عطاء أفضل من المال

17

جلوريا حنا

  قرأتُ منذ فترة نموذجًا مختصرًا لسيدة مبشرة اسمها “إديث شيفر”، كانت هي وأسرتها مبشرين عند جبال الألب السويسرية والتي تطل على وادي الرون. قررت عائلة إديث أن تبني مأوىً في تلك المنطقة وتدعو الناس للمجيء إليه للراحة وتناول الطعام أو لسماع كلمة الله أو للقيام ببعض الأنشطة المختلفة. اعتبرت إديث أن الضيافة مبدأ أساسي لأي أسرة مؤمنة حقيقية، لذلك لم يكن المأوى يطلب أي مال، بل كان يمكن للضيف أن يقيم فيه مجانًا، والكثير من الحضور كانوا يساعدون في هذا المأوى بالخدمة فيه هم أيضًا.

  قرأتُ في هذا النموذج أنه في يوم جاء لإديث زائر يبدو عليه الفقر وعدم النظافة، إلا أن هذا لم يجعل إديث تعامله باحتقار، بل بكل محبة سألته كيف تخدمه، فأخبرها هذا الزائر أنه يحتاج فقط فنجانًا من القهوة وكسرة خبز، فأحضرت له ما لذ وطاب من الطعام مع نسخة من إنجيل يوحنا. أوضحت بعد ذلك لأطفالها أنها أرادت لهذا الضيف أن يشعر أنها تعامله كشخص له قيمة غالية، فقد كانت حريصة دائمًا على أن نتقل محبة وقبول الله للآخرين، ويبدو أن هذا كان يشمل أي شخص مهما كان مظهره.

  نحتفل هذا الشهر بعيد الميلاد، وهو عيد مرتبط عند الناس جميعًا بالعطاء ونشر المحبة بين بعضنا البعض، وتظهر الكثير من الأفكار عن تقديم الهدايا لبعضنا البعض أو عن التبرع بما لا نحتاجه لشخص محتاج، ولذلك فكرتُ في عرض قصة إديث. إعطاء المال للشخص المحتاج أمر مهم، لكن الأكثر روعةً هو إعطاؤه المحبة والاهتمام؛ أن نجعل هذا الشخص يشعر أن له قيمة مهما كان شكله أو ظروفه، وألا نعامله باحتقار أو كأننا نتصدق عليه بشيء. ولذلك تحرص الكنائس على التأكيد على أن مَنْ يتبرع فهو يتبرع بشيء جيد لكنه لا يستعمله، لا أن يتبرع بقمامته.

  عزيزي.. أعظم مثال للعطاء هو المسيح نفسه، فرغم أنه جاء للأرض كإنسان فقير إلا أن هذا لم يمنعه من منح ما هو أفضل من المال، فقد كان يعطي المحبة لمن يفتقد تلك المحبة، أو لمن يشعر أنه مكروه ومنبوذ من المجتمع، مثل الأبرص والمرأة نازفة الدم اللذين منحهما الكرامة والعطف الإنساني اللذين افتقداهما طوال مدة مرضهما، وأيضًا مثل العشارين والخطاة الذين كانوا يعانون من احتقار وكراهية الناس لهم. كل هؤلاء البشر كانت لهم احتياجات غير مادية وكان السيد المسيح يسددها ويعاملهم كمن لهم قيمة غالية عنده. ونحن كأولاد الله علينا أن نفعل مثله، فهذه العطايا ستكون أفضل بكثير من المال.

  عيد ميلاد سعيد! وكل عام والجميع بخير.

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا