المولد والميلاد: ما للتبن مع الحنطة يقول الرب؟

1

العدد 113 الصادر في فبراير 2015
المولد والميلاد:
ما للتبن مع الحنطة يقول الرب؟

    عندما أرسل لي أحد أصدقائي على الفيس بوك الرابط الإليكتروني لإحدي الحفلات الموسيقية التى أقيمت في دار الأوبرا المصرية بعنوان ” المولد والميلاد”، لم أصدق عينيي، ظننت أننى قد أخطأت القراءة وأن الأصل في العنوان هو “المولود والميلاد”، وأقصد بالمولود هنا هو شخص الرب يسوع المسيح – تبارك اسمه-  وخاصة بعد أن فتحت الرابط ورأيت أحد الأصدقاء المرنمين المعروفين والمشهود لهم فنيًا وروحيًا في عالم الكنيسة في مصر على اختلاف طوائفها والذي تربطنى به علاقات قوية منذ اليوم الأول الذي عرف فيه المسيح مخلصًا شخصيًا له حتى أننى كنت أول من استمع إلى أول ترنيمة روحية مسيحية قام بكتابتها وتلحينها، كما قال لي هو وقتها، وهي ترنيمة “أنا ماشي ونورك قدامي” ، عندما رأيت هذا المرنم المحبوب مني ومن آلاف غيرى، تأكدت أنني كنت مخطأ عندما قرأت عنوان الرابط “المولد والميلاد”، لكن ما أن انتهى الأخ المرنم العزيز الشهير حتى وجدت فنانًا مسلمًا آخر يقدم مديحه لغير المسيح، وكان التركيز على الله، أعدت قراءة العنوان وإذ به حقيقة “المولد والميلاد” وليس المولود والميلاد كما تخيلت وأقنعت نفسى به، وما هى إلا لحظات ووجدت عشرات العبارات والأفكار والآيات والجمل والغرائب والحسرات والضيق والمرار يملأ حلقى واختنقت العبارات وتجمدت حركتي للحظات وكل هذا يتوارد إلى عقلى بأسرع من قدرة عقلى على استيعابه. وكان أول ما مر على عقلى من كل هذا السيل من ردود الأفعال من قراءة هذا العنوان المثير، كلمات نبي الله إرميا: “ما للتبن مع الحنطة يقول الرب؟”، الأمر الذي جعلنى أن اختار هذه الآية عنوانًا لمقالي هذا، ووجدتني أفكر ما عساى أن أعمل، فصاحب “المولد والميلاد” صديق ورفيق خدمة، فإن سكت ولم أعلن ما أراه، من وجهة نظري على الأقل، من شر هذه الفعلة وتأثيرها على كنيسة الله وعلى الشعب المسيحي كله الكبار والصغار من بعدهم أكون شريكًا في أعمالهم بصمتي وخائنًا للأمانة التى أودعها القدير بين يدي من إمكانية الكتابة والنشر والشرح والإيضاح والتحذير له ولأمثاله من المخلصين أو المغيبين أو المغرضين الذين يدفعون بالكنيسة، كنيسة اللاودوكيين الذين نعيش في زمانها، بخطوات سريعة إلى الخلط بين التبن والحنطة وإلى العقاب الإلهي القاسي والسريع، وإلى حجب وجهه عنها في مصر، أولئك الذين أقل ما يقال عنهم أنهم مخدوعون ومغيبون وبالتالي خادعين قطيع الرب، من الشعب المسيحي المصرى الذي لا يعرف يمينه من شماله، وواعدين إياهم بمجئ مشتهى الأمم إلى مصر وبنهضة لم يسبق لها مثيل فيها وبالتالى إلى تحقيق الوعد الثمين “مبارك شعبى مصر”، وإن تكلمت بما عندي وما أراه سأضيف إلى قائمة أعدائي جماعات، جماعات لمجرد أنني أكتب وجهة نظر تختلف عن وجهة نظر أحد المشاهير الذين يسيطرون على قلوب وعقول المصريين المسيحيين في هذه الأيام. ووجدتنى أقول لنفسى، بعد هذه الفكرة الأولى، فكرة “ما للتبن مع الحنطة يقول الرب”، التى عبرت على عقلى، ما قاله أيضاً نبي المولى إرميا: “ويل لي يا أمي لأنك ولدتنى إنسان خصام، وإنسان نزاع لكل الأرض” وقررت أن أفتح سفر إرميا والأصحاح الخامس عشر وأقرأ لماذا قال إرميا النبي هذه الكلمات مخاطبًاً أمه التى لم تكن أمامه بل كان يكلمها بروح النبوة، فوجدت أن الرسالة التى كان المولى كثيرًا ما يحملها لإرميا لتوصيلها لشعبه كانت في الغالبية العظمى من الأوقات رسالة لوم وعتاب وإظهار وفضح لأعمال الشر التى يعملها الشعب في تلك الأيام والتي لم يكن يفهمها أو يعيها أو لا ينتبه إليها في معظم الأوقات وبالتالى لم يكن يقبل هذا الشعب من إرميا هذه الرسائل، وكانوا يتهمونه بالسلبية والسوداوية والتعصب والسلفية والانفصال عن الواقع وأنه لا يتنبأ عليهم وعلى رؤسائهم بالخير، حتى أصبح إرميا عدوًا لكثير من أصحابه وأهله وبني شعبه وكهنته وملوكه وقادته ومرنميه وأنبيائه، وكان على إرميا أن يختار أن يعلن ما يقوله المولى له وأن يحذر ويبصر شعبه لما كان مزمعًا أن يأتي عليهم من عقاب سماوي، وفي هذه الحالة سيخسر الأهل والأصدقاء وكبار الكهنة وقادة الدولة، أو أن يسكت ويغض النظر عن كل ما يحدث حوله وله ويترك المولى ليستخدم غيره إن أراد في تحميله بهذه الرسائل الثقيلة المضنية، وللأمانة الروحية أقول إنه في مرات كثيرة عندما كنت اضطر فيها أن أكتب ضد تصرفات روح الغي وروح التدين وروح ضد المسيح التى تسيطر منفردة أو مجتمعة على كثير من رجال الدين المسيحيين والغالبية العظمى من أناس الله القديسين المولودين ثانية قادة العمل المسيحي في مصر والشرق الأوسط هذه الأيام كنت أقضي أوقات في الصلاة بدموع طالبًا من القدير أن يعفيني من القيام بهذا الدور والكتابة وتوبيخ أعمال الظلمة غير المثمرة وخطط العدو ضد كنيسته وخاصة في الوطن العربي، لكنني في كل مرة كنت اتضرع إلى الله واطلب منه هذا الطلب كنت اسمع كلمات رجل الله مردخاي ترن في أذني، تلك التى قالها لأستير الملكة زوجة الملك أحشويروش في القديم عندما أبلغها عبيدها على لسان مردخاي بخطة هامان بن همداثا الأجاجي عدو شعب الله في القديم بأن هناك خطة شيطانية لإبادة شعبها والقضاء عليهم، وعندما كان رد فعلها أنها لا تستطيع أن تفعل شيئًا لأنها لم تدع للدخول إلى الملك قال مردخاي أن تجاوب أستير: “لأنك إن سكت سكوتًا في هذا الوقت يكون الفرج والنجاة لشعب الله من مكان آخر وأما أنت وبيت أبيك فتبيدون، ومن يعلم إن كنت لوقت مثل هذا وصلت إلى الملك” تلك الكلمات التى تعاودني مرات كثيرة في صحوي وفي منامى، في فرحي وفي أحزاني على كنيسة العلى وما وصلت إليه في هذه الأيام اللاودوكية، في كل مرة أسمع الصوت، ومن يعلم ربما لأجل وقت مثل هذا قد وهبتك أن تدرس الصحافة ولوقت مثل هذا قد أعطيتك موهبة أن تكتب وتشرح وتحذر، ولوقت مثل هذا قد أعطيتك إمكانية إصدار جريدة تكتب فيها ما تشاء وجعلتك رئيسًاً لتحريرها، ولوقت مثل هذا قد جعلتك ترى ما يخفى على الكثيرين من قادة الكنيسة وخدامها وشعبها في هذه الأيام، ولوقت مثل هذا قد وهبتك أن تمتلك وسيلة للكتابة والإعلان، ولوقت مثل هذا قد غرستك، في عدم استحقاق في ذاتك، في جماعة المؤمنين المخلصين الفاهمين في الأزمنة والأوقات، وأقول الصدق في المسيح إنني كثيرًا ما خضت تجربة إرميا النبي في القديم عندما قال في سفره والأصحاح العشرين والعدد الثامن وكان جوابي للرب: “لأني كلما تكلمت صرخت، ناديت ظلم واغتصاب، لأن كلمة الرب صارت لي للعار وللسخرة كل النهار، فقلت لا أذكره ولا أنطق بعد باسمه” لكن الحقيقة أننى لم استطع أن استمر في رفضي أن اتكلم، فكان لى اختبار إرميا عندما أكمل وقال: “فكان (كلام الرب) في قلبي كنار محرقة،  محصورة في عظامي فمللت من الإمساك ولم استطع، (السكوت أي الإمساك عن الكلام). لذلك فها أنا أصرخ بكل ما أوتيت من قوة في عقول وقلوب وضمائر وأذان المعتبرين أعمدة في كنيسة الله في مصر والشرق الأوسط، “ما للتبن مع الحنطة يقول الرب”، ألا ترون الخلط بين التبن والحنطة يقول الرب، ألا ترون أن إقامة حفل أو اجتماع أو لقاء بين المولد والميلاد يعد خلطًا للتبن مع الحنطة والمسيح مع بليعال، حتى لو كانت دوافع القائمين بهذا العمل تبدو روحية سليمة، أليس من مستيقظ في كنيسة الله عمود الحق وقاعدته من يستطيع أن يقف ويعلن أنه لا يقبل خلط للتبن مع الحنطة ويتحمل ما يمكن أن يحدث له لأجل شهادة يسوع المسيح؟!. لقد حاولت أن أقنع نفسى بالسكوت عن مشاركة ما أنا كاتبه الآن وقلت لنفسى بأن دوافع المنفذين لهذا الحفل وأغراضهم ونياتهم لا شك أنها كانت سليمة مخلصة، لكنني اصطدمت بأن الأعمال في المسيحية ليست بالنيات، وأن الدوافع السليمة غير كافية لتقديم ذبيحة للسيد القدوس نفسه ولغيره من على نفس ذات المذبح، مذبح الأوبرا المصرية في هذه الحالة، وراجعت بينى وبين نفسى ما تيسر لدي من الأمثلة والآيات والوصايا الواردة في كتاب الله الوحيد الكتاب المقدس الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والتى تحرم الخلط بين المسيح وكل ما له وما يقدم له وأي إنسان أو ملاك أو ملك أو نبي حقيقى مرسل من عنده فوجدت منها الكثير على كل وجه لذا أخذت وقتاً طويلاً فى استجواب نفسي قائلاً لها: ألم يعلمنا الله في كتابه المقدس عن كهنة العهد القديم  قائلاً: “ويكون عند دخولهم أبواب الدار الداخلية أنهم (أي الكهنة) يلبسون ثيابًا من كتان ولا يأتي عليهم صوف عند خدمتهم في أبواب الدار الداخلية من داخل” حزقيال 44:17؟ ألم يحذرنا- تبارك اسمه- قائلاً: “لا تلبس ثوبًا مختلطًا صوفًا وكتانًا معًا” تث 22:11؟ ألم يقل بفمه الطاهر لنبيه موسى أن يحذر بني إسرائيل قائلاً: ” فرائضى تحفظون، لا تنز بهائمك جنسين، وحقلك لا تزرع صنفين، ولا يكن عليك ثوب مصنف من صنفين”؟ ألعل الله يهمه ما نلبس من صوف أو كتان معًاً أو ما نزرع أرضنا من أصناف أم يقول مطلقًا من أجلنا أنه من أجلنا مكتوب حتى لا نخلط التبن مع الحنطة يقول الرب وأن نفصل كل الفصل بين المولد والميلاد؟

    ألم يسقط تمثال داجون على وجهه عندما أدخل تابوت سيد كل الأرض ليوضع بكل كرامة أمام ومع تمثال داجون في نفس المكان؟ ألم تقطع رأس داجون ويده على عتبة باب بيت داجون حتى فهم الأشدوديون وهم أعداء شعب الله أنه لا يمكنهم أن يجمعوا بين داجون ورب شعب الله في مكان أو حفل أو عبادة أو إنشاد دينى أو أي شكل آخر من الشراكة بينهم؟ فقال تنزيل الحكيم العليم في ذلك: “ولما رأى أهل أشدود الأمر (أمر سقوط داجون أمام تابوت الإله الحي)، كذلك قالوا لا يمكث تابوت إله إسرائيل عندنا لأن يده قد قست علينا وعلى إلهنا داجون. فلو كان شعب المولد هم الذين أصروا على أن يجتمع المولد والميلاد في مكان واحد رغم أنف المسيحيين لانتظرنا أن يعمل الإله الحي نفس ما عمله مع داجون في القديم بطريقة أو أخرى أما أن يكون شعب الله هو الذي طلب ورتب وأنفق المال والوقت والجهد ليجعل هذا الخلط بين التبن والحنطة، فإنني أرى أنه هكذا قال الرب من يدخل بي وباسم ابنى الحبيب الذي به سررت وبتسبيحه وعبادته والترنم باسمه إلى بيت داجون وعباداته ومديحه تكسر يده ويكتب اسمه في التراب فيمحى من ذاكرة الناس ويسقط سقوطًا أمام الإله الحقيقى وحده ويتم فيه المكتوب من أجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى وكثيرون يرقدون لأننا لو كنا حكمنا على أنفسنا لما حكم علينا، لكن إذ قد حكم علينا نؤدب من الرب لكي لا ندان مع العالم.

    ألم يعلمنا بولس الرسول بالروح القدس أنه “لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين، لأنه أية خلطة للبر والإثم، وأية شركة للنور مع الظلمة وأي اتفاق للمسيح مع بليعال وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان. فإنكم أنتم هيكل الله الحي كما قال الله إني سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً، لذلك اخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب ولا تمسوا نجسًا فأقبلكم وأكون لكم أبًا وأنتم تكونون لى بنين وبنات يقول الرب القادر على كل شئ”؟ وما ختام هذه الآيات إلا لخير دلالة على أن الله قادر على كل شئ، على مد الجسور وعلى توصيل كلمته للنفوس وعلى خلاص أعتى الخطاة ورجوع الكثيرين من الحظائر الأخرى للمسيح دون الشراكة والمشاركة والمهادنة والاحتفال بالمولد والميلاد، وتلاوة الترانيم والمدائح من على نفس المذبح واستخدام الطرق والوسائل البشرية للوصول لنتائج روحية، الله قادر أن يجريها أن تقدسنا وانفصلنا وخرجنا من وسطها يا شعب الرب.

    ألم يرفض إيليا النبي في القديم أن يهادن أو يتقرب أو يشترك مع أنبياء البعل في أية ممارسات روحية أو مد الجسور أو إيجاد قاسمًا مشتركًا بينه وبين أنبياء البعل والسوراي؟ وقال قولته الشهيرة في وسط عالم مظلم مضطرب مشوش كعالمنا الذي نعيش فيه: “حتى متى تعرجون بين الفرقتين، إن كان الرب هو الله فاتبعوه وإن كان البعل فاتبعوه”. ألم تحدث نهضة مازال يذكرها التاريخ عندما نزلت نار من السماء وأكلت الذبيحة والحجارة والماء من على جبل الكرمل عندما رفض إيليا الجمع بين المولد الذي كان يعيش فيه الناس في تلك الأيام والإله الحي الحقيقى وحده؟

    أليس تسبيح العلى هو ذبيحة، ثمر شفاه معترفة باسمه؟ ألا ينبغي أن تقدم الذبيحة في جو روحي مسيحي من كهنة العهد الجديد المغسولين بدم المسيح واللابسين للكتان المكتسين برداء البر وثياب الخلاص؟

    ألم يرفض موسى أن يقدم عبادة لله في أرض مصر أو أن يذبح للرب في أرض مصر وأصر على الخروج بكل ما له ومن له وقد كان له ما طلبه؟ أليس من حكيم فاهم مميز بالروح القدس لما يخطط له العدو ضد كنيسة الله الناطقة بالعربية في مصر أولاً ثم في البلاد العربية؟ ألم تبدأ الكنيسة بالخوف والخضوع والخنوع للرؤساء والوزراء وأصغر رجال الأمن عندما كان عبد الناصر ثم السادات ثم مبارك يتولون حكم مصر؟ ألم تسرع الكنيسة لترتمي في أحضان الإخوان حتى قبل أن يتولوا الحكم في مصر بدعوى مد الجسور فاختلط التبن مع الحنطة؟  ألا تنتبه الكنيسة لخطة العدو لضرب سنة تسبيح العلى في مصر والبلاد العربية تلك التى خطط لها منذ سنين ولم ينتبه أحد لهذه الخطة الشيطانية؟  ففتحت أبواب الكنيسة للاشتراك في تقديم العبادات غير المسيحية من صلاة ووضوء، فأخذ العدو أرضاً جديدة لم يعطها له المؤمنون باختيارهم وجعل روح ضد المسيح يصلى فوق منابر أكبر كنائسنا وصالات أكبر كاتدرائياتنا، ثم جعلنا نشترك بدعوى إظهار المحبة للصائمين في رمضان في إطعامهم وهم الصائمون إرضاء وإطاعة لأوامر روح ضد المسيح، ألم تبدأ الفضائيات والفرق الموسيقية وفرق الترنيم باستخدام محمد الطبلجي وعباس القانونجي والأسطى عبد السميع المصور بدعوى مد الجسور وإظهار المحبة وتوصل الرسالة لهم؟، ألم ترفض الكنيسة الإرثوذكسية أن تقدم الترانيم البروتستانتية، على حد قول وأمر أسقف المقطم، من على المذبح الإرثوذكسي مع أن الكنيستين تسبحان إلهًا واحدًا وسيدًا واحدًا وتتشدقان بأنهما تلاميذ المسيح؟، ألم نشترك معًا في تقديم الترانيم والتواشيح في أمسيات الإنشاد الدينى، فلا عجب أن ننتهى، مع أننى لست أظنها النهاية بعد، بالمولد والميلاد. نعم لقد أصبح الحال كما نقول بالعامية “مولد وصاحبه غايب”، ففي هذه الأيام التى فيها كلمة الرب عزيزة لا بد أن يفعل كل ما يحسن في عينيه. والحقيقة أننى لا اتكلم عن احتفال غير المسيحيين بالمولد، فهذا ما لا دخل لي به، ولست أحكم في قضية الإنشاد الدينى في صحته من عدمه، فهذا ليس شأني، ولا أقلل أو أحقر من أهمية الإنشاد لغير المسيح، فكل حر في ممارسة شعائره ومعتقداته الدينية لكن ما يهمنى هو اشتراك وخلط الاحتفالات بعضها مع بعض وتقديم المديح لأي إنسان مهما كان من على نفس المذبح الذي يقدم منه تسبيح المسيح.

    وسؤالى هو: لماذا صمت الجميع أمام هذه المهزلة الروحية في مصر؟، لماذا صمتت الفضائيات عن كشف المستور في هذا الأمر؟، لماذا لم تتناول الفضائيات هذا الحدث الذي قدم وكأن المسيحيين جميعًا موافقون عليه، بالفحص والنقد والإبراز لفضائله أو مساوئه إن كانت له فضائل؟، لماذا صمتت الكنائس والطوائف المسيحية من أولئك المعروفين بفلاحي الكتاب وأولئك القائلين إنهم عقلانيون ديمقراطيون وآخرين يقولون إنهم مملوءون بالروح القدس وعندهم مواهب تمييز الأرواح ولم تعلن أية طائفة إدانتها العلنية لمثل هذه الممارسات غير المسيحية واللاروحية؟، لماذا لا يقرر المجلس الملى الإنجيلى العام ورابطة الإنجيليين ورؤساء الطوائف موقفًا واضحًا من هذه اللقاءات والاجتماعات التى يحضرها الآلاف من شبابنا المسيحي؟ أليس هناك كبير يمكن أن يسمع صوته وأن يخضع له المؤمنون بعد الصلاة والصوم؟ أليس من حكيم ذي مهابة إلهية يقف في الثغر عن الأجيال الصغار وما يمكن أن يحدث لهم نتيجة لهذا الخلط بين المولد والميلاد؟ ألا يمكن أن نتمم وصية بولس الرسول أن نجلس المحتقرين أولاً في الكنيسة ليحكموا في مثل هذه الأمور وليعلنوا حكمهم النهائي في مثل هذه القضايا حتى لو رفض أصحاب هذه الأفكار السامة للشعب المسيحي الامتثال لأحكامهم نكون على الأقل قد برأنا ساحة العروس جسد المسيح من خلط التبن مع الحنطة؟ هل يعني هذا الشأن مجلس الكنائس الموحد حتى تتخذ قرارًا بشأنه؟، ألا يمكن أن يتكون مجلس من سبعة أشخاص مملوئين من الروح القدس على مستوى الكنيسة العامة في مصر، حتى بصفة غير رسمية، تعطيهم الكنائس يمين الشركة ليكونوا هم الدارسون لمثل هذه الحركات والتوجهات والاختلاطات الجديدة التى أصبحت سمة من سمات كنيسة اللاودوكيين ويعلنون رأيهم؟، حتى ولو لم يكن ملزمًا للكنيسة العامة، حتى يرضى الله عن كنيسته ويرفع المتضعين فيها ويسقط المتكبرين، ألا يمكن للبقية التقية في مصر أن تصنع نقمة لإلهنا من كل عصيان؟

    عندما رأيت جزءًا من المولد والميلاد، قلت في نفسى: إن هناك خطورة على الجيل الثاني من المؤمنين، وبينما أنا متفكر في قلبى فيما عسى أن يحدث للجيل الثاني إن كان الجيل الأول من المرنمين عملوا المولد والميلاد، ذهبت إلى الإنترنت وتصفحت ما يحدث، وياهول ما رأيت!، لقد تحققت مخاوفي بأسرع مما توقعت، ففى الجيل الأول غنينا لله، لا للمسيح ولا لغيره، في الجيل الثاني غنينا للمولد والميلاد، أما في الجيل الثالث فغنينا للمسيح المخلص وصفقنا بأيدينا لمن غنوا لغير المسيح في نفس الحلقة وعلى نفس الطاولة. فلسنا بحاجة أن ننتظر لنرى تأثير المولد والميلاد على شبابنا التأثير تغلل فينا من الآن. فهل من منتبه لعمل روح التدين في هذا الأمر؟

    وكحل سريع، فإننى أطالب المجلس الملي الإنجيلى العام أن يخرج لنا بقرار في مثل هذه المواقف، هل يوافق على أن نعمل أمسيات للمسيح ولروح ضد المسيح في نفس الوقت، هل سيظل صامتًا وهو يرى روح الغي تتغلل في الكنيسة دون حراك. إن القسوس والقادة والمرنمين الذين يؤثرون في كنيسة المسيح، جسده في مصر والبلاد العربية هم ليسوا ملك أنفسهم ليفعلوا ما يريدون، إنهم ملك لإلههم ولكنائسهم وعشاقهم وتابعيهم فما يعمله مرنم أو خادم أو قائد واحد يمكنه أن يرفع اسم المسيح في الطائفة أو البلد أو العالم كله وقد يحدث العكس.

    الأمر الثاني هو أنه ما دمنا نعيش في هذا العالم الروحي الغريب والمضل، لذا فأنا اقترح أن تتكون جماعة يطلق عليها “السبعة آلاف ركبة التى لم تنحن لبعل” يكون هدفها هو إعلان الحق الكامل الوديع دون خوف أو زيف أو سعى لمصالح شخصية أو مكاسب زائلة، تصلى لأجل قادة مصر وكل من هم في منصب، تصلى لأجل الخدام في مصر، ولأجل مصر كلها وضد كل روح شرير يعمل بها، وتعلن موقفها بوضوح لكل تيار أو حدث أو احتفال وترفض الركوع للقادة والرياسات الكنسية إن كانت ستستمر في صمتها وتنازلاتها وخلطها للتبن مع الحنطة، وللحديث في جماعة السبعة الآف ركبة بقية في هذا الشأن.

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا