العلاج بالتسبيح

3

العدد 119 الصادر في أغسطس 2015
العلاج بالتسبيح

    ما من شك أن طرق العلاج المختلفة في عالم الطب قد تنوعت واختلفت وتشعبت لدرجة أنه يصعب على أي طبيب متخصص في مجال بعينه، أن يحيط علمًا بكل دقائق تخصصه، فهذا علاج بالأعشاب الطبية، وذلك علاج بالإبر الصينية وثالث علاج بالمناظير الطبية ورابع علاج بالأشعة وخامس علاج بالجراحة وسادس بالجلسات النفسية، والعلاج بالموسيقى ويعوزني الوقت ومساحة النشر لذكر أنواع العلاجات المختلفة. ولكل من هذه الأنواع والطرق فوائدها ونتائجها الرائعة، لكنها لا تخلو في غالبيتها العظمى، إن لم تكن كلها، من آثار جانبية ومضار صحية، قد تكون أسوأ من المرض نفسه أو الحالة المراد علاجها، وليس هناك من علاج ناجح  لمعظم الأمراض التى تصيبنا في هذه الحياة الدنيا، ولذلك، فقد أظهر الإنسان كل اجتهاد في اكتشاف طرق ووسائل ومواد ووصفات لعلاج نفسه ومن حوله، ولا مانع عند البعض من خلق الله أن يستخدم أي نوع من الأطعمة أو الأدوية أو الأعشاب أو حتى التعاويز والأحجبة وقراءة الكف وزيارة الأضرحة وجلسات الزار طلبًا للشفاء الجسدي أو النفسى أو الروحي أو لطرد الأرواح الشريرة وغيرها حتى يحصل على شفائه سواء أكانت العلاجات المستخدمة مدروسة ومقننة ومجربة ومعتمدة بطريقة علمية أم مجرد خزعبلات متوارثات عن الأجداد، فالإنسان مستعد أن يقبل أي شئ وكل شئ للحصول على شفائه.

   وبالرغم من أن العالم حولنا قد أجرى تجارب حول الموسيقى وتأثيرها على المرضى وخاصة مرضى السرطان ومرضى نقص المناعة والأمراض النفسية والعصبية، وعلى تأثير الموسيقى على الزروع والورود والنباتات والأشجار ودونوا نتائج مبهرة لتجاربهم ودراساتهم، وبالرغم من ذكر الكتاب المقدس لحالات مرضية وكيف كانت للموسيقى والتسبيح تأثيرها على حالاتهم النفسية والعصبية والروحية، لكن القلة القليلة جدًا من المسيحيين المؤمنين الحقيقيين بالمسيح، الذين يؤمنون إنه الشافي الوحيد لجميع الأمراض والعلل، قلة نادرة هم الذين يمكنهم أن يقبلوا أن هناك ما يسمى بالعلاج بالتسبيح، ومن الصعب جدًا أن نقنع الكثيرين بتجربة العلاج بالتسبيح والترنيم، مع أن كتاب الكتب، الكتاب المقدس، ينص على أن الموسيقى التى كان يعزفها الشاب داود بن يسى البيتلحمى في محضر شاول ملك إسرائيل الأول كانت سببًا في أن تذهب عن شاول حالات الغضب والهيجان العصبى الناتجة عن تأثير الروح الشرير الذي كان يبغته، وعندما أراد نحميا أن يخرج شعبه من حالة الفشل والإحباط التى أصابتهم وهم يبنون سور أورشليم قال لهم: “افرحوا لأن فرح الرب هو قوتكم” وعند اكتمال السور وضع عليه مرنمين ومسبحين. وعندما أراد أليشع النبي أن ينبأه المولى القدير بما كانت تحتاجه الملوك المحاربة للتغلب على حالة الجفاف التى كانت تهدد الجيوش المحاربة بالدمار قال اليشع: “أأتوني بعواد” أي عازف للعود ولما بدأ العواد بالعزف، حل على أليشع روح الرب وتنبأ، وغيرها من الأمثلة الكثير. هذه الفئة الكبيرة العدد من المؤمنين لا تقبل فكرة العلاج بالتسبيح مع أن العلاج بالتسبيح ممتع وملذ وسهل ومضمون وليست له أية آثار جانبية سلبية وقد يكون شافيًا لمجموعة من الأمراض النفسية والروحية وحتى الجسدية في نفس الوقت وغير مكلف للمسبح على الإطلاق، علمًا بأنه كلف المسيح حياته، لكى يضمنه لنا بعمله الكفاري على الصليب.

    ولاكتشاف تأثير التسبيح على شفاء الأمراض في حياتي  شخصيًا وحياة الكثيرين ممن حولى قصص وروايات لا تكفي مجلدات لاحتواءها، وإليك واحدة منها، كنت ذات يوم في إحدى الولايات الأمريكية للحديث في لقاء مع عدد كبير من القادة الروحيين في الكنائس الأمريكية، كان حديثي عن مقارنة الأديان وكشف حيل وأساليب روح ضد المسيح، وفي الليلة السابقة ليوم اللقاء دعتني السيدة المسؤلة عن ترتيب اللقاء وزوجها لتناول العشاء معهم في أحد المطاعم، كنا نتناول طعام العشاء عندما لاحظت أن السيدة كانت تنظر إلى وقد استغرقت في تفكير عميق ثم بدأت الحديث معى قائلة: د. ناجي أنا عندي مشكلة وأريد أن أشاركها معك، ثم التفتت إلى زوجها وسألته: هل تسمح لي بمشاركة مشكلتي مع أخي ناجي؟ أجاب الزوج بالتأكيد، قالت الأخت: نعيش أنا وزوجي في بيت جميل، وليس لدينا مشكلة مادية، فنحن نشكر الله، لأنه وهبنا الكثير لنستمتع به ونشاركه مع الآخرين، ولدينا أولاد ربيناهم في مخافة الرب وإعلاناته وهم خدام للمسيح في بيوتهم وأشغالهم، ولدينا كنيسة رائعة نخدم فيها الله، ولدينا، زوجي وأنا، مكتب للخدمة نساعد فيه الناس على الحياة الصحيحة مع المسيح وعلى إقامة المؤتمرات كهذا المؤتمر الذي ستتحدث فيه غدًا، ولدي زوج هو بالحقيقة رجل الله، فليس لدينا أية مشكلة شخصية أو عائلية أو مادية، باختصار لدينا كل ما نحتاجه لكي نعيش حياة هادئة مطمئنة في سلام وفي خدمة مثمرة للمسيح. كانت محدثتى تتكلم بكل مشاعرها وبصدق نابع من داخلها وكنت أشعر أنا بذلك، قلت لها إن كان لديكم كل هذا، فأين المشكلة؟ ابتسمت وقالت: يبدو أن المشكلة هي أنا، المشكلة إنه تنتابنى حالة من الاكتئاب النفسى العميق جدًا، فأصبح كالمجنونة التى لا تطيق نفسها أو من حولها، حزن واكتئاب شديدان ينتهيان بي إلى الإنطواء والانعزال التام في غرفة في بيتى لمدة أسابيع وفي بعض الأوقات شهور، سألتها: وما تشخيص الأطباء لهذه الحالة؟ أجابت: اكتئاب حاد، قلت: هذا واضح، لكن ما السبب الطبي الذي يؤدي بك إلى هذه الحالة في رأيهم؟   قالت: لا شئ يمكنهم اكتشافه، فقد قمت بعمل كل الفحوصات الطبية والتحاليل المعملية والأشعة المقطعية والنتيجة لم أنتفع شيئًا، مازلت أعاني من هذه الحالة التى تصيبنى على فترات متقطعة، قالت محدثتي: انفقت الكثير من المال والوقت والجهد والقوة وأضاعت مني هذه الحالة الكثير من الطاقة التى كان من الممكن أن أستخدمها فيما ينفعني وينفع الآخرين، قلت: إن كنت قد انفقت أموالاً كثيرة، فكم تعطينى أنا إن شخصت لك حالتك وعالجتك علاجًا أكيدًا؟! ضحكت محدثتي وقالت: أعطيك ما تطلب من المال، قلت سيكلفك علاجك أربعين دولارًا، قالت: بسيطة، قلت: علاجك أن تشترى ٤ أقراص CD بها ترانيم تسبيح، وأقصد التسبيح الذي لا يتكلم عنك أو عن حالتك بل يروي مراحم الله وإحساناته وعظمته وملكوته ومحبته ويعلى اسم إلهنا عالى عالى لفوق، وعليك أن تستمعي لهذه الأقراص في بيتك وفي سيارتك وفي مكتبك، بشكل متواصل وخصوصًا عندما تأتيك حالة الاكتئاب، أو عندما تقومين بإعداد أي لقاء للحديث عن روح ضد المسيح، نظرت إليّ السيدة وكأنني أهذي وقالت: ما علاقة ما عندي من اكتئاب بالتسبيح؟  قلت: إن المؤتمرات واللقاءات ومكتب الخدمة التى تمتلكيه يقوم بالعمل على فضح روح ضد المسيح، قالت: نعم، قلت: وروح ضد المسيح هذا هو روح الاكتئاب والحزن والفشل واللارجاء لا في الدنيا فحسب، بل وفي الآخرة أيضًا، قالت: نعم، قلت: فعندما تهاجمين روح الفشل والاكتئاب، ماذا تتوقعي أن يصيبك؟ قالت: فشل واكتئاب، قلت: تمامًا وهذا هو الحادث معك بالضبط، قالت: ولكن ما علاقة التسبيح بروح ضد المسيح أو بالاكتئاب الذي يسببه روح ضد المسيح؟  قلت: إن تسبيح العلى والدخول في محضره يجعل الاكتئاب والحزن والتنهد يهرب ويعالج حالات الاكتئاب المزمن فهناك من المؤمنين من يعيشون في حالة الاكتئاب والانحناء هذه لسنين وهم يظنون أنها جزء من الحياة المسيحية التقوية والزهد في الحياة الدنيا والانفصال عن العالم المادي الملموس، ضحكت محدثتي وغاصت في تفكير عميق، والحقيقة أنني لم أكن متأكدًا من أنها اقتنعت بهذه الطريقة لعلاج حالتها التى وصفتها هي بالخطيرة والمزمنة، مع أنني أكدت لها أن هذا ما كان يحدث لي أنا أيضًا في مرات كثيرة، لكن لساعات قليلة، صحيح أننى لم أحتج أن أرى أحد الأطباء الأرضيين كما فعلت هى، وصحيح لم تكن هذه الحالة تعزلني عن الناس أو العلاقات أو خدمتي لأي مساحة من الوقت، لكنها كانت تنتابني بلا شك إلى أن أعلن الله لي عن طريقة العلاج بالتسبيح، وأكدت لها أنني لا أعتقد أن هناك أحدًا من خلق الله على الأرض لم يتعرض لمثل هذه الحالات التى اختبرتها أنا وتختبرها هي، قالت محدثتي: هل يمكن أن تقص على حكايتك لأرى مدى تطابقها مع حالتى لأنني في الحقيقة، وبالرغم من أن هناك تأكيدًا داخليًا يؤكد لي أن تشخيصك لمرضى تشخيص سليم وأن العلاج بالتسبيح في حالتى هو أيضًا أكيد، لكن لكوني لم أكن أتوقع لا هذا التشخيص ولا طريقة العلاج، فأنا أحتاج أن أسمع منك حكايتك في علاج الاكتئاب، قلت لها: دعينى أقص عليك حكايتي بالكامل، كنت في فترة من فترات حياتي، وقبل ظهور الفضائيات التليفزيونية المسيحية، أقوم بكتابة وتسجيل وإذاعة برنامج إذاعي بعنوان “نور وحق”، وكان برنامجي هذا يتناول موضوعات عن مقارنة الأديان، وذلك قبل ظهور الأحباء المدافعين والمقارنين للأديان بعضها مع بعض الآن على شاشات الفضائيات، وقد لاحظت أنه عندما كنت أكتب المادة الروحية المراد تسجيلها كنت أشعر أننى أسبح في عالم من القوة والإرشاد الإلهى والنصرة والفرح، وكثيرًا ما توقفت عن الكتابة وكنت أتعجب من الأفكار الروحية التى كانت تتوارد على عقلى، فأدونها وأشكر الله لأجلها وأنا على ثقة أنها آتية لي مباشرة من روح الله القدير وبنعمته، وكان هذا يملأني سرورًا، فيفيض قلبى بحمده، تبارك اسمه، لكنني لاحظت أكثر من مرة أنه بمجرد انتهائي من كتابة هذه الحلقات كان حلقي يمتلئ بمرارة غريبة وأشعر بحزن واكتئاب عميق، ضيق ويأس وفشل وكأن الدنيا قد أصبحت أضيق من أن تحتوينى، وكأنني أجرى وراء سراب ولا طائلة أو فائدة من كل ما أكتبه أو أسجله، وكثيرًا ما تواردت على ذهنى عبارة مفيش فايدة، كفاك كتابة وتسجيل وإذاعة وتضييع للوقت والجهد والمال، لا أحد يسمع، وإن سمع أحد، فلن يفهم، وإن فهم، فلن يقتنع بما تقول وسيبقى الحال على ما هو عليه وعليك بالبحث عن شئ آخر يكون نافعًا لك وللناس الذين تظن أنهم يسمعونك ويتأثرون بما تقول، باختصار كنت وكأنني تلميذ فاشل لم ينجح في امتحان نهاية العام، كنت أسأل نفسى: ما الذي أصابني فجأة بهذه الحالة اليائسة البائسة المحزنة؟  ما الذي حدث حتى أتحول من حالة الفرح والإحساس بحضور الله حولى والنصرة إلى حالة الحزن والاكتئاب والفشل؟ وكثيرًا ما كنت أحاول أن أفحص نفسى في محضر الله، هل هناك من سبب ما داخلى سبب لي هذه الحالة المفاجئة من الألم والحزن واليأس، لقد حدثت لي هذه الحالة أكثر من أربع مرات في أقل من ٦ أسابيع، فتوجهت لله طالبًا منه العلاج، وجاء الجواب الذي أثق أنه كان منه، سبحانه، مباشرة في صورة حديث مع النفس، فكنت على يقين أن هناك من كان يحاورني، يسألنى وأنا أجيب، وكنت متأكدًا أن سائلى هو لست أنا بل روح المسيح الساكن في كل الذين قبلوه، فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله، سألنى صوت داخلى: هل حدثت لك هذه الحالة من قبل؟ قلت: نعم، قال الصوت: وماذا كنت تفعل في كل مرة أصابك هذا الاكتئاب؟ قلت: في كل مرة بلا استثناء، كنت أكتب حلقات هذا البرنامج وأقارن ما بين الأديان أو كنت قد انتهيت لتوى من الحديث في أحد المؤتمرات فاتحًا عيون الحضور على خطورة عدم إدراك من هو روح ضد المسيح وكيف تتغلب عليه، قال الصوت: هل تعلم أن وراء كل دين في الأرض روح بل جيش من الأرواح تعمل لخدمته ونشره والتعامل مع الناس من خلاله سواء أكانوا على دراية بهذه الحقيقة أم لا؟ أجبت: نعم أعلم هذه الحقيقة، وهنا أريد أن أوضح للقارئ العزيز ما كنت أدركه عن هذا الحوار، لقد كان الغريب في هذا الحوار هو أن الصوت أو الأفكار التى كانت داخلى كان المتحدث بها يسألنى عنها ولا يترك لي فرصة لقبولها أو رفضها أو لإبداء رأيي فيها، وكانت أسئلته ليس لأنه لا يعرف الإجابة عليها بل كمن هو العليم بكل شئ، لكن الحوار كان لكي يعلمنى شيئًا، أنا محتاج إليه، وكنت بمثابة غريقًا في بحر يأسى وفشلى وفي حاجة لمن يخرجنى من هذه الحالة، وكنت على يقين أن هذا الصوت الداخلى هو المنقذ الوحيد لي، والذى كانت أسئلته تحمل في طياتها حقائق يمكن فهمها واختبارها وقوة لتنفيذها، وليس أمامي من طريق آخر سوى الاقتناع بها وتصديقها والإيمان بأن إرشادات وتعليمات قائلها لا مفر من قبولها إن شئت الشفاء من حالتى تلك، قال الصوت: إن الدين، أي دين بغض النظر عن طبيعته ونوعه واسمه، الذي لا يتكلم عن المحبة والقداسة والفرح والسلام وطول الأناة والوداعة والتعفف تكون الأرواح الخادمة له أرواح اكتئاب وحزن وعنف وقتل وخصام وانقسام وانشقاق وانتقام وكراهية وبغضة وما شابهها، وعندما تكتب أنت برامج إذاعية لفضح مثل هذه الأرواح وتحذر من التعامل معها ومن خلط التبن مع الحنطة وتبصر الناس كيف تتغلب عليها، فماذا تتوقع من هذه الأرواح إلا أن تصيبك بما تحمل في طبيعتها؟! أي بكل يأس وضيق وفشل وحزن واكتئاب. كنت أصادق على كل ما علمنى إياه القدير ليس فقط لأنني كنت أعلم من هو محدثي وهو العليم الحكيم اللطيف بل لأن كل ما قاله كان حادثًا بالفعل لي وملموسًا بالتأكيد في حالتى. قلت لمحدثى: نعم أنا مؤمن بهذه الحقيقة ولكن بالرغم من إيماني بها إلا أنه في كل مرة كنت أصاب فيها بهذه الحالة، ومع أني كنت وأكثر من العياذ بالله، ومن ترديد آيات الكتاب المقدس، وانتهار الشيطان عشرات المرات وأذكره أنه عدو مهزوم في الصليب وأن له مصير أبدي في جهنم النار محتوم من الإله القادر على كل شئ، إلا أن الحقيقة هي أن حالتى لم تكن تتحسن سريعًا وكنت في النهاية أشعر كمن صارع لمدة طويلة وحوش غير منظورة، فيصيبنى الإعياء والتعب، فأميل إلى الوحدة والانفراد بنفسى بعيدًا عن كل ما حولى ومن حولى، وكنت أحتاج إلى وقت للخروج من هذه الحالة، قال صوت محدثى: إن لكل داء دواء، فبالرغم من فائدة كل الأدوية المستخدمة في علاج الأمراض إلا أنها لا تكون جميعها على نفس المستوى من التأثير وعلاج الأمراض المختلفة، قلت إذًا فماذا عن مرضى أو حالتي التى أنا فيها؟ أعطنى الدواء الشافي لأتخلص من هذا الاكتئاب والحزن والإحساس بالفشل، قال الصوت الداخلى: إن العلاج لحالة الحزن والاكتئاب والفشل التى تصيبك هو التسبيح.

    توقفت برهة من الزمان ثم قلت للسيدة الجالسة أمامي: نعم كانت الإجابة تبدو وكأنها غريبة عجيبة على مسامعى، تمامًا كما هو حادث الآن معك وربما مع زوجك أيضًا، تابعت الحديث عن الصوت الذي كان قد تكلم إلي، قلت لمحدثتى: لقد سألت من كان يتكلم إليّ قائلاً: فكيف يكون التسبيح علاجًا لمثل حالتى هذه؟  قال الصوت: نعم التسبيح، التسبيح المبني على كلمة الله الحية الفعالة التى هي أمضى من كل سيف ذي حدين، كان لسان حالى عندها أنا مش فاهم، ما هى علاقة التسبيح بحالة الاكتئاب والفشل التى أشعر بها؟ عظيم هو القدير وحنان وطويل الروح وكثير الرحمة، قال الصوت: إن سبب اكتئابك هو روح ضد المسيح الذي تكتب عنه وتفضح أعماله وهو روح شيطاني وهو منبع وأصل الاكتئاب ورفيق المكتئبين والذي يحفظ من يتبعونه ويؤمنون به في حالة من الكآبة والحزن وغير اليقينية في دخول السماء أو اي شئ آخر، حيث لا رجاء لهم في المسيح المصلوب والمقام، إذًا، فالعلاج لحالتك هو في روح الفرح الذي يعطى الذين يؤمنون به ثقة بالدخول إلى حياة النعمة التى نحن فيها مقيمون ومصيرهم إلى النعيم الأبدي، حيث لا حزن ولا وجع ولا صراخ، والمادة الفعالة ضد هذه الحالة، والعنصر الأساسي في جلب الفرح  ورؤية الأشياء في محضر الله كما يراها القدير سبحانه هو التسبيح المبني على كلمة الله وليس ترانيم البؤس والشقاء والندب والعويل والمراثي حول نفسك وظروفك ومن حولك، تلك الترانيم التى كثيرًا ما ترنمونها في كنائسكم، وذكرني صوت محدثي بإحدى المرات التى أصابتنى حالة من الفشل والحزن والتمرد، حتى عليه سبحانه الذي أستغفره وأتوب إليه، فقد كنت مضطرًا للبقاء في أمريكا وكانت زوجتي وابني الأكبر في مصر، وكنت أكره من كل قلبي الاستمرار في التواجد في أمريكا بمفردي، لأسباب كثيرة، وقد كنت غير قادر على النزول إلى مصر لأسباب لا يد لي فيها بل تتعلق جميعها بخدمة الله وخطته لحياتي والبقاء في مشيئته سبحانه ولا داعي الآن للدخول في تفاصيل تلك الفترة العصيبة من حياتي، وذكرني محدثي كيف أننى في وقت كنت أصرخ بأعلى صوتي في بكاء ونحيب كطفل صفعته أمه على وجهه بكل قواها، لدرجة أنني كنت أزج بالوسادة التى كانت على سريرى في فمي، حتى لا يسمع صوت صراخي من هم في الغرفة المجاورة لي، وكنا يومها في أحد المؤتمرات المسيحية الروحية على جبل من جبال كاليفورنيا، ذكرني بحالة الاكتئاب التى كنت أعاني منها وكيف أخرجنى، سبحانه، من حالتى تلك وكيف أمرني أن أفتح باب شرفة غرفتي وأنظر إلى الجبال والأشجار وهي تتمايل وتسبح بعظمته ومجده وحمده، وكيف طلب منى، سبحانه، أن أسبحه على أعماله، لأنها كلها بحكمة صنعت، وكيف ابتدأت التسبيح وكأنني طفل لا يستطيع النطق بالكلمات بسبب صراخة، فتختلط كلماته في فمه بطعم دموعه المالح، وكيف أنني بدأت في تسبيح الكلمات “أيها الرب سيدنا ما أمجد اسمك في كل الأرض، حيث جعلت جلالك فوق السموات، إذا أرى سمواتك عمل أصابعك القمر والنجوم التى كونتها، أيها الرب سيدنا ما أمجد اسمك في كل الأرض” ذكرني كيف تبدلت حالتى في غضون دقائق معدودات من التمرد والفشل والحزن واليأس إلى حالة من الفرح والسلام والثقة في أن إلهى حي، قادر قدير وأنني قادر بإلهي على تحمل الصعاب والضيقات وأننى أعظم من منتصر فيه – له المجد- لأنه أقامنى معه وأجلسنى معه في السماويات. ولقد تأكدت يومها وإلى هذه اللحظة إن العلاج بالتسبيح ليس تعويزة سحرية أو ممارسة ميكانيكية تؤدي للشفاء بل هو حالة من الخروج من التركيز على النفس والظروف والأمراض والمشاكل إلى التركيز على من هو الإله الحي القدير الذي أعبده والذي أنا واقف أمامه. التسبيح ليس مجرد ترديد كلمات بل هو تواجد في محضر القدير والاشتراك مع السماويين في نشيد اعتراف وتلامس مع عظمة الخالق.

    عندما انهيت اختباري مع الاكتئاب والتسبيح لمعت عينا محدثتي وقالت: سأنفذ بالحرف الواحد كل ما قلته، وبعدها افترقنا كل إلى حال سبيله، ولم أتقابل معها ولا مع زوجها إلا بعد مرور عامين على هذه الواقعة، وما أن رأتنى حتى ابتسمت ابتسامة حكت لي فيها  اختبار نصرتها على الاكتئاب دون النطق بكلمة واحدة، وقبل أن تنطق ببنت شفة بادرتها بالسؤال: ما هى أخبار الاكتئاب هل لازلت تتعرضين لنوباته كما كنت؟  ضحكت من كل قلبها وقالت: بعد أن انتهى المؤتمر الذي تقابلنا فيه وبعد أن شخصت مرضي وعلاجه، ذهب واشتريت عشرات الـCDs لمسبحين ممتلئين من الروح القدس، وبعدها جمعت إلي كل من كانوا يعملون في مكتبي الخاص، وقلت لهم: أنتم تعلمون ما تعودت أن أمر به من اكتئاب، الأمر الذي يدفعنى أن أمكث في بيتى ولا أجئ إلى خدمتي وهذا المكتب لأيام أو أسابيع، وأنتم تعرفون رحلتي مع هذا المرض وما كلفني من مال وضياع للوقت ووهن في جسدي كله، لكن هذا ما حدث معي هذا الإسبوع، قالت محدثتي: لقد رويت لهم كل ما دار بيننا، وقلت لهم: أنا أحتاج أن أسبح وأستمع إلى تسبيح مستمر للتخلص من هذه الحالة، قالت: ولمدة ساعات كان التسبيح يذاع في مكتبي وسيارتي وبيتي حتى في بعض زياراتي للمقربين مني، سألتها: والنتيجة؟  قالت: لم أتعرض لأي نوبة من الاكتئاب منذ ذلك الحين، أي منذ سنتين، وأنني على ثقة أننى شفيت تمامًا لبقية عمري.

    لقد تم علاج كثير من الأفراد والبيوت وانقساماتها عندما قرر أحد الطرفين استخدام التسبيح المستمر وإذاعة كلمة الله من الكمبيوتر الخاص بهم في بيتهم حتى أثناء نومهم، ولمعرفة هذه الحقيقة من قبل العدو إبليس، حقيقة الشفاء بالتسبيح، فقد عمل كل جهده لضمان عدم التسبيح في أغلب البيوت والكنائس، وخلط مفهوم التسبيح بمفاهيم كثيرة حتى يصعب على المؤمنين تمييز الغث من الثمين، وخلط تسبيح الإله الواحد بالتواشيح والسهرات الرمضانية والمديح لروح ضد المسيح واستبعد من التسابيح والمدائح في الحفلات والسهرات، استبعد اسم المسيح واكتفى بكلمة الله، وردد الحضور في بعض الكنائس ترانيم الله الله الله المستبعد منها عن قصد اسم المسيح لاستخدامها في تلك اليالي الفنية من قبل نجوم الفن والغناء المسيحيين والمسلمين على السواء، وأخفى عن المسبحين أن عمل السمائيين حتى الآن وإلى الأبد هو تسبيح الخروف المذبوح القائم في وسط العرش قائلين: “مستحق أنت أيها الخروف المذبوح أن تأخذ المجد والكرامة ……” وأصبح هناك ترانيم وتسابيح بروتستانتية لا يجوز ترنيمها في الكنائس الأرثوذكسية وتسابيح أرثوذكسية لا تصلح لترديدها في الكنائس الإنجيلية وغيرها، وإن سبح الفرد خلط بين تسبيح العلى والشكوى من ظروفه وأحواله هو وبلده ومن حوله، وإن سبح بالروح والحق لا يتوقع أن التسبيح يمكن أن يكون واسطة في شفائه ولا يعمله كفعل علاجي لأمراضه، بل ويعتبر المنادين بذلك إخوان الشياطين، ونجح في خلط التبن مع الحنطة.

    ودعني أقرر أنني لم أبنِ رأيي في قضية العلاج بالتسبيح لا على اختباري الخاص ولا على اختبار هذه السيدة ولا على إرشاد القدير لي شخصيًا كما في اختباراتي الخاصة، لكن على الكلمة النبوية وهي أثبت، فالتسبيح في الكتاب المقدس وتأثيره على النفس والجسد والروح أكبر من أن يكتب في كتب ومخطوطات، فالتسبيح هو البوابة التى يدخلنا الروح القدس منها إلى قدس أقداس العلي وعندما نسمع الملائكة تقول: قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض وتهتز أساسات العتب ويمتلئ البيت دخانًا، عندئذ تشفى أمراضنا وينتزع إثمنا ويكفر عن خطيتنا، فنصبح في سلام مع النفس والقريب والله، فأي علاج أنجح لارتفاع ضغط الدم العصبى وارتفاع نسبة السكر في الدم الناتجة عن هموم الدنيا ومشاكلها أنجح من التسبيح؟ وأي علاج للأمراض الروحية كالفشل والخوف والغضب واليأس أكثر فائدة من أن تتلامس مع القدير، سبحانه، من خلال التسبيح المبني على كلمة الله؟ ألم يقل الكتاب: من أفواه الأطفال والرضع أسست حمدًا لتسكيت عدو ومنتقم؟ وفي النهاية دعني أضع طرقًا عملية للاستفادة من العلاج بالتسبيح في البيوت، فإلى كل بيت منقسم على ذاته وتتزايد مشاكله يوم بعد يوم، وإلى كل بيت يجلس فيه مقعد أو مريض ملازمًا للفراش، وإلى كل بيت به مريض أو مرضى نفسيًا أو روحيًا أو جسديًا، اجعل تسبيح العلى يسمع في بيتك. إلى قسم الإذاعة الداخلية في المستشفيات والملاجئ والسجون، ضعوا موسيقى لتسبيحات يرشدكم إليها المؤمنون المسيحيون، فالتسبيح يعطى أملاً ورجاء للمأسورين والمقيدين والمرضى والمعوقين والملبوسين بأرواح شريرة، التسبيح يخرج المريض من التركيز على مرضه إلى عالم الروح والشفاء الحقيقي، التسبيح يفتح الأجواء السماوية، فينظر المرء لمشكلته من السماويات وعندها سيشفى نفسًا وروحًا وقد يكون جسدًا أيضًا.

    لقد أنشأ المبشر العالمي الشهير وليم برانهام  من استخدمه الله في شفاء ألاف المرضى مدينة للشفاء يستخدم فيها التسبيح وقراءة كلمة الله فقط لعلاج المرضى الذين كانوا يستجيبون للعلاج وقد شفى القدير الكثيرين من خلال هذه الطريقة الكتابية، لقد كانت المبشرة الشهيرة “كاترن كولمن” تصر على إذاعة الموسيقى والتسبيح في المكان الذي كانت تقيم فيه اجتماعاتها لشفاء المرضى لمدة ٤ ساعات قبل بداية الاجتماع وكان الداخلون لمكان الاجتماع يشعرون بالسلام وقوة الشفاء تسرى في أعماقهم حتى قبل بداية الاجتماع، لقد شفى القدير المرأة التى كان سبحانه يستخدمها في شفاء آلاف المرضى ” أيمي سمبل ماكفرسون” والتى كتب عنها في كتب التاريخ الكنسي في أمريكا إن ظلها كان يشفي المرضى الذين كانوا ينتظرونها لتمر من أمامهم في طرقات المبنى المؤدية إلى صالة الاجتماع، وهي أول من أسس إذاعة مسيحية بالراديو في أمريكا شفيت هي نفسها عن طريق التسبيح عندما احترقت يدها ولم تستطع أن تعزف البيانو في أحد الاجتماعات، فعيرها أحد الحضور قائلاً: “إن كان مسيحك يشفي المرضى كما تدعين، فلماذا لا يشفيك أنت من حروق يدك؟!”، فما كان منها إلا أن جلست إلى البيانو ورنمت “أسبح وأرنم لإلهى القادر على شفائي”، فبرئت يدها في الحال أمام الجميع.  نعم هناك طريقة مسيحية روحية للشفاء والعلاج وهي “العلاج بالتسبيح”.

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا