العدد 7 الصادر في يوليو
تحريف وتخريف
أحلم باليوم الذي أرى فيه المسيحيين والمسلمين وقد تحاببوا وانتفت من بينهم أسباب الصراع والخلاف، أحلم بوطن يحترم فيه كل الآخر، ويتمتع فيه الجميع بالحرية التي خلقنا الله لنستمتع بها دون ترغيب أو ترهيب، أحلم باليوم الذي فيه نترك الصغار يلعبون معاً في الشارع والحارة العربية دون أن يسأل أحدهم الآخر عن دينه واسمه وهويته، أحلم باليوم الذي تلغى فيه خانة الديانة من البطاقة وجواز السفر، أحلم برجوع الحب المفقود بين أبناء الوطن الواحد بعد أن قتله من نصبوا أنفسهم أوصياء وأولياء وكبار للعائلة المصرية فلقوا حتفهم جزاءاً لهم بما كانوا يفعلون.
ترى هل من الممكن أن يتحقق هذا الحلم الجميل قبل قيام الساعة، حاولت القيام بتقصي الحقائق والبحث من مسببات النزاع والخلاف والصراع فرأيت أن أعظم أسباب الخلاف والصراع بين المسيحيين والمسلمين الآن وكل أوان كان ولا يزال يدور حول كتاب الله، أي كتاب هو؟ ما دون به، ما هو تأويله وتفسيره، وإذا ما كان قد تحرف من عدمه، ولعل فكرة تحريف الكتاب المقدس هي أم الخلاف الذي ترتب عليه كل ما نرى اليوم من صراع. فالإخوة المسلمون يرون أن التوراة والإنجيل قد تحرفا ولم تعد هي ما سلمه لنا المولي تبارك اسمه وهذا كما قلت أساس الصراع. وعليه فإن النصارى في نظرهم يؤمنون بكتاب محرف ولذا فهم المغضوب عليهم والضالون. وبالتالي لابد من هدايتهم بكل الوسائل وحق الجهاد ضدهم. ولو كان المسيحيون قد حفظوا كتبهم من التحريف (كما يعتقد الإخوة المسلمون) لآمنوا أن الإسلام هو الامتداد الطبيعي للمسيحية كما أن المسيحية هي الامتداد الطبيعي لليهودية. ولكفوا المؤمنين شر القتال.
ولذا تطالعنا الصحف والجرائد والمجلات وبرامج التليفزيون والإذاعات كل يوم بسيل من الاتهامات والتعليقات، وقد تصل إلي حد الشتيمة والإهانات ومحاولة إشعال الفتنة بين صفوف الأمة وتفجير الصراعات وكلها تدور حول كتابكم المحرف التوراة والإنجيل.
ولست بمدافع عن كتاب الله التوراة والإنجيل، فكتب الله المنزلة هي منزهة عن كل باطل يأتيها من بين يديها أو من خلفها، وكتب المولى تبارك اسمه تقف شامخة متحدية كل من يحاول العبث بها أو تحريفها، والأنبياء الذين استخدمهم المولى في كتابتها ليسوا في حاجة لأن يدافع عنهم من في الأرض فهم اليوم في سماء أعدها المولى لهم جزاء من عند ربهم بما قاسوا وتحملوا لكي يدونوا لنا الحق كل الحق. وبالتالي فلن أسوق من الأدلة العلمية والروحية والتاريخية والعقلية والمنطقية ما ينفي عن التوراة والإنجيل تهمة التحريف والعبث. مع أن لدي منها الكثير فليس هذا هو المقام، ولكن ما أريده هو أن نكتشف معاً مسيحيين ومسلمين أسباب الداء ونطلب معاً الدواء من رب السماء لنقضى بقية أيامنا في سعادة وهناء ونضع حداً لمشكلاتنا وصراعاتنا ونترك الكلمة الأخيرة للمولى تبارك اسمه لنتجنب العيش في الإرهاب والعذاب.
وللوصول إلى هذا المرام لابد من الإجابة على ثلاثة أسئلة وهي:-
-
لماذا يصر الإخوة المسلمون على مسألة تحريف الكتاب المقدس، ألا يمكن أن يتنازلوا عن استخدام هذه الفكرة ضد أهل الكتاب؟