بينما كنت أعد لكتابة مقالي لهذا الشهر، يونيو ٢٠١٩، والتى كان من المفروض أن تكون بعنوان “كنيسة الله وكنيسة اللاودوكيين” أرسل لي صديق عزيز رسالة شخصية على “الماسنجر” يقول فيها: (أتمنى لو كنت أنت رئيس الطائفة، ويقصد هنا رئيس الطائفة الإنجيلية، لكن سؤالي لك: ماذا كنت حضرتك ستفعل لكي يضبط الرب عمله في كنيستنا الإنجيلية؟، أثق في كلام حضرتك، يعلم ربنا، لن أبوح به لأحد، لكن نفسي أعرف هل عندك أمل للإصلاح؟. في خدمتي لما أدعى للخدمة بشوف العجب يا أبونا، أوعى تاخذ فكرة عني أني سوداوي، أنا حزين) بهذه الجملة “أنا حزين!”. أنهى صديقي العزيز رسالته لي.
كانت إجابتي للصديق العزيز:
عزيزي أخ (….)، لا، أنت لست سوداويًا، وهذه ليست فكرتي عنك. ثم كتبت له بعض الأمور التى كنت سأفعلها لو كنت رئيس الطائفة، وأنهيت كلامي له بما يلى: بالمناسبة رأيي هذا يعرفه الجميع، وأنا لا أخشى من نشره علنًا بكل الطرق.
بعد أن ضغطت على تطبيق إرسل، وقام تليفوني بإرسال ردي للأخ العزيز، أخذت أكرر بيني وبين نفسي، وأفكر بعمق، متسائلاً، صحيح ماذا لو أصبحت أنا رئيس الطائفة، ماذا كنت سأفعل لكي يضبط الرب عمله في كنيستنا الإنجيلية.
بدأت مع نفسي حوارًا بيني وبينها على النحو التالي:
أولاً: قالت لي نفسي أنت لست رئيس الطائفة الإنجيلية ولا يمكن أن تكون في يوم من الأيام، فدستور الكنيسة الإنجيلية الحالي لا يسمح لأمثالك بأن يتولوا هذا المنصب. تمامًا كما لا يسمح دستور مصر بتوليك منصب رئيس الجمهورية، لا فرق بين الدستورين، فأنت من الأقلية العددية ومن مختلفي المذهب في كلا الحالتين، أجبتها، وما ذنبي انا إن كان دستور مصر أو دستور الطائفة أو المتعارف عليه في الطائفة لا يسمح لأمثالي كرجل مسيحي إنجيلي من عامة الشعب أن يتولى رئاسة الطائفة. قالت نفسي، هذا ليس ذنبًا ولكنها الحقيقة التى ينبغي عليك مواجهتها أنت ومن مثلك والواقع المر المعاش.
ثانيًا: قالت نفسي، أنت لا يمكن أن تكون رئيس الطائفة الإنجيلية ليس بحسب الدستور فحسب، بل بسب الأعراف والتواتر، أي ما تسلمناه من السلف من القرارات والمعاريف، سواء أكانت المكتوبة أو غير المكتوبة، أو حتى غير المعلنة، ومع ذلك فإن هذه الأعراف تتمتع بقوة القانون في أمر اختيار الرئيس وخاصة فيما يتعلق بالناحية المذهبية. فرئيس الطائفة لابد أن يكون إنجيليًا مشيخيًا، فمع أنني لست أعتقد أن هذا قانون مدون بالدستور كتابة إلا أن هذا ما تسلمناه كمذاهب غير مشيخية من تواتر منذ عشرات السنين يوم أن تأسس المجلس الملي الإنجيلي العام، وبدأ العمل بمنصب رئيس الطائفة، الذي كان لقبه الرسمي قديمًا في الكنيسة والمصالح الحكومية “وكيل” الطائفة الإنجيلية. حيث كان القادة الأول يرون أن لقب رئيس لا يعطى إلا للمسيح وحده، وما كل منهم سوى وكيل عن الرئيس في إدارة وكالته.
أجبت نفسي بالقول إن الأنظمة الجائرة الظالمة والدستور وقوانينه أو معاريفه يمكن أن تتغير إذا ما أراد المخلصون المتعلمون من ممثلي الكنائس الإنجيلية جميعها تغييره، فما من ثابت في هذه الحياة الدنيا المتغيرة والزائلة غير كتاب الله الوحيد، الكتاب المقدس، الكلمة النبوية التى هي أثبت.
ثالثًا: قالت نفسي، أنت لا يمكن أن تصبح رئيس الطائفة بسبب هيكلة المجلس الحالية، فأكثر من ثلثي أعضاء المجلس من المشيخيين، والمشيخيون لن ينتخبوا رئيسًا للطائفة الإنجيلية من خارج الكنيسة المشيخية. فلم يحدث في تاريخ مصر القديم أو الحديث أن تولى شخص غير مشيخي رئاسة الطائفة فكيف لك، وخاصة أنت، أن تكون أول رئيس للطائفة غير مشيخي. قلت لنفسي وهذا أمر غير عادل ولا مبرر له لا روحيًا ولا اجتماعيًا أو حتى من مؤسسات حقوق الإنسان، لذا فلابد من إعادة هيكلة تكوين المجلس الملي الإنجيلي العام بما يضمن إتاحة فرص متساوية لكل أعضائه في كل المجالات ومن ضمنها تولي رئاسة المجلس.
رابعًا: قالت نفسي، انتبه وتحذر، فبما أنك لم تكن ولا يمكن أن تكون رئيس الطائفة في يوم من الأيام، لذا فلربما كان ما تراه تقصيرًا أو إخفاقًا أو غير صحيح في رئيس طائفة ما أو غيره من المسؤلين الكنسيين أو الحكوميين، تراه طبيعيًا منطقيًا سليمًا وتضطر أن تعمله أنت، وقد تعمل أسوأ منه إن أصبحت في مكان أحدهم، وعشت تحت الضغوط النفسية والروحية والأمنية التى يعيش فيها أولئك الأشخاص.
أجبت نفسي، هذا صحيح لا يمكن إنكاره، وليس في مقصدي لوم أو إتهام أو إدانة لا رئيس ولا مرؤوس، لا في الطائفة الإنجيلية أو غيرها من الطوائف أو حتى في الحكومة، فهذا أولاً ليس ضمن أولوياتي ولن يكون، ثانيًا، أنا أرى أن هناك طرقًا كثيرة للتعبير عن الرأي واتخاذ القرارات لتصحيح المسارات المعوجة وبناء الإنسان الإنجيلي الروحي والمجتمعي المتكامل والصحيح، وجعله في أحسن تكوين، وأهمها طريقة “رأى الروح القدس ونحن”، تلك الطريقة التى أسسها ومارسها بطرس ويعقوب ويوحنا المعتبرون أعمدة في الكنيسة الأولى والتى ثبت نجاحها مائة بالمائة حسب ما ورد في كتاب الله الكتاب المقدس.
خامسًا: قالت نفسي، أسمع نهاية الأمر كله، أنت لا تعيش في مصر، أنت تعيش في أغنى وأجمل وأكثر بلاد العالم حرية وديمقراطية، وهناك فرق كبير جدًا بين تفكير وظروف وإمكانيات وحريات شخص يعيش في مصر تحت الضغوط المادية والمعنوية والدينية والأمنية والكنسية والشيطانية وبين من يعيش خارجها في أي بلد آخر مهما كان، فكم وكم البلاد التى تعيش فيها أنت فالمثل المصري القائل: “اللي إيده في المية مش زي اللي أيده في النار!”. حقيقي ويعبر عن حكمة كبيرة، فاترك المُلك للمالك وكفاك تعلق بمصر والتفكير في إصلاحها وإصلاح الكنيسة، واستمتع بما أنت فيه، وصل لأجل مصر والمصريين وهذا يكفي وإن الله يحب المحسنين الصابرين.
قلت لنفسي أنت تتكلمين كإحدى الجاهلات، الجبناء، الباحثات عن الراحة الجسدية والسلام العقلي والاستقرار النفسي كما يبحث أولئك الذين يرغبون أن يقول فيهم كل الناس حسنًا. لكن ليتني بقادر أن أفعل ما تقولين، لو كنت بقادر على نسيان مصر وما فيها ومن فيها لأعطيت ظهرى لها ولعشت في دنيايا خالي البال سعيد الحال مستمتع بما حولي من جمال كما ترين.
ثم قلت لنفسي نعم هذا صحيح “أن اللي إيده في المية مش زي اللي إيده في النار؟!، هذه حقيقة معلومة ومقبولة، لكنك يانفسي أنت أكثر الكائنات الحية التى تعلمي أنني منذ أن أسست اتحاد الشباب المسيحي في مصر في ١٩٨١ ويدي لم ترفع أبدًا من النار ولم توضع في المية على الإطلاق، حتى بعد أن جئت إلى هذه البلاد التى يحلم جُل الناس بالحصول على مجرد موافقة من سفاراتها لزيارتها، ثم أن هناك أمورًا يمكن عملها ولا تحمل ذلك المقدار من الخطورة أو النار في تنفيذها ومن الممكن أن أعملها لو كنت أنا رئيس الطائفة. وبعضها كتبته بالفعل للصديق العزيز الذي أرسل لي هذا السؤال. أخذت أعدد لنفسي ماذا كنت سأفعل لو كنت أنا رئيس الطائفة، وكعادتي قررت أن أشارك معك – عزيزي القارئ – أفكاري:
١- قلت لنفسي أن أول شئ في خطتي التى سأعلن عنها قبل انتخابي رئيسًا للطائفة أنه بمجرد انتخابي وفوزي بالمكان سأعمل ما عمله الرئيس الروسي الأسبق ميخائيل جورباتشوف لما كان يعرف يومها بالاتحاد السوڤيتي، وهو إلغاء هذا الكيان المعروف برئاسة الطائفة والمجلس الملي الإنجيلي العام بكل فروعه وتخصصاته، ففي أمريكا وأوروبا والبلاد المتقدمة وحتى بقية البلاد العربية لا يوجد ما يسمى برئاسة الطائفة الإنجيلية، بل لكل مذهب إنجيلي رياسته وأعضاء مجلس إدارته، وهو مستقل تمامًا، في كل شئ، عن غيره من المذاهب الإنجيلية، ففكرة وجود ما يسمى برئاسة الطائفة أو المجلس الملي الإنجيلي العام هي فكرة مصرية خديوية إسلامية بوليسية قديمة.
فكما جاء بتاريخ تكوين المجلس الملي الإنجيلي أنه كان بناء على الأمر العالي من الخديوي عباس حلمي الثاني في مارس عام 1902 لتنظيم شؤون طائفة الإنجيليين في مصر، بتشكيل المجلس الإنجيلي العام ليمثل كل المذاهب الإنجيلية أمام الدولة. وذلك برئاسة أخنوخ فانوس، المحامي الشهير بمحافظة أسيوط، والذي تم في عهده تأسيس المجلس الملي الإنجيلي العام المختص بالشئون المالية والإدارية والأحوال الشخصية. وتولى أخنوخ رئاسة الطائفة منذ عام 1902 حتى عام 1911.
وفي رأيي الخاص أن إنشاء هذا المجلس كان فرضًا وأمرًا من الخديوي والدولة المصرية في القديم على الإنجيليين لتأسيسه للأسباب التالية، مع ملاحظة أن نفس تلك الأسباب التى أدت إلى تكوين المجلس الملي الإنجيلي العام في القديم لازالت هي المطلوبة ولا زالت سارية المفعول ومفيدة جدًا للدولة المصرية إلى أيامنا هذه:
أ- لسهولة التعامل مع المذاهب المختلفة من خلال كيان واحد بدلاً من التعامل مع كل مذهب من المذاهب على حده ووضع دستور أمنى وسياسي واجتماعي واحد، بالطبع غير معلن، لكل الإنجيليين وفرضه عليهم ليتبعوه.
ب ـ لسهولة التعامل مع رئيس واحد، لمجلس واحد، معروف الهوية والمزاج والأفعال وردود الأفعال، ومقبول أمنيًا لديهم، وخاصة إذا كان هذا الرئيس ممن يؤمنون أن عليه إخبار الأمن بما يعلمون وما لا يعلمون حتى من النشاطات المسيحية واللقاءات الإدارية البسيطة التي لن تضر أحدًا في شئ، ويؤمن أنه لابد أن يستشير مباحث الأمن في كل ما يعمل قبل أن يعمله لأخذ موافقتهم وما يقولون عنه نعم، يصير نعم، وما يقولون عنه لا، يصير لا، حتى إذا كان أمرًا بسيطًا كإيجار شقة أو فيلا أو ما شابه لخدمة الطائفة، فهذا خير لهم وأنفع من التعامل مع رؤساء المذاهب المختلفة على اختلاف أمزجتهم وخلفياتهم الروحية والعلمية.
ج- جعل منصب رئيس الطائفة منصبًا يكاد يكون من الاستحالة الحصول عليه لغير الكنيسة المشيخية وبذلك يخلقون شيئًا من الشعور بالتميز والرفعة لدى المشيخيين وكثيرًا من الشعور بالدونية وصغر النفس لدى غيرهم من أصحاب المذاهب الإنجيلية الأخرى.
د- التحكم في قرارت المجلس الملي الإنجيلي العام من خلال حصول مذهب بعينه على ثلثي المقاعد به، أي ثلثي الأصوات الموافقة أو المعارضة، لأي قرار من القرارات التى تؤخذ داخل المجلس.
ولازالت المذاهب المسيحية تتذكر – بكل أسف- يوم صدرت لها الأوامر العليا من خلال القس إلياس مقار يومئذ بضرورة جمع كل مجموعة من المذاهب تحت مسمى واحد، فكنائس مذهب الكنيسة الرسولية ومذهب كنائس المسيح ومذهب النعمة والنعمة والخمسينية وكنيسة الله أجبرت على أن تتحد في تجمع واحد للمذاهب وأصبحت اليافطة التى أمام كنيسة المسيح بشبرا تحمل عنوان كنيسة المسيح الرسولية، وهكذا كنيسة النعمة الرسولية، الكنيسة الخمسينية الرسولية. وهكذا كان الحال مع مجامع كنائس الإيمان وكنائس المثال المسيحي وكنائس نهضة القداسة وغيرها.
ولعل أهم الأسباب التى ستدفعنى لحل المجلس الملي الإنجيلي العام الموقر في حالة انتخابي كرئيس له وكرئيس للطائفة هي:
أ- لم يؤسس المسيح يسوع – تبارك اسمه – وهو بجسده على الأرض مجلسًا أو جماعة أو طائفة أو سنودسًا، ولم يتنبأ بتكوينه، ولم يوص تلاميذه أن ينشئوا شيئًا من هذا القبيل بعد موته وقيامته، بل على العكس عندما ظنت أم ابني زبدي أن يسوع سيؤسس ملكوتًا أو مؤسسة أو مجلسًا على الأرض وطلبت منه أن يقول إنه سيجعل ولديها يجلسان واحدًا عن يمينه والآخر عن يساره في مجلسه، مسح لها – تبارك اسمه – هذه الفكرة من أصلها في تفكيرها وعقلها، وعلمها أن ابن الإنسان جاء ليخدم لا ليخدم ويبذل نفسه فدية عن كثيرين.
ب ـ لم يؤسس الرسل والتلاميذ في الكنيسة الأولى مجلسًا مليًا، ولا رئاسة طائفة، لا في أروشليم ولا خارجها في كل الأقطار التى انتشرت بها بل كانت الكنيسة كلها تجتمع في حضور المعتبرين أعمدة، بطرس ويعقوب ويوحنا ويتخذون قراراتهم لا بالتصويت أو الاقتراع أو صندوق الانتخابات بل بمبدأ الصلاة والصوم وانتظار روح المسيح أن يتكلم إليهم وعندما يقولون، رأى الروح القدس ونحن، مع أنه إن كان هناك وقت في التاريخ، قديمه أو حديثه، احتاجت فيه الكنيسة على مر عصورها لتكوين مجلس ملي، لكان هو وقت وجود الرسل الأولين على الأرض، فالكنيسة كانت مبتدئة تحبو في بداية تكوينها، أعداؤها السياسيون يتربصون بها من كل ناحية، أعداؤها الدينيون من رؤساء الكهنة والكتبة والصابئة يناصبونهم العداء ويطلبون لهم نقمة السماء، وهم كانوا نفرًا قليلاً نسبيًا متفرقًا في أرض الله الواسعة، وكانوا مجربين في هزء وجلد، ثم في قيود أيضًا وحبس. رجموا، نشروا، جربوا، ماتوا قتلاً بالسيف، طافوا في جلود غنم وجلود معزى، معتازين مكروبين مذلين، وهم لم يكن العالم مستحقًا لهم. تائهين في براري وجبال ومغاير وشقوق الأرض.
ج ـ من الأسباب التى ستجعلني أحل رئاسة الطائفة هي تجربة انفصال بعض المذاهب الإنجيلية المصرية عن المجلس الملي الإنجيلي العام واستقلالها بنفسها، وتعاملها مع الدولة الحالية مباشرة ككيان متميز قائم بذاته وله رئيسه ومجلس إدارته بعيدًا عن المجلس الملي الإنجيلي العام، كالكنيسة الأسقفية وغيرها، تلك التى كانت كل حياتها جزء منه، وقد ثبت نجاح الفكرة.
د ـ سبب آخر هو أننا لم نسمع أن المجلس الموقر قام بحل مشكلة واحدة من المشاكل الكبيرة التى كادت تعصف ببعض المذاهب والتى أدت إلى رفع العديد من القضايا ضده في المحاكم المدنية للدولة المصرية. ولا تزال بعض مشاكل المذاهب المختلفة أمام المحاكم الحكومية في انتظار قاض لا يحكم بشرع الله المدون في الكتاب المقدس ليحكم فيها ويلزم الأطراف المتنازعة سواء داخل الكنيسة الواحدة أو المذهب الواحد على تنفيذ ما يراه.
ه ـ سبب رابع هو أننا لم نسمع أن المجلس الموقر اتخذ قرارًا ملزمًا، على الأقل من ناحيته، في قضايا حرق الكنائس الإنجيلية أو فض الاشتباك بين راعٍ لكنيسة وأعضاء كنيسته أو رئيس لمذهب وقسوس مذهبه، وحتى في الحياة السياسية كل ما سمعناه وشاهدناه من المجلس هو تأييد علني مباشر لمبارك وعائلته وحكومته، ثم لمرشد الإخوان المسلمين ومرسى، حتى قبل وصولهم للحكم، ثم تأييد لخارطة الطريق وللرئيس السيسي، ويقيني إنه إن كان هناك إمكانية لرجوع الإخوان المسلمين وعلى رأسهم مرسى لأسرع المجلس الموقر في مد الجسور مرة أخرى، حيث أن الحكمة الأرضية النفسانية الشيطانية تقتضي ذلك.
و. سبب خامس إنه لم يدع لا عضو من المجلس ولا حتى رئيسه لجلسة إعلان التأييد لخارطة الطريق قبل انتخاب الرئيس السيسي لمنصب رئيس الجمهورية، وكأن لا مجلس ملي للإنجيليين ولا وجود ولا تأثير لهم على الحياة الاجتماعية والسياسية أو حتى الدينية في مصر.
زـ سبب آخر أنه لم يحضر سيادة الرئيس إلى كنيسة إنجيلية في أي من الأعياد المسيحية كما يفعل مع الكنيسة الأرثوذكسية، بالرغم من أن احتفال الطائفة يحدث في أكبر كنيستين إنجيليتين مشيخيتين عددًا وشهرة وخدمة للمسلمين والإسلام، فواحدة منهما كانت تلقب بكنيسة الثورة نظرًا لكمية المشاركة في تأييد الثورة ضد مبارك، وخدمة الثائرين بها، وعمل موائد الرحمن لإفطار الصائمين في رمضان والثانية من قال راعيها من على منبر كنيسته، في كلمته التى كان يلقيها في أحد أعياد الميلاد أمام المسؤلين الحكوميين، قال في خطابه عبارة الأديان السماوية الثلاثة: “اليهودية والمسيحية والإسلام”، متحديًا بذلك الإيمان المسيحي مما دون في كتاب الله، الكتاب المقدس، كل ذلك لم يشفع ولم ينفع الإنجيليين لتحديد وتلميع كيانهم المصرى الديني، وحتى غبطة البطرك رأس الكنيسة المسيحية الأرثوذكسية لم يكلف أحد المطارنة المساعدين له بحضور احتفال الطائفة الإنجيلية بعيدًا من أعيادها. فلماذا الإصرار على وجود رئاسة الطائفة، لطائفة يتجاهلها المسؤلون الحكوميون والمسيحيون والمسلمون؟!
ح ـ لم نسمع أن المجلس الموقر قام بالرد على تعاليم غريبة دخلت إلى الكنيسة الإنجيلية وعصفت بالبسطاء وساقت الجهلاء كتابيًا إلى غياهب الهرطقات كلاهوت المحبة الحر، والصوفية في المسيحية، والصلاة لكي تظهر العذراء مريم فوق كل كنيسة إنجيلية، واستحالة الخمر والخبز إلى جسد المسيح ودمه، وخروج الماء إلى الآن من جسد القديس شربل بلبنان، وعدم حرفية الاثنى عشر أصحاح الأول من سفر التكوين، واحتمالية الميلاد العذراوي لأية سيدة دون الحاجة إلى معجزة التجسد، والوقوف في وجه الكنائس التى تسمح بخلط التبن مع الحنطة وتشترك في موائد الرحمن وإطعام الصائمين في رمضان، والصلاة لأجلهم لتحمل الصوم في الأيام الحارة، ولم يتصد المجلس الموقر للفضائيات المسيحية الليبرالية التى تنشر سمومها للشعب المسيحي العربي ومحاولة نشر ثقافة الزواج بين المسلمين الرجال والمسيحيات ليظهر كما عبر أحد شيوخ المسلمين على هذه القناة (جمال العائلة المشتركة والمتحدة، عندما يكون أخوال الطفل مسيحيين وأعمامه مسلمين) ويذاع هذا على الفضائية التى احتمت في الكنيسة الإنجيلية منذ تأسيسها والتى من بين المشرفين عليها والمديرين لمجالس إدارتها رؤساء الطائفة الإنجيلية إلى الآن. وغيرها وغيرها الكثير والكثير.
وبناء على كل ما تقدم، وحيث أنه من المستحيل ذوبان رئاسة الطائفة الإنجيلية في عدة أسابيع أو شهور، لذا فستكون نهاية فترة رئاستي الأولى للطائفة هي نهاية رئاسة الطائفة الإنجيلية ككل كما تقدم. وإلى أن يتم ذلك فإن:
٢ ـ ثاني ما كنت سأفعله لو كنت رئيس الطائفة سواء الإنجيلية أو غير الإنجيلية، بالاشتراك مع إخوة وأخوات أتقياء مشهود لهم من الجميع أولئك الذين يتم فيهم المكتوب “استراحت احشاء القديسين عليهم” ويكونون في نفس الوقت خبراء في العلوم الروحية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ووسائل الاتصال والتواصل بين الناس. نقوم، هم وأنا، بوضع دستور جديد للطائفة الإنجيلية يتناسب مع المتغييرات الروحية والكنسية الطائفية والقانونية والاجتماعية والمجتمعية والسياسية والعددية والطائفية الدينية. إلخ، تلك التغييرات الجذرية التى حدثت في مجتمعنا المصري عامة والمسيحي المصرى خاصة، والتى منها تغير التركيبة المجتمعية والروحية للكنائس والطوائف والمذاهب، فعلى سبيل المثال لا الحصر على ذلك التغيير. فقد أصبحنا نرى كنائس مشيخية عريقة لم يكن يجرؤ على دخولها إلا العشرات من رجال الأعمال وأساتذة الجامعات وسكان مناطق بعينها أو الموظفين فيها، ولا يخدم بها قسيسها سوى بالروب الأسود وخاصة في أيام الآحاد، ودخولها لا يكون إلا بالملابس الرسمية وكأنه أمر متفق عليه شفاهًا ومطبوع على عقول حاضريها، ولا يستعمل بها سوى البيانو أو الأرغن وكتاب ترنيم نظم المزامير الذي كنا نطلق عليه كشباب “كتاب الوزراة”، وما كان يجرؤ أحدنا على الخروج عن اللحن، والبدايات والنهايات، وما كان يجرؤ أحدنا على التصفيق فيها، أي في الكنيسة، على نغمات ترنيمة وإلا لتعرض لنظرات الجميع وكأنه أتى شيئًا فريدًا، أو طلب أن يأتي الروح القدس ويحل علينا ويصنع بيننا شفاءات ولمسات، أما اليوم، فلسبب أو لآخر وبطريقة أو أخرى، أصبحت هذه الكنائس تضم الآلاف من كافة أطياف المجتمع سواء أكانوا يرتدون البدل أو البنطلونات الجينز أو حتى الجلباب الصعيدي الشهير والعمة والكوفية، وبعض النساء بها لازلن يرتدين ما كان يعرف بـ “الحردة” كغطاء لرأسهن داخل وخارج الكنيسة، فهكذا ينبغي أن تكون الكنيسة وإلا فلا.
ولابد أن ينص الدستور الجديد ليس فقط على ما يتناسب مع المتغيرات المجتمعية، بل والأحوال المدنية أيضًا، فعندما يأتى الأمر إلى مسائل الزواج والطلاق وإعادة الزواج للمطلق مرة أخرى لا يعترف الدستور الجديد بما ليس كتابيًا مدونًا في كتاب الله التوراة والإنجيل فقط، حتى لو اتفقت على ذلك الطوائف الكبرى الثلاث الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية.
كما لابد أن ينص هذا الدستور على حرية بناء الكنائس ودور العبادة المسيحية دون قيد أو شرط ودون إتخاذ الموافقات الأمنية أو الحكومية على ذلك في ما عدا الموافقات الهندسية لتأمين متانة وسلامة المبنى، على أن لا تترك قرية أو نجع واحد دون إقامة كنيسة أو كنائس إنجيلية حسب رغبة سكانها من المسيحيين.
وينص الدستور على حرية إقامة مذاهب جديدة في مصر سواء تلك التى يستحدثها المسيحيون الوطنيون المصريون أو التى تكون تابعة لبعض المذاهب المؤسسة بالفعل في دول خارج مصر كمذهب كنائس الناصري، والفورسكوير، وغيرها دون أخذ موافقات كنسية أو أمنية، فكل مسيحي في مصر من حقه تأسيس كنيسته والعبادة بها حسب ما يريد.
وقد يتساءل البعض: لماذا تضع دستورًا للطائفة الإنجيلية وأنت تريد حل مجلسها الملي، فما فائدة الدستور عندئذ؟
للإجابة على هذا السؤال، أقول إن وضع دستور لطائفة ما هو أمر حتمي حتى يعي أعضاء الكنائس الإنجيلية ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات وما يمكن أن يفيدهم أو يضرهم في كل ما يعلمون. هذا لا علاقة له بمجلس أو هيئة تحاول أن تمثل الشعب المسيحي الإنجيلي، بل بالإنجيليين عامة.
3- أما الأمر الآخر الذي لابد من عمله وفقًا للدستور الجديد والذي ذكرته عاليه، هو حل المجلس الملي الإنجيلي العام بصورته الحالية وإلغائه رسميًا وعدم العودة على تأسيسه مرة ثانية بأي شكل من الأشكال على أن يحل محله لجنة سباعية من رجال الله المؤمنين الدارسين المملوئين من الروح القدس من مختلف المذاهب الذين يستطيعون أن يقولوا رأى الروح القدس ونحن كما تقدم، عندما تعترضهم مشكلة ما يبحثون عن حلها أو قرار مصيري يريدون اتخاذه. يكونون بمثابة فريق عمل من كل الطوائف، وليس مجلسًا رئاسيًا. فيقومون بممارسة دور الكبير لجسد المسيح في مصر، فعندما تخرج تعاليم أو تصرفات أو فتاوي أو ما شابه من أخ أو أخت أو جماعة أو طائفة يجتمع هذا الجسد ونصلى معًا إلى أن نصل للقول “رأى الروح القدس ونحن”. على أن تعلن هذه اللجنة رأيها وتوصياتها بكل وضوح على الملا وبآيات كتابية ودراسة واعية حقيقة لكلمة الله. وليس في الكنيسة فقط، بل يتم إعلانها في الفضائيات أيضًا وخاصة الليبرالية منها. وفي حالة رفض هذه الفضائيات إعلان ما توصلت له هذه اللجنة السباعية من توصيات يتم الإعلان للشعب المسيحي كله عن موقف تلك الفضائيات من قراراتها ويتم تحذير المشاهدين لها ومقاطعتها بكل الطرق المتاحة. ويكون من اختصاص هذه اللجنة أيضًا أن تضع الخطوط العريضة لضبط قواعد ممارسة الفضائيات المسيحية لعملها.
4- أما على صعيد العلاقات مع الحكومة ومؤسساتها وخاصة من ناحية موقفى من الحكومة وما يحدث منها تجاه المسيحيين، فلابد أن يكون موقفًا واضحًا مبنيًا على الاحترام المتبادل، والعمل على دعم المصلحة العامة للبلاد، والمساواة في كل حقوق وواجبات المواطنة بين الإنجيليين وكافة أطياف الشعب المصري والمسؤلين الحكوميين. مع ضرورة الحفاظ على القنوات الشرعية للتواصل بين اللجنة السباعية وأرفع المستويات الحكومية، ولابد للجنة من كتابة خطابات رسمية باسم رئاسة الطائفة لرئيس الجمهورية شخصيًا بكل ما أراه واجب التغيير وبعدم قبولي لكثير من القوانين والممارسات الجائرة ضد الإنجيليين في مصر دون خوف أو مجاملة.
5- لو كنت رئيسًا للطائفة لكنت سأعرف مصر والعالم كله برياساته وسفاراته وكنائسه أن هناك إنجيليين مصريين، وسأعرفهم بكل ما يحدث معنا على كل الأصعدة المسيحية وغير المسيحية، الدينية والسياسية والمجتمعية وغيرها، وكنت سأعرفهم بأن الكيان الإنجيلي كيان قائم بذاته، لا يدور في فلك الكنيسة الأرثوذكسية ولرفضت تمامًا أن يكون أي بابا للكنيسة الأرثوذكسية هو ممثل المسيحيين الوحيد أمام الحكومة والعالم ولجلست معه على دائرة مستديرة هو ورئيس الطائفة الكاثوليك في مصر وغيرهم من رؤساء الطوائف.
أما في حالة أنه قد تعذر حل المجلس الملي الإنجيلي العام ورئاسة الطائفة الإنجيلية كما هو المتوقع، حيث أن عمل كهذا لابد أن يحدث بواسطة أما قرار من المجلس نفسه بحل نفسه، وهذا من رابع المستحيلات وإما أن تقوم ثورة انجيلية من الشباب الإنجيلي عامة تجبر المجلس كله على الاستقالة وحل نفسه بنفسه وترفض أن يمثلها أمام الحكومة والعالم مجلس إنجيلي منتخب كان أم معينًا بطريقة أو أخرى، وهذا أيضًا من خامس المستحيلات.
في حالة تعذر ما سبق، فإنني سأطالب كرئيس للطائفة وسأضع في الدستور الجديد أن يتكون المجلس الملي الإنجيلي العام من رؤساء المذاهب الإنجيلية جميعًا مهما كثر عددهم، وأن يمثل كل مذهب بشخص واحد فقط بغض النظر عن عدد أعضائه أو انتماءاتهم الكنسية والمجمعية، وأن يكون هذ العضو هو رئيس مذهبه، فالسماح بتكوين مذهب انجيلي مصري والاعتراف بكينونته من أصله، سواء أكان قد تكون حديثًا أو قديمًا، يتضمن الاعتراف بسيادة وتميز هذا المذهب ولذا وجب وضع رئيسه في نفس مكانة رؤساء المذاهب الأخرى مهما كثر عدد كنائسها وبالتالي فيصبح من حق أي رئيس لأي مذهب إنجيلي مسجل في الحكومة وفي المجلس الملي الحالي أن يرشح نفسه لرئاسة المجلس الملي الإنجيلي العام دون الخوف من تكتل الأعداد الحالية الممثلة لكل مذهب إنجيلي.
وسأطالب أن الرؤساء الذين سيأتون بعدي عليهم أن يتجردوا تمامًا من انتماءاتهم الطائفية والوظيفية، لعدم وجود تعارض في الاهتمامات، فمن يعمل رئيسًا أو مديرًا لهيئة كبيرة لديها من الإمكانيات والميزانيات لتغدق الأموال أو الخدمات على أعضاء المجلس الملي الذين سينتخبونه لابد أن يتجرد من وظيفته ومكانته بالهيئة قبل قبول ترشيحه لرئاسة المجلس الملي الإنجيلي العام، ومن يملك قبول أو رفض ابني إلى المدارس التى يديرها والتابعة للسنودس لا يصلح أن يتقدم للترشح لرئاسة الطائفة، تمامًا كما عمل الرئيس الأمريكي ترامب الذي ترك مسؤلياته وإدارته لشركاته الكبيرة والكثيرة وتعيين محامين يقتصر عملهم على متابعة شركاته وأعماله والإبلاغ عن أية معاملات مشبوهة يكون من شأنها خلط الأوراق ببعضها، أوراق شركاته الخاصة وأوراق رياسته للولايات المتحدة الأمريكية، ليتفرغ لخدمة الأمريكان فقط، وهكذ ينبغي أن يتم مع من يتولى منصب رئاسة الطائفة الإنجيلية وكما هو سائر في كل بلاد العالم المتحضرة المختلفة، هكذا كان الحال فيمن تولوا رئاسة الطائفة الإنجيلية والمجلس الملي الإنجيلي العام قبل الدكتور القس صمؤيل حبيب. فلم يكن لديهم لا مدارس يشرفون على إدارتها، ولا هيئات المفروض إنها غير ذاتية المنفعة يديرونها. بل كان كل منهم قسًا في كنيسته، فحسب لا يحمل بداخله وخارجه إلا قلب راع مهتم بقطيعه. ولذا لا يصلح أن يكون رئيسًا للطائفة من لم يكن راعيًا لكنيسة محلية، مشهودًا له من الجميع بالحكمة والصبر والسهر على راحة القطيع.
أما من جهة الأمور الروحية البحتة في إدارة رئاسة الطائفة فكرئيس للطائفة :
أـ كنت سأرجع لاستخدام لقب وكيل الطائفة حتى أتذكر دائمًا مقامي في المسيح ومكاني ومقامي المتساوي مع وبين أخوات وإخوة كثيرين، عالمًا أن منهم الكثيرين من هم أفضل مني علمًا وإمكانيات وحالاً، لكننا كلنا متساوون أمام الله مقامًا في المسيح يسوع.
ب ـ سألزم نفسي والعاملين معي على كل المستويات أن نصوم ونصلي كجماعة لأخذ رؤية واستنارة روحية لكل ما يمر بي في حياتي كشخص مسيحي مؤمن، وكرأس لعائلتي، وكرئيس للطائفة الإنجيلية، ولن أتحرك أبدًا أو أتخذ قرارًا من نفسي أبدًا أو حسب استحساناتي البشرية الإنسانية حتى لو كان منطقيًا جدًا، ومهما كنت مقتنعًا به من الناحية العقلية والمجتمعية والسياسية والكنسية، فالموضوعات المتعلقة برئاسة الطائفة ينبغي أن تكون بحسب قرارات وأوامر إلهية واضحة فقط، دون التدخل من إنسان ما، مهما كانت وظيفته أو مكانته في جسد المسيح، حيث أن الرئيس الحقيقي للطائفة لست أنا إنما هو، الله تبارك اسمه، وحيث إنه هو رأس الجسد الكنيسة وما أنا إلا وكيل وكلني هو على الطائفة، كما تقدم، ليس إلا فلابد أن يكون هو – سبحانه – صاحب القرار الوحيد المطاع. عالمًا أنني سأعطي يومًا حسابًا عن وكالتي وعن ما فعلت يداي في السر والعلانية، خيرًا كان أم شرًا.
ج ـ كنت، بتأييد الروح القدس وقوته، سأضع القوانين الكتابية أولاً مهما تعارضت مع القوانين الوضعية، دون خوف أو تملق كما فعل موسى عندما وقف أمام فرعون قائلاً له: “هكذا يقول الرب إله العبرانيين إلى متى تأبى أن تخضع لي؟ أطلق شعبي ليعبدوني”.
وكما فعل نحميا لأرتحشستا الملك حين سأله لماذا وجهك مكمد وأنت غير مريض؟ فقال له نحميا: “كيف لا يكمد وجهي والمدينة بيت مقابر آبائي خراب وأبوابها قد أكلتها النار؟!”.
وكما فعل الرجال الثلاثة شدرخ وميشخ وعبد نغو، حين عرض عليهم الملك نبوخذ نصر الملك النجاة من أتون النار المحمى سبعة أضعاف إن خروا وسجدوا له، فكان جوابهم: “يا نبوخذ ناصر لا يلزمنا أن نجيبك عن هذا الأمر، هوذا يوجد إلهنا الذي نعبده يستطيع أن ينجينا من أتون النار المتقدة وأن ينقذنا من يدك أيها الملك. وإلا فليكن معلومًا لك أيها الملك إننا لا نعبد آلهتك ولا نسجد لتمثال الذهب الذي نصبته”.
وكما فعل دانيآل مع الملك بيلشاصر حين طلب منه قراءة وتفسير الكلمات التى كتبتها اليد على مكلس الحائط والملك يشرب في كؤوس الذهب التى سرقها من الهيكل، قال له دانيآل: “لتكن عطاياك لنفسك وهب هباتك لغيري”.
وكما فعل يسوع المسيح نفسه حجر الزاوية، وذلك لأن الله في المسيح ربي، ورسوله المسيح المتجسد إمامي، والكتاب المقدس دليلي ودستوري، والمؤمنون بالمسيح إخوتي وبيت الآب في السماء قبلتي، والحياة في المسيح هدفي وأسمى غايتي، وأني عشت وسأموت على شهادة لا إله إلا الله يسوع المسيح هو الله.
د ـ لو أصبحت رئيس الطائفة الإنجيلية، كنت سأمتنع عن لباس البالطو الأسود ذي الأكمام الواسعة والرسوم المختلفة وياقة الرقبة البيضاء مع القميص القرمزي الخاص بالقسوس، وفوق الكل سأخلغ الصليب الذهبي أو الفضي الكبير من على صدري وأضع مكانه صليبًا أكبر في قلبي وإن اضطررت للبس الصليب شهادة لمن حولي، فلن يكون صليبي من ذهب مرصع بالألماظ، بل خشبًا غير مهذب أو مطليًا من شجرة أرز من لبنان مكتوب عليه “ليس هو ههنا لكنه قام كما قال”.
استيقظت من تفكيرى العميق وحواري مع نفسي وأنا أقول لها:
ما من شك إن هناك تفاصيل كثيرة في كل نقطة من النقاط السابقة، لا يسعها مجلد أو مجلدات، لكنني حاولت أن أذكر لك عينة صغيرة منها فقط لتوضيح ما كنت سأفعله لو أصبحت رئيس للطائفة، وأنا أعلم علم اليقين إنني لو نفذت كل ما سبق وذكرته في مقالي هذا، فلن أستمر في رياسة الطائفة شهور إن لم يكن أسابيع وبعدها سأسجن أو أقتل ممن يهمه الأمر، لكنني أعلم أيضًا علم اليقين أن حياتي ستكون الحبة التي تموت لتقوم مكانها شجرة كبيرة من الرجال والنساء الأمناء الذين سيقودون مسيرة الطائفة الإنجيلية إلى ما فيه تمجيد المسيح وخدمة قطيعه الصغير.