شعب كنيسة الأنبا صموئيل بأبيس الثورة يستغيث برئيس الوزراء

31

نشأت أبو الخير

 في مقالي السابق نوهتُ إلى أنه مع نهاية كل سنة ميلادية يتوقف المرء أمام ما يسمى بحصاد العام يتأمل شريط الأحداث التي جرت، وتكون له وقفات في محطات لأحداث بارزة جرت، وتناولتُ فيه قضيتي الشهيدين القمص أرسانيوس وديد والشاب راني رأفت بالضبعة. وأعود في هذه السطور لأتناول حدثًا ثالثًا وهو يخص كنيسة العذراء والأنبا صموئيل المعترف بمنطقة أبيس الثورة والتي تتبع إداريًا مركز كفر الدوار بمحافظة البحيرة وكنسيًا قطاع كنائس المنتزه، وهي كنيسة صغيرة تقع في منطقة ريفية بسيطة ويعود تاريخ إنشائها إلى عام 1974، أي منذ 50 عامًا، وتقام بها الصلوات والشعائر الدينية لخدمة أهالي القرية البالغ عددهم حوالي 400 أسرة تعيش فيها وفي 17 قرية مجاورة

 ولما صدر قانون توفيق أوضاع الكنائس وبيوت الخدمات التابعة لها تقدمت الكنيسة بملف للجنة توفيق الأوضاع انتظارًا للموافقة عليه.

 الكنيسة مغطاة بسقف من الصاج، وبما أن السقف تهالك بفعل العوامل الجوية والأمطار بمرور الزمن فقد قامت الكنيسة بعدة محاولات للحصول على تصريح من الوحدة المحلية التابعة لمركز كفر الدوار بإحلال السقف الصاج بآخر خرساني ولكن كل المحاولات باءت بالفشل. وبعد معاناة، حصلت الكنيسة على قرار ترميم من الوحدة المحلية ومعه ترخيص بالترميم صادر من الوحدة المحلية لقرية الأمراء (بأبيس الثورة) معتمد من مركز كفر الدوار وتم تعليق صورة القرار على واجهة الكنيسة ونصه كالتالي: (رخصة بناء وفقًا للقانون رقم 119 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية برقم 144 لسنة 2009 رقم الترخيص 1/2020، بناءً على قرار لجنة المنشآت رقم 114 لسنة 2019 بتاريخ 12/1/2020 صدر الترخيص لكنيسة العذراء والأنبا صموئيل المعترف؛ العنوان أبيس الثورة رقم 3/4 الأمراء كفر الدوار؛ نوع الترخيص معالجة تخصصية للشروخ بالحوائط مع تدعيم السقف – “تصريح بالإنشاء أو التعلية أو الهدم أو الاستكمال أو الترميم أو التشطيبات الخارجية”)

ومرت ثلاث سنوات على صدور القرار ولم تتمكن الكنيسة من تنفيذه وتغيير السقف.

وفي يوم 24/12/2022، حدث ما يشبه الموافقة الضمنية من الأمن فبدأت الكنيسة في إزالة السقف الصاج وعمل الشدة الخشبية للسقف وتغطيتها بشبك الحديد ولم يعترض الأمن وإلى هنا لم يعترض أحد. وحين جاء تنفيذ المرحلة الأخيرة وهي صب الخرسانة الإسمنتية للسقف ورغم أن ما تم عمله كان جهارًا نهارًا تحت عين الأمن وعلى مرأى من الجميع فجأة حدث ما لم يكن في الحسبان

 انشقت الأرض عن تجمهر لسكان القرية والقرى المجاورة وبدأ المسلمون المتشددون بالهجوم على الكنيسة وقذفها بالحجارة والطوب وامتد القذف إلى بيوت المسيحيين المجاورة للكنيسة وتكسير نوافذ وجسم أتوبيس الكنيسة، كما تم حرق أرض زراعية تخص أحد المسيحيين وتوجيه الشتائم للأقباط، وقام الأمن بالتصدي لهم وطلب قوات تعزيز للسيطرة على الموقف.

 وبدلًا من القبض على هؤلاء الرعاع والغوغاء وتقديمهم للعدالة، هؤلاء الذين نحوا القانون جانبًا واستخدموا شريعة الغاب بالاعتداء الغاشم دون أي مبرر أو مسوغات قانونية تخول لهم فعلتهم الشنعاء، طلب الأمن وقف الأعمال. وأنا لا أعلم هل كان هذا للتهدئة أم إرضاءً لهؤلاء الغوغاء. ثم بعد ذلك طرح الأمن استكمال الأعمال في اليوم التالي الموافق 25/12/2022، وفي حراسة الشرطة التي سيطرت على الموقف تمامًا، لكن فوجئ الجميع بتجمع المتشددين المتعصبين مرة أخرى وأخذوا يحتجون ويطلقون الهتافات والألفاظ النابية ضد الأقباط وبصعوبة فض رجال الأمن المتظاهرين وسيطر على الموقف.

 وفي هذه الأثناء، حضر رئيس مركز ومدينة كفر الدوار اللواء عبد العزيز قطاطو ومعه مهندسون من الوحدة المحلية، وكان قد تم صب 70 مترًا خراسانيًا من مساحة 520 متر، وتبقى باقي السقف من الصاج المتهالك. وكانت الطامة الكبرى هي أنه بدلًا من أن يصدر أوامره باستكمال صب السقف الخرساني في حضوره، طالب بوقف استكمال صب السقف بل وصل به الجبروت أن هدد بهدم الكنيسة إن تمت مخالفة أوامره. ووقف استكمال الصب، وحين سأله بعض من الشعب: “كيف نصلي بهذا الوضع؛ جزء صغير من السقف إسمنتي والجزء الأكبر من الصاج وغير مسقوف باستثناء وجود الشدة الخشبية؟” قال لهم: “غطوها بمشمع”

 فبالله عليكم يا سادة هل هذا تصرف صحيح وواقعي من مسئول كبير؟ كيف تتم صلاة هذا الشعب البسيط في مكان عبادة بهذا الوضع بسقف مكشوف تتساقط فوقه الأمطار بغزارة في فصل الشتاء، والتي من الممكن لو تلامست مع الأسلاك الكهربائية أن يتكهرب المكان والمصلون، وقد تتولد عن ذلك حرائق مما ينذر بحدوث كارثة للمصلين من الأسر والنساء والأطفال وكبار السن وحتى للشباب والرجال؟ وضع الكنيسة أصبح لا يسر عدوًا ولا حبيبًا، فلا هو استمر على وضعه القديم ولا هو تم وضع جديد بسقف خرساني كامل (على رأي المثل: زي اللي رقصت على السلم لا اللي فوق شافوها ولا اللي تحت شافوها).

 وحين تقاعس رئيس المركز عن مهامه، كان على نائبة محافظ البحيرة التي تقوم بعمل المحافظ التدخل وعلاج الأمر، أو يتدخل وزير التنمية المحلية والذي كان يشغل منصب محافظ البحيرة في الأمر، ولكن هذا لم يحدث.

 وهنا نطرح عدة تساؤلات: لماذا لم يتم القبض على المتجمهرين والمعتدين على الكنيسة وتقديمهم للعدالة بدلًا من إرضائهم بوقف استكمال سقف الكنيسة؟ لماذا لم يتم التحقيق مع رئيس المركز الذي بدلًا من أن يتدخل ويأمر باستكمال صب السقف طالب بوقف الأعمال وإلا سيقوم بهدم الكنيسة ومحاكمته؟ والتساؤل الذي يطرح نفسه ونحن نؤسس للجمهورية الجديدة وحقوق المواطنة والمساواة بين المواطنين هو: ما ذنب هؤلاء المصريين المسيحيين البسطاء من شعب الكنيسة لكي يؤدوا صلواتهم وعبادتهم ويحتفلوا بأعيادهم تحت الأمطار المتساقطة والجو المتقلب بالنوات والبرودة الشديدة والزوابع، وفي الصيف حرارة الشمس الشديدة ويكونوا معرضين للأخطار؟ إنهم لم يطلبوا سوى أبسط حقوقهم التي نص عليها الدستور والقانون، حقهم في العبادة في مكان عبادة آمن في أمان وسلام. أهي مجازاة لهم لأنهم يرفعون الصلوات والطلبات والتضرعات من أجل سلامة بلادهم كما علَّمهم كتابهم المقدس ودينهم المسيحي ويصلون من أجل الرؤساء والذين في منصب والجند والزرع ومياه النيل من أجل البلاد والعباد؟ أهكذا تكون المكافأة وتكون هدايا العيد والمعايدة لهم يا سادة؟

لذا فالاستغاثة موجهة للسيد رئيس مجلس الوزراء والذي هو أيضًا رئيس لجنة توفيق أوضاع الكنائس لإصدار الأوامر بصب السقف بالخرسانة وسرعة توفيق أوضاع هذه الكنيسة ليمضي هذا الشعب أيامًا هادئة مطمئنة.

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا