نوسة اختارت اللمبي

8

د. إميل لبيب

في بنات كتير بيختاروا شريك حياتهم من غير ما يفكروا كويس، ولا يبصوا للصورة الكبيرة. بيشوفوا واحد “مثير”، شخصيته “تشد”، ويفتكروا إن ده الحب الحقيقي.

 بس الحقيقة إن الاختيار ده ممكن يكون بداية علاقة مليانة تعب وندم، مش بس عليهم، على عيالهم كمان.

في فيلم “اللمبي” اللي نزل سنة 2002. نوسة، بطلة الفيلم، كانت قدامها شاب محترم، مدرس، متعلم، ملتزم، وشغله ثابت. بس هي رفضته وقررت ترتبط باللمبي، اللي كان صايع، بيشرب مخدرات، مالوش شغل، وبيتصرف ببلطجة. ليه؟ علشان شافت فيه “شخصية” و”راجل مبيخافش”.

بس هي نسيت تسأل نفسها:

هو ده هيقدر يبقى زوج؟

هيقدر يربي عيال؟

هيقدر يبني بيت؟

المشكلة إن نوسة، زي بنات كتير، انبهرت بالمظاهر. شافت في اللمبي قوة وثقة، مع إن الحقيقة إنه مش مسؤول، ولا بيوفر أمان، ولا عنده أي حاجة تخليه شريك حياة مناسب.

بنات كتير بيفتكروا إن الراجل اللي صوته عالي وبيفرض نفسه هو الجدع، وإن اللي بيعمل مشاكل هو اللي “جامد”.

بس بينسوا يسألوا: هو هيوفر لي استقرار؟

هيساعدني أربي عيالي؟

هنعيش مع بعض إزاي؟

المدرس اللي نوسة رفضته كان ممكن يديها حياة هادية، شغل ثابت، أخلاق، وتعليم.

بس ماكانش فيه “إثارة”، ماكانش بيعمل دوشة، وده اللي خلاها متشوفوش، ولا تعتبره “مناسب”.

النتيجة؟

دخلت في علاقة مليانة مشاكل من أول يوم.

في مشهد من الفيلم، لما جابت طفل، لقينا اللمبي وهو بيعلمه الحروف بيشتم القطة، باعتبار أن ده بيضحك.

ده بيوضح إزاي اختيار غلط ممكن يأثر مش بس على الزوجة، لكن على الجيل اللي جاي كمان.

القصة دي مش بعيدة عن الواقع. بنات كتير بيختاروا شريك حياتهم بناءً على مشاعر لحظية أو انبهار مؤقت، من غير ما يفكروا:

الشخص ده هينفع يعيش معايا؟

هيسندني؟ هيفهمني؟

هيربي عيالي صح؟

وده اللي بيخليهم يستيقظوا بعد فترة على واقع مرير.

زي عدم الاستقرار المادي، لما يكون الراجل مش ثابت في شغله، أو عايش يومه بيومه، فتعاني معاه في كل حاجة، من مصاريف البيت لمصاريف العيال.

ولا انعدام الأمان النفسي، لما البيت يبقى مليان مشاكل وكلام جارح، فالعيال يتربوا في جو مليان قلق وخوف. وفوق كده، ضياع مستقبل العيال، لأن الأب مش بس دوره يجيب فلوس، لكن يعلمهم الأخلاق، الاحترام، وإزاي يواجهوا الحياة.

في ناس بتقول: “ما ممكن يتغير؟”

ممكن.. بس التغيير ده يحصل إزاي؟

التغيير محتاج إرادة

محدش بيغير حد

التغيير بيكون بدافع من داخل الواحد نفسه

ومحدش يدخل جواز بفكرة إنه هيصلح الطرف التاني.

ده مش دورك، ولا فيه ضمانة إنه هيحصل.

عشان كده لازم نفكر بعقلنا قبل قلبنا.

 لازم نغير الصورة اللي الإعلام بيرسمها عن إن الصايع والبلطجي هو الجدع اللي كل البنات بتحبه bad boy.

الرجولة مش بالصوت العالي ولا بالمشاكل، الرجولة بالمسؤولية، بالاحترام، وبالقدرة على بناء حياة.

الجواز مش فرح وشبكة وفستان، الجواز عشرة ومعاشرة. الجواز مسئولية وثقة، تحمل مواقف ودعم وثقة، وتربية عيال ويكون قدوة لهم.

مينفعش نرمي نفسنا في علاقة مع حد لمجرد إننا حسينا ناحيته بحاجة، أو عشان “شدني”.

لازم نعرف إحنا رايحين على فين؟ ومع مين؟

وده اللي هيفرق بين حياة مستقرة وسعيدة، وحياة مليانة ندم.

في النهاية، القصة بتاعة نوسة واللمبي كانت كوميدية، وأغلبنا ضحك عليها

لكن الرسالة فيها جدّ، وممكن تبكّي.

الاختيار الصح مش اللي يبهر أو يضحك

الاختيار الصح هو اللي يسد

الاختيار الصح هو السند مش الحمل

الاختيار الصح هو اللي يسمعك قبل ما تشتكي

اللي يحترمك حتى وإنتوا مختلفين

اللي بيخاف على مشاعرك مش يستهين بيها

اللي لو وقعت، يبقى أول واحد يشيلك مش أول واحد يلومك

اللي شايف فيك شريك حياة مش دور في مسرحية

اللي عنده استعداد يتعب علشان البيت، مش يستنى كل حاجة جاهزة

اللي تعرفي تبني معاه مش تعاني عشانه

الاختيار الصح مش شكل ولا كلام حلو

الاختيار الصح هو فعل، وموقف، وحب حقيقي يشيل معاك مش عليك

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا