أمتن للدرجة العظمى

12

حسن إسماعيل

كل نور محب يكشف غرفة في كيانك..

يتبخر ظلامك رويدًا رويدًا عندما تحب هذا النور وتستجيب لنحته الجواني جدًا

يغمرك الحب والنور وتتحرر رويدًا رويدًا

المشاعر مشاعر.. والمنطق منطق .. والخيال خيال..

والخرافة خرافة.. والعلم علم..

والتناقض موجود والعبث موجود والمعنى موجود..

المهم في لعبة الفراغات تحط الدايرة في الدايرة والمثلث في المثلث والمربع في المربع

من غير دفاعيات ولا تبرير ولا شماعات..

كون مسئول وخليك طبيعي

في تاريخ البعض رفاق ومنابع وأحشاء لا يمكن أن تُنسى..

مَنْ سهر معك ليل جلجثتك..

ومَنْ وقف أسفل هزيمتك يلملم نبضاتك ودمك..

ومَنْ هرول نحو أحلامك المحتجبة..

ومَنْ آمن بك وقت غياب العيان…

أصغ لعاشق.. تكتشف عبث تكرار الجمع وعمق المشهد المبهر والجاذب

اقرأ لعاشق.. تكتشف عبث الحرف الميت وعمق المعنى المحتجب والجاذب

اعرف عاشقًا.. تكتشف أنانية الورود الصناعية وعمق الحب الذي لا شريك له والجاذب

جبروت الكمال وكمال الجبروت….

لا تعرف أين تقطن رحمته ومتى يبكي وهل يمكن أن ترتمي في حضنه في ظلمة ليل أو مطر مبهج.. لم ولن تعرف

تظل معه مرتابًا وقلقًا فالجبروت مخيف والكمال مخيف

لا تشعر معه إلا برعدة العبد

وعندما تقترب تقترب بخوف الخنوع، وعندما تبتعد تبتعد بخوف الهروب

لا تقدر أن تنظر في عينيه ويرقص قلبك

لا تقدر أن تلمس هدب ثوبه وأنامله برقة روح عطشى

كضعيف لا تقدر أن تتحد بحميمية قصوى بجبار

كضعيف لا يمكن أن تأمن كطفل في حضن جبار

عندما تفهم نبوءات انتظارك برغباتك الدفينة.. تنتظر ما لا يأتي

وعندما يأتي غير المخلوق على صورتك ..

تعبر عليه .. ترفضه .. تسخر منه .. تقتله

وتظل غارقًا في وحل يأس انتظارك

لا يوجد واعٍ متكبر…

الوعي هو اكتشاف واختبار الضعف والمحدودية والمسئولية

مَنْ يدرك ضعفه يدرك ضعف الآخر..

يرحم ذاته ويرحم الآخر

عايز اطمنك….

الشخص اللي بتشوفه حكيم وواعي وناضج دي ثمرة بعد سنين ضعف وهزيمة وفشل وسقوط ورجاء ومحاولات كتيييير

كم وكيف الخوازيق والتجارب في معركة الحياة اللي عايزة الأفضل..

الحصاد وعي وحكمة ونضج

محدش بيتولد واعي وبيفهم وناضج

محدش على راسه زفت ريشة

محدش بعيد عن الوعي بس يصمد ويتعلم ويعيش بجد ويكون حقيقي….

الكمالي بحق وحقيق .. منزَّه وميت ويجعلك ميت

لا يحتاج لبصيص نورك .. كل اللمبات لديه

لا يضعف ويحرمك من المسافة الحميمية بين الضعيف والعكاز ..

لا يسقط ويحرمك من التقاطه في حضن روحك ..

هناك ميل في النهر لا يمكن أن تذهب إليه مع الكمالي ..

وكأنه يحرمك من عمق الحب الحقيقي ويحرم نفسه من الحب المجاني

ما أتعس الكمال المنزَّه عن الضعف

الصداقة والرفقة والأبوة والأمومة والحب.. مستويات وأميال وفصول

ومَنْ لم يعبر الخريف وهو محب.. على الشاطئ يقطن

كل مَنْ اتحد في الربيع وانفصل في الخريف.. على الشاطئ يقطن

أعشق هذا الحب الممتحن بالضعف والليل والخريف والهاوية..

القادر على القيامة بعد الموت…. كطفل يحبو

لم ولن يترك حبيبه في وحشة البرد القاسي للروح..

لا يدع حبيبه لقمة مستساغة للفشل واليأس..

لا يطرد حبيبه من حدقة الحضن…..

ممتن للدرجة القصوى…..

لعائلتي، لرحم الحب وكل فطام جذر التشبث

لرفاق الدرب في كل فصوله وبالذات فصل الخريف العظيم وكل عوامل التعرية للحب

للضعف وللهزيمة وللتيه ولليل وللدموع وللضلال ولكل خطوة أزاحت وأسقطت القناع والتنكر والعهود الرخوة والقدرة الزائفة

لكل مخاض خفي جعل رجائي لا يفنى وإيماني لا يفنى وحبي لا يفنى

أمتن للدرجة العظمى…..

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا