الكتاب المقدس يؤكد أن المسيح صُلب ومات على الصليب ودُفن ثم قام من الموت في اليوم الثالث، وبعد أن أظهر لتلاميذه مرات عديدة صعد إلى يمين الله في الأعالي، وهذا هو إيماننا الثابت.
أولاً: ماذا لو لم يمت المسيح؟
يكون المسيح كاذبًا حين أعلن عن موته على الصليب، وحاشا للمسيح أن يكون كاذبًا فهو البار الذي بلا خطية
يكون الكتاب المقدس محرفًا، فقد تنبأ الكتاب المقدس عن صلب المسيح، وشهدت الأناجيل عن قصة الصلب وسجلته.
عدم موت المسيح تشكيك في التاريخ، فقد سجَّل المؤرخون الرومان واليونان واليهود والمسيحيون أحداث الصلب وشهادات لشهود العيان أيضًا.
عدم موت المسيح هدم للعقيدة المسيحية (1 كو 15: 13-14): “فإن لم تكن قيامة أموات فلا يكون المسيح قد قام وإن لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا وباطل أيضًا إيمانكم.”
إن لم يكن المسيح مات وقام لكان مصير البشرية الهلاك الأبدي (يو 3: 16): “لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية.”
ثانيًا: موت المسيح شيء عارض أم ضعف أم إجبار؟
لم يكن موت المسيح شيئًا عارضًا، فقد وردت في الكتاب المقدس نحو 1500 نبوة منها 300 تخص المسيح تحققت منها تقريبًا 30 نبوة في الـ 24 ساعة الأخيرة من حياته. وأهمية هذه النبوات هي أن بعضها كُتب قبل المسيح بأكثر من ألفي سنة، كلها تشير إلى صلب المسيح وقيامته.
لم يُصلب لأنه كان ضعيفًا، حاشا، إذ قال لبطرس عندما قطع أذن ملخس: “أتظن أني لا أستطيع الآن أن أطلب إلى أبي فيقدم لي أكثر من اثني عشر جيشًا من الملائكة؟” (مت 26: 53).
ولم يُصلب المسيح لأن اليهود أو الرومان كانوا أصحاب السلطة فقد قال المسيح لبيلاطس: “لم يكن لك عليَّ سلطان البتة لو لم تكن قد أعطيت من فوق” (يو 19: 11).
وعندما جاء اليهود ليقبضوا عليه قال لهم يسوع: “مَنْ تطلبون؟” فأجابوه: “يسوع الناصري.” فقال لهم يسوع: “أنا هو”، فلما قال لهم: “أني أنا هو” رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض (يو 18: 4).
موت المسيح لم يكن شيئًا عارضًا بل خطة إلهية الله أزلية (1 بط 1: 19-20): “دم المسيح، معروفًا سابقًا قبل تأسيس العالم ولكن قد أُظهر في الأزمنة الأخيرة من أجلكم.”
موت المسيح لم يكن إجبارًا بل إنه قدم نفسه وتحمل عقاب خطايانا طوعًا واختيارًا: “أنا أضع نفسي عن الخراف.. لأني أضع نفسي لآخذها أيضًا ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضًا” (يو 10: 15-1).
موت المسيح كان هدفه أن يتصالح الإنسان مع الله لأنه لا يوجد طريق آخر لينال به الإنسان الغفران.
إن الذين ينكرون صلب المسيح يستهدفون إنكار مبدأ الفداء وحاجة الإنسان إلى مخلِّص، فالمسيحية تُعلم أنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة (عب 9: 22).
ثالثًا: هل موت المسيح موثَّق؟
قضية موت الصليب مدعومة بالوثائق التاريخية، فلدينا نصوص المحاكمة والحوار الذي دار بين المسيح وبيلاطس والحوار الذي دار بين المسيح ورؤساء اليهود وأقوال شهود العيان وأسماؤهم وأسماء الذين حضروا المحاكمة وتفاصيل ما حدث قبل الصلب وأثناء الصلب وبعد الصلب وهي وثائق تاريخية وأثرية.
وأهمية هذه الوثائق هي أن كُتَّابها لا ينتمون لأي طائفة مسيحية، بل يناصبون المسيح العداء.
نعود إلى القرنين الأول والثاني الميلاديين فنجد شهادة كورنيليوس تاسيتوس (55-125م) وهو مؤلف روماني لُقِّب بمؤرخ روما العظيم وأشهر كتبه “الحوليات والتواريخ” حيث يضم الجزء الأول 18 مجلدًا والثاني 12 مجلدًا. وقد جاءت فيه 3 إشارات عن المسيح والمسيحية، حيث كتب يقول: “فالمسيح الذي اشتق المسيحيون منه اسمهم كان قد تعرَّض لأقصى عقاب في عهد طيباريوس على يد أحد ولاتنا المدعو بيلاطس البنطي.”
وهناك ثالوس (توفي عام 52 م) وهو مؤرخ يوناني سجَّل تاريخ منطقة البحر المتوسط وأشار إلى الظلمة التي واكبت موت المسيح على الصليب.
ولوسيان اليوناني هو أحد مؤرخي اليونان البارزين في مطلع القرن الثاني الميلادي عن المسيح، قال: “.. وصُلب من أجلها (تعاليم جديدة).”
بيلاطس: هناك خطاب بيلاطس إلى طيباريوس قيصر، وقد اكتشفه أحد العلماء الألمان سنة 1360 وما زال محفوظًا للآن في مكتبة الفاتيكان، حيث كتب فيه: “ألقى الأوباش الهائجون القبض على يسوع .. تمادوا في الصياح: ‘اصلبه’ ..”
وهناك أيضًا رسائل بيلاطس البنطي إلى سينيكا (فيلسوف روماني).
لم تنتهِ حياة المسيح على الأرض بالصليب، بل أعقبه قيامته، فالمسيحية والقيامة تقومان معًا أو تسقطان معًا. “وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات: يسوع المسيح ربنا” (رو 1: 4).