اخترتم خوفكم من النيل المتكبر العنيد، واندفاعه الشديد، وقوة بطشه؛ فانتصرتم به، وكانت لكم الأرض ربوع ثمار، وخير!
اخترتم خوفكم من الليل وسواده؛ فانتصرتم به، وأطلقتم على أرضكم الأرض السوداء، وتزيّت نساؤكم في القرى والنجوع بالزي الشعبي الأسود الوقور!
اخترتم خوفكم من الآفات الزراعية؛ فانتصرتم به، وزرعتم الأرض الخصبة، كما زرعتم الأرض التي كادت تمعن في عدم الإثمار، وتمنيتم الحصاد الكثير، الذي حصدتموه!
اخترتم خوفكم من رمال الصحراء المترامية الأطراف؛ فانتصرتم به على الأصفر الممتد، وتعلمتم الصبر والصمود والثبات، وعمق التفكير!
اخترتم خوفكم من أسد فرعون، الرابض على بواباته؛ فأنتصرتم به، وبنيتم الأهرامات الخالدة، وأقمتم المسلات السامقة، وشيدتم التماثيل المبهرة!
اخترتم خوفكم من الموت؛ فانتصرتم به، وكتبتم كتاب الموتى “الحياة”، ليكون دليلاً للراحلين إلى العالم الآخر، وصنعتم معجزة التحنيط، والتوابيت العابرة الزمن، في بهاء وجلال!
اخترتم خوفكم من قسوة المعلم؛ فانتصرتم به، وتعلمتم الحكمة والمعرفة، وأطلقتم فجر الضمير!
اخترتم خوفكم من الآتي المجهول، فانتصرتم به، واستقبلتموه بالضحك من القلب، والصلاة: اللهم اجعله خيرًا!
اخترتم خوفكم من الأخطاء والسلبيات؛ فأنتصرتم به، وأطلقتم لسانكم الساخر، وملأتم به تراثكم الشعبي فنًا جميلًا!
يا شعب مصر!
هذه سيرتكم التاريخية الحاسمة في صراعكم مع الخوف، والانتصار به!
فاذهبوا إلى مراكز اقتراعكم، وانتخبوا بخوفكم ما ترتجون؛ فستجدون هناك من يستحق صوتكم، وتجنون ما تحلمون به من ثمار الغد المشرق!