهم مهما كانت مراكزهم فى المنظومة القبطية نفسها. فقد يضر الأقباط أنفسهم بأنفسهم أكثر من أن يضرهم الآخرون، وفى هذه الحالة لا بد أن يكون لهذه الجماعة هوية قبطية واضحة ومعروفة ومعلنة لكل من يريد الانضمام إليها والعمل على تحقيق برنامجها الواضح البسيط من مسيحيين وغير مسيحيين. فهناك الكثير من العلمانيين والمثقفين المصريين المقتنعين بأن الأقلية القبطية مضطهدة فى بلادها مهددة ومطاردة فى ديارها مظلومة ومضغوطة فى أعمالها واشغالها.

     ثانياً: لابد من وجود جماعة للإخوان المسيحيين على غرار جماعة الإخوان المسلمين. ومهما فعلت هذه تفعل تلك أيضاً فى كل المجالات والأحداث والقضايا ما خلا استخدام العنف ونصر الظالم وتزوير الانتخابات والتلون بكل لون حسب الحاجة فالضرورات فى جماعة الإخوان المسيحيين لا تبحن المحظورات. وقانون هذه الجماعة ينص على أنه “كما أردتم أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضاً بهم”

    أما قيادة هذه الجماعة فلابد أن تكون من خلال سبعة من القادة وليطلق عليهم مجلس الشورى، مجلس الإدارة، مجلس الوكلاء، مجلس الأمناء أو أى اسم آخر تتفق عليه الجماعة فالمهم ليس الاسم بل طريقة القيادة واتخاذ القرارات ومحاسبة النفس والشفافية الواجب توافرها فى هذه الجماعة. فلا حكم للإنسان الواحد فيما بعد مهما كانت مكانة ومكان هذا الإنسان.

    أما طرق تمويل هذه الجماعة فهى كثيرة، من أعضائها والقائمين عليها، من عطاياهم وهباتهم حتى وعشورهم التى طالما دفعوها فى أماكن لم تدافع عنهم ولا عن قضيتهم العادلة. وهناك فى العالم كله أناس وجماعات وهيئات على استعداد لتمويل مثل هذه الجماعة بلا أجندة خاصة ولا مطامع استعمارية ولا أغراض غير سلمية أو تَعَصُبيَّة فهناك الكثيرون الذين يريدون أن يروا مصر بلداً للجميع لحفظ السلام فى المنطقة العربية المنكوبة ولازدهار أهلها ونشر الخير والمحبة للعالم وخاصة لأفريقيا وسكانها.

    أما برنامج هذه الجماعة فسيكون:

    1- الدفاع عن حقوق الأقليات فى مصر وخاصة الأقلية القبطية لكونها أكبر الأقليات عدداً كما ذكرت.

    2- المطالبة بوضع قوانين واحدة تطبق على الجميع مسلمين ومسيحيين بما يتناسب مع القواسم المشتركة فى الديانتين.

    3- المطالبة بالمساواة بين المصريين فى التعليم والوظائف والمحاكم والواجبات والحقوق.

    4- مكافحة الفساد بكل أشكاله وصوره فى الكنيسة والحكومة وكل ما يمس أمن مصر وتقدمها بكل الوسائل المشروعة.

    وللتاريخ أقول إن النداء بتكوين هذه الجماعة لا علاقة له بأية طائفة مسيحية فى مصر أو خارجها، وليس لأى من قادة الكنيسة على اختلاف طوائفها أى علاقة بها لا من قريب أو من بعيد ولن يكون كما ذكرت سابقاً. كما أن هذه الجماعة لا علاقة لها بأية منظمة أو هيئة أو مؤسسه محلية أو عالمية. كما أنه ليس لها علاقة بما أسماه البعض “بالجماعة القبطية” أو بجماعات أخرى قديمة كانت أم جديدة والتى قد يكون لها نفس الأفكار أو التوجهات.

    وفى النهاية أقول هل فكرة هذه الجماعة قابلة للتنفيذ حقاً؟ وللإجابة أقول ولما لا؟ نعم هذه الجماعة قابلة للتنفيذ والنمو و الازدياد فى الأعمال والتأثير. ولتحقيق هذا الأمر لا بد من الشعب المسيحى أن يعلن عن احتياجه لمثل هذه الجماعة ولابد بأن يظهر تأييداً عملياً لها بأن يبداً بالتسجيل كعضو فيها والتطوع بخدمتها والسهر على تحقيق أغراضها وبرامجها عندئذ لا يستطيع أحد ان يسأل من أعطاكم الحق فى تمثيل الأقباط المصريين. عندها سنجيبه الشعب يريد جماعة الإخوان المسيحيين. والله الموفق يرشدنا إلى ما فيه خير مصر وأمنها وسلامتها وتقدمها وخيرها.

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا