قراءة شيطانية للتعليقات الفيسبوكية

1

العدد 172 الصادر في يناير 2020

قراءة شيطانية للتعليقات الفيسبوكية

     في البداية أود أن أهنئ العامة من الأهل الأحباء، والأصدقاء والقراء الأعزاء، على اختلاف جنسياتهم وأديانهم. أهنئهم ببداية عام جديد ٢٠٢٠ أعاده الله على الجميع بالخير والحفظ والسلام، كما أهنئ الخاصة بذكرى ميلاد سيد الأرض والسماء، المسيح يسوع تبارك اسمه، كل من يؤمن به ربًا ومسيحًا وسيدًا من كل قبيلة وشعب وأمة ولسان.

    أما بعد فنظرًا للدور الأكبر الذي يلعبه وسيلعبه، في عام٢٠٢٠، ما يسمى بالفيس بوك في حياة وعقول الكبار والصغار، والذي صار هو المُشَّكِل الأعظم لشخصياتنا وعلاقاتنا ومعرفتنا واتصالاتنا بالعالم من حولنا، والمتسلط على طريقة استخدامنا لأوقاتنا، ومدى حبنا أو كرهنا للمحيطين بنا من أهلنا وأصدقائنا، والذي بسببه ترك الكثيرون الالتزام بحضور كنائسهم المحلية، واكتفوا بمشاهدة اجتماعاتهم التي تعودوا أن يحضروها ويخدموا بها على الفيس بوك، هذا الدور الخطير الذي يزداد وسيزداد تأثيره وتشكيله لنا، وتحكمه في مدى تحكمنا وسيطرتنا على نفوسنا يومًا بعد يوم، لذا فنظرًا لكل ما سبق، وغيره الكثير الذي لا يتسع المجال لكتابته، قررت أن أقدم هذه القراءة الشيطانية، (أي كما يراها ويقرأها ويتعامل معها الشيطان)، لما نضعه به من دراسات أوبوستات وتعليقات أو أخبار وما إلى ذلك مما نكتبه أو نقرأه أو نشاركه على الفيس بوك.

     ولعل السؤال الذي ما من شك أن الكثيرين سيسألونني إياه، والذي أود الإجابة عليه قبل أن أُسئل عنه هو: “كيف تعرف ما يدور في أفكار الشيطان حتى تكتب هذه القراءة الشيطانية للتعليقات الفيسبوكية؟” للإجابة على هذا السؤال أقول:

    أولاً: بالنظر حولنا ورؤية ما يحدث معنا شخصيًا وفي عالمنا المحسوس والملموس بسبب ما يُقرأ ويُكتب على الفيس بوك، فإنه بالرغم مما يمكن أن يجنيه المرء من فوائد شخصية ومادية واجتماعية، أو حتى روحية في بعض الأحيان، من تواجده وتفاعله مع غيره من خلق الله على صفحات الفيس بوك ونشره مقالاته أو دراساته أو خدماته المختلفة وخاصة الوعظية منها، إلا أنه على الجانب الآخر وبسهولة  جدًا يمكننا أن نرى بأم عيوننا مدى التأثير الشيطاني المدمر للفيس بوك على الوقت والعقل والمال والصحة والعفة والقداسة والطهارة الشخصية وقراءة ودراسة الكتاب المقدس وحضور الاجتماعات وخلافه، تمامًا كما هو الحال مع كل الاختراعات الحديثة والقديمة التي يمكن للإنسان أن يستخدمها لفائدته، وحماية نفسه ومن حوله، وتسهيل وسائل معيشته، أو أن يستخدمها في تدمير نفسه وكل ما حوله من أخضر ويابس.

    ثانيًا: يمكن بسهولة للذين يتمتعون بسكنى الروح القدس داخلهم والذين يعطونه، سبحانه، الإمكانية للحديث معهم وتدريبهم على اكتشاف الخطط الشيطانية تجاههم وتجاه الآخرين يمكنهم أن يعرفوا كيف يفكر الشيطان وأعوانه، وكيف يميزون الأرواح الشيطانية وطرق عملها وتأثيرها على كل ما في العالم المحيط بنا، حيث ذكر لنا كتاب الكتب، الكتاب المقدس، إننا كمؤمنين بالمسيح يسوع ربًا ومخلصًا “لا نجهل أفكاره” أي أفكار الشيطان، وبالقوة والسلطان الممنوح لنا من الله، كأولاده، ليس فقط أن لا نجهل أفكاره، بل أن نخضع لله ونقاوم إبليس فيهرب منا، وأن مكانه الذي يليق به ليس سوى تحت الأقدام حيث وهبنا المسيح السلطان أن ندوس الحيات والعقارب (إشارة إلى رتب شيطانية) وكل قوات العدو (أي الشيطان، أو بتسمية أخرى الحية القديمة).

    وعلى حد معرفتي من الله، سبحانه، ودراستي لكلمته تعالى، وخبرتي البسيطة في الأمور الروحية والحياتية المعيشية اليومية أستطيع أن أجزم أن الشيطان ومملكته، مملكة الظلمة، هي مملكة منظمة منضبطة مؤثرة في كل نواحي حياة البشر، ودائمة المصارعة معنا نحن اللحم والدم بالرغم من أنها هي، أي مملكة الظلمة، ليست من لحم ودم بل هي أرواح شريرة ساقطة من عرشه، تبارك اسمه، وأنها تتكون وفقًا لما دونه الكتاب المقدس، كتاب الله الوحيد الصادق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تتكون من رؤساء، وسلاطين، وولاة، وأجناد شر روحية في السماويات، وفقًا لقوله تعالى الموحى به لعبده بولس الرسول: “فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم، بل مع الرؤساء، مع السلاطين، مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر، مع اجناد الشر الروحية في السماويات”.

     ولفهم ما يحدث لنا ومن حولنا بواسطة قوات الشر الروحية لابد من فهم أن في هذه المملكة الشريرة هناك أقسام شيطانية، وملفات أمنية استخباراتية، وتصنطات ومتابعات بوليسية لكل ما يعمله البشر، أو حتى يفكروا فيه، تمامًا كما هو الحال مع مباحث أمن أي دولة من دول العالم، فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك قسم خاص في هذه المملكة الشيطانية للشؤن الدينية، وقسم خاص للميديا والأعلام، قسم الشؤن السياسية وقسم الشؤن المعنوية وهكذا، ويتفرع من هذه الأقسام الرئيسية أقسام فرعية عامة، فمثلاً قسم الشؤن الدينية العام يتفرع إلى قسم الشؤن الدينية المسيحية، قسم الشؤن الدينية الإسلامية، قسم الملحدين، قسم الديانات الأخرى، وهكذا تتفرع الأقسام الدينية العامة إلى فروع مختلفة وأقسام فرعية، فتحت قسم الشؤن الدينية المسيحية يوجد أقسام  أخرى كقسم الكنائس الأرثوذكسية الذي يتفرع إلى قسم الكهنوت والمذابح والأيقونات والقديسين وتاريخ الكنيسة والصلوات والصيامات، وتحت قسم الكنيسة الإنجيلية يتفرع الأمر إلى العديد من المذاهب حيث تختلف إيمانيات كل منها، ثم قسم الخدام والوعاظ والمرنمين، أما قسم الكنيسة الكاثوليكية فأقسامه تحتاج إلى مقال خاص بها، وأيضًا هناك قسم الكتب والمؤلفات الدينية، ثم قسم الميديا والفضائيات المسيحية، وهكذا الحال مع القسم السياسي، والقسم الإعلامي الثقافي، والقسم العسكري… إلخ.

    وتعمل الرياسات والسلاطين وقوات الشر الروحية الشيطانية المسؤولة عن كل هذه الأقسام الرئيسية أو الفرعية مع بعضها بكل تنسيق وتنظيم وخضوع لرياساتها، تعمل هذه المملكة في اتحاد واتفاق تام حيث أن المملكة المنقسمة على ذاتها تخرب كما علمنا سيد الأرض والسماء المسيح تبارك اسمه، وهذه المملكة تعمل بلا هوادة أو راحة أو توقف ولو لثانية واحدة طيلة أيام الإنسان على الأرض منذ أن سقط آدم وحواء في الخطية وأكلا من الشجرة المحرمة وحتى نهاية الأزمان عندما تحترق الأرض والمصنوعات التي عليها بالنار.

    وحيث أن الأرواح الشريرة، وعلى رأسها إبليس الحية القديمة، تعلم علم اليقين أنه من الاستحالة أن يقبل المولى تبارك اسمه توبتهم، كما تُقبل توبة الراجعين إليه سبحانه من بني الإنسان، حيث أنه من المستحيل أن يتغير الحكم الذي أصدره عليهم الفعال لما يريد، بالذهاب إلى النار المعدة منه لإبليس وجنوده، ذلك الحكم الذي أصدره عليهم الديان العادل يوم أسقطهم من سمائه، لذا فإن الهدف الأساسي والأوحد لها هو أن تُضل الإنسان، خليقة الله وعمله، وهي تحاول ليل ونهار، لو أمكن، أن تُضل حتى المختارين منه عن الطريق إليه سبحانه وتوجيههم إلى الشرك به ليشتركوا معهم بنفس المصير المرعب الذي ينتظرهم في جهنم النار وبئس المصير.

و لرب سائل يقول فهمنا وآمنا بكل ما ذكرته سابقًا، لكن ما علاقة الشيطان بالفيس بوك، لقد فعلتم أنتم المسيحيون المتدينون نفس هذا الفعل، وقلتم نفس هذا الكلام، ووجهتم اتهاماتكم للراديو عندما ظهر حديثًا، ثم للتليفزيون عندما بدأ البث التليفزيوني، واتهمتم كل منهما أنه مدار ومسيطر عليه من الشيطان، للدرجة أنه تم منع بعض المؤمنين من الاشتراك على مائدة الرب، كما تم فرز، وفي بعض الأحيان، طرد للمؤمنين الذين تجرأوا وأعلنوا عن أنهم اشتروا راديو محمول صغير، أو تليفزيون أبيض وأسود الصورة والبث، نعم تم طردهم أو فرزهم من كنائسكم بحجة أنهم شابهوا أهل العالم وسمحوا للشيطان أن يدخل إلى بيوتهم، فخلقتم حالة من الازدواجية الروحية في الغالبية العظمى من أعضاء كنائسكم على اختلاف طوائفها، واضطررتم من يشتري الراديو المحمول أو التليفزيون أن يخبأه في غرف النوم حتى لا يظهر أمام الزائرين لبيوتهم من المتدينين أرباب الكنائس والمترددين عليها ولا يعلمون أن في هذا البيت او ذاك يوجد رجس من الشيطان اسمه راديو أو تليفزيون، وها أنتم اليوم تتهمون الفيس بوك “بالشيطنة” وستفعلون نفس الشيء إذا ما تم اختراع أو اكتشاف طريقة أخرى للتواصل الاجتماعي.

    وللإجابة على هذا السؤال أكرر ما ذكرته سابقًا هو أن الاختراعات جميعها، حديثها وقديمها، ما هي إلا سلاح ذو حدين، حد يساعد الإنسان على أن يحيا الحياة المتزنة المستقرة المثمرة، وعلى تأدية أعماله بكفاءة وسهولة، وحد آخر مدمر للإنسان وما حوله من أخضر ويابس. فاختراع السكين اختراع لا غنى عنه في تأدية ما لا يحصى من الأعمال، خاصة أعمال المطبخ المنزلية، وهو نفس الاختراع الذي ذُبِح به المصريون المسيحيون في ليبيا، والذي طعن به العديد من الأبرياء في كل مكان وزمان، وما يقال عن السكين يقال عن الرصاصة، والنار، والكهرباء، والسيارة التي يمكن أن تستخدم عجلاتها في نقل المرضى والجرحى إلى المستشفى لإنقاذ حياتهم من الموت، أو تكون آلة موت تدوس وتدهس الأبرياء بنفس عجلاتها سابقة الذكر، والطيارة التي صممت لربط القارات والأهل والأقرباء بعضهم ببعض، هي نفسها التي استخدمها المجرمون في تفريق الأزواج وتيتيم الأبناء وتفريق الأحباء وهدم صرحا الحضارة والمال في العالم في حادث الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١ بمدينة مانهاتن بنيويورك، وهكذا الحال مع انشطار الذرة واختراع الفيس بوك والراديو والتليفزيون وغيرها من الاختراعات والاكتشافات حديثها وقديمها مع تفاوت مقدار تأثيرها على حياة البشر.

    فالمشكلة ليست في الاختراعات كالسيارة والطيارة أو الفيس بوك وخلافه، المشكلة كامنة في قلب الإنسان الذي قال عنه كتاب الله، الكتاب المقدس، “القلب أخدع من كل شيء وهو نجيس من يعرفه. أنا الرب فاحص القلب مختبر الكلى لأعطي كل واحد حسب طرقه حسب ثمر أعماله”

     وهكذا الحال مع كل ما يوضع على الفيس بوك من بوستات وتعليقات وأخبار، لكل منها قراءة ودراسة شيطانية وردود فعل إبليسية يفرضها على الغافلين عن أفكاره وعلى أتباعه، ومحبيه أو المهزومين منه والذين يعطونه مكان في نفوسهم وقلوبهم من البشر.

     فمن أمثلة القراءات الشيطانية للتعليقات “الفيسبوكية” هي أن يطرح أحد المخلصين الجادين الأمناء، على صفحته بالفيس بوك، يطرح ظاهرة أو قضية ما تشغل بال الرأي العام المجتمعي، أو الرأي العام الكنسي، وما أكثر هذه القضايا، وما أقل الانتباه الذي يُعطى من الكنيسة لها لحلها أو على الأقل اتخاذ التدابير اللازمة للتعامل معها من قِبل المسؤولين حكوميين كانوا أم كنسيين.

    وفي رأيي الشخصي، الذي أعلم أنه لن يوافقنى بخصوصه البعض، إنه ما أن يظهر البوست الخاص بهذه القضية أو ذلك الرأي، إلا وتسرع، وفي لحظات، قوات الشر الروحية في السماويات بدراسته بعناية ثم بترجمته على هواها وتوصيله بطرق كثيرة لنوعيات مختلفة من البشر، وتعطهم الإجابات الشيطانية التي يكتبونها ردًا على هذا البوست أو ذاك، والتي يمكن أن لا تمت بصلة من قريب أو بعيد بهذا البوست أو ذاك، وتدفع هذه القوات الشيطانية  نوعيات معينة من الناس  للتعليق عليها والإدلاء بآرائهم فيها، والشجار حولها، وقد يتطور الأمر إلى كتابة شتائم أو اتهامات وتشكيكات في دوافع كاتبها، أو في لغة شباب اليوم “النفسنة”.

     وينقسم المعلقون على ما يكتب على الفيس بوك من أخبار أو إعلانات أو قضايا إلى عدة أقسام:

     ١- مُعلقون، دارسون للحق الكتابي جيدًا، يدرسون البوستات، ويعرفون روح وخبايا البوستات والتعليقات الصحيحة الدقيقة ويكتبونها، وهم أمناء في كتابة آرائهم، لفائدة الناس ولإظهار الحق ليس إلا. وهؤلاء للأسف هم قلة قليلة من مستخدمي الفيس بوك، وفي أغلب الأحيان هم الذين لا تُفهم تعليقاتهم وبوستاتهم بطريقة صحيحة حتى من معظم أصدقائهم فتنهال عليهم التعليقات السلبية والمقاومات الشيطانية النفسانية لأكثر ما يكتبون.

     ٢- أناس دارسو الحق الكتابي جيدًا ويعرفون التعليقات الصحيحة الدقيقة كالنوع الأول لكنهم سلبيون، صامتون، مختفون، وفي أحيان كثيرة خائفون، تمامًا كما كانت البقية التقية من الناس المتواجدة بين شعب الله القديم في أيام إيليا النبي الناري الذي صلى فنزلت نار من السماء، تلك البقية التقية التي  كانت ترى خراب حياة شعب الله في القديم، وترى تحكم أنبياء البعل وأنبياء السواري لا في الحياة الدينية فحسب، بل في الحياة الاجتماعية والسياسية وغيرها، هذه البقية التقية التي كانت مكونة من ٧٠٠٠ ركبة لم تحن لبعل لم يتحرك منهم أحد للوقوف بجانب نبي الله إيليا في معركته، غير المتكافئة من وجهة النظر البشرية، مع ٨٥٠ من أنبياء البعل والسواري، وما أشبه اليوم بالبارحة، فالغالبية العظمى من البقية التقية اليوم لا يكتبون تعليقاتهم، ولا يعبرون عن مساندتهم للحق الكتابي بحجة أنهم لا يريدون الدخول في مناقشات مع القراء والمعلقين الآخرين أو كاتبي البوستات، ومنهم من يمتنع عن الكتابة لأنه من المهم بالنسبة له جدًا الحفاظ على صورته كرجل دين عاقل راس متزن بعيد عن مستوى النقاشات والاختلافات أكثر من الاهتمام بإعلان الحق ونشره للناس، وخاصة إن بعض المعلقين على الفيس بوك يكونون من الجهلة، المغيبين، سليطي اللسان والمندفعين دون فهم للرد على ما لا علم لهم به، وهؤلاء هم سلاح الشيطان للسيطرة على كل من يكتب من الحكماء وكل ما يكتب من آراء.

     ٣- ومن أصحاب ردود الأفعال ومستعملى الفيس بوك أناس دارسون للحق الكتابي جيدًا، ويعرفون التعليقات الصحيحة الدقيقة التي يمكن أن يكتبوها لتساعد الناس على فهم ما كتب في البوست، لكنهم لا يكتفون بأن لا يكتبوها فحسب، كالبقية التقية المذكورة عاليه، بل يكتبون عكس ما يؤمنون، ويظهرون عكس ما يبطنون، وهم يعلمون علم اليقين أن ما يكتبونه غير صحيح على الإطلاق، بل هو كذب بين وشر سيعاقبهم عليه المولى – تبارك اسمه يوم – الدين، لكنهم يكتبونه، إما إرضاءً للناس وتملقًا لهم، أو للسير مع التيار ودفن الرأس في الرمال، وإما كراهية لكاتب البوست وتصفية حسابات قديمة أو حديثة معه، أو غيرها من الأسباب الشريرة الخاطئة.

٤- أما النوع الرابع من المعلقين على بوستات الفيس بوك فهم الذين يأخذون ما يقرأون من بوستات وتعليقات توضع على صفحات الفيس بوك على علاتها، ويصدقون كل ما يكتب، ويبلعونه دون فحص أو محاولة لفهم ما يقرأون، فهم أناس لا يفهمون البعد الشيطاني للأمور، فلا حواس مدربة لهم ليميزوا بين الخير والشر، التبن والحنطة، فتسرع هذه المجموعة من مستعملي الفيس بوك للاستماتة في الدفاع عن الباطل وكأنه الحق بعينه وخاصة إذا كان كاتبه شخصًا معروفًا ومشهورًا صاحب كلام أو مركز أو نفوذ أو نقود، قسًا كان أو مشيرًا أو مرنمًا أو كاتبًا أو ممثلاً وخلافه، كما أن هذه المجموعة تقاوم الحق بكل ما أوتيت من قوة وكأنه الباطل لنفس السبب السابق الذكر.

    إن أهم جزء من الخطط الشيطانية لقراءة والتعامل مع التعليقات الفيسبوكية يظهر فيما يلي:

    ١- مهاجمة الكاتب في شخصه، والدفاع عن المكتوب عنه في شخصه، بعيدًا عن موضوع البوست وما هو المكتوب به، والهدف من كتابته، والطريقة التي كتب بها والتوقيت الذي كتب فيه. ولشرح وتوضيح ما أسلفته سابقًا في هذه الحقيقة أقول، عندما يرى أحد رجال الله، أو مجموعة منهم، أن هناك ظاهرة مدمرة أو أفكارًا أو تعاليم غريبة يحاول البعض نشرها والترويج لها على صفحات الفيس بوك، أو يرون إصرار أحدهم أن يفرض آراءه اللاهوتية على الآخرين الذين لا يؤمنون بها وفقًا ما لهم من نور من الحق الكتابي، كفكرة وجود صوفية في المسيحية، أو إمكانية تقديم تواشيح ومدائح للمسيح ولغير المسيح في نفس الوقت ومن على نفس المنبر، أو ظهور القديسين الذين رقدوا بالجسد فوق الكنائس، أو عدم حرفية الـ 11 أصحاح الأول من سفر التكوين، أو..، أو..، أو.. عند رؤية هذه الجماعة من رجال الله الإعلانات على الفيس بوك عن هذه السهرات والحفلات الرمضانية، والفيديوهات التعليمية، والحلقات التليفزيونية لنشر هذه التعاليم الشيطانية، ويقرر بعض رجال الله رفع أصواتهم والدفاع عن الحق الكتابي، والرد على خزعبلات وانحرافات وخداعات المخادعين، بمقال أو برنامج إذاعي أو تلفزيوني أو حتى تعليق على الفيس بوك تقوم الدنيا ولا تقعد، ليس على مرتكب الجريمة أو الناشر للهرطقة والمنحرف عن الحق الإلهي، بل على من يكشف عن الشر الذي تنطوي عليه تلك التعاليم الغريبة بل والشيطانية. وهذا يدل على أن للشيطان يدًا طولى لما يحدث وما يكتب ضد مظهري الحق الإلهي والمدافعين عنه. وتعمل قوات الشر الروحية على إسكات المدافعين عن الحق الإلهي بكل قوتها، إما بطردهم من كنائسهم وفك ارتباط رعويتهم بالكنيسة إن كانوا قسوسًا، أو بالتهديد والوعيد لمالكي وأعضاء مافيا القنوات الفضائية، أن تمويل قنواتهم الفضائية المسيحية المشبوهة المادي سيتأثر وقد يتوقف إن هم وقفوا مع الحق ضد الباطل، أو تعمل قوات الشر الروحية على خداع المغيبين من أنصاف المذيعين والمذيعات مقدمي البرامج في هذه الفضائيات، الذين يهمهم إرضاء سادتهم من مؤسسي قنواتهم أو دافعي مرتباتهم أكثر من إرضاء من له عينان تخترقان أستار الظلام سبحانه، والذي سيجازي كل واحد حسب عمله في النهاية، أو من يطلبون الشهرة الفنية الفضائية بأي ثمن حتى لو استضافوا أصحاب الأفكار غير الكتابية من مرنمين ومشيرين وخدام وقسوس، ومناقشتهم في أفكارهم غير الكتابية، لا لإظهار الحقيقة بل لإبراز تلك الأفكار على أنها أفكار صحيحة كتابية من صلب التعاليم المسيحية، واتهام مقاوميهم بالتعصب والجهل بمعرفة كلمة الله وتهديدهم أنهم سيأخذون الكتاب المقدس من أيديهم، فعندما كتبت أنا، بكل محبة واحترام وشفقة، في جريدتنا “الطريق والحق” عن أحد المرنمين ذاكرًا أفضاله على الترنيم في مصر في وقت من الزمان، وراجيًا إياه أن لا يخلط التبن مع الحنطة، المسيح مع بليعال، ووضعت مقالي هذا على الفيس بوك، جاءتني بعض الرسائل التي صنفتها على أنها “قراءة شيطانية للتعليقات الفيسبوكية”، والتي سأستعرضها معك عزيزي القارئ للتدليل والتأكيد على ما كتبت في هذه النقطة بالذات، كتب أكثر من صديق من أصدقائي على صفحتي في الفيس بوك تعليقات وأسئلة ورسائل خاصة لي، تساءل أحدهم في رسالته: “هل يصح الحديث عن موضوع خلط التبن مع الحنطة، الترانيم مع التواشيح على الفيس بوك، لماذا لا تكتب للأخ منفذ فكرة المولد والميلاد أو تتحدث معه على الخاص؟ أما إجابتي فكانت، الموضوع لم يكن مجرد فكرة في رأس صديقي وعزيزي المرنم نُفذت بعيد عن الناس ولم يسمع بها أحد، وإلا كان الكلام فيها، بحكم صداقتنا ومحبتنا الواحد للآخر، لابد أن يتم بيني وبينه على تليفوناتنا الخاصة ضرورة حتمية، حتى لا يسمع عنها رجل الشارع العادي، بل الفكرة في رأس صديقي تُرجمت إلى اجتماع للناس وخرجت على الملأ وأذيعت في الفضائيات، فما نفع الاتصال الخاص، وبفرض أنني قمت بالاتصال بأخي العزيز على الخاص، فماذا عن البسطاء الذين انطوت عليهم هذه الخلطة بين المولد والميلاد في حفل للموسيقى والترنيم؟، ألا يرسخ الشيطان في قلوبهم وعقولهم أنها فكرة لا غبار عليها؟، بل وأنها فكرة سماوية من المسيح للتقارب بين أصحاب الديانات المختلفة، بدليل أن أحد رجال الله المشاهير هو مصممها ومنفذها وأن لا أحدًا من رجال الله الأمناء من القسوس أو الإخوة أو الكُتّاب قد اعترض عليها، فما عُمل في الخفاء لا يجب الرد عليه والتعامل معه إلا في الخفاء، حتى لا نعثر الآخرين، لكن ما تم الإعلان عنه وممارسته في العلن لابد من مقاومته علنًا ومواجهته علنًا كما واجه بولس الرسول، بطرس الرسول مواجهة لأنه كان ملومًا ومرتكبًا خطأه علنًا أمام الجميع.

     وعندما تفشل هذه الخطة والقراءة الشيطانية للرسالة السابقة، تجد آخر قد أرسل لك رسالة شيطانية أخرى يسألك فيها: “هل نسيت الدور الكبير الذي لعبه هذا المرنم في تغيير الترنيم في مصر، أو هذا الواعظ القدير صاحب العبارات الرصينة والإلقاء المقنع مع النفوس التي سمعت عن المسيح من خلاله، أو ذلك المشير الشهير من عالج وأرشد كميات كبيرة من المتعبين والمدمنين إلى ما فيه خيرهم وشفائهم”؟، وهنا يسعى الشيطان أن يحول أنظار وانتباه الأصدقاء على الفيس بوك من القضية، وفي بعض الأوقات الجريمة، نفسها إلى المتورطين فيها أو مرتكبيها، فينسى مستعمل الفيس بوك القضية الأصلية وخطورتها ونتائجها، وكأن شيئًا لم يكن، ويركز على المشتركين فيها وكأنهم هم القضية لا موضوعها ونتائجها، وعندها يجد المعلق نفسه مدفوعًا لكتابة تعليقات جميلة مشجعة لمرتكب الفعل أو الجريمة أو مسبب التشويش في أذهان شعب الله وعلى الجانب الآخر يكتب تعليقات مُدينة مُقرعة وفي بعض الأحيان مُجرحة ومؤلمة للمدافع عن التعليم الكتابي، فيصاب الأخير المخلص، في معظم الأوقات، المدافع عن الحق الكتابي بخيبة أمل وإحباط، وربما هرب وطلب الموت لنفسه كما فعل إيليا النبي بعد أن دافع عن الحق الكتابي على جبل الكرمل، ومن الناحية الأخرى يزداد مرتكب الجريمة أو الهرطقة أو التعليم غير الصحيح في تصلفه وعناده وكبريائه وإصراره على نشر ما عنده، ونشر الدعوات المقدمة له ومواعيد انعقاد اجتماعاتها في كل قارات العالم على الفيس بوك، ومحاولاً إعطاء صورة لمقاومي تعاليمه أنه مازال مرغوبًا ومطلوبًا ومستخدمًا ومؤثرًا، مادام هناك الغالبية العظمى من الخدام المغيبين أصحاب الأغراض الخاصة الذين يشجعونه ويهتفون باسمه ويرددون عظاته أو أفكاره أو ترانيمه ويعزمونه في كنائسهم وتجمعاتهم ويستخدمونه بعلمه أو بدون علمه في إغاظة بعض قسوس الكنائس المجاورة لهم، تلك الكنائس والقسوس التي لا ولن ترضى على تعاليمه ونشره الانقسام بين الكنائس وشعبها وخدامها، وإلهاء أعضاءها في التركيز على النشاطات الكنسية والاجتماعات الترفيهية التي لا تشفع ولا تنفع.

    ٣- قراءة شيطانية أخرى تدفع إليها التعليقات على الفيس بوك هي في استخدام الآيات الكتابية في غير موضعها وتفسيرها الخطأ الذي لا علاقة بينه وبين التعليق المكتوب وتعميم المبادئ المنصوص عنها في آية واحدة دون مقارنتها بغيرها من الآيات، أي غير قارنين الروحيات بالروحيات والآيات بالآيات.

     فعندما يتم كشف انحراف أحدهم عن التعليم الصحيح وكتابة ما يوضح ذلك على الفيس بوك بالأدلة الدامغة ويصبح في مأزق بشكل أو آخر تجد مشجعيه يكتبون له: “الرب معك يا جبار البأس”، تلك الآية التي قيلت لجدعون لأنه كان يخاف من الأعداء وكانت تأكيدًا من الرب على نصرته عليهم. أو الآية “يحاربونك ولا يقدرون عليك”، تلك الآية التي قالها المولى – تبارك اسمه – لنبيه إرميا في القديم من كان يبكي ليل نهار لأجل قتلى بنت شعبه ولم يكن يومًا سببًا في تخريب عقول شعبه بأفكاره وتصرفاته وقصصه ورواياته، وآية أخرى “كما كنت مع موسى أكون معك”، الآية التي قيلت ليشوع لأنه كان صغيرًا وغير قادر في ذاته على قيادة الشعب بمفرده من بعد أن ذهب موسى كليم الله إلى ربه، وإلى غير ذلك من الآيات التي لا علاقة لها بما يحدث اليوم في عالم الفيس بوك لكنها تكتب وكأنها وحي من الله ونصر مبين للكثيرين الذين لا تنطبق عليهم من قريب أو بعيد.

     وبناء على كل ما تقدم يكون لزامًا على المؤمنين توخي الحذر الشديد في استعمالهم للفيس بوك، فيا ليت شعب الرب في كل مكان يعرف خطورة ما يكتب على الفيس بوك، ويعلنون الحق الإلهي الكتابي بوضوح وجرأة ومحبة وشفقة ويعرفون ويميزون الخطط الشيطانية لاستخدام التعليقات والبوستات الفيسبوكية، فلا ينجرفون لتيارات شيطانية مدروسة من مملكة الظلمة سواء أكان المنجرفون مخلصين أم مغيبين أم مغرضين، وليتهم ينتبهون إلى أن قوة الكلمة السلبية أخطر وأكثر إيذاء من قوة الرصاصة الموجهة من عدو غاشم لصدر أبناء الله وبناته، وفي الختام ليتنا جميعًا ننتبه للـقراءات الشيطانية للتعليقات الفيسبوكية.

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا