مَجْمَعْ الشيطان وأحداث هذا الزمان

145

دخل الشيطان، الرئيس الأعظم لمملكة إبليس، الحية القديمة، إلى قاعة الاجتماعات الكبرى لمجمع الشيطان وجلس على كرسيه المعروف بـ “كرسي الشيطان” في الأجواء الروحية العليا في السماويات لمدينة برغامس القديمة، المكان الذي تم تحديده في تنزيل الحكيم العليم بالقول “حيث الشيطان يسكن”، وهو ذات المكان الذي قُتل فيه أنتيباس شهيد المسيح الأمين، وفقًا للرسالة التي وجهها العليم بكل شيء إلى ملاك الكنيسة التي في برغامس قائلًا:” أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، وَأَيْنَ تَسْكُنُ حَيْثُ كُرْسِيُّ الشَّيْطَانِ، وَأَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بِاسْمِي وَلَمْ تُنْكِرْ إِيمَانِي حَتَّى فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا كَانَ أَنْتِيبَاسُ شَهِيدِي الأَمِينُ الَّذِي قُتِلَ عِنْدَكُمْ حَيْثُ الشَّيْطَانُ يَسْكُنُ.” ومدينة برغامس هذه هي المكان الذي تجمعت فيه هياكل معظم الآلهة الوثنية والعبادات الشيطانية كهيكل زيوس، وأبوللو، وأثينا، وديونيسوس، وأفروديت، وغيرها.

جلس الشيطان الرئيس على كرسيه منفعلًا، والنيران تخرج من عينيه وأذنيه، وقد تبعه رؤساء وسلاطين وولاة العالم، المسئولون عن بعض الأقسام الشيطانية في السماويات، والذين ذكرهم الإنجيل بقوله: “فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ، عَلَى ظُلْمَةِ هَذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ.”

دخل الشيطان الرئيس يتبعه رؤساء الأرواح الشريرة جميعًا، الذين هم مجمع الشيطان، والذي حذَّر منه المولى ملاك كنيسة برغامس منذ ألفي عام، أي أولئك الذين يقولون عن أنفسهم إنهم يهود وهم ليسوا يهودًا، كما جاء بقوله تعالى: “أَنَا أَعْرِفُ أَعْمَالَكَ وَضَيْقَتَكَ، وَفَقْرَكَ مَعَ أَنَّكَ غَنِيٌّ وَتَجْدِيفَ الْقَائِلِينَ إِنَّهُمْ يَهُودٌ وَلَيْسُوا يَهُودًا، بَلْ هُمْ مَجْمَعُ الشَّيْطَانِ.” ظل رؤساء الأقسام الشيطانية واقفين في حالة من الاضطراب حتى جلس إبليس الرئيس على كرسيه فتبعه في الجلوس كل أعضاء مجمع الشيطان الحاضرين الاجتماع والمكون من: روح التدين، روح الخوف، روح الغي، روح الكذب، روح الضلال، روح القتل والعنف، روح رئيس مملكة فارس، روح ضد المسيح.

بدأ الرئيس بالقول: “باسمي أنا الشيطان الأعظم، إله هذا الدهر، رئيس سلطان الهواء افتتح هذه الجلسة.” ثم قال: “من الواضح أننا على شفا حفرة من النار وبداية أحداث عالمية خطيرة، عظيمة، وجديدة، ومن الواضح أن لنا زمانًا يسيرًا قبل أن نواجه نهايتنا المرة القاسية التي لا مفر من مواجهتها والتي كتبها علينا عدونا الأعظم، المكروه منا جميعًا، والمعروف بأنه الإله المتسلط في مملكة الناس، وحيث إنه لا يزال لنا زمانًا يسيرًا قبل أن ينفذ فينا الحكم المكتوب علينا بالإلقاء في جهنم النار إلى أبد الآبدين فلا بد من استغلال هذه الفترة الزمنية القصيرة في عمل أقصى ما نستطيع عمله من جهد حتى نضمن الفوز بأكبر عدد ممكن من بني البشر إلى جانبنا وربطهم بنا ليكونوا معنا إلى أبد الآبدين، وبعد التفكير العميق في الأمر. وحيث إن لنا جيوشًا وأتباع في كل بقاع العالم، وقد تمكنا من إشعال نار الحروب في أماكن كثيرة على الأرض، رأينا أن نركز سهم أعمالنا في هذه الفترة إلى قلب عدونا بالاعتداء على الشعب الذي أحبه واختاره من بين جميع أمم الأرض والذي دعاه شعبه، وأسكنه أرضه، الأرض التي اختارها هذا المسمى إلوهيم لنفسه دون سائر بقاع الأرض، وحفظها، ووعد الشعب بها، منذ أن دبر ونفذ خطته، واختار الشخص الذي أكرهه أنا من كل قلبي، وهو إبراهيم، الذي دعاه خليله، والذي وعده بأنه يملِّكه هو ونسله هذه الأرض إلى الأبد، والتي طرد منها عدونا إلوهيم كل الشعوب الأخرى، وقد عملنا جميعًا أنا وأنتم كرؤساء للفروع المختلفة في مملكتنا العظيمة على اضطهاد هذا الشعب المعاند صلب الرقبة لقرون وقرون، حيث كنتُ دائمًا أحاول أن أعرف من هو هذا الرجل الذي سيأتي من نسل المرأة حواء، والذي كان عدونا إلوهيم، هذا المسمى بالعربية الله، يتكلم عنه لحواء بعدما استطعتُ بمكري وحيلتي وكذبي وخداعي لها ولآدم زوجها أن أجعلهما يأكلان من الشجرة المحرمة في الجنة، وجعلتُ عدونا، إلوهيم، يغضب على هذا الشعب لأنهم لم يسمعوا كلامه بل سمعوا بكل فخر كلامي أنا، ورآهم يعبدونني في صورة آلهة كثيرة من حجارة وخشب وذهب وغيرها، وفي وجهه كانوا يجدفون عليه، فكسرهم، وفرق شملهم، وبعثرهم في كل بلاد العالم. لكن بالرغم من كل هذا، فمن الواضح أن ما قاله لإبراهيم، ولابنه إسحق ويعقوب والأسباط ومَنْ تبعوهم من الأنبياء، عن توبتهم له ورجوعهم إليه واعترافهم به ربًا ومسيحًا أصبح قريبًا جدًا على الأبواب، لذا اجتمعتُ بكم الآن، في هذا الاجتماع العاجل، لمعرفة خطة كل منكم في إشعال منطقة الشرق الأوسط مرة أخرى بالنار والإبقاء على سعيرها ملتهبًا بالسطو المسلح والقتل والخطف لرهائن من كل الأطراف المتحاربة في المعركة التي رتبتُ لحدوثها منذ شهور عديدة والتي ستبدأ سريعًا بين إسرائيل والفلسطينيين، وخاصةً المتواجدين في غزة، حيث أن غزة بالذات كان لها تاريخ مشرف بالنسبة لمملكتنا من المقاومة لهذا الشعب البغيض المسمى إسرائيل، منذ أن ضرب غزة يشوع بن نون القائد العسكري لموسى والذي حل مكانه في قيادة هذه الجماعة الشريرة والمغضوب عليها منا جميعًا، إسرائيل. فقد جعلتُ أهل هذه المنطقة في القديم ينزلون على أرض إسرائيل، مرات عديدة، ويتلفون غلة الأرض إلى مجيئك إلى غزة المدينة العاصية ولا يتركون لإسرائيل قوت الحياة ولا غنمًا ولا بقرًا ولا حميرًا. وأهل غزة هؤلاء هم مَنْ جعلتهم بمكري ودهائي ينتصرون على شمشون الجبار، وجعلتُ كتاب قضاته يَكْتب عن هذه الحادثة ما نصه: “فأخذه الفلسطينيون وقلعوا عينيه ونزلوا به إلى غزة وأوثقوه بسلاسل نحاس وكان يطحن في بيت السجن.”

كان الشيطان الرئيس يتكلم بكل فخر وعظمة وكبرياء عن انتصاراته على شعب إسرائيل فقط، متجنبًا الكلام عن هزيمته وهزيمة مملكته أمام شعب الله القديم إسرائيل في معارك لا حصر لها.

أكمل الشيطان الرئيس كلامه بالقول: “وهكذا ستمتد الحرب الحالية التي سوف أشعلها وإياكم بين الفلسطينيين واليهود إلى أبعد مما يتوقع أو يتخيل أي بشر على الأرض وخاصةً في هذه المنطقة، بل ويسعدني أن أصرح أنها ستبدأ ولن تنتهي، وستزيد عدد الهالكين الذاهبين معنا إلى المصير الأبدي من الطرفين، لكن، وبكل أسف، ستمتد إلى أن تأتي أحداث النهاية لهذا العالم، حيث سنواجه جميعًا مصيرنا الأبدي المحتوم.”

رفع روح الضلال يده بسؤال للرئيس إبليس، وبعد أن أذَنِ له إبليس بالكلام، قال روح الضلال: “لماذا نبدأ نحن هذه الحرب الآن بين اليهود والفلسطينيين إن كنا نعلم أنها حرب خاسرة لن نكسب فيها نحن، أي مملكتك الكبيرة العظيمة، سوى بضعة آلاف من النفوس ليذهبوا معنا للنهاية المحتمة علينا، لكن هذه المعركة ستقربنا في الوقت نفسه من أحداث النهاية التي نخشاها جميعًا والتي نتمنى أن تبعد المسافة والمدة بيننا وبينها فلا نذهب قبل الوقت المحتوم إلى ذلك المصير المشئوم؟”

أجاب الشيطان الرئيس: “لأن هذا هو الوقت الأمثل بالنسبة لنا نحن لنبدأ فيها الحرب، وذلك للأسباب التالية:
أ- لأنه ليس لنا أن نعرف أو نتحكم في الأزمنة والأوقات، فليست هناك قوة إنسانية أو حتى شيطانية يمكن أن تقرر لعدونا إلوهيم متى وكيف وماذا يفعل، فهذا لم يُعط لنا، لكننا نستطيع فقط أن نخمن، ونحلل الأمور، ونفهم منها قرب زمان حركته لمجيئه لهذا العالم، وهو، كما نعرف جميعنا، إن قضى إمرًا كان مقضيًا فمن يستطيع مراجعته أو إثنائه عن ما يريد أن يفعل؟

ب- الأمر الثاني الذي يؤكد أن هذا الوقت هو أنسب الأوقات للحرب بين إسرائيل والفلسطينيين هو أننا تمكنا بفضل حكمتي وقوتي ودهائي وسلطاني، ومساعدتكم طبعًا، من استنزاف موارد ومصادر العالم كله من أموال ومدخرات وخاصةً بعد ما ضرب صديقنا، ڤيروس كورونا، الأرض وما عليها ومَنْ فيها فأضاف إلى مملكتنا الملايين ممن ماتوا غير مؤمنين أو منضمين لمعسكر عدونا المسيح وحطم اقتصاد العديد من الدول بحيث لن تقوم لها قائمة بعد اليوم.

ج- أما الأمر الثالث فهو أن شر الإنسان، بفضل عملنا الدؤوب، قد وصل إلى السماء، إلى قمته في كل المجالات، فما من شك أن الأرض ومَنْ عليها في أقصى درجات شرها وبُعدها عن عدونا المسيح، منذ أن أهلكها الطوفان أيام نوح، فكما قال عدونا إن زمن مجيئه الثاني ونهاية العالم سيكون الناس فيه كما كانوا في أيام نوح وأيام لوط، فكما كان في أيام نوح كذلك يكون أيضًا في أيام ابن الإنسان. كانوا يأكلون ويشربون ويزوجون ويتزوجون إلى اليوم الذي فيه دخل نوح الفلك وجاء الطوفان وأهلك الجميع. “كذلك أيضًا كما كان في أيام لوط كانوا يأكلون ويشربون ويشترون ويبيعون ويغرسون ويبنون. ولكن اليوم الذي فيه خرج لوط من سدوم أمطر عدونا إلوهيم نارًا وكبريتًا من السماء فأهلك الجميع. هكذا يكون في اليوم الذي فيه يظهر ابن الإنسان.” فلقد نجحنا في ملء العالم بالملحدين الناكرين لوجود إلوهيم من الأصل، وجعلنا بعضهم يعملون لي أنا شخصيًا صورًا وتماثيل ليعبدوني بدلًا منه، ونجحنا في قتل الملايين من الأطفال في بطون أمهاتهم وإجهاض الأمهات بمحض اختيارهن قبل أن يلدن أطفالهن، ونجحنا في نشر المفهوم الصحيح، من وجهة نظر مملكتنا، في أن يختار الإنسان، بل قل الطفل، إن كان يريد أن يكون ذكرًا أو أنثى، متحديًا بذلك مشيئة إلوهيم في خلقه عن طريق ضم البلايين من البشر لمعسكرنا الناشط في السيطرة على خليقته.”

سكت الشيطان الرئيس برهة ثم قال بحزن ويأس لرؤساء الأقسام الشيطانية المجتمعين معه: “أعلم ما تفكرون فيه بعد سماعكم كلامي هذا. ألستم تفكرون في أن الحقيقة هي أنه لا يستطيع أحد منا أن يجبر عدونا إلوهيم على شيء، بل هو الذي أسلم كل أصحاب المجموعات التي ذكرتها سابقًا إلى ذهن مرفوض حتى يفعلوا ما لا يليق، ولولا سماحه لنا، لحكمة تعلو فهمنا، بأن نضل الناس ما استطعنا لذلك سبيلًا؟”

هز رؤساء الأقسام الشيطانية رءوسهم بالموافقة، فأكمل الرئيس: “ليس من المهم إن كان هو الذي سمح لنا أم لا، المهم بالنسبة لنا هو أننا استطعنا أن نضل كل هذه البلايين منذ بداية الخليقة حتى الآن، لكن المصيبة الكبرى التي نريد أن نتجنبها الآن وبكل إمكانياتنا هي أن المسيح عدونا، الكلمة الذي ظهر في الجسد، لا يكف هو أيضًا عن أن يضم إلى جماعته الآلاف بل الملايين من التائبين الراجعين إليه من كل دين وقبيلة وشعب وأمة ولسان كل يوم، فهو كعادته مستعد أن يقبل كل الراجعين التائبين إليه ويردهم لملكوته السماوي كما وعدهم، وبذلك نخسر نحن ومملكتنا هؤلاء الناس إلى الأبد ولا يمكن استردادهم مرة أخرى، فكما تعلمون جميعًا أن الذين في يد المسيح عدونا لا يستطيع أحد أن يخطفهم منه.
د- هذه الفترة أيضًا هي أنسب الفترات الزمنية لنشعل فيها النار في شعب عدونا، حيث شغلت قواتنا الإبليسية العالم كله تقريبًا بالحروب بين قواتها، فلم تعد منطقة الشرق الأوسط هي المنطقة الساخنة الوحيدة كما كانت قبلًا على مر السنين، وإذا تركنا الحال على ما هو عليه الآن فستحدث مباحثات ومعاهدات واتفاقات وتطبيعات في العلاقات بين إسرائيل، شعب عدونا، وبين شعوبنا التي تعبنا كثيرًا في إضلالها وإقناعها، وخاصةً المسلمين منهم، بأن أعداءها الوحيدون في العالم هم اليهود الصهاينة، وأخشى ما أخشاه هو أن يتم تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسودان والسعودية ودول الخليج وغيرها.

هـ- لا بد من التدخل بمجموعة مسلحة جديدة أو قديمة بعد أن خفت صوت تنظيم القاعدة وداعش والكثير من الكتائب التي كانت نشطة في يوم من الأيام، فإن لم نتدخل في هذا الوقت بجماعة كحماس ونزج بها في وسط معركة كبيرة ونجعلها تبدأ بالهجوم على إسرائيل، حتى مع علمنا وعلمهم الكامل أن بداية هجومهم بأي شكل من الأشكال سواء على المدنيين أو العسكريين الإسرائيليين ستجعلهم يفقدون الآلاف من جنودهم وشعبهم والمليارات من ميزانيتهم، لكن هذا لا يعنينا، فما تصبو إليه مملكتنا هو تحويل الأرض إلى جحيم، والحصول على أكبر عدد من القتلى الذين نريد أن نضمن وصولهم قبلنا إلى جهنم النار حتى لا يصل إليهم أحد المؤمنين بالمسيح ويخدعهم برسالة الخلاص والنجاة من النار ثم يجندهم ويستخدمهم ضدنا في جيش عمانوئيل عدونا.”

التفت إبليس الرئيس إلى روح التدين وقال له: “من الواضح أن سلاحك هو من أول الأسلحة التي لا بد أن تعمل لحرث الأرض وتجهيزها للحريق الآتي، فماذا أعددت للمعركة القادمة؟”

قال روح التدين: “سيدي الرئيس، نحن في سلاح التدين نعرف تمامًا عقلية الشرق أوسطيين، وقد اكتسبنا خبرات كبيرة بفضل توجيهاتك وقيادتك لنا في إقناع الناس، بواسطة أرواح التدين، لعمل كل ما نريده منهم دون نقاش أو تفكير.”

قال الرئيس: “قل لنا خططكم العملية في هذا الأمر.”

قال روح التدين: “لقد أقنعنا الناس في هذه المنطقة بأن الدين أمر أساسي وخطير لا بد من اعتناقه والسير القويم بحسب تعاليمه، وقسمنا أرواح التدين التي أتشرف برئاستها تحت قيادتكم الحكيمة إلى عدة أقسام تعمل مع أصحاب الديانات المختلفة، فهذا قسم اليهود، لعنة عظمتك عليهم، وهذا قسم المسيحيين عليهم وعلى إلههم اللعنة أيضًا، وثالث هو قسم المسلمين، وهم أيضًا ملعونون منا باسمك أيها الشيطان الأعظم، فكل مَنْ لا يتبعك من كل قلبه نقوم بلعنه، بغض النظر عن كونه يهوديًا أو مسيحيًا أو مسلمًا، وأقنعناهم بأن مولاهم الله اختار الإسلام ليكون آخر الأديان التي أرسلها عدونا إلوهيم إلى الأرض، ووعدناهم بأن عدونا الله سيجعل الإسلام ينتشر في كل الأرض وسيرون هم بعيونهم الناس يدخلون في دين الله أفواجًا من كل بلد في العالم، وأقنعناهم بأن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تحقق مشيئة الله هذه بانتشار الإسلام هي الجهاد، الجهاد، الجهاد ولا غير الجهاد والسلاح وسيلة، وأن كل مَنْ يموت في معركة مع المسيحيين واليهود سيضمن الدخول إلى الجنة دون حساب، وسيستمتع بحور عين وأولاد مخلدين.” وأكمل رئيس روح التدين كلامه بالقول: “وداخل كل قسم من هذه الأقسام الثلاثة توجد أقسام فرعية أخرى، فداخل اليهودية يوجد اليهود الأرثوذكس وهم أصعب الناس تمسكًا بيهوديتهم، ثم يأتي بعدهم اليهود المسيحيون ممن آمنوا بعدونا المسيح إيمانًا قلبيًا وانضموا إلى معسكره، ثم هناك اليهود الليبراليون المتحررون من الدين بكل أشكاله وهؤلاء هم الغالبية العظمى من اليهود على مستوى العالم.”
سأل الرئيس: “وماذا عن المسلمين؟”

قال روح التدين ورئيس قسم المسلمين المتدينين: “كما شرحتُ لعظمتكم سابقًا، هؤلاء أيضًا أقنعناهم بأن الدين عند الله الإسلام، ومَنْ لم يمت مسلمًا لن يُقبل إيمانه يوم القيامة، وأنهم خير أمة أخرجت للناس، وأنه لا بد لهم أن يعدوا لأعدائهم ما استطاعوا من قوة ومن رباط الخيل ليرهبوا به عدو الله وعدوهم، وأن مَنْ رأى منهم منكرًا لا بد أن يقوِّمه بيده وإن لم يستطع فبلسانه وإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان. كذلك فقد أقنعناهم بأن الإسلام دين ودولة، وأن كل الدول في كل العالم إن لم تحكم بما أنزل الله من شريعة في القرآن كتابه الكريم، حتى لو لم تكن لهذه الدول علاقة بالإسلام ولا تدين به، فإن أهلها يصبحون بذلك من الكافرين الفاسقين ويحق ضدهم الجهاد، وحوَّلنا عيونهم من عمق وأهمية الشركة الروحية الشخصية والاتصال الروحي المباشر، غير المنظور، بينهم وبين الله عدونا إلى كل محسوس وملموس، والنطق بشهادتين والصوم برمضان والصلاة خمس مرات والحج والزكاة وغيرها. ودائمًا نقوم بتحميل البشر جميعهم بالشعور الذنب إن هم أخفقوا في تنفيذ ما أقنعناهم به أنه من عند الله، وأغلقنا عليهم باب الحديث إليه، وأشعرناهم بالذنب العظيم إذا تجرأ احد أن يفكر بأنه يمكن أن يتكلم مع عدونا الله شخصيًا، أو قال أو كتب حتى مقالًا بعنوان “حديث مع الله” كما حدث مع الكاتب الكبير توفيق الحكيم، فأقمنا الدنيا ضده ولم نجعلها تقعد، واتهمناه بالكفر والخروج عن الدين حتى اعتذر عما صورناه للناس بأنه غلطة لا تُغفر بأن فكر أن يجرى حديث مع الله، وقدمنا لهم أسماء عدونا الله وأسميناها “أسماء الله الحسنى” وحرصنا على أن تخلو قائمة أسماء الله الحسنى هذه، والتي اعتمدها علماؤهم وعلموها للناس ورددوها، على أن تخلو من اسم الله الآب، والله محبة. وصوَّرنا لهم عدونا، الله، بأنه الجبار المتكبر العظيم العليم الحكيم الماكر الجالس في عرشه ليحسب للناس خطاياهم وزلاتهم وليلقي بهم في النهاية في جهنم النار، واشترى الناس هذه الأكاذيب وآمنوا بها وبلعوا الطعم. وقلنا لهم إن الله كتب عليهم أعمارهم وأقدارهم وعلقها في أعناقهم كتابًا موقوتًا، لذا فكلما عذبنا أحدًا منهم بالقول أو الفعل أرجعوا الأمر إلى الله وقضائه وقدره، وعندما تعدم الأم أولادها في المعركة غير المتكافئة في فلسطين نقنعها أن أولادها شهداء، أحياء عند ربهم يرزقون، فتمشي في جنازتهم وتزغرد لأنهم حصلوا على شرف دخول الجنة، ووعدنا القتلة والإرهابيين بجنات تجري من تحتها الأنهار، وحور عين لم يطمثهن بشر، وأولاد مخلدين يقدمون لهم الخمر والتمر واللبن. سيدي الشيطان الأعظم، لقد أوحينا إلى الخوميني قديمًا بأن يضع مفاتيح من البلاستك في رقاب الأطفال والصغار ويقنعهم أنها مفاتيح الجنة لضمان دخولها، ولا زلنا نفعل هذا بطرق مختلفة، وربيناهم على أن أكثر الطرق ضمانًا للدخول إلى الجنة المزعومة هي قتل أكبر كمية من المغضوب عليهم والضالين، اليهود والنصارى، وقد جعلنا كل ما تقدم يصبح مادة تعليمية يدرسها ويمتحن فيها الطلبة، الكبار منهم والصغار، وألهبنا أرواحهم حتى يتسابقوا في حفظ هذه المواد وصوَّرنا من الصغار الذين ملأت الكراهية لعدونا، الله ولخلائقه الآخرين، قلوبهم كأبطال يثابون، يلتقط لهم الكبار الصور وهم يحملون السلاح، وزرعنا في قلوبهم منذ نعومة أظفارهم الكراهية لكل مَنْ يخالفهم في الدين والعقيدة، وعلمناهم كيف يلقون النكات ويتنمرون على كل تلميذ، ولو في صفه الأول الدراسي، تتدلى من رأسه خصلة شعر أو يلبس اليمكة اليهودية أو يُعْرَف أنه مسيحي، وهكذا يستمر الحال إلى أن يصبح هذا الطفل شابًا. باختصار جعلنا من حياة الجميع جهنم على الأرض عملًا بأوامرك الرشيدة حيث إننا لا محالة ذاهبون إلى جهنم عندما يملك ويحكم عدونا الأرض والسماء وتنتهي فترة وجودنا على وضعنا الحالي.”

صرخ الشيطان الرئيس في روح التدين وقال: “اخرس. لقد تم التنبيه عليك وعليكم بألا يذكر أحد منكم أمامي ولا ينطق بأي كلمة عن مصيرنا الأبدي.”

سأل الشيطان الرئيس روح التدين قائلًا: “لا شك أن أصعب مجموعة يمكنكم أن تتعاملوا معها وتقنعونها بأفكارنا وخططنا لهذه المعارك التي نحن على وشك إشعالها وتكسبونهم في صفكم هم المسيحيون الحقيقيون المولودون ثانيةً من عدونا إلوهيم، فهم الذين ينتمون لعدونا المسيح باتصال مباشر بواسطة روحه النجس الذي يطلقون عليه هم في مسيحيتهم الروح القدس، حتى أصبحوا جزءًا من لحمه وعظمه كما يقول إنجيلهم.”

قال روح التدين: “هذا صحيح، فإن أكثر جماعة نخشاها نحن الشياطين ونخشى التعامل معهم هم المسيحيون المولودون ثانيةً من عدونا الله، لكن دعني سيدي الشيطان الأعظم، وأنتم أعلم مني بما أقول، أبشر عظمتكم بأن المسيحيين ورياساتهم وقادتهم ليسوا كما كانوا منذ عشر سنوات أو عشرين سنة، فلقد نجحنا بفضل قيادتك لنا أن نلهي ونشغل رئاساتهم وقياداتهم وقسوسهم وشيوخهم بأشياء كثيرة لا علاقة لها بالروحيات، بل بمن سيربح الانتخابات الرئاسية في كل طائفة ومذهب، ومَنْ سيسافر أمريكا عدد مرات أكثر من غيره كل عام، وأدخلنا في وسطهم الاتجاه الليبرالي للتعامل مع الأمور، وأقنعناهم بأن الصوفية هي طريقة أخرى بجانب المسيحية للوصول لله عدونا، وأن المسيح كان صوفيًا ومن تلاميذه مَنْ كانوا صوفيين أيضًا، فنجحنا في تشويش أذهانهم وفي إحداث انقسامات وشروخ كبيرة بينهم لا يمكن أن ترمم أو تصلح بأي شكل من الأشكال، وعندما كثر الكلام في هذا الأمر جعلنا القادة المنادين بالصوفية يظهرون حينًا في الفضائيات والكنائس وجعلنا المشاهير من القسوس يعتادون استضافتهم في كنائسهم وعلى منابرهم فيكسبون بذلك مصداقية لما ينادون به من صوفية وتعاليم شيطانية. وعندما يكثر كلام الناس المؤمنين الحقيقيين ضدهم نجعلهم يختفون إلى حين ونشحذ أفكارهم ونجعلهم يكتبون في السر عن الصوفية حتى اليوم الذي يخرجون فيه مرة أخرى لعشاقهم بكتب وترانيم وخدمات كنسية تعزز موقفهم من الصوفية. وكما تعرف سيدي الشيطان، الرئيس الأعظم، فإن المسيحيين ينقسمون إلى قسمين: قسم يُعرف بالمولودين ثانيةً وهؤلاء مَنْ فلتوا من أيدينا بضمان قبولهم المسيح مُخَلِّصًا شخصيًا لهم فتم غفران خطاياهم وضمنوا الحياة الأبدية السعيدة مع عدونا المسيح، لكن الغالبية العظمى من المسيحيين ليسوا إلا مسيحيين اسميين فقط، والحمد والشكر لك رئيسنا الأعظم، فهم لا يعرفون الكتب ولا قوة الله، وهؤلاء هم المتدينون وهم أسهل الناس للعب بعقولهم وجرهم إلى حيث نشاء لهم، بعد أن نعمي أذهانهم لئلا يضيء لهم نور معرفة المسيح.”

طرق الشيطان الأعظم بيده على الطاولة الجالس عليها الجميع وقال: “هذه المجموعة، المُخَلَّصين، هي مَن أكرههم من كل قلبي وسأظل في حرب معهم إلى يوم الدين وسنحاول جميعًا بكل قوتنا أن نضلهم ولو أمكن أن نضل المختارين.”

قال روح التدين: لا تخش ولا يهمك يا سيدي من أمر هذه الجماعة شيء، فبالرغم من أن أفراد هذه الجماعة هم الوحيدون القادرون باسم عدونا المسيح يسوع أن ينتهرونا ويهزمونا ويشلوا حركتنا في الأرض وفي الأجواء الروحية ويوقفونا عند حدنا بالسلطان الممنوح لهم من عدونا إلا أننا قد تمكنا من إضعافهم روحيًا والتحكم في الغالبية العظمى منهم وتشويش أذهانهم بتعاليم وعقائد وممارسات غير معتمدة أو معترف بها من عدونا المسيح، فأصبحوا كأجساد لا أرواح لها، أصوات تصدر عن عقول يعوزها الحكمة والفهم الروحي المسيحي الحقيقي للأمور. امتلأت رؤوسهم بالمعلومات والتأملات الكتابية والعقائدية ليس إلا، واتهمت كل طائفة منهم الأخرى بأنهم ليسوا المسيحيين الحقيقيين، وقد حرصنا نحن أرواح التدين أن تكون الخلافات بينهم في العقائد بسيطة لكنها في النهاية تصبح عميقة لا يمكن المناقشة حولها أو قبول الرأي الآخر فيها، وقصدنا أن نفعل ذلك لكي لا ينتبه أحد من هذه الأطرف لوجودنا أو تأثيرنا عليهم. لقد أقنعنا الأرثوذكس منهم بأن الدين عند الله الأرثوذكسية وأن مَنْ لا يعتمد أرثوذكسيًا لن يدخل السماء ومَنْ يتزوج في كنيسة غير أرثوذكسية سيظل في حالة من الزنا هو وزوجته إلى أن يموتا حتى لو أنجبا عشرات الأبناء، ونشرنا بينهم أن مسيحهم غير مسيح البروتستانت وإنجيلهم ليس إنجيلنا، واستخدمنا المشاهير من رعاة الإنجيليين في الاعتراف بظهور القديسين فوق الكنائس، وأهم الكل جعلنا هؤلاء القادة والرعاة والقسوس يروّجون لفكرة أنه ليس هناك شياطين وليست هناك جهنم نار وبذلك نكون قد أخفينا أنفسنا وتأثيرنا عنهم وعن رعياتهم حتى نفوز بأكبر عدد منهم ليصيروا من أتباعنا للانضمام إلى معسكرنا العظيم بقيادتكم الرشيدة.”

سأل الشيطان الرئيس روح التدين قائلًا: “ولو أني أعرف إجابة سؤالي إلا أن سؤالي هذا أسأله لك ليسمع إجابتك باقي رؤساء الأقسام الأخرى، وسؤالي هو: هل ستقوم يا روح التدين بعمل كل ما سبقت وقلته بمفردك أم سيعمل معك رؤساء الأقسام الروحية الأخرى على تنفيذ ما تريد؟”

أجاب روح التدين بالقول: لا يا سيدي الرئيس، فأنت تعلم أنه ليس هناك روح واحد منا، بمفرده، قادر على إتمام أية مهمة روحية شيطانية على الأرض، لكننا بفضل قيادتكم وحكمتكم وخبرتكم الطويلة في الحروب الروحية مع بني البشر نتحد معًا في حملة واحدة لتنفيذ أوامرك لنا.” وأكمل روح التدين: “دعني أشرح لكم ما يتم عمله بالضبط، وسأتخذ من أمر غزوتنا هذه على الشرق الأوسط مثالًا عمليًا على ذلك وسيقدم كل منا الجزء الخاص به في إتمام الخطة الكبيرة التي ستظل سرًا بيننا حتى يتم تنفيذها.”

أشار روح التدين بيده لروح الخوف وقال له: “مأذون لك أنت أن تتكلم الآن.”

قال روح الخوف: “سيدي الرئيس، لقد تمكنا بفضل قيادتك الرشيدة من أن نجعل المؤمنين المسيحيين وخاصةً الخدام والقسوس منهم يعيشون في خوف مستمر، خوف من السلطات الحكومية في كل بلد عربي إسلامي، خوف من أقل رتبة بوليسية يمكن أن تقترب منهم، خوف من التعبير عن آرائهم المخالفة للتعاليم الإسلامية حتى في بيوتهم وبين أسرهم، وعلمناهم عدة أمثلة شعبية يعرفها الصغير منهم والكبير والتي نهدف منها لإعاقتهم عن عمل الصواب الذي هم مقتنعون به، فأصبحت هذه الأمثال كجزء من كتابهم المقدس يستعملونها حتى في وعظهم ويكررونها همسًا بين نفوسهم وجلساتهم، كالقول، الباب اللي ييجي منه الريح سدوا واستريح، والميه ما بتجريش في العالي، وخليك في حالك لا يتقل مقدارك، واللهم لا اعتراض، ومفيش فايدة، وخلافه، ففي أية معركة نحن مقدمون على إشعالها لا بد لنا أن نبدأ بتخويف الناس حتى تكمم أفواههم ولا ينطقون بكلمة لا نوافق عليها نحن أبدًا، وإن فكر أحدهم في الاعتراض أو رفع صوته ضد خططنا نزوره في الليل والنهار ونهدده أنه سيكون المسئول عن كل ما سيحدث له ولعائلته وأولاده، وكنيسته وغيرها، فيصمت إلى الأبد. المكان الوحيد الذي نسمح له أن يفكر في هذه الأمور هو دورة المياه ثم نتأكد قبل خروجه منها أنه ألقى بكل أفكاره هناك وأنها ذهبت مع ماء السيفون إلى حيث تذهب المياه الملوثة العفنة، وخاصةً إذا كأن الأمر يخص إسرائيل من قريب أو بعيد، فلقد نجحنا أن نجعل من لفظة إسرائيل في الكنائس العربية وخاصةً المصرية لفظة شريرة وجماعة تستحق عقاب الله وغضبه إلى أبد الآبدين.”

قال الشيطان الرئيس موجهًا كلامه لروح الخوف: “لكنني أسمع أن هناك نفرًا قليلًا جدًا لا يخافون منك يا روح الخوف، فما السبب وكيف لا تستطيع أن تسكت أصواتهم؟”

قال روح الخوف: “الحقيقة، نعم، هناك عدد قليل جدًا جدًا من القادة والقسوس ومقدمي بعض البرامج المسيحية في الفضائيات، لكن بالرغم من عدم خوفهم، وهو بالطبع شيء مُعدي لأنه يشجع البعض الآخر على الكلام ضد ما نعمل دون خوف، حيث إن الكثيرين منهم يؤمنون أن هناك بالطبع أرواح شيطانية عاملة على الأرض إلا أنهم لا يتكلمون عن هذا الأمر أبدًا، فإنهم يحللون الأمور في برامجهم من الناحية السياسية أو العسكرية أو حتى الدينية لكن بعيدًا عن ذكر عملنا كأرواح في أية معركة ندخلهم فيها، ولذا فهؤلاء لا تأثير على عملنا إلا بشكل قليل، لكن يوجد شخص واحد يبدو أن لديه كشفًا خاصًا من عدونا إلوهيم لمملكتنا وأقسامها وأنواع الأرواح التي تضمها وما يحدث فيها، وهو الوحيد الذي يتكلم عنا كأرواح ويكشف خططنا ويحذر الناس من الاستماع لنا والاقتناع بأفكارنا، وهو يسمينا بأسمائنا، ويعقد مؤتمرات ولقاءات عن تمييز الأرواح.”

قال الرئيس: “وماذا عملتم معه للتصدي له؟”
قالوا: “لقد حاولنا بكل قوتنا أن نقنع الكثير من الناس أنه رجل لا يهتم إلا بالغيبيات والأرواح، وهو يعيش في عالمه الخاص، وأن عالم الأرواح وتمييز الأرواح لا وجود له في حقيقة الأمر، وأنه رجل يسبب المشاكل الكثيرة للعاملين معه، ونجحنا في أن نجعل الكثير من القسوس وخدام الكنائس يتجنبون دعوته في كنائسهم. ولكن الحقيقة، بالرغم من كل ما عملناه معه إلا أن كل محاولاتنا باءت معه بالفشل وهو مُصر على استكمال مسيرته وكشفنا كأرواح شيطانية أمام الجميع وخاصةً المسيحيين المؤمنين.”

سأل الرئيس: “وهل صدقكم الناس وأتت حملاتكم ضده بثمارها؟”
أجاب روح الخوف: “استطعنا إقناع البعض لكن ليس الكل، ونحن ماضون في صبغه بصبغة المشقشق الباحث عن الأرواح وخاصةً في عيون وعقول الطوائف المسيحية التي لا تؤمن بوجود الأرواح والتي يؤمن بعضهم أنه لا توجد حاجة للمواهب الروحية اليوم، وبالتالي لا احتياج لموهبة تمييز الأرواح.”

قال الشيطان الرئيس موجهًا كلامه إلى روح التدين: “وماذا بعد أن يسيطر الخوف على الناس والقادة؟”
أشار روح التدين إلى روح الغي وروح الضلال لكي يلتقطا خيط الحديث من حيث توقف روح الخوف. قال روح الغي: “إن عملنا، منذ أن سمح لنا عدونا، الله، بسبب شرور المصريين أن نعمل في مصر هو أن نصور للمصريين وللعالم كله الصحيح من الأمور على أنه الضلال بعينه، والعكس صحيح، فنضخم بعض النقاط البسيطة التي لا أهمية لها ونبعد الأنظار عن التركيز على بعض النقاط الهامة والتي نريد أن نعمي الأذهان عن التركيز عليها.”
قال روح التدين لروح الغي: “اشرح لرئيسنا ولنا مثلًا عمليًا على ما تقول.”

قال روح الغي: حيث إننا نخاطب الشعب الإنجيلي فهذا ما نفعله:
أولًا: نحن نستخدم أشهر القسوس والمرنمين ومدرسي المشورة والشيوخ الإنجيليين ومنهم من هم رجال الدولة السياسيين في الحديث إلى عامة المؤمنين الإنجيليين وخاصةً المغيبين منهم، حيث إن شهرة أولئك المستخدمين من القادة الإنجيليين تقف حائلًا دون تفكير وتشغيل عقل العامة من الإنجيليين، فقد نجحنا منذ زمن بعيد أن نجمد عقول الناس وعيونها فلا يرون أو يسمعون أو يفهمون ما يقوله هؤلاء القادة، ولا يفكرون فيه، ولا يحكمون عليه، بل يبلعونه دون مضغ وفهم ويصفقون لهم ويشيرون بوستاتهم على الفيسبوك وغيرها.

ثانيًا: نجعل القادة والقسوس الإنجيليين يضعون مقدمات للكلام عن أي أمر يتفوه به هذا القائد أو القسيس بكل دقة، حيث إن حكم السامعين على ما يقوله لهم هؤلاء القادة، على افتراض أنهم ينوون أن يفكروا فيما سيلقى بآذانهم، يبدأ الحكم على أي أمر من المقدمة.”

قال الرئيس الإبليس: “اشرح.”

قال روح الضلال: “مثلًا، إذا أردنا أن نخدع الإنجيليين بنظرية الاستحالة، أي تحول الخبز والخمر الذي يستخدمونه في عمل ما يُعرف بالعشاء الرباني، نجعلهم يركزون لا على قوة عمل دم المسيح عدونا وجسده بل على قضية إذا ما كان هناك استحالة للخبر والدم أم لا، لذا جعلنا أشهر القسوس الإنجيليين المنادين بهذا الأمر قبل حديثه عن هذا الموضوع يقول في مقدمته إن أمر الاستحالة هذا ليس رأيي أنا الشخصي فقط بل رأي مارتن لوثر وكالفن وزونجلي. وإذا تكلم عن المشكلة القائمة بين إسرائيل والفلسطينيين والحرب بينهما سنجعله في المقدمة للحديث يتكلم عن ما يعرف بنظرية البدلية، أي استبدال الكنيسة ككيان روحي بإسرائيل كدولة مادية، سنجعله يبدأ بالقول “وهذا ليس رأيي أنا شخصيًا، هذا رأي الكنيسة المشيخية التي أنتمي إليها”، فينظر ويركز الحضور أمامه وسامعوه على الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي لما سيقوله من هذه الزاوية، زاوية أن هذا ليس رأيه بمفرده بل هو رأي طائفته أيضًا، أي رأي جمهور كثير والآلاف من الناس غيره، فيبلعون كلامه ويبلعون هذه النظرية الشريرة دون تفكير، حيث إن الحديث يجري من طرف واحد وفي اتجاه واحد، من القسيس على المنبر لمستمعيه على الكراسي، فما من أحد من سامعيه يمكن أن يسأله لماذا تستشهد برأي الكنيسة المشيخية الآن وقد تعودت أن تحطم كل التعاليم المشيخية؟ فهل يؤمن المشيخيون بأن جسد القديس شربل لا يزال ينضح ماءً ودم؟ هل يؤمنون ويعلِّمون بظهور العذراء والقديسين فوق الكنائس؟ هل يؤمنون بمفارقة الروح القدس لجسد المسيح في القبر؟ هل يؤمنون جميعًا بعدم وجود نار حرفية؟ هل يؤمنون جميعًا بأن الكنيسة ككيان روحي قد حلت محل إسرائيل الأرضية اليوم؟ ولقد نجحنا في أن نستخدم القسيس في تصويره للعامة من الناس أن إلوهيم، الله، في العهد القديم هو غيره في العهد الجديد، فإله العهد القديم إله دموي يأمر بالحرب والقتل والإبادة للناس وحتى الأطفال الصغار والشجر، أما إله العهد الجديد فهو إله المحبة والسلام والمسامحة الذي بشرت بمجيئه الملائكة قائلة: “وعلى الأرض السلام”، وكأنهم كخدام وقسوس يتبرأون من إله العهد القديم وطبيعته القاسية، وكأنه قد طرأ عليه تغيير جذري فبعد أن كان دمويًا أصبح مسالمًا بمجيء عدونا المسيح.”

قال روح الغي: “ثالثًا: نحن نجعل المتحدث يصر على أن يستخدم أنصاف آيات من الكتاب المقدس ويتعمد أن يغفل آيات أخرى.”

قال الشيطان الرئيس: “بالرغم من معرفتي لما تقول وتعليمي إياكم هذه الجزئية لكن اشرح لبقية رؤساء الأقسام الشيطانية.”

أجاب روح الضلال: “فمثلًا عندما يتكلم القسيس الأشهر عن أن الكنيسة أصبحت بديلًا لإسرائيل نجعله يستخدم الآية الوحيدة في كل كتابهم المكدس والتي قالها عدونا المسيح عن هيكل أورشليم القديم، ولم يكن يقولها عن علاقة الله بشعبه إسرائيل، بل بالهيكل وحجارته، حين قال لسكان أورشليم: “يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا وَلَمْ تُرِيدُوا. هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا!” ثم نجعله يحكي عن تدمير الهيكل في سنة 70 ميلادية على يد الرومان وكأنه عن تدمير العلاقة كلها بين عدونا الله وشعبه، وكأن إلوهيم قد ندم على اختياره لهذا الشعب ولذا ترك شعبه إلى الأبد واكتفى بالكنيسة عروسه كما يقولون. وبالطبع لا نجعل هذا القسيس أو أي قسيس أو متكلم في هذا الأمر يتطرق لما قاله عدونا الروح القدس على لسان عدونا بولس الرسول من أن عدونا الله لم يرفض شعبه إسرائيل، أو أن قساوة إسرائيل قد حصلت جزئيًا، أو أن إسرائيل سيخلص وهكذا، بالرغم من وضوح ما قاله كتابهم المكدس في هذا الشأن كما يلي: “فَأَقُولُ: أَلَعَلَّ اللهَ رَفَضَ شَعْبَهُ؟ حَاشَا! لأَنِّي أَنَا أَيْضًا إِسْرَائِيلِيٌّ مِنْ نَسْلِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ. لَمْ يَرْفُضِ اللهُ شَعْبَهُ الَّذِي سَبَقَ فَعَرَفَهُ”. فَإِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْهَلُوا هَذَا السِّرَّ لِئَلاَّ تَكُونُوا عِنْدَ أَنْفُسِكُمْ حُكَمَاءَ. أَنَّ الْقَسَاوَةَ قَدْ حَصَلَتْ جُزْئِيًّا لإِسْرَائِيلَ إلى أَنْ يَدْخُلَ مِلْؤُ الأُمَمِ، وَهَكَذَا سَيَخْلُصُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ. كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: سَيَخْرُجُ مِنْ صِهْيَوْنَ الْمُنْقِذُ وَيَرُدُّ الْفُجُورَ عَنْ يَعْقُوبَ. وَهَذَا هُوَ الْعَهْدُ مِنْ قِبَلِي لَهُمْ مَتَى نَزَعْتُ خَطَايَاهُمْ. مِنْ جِهَةِ الإِنْجِيلِ هُمْ أَعْدَاءٌ مِنْ أَجْلِكُمْ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الِاخْتِيَارِ فَهُمْ أَحِبَّاءُ مِنْ أَجْلِ الآبَاءِ لأَنَّ هِبَاتِ اللهِ وَدَعْوَتَهُ هِيَ بِلاَ نَدَامَةٍ. فَإِنَّهُ كَمَا كُنْتُمْ أَنْتُمْ مَرَّةً لاَ تُطِيعُونَ اللهَ وَلَكِنِ الآنَ رُحِمْتُمْ بِعِصْيَانِ هَؤُلاَءِ هَكَذَا هَؤُلاَءِ أَيْضًا الآنَ لَمْ يُطِيعُوا لِكَيْ يُرْحَمُوا هُمْ أَيْضًا بِرَحْمَتِكُمْ. لأَنَّ اللهَ أَغْلَقَ عَلَى الْجَمِيعِ مَعًا فِي الْعِصْيَانِ لِكَيْ يَرْحَمَ الْجَمِيعَ.” هذه الآيات نجعل، نحن قادة مملكتك شيطاننا الأعظم، أي متحدث عن إسرائيل، وخاصةً إذا كان مشيخيًا، ينساها تمامًا ويستشهد بأنه لم تعد هناك احتياج للذبائح بعد ذبيحة عدونا المسيح، إذًا لا احتياجًا لبناء الهيكل مرة ثانية، فبعد ذبيحة المسيح لا مكان لذبيحة أخرى، مضللًا الناس، فهذه أنصاف حقائق وليست حقائق كاملة، فمن قال من المؤمنين المسيحيين الحقيقيين أن هناك احتياجًا لذبيحة أخرى سوى ذبيحة المسيح. هذه بديهية لا تقبل النقاش ولا يقبلها أي مسيحي مؤمن إيمانًا قلبيًا بالمسيح، لكن الكتاب يتكلم عن هيكل أورشليم بعد اختطاف الكنيسة، ليس كمكان لتقديم ذبائح كما كان قبلًا وليس بديلًا لذبيحة المسيح، ويتكلم عن محاولة إسرائيل، مرة أخرى، لتقديم ذبائح في الهيكل الذي لا بد لها أن يُبنى مهما كره الناس على اختلاف أجناسهم وأديانهم حول هذا الأمر، وعندها سيستخدم الثلاثي الأعظم، الوحش والنبي وعظمتكم سيدي الشيطان لتدمروا ما بناه اليهود.

قال روح الضلال: “رابعًا: نحن نجعل القسوس والمسئولين عند الحديث عن أية معركة بين إسرائيل وفلسطين ينسون عدة نقاط كان لا بد من ذكرها لو كانوا حقًا مخلصين ومنصفين ويتكلمون بحق الإنجيل دون خوف أو محاباة أو شيء من الضلال وهذه النقاط تتلخص فيما يلي:

أ- مَنْ هو البادئ بالقتل والحرق والأسر والخطف، أهي إسرائيل أم الفلسطينيون؟
ب- يتكلمون عن الاضطهاد والإبادة التي تقوم بها إسرائيل دون ذكر لما تقوم به حماس والفلسطينيون حتى لو كانت إسرائيل لا تعتدي إلا على مَنْ اعتدى عليها.

ج- يتكلمون عن عدد المدنيين الذين قتلوا في أي معركة من الفلسطينيين ولا يتكلمون، ويتغاضون عن عمد، عن ذكر الكم الهائل من الإنذارات التي توجهها إسرائيل للمدنيين للانسحاب من المناطق المراد قصفها بسبب وجود عسكريين فيها، وذلك قبل قصفها بأيام، فلو كانت إسرائيل تبغي قصف المدنيين من الفلسطينيين لما طلبت منهم أن يغادروا مساكنهم قبل القصف ولكانت قد دكت كل بيوت غزة وساوتها بالأرض ولم ينج أحد.

د- يتكلمون عن قصف إسرائيل للمستشفيات ولا يتكلمون على الأنفاق الموجودة تحت المستشفيات والسلاح الذي يخبئه الفلسطينيون داخل هذه المستشفيات وما تحتها من أنفاق.

هـ- يتكلمون عن معاناة الأطفال الفلسطينيين وخوفهم وإصاباتهم وموتاهم، ولا يتكلمون عن أطفال إسرائيل المهددين بالدمار والخوف كل لحظة منذ ولادتهم حتى دون قبل بدء الاعتداء الفلسطيني عليهم وعلى عائلاتهم.
و- يتكلمون لمستمعيهم كمن يدرسون مجموعة من أغبياء الطلبة، فيكرر القسيس الكلام الكاذب المغرض ثم يسأل مستمعيه “يعني احنا بنقول إيه، نقول تاني”، وعندما يصمت السامعون بسبب غرابة ما يقال ويُلقى في آذانهم يكرر القسيس المتكلم مرة ومرات عبارته الشهيرة “ما تردوا عليّ” فيكرر بعض الحضور كالببغاوات ما يضعه في آذانهم وألسنتهم القسيس الذي يتكلم من فوق المنبر. وعندما ينتقده الناس على وسائل التواصل أو بأي شكل من الأشكال يصمت ولا يرد على أحد، فكيف لأمثال هؤلاء المشاهير أن يخرجوا ويجيبوا الناس على أسئلتهم؟

أكمل روح الضلال قائلًا: “و- سنجعل الناس في تشويش دائم وسنسمح لهم بسؤال القسيس الشهير عدة أسئلة، لا دفاعًا عن الفلسطينيين لكن لتشويش أذهان المسيحيين المؤمنين ولخلق عداوة بينهم وبين رعاتهم، من هذه الأسئلة ما يلي:

أيها القسيس الأشهر، هل اختلف إله العهد القديم عن إله العهد الجديد في أي من صفاته أو تصرفاته؟
أيها القسيس الأشهر، هل أمرك أحد أن تتكلم عن هذا الأمر بهذه الطريقة كما أمروك أن تتكلم عن الانتخابات الرئاسية في “احسبها صح”، الأمر الذي كنت تريد أن تتكلم عنه من الليلة الأولى وكل ليلة لكن أمام إصرار معاونيك على عدم ذكره تكلمت عنه في الليلة الأخيرة فقط؟

لقد كررت عدة مرات أن المسيح صانع السلام، وطوبى لصانعي السلام، فهل يمكن أن تعرِّف لنا هذا السلام الكتابي الذي تتكلم عنه؟

هل تعريف السلام هو أن اُعِد لك ما استطعت من قوة ومن رباط الخيل لأرهبك أنت وشعبك به لأنك في نظري عدوي وعدو الله، وأنت تتجاهل الأمر لكي تحيا في سلام؟ هل تعريف صانعي السلام هو أن يقتحم عدوي حفلًا موسيقيًا ويقتل ويأسر شعبي ولأني صانع سلام لا أتصدى له؟ أم أن صانع السلام عليه أن يقبل قتل أطفاله دون رد فعل من جانبه وإلا لأصبح غير صانع للسلام؟ ألا يشمل السلام الكتابي ويتضمن أيضًا رد المسلوب، فالسلام الكتابي هو ألا تكون صانع خصام أو انقسام بين الإخوة؟

أكمل روح الضلال قائلًا للشيطان الرئيس إن الرجل الذي تكلمنا لك عنه والذي يكتب ضدنا دائمًا كتب للناس قائلًا: “يا سادة، يا مَنْ تقرأون وتسمعون ما أكتب أو أذيع، اعلموا أنه لا يمكن تطبيق قوانين السلام والعدالة والرحمة الإلهية على الأشرار. الأشرار يعاملون بقوانين الأرض، وقوانين التعامل مع الأشرار هذه هي التى وضعها الله نفسه أيضًا، وهو المسئول عن تطبيقها عليهم.”

وقبل أن ينهي الشيطان الأعظم اجتماع قادة الأقسام الشيطانية قال لمستمعيه: “بقي لنا الآن أن نستمع إلى روح الكذب وروح رئيس مملكة فارس وأخيرًا روح ضد المسيح.”

وجَّه الشيطان الرئيس كلامه وقال لروح الكذب: “أعلم أن لك دورًا كبيرًا في ما نحن بصدده.”

قال روح الكذب: “اختصارًا للوقت سيدي العظيم فنحن لا نذيع ولا نجعل الناس تسمع إلا الكذب، فعندما تمكنت حماس من قتل 100 فرد نجعلها تقول إنهم عشرة آلاف، وتذيع كل ما هو كذب ومضلل للشعب الفلسطيني المسكين، فيهللون ويكبرون الله أكبر، وكأنهم كسبوا المعركة، وهذه هي طريقتنا التي استخدمناها في كل الحروب مع كل الدول العربية في كل الحروب السابقة. ففي حرب 1967، كانت الطائرات المصرية قد دمرتها إسرائيل في كل المطارات في أول خمس دقائق من الحرب وكانت مصر من خلال المذيع أحمد سعيد تذيع البيانات الكاذبة بأن طيران جيشها تصدى لطائرات العدو ففرت راجعة إلى إسرائيل وعادت طائراتنا إلى قواعدها سالمة. وفي حرب 1973، كانت جولدا مائير تلتقط الصور وهي في الكيلو 101 وكانت مصر تغني أغنية “محمد أفندي رفعنا العلم”. وهكذا سيدي الرئيس فنحن نجعل حماس ورجالها أيضًا يؤكدون أنه ليست هناك أنفاق ولا مسلحون موجودون بالمستشفيات، وعندما تضرب إسرائيل المستشفيات لعلمها بما تخفي حماس تحتها نجعل حماس تكذب على العالم كله وتصور إسرائيل وكأنها هي الكاذبة والمعتدية على المرضى الفلسطينيين في مستشفياتهم.” سأل الشيطان الرئيس روح الكذب قائلًا: وماذا عن المسيحيين العرب؟”

قال روح الكذب: “لقد وضعنا الكذب في أفواه وألسنة الكثير من القادة والقسوس أيضًا وجعلناهم يقولون ما لا يؤمنون به مجاملة للفلسطينيين، وينعتون إسرائيل بأبشع الأوصاف، الأمر الذي يعرفون جميعًا أنه غير صحيح.”

قال الشيطان الرئيس لروح الكذب: “أهنئك على الدور الهام والخطير الذي تلعبونه في مثل هذه الحروب.”

وجَّه الشيطان الرئيس كلامه لروح رئيس مملكة فارس متسائلًا: “وماذا عن القسم الخاص بكم مع مملكة فارس وإيران؟ هل استطعتم أن تقنعوا رؤساء فارس الإيرانيين بالاشتراك في المعركة وضرب إسرائيل؟”

أجاب روح رئيس مملكة فارس بالقول: “لقد حاولنا إقناعهم بذلك لكنهم يعلمون أنهم إن أطلقوا صاروخًا إيرانيًا واحدًا من الأراضي الإيرانية فستدمر إسرائيل المفاعل النووي الإيراني وسيتعاطف العالم كله مع إسرائيل، لذا فهم يتجنبون الحرب المباشرة مع إسرائيل هذه المرة.”

سأل الشيطان الرئيس بغضب وقال: وهل وافقتموهم على هذا الأمر؟ لا بد من تدخلهم في هذه الحرب تدخلًا مباشرًا، فهذا سيكون في مصلحة مملكتنا.”

قال روح رئيس مملكة فارس: “بالطبع لم نوافقهم وأقنعناهم بأن يضربوا إسرائيل من خلال الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان وسوريا وغيرها من الجبهات، ولا زلنا نعمل على أن تصبح المواجهة مع إسرائيل تغطي كل الدول العربية وإيران وغيرها.”

نظر الشيطان الرئيس إلى روح ضد المسيح وقال له: “وماذا تريد أنت أن تقوله لنا، حيث إنك القائد الأعلى المساعد، بعدي أنا، في كل ما نعمل في مملكتنا؟

قال روح ضد المسيح: “لقد بقي أمر واحد أرجو منكم الانتباه له، وأنا أكرهه من كل قلبي.”

صمت الجميع، فقال روح ضد المسيح: “إياكم من قتل الأطفال الصغار تحت سن الإدراك من المسيحيين أو المسلمين أو حتى اليهود.”

تساءل الجميع: “لماذا؟”

أجاب روح ضد المسيح:

“أ- من الناحية السياسية، فهذا يجعل الدول تتعاطف مع مَنْ يُعتدى عليه ويُقتل أطفاله، لأن قتل أطفال الإسرائيليين سيحفز العالم كله للوقوف ضدنا. ومن الناحية الروحية، سيجعل المؤمنين المسيحيين الحقيقيين يصلون ضد روح القتل والعنف والإرهاب وهذا سيؤثر على عملياتنا ووجودنا وسيكبلنا ويشل حركتنا ويهزمنا.

ب- هؤلاء الأطفال يمكن أن نستخدمهم في نفس الوقت أحياء كدروع بشرية واقية لمنع الاعتداء على مَنْ سنناصرهم ونساعدهم في هذه الحرب المرتقبة.

ج- وهناك أمر آخر لا بد أن تعلموه وتضعوه نصب أعينكم جيدًا ودائمًا: مَنْ يموت من الأطفال تحت سن الإدراك، سواء من أطفال اليهود أو المسلمين أو المسيحيين، سيذهب مع عدونا إلوهيم إلى النعيم الأبدي ولن يكون لنا سلطان عليه بعد ذلك. لذا اتركوا الأطفال على قدر استطاعتكم ينمون ويكبرون ويخطئون ثم يموتون ويذهبون معنا في الآخرة إلى جهنم النار.

د- حولوا أية مناقشة بين العرب بعضهم وبعض أو بينهم وبين الشعوب الأخرى إلى مناقشة دينية، وقوموا بمظاهرات في الدول المختلفة مدافعين عن الإسلام والدول الإسلامية وجرائم الميليشيات العسكرية الإسلامية كحماس وغيرها، ولا تخافوا أهل البلاد الأصليين واستغلوا الحريات الممنوحة لكم في كل تلك البلاد للاعتداء عل أهلها. باختصار املأوا أخبار هذه البلاد بالإسلام والمسلمين والجهاد الإسلامي حتى تتعود شعوب هذه البلاد على سماع أصواتكم. وادرسوا أقوال عدونا المسيح جيدًا واستعدوا لها ولمقاومتها. نعلم جميعًا أننا، للأسف، لا يمكننا أن نعمل ما نريد في أي أمر دون أن يسمح لنا إلوهيم بعمله، لكن استعدوا لذلك اليوم الذي وعد فيه عدونا أتباعه قائلًا: هنذا أجعل الذين من مجمع الشيطان، من القائلين أنهم يهود وليسوا يهودًا، بل يكذبون، هأنذا أصيرهم يأتون ويسجدون أمام رجليك، ويعرفون أني أنا أحببتك.”

وقف الشيطان الرئيس ورفع يده اليمنى فرفعها كل الحاضرين، وقال، وردد وراءه رؤساء الأقسام الشيطانية قسم الشيطان العظيم:”أقسم بالشيطان العظيم، إله هذا الدهر، رئيس سلطان الهواء، الحية القديمة، أن أكون مخلصًا في بناء مملكتنا الشيطانية، وأن أضل عباد عدونا إلوهيم الصالحين، وأضل لو أمكن المختارين، آمين.” ثم قال لهم: “انتشروا وتوقعوا بداية المعارك سريعًا.”

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا