استعدوا أيها الساكنون على الأرض فالسماء تستدعي أبطالها

7

العدد 197 الصادر في فبراير 2022

استعدوا أيها الساكنون على الأرض فالسماء تستدعي أبطالها

في أول أسبوعين من عام 2022، استدعت السماء بأمر المتسلط في مملكة الناس، سبحانه، ثلاثة من أبطال الإيمان الذين خدموا سيدهم بكل عزيمة وقوة وأمانة وإخلاص وهبها لهم الروح القدس.

استدعت السماء الأستاذ الدكتور مراد عزيز بدروس، وتاسوني سونيا زوجة الأب الموقر مكاري يونان، أما الثالث فكان القمص مكاري نفسه. أما عن الأستاذ الدكتور مراد عزيز، فلقد كان الزوج المخلص، والأب المحب الحكيم، رقيق المشاعر الذي يبكي لبكاء طفل صغير. وهو المعلم الموهوب الذي حباه القدير بمَلَكَة التدريس والتأثير الإيجابي النفسي والروحي وحتى الجسدي على تلامذته من كل الأجناس والأعمار والأديان والخلفيات، تلك المَلَكَة السماوية التي تابعته طيلة حياته، سواء في تدريسه في المدارس الثانوية الحكومية، أو في الاجتماعات الكنسية، والمؤتمرات الدراسية الروحية. وهو أيضًا الواعظ البسيط العميق الذي يعيش ما ينادي به ويعظ به الآخرين مقدمًا نفسه قدوة في كل شيء.

وهو الشاعر الذي أحب دراسة الشعر وكتابته وتلاوته، قديمه وحديثه، فكان يتلو الشعر علينا نحن سامعيه عند حديثنا معه في الكثير من الموضوعات التي يتكلم فيها الناس. وهو الرسام الذي استطاع أن يجسد الكثير من الموضوعات بفرشاته وقلمه الرصاص، وهو أيضًا الكاتب الذي دعاه القدير للذهاب إلى بيته الأبدي قبل نشر كتابه الأخير (الإسلام والكذب الحرام). ليس ذلك فقط بل هو الدارس والمدرس للمشورة المسيحية الكتابية، والذي قام في فترة من حياته بتحرير باب المشورة بمجلة “هو وهي”. وهو أستاذ علم التلمذة الروحية المسيحية والذي قام بتدريسه للكثير من أولاد وبنات الله في العديد من البلاد في مختلف القارات، كما أنه الحاصل على درجة الدكتوراه في اللاهوت، والمرتَسَمْ قسًا وكارزًا وأستاذًا بكلية اللاهوت بكنيسة الحصاد الأخير بسان دييجو كاليفورنيا. وهو الكاتب بجريدة (الطريق والحق)، وفوق الكل، بالنسبة لي، هو الأخ الحقيقي الذي يقف مع أخيه في كل المواقف الصعبة، والصديق المحب من كل قلبه لصديقه، والخل الوفي الذي تحلو معه العشرة والجلوس والحديث لساعات طوال. فعندما أراد أخي مراد أن يعبِّر عن محبته لنا، زوجتي وأنا، بمناسبة زفافنا، قرر أن يقوم بنفسه بتصميم دعوة عرسنا، فقام بشراء كمية كبيرة من ورق البردي وقام بالرسم بيديه وكتابة الدعوة بخط يده على كل دعوة – واحدة واحدة – وأهدى لنا مئات النسخ لتوزيعها على المدعوين. وهو أيضًا شريك الخدمة، الجندي الصالح والمجنَّد معنا في الخدمة والمقدام والمضحي لأجل الآخرين هو وزوجته السيدة نبيلة توما، حيث ضحيا كثيرًا وتفانيا في خدمتهما وفتحا قلبيهما وبيتهما للخدمة في اتحاد الشباب المسيحي، الذي شرَّفنا الرب، هما وزوجتي وأنا، والمهندس رياض غالي، والكيميائي اسحق غالي، والسيدة سمية زكي، والدكتور ثروت صموئيل، والسيدة دعاء عياد، ومَنْ جاء بعدهم من الكثير من رجال ونساء الله ممن لا يتسع المجال لذكرهم جميعًا، شرَّفنا جميعًا بالاشتراك في تأسيس اتحاد الشباب المسيحي وإدارته والاستمرار في التفاني في خدمته، فكان بيتهما، بيت السيدة الفاضلة نبيلة توما وزوجها، حبيبنا الذي رقد الأستاذ الدكتور مراد عزيز، في القاهرة هو مقر اجتماعات الاتحاد والمكان الذي انطلقت منه كل خطط الخدمة لمدة سنين عديدة إلى أن سافرا واستقرا في أمريكا.

وكثيرًا ما كنتُ أحاول أن أتعلم من حياة راحلنا الكثير من الفضائل التي حباه الله بها، فقد كان يعمل بجد وبصمت يقدم في الخفاء ولا يطبل أو يزمر لعطائه، ولا تعرف شماله ما قدمت يمينه من عطاء للخدمة والمخدومين.

لدي عشرات القصص التي تؤكد ما أصف به حبيبي الراحل الدكتور مراد، لكن سأكتفي بسرد واحدة منها فقط. عندما بدأنا في تأسيس اتحاد الشباب المسيحي، اتفقتُ أنا والإخوة والأخوات المؤسسون معي على ألا نقبل أي مساعدات من أية هيئات أجنبية، وكنا نؤكد لبعضنا البعض أننا مصريون، نخدم الرب في مصر بين المصريين، وأن الإله الذي دعانا للخدمة في مصر هو الذي سيرسل لنا احتياجات الخدمة المادية من المصريين. كنا، الأستاذ مراد والمهندس رياض وأنا، الأشخاص الثلاثة الذين يعملون في وظائف حكومية، أما بقية الإخوة والأخوات فكانوا لا يزالون في مراحلهم الدراسية. كانت وظائفنا الحكومية تدفع لكل منا جنيهات قليلة كمرتب شهري حكومي، وكان مجموع ما نتقاضاه من وظائفنا نحن الثلاثة لا يزيد عن 110 جنيهات مصرية في الشهر بما فيها بدل طبيعة العمل. وحيث إننا كنا نقوم بإرسال مئات الخطابات التي كانت تحتوي على دروس في الكتاب المقدس شهريًا للذين يحضرون اجتماعاتنا الكرازية، وخاصةً أولئك الذين كانوا يقبلون المسيح مخلِّصًا شخصيًا لحياتهم بتلك الاجتماعات، لذا فقد كان لزامًا علينا أن نقوم بتعيين سكرتيرة للاتحاد لتقوم بهذه المهمة التي لم يكن ممكنًا لأحدنا القيام بها نظرًا لارتباطنا بأعمالنا الحكومية اليومية. كان مرتب أختنا السكرتيرة يومئذٍ 13 جنيه في الشهر، حيث كان المرتب الشهري للشخص الحاصل على البكالوريوس يومها هو 18 جنيهًا مصريًا فقط لا غير. كنا نحاول، مراد ورياض وأنا، أن ندخر من مرتباتنا طوال الشهر 13 جنيه لدفع مرتب أختنا السكرتيرة العزيزة التي كانت تخدم الرب معنا بكل جد وأمانة وقناعة غير ناظرة إلى ما كنا نعطيها إياه من مرتب. وبالرغم من قلة هذا المبلغ الذي كنا ندفعه لأختنا العزيزة، إلا أننا في كثير من الشهور كان يأتي علينا ميعاد الدفع دون أن نكون قد استطعنا توفير هذا المبلغ. كان الحبيب مراد عزيز هو الوحيد المتزوج فينا وكانت زوجته تعمل بأحد بنوك القاهرة، وقد ربتها والدتها، بعد وفاة والدها في سن مبكرة، ونشَّأتها هي وإخوتها على حب العطاء، حيث كانت والدتها بالنسبة لنا هي الأم الفاضلة التي تعلمتُ أنا شخصيًا منها الكثير في خدمة السيد. لكن كثيرًا ما كان يأتي أول الشهر وميعاد دفع مرتب السكرتيرة وأنا خاوي الأيدي والجيوب، وعندها كان مراد يهمس بأذني وهو يضحك من قلبه ويقول لي: “ما يهمكش وما تعلش الهم. مرتب السكرتيرة اتدفع.” فأقول له: “إزاي ومنين؟ مين عطاك فلوس؟” يضحك ويقول لي: “ربنا بعت يا أخي. النهاردة أول الشهر، قبضت المرتب وروحت مكتب الاتحاد، ودفعت مرتبي كله للسكرتيرة، والباقي هتجيب به طوابع بريد لإرسال درس الكتاب.”

أخي الحبيب، لست أدري هل أرثيك أم أبكيك أم أهنئك بسلامة الوصول وشرف تمتعك بلقاء الحبيب يسوع بالعيان. صمتُ لن أفتح فمي لأنك أنت يا سيدي فعلت. لقد جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان، وأخيرًا وُضِع لك إكليل البر الذي وهبه لك الديان العادل. فإلى لقاء قريب، لأنه قريبًا جدًا سيأتي الآتي ولا يبطئ.

أما الدروس التي تعلمتها من حياة الأب مكاري يونان وزوجته الفاضلة ماما “سونا”، كما كان يدعوها الجميع، فهي أيضًا كثيرة لا يمكن إحصاؤها. لكنني الحقيقة تعجبتُ كثيرًا لأن الغالبية العظمى، إن لم يكن الكل، في أحاديثهم وكلماتهم وتعزياتهم في انتقال الأب مكاري، الكل تقريبًا تكلم عنه هو، وعن حياته، وخدمته، ووداعته، وتأثير خدمته على الملايين من المسلمين والمسيحيين، ولم تُذْكَر الفاضلة زوجته الأخت سونا إلا قليلًا. ولكوني خادمًا للرب يسوع المسيح لأكثر من أربعين سنة الآن، فأنا على يقين، وفقًا لما رأيته في حياتي الشخصية في الخدمة للمسيح، وخبرتي الزمنية والفعلية الطويلة معه، وما رأيته في حياة كل خدام المسيح المؤثرين في خدمتهم، بلا استثناء، وخاصةً أحباءنا الدكتور القس مراد وزوجته نبيلة والأب القمص مكاري وزوجته سونا، أن الله لا يستخدم طرفًا واحدًا فقط في خدمته بل يستخدم الاثنين، الخادم وزوجته، ببساطة لأنهما جسد واحد، ولأن ما يحدث مع الواحد يؤثر ويتأثر بدرجة كبيرة بمدى علاقته بالآخر. ويعلم الخدام جميعًا، وأولهم أنا، أن السبب الأول والأساسي في نجاح خدمة الخادم هو صفات وحياة زوجته، وخدمتها معه، ومدى تحكُّمها وضبطها بالروح القدس في حياتها ولسانها وتصرفاتها، وأيضًا في طريقة إدارتها لحياتها وحياة أسرتها وأهل بيتها، فهي المرأة الفاضلة التي تجعل زوجها معروفًا في الأبواب. لذا، وبناءً على ما تقدم، فكل ما سأذكره لاحقًا في هذه الجزئية من مقالي لا ينسحب فقط على الأب الغالي على قلوبنا جميعًا، الأب مكاري يونان، بل على زوجته الفاضلة الأخت سونا التي سبقته إلى المجد بساعات قليلة قبل رحيله ليلتحق بها وبحبيبه يسوع، المرأة الفاضلة التي كان يدعوها كل مَنْ حولها بـ “ماما سونا”، الأمر الذي يدل على حكمتها ومحبتها ورعايتها للآخرين من حولها.

أما الدروس التي لابد أن نتعلمها من حياة خادم الرب الأب مكاري يونان فهي على سبيل المثال لا الحصر:

أ- كان الوالد الراحل رجل صلاة متصلًا بالسماء حيث المسيح جالس، ليس لأجل نفسه وأسرته وخدمته فحسب بل حتى لأولئك الذين لم يكن يعرفهم شخصيًا، وهذا ما حدث معي أنا بالذات. كان لقائي الأول به في حفل استقبال القس الأمريكي “بول كراوتش” مؤسس ومدير قناة “تي بي إن” (Trinity Broadcasting Network)، حفل الاستقبال الذي أقيم في أحد فنادق القاهرة الكبرى، والذي حضره أكثر من 300 خادم وقس وكاهن وقائد للشباب بدعوة من اتحاد الشباب المسيحي.كنتُ أنا بصفتي الداعي لهذا اللقاء والمسئول عن اتحاد الشباب المسيحي أجلس على الطاولة الرئيسية التي كان يجلس عليها القس “بول كراوتش” وزوجته “چان كراوتش”، والقس صفوت البياضي وزوجته الفاضلة إستر البياضي، وكان يجلس بجانبي كاهن أرثوذكسي وقور، والحقيقة لم أكن أعرفه شخصيًا ولم أقابله من قبل، حيث إنه لم تكن هناك فضائيات بعد، ولم يكن هو قد ظهر في إحداها، وكنتُ أنا أعيش خارج مصر لمدة طويلة. والحقيقة أيضًا أنني لم أكن مهتمًا كثيرًا بالتعرف عليه إذ كان لدي الكثير لأعمله وأقوله في تلك الليلة، فقد كان هو بالنسبة لي واحدًا من الكهنة الحضور للحفل ليس إلا، وبالطبع هو أيضًا لم يكن يعرف مَنْ أنا. وبعد دقائق من جلوسه بجواري على الطاولة الرئيسية، وقبل أن يبدأ اللقاء، سألني عن اسمي ومَنْ أكون أنا. أجبته إجابة مقتضبة على قدر سؤاله، فقال لي: “كتب لي اسمك في ورقة لأنني أريد أن أصلي لأجلك.” أخرجتُ ورقة وقلم من جيبي وكتبتُ عليها اسمي وأعطيتها له، وضعها في جيبه وقال لي: “أنت تحتاج إلى صلوات كثيرة وأنا سأصلي من أجلك.” والحقيقة أنني لم أفهم ما عمله هذا الكاهن معي، وكانت لديَّ عدة أسئلة داخلي، سألتُ نفسي: لماذا اهتم هذا الكاهن بأن يأخذ اسمي ليصلي من أجلي؟ هل لأنه عرف أنني زائر من أمريكا وأنني الداعي لهذا الحفل، ولذلك اهتم بي وقال لي إنه سيصلي من أجلي؟ لكن إجابتي بيني وبين نفسي كانت أنه لم يسألني أي سؤال عن أمريكا، أو أي سؤال عن وضعي وعملي في أمريكا، ولم يطلب مني لا عنواني ولا حتى رقم تليفوني ليتواصل معي بعد انتهاء اللقاء. وبعد أن انتهى اللقاء، سألتُ عنه الأصدقاء فقالوا لي إن هذا الأب مكاري يونان، وهو واحد من القلائل من الكهنة الذين يستخدمهم الله في الكرازة وعمل المعجزات وهو أيضًا رجل صلاة.

ب- لم يكن الأب مكاري يونان مصليًا حتى لأجل الذين لا يعرفهم ولم يقابلهم من قبل فحسب، بل كان أيضًا مشجعًا لكل عمل جاد وكان يفرح من قلبه بكل ما يُعْمَل ليُمَجِّد المسيح على الأرض، بغض النظر عن خلفية أو عقيدة من يشجعه. فبالرغم من عدم قربه منا، بصفة شخصية، نحن الذين نصدر جريدة الطريق والحق، إلا أنه قام يومًا ما بكتابة وإرسال كلمة لتشجيعنا، وطلب أن يشترك في الجريدة حتى يحصل عليها بانتظام، وكان هذا بعد أن قرأ أحد أعداد الجريدة.

 قال الأب مكاري في رسالته لنا بالجريدة ما نصه:

حصلتُ بالمصادفة على العدد الأخير من جريدة الطريق، بصراحة حاجة تفرح، خاصةً تحقيقات إنجيل يهوذا، ومقال أكاذيب رواية دافنشي، الرب يبارككم، أريد أن اشترك في الجورنال حتى أحصل عليه بانتظام

القمص مكاري يونان.

ج – الدرس الآخر رسمه قدامنا بكل وضوح وأثبته لنا بطريقة عملية لا تقبل مجال للشك هو ما قاله الروح القدس بواسطة الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس، وهو أن “جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يضطهدون. ولكن الناس الأشرار المزورين سيتقدمون إلى أردأ، مضلين ومضلين.” لقد اضْطُهِد الأب مكاري من قيادات كنيسته كثيرًا، فمنهم من قال عنه، كما قيل عن سيده المسيح، والذي أحبه الأب مكاري بكل قلبه:”إنه ببعلزبول يخرج الشياطين.” قالوا عنه إنه بروتستانتي وكأنها في عرفهم أصعب التهم التي يمكن لأحد أن يوصف بها، أو كأنها سُبة قد ألصقوها به. وقالوا إنه يعلِّم الشباب تعاليم غير أرثوذكسية، ويسمح للمرنمين في اجتماعاته بترنيم الترانيم الإنجيلية، ويسمح لهم بأن يحضروا كنائس إنجيلية. لكن الحقيقة أنه قد تم فيه ما قاله الكتاب المقدس عن شعب الله في القديم عندما كان مضطهدًا في مصر: “لكن حسبما أذلوهم هكذا نموا وامتدوا. فاختشوا من بني إسرائيل.” الفرق الوحيد بين الرئاسات الكنسية اليوم وشعب مصر في القديم أن شعب مصر عندما وجد شعب الله ينموا ويمتد اختشوا من بني إسرائيل أما رئاسات اليوم فلم يختشوا، فخدمة الأب مكاري كانت في نمو وامتداد وازدياد وثمر روحي متكاثر إلى يوم مماته، وهو اليوم وإن رقد يتكلم بعد بحياته، وفي أولاده وفي الفضائيات أيضًا.

وفي النهاية أقول: لقد علَّمنا الأب مكاري أنه لا يمكن أن تكون كاهنًا أو قسًا أو حتى أسقفًا أمينًا ناجحًا في خدمتك ما لم تكن هناك مقابلة شخصية بينك وبين المسيح، وأن مقابلة المسيح ليست مجرد أمر عقائدي وهو لا يتوقف على طائفتك أو معتقدك الشخصي، فمكتوب: “أما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه” من كل قبيلة وشعب وأمة ولسان وطائفة وكنيسة ومذهب ودين.

لقد علَّمنا الأب مكاري يونان قبل رحيله أيضًا أن الذين يدعوهم المسيح لخدمته هم الذين يعرفون أن فضل القوة التي يعملون بها والتي تصاحبهم في كل جزئيات حياتهم يرجع للمسيح الذي خلَّصهم من خطاياهم بدمه ودعاهم دعوة مقدسة لخدمته، وهم المؤثرون الفعالون في محيط دعوتهم وخدمتهم. وهم أيضًا الذين يتحملون الآلام والصعاب بفرح وشكر للمسيح الذي قوَّاهم والذي حسبهم أمناء فجعلهم للخدمة. أولئك الذين لا يغلبهم العالم ولا الأشياء التي في العالم بل هم الذين يغلبون العالم لأنهم يعلمون الحقيقة، كما عبَّر عن ذلك الأب مكاري يونان في ترنيمته، “لكن أنا مش من هنا”. هم أيضًا الذين يعطون المجد للمسيح في كل ما يعملون. هم الذين دائمًا ما يكونون لغزًا غير معروف الحل بالنسبة للعالم لأن العالم لا يعرفهم.

وأخيرا أقول: علَّمنا الأب مكاري أن الذين يدعوهم المسيح لخدمته وملكوته وأمجاده هم الذين يتعدون حدود الطائفية والتحزب والغيرة ويخرجون من أنفسهم إلى العيش معه ومع كنيسته العامة الواحدة الجامعة الرسولية وهم على الأرض.

فيا أيتها الأرض استعدي، فعن قريب جدًا سيأتي الآتي ولا يبطئ، فالآن قد وُضِعت الفأس على أصل الشجر، فكل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا تُقطع وتُلقى في النار. وقريبًا سيأتي الذي رفشه في يده وسينقي بيدره ويجمع قمحه إلى المخزن، وأما التبن فيحرقه بنار لا تُطفأ. أخي وصديقي مراد، أستاذي وحبيبي الأب مكاري وتاسوني سونا، هنيئًا لكم السماء وإلى لقاء قريب.

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا