ما كان أسعد الشعب المصري لحظة سماعه الإعلان عن تنحي الرئيس السابق مبارك، حتى ظل الشارع المصري يتحرك بأمواج من البشر تهتف وترقص وتغني وتُكَبِّر وتهنئ بعضها البعض لساعات طوال دون توقف، والسعادة والفرحة تملأ القلوب والوجوه والبيوت، وكأن جميع مشاكلنا كمصريين انتهت في لحظة دون رجوع.
وطبيعي في مثل هذه الأوقات أن تبدأ الأحلام والتمنيات في الطفو على سطح الواقع وتطغى عليه حتى تغطيه بالكامل، فلا يستطيع أحد أن يراه أو حتى يفكر فيه، فيعيش المرء في حالة من إنكار الواقع جملة وتفصيلاً، وكعادتنا كشعب عربي، وخاصة مصري، نقوم بالفعل ثم نفكر في تأثيره ومشاكله وعواقبه، تغلُبنا مشاعرُنا وعواطفنا، أفراحنا وأحزاننا، عصبيتنا وكبتنا، وفي النهاية انفجارنا، فنتخذ القرارات في عجالة ثم نفيق على الواقع المخالف تماماً لما كنا نظنه أو نتخيله من أحلام وأفكار، لا يدري مصدرها إلا العليم بكل شئ، وحده من لا شريك له، وعندما يأتي الوقت الذي لا بد لنا فيه من الاصطدام بالواقع نتأسف، ونحبط، ونكتئب، ونفشل ونتهم الظروف والأيام والأحداث والناس جميعاً من حولنا بأنها السبب في إخفاقنا وفشلنا في تحقيق تخيلاتنا التي لا تقف على أرض الواقع ولا تمت له بصلة، ونعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا، ونردد الأمثال والحِكَم دون العمل بالحكمة المنطوية في كثير منها، ونمصمص شفاهنا قائلين “يا فرحة ما تمت” ونبدأ في البكاء على اللبن المسكوب، ولا ننتبه إلى ما تبقى من اللبن الذي في طريقه أيضاً للانسكاب، والمهم إننا نلتمس عشرات الأعذار والتبريرات لأنفسنا، ونكيل مئات الاتهامات لغيرنا، دون أن نعترف بأننا أخطأنا، ونعتذر عن الخطأ، ونتوب عنه ونطلب الصفح والعفو والغفران، ونطلب المساعدة من أهل الخبرة العارفين بالأزمنة والأوقات، والدارسين للخلفيات والشخصيات، والفاهمين بالأحداث والقضايا والمشكلات. فكما قال أحدهم إن أصعب كلمة على لسان البشر هي أخطأت، فلم يقلها أبوانا الأولين آدم وحواء، ولم يعترفا بها للرحمن الرحيم يوم أن عصياه، سبحانه، في الجنة وصدقا غواية الشيطان، ولم ينطق بها قايين الشرير يوم قام على هابيل أخيه وقتله لخلاف ديني بينهما، وهكذا هي عادة البشر. ففي قمة الإثارة بمصير حكم الرئيس المخلوع وفرحة الشعب الغامرة، وتخيلهم أنهم على وشك أن يكونوا أحرارا من كل طاغوتٍ عاتٍ ظالمٍ، بدأت موقعة الجمل وإطلاق البلطجية على الشعب لإرهابهم وعقابهم للوقوف في وجه المخلوع وعائلته، فتحولت الفرحة إلى حزن والسلام والأمان إلى خوف، والهدوء إلى غيظ وغضب وقلنا “يا فرحة ما تمت”. ونزل الجيش إلى الشارع المصري وشمر عن ساعديه وبدأ في ضبط الأمور ولو جزئياً، ففرحنا وهللنا وقفز الشباب فوق الدبابات والمصفحات والمدرعات رافعين وملوحين بالأعلام وكأننا انتصرنا على إسرائيل وأخرجناها من ديارها، ورأينا في الجيش المفتاح السحري ومصباح علاء الدين، فجاءت أحداث ماسبيرو، وداهمت المدرعات الشباب، ودهستهم تحت عجلاتها، وبدأ ضباطنا الأحرار في توجيه رصاصاتهم لرؤوس وعيون أترابهم من الشباب المصري، وتورط الجيش في مغازلة الإخوان المسلمين، وأساء التصرف في كثير من المواقف، وبدأنا الهتاف يسقط يسقط حكم العسكر، و”يا فرحة ما تمت”، فقلنا لابد للعسكر أن يرحلوا ويعودوا إلى ثكناتهم وأن يسلموا مقاليد الأمور لمجلس شعب جديد منتخب من بين أبناء هذا الشعب، ولا بد من تعديل الدستور القديم ليتناسب مع المرحلة الحالية، وتحمس الناس للاقتراع على تعديل الدستور وفرحوا فرحاً عظيماً، فلأول مرة يطلب منهم الإدلاء بأصواتهم فيما يتعلق بالدستور، بطريقة جدية يشعرون فيها بأن أصواتهم لها قيمتها، ونادى العقلاء والحكماء وذوو الخبرة، من المسلمين قبل المسيحيين، محذرين من بقاء بعض المواد المراد تعديلها ومن بينها المادة الثانية، ومنبهين لبعض المواد الأخرى الواجب تغييرها أو المراد إضافتها للتمرير مع غيرها دون التركيز عليها أو مناقشتها وإبداء الرأي فيها، هذه المواد المضافة، أو قل المقحمة على الدستور، ولم يسمع أحد، وبدأت معركة الصناديق، وحشد من لا علم لهم الجموع، مستغلين الدين للوصول إلى مآربهم، واقنعوا العامة والبسطاء والمغيبين من الشعب المصري، وهم الغالبية العظمى من هذا الشعب المسكين المغلوب على أمره، أن من يقل نعم للمادة الثانية فهو من أنصار الله وحزبه وإسلامه ومن قال لا فهو كافر، من حزب النصارى والليبراليين أعداء الدين، وأنصار الشيطان الرجيم، وهم من المغضوب عليهم والضالين والخاسرين إلى أبد الآبدين إلى يوم الدين، حيث لا ينفع مال ولا بنون، فالمادة الثانية من الدستور دونها الرقاب، يسيل لأجلها الدماء، ويموت فداءها الشهداء. وانتصر الإخوان والسلفيون في هذه المعركة، وهللوا الله أكبر، وفرح البسطاء بالنصر المبين، وبدأت انتخابات مجلسي الشعب والشورى، وملأت الفرحة مرة أخرى القلوب والوجوه، وخرج الناس ومنهم من كانوا، ولأول مرة، يشاركون في انتخابات على الإطلاق، وخاصة هذه المرة، والتي كان من المفروض لها أن تكون ديمقراطية وحرة بالفعل، وبالرغم أنها لم تكن، لكن العذر في ذلك يرجع إلى أن الديمقراطية والتحول من السلبية إلى الإيجابية السياسية أمر يولد مع الثورات، لكنه لا يكتمل إلا بالممارسة والتطبيق العملي والجهد والإصرار على تطبيقها، المهم أن يفرح الناس بعمل أيديهم، بانقلابهم الشعبي، ومنحهم حق المشاركة الفعلية في انتخابات حقيقية غير تمثيلية، وأتت النتائج، وتصدر فريق واحد المباراة، وحصل على أعلى الأصوات والكراسي في مجلسي الشعب والشورى، و”يا فرحة ما تمت”، رأينا العشرات ممن انتخبهم الشعب ليكونوا ممثليه وهم يغطون في نوم عميق في أول انعقاد لهذا المجلس المنتخب، ورأينا من قام بالآذان والدعوة إلى الصلاة أثناء انعقاد الجلسة، فيا لها من روحانية عالية لهذا الرجل الذي لم يستطع أن يصبر دون أن يصلي الفرض في وقته، فالآذان والصلاة بالنسبة له أهم من أي شئ آخر، حتى لو كان هذا الشئ هو تحقيق الأمانة التي إتمنه عليها مؤيدوه من الشعب، من إدارة شئونهم، ومناقشة مشاكلهم والإنابة عنهم في توصيل أصواتهم التي وهبوها إياه إلى أولي الأمر منا، وتوالى إصدار القوانين والتشريعات بأسرع من البرق، بنفس طريقة من أسماهم التيار الإسلامي الإخواني والسلفي “الفلول” من أعضاء الحزب الوطني القديم، رحمة الله عليه، الذي ظل لسنين عديدة يعمل بمنطق “الأغلبية تكسب” حتى لو كانت القوانين المعتمدة من الأغلبية تمر دون دراسة وافية وتمحيص دقيق، وليست في صالح الشعب، بل في صالح المجلس وأعضائه الذين وصلوا إلى كراسيهم بعد أن صوت لهم الناس، وبذل لهم الشهداء الدماء، فالموافق يرفع يده، وبعدها يقول رئيس المجلس موافقة، والعجيب أن يُودعْ رئيس مجلس الشعب السابق في السجن، ويحاكم لاستخدامه لنفس الأسلوب الذي يدار به المجلس اليوم، فالفارق الوحيد هو انتماء الأغلبية المُصوتة، فتأتي جل القوانين لضمان سيطرة هذا المجلس السيطرة الكاملة على مقدرات الأمور إلى الأبد، وأصبح لسان حالنا، “يا فرحة ما تمت”.
ثم طالب الناس العسكر بتسليم السلطة وبإجراء الانتخابات الرئاسية في وقتها، وفتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وعمت الفرحة الجميع حيث أصبح من حق كل مواطن أن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية، أية فرحة هذه أن يشعر المواطن مهما كان مستواه التعليمي أو الثقافي أو خبرته السياسية والمجتمعية، ولأول مرة في تاريخ مصر القديمة والحديثة، أن له حق الترشح لأرفع منصب في البلاد، لمنصب رئيس الجمهورية، وهلل الجميع وعمت الفرحة الصغير والكبير، الغني والفقير، وتسابق أكثر من 900 مرشح وملأوا استمارات الترشح، وهذه المرة ضحك العالم كله معنا، وأيضاً علينا، نحن أعرق الأمم على وجه الأرض وأكبرها حضارة وأعظمها تاريخاً في التوحيد والديمقراطية والعلم والحكمة والغنى والمساواة بين الرجل والمرأة، المهم في النهاية نفر قليل هم من استقر عليهم الاختيار ليكونوا المرشحين لهذا المنصب الخطير، وتحمس الناس وانتظروا بفرحة غامرة، وبفارغ الصبر اليومين المعينين للذهاب إلى صناديق الاقتراع، وذهبوا بكل حب لمصر وتوقع لغد مُشرق مُشرف، فرحين مهللين، تملأ أفواههم الضحكات وألسنتهم الترنم بحمد الله سبحانه وتنازله إلينا، وعيونهم من دموع الفرح والفخر والعزة والإجلال لهذا الوطن العظيم مصر، وبالرغم من المعركة الحامية الوطيس، التي شنها جل المرشحين بعضهم ضد بعض، وتقسيمهم المرشحين إلى أنصار الإسلام السياسي، والفلول، والليبراليين، وغيرها من التيارات، إلا أنه في النهاية قد أصبح لنا، كمصريين، احترامنا الذاتي، ومن حقنا أن نذهب إلى صناديق الاقتراع وننتخب من نشاء، وأصواتنا يعمل لها ألف حساب. فرحنا وفرح العالم كله معنا بهذه الخطوة في طريق الديمقراطية، لكن “يا فرحة ما تمت”، فحتى كتابة هذه السطور لم تعلن إلا النتائج شبه النهائية لانتخابات الرئاسة، وواضح أن الشعب المصري، وبمحض اختياره، وضع نفسه بين فكي كماشة الرئاسة، بين فك الإخوان وفك الفلول، مرسي وشفيق، علماً بأنني “وهذا رأيي الشخصي” أعترض على تعبير الفلول، فهو تعبير سياسي انتخابي مصطنع، حتى يخيف الناس، ودون تفكير كعادتنا في أمور كثيرة، من انتخاب مرشح كان له صلة أو مكان أو وظيفة ما ضمن النظام السابق، فلو كان هذا المرشح من الفلول لفل بما ملكت يداه، ولم يتصدر المعركة الانتخابية، ولما حصل على الملايين من الأصوات، والحمد لله أننى أكتب هذا الرأي وهذا المرشح يتبؤ المكان الثاني من حيث عدد الأصوات التي حصل عليها، وقبل إعادة الانتخابات ومعرفة من سيكون الرئيس الجديد، حتى لا يتهمني المغرضون بمحاولة إرضاء الغالب في هذا الصراع، فلست ممن يغيرون جلدهم وفقاً للمواقف، أو يركب موجة الغالب، فمن قال إن كل وزير سابق أو رئيس للوزراء أو قائد عسكري كان في منصب وقت أن كان الفل الأكبر رئيساً هو من الفلول، وإلا أما تطلق هذه التسمية أيضاً على كل أعضاء المجلس العسكري، وماذا عن المحافظين، والقضاة والصحفيين الذين كانوا يتغنون ببركات مبارك يوم أن كان رئيساً؟! أليسوا جميعهم من النظام القديم، أي من الفلول، من قال إن كل وزير أو قائد سابق كان راضياً عن سياسات مبارك مباركاً لها، من قال إن شفيق سيعيد مصر إلى عصر مبارك، فإن كان الشباب المصري قد استطاع أن يخلع مبارك نفسه، بالرغم من الحكم الديكتاتوري الذي كنا نعيشه تحت قيادته وقيادة عائلته ووزراء داخليته ومباحث أمن دولته ومخابراته الحربية والبوليسية، ألا يقدر هؤلاء الشباب أن يخلعوا شفيق أو غيره من الرئاسة إن لم يتعظ بمن كان قبله؟! أم أننا شعب اعتدنا على تكرار عبارات وإلصاق صفات بخلق الله دون تفكير وتريث، ولا نتعلم من أخطائنا إلا بعد فوات الأوان؟!
لكم تلقيت من أسئلة من الشعب المسيحي المصري تدور جميعا حول من ننتخب؟ هل يمكن أن تقول لنا اسم الشخص الذي ننتخبه، وماذا عنك أنت شخصياً؟ فمن ستنتخب أنت يا دكتور ناجي؟ ومنهم من قال سننتخب من ستنتخبه أنت حتى لو لم يكن في حسباننا، وكل مرة كان يكرر فيها أحدهم هذا القول، وأنا أعلم أنه من باب الثقة بي والاحترام لي، ولذا فأنا أشكرهم عليه، إلا أنني كنت أشفق على هؤلاء الناس، فأنا أعرف معاناتهم، وخصوصاً كمسيحيين، في اختيار مرشح بعينه، فمن يختارون، أممثل الجماعة التي قال مرشدها طظ في مصر، من يؤمنون بالسيف وأن المسيحي لا يصلح أن يكون والياً على المسلمين، وأن المرأة مخلوقة من ضلع أعوج؟ أم من كان وزيراً في حكومة المخلوع، الذي يقول عنه الكثيرون أنه سيعود بنا إلى أيام وحكم المخلوع؟ وبالرغم من إخلاص السائلين واستعدادهم المخلص لانتخاب من أشير به عليهم، وبالرغم من احترامهم لي لكني كنت أجد أنه في ذكر اسم معين لهم يكون هذا بمثابة إنقاص لآدميتهم، وتقليصاً لحريتهم، وتأثيراً على إرادتهم، وتقصيراً في دفعهم وتدريبهم على دراسة الوضع والوصول إلى قرار ممحص ومدروس من قبلهم قبل أن يساقوا وراء رأي لشخص آخر، مهما كانت ثقتهم في هذا الشخص، لذا كانت إجابتي عليهم بسؤال وهو، ما هي الصفات التي ينبغى أن يتحلى بها الرئيس الذي يستحق أن يتولى مقاليد الأمور بمصر؟ وكانت الإجابات تتراوح بين، “أن يكون راجل طيب يخلصنا من المشاكل اللي “قرفانا” وتحديداً مشاكل الخبز والبنزين وغيرها”، وبين “أن يكون حاكماً قوياً “يشكم” المسلمين المتطرفين ويرجعهم تاني للسجون علشان الدنيا تهدى”. وعندها كنت أعلم أن أصحاب هذه الإجابات يحتاجون أن يساعدهم أحد على التفكير الإيجابي السليم المنطقي والمسئول، وعند إبدائي عدم موافقتي على مثل هذه الإجابات، يأتي دور الشخص ليسألني نفس السؤال، “طيب” بالنسبة ليك أنت ماذا تنتظر أن تكون صفات رئيس الجمهورية الجديد؟ فأبدأ في الإجابة:
أولاً: أن لا يكون له تاريخ أسود أو مشبوه أوتشوبه وتحوم حوله الشبهات بأي شكل من الأشكال، فمن ينتمي لجماعة محظورة، تؤمن باستخدام العنف والقوة في نشر دعوتها وتصفية أعدائها، وقد فعلت ذلك بالفعل كما يشهد تاريخها القديم والحديث، وتتخذ لها شعاراً “وأعدوا” وسيفان متقاطعان، وتتلون بكل الألوان عند الحاجة، وقد بدأت القتل الديني والسياسي منذ تكوينها، وتؤمن بأن انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، ومن رأى منكم منكراً فليقومه بيده، حتى إذا لم يفلح في أن يقومه بلسانه وبقلبه أولاً، وتؤمن أن الكنائس التي تم استحداثها في بلاد المسلمين يجب أن تهدم، وما وجده المسلمون من كنائس قائمة في البلاد عند فتحهم إياها تترك حتى تسقط ولا يعاد بناؤها أو ترميمها، ولا تعترف بحق الآخر بالعيش الكريم على نفس الأسس والمبادئ التي تعيش هي عليها، إلا نطقاً وليس فعلاً لا يصلح أن يكون رئيساً لجمهورية بها تعددية دينية وعرقية.
2- من ينتمي إلى جماعة دينية لها مرشد تعلو كلمته على كلمة المرشح، وفقاً لتعاليم الجماعة وإيمانها وقناعاتها، لا يصلح أن يكون رئيساً للجمهورية.
3- من ينتمي إلى حزب أو جماعة دائمة النقض لعهودها وتعهداتها، ودائمة التراجع في تصريحاتها، ولا يكلفها إصلاح ما أفسدت إلا اعتذار لفظي فقط، لتخدع من حولها ولتلبس كل الألوان والأحجام، دون التحلي بالصدق والشفافية والوضوح في التعامل مع نفسها وشعبها، وهو أبسط قواعد اختيار أي مرشح لرئاسة أية جمهورية لا يصلح للرئاسة، فمن أدراني أنه لن يغير كلامه وينقض ما خرج من شفتيه بعد توليه الرئاسة لكل ما قاله أثناء حملته الانتخابية.
4- من ينتمي لجماعة وحزب لا يؤمن بالديمقراطية، كأساس وحيد للحكم إذا اختلفت الممارسة الديمقراطية مع تعاليم دينه، كأن يتولى مسيحي رئاسة الجمهورية، لا يصلح أن يكون رئيساً.
5- من يصف كتاب غيره “المقدس”، والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بأنه “مكدس”, ويقنع المغيبين زوراً وبهتاناً بأن الكنائس والأديرة أوكار لتخزين السلاح، ليس فقط لا يستحق أن يكون رئيساً لجمهورية مصر العظيمة، بل يستحق أن يأخذ فقط أقل القليل من أصوات الناخبين، مسيحيين ومسلمين ليعرف قدر نفسه.
6- من لا تتوافر لديه أية خبرة سياسية أو قيادية سابقة وعلاقات خاصة مع حكام ورؤساء، وله تاريخ في العمل السياسي مسبقاً ومؤهلات خاصة،سوى أنه عضو في جماعة لها كثير من الأنصار لا يصلح لرئاسة الجمهورية.
7- وعلى رئيس الجمهورية، أن لا يخلط الدين بالسياسة، مع وجوب أن يكون متديناً فلسنا بحاجة أن يحكمنا من لا دين له، لكنه كرئيس لا بد له من التفرغ لقيادة البلاد والسهر على سياساتها وأن يترك كل ما يتعلق بالدين للعلماء والقادة الدينيين، فلدينا منهم الكثير، ولدينا من فتاويهم ما ينوء بحمله الجمال.
8- ليس ذلك فقط، بل لابد لمن يستحق أن أعطيه صوتي الانتخابي وأتشرف بأن أدعوه رئيسي ورئيس مصر العظمى، أن يكون له تاريخ مشرف، في الوقوف مع الحق ضد الباطل ووضع مصر أولاً فوق كل اعتبار وارتباط حزبي أو ديني أو اجتماعي.
9- لابد أن يكون له برنامجاً محدداً يتعهد بتنفيذه قبل انتخابه، ويحققه بالفعل في فترة رئاسته بعد انتخابه، برنامجاً ليس فقط في إصلاح المفاسد والمشكلات، سياسية واقتصادية ومجتمعية، وغيرها، بل في استرجاع مجد الأمة المصرية ورفع رؤوس أبنائها في العالم كله.
10- أخيراً وليس آخراً أن يعلم ويؤمن أن عصر الحكم البوليسي قد ولى عن مصر، ولن يسمح الشباب بعودته مرة أخرى، ويؤمن أن وقت تحكم اللاعب الواحد في الملعب اليوم مضى، ولن يعود إلى الأبد، وأن الكرسي لن يدوم، لكن شعب مصر العظيم هو الدائم الوحيد إلى قيام الساعة بأمر الدائم الأوحد إلى أبد الأبدين.
والغالب بعد سماع محدثي كل هذه الأوصاف التي أريدها في رئيس مصر الغالية، ينهي السائل حديثه بالقول: “إحنا فرحنا وتخيلنا وكنا فاكرين إن الدنيا حوالينا هيتصلح حالها والأوضاع هتتعدل، لكن الواضح أن الواقع مختلف تماماً عن التخيلات، هيه يا فرحة ما تمت”.