هممنا بإرساء أمن وأمان وتواصل في درب ذي (الحياة) من دون رجاء لها، فإذ بأعمارنا وقد همت بنا من دون ما تقدمه لنا مقدمًا، بأن الزمن من دون أمل كان وسيبقى كهفًا مترفعًا فوق ساحات ما تدنى عنه، بجبال لا تدركها أرضنا، لكنها قمم قد تهاوت من ضيائها، فكان الظلام – من غير آخر معه – هو الأول والسيد والرأس فوق الجميع .
قد جثا الكل مما يحمل شيئًا من القسوة بين طياته حين أطال شاخصًا وناظرًا حياة الإنسان دامت بعيدًا عما يحملها وسط سعير رمالها وجدوبة ينابيعها، فإذ بالقسوة وقد اعتراها اللين، والجدوبة قد اعترضها الإثمار، كما أن اليبوسة قد داهمها شيء بل كثير من الرطوبة والتندي والسخاء… فكيف للبحر أن يغدو من غير مياه؟ وكيف للجبل أن يكون من دون ارتفاع؟ بل وكيف للحقول والغرس والإنبات أن تمسي بلا ارتواء وشبع واستسقاء؟ فقد ظل وسيبقى عمودًا فقريًا لبدن العيش وجسد التعايش والإبقاء والحياة: الأمل!!!
إنه الأمل؛ وأي شي يضاهي تلك القامة والقيمة والتي حري بالجميع أن يحنوا قاماتهم حين تلوح إرهاصاته في الأفق أو حين قبوعه منتصبًا ناصبًا هامته خلف سحب الضيقات وسحائب الخيبة واليأس والقنوط. وهل من شيء يحتفظ بضياء القلب وسط عتمة لياليه الليلاء سوى الأمل متى احتفظ ببريقه، ومتى احتوى شمسه ذات الأشعة اللامعة وأهدابها الذهبية حيث تنجلي فينقشع الغيم ويمسي كل داكن في طي العدم كما بدرج اللاوجود؟!
نعم، فيجذب -الأمل- أطراف الابتسامات الشاردة فى دائرة الأحزان جراء منحنيات الزمن بأيامه المنقلبة والمتقلبة! كما يبعث الهدوء إلى الأنفس وسط زوبعة الصراعات التي تبغي وتبتغي غير الظهور لكنها فاعلة بكل قوتها خلف الصدور وبين حنايا ذوات الحيوات العاقلة! إنه ملاذ لأرجل قد ترنحت وتمايلت ثم تثبتت على يقين الابتهاج المنبثق والنابع من عبق الأمل حين بزغ وحين تراءى فملأ الدنيا عبيرًا. يربت على أرواحنا فتستشعر هي نسمات حنينه فتسكن آمنة، وينطلق جسدنا طليقًا متحملاً ومحتملاً في ذلك عاصف اليأس وعواصف الخيبة والفشل والإخفاق…. إنه الأمل حين يمسك بنا إمساكًا، حافظًا إيانا من الانزلاق إلى مهالك الموت ونحن أحياء، ووقتما يترفع برؤوسنا شامخة فوق صروف الحياة فيبقيها عالية شاهقة سامية مجيدة…. الأمل!