خطة الشيطان

7

العدد 51 الصادر في ديسمبر 2009
خطة الشيطان

     يزداد صراخ المسيحيين في السنوات الأخيرة ويتصاعد كثيراً جداً بمرور الشهور والأسابيع من الاضطهاد الذي يعانون منه في مصر خاصة وفي الأقطار العربية الأخرى عامة. ويزداد عدد القتلى والجرحى من المسيحيين في أحداث الاعتداءات المتكررة عليهم في كنائسهم وفي مدارسهم وبيوتهم وأشغالهم، ويزداد عدد الكنائس المغلقة والممنوع فتحها أو بناؤها أو ترميمها، ويزداد الظلم الواقع علي الطلبة والموظفين، ومازال المسلسل مستمراً وسيظل يتصاعد في العنف والقوة ويتقارب في أوقات الحدوث كل شهر عما كان قبله إلي أن يقضي الله في الأمر شيئاً من عنده فهو لا يعدم وسيلة.

     ويزداد صراخ المسيحيين في الداخل والخارج بشتى الطرق في برامج الفضائيات وفي الصحف والمجلات ولجان حقوق الإنسان والمؤتمرات. ويلقى المسيحيون اللوم ويشيرون بأصابع الاتهام للحكومات والمسلمين والمسلمات، والوهابيين والجماعات ويطلبون من المولى التدخل لحل قضاياهم والمشكلات وأن يرفع عنهم الاضطهاد ويمنحهم الاستقرار والثبات، لكن المولى يبدو والعياذ به منه أنه لا يسمع ولا يلتفت ولا يجيب الصلوات. فتزداد حوادث العنف والعراك والاضطهادات، وتزداد أوجاع المسيحيين والصرخات، وتضيع جميعها في مهب الريح دون أن يعيرها أحد أدنى التفات، لا من الدول والحكومات ولا من المولى في السموات. وهكذا تسير القافلة تاركة وراءها بغضاً وحقداً وكراهية وسيئ الذكريات. والأسئلة والحيرة دون البحث عن المسببات. أليس الله سبحانه بقادر على أن يسمع ويستجيب ويتدخل ليسكت الظالم ويطلق الأسير والذليل والمنسحقات، فلماذا لا يفعل ويبدو في الصورة أنه لا يبالي بالتضرعات؟ والكنيسة لا تفكر ولا تسأل نفسها هذا السؤال، وبالتالي فلم ولن تحصل على أي جواب، فهي تلوم الكل وتتهم الكل دون النظر لنفسها ودون الفحص لذاتها وإدانة قادتها ومسئوليها وأولي الأمر منها.

     إن ما يحدث هذه الأيام وينشر على صفحات الجرائد والمجلات ويذاع في محطات التليفزيونات والفضائيات بين قادة الكنائس المختلفة والطوائف المسيحية في مصر ليؤكد ما أقول.

    فالكنيسة لا ترى أن هناك خطة من الشيطان لإضعافها وإذلالها وإخضاعها والتحكم فيها من قبل من حولها مستخدماً البعض من قادتها ورعاتها وكهنتها.

    ولنلق نظرة على خطة الشيطان للكنيسة العامة في مصر وعناصر هذه الخطة ودعائم نجاحها وكيفية التصدي لها. لعل العيون تفتح والعقول تستنير والضمائر توقظ والقلوب تتغير فتفشل خطط الشيطان ويظهر الحق ويزهق الباطل.

    إن أول خطوة يقنعنا بها الشيطان في خطته أنه ليس بموجود، وهو لا يحرك الأمور ولا دخل له بما يحدث بين الطوائف المسيحية في هذه الأيام، وتجد من قادة ومعلمي الطوائف من سيقولون: “هو كل حاجة هتعلقوها على شماعة إبليس؟” وهم لا يدرون أن هذه الحملة الخطيرة مصدرها هو إبليس نفسه الذي يريد أن يخفي حقيقة تدخله في كل الأمور. نعم إن إبليس ليس وحده المدان في كل ما يحدث للكنيسة أو الأفراد اليوم، فالشيطان لا يستطيع أن يعمل إلا من خلال من يعطون له آذانهم ليلقي بها أكاذيبه، وهو لا يعمل إلا مع المغيبين المتكبرين الذين هم على استعداد أن يتعاملوا معه وينفذوا أغراضه الشريرة، حتى ولو لم يعلموا أنهم ينفذون خطط الرجيم، بل وبعضهم يظن أنه يقدم خدمة لطائفته أو كنيسته وبالتالي فهو يقدم خدمة لله سبحانه وتعالى، فالشيطان وفقاً لكتاب الكتب الكتاب المقدس لا يستطيع أن يقف في وجه أو يهمس في أذن أو يتحكم في شخص يخضع لله ويقاوم إبليس، فالآية تقول: “اخضعوا لله، قاوموا إبليس فيهرب منكم”.

    أما الخطوة التالية في خطة الشيطان فهي التأكد من “غياب التمييز الروحي لدى المسيحيين” وفي رأيي الخاص أن أكبر مصيبة تعاني منها الكنيسة المصرية على اختلاف طوائفها هي غياب روح التمييز لدى المسيحيين المؤمنين.

    فتمييز الأرواح هو إحدى المواهب التي يمتع المولى بها عباده المؤمنين ليستطيعوا أن يمتحنوا الأرواح ويميزوها ويتعاملوا معها بسيف الروح الذي هو كلمة الله، فيكون النصر والغلبة بجانبهم كل حين. ولا شك أن مصر وفقاً لما هو مدون في سفر إشعياء والأصحاح التاسع عشر، يسيطر عليها “روح غي” ذلك الروح الذي أفردت له مقالة خاصة في عدد سابق، وروح الغي هذا يجعل الناس في حالة من التشويش الروحي وعدم التمييز، تماماً كما يشوش العدو على رادارات عدوه فلا تكتشف طائراته المعادية حتى تقتنص الفرصة وتدمر ما يريد. فلقد تركت الطوائف المسيحية في مصر ونسيت أو تناست الاضطهاد والموقف المخجل المخذي الذي تبدو به الكنيسة في مصر هذه الأيام وانشغلت بالغزو الإنجيلي للكنيسة الأرثوذكسية وبرد الفعل أو بالخطة الأرثوذكسية ضد الكنيسة الإنجيلية والتي جعلت بعض القسوس الإنجيليين ينزحون من قراهم ويتركون كنائسهم لقرى أخرى ويصرخون من الظلم الواقع عليهم كما جاء بالصحف والمجلات العالمية غير المسيحية التي تعشق الاصطياد في الماء العكر ولا يستطيع أحد أن يلومهم فهذه هي صحافة الفتن والإثارة والربح الرخيص، وهذا هو ما توفره لهم الطوائف المسيحية– بصراعها- من مادة تحقق أغراضهم وتزيد الطين بله ضد المسيحيين جميعاً. فلو استخدم قادة الكنائس المختلفة ورعاتها وكهنتها روح التمييز لكشف ومعرفة خطة الشيطان للكنيسة لما وصلت الأمور لما هي عليه ولخبت هذه القضايا أمام التحديات التي تواجه الكنيسة المصرية في هذه الأيام.

    العنصر الثالث في خطة الشيطان بعد أن يقنعنا أنه غير موجود، ثم يطمس التمييز الروحي لدى القادة هو أن يترك ما يعرفه اللاهوتيون “بروح التدين” للعمل في وسط الكنيسة. وهذا واحد من أخطر أنواع الأرواح الشريرة– إن لم يكن أخطرها- عند التعامل في مثل هذه الظروف. ويعمل هذا الروح الشرير على عدة محاور دينية للوصول لأهدافه، أولها إقناع كل طائفة أنها هي الطائفة التي تتبع الإيمان المسيحي السليم والقويم وما عاداها فلا، وتدلل هذه الطوائف على ذلك بأنها أقدم الطوائف، وهي وحدها التي تسلمت إيمانها من الرسل والأنبياء، وهي التي حفظت هذا الإيمان عبر العصور والأزمان وبالطبع لن تذكر في كثير أو قليل أنها هي المسئولة عن فتح باب مصر لدخول الإسلام في فترة صراعها مع كنيسة روما، فإن كان منها من استطاع أن يصلي للمولى فنقل جبل المقطم وجعله يتحرك على مرأى ومسمع من المشاهدين أفما كان يستطيع قادة هذه الكنيسة أن يصلوا أن يغلق الله أبواب مصر أمام هذا الزحف المسلح وهو الذي يغلق ولا أحد يفتح ويفتح ولا أحد يغلق.

    ثم يقنع روح التدين كل طائفة أن التصدي للطائفة الأخرى وتقويمها ومحاولة اختطاف الناس من براثنها لهو أفضل هدف لها في الحياة، وأن السيطرة على أولادها بشتى الطرق بالنصح والوعظ والإرشاد أولاً، وإن لم تفلح هذه مع العصاة من أولادها فتبدأ بالتهديد والوعيد لكل من لا يبقى داخل أسوار الطائفة بالحرمان من التناول والمعمودية ثم في الكبر من الزيجة في الكنيسة وإن أصر العضو على عناده واستمر في زيارة كنائس الطوائف الأخرى والتعامل معها سيصدر ضده قرار حرمان حتى عند الموت فلن تتم الصلاة عليه في الكنيسة ولن يدفن في مدافن الطائفة. وبالطبع يضع روح التدين في قلوب الناس مفاهيم روحية خاطئة وتعاليم هي وصايا الناس لكي يعطي الأهمية لهذه الحرمانات ليظل الشعب المسكين مقيداً داخل أسواره الطائفية خائفاً ومرتعباً من تبعات حتى مجرد زيارته لكنيسة لا تنتمي لطائفته. فيقنع روح التدين القادة والمسئولين والمعلمين وهم بدورهم يقنعون العامة التي لا تعرف يمينها من يسارها أن المعمودية هي لغفران الخطايا ومن لم يعتمد في طائفتهم فلن تغفر خطاياه وبالتالي فمصيره جهنم المتقدة بالنار والكبريت. ثم من لم يعتمد لا يحق له أن يعترف لدى الكاهن، ومن لا يعترف لا يمكن أن يتناول ومن لا يتناول ولا يعترف ولا يعتمد فقد أصبح منشقاً عن الكنيسة الأم ووجب عليه الحرمان من دخولها وبالتالي من دخول السماء، مع التأكيد على أن الزواج بغير كنائس هذه الطائفة هو زنى وأولاد المتزوجين خارج أسوار الكنيسة هم أولاد زنى ولقطاء.

     وهكذا يحكم روح التدين قبضته على هؤلاء الناس فيسيرون كالعميان وهم مبصرون وهكذا يتولد الصراع داخل الفرد والأسرة والمجتمع الكنسي.

    رابعاً: يكمل الشيطان خطته بزيادة العناد في النفوس وقساوة القلب، فإنه يعلم أن الخطوة الأولى في تدارك هذه المشكلات هى التواضع وقبول الآخر وأن يحسب كل منا الآخر أفضل من نفسه، كما يعلمنا تنزيل الحكيم العليم الكتاب المقدس، لذلك يدبر الشيطان في خطته أن يظل القادة ومن لهم التأثير على الناس في عنادهم وقساوة قلوبهم ورفضهم الجلوس والتشاور والتنسيق فيما بينهم على حل كل المشاكل التي ترد في خطة الشيطان لمواجهتها ومقاومتها وعندها ستعم النهضة والفرح والسلام والرجوع إلى الله، ليس بين المسيحيين وحدهم فحسب بل وبين من يحيطون بهم أيضاً.

    خامساً: واحدة من أخبث العناصر في خطة الشيطان هى إلهاء القادة والمسئولين والرعاة والكهنة بأمور جانبية بسيطة وفي بعض الأحيان تافهة، وتضخيمها لهم ليحول أنظارهم عن الخطة الإلهية للكنيسة في هذه الأيام. وهذا العنصر في خطة الشيطان لهو من أنجح العناصر وأقواها في تتميم الخطة. وقد جربها مراراً عديدة مع الفرد والأسرة والكنيسة والمجتمع، حتى مع رسل السيد المسيح، فكم من مرة جعلهم يتحاورون ويتناقشون في من يكون الأعظم في ملكوت السموات، ومن هو الذي سيجلس عن يمين السيد تبارك اسمه في ملكوته وعن يساره، واحتد النقاش واضطر الأمر بأن تأتي أم ابني زبدي وتطلب من المسيح تبارك اسمه أن يقبل وساطتها وأن يجلس أولادها واحد عن يمينه والآخر عن يساره في ملكوته، بينما هو كان منطلقاً إلى عمل أعظم بل قل أعظم عمل عرفته البشرية جمعاء وهو فداؤها وإعتاقها من عبودية وخطة الشيطان وإخراجها من الظلمات إلي النور ومن الموت إلى الحياة، إلي حرية مجد أولاد الله.

     لقد حاول الشيطان استخدام هذا العنصر في خطته مع نحميا نبي الله في القديم، ذلك الذي كان لديه خطة في بناء أورشليم وإقامة أسوارها ووضع وإغلاق أبوابها ورد السبي إليها، بأن جعل الشيطان أتباعه طوبيا العبد العموني، وسنبلط الحوروني، وجشم العربي يحاولون بكل قوتهم أن يثنوه عن المضي قدماً في بناء المدينة العظيمة تارة بالترهيب والوعيد وأخرى بطلب أن يجلسوا معه ليتحاوروا ويتناقشوا في الأمر وثالثة بالاستهزاء والإهانة وتخويف العمال والبنائين، لكن نبي المولى أرسى قواعد التعامل مع هذا العنصر بالذات في خطة الشيطان بأن قال وكرر وتمسك وأعاد القول مرات عديدة: “أنا عامل عمل عظيم” أي لا وقت عندي لتوافه الأمور وصغارها. فكم من كنيسة صغيرة أو كبيرة منقسمة على ذاتها منشغلة بمن يكون الأعظم فيها، وكم من مذهب يتعارك قادته على من يكون الرئيس أو كيف حصل على الغنى الوفير الذي يتمتع به هو وعائلته دون قسوس مذهبه ورعاته. وكم من خلاف حول نتائج الانتخابات والاختيارات في كل طائفة ومذهب ومجمع وكنيسة، وكم من غسيل وسخ تم نشره في الصحف والمجلات ووسائل الإعلام العالمية غير المسيحية حول هذه الأمور التي ما كان لها أن تظهر بالمرة من الأصل بين المؤمنين والمسيحيين الذين هم أبعد ما يكونون عن روح المسيح الذي أخلى نفسه آخذاً صورة عبد وجد في الهيئة كإنسان أطاع حتى الموت موت الصليب ليعطي لنا الحياة وليكون لنا حياة أفضل.

    ومع أن خطة الشيطان تحتوى على العديد من العناصر التي تعمل معاً جميعاً على انقسام جسد المسيح وإضعافه ومحو تأثيره في الأرض، تلك العناصر التي لا يمكن احتواؤها في مقال أو كتاب واحد، إلا أن واحدة من أخطر هذه العناصر هي:

    غياب الرؤية الإلهية وإحلال الخطة الشيطانية بدلاً منها:

    فكما علمنا الكتاب الكريم أنه بدون رؤية يجمح الشعب، أي أن الفرد أو العائلة أو الكنيسة أو المذهب أو الطائفة التي لا رؤية لها تريد تحقيقها وتنشغل بها وتعطيها الأولوية في كل إمكانياتها تكون كالحصان الجامح الذي يجري في كل اتجاه دون التحكم فيحدث من الضرر والإصابات الكثير لنفسه ولمن حوله. فلو كانت الكنيسة العامة في مصر لديها رؤية إلهية من القادر على كل شيء لربح مصر للمسيح والتركيز على هذه الرؤية بكل تفاصيلها، نعم أن تكون مصر للمسيح، وليست لطائفتي أو كنيستي أو مذهبي، عندها لا يكون هناك انقسام أو فرق بين من سيربح من للمسيح، أين سيذهب أو ينضم من نربحه للمسيح، إلي أية طائفة أو كنيسة، من هي الطائفة الأم ومن هم المسئولون، من هي أكبر الكنائس أو أشهر الخدام أو أصغرهم أو أقلهم شهرة، فكل هذه الأشياء التافهة ستتلاشى في ضوء ربح النفوس للمسيح. لو كانت لدى الكنيسة رؤية إلهية حقيقية عن الدفاع عن كيانها ورفع المعاناة والاضطهاد عن أعضائها وتسكيت عدو ومنتقم ضدها، لاتحدت الكنيسة واختفت تفاهاتها وانشقاقاتها ولم يعد أحد يقول أنا لبولس أو أنا لأبولس أو أنا لصفا أو أنا لمرقس أو أنا للمسيح.

    لقد كتبت أكثر من مقال في هذا الموضوع “الكنيسة قاهرة أم مقهورة” “صباح الخير يا كنيسة” “الكنيسة وتحديات الحياة المعاصرة” ويمكنك مراجعتها على موقع الجريدة.

    إن ما تحتاجه الكنيسة اليوم هو أن تكتشف خطة الشيطان لها، لذا فعليها أن تضع ثلاثة أمور:

     أولاً: أن تفحص المكتوب وترى ما دونه الإله العظيم في كتابه. لقد وضع المولى تبارك اسمه علاجاً أكيداً لمثل هذه الحالة التي عليها الكنيسة هذه الأيام في الآية القائلة: “إذا تواضع شعبي الذين دعى اسمي عليهم وصلوا وطلبوا وجهي ورجعوا عن طرقهم الردية فإني أسمع من السماء وأغفر خطيتهم وأبرئ أرضهم”.

    فالتواضع هو شرط أساسي وخطوة أولى كما ذكرت في علاج حالة الكنيسة المتردية في مصر والعالم، فعند مواجهة خطة الشيطان لا يكون من المهم من هي الكنيسة الأم ومن هم المستوردون وغيرها مما ذكرت في هذا المقال. المهم هو أن يتواضع القادة والرياسات في الكنيسة، وقبول الآخر كأخ في المسيح وأن يحسب كل منا الآخرين أفضل من نفسه.

    لابد من الصلاة والصوم وطلب وجه الرب والتوبة والرجوع عن الطرق الرديئة من التعصب وإشعال الفتنة بين الإخوة وتغذية الانقسامات بالتخويف والحرمانات والتهديدات، لابد من التوبة لأجل كل نفس وضعت لها حجر عثرة حتى لا تعرف المسيح يسوع تبارك اسمه مخلصاً لها. لابد من التوبة عن كل مرة خططنا فيها بل وفكرنا فيها ضد الكنائس الأخرى التي لا تشاركنا إيماننا حتى لو كنا نعتقد أنه الإيمان الصحيح القويم. لابد من أن يمزق الكهنة قلوبهم لا ثيابهم وأن يبكوا أمام الله ويبتعدوا عن ولائمهم ومشغولياتهم بتوافه الأمور.

    ثانياً: إذا وصلت الكنيسة إلى حالة التواضع والتوبة هذه فستستطيع أن تعمل أشياء عملية للتقرب تجاه الآخر المخالف لي في الطائفة والكنيسة والعقيدة وحتى في الدين. لابد من الجلوس معاً حول مائدة مستديرة، لابد من إدراك حجم الخطورة التي نحن فيها بانقسامنا على بعضنا، لابد من الجلوس ومراجعة خطة الشيطان وعناصرها وكيف نقاومها ونتحرر منها.

    فمع أهمية الصلاة القصوى إلا أنها دون تحرك عملي حقيقي لن تكون كافية بأن يغير الله الأمور التي حولنا ويتدخل فيها. لابد من الاتفاق معاً على خطة إلهية نجابه بها خطة الشيطان وإلا فسيكثف العدو أعماله ضد كنيسة الله في مصر والعالم العربي.

    أخيراً: أقول لابد من خطة إلهية موحدة، هدف واحد واضح من الله يوضع أمامنا وتشارك كل الطوائف في تنفيذه.

    وإلى أن تؤخذ هذه الخطوات العملية نحو حل أزمة الأقباط في مصر والعالم العربي لن يتدخل الله في إصلاح الأوضاع المغلوطة ضد الكنيسة. لا يمكن أن يستمع المولى ويستجيب لجماعة منقسمة على ذاتها، فرجل ذو رأيين هو متقلقل في جميع طرقه لا يظن هذا الإنسان أنه ينال شيئاً من قبل الرب”.

    لن يرفع المولى الاضطهاد عن كاهل الكنيسة في مصر إلا إذا تابت وصامت وصلت ورجعت عن طرقها الرديئة، لن تنتهي صرخات الحزانى والمضطهدين والمظلومين حتى تعلم الكنيسة وقادتها أنهم السبب الأول في عدم سماع المولى لهذه الصرخات. ولعل آخر ما أقترحه عليك عزيزي القارئ: ابدأ أنت أولاً بالصراخ إلى الله أن يوقظ الكنيسة، وأن يغفر لقادتها وكهنتها ورعاتها. اعمل شيئاً عملياً، خذ معك ستة أو سبعة ممن يشعرون بحجم المصيبة التي تعاني منها الكنيسة في هذه الأيام، واسجدوا أمام الله مرة في الأسبوع لمدة ساعة واحدة، اصرخوا فيها لله بتواضع، قولوا يا رب خلص  يا رب ارحم. شجع أفراد وقادة آخرين لعمل الشيء نفسه، وعندها لابد أن يسمع المولى من العلاء ويغفر خطية مصر ويبرئ أرضها ويفشل خطة الشيطان.

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا