حسن الصباح وغسل الدماغ وصناعة الانتحاري

1

خالد منتصر

اندهش البعض من سهولة تجنيد أتباع حسن الصباح وغسل أدمغتهم للقيام بعمليات انتحارية، وكيف أن ابن سيحون تم جلده بقسوة وبعدها قبّل يد حسن الصباح ودعا له!!!، هناك دراسة مهمة للدكتور ياسين حسن من الممكن أن تضيء لنا هذا السلوك وتبدد دهشتنا، ملخص الدراسة هو أن علم النفس قد توصل إلى نتائج مهمة تشير إلى ارتفاع نسبة الاكتئاب لدى الانتحاري، تعرضه لصدمات في الطفولة، سهولة انقياده وتأثره الشديد بمحيطه، وامتلاكه لميول انتحارية ولكن بغياب لمحاولات انتحار، غياب أي شكل من أشكال التعبير الجنسي، حبه الشديد وامتلاكه لمشاعر عاطفية كبيرة وليس كما نتوقع بأنه عديم المشاعر، يمتلك حقدًا دفينًا ورغبة بالانتقام، هادئ وأفعاله لا تنتج عن غضب، ملتزم بشدة بفكرة دينية أو سياسية، يؤمن بشدة بمفهوم العدالة ويرى الحياة أنها خير وشر، يعتقد أنه ضحية وليس جلادًا.

– من صفات الإرهابي استعداده للموت، وسبب ذلك أنه يعتنق قضية أهم من الحياة حسب ظنه، لكن ميله الانتحاري يترافق بغياب محاولات الانتحار، يفسر ذلك بأن غالبية التفجيريين الانتحاريين ينتمون للدين الإسلامي الذي يحرم الانتحار، بالإضافة لإيجاد مفهوم الاستشهاد، فالإرهابي لا يعترف بالانتحار بل يعتبره استشهادًا.

– الإرهابي ليس عديم مشاعر وليس مليئًا بالكراهية، بل على العكس، تفجيره لنفسه وقتل الآخرين سببه حبه لأهله ودينه وأبناء جماعته التي ينضوي تحتها، فتفجيره لنفسه يعني له أنه قدم شيئًا استثنائيًا لهم، وأنه انتقم لمعاناتهم، وهو لا يمتلك مشاعر كراهية تجاه الضحايا، لأنهم لم يؤذوه من قبل، لكن موتهم يعني إرضاء معتقده وإرضاء من يحب.

– الإرهابي ليس غاضبًا بل حاقد طويل الأمد: كل الناس تغضب، والغضب عادة يدفع لرد فعل سريع يزول بزوال الغضب، أما التخطيط الدقيق لتدبير عمل انتحاري فيستغرق وقتًا طويلًا، وفي تفكير الانتحاري، فإن تفجيره لنفسه وقتل العشرات ليس انتصارًا وليس نهاية قضيته، بل خطوة واحدة في سبيل هدف قد يحتاج لآلاف السنين حتى يتحقق، فهو يدرك أن قتله لعشرات المدنيين في واشنطن لا يعني سقوط الولايات المتحدة، بل خطوة تليها خطوات، وهذه الأهداف بعيدة الأمد تدل على حقد عميق وليس عن غضب، أما كيف يتم صنع الإرهابي، فهذا من خلال:

أولاً: يتم إيجاد فكرة أهم من الحياة تغزو تفكيره، كأن يتم تعليمه أن الدفاع عن أفكار الإمام هو دفاع عن الدين، وهو أهم من الحياة، وهذا يصغر قيمة الحياة في نظره ويقربه من الموت.

ثانيًا: إعلاء قيمة الموت في نظره، وأشهر مفهوم ينجح بذلك هو الشهادة، وجعل الموت في سبيل قضية ما هو أهم ما يمكن لإنسان فعله.

ثالثًا: تحويله إلى بطل بنظر الناس، فالإرهابي إنسان غير مشهور منفي في بيئته، يشعر بأن لا قيمة له، فإذا تم إيهامه بأن ما سيفعله عمل بطولي وأنه منقذ لآلام شعبه أو حزبه أو دينه فسيصبح مستعدًا للتضحية بأناه الحقيقية وحياته مقابل حصوله على أنا متفوقة بنظر الآخرين.

رابعًا: تخليده، وذلك لإزالة الخوف من الموت، ويتم تخليده عبر إقناعه بأن مصيره في جنة ما أو أن التاريخ سيذكره.

تتطلب العوامل الأربعة السابقة وجود شخص أو منظومة قادرة على غرس هذه العوامل داخل دماغ، وطبعًا تقوم بهذه المهمة بعض الدول والشخصيات السياسية والدينية باعتماد ذكي على فهمها لشخصية من تجنده.

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا