الحياة مع طفلي: كيف يتعامل الأهل مع طفلهم المتوحد إن تعرض لمرحلة الانتكاسة؟

5

هايدي حنا

أهلًا بكم في جولة جديدة داخل حياة طفلك، فيها نُكمل جولتنا بداخل حياة الطفل المتوحد. سابقًا تناولنا كيفية التعامل معه، وكيف نستعد للتغييرات الجسدية التي تحدث له وهو على أعتاب مرحلة المراهقة. أما في جولتنا هذه، فسوف نتوغل بداخل مرحلة من أصعب المراحل التي يمكن أن يتعرض لها الطفل المتوحد وهي مرحلة الانتكاسة، فما هي تلك المرحلة؟ وما هي أعرضها؟ وكيف يتعامل معها الأهل؟… كل تلك الأسئلة سوف نتجول حولها خلال رحلتنا هذه. استعدوا سنبدأ…

أولًا: ما هي مرحلة الانتكاسة؟

هذه المرحلة يتعرض لها الطفل وهو على أعتاب المراهقة وهذا بسبب التغييرات الهرمونية التي تحدث له خلال تلك الفترة كما سبق وأشرنا في جولتنا السابقة، وهي مرحلة أما يتراجع فيها عن مهارة قد سبق واكتسبها بعد تدريب طويل، أو يصاب بنوبات لم يكن يتعرض لها من قبل.

من مظاهر الانتكاسة:

1)     مشاكل سلوكية مثل العدوانية ونوبات الغضب والانفعال الشديدة.

2)     مشاكل إدراكية: منها، تراجع أو فقدان الحصيلة الإدراكية المعرفية وعدم التطور الأكاديمي بعد ما كان يتمتع بها قبل فترة البلوغ.

3)     مشاكل صحية: قد يعاني من نوبات صرع خلال هذه الفترة.

4)     مشاكل في التواصل: خلال هذه الفترة، وبسبب التغييرات في الهرمونات قد تؤدي إلى فقدان مهارات التواصل التي سبق وتعلمها، وهذا نتيجة فقدانه لمهارات اللغة والكلام وهو ما ينعكس بالتبعية على مهارات التواصل والحوار مع الآخر، وقد يلجأ حينها إلى التواصل عن طريق الإيماءات وإصدار الأصوات بدلًا من الكلام. ويمكن أن تتسبب هذه المشكلة في زيادة مشكلة نوبات الغضب لديه عندما يجد أن الذين مَنْ حوله لا يفهمون ماذا يريد.

والجدير بالذكر أن تلك المظاهر السابق ذكرها لا يُشترط أن يعاني منها كل الأطفال الذين يعانون من التوحد وهم على أعتاب المراهقة، فقد يعاني منها البعض بينما لا يعاني البعض الآخر منها.

كيف يساعد الأهل طفلهم كي يتخطى أزمة  مرحلة الانتكاسة إن تعرض لها؟

أولًا: فيما يخص فقدانه لمهارة التواصل، على الأهل عدم الاستسلام أو الشعور بالإحباط بسبب فقدانه لهذه المهارة، خاصةً إن كان اكتسبها بعد مسيرة طويلة من التدريب، لكن عليهم تشجعيه على التحدث من خلال التفاعل المستمر معه بل وإشراكه معهم في الحوار، حيث إن بعض الأسر تنسى وجوده من الأساس طالما لا يصدر أي صوت. فحتى إن كان لا يشارك في التواصل معهم عليهم بدء حوار يثير فضوله، مع الصبر عليه في رد فعله البطيء في الحوار حيث إنه بسبب فقدانه لمهارة التواصل ستكون عملية استرجاع ذهنه للكلمات المناسبة صعبة وبطيئة مما قد يسبب صمتًا لوقت فيه يحاول الوصول للجملة المناسبة، وقد يلجأ للتأتأة بسبب محاولته تجميع الكلمة بذهنه لنطقها بصورة سليمة…، لذا من المهم الصبر عليه بل وتشجيعه ومساعدته من خلال استكمال الكلمة التي يحاول أن ينطقها معه.

كما يمكن للأهل أن يوجهوا أسئلة مباشرة له، على أن تكون هذه الأسئلة سهلة وقصيرة وتحتاج لرد بسيط جدًا، لأنه إن وجد الطفل المتوحد صعوبة في الرد عليها ستزداد حالته سوءًا، حيث يظهر الإصرار على عدم التواصل بالكلام ويكتفي بالإيماءات وإصدار أصوات غير الكلام فهذه حاليًا دائرة الراحة بالنسبة له.

وإن شعر الأهل إنهم غير قادرين على التعامل مع هذه المشكلة بمفردهم يجب أن يتخذوا الإجراءات لإلحاق طفلهم المتوحد بمركز لعلاج النطق مما يسهم في منع الفقدان التام لمهارات التواصل.

ثانيًا: فيما يخص نوبات الغضب والانفعال، عليهم اتخاذ الخطوات التي سبق وتجولنا فيها خلال جولتنا في كيفية التعامل معه خلال نوبات الغضب.

ثالثًا: فيما يخص التعامل المشاكل الإدراكية، على الأهل في هذه الحالة استشارة الطبيب الذي يتابع حالته للحصول على التشخيص السليم لتلك الأعراض والحصول على العلاج المناسب وفقًا لحالته، حيث إن ظاهرة تراجع الحصيلة الإدراكية والأكاديمية يختلف مستواها ودرجة قوتها من طفل لطفل، بدايةً من التراجع البسيط حتى فقدان تلك المهارة بصفة عامة. لذا على الأهل اللجوء لطبيب متخصص والأفضل أن يكون متابعًا لحالة طفلهم من البداية فيكون ملمًا بكل تاريخه الطبي – السيرة المرضية للطفل – وذلك لتشخيص درجة التراجع التي وصل لها طفلهم ووصف العلاج المناسب له، سواء كان طبيًا أو سلوكيًا.

بهذا نكون وصلنا لنهاية جولتنا حول تلك المرحلة، تاركين لكم سؤالنا الأخير لجولاتنا هذه؛ هذا السؤال حول الأسرة التي ترعى وتهتم بطفل متوحد وهو: “أين الأهل من هذا كله؟” أو بعبارة أخرى: “ما هي الحالة والإجهاد النفسي والجسدي التي يمر بها الأهل الذين يهتمون بطفلهم المتوحد؟ وكيف يعتنون بصحتهم النفسية من أجل الاستمرارية في الاعتناء بطفلهم حتى يصل لمرحلة الأمان؟” هذا ما سوف نتجول فيه الجولة القادمة في حياة طفلك. استعدوا سننطلق…

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا