نـــوم اليقظـــة

2

عادل عطية

   عندما وصل بوذا إلى مرحلة الاستنارة، سألوه:

   هل أنت الله؟

   قال: لا!

   هل أنت قديس؟

   قال: لا!

   قالوا: من أنت إذًا؟

   قال: أنا إنسان مستيقظ!

   تعلّمنا تجاربنا الإنسانية أن الحياة “يقظة”، حتى في نومنا، تريدنا أن نكون متيقظين: نجد ذلك في أحلام النوم!

   لكننا أردنا أن نكون كالذين يمشون أثاء النوم: ننام، ولكننا نمشي، ونمشي ولكننا نائمون، فلا نهتم بعد بكتابنا المنظور في أنفسنا، وفي الكون. ولا نتأمل في تدبيرات الله وإلهاماته في خليقته؛ لنستمد منها الدروس والعبر، ونعيشها في كل جديدها!

   ألا نتأمل: كيف أن الله جعل فارقًا في مدة نمو الطيور والحيوانات والتي تراوح بين بعض الأيام، والشهور، بينما يحتاج أطفالنا إلى عدة سنوات؛ ليلفت انتباهنا إلى أهمية الطفل، وإلى أهمية الاهتمام به ورعايته؛ ليقتني، المعرفة والخبرة، والحكمة!

    وكآباء لنتأمل أنفسنا، وكيف أن أولادنا جميعًا لهم نفس المكانة، والمحبة في قلوبنا،  فإن كانت هذه العاطفة الإنسانية الممنوحة من الله تجعلنا نضع أولادنا في صف واحد من القيمة، فهل يليق بنا أن نظن أن الله يميز بين الناس، فيحب بعضهم، ويبغض البعض الآخر، ويرفع بعضهم درجات، ويخسف بالبعض الآخر دركات؟!

   وإن كنا نحن البشر نُقدّر لوحات عظماء الرسامين، ونثمنها، ونحفظها في متاحف وأماكن تحت حماية خاصة، فهل الله لا يهتم بصوره التي رسمها لتكون حية، ولتكون بشرًا، ثم يأمر من يخطفها، ويدمرها؟!

   وألا يدهشنا أن الله يشرق بشمسه على الشعوب التي لا تعبده تمامًا كما على الشعوب التي تعبده؛ فلماذا نضطهد بعض الناس، وقد قسمنا العالم إلى فسطاطين: أهل الكفر، وأهل الإيمان؟!

   ومن منا لا يتعرّض في عمله إلى اضطهادات صعبة ومؤلمة، ومع ذلك نحتمل، ونصبر، بل نتأقلم، ولا نهجر أعمالنا؛ فلماذا نضعف مع أول مشكلة ونفكر كأزواج في الطلاق، والانفصال؟!    أما الذين يخافون من الألم ومن الموت، حتى أنهم يخشون قول الحق، ويرتعبون من التقدم بالمطالبة بحقوقهم وكرامتهم وحريتهم، أفلا تخجلهم شجاعة أبطال التاريخ الذين ضحوا براحتهم وحياتهم من أجل الآخرين دون أنفسهم، وألا يدهشهم هذا التعبير، الذي نطق به أحد ضيوف الدكتاتورية، بعد أن سرد علينا كيف نجا ورفاقه من عذابات وحشية إن لم تكن قد أخذتهم إلى الموت فهي كانت قادرة على أن تقودهم إلى الجنون: “إن الإنسان أقوى مما كنت أتخيل وأتصور، عندما يكون حبه للحياة الدافع الرئيسي لمقاومة الألم والموت”؟!

   القراءة في كتاب الحياة لا تنتهي.. وإن كنت قدمت إليكم بعضًا منها؛ فلكي تمارسوا أنتم أيضًا هذه القراءات الرائعة، وتطبقوها في حياتكم، فما وجدت مثل هذه القراءات للحفظ، وانّما للتطبيق!

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا