معاقبة العاملين!

3

عـادل عطيـة

   بدأ عيد العمال من رماد حادثة مأساوية!

   ولكن هذا الرماد يعاود توهجه، فما أكثر الذين تخرجوا في معاهدهم وجامعاتهم، ليجدوا أنفسهم بلا عمل، وبلا ثمر… يعانون مرتين: مرة عندما لا يجدون وسيلة للمحافظة على بقائهم، ومرة لعجزهم عن التعبير الأسمى عن تأكيد ذاتهم!

   وإذا تمكن أحدهم من العثور على وظيفة حكومية، نجده يعمل تحت نظام اليومية المبتور المزايا، غارقاً في عرق جبهته، ومستعبداً للفقر بأسلوب أو بآخر!

   أما المأساة التي تربك العقل فهي التي تواجه العاملين أنفسهم، هؤلاء الذين يؤمنون بأن مضيعة الوقت هي أول الخطايا وأكبرها على الإطلاق، فيعملون بأمانة وإخلاص في المجال الذي ارتأوه. فهناك مَنْ يجبرهم، بمنتهى حسن النية، على التوقف من الداخل، على الانطفاء ولملمة حماستهم وعزيمتهم، والتواري والابتعاد عن دائرة العمل المبدع!

   ويمكنني أن أسرد عليكم الكثير من قصص أمنا الغولة، وأساليبها في محاربة المجتهدين في عملهم.

   فهذه ممرضة تعمل في أسوان في أقصى الجنوب، بعيدًا عن عائلتها. وعندما ألحّت في طلب نقلها إلى مدينتها في أقصى الشمال، رفضت المديرة بإباء وشمم، وقالت: لا أستطيع الاستغناء عنكِ، لأنني لن أتمكن بسهولة ويسر الفوز بواحدة مثلكِ في سمو أخلاقها، وتميّزها في عملها!

   وآخر يحملونه أعباء عمل إضافية -ربما عمل الذين لا يعملون- لكونه مخلصًا، وباذلاً في عمله!

   وآخر لا يرحمونه إذا أخطأ عن غير قصد -رغم أمانته واجتهاده- فيتذكر بعد فوات الأوان نصيحة زملائه الخبثاء، التي طالما صدمت ضميره المهني وهم يوسوسون في أذنه: اشتغل كتير تغلط كتير يفصلوك، اشتغل شوية تغلط شوية يحبوك، لا تشتغل ما تغلط يرقوك”!

   ولن أتحدث عن انتشار ساعات ضبط الحضور والانصراف، والتي تؤكد على اهتمامنا البالغ بحضور الموظف في موعده دون اهتمامنا بنتاج عمله. ولكنى أتحدث عن محاسبة الحكومة له على تأخيره، بينما هي المتسببة فيه… فهو يستخدم وسائل مواصلاتها التي لا تعرف معنى الانضباط!

   فهل يبدأ المسئولون من هنا، من حيث التوهجات المؤلمة؟!

   وهل سنتمكن أن نقول لكل العاملين في عيدهم المقبل: “سلام عليكم يوم أصبحتم عاملين”؟!

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا