من أمنياتنا الإسعاف الفوري لمتألم مصري‎‎

18

د.ق صفوت البياضي
الرئيس الشرفي للطائفة الإنجيلية

أكتب هذه السطور من واقع نجتازه من بلاد العم سام، أي الولايات المتحدة الأمريكية. والقصة في سطور هي: تألمت السيدة “ج” من وجع في الأسنان. وبعد زيارة الطبيب المختص، قام بكل الخطوات من فحص الأسنان بكل دقة وعمل كل ما لزم لتنقية الأسنان ثم أوصى بنوعين من الدواء وأرسل اسمي الدوائين إلى الصيدلية القريبة من مسكننا. ومن المنزل، تحدثتُ مع واحدة من المسئولين بالصيدلية لأسأل عما إذا كان قد وصلهم اسما الدوائين المطلوبين فكان الرد: نعم وصلتنا رسالة الطبيب والعلاج سيكون جاهزًا بعد ساعتين. كان الحديث في الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر فكان رد متلقية الرسالة: نعم وصلتنا رسالة الطبيب والعلاج سيكون جاهزًا للاستلام بعد ساعتين، أي في الخامسة والنصف

ملحوظة: أكتب هذه السطور في الساعة الرابعة والنصف مساءً وأنا أستعد للتوجه إلى الصيدلية التي تبعد عن المسكن مسيرة خمس عشرة دقيقة. وقبيل التوجه للصيدلية، كتبتُ هذه السطور مع الشوق والحنين إلى موطننا الأصلي، مصرنا الغالية. متى نصل إلى هذا الأداء ونحن أمة لها تاريخ يفوق الغرب بآلاف السنين؟ مع ملاحظة أن الصيدليات يمكنها إرسال الأدوية المطلوبة حتى مسكن طالب الدواء.

أكتب هذه السطور مع توضيح أن الطبيب المعالج مصري المولد وقد مارس عمله بكل دقة وهو مَنْ أرسل ما نسميه روشتة الدواء للصيدلية مباشرةً وليس ليد المريض. وهكذا تسير الأمور: الطبيب يخاطب الصيدلية التي نتعامل معها، أي القريبة من المسكن، والصيدلية تعد الدواء ليكون جاهزًا. وأكرر أنه من الممكن إرسال الدواء إلى المنزل لمن لا يستطيع التوجه بنفسه أو إرسال أحد معاونيه.

إنه حلم واقعي لمصري المولد والنشأة يعيش في الولايات المتحدة وقلبه في موطنه الأصلي؛ مصري المولد والنشأة يتوق أن ينال المصريون ذات الخدمات في بلادهم، وليس هذا بمستحيل فمصر عريقة الجذور التي يحلم بها القاصي والداني.

وعودة إلى القصة، فقد توجهتُ إلى الصيدلية قبيل الموعد بربع ساعة وعندما سألتُ المسئولة عن الدواء الذي يخص شريكة حياتي وأعطيتها الاسم وتاريخ الميلاد نظرت إلى الجهاز الذي أمامها وتوجهت إلى مكان وضع الأدوية ولكنها لم تجده، فأنا قد ذهبتُ قبيل موعدي بربع ساعة، فأسرعت إلى حاملة الأدوية التي لم تُوزَّع بعد على أماكن حفظها قبيل التسليم فلم يكن الدواء قد وُزِّع بعد، حيث كان وصولي قبيل الموعد بربع ساعة، لكنها لم تقل كلمة بل توجهت إلى حاملة الأدوية التي لم تُوزَّع بعد على مواقع طالبيها ثم ناولتني الدوائين اللذين طلبهما الطبيب، وعدتُ إلى المنزل قبل موعدي بربع ساعة.

أذكر هذه الواقعة كمثال على سبيل دقة المواعيد وسلاسة المسئولين. لم تقل كلمة واحدة لأن حضوري كان قبيل الموعد الذي أفدتُ به بنحو ربع ساعة، حيث لم تكن الأدوية المطلوبة قد وُزِّعت على مواقع زبائن الصيدلية التي يدخلها المئات وربما الآلاف والتي يستمر العمل بها من التاسعة صباحًا وحتى التاسعة مساءً.

وتعلمتُ الدرس وهو أن الأفضل هو الوصول في الموعد المحدد من مصدره وأنه من الممكن التوجه إلى الصيدلية في موعد آخر أو في يوم آخر، فالدواء المطلوب يكون في مكانه لطالبيه في اليوم التالي أو بعده ويظل في مكانه إلى أن يحضر صاحبه، وإن تأخر موعد الذهاب إلى يوم آخر فالدواء يبقى في مكانه إلى أن يطلبه صاحبه.

وتعلمتُ الدرس وهو حفظ الموعد وتمنيتُ أن تكون دقة النظام في بلادنا كما هي في بلاد العم سام.

والسؤال هو: هل يمكن تطبيق هذا الاهتمام والإعداد والمعاملة في بلادنا ذات التاريخ العريق الذي سبق كل دول العالم بمختلف ألوانها ولغاتها؟ الطبيب يبحث ويناقش المريض بكل هدوء ثم ينصرف المريض بلا ورقة في يده ولكن الطبيب الذي لديه كافة معلومات كل مريض يراسل الصيدلية التي دُوَّن عنوانها لقربها من بيت المريض. وبمجرد أن يعود المريض إلى بيته ويخاطب الصيدلية يكون الرد: نعم وصلتنا احتياجاتك من الأدوية وستكون جاهزة بعد ساعتين من الآن.

هل نحلم أن يكون مثل هذا النظام في بلاد الشرق الأوسط ومصر في مقدمتها؟ أم تكفينا أحلامنا والعهدة على الحالمين أو الطامعين؟

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا