العدد 151 الصادر في إبريل 2018 مافيا الفضائيات المسيحية
لعله من البديهي في البداية أن أقرر أن ما أكتبه بهذا المقال لا علاقة له بخلاف شخصي مع مرنم أو قسيس أو كاهن أو رئيس طائفة، فليس بيني وبين أي ممن ذكرت وظائفهم سابقًا أي خلاف شخصي على الإطلاق، بل أكن للجميع كل احترام وتقدير ومحبة ويشهد الله عارف القلوب، وعالم الأسرار وحده، أنني أصلى بالليالي متضرعًا لله لأجلهم جميعاً ولأجل من يخالفونني منهم في الرأي أو من يهاجمونني بشكل أو بآخر بسبب ما أكتب عنهم ولهم. أصلي أن يكشف الله لي أولاً ثم لهم عن الحقائق والأسباب والأرواح الشريرة التي تقود الحرب الروحية في السماويات ضدي وضدهم ويلهمني وإياهم الحكمة والقوة على الوقوف ضد هذه الأرواح والانتصار عليها وضحدها ويهديني وإياهم سواء السبيل، ويستخدمنا جميعًا لمجد اسمه العظيم.
وليس الهدف من هذا المقال هو الإساءة لأحد أو التشهير به أو التركيز على أعماله أو أقواله، بل ما أنا إلا مناقش لمصيبة كبرى تمر بها الكنيسة المصرية والعربية الشرق أوسطية، ألا وهي قضية خلط التبن مع الحنطة، المسيح مع بليعال، الترنيم والمدائح، الإنشاد الديني مع التسبيح للمسيح، والمناداة بوجود صوفية في المسيحية وإمكانية الوصول إلى الله بالبر الشخصي، وهو ما يقولون إنه مواز لبر المسيح، وما أسماه البعض بــ “لاهوت المحبة الحر”، واشتراك بعض الفضائيات المسيحية الشهيرة في إنتاج هذه الأفكار وتسجيلها وتسويقها للمشاهد المتحدث باللغة العربية، الذي لا حول له ولاقوة، في الوقوف أمام تيار هذه التعاليم الغريبة عن المسيح والمسيحية، و مقاومتها والوقوف ضدها. وما أكتبه ماهو إلا محاولة لتحذير العامة من المسيحيين من هذه التعاليم ومحاولة لعلاج الآثار المدمرة لمثل هذه الأفكار. وما سرد الحقائق في هذا المقال إلا بما يقتضيه النقد العلمي والموضوعي والروحي لأفكار وتصرفات البعض التى تضر العامة والخاصة وتحبط وتفشل المؤمنين عن السعي في ركب المسيح المنتصر، ومرة أخرى أقول:”إن الله وحده على ما أكتبه شهيد”.
الأمر البديهي الآخر هو أنه لابد لي في البداية أيضاً أن أُعَرِّف كلمة “مافيا” الواردة في عنوان مقالي هذا “مافيا الفضائيات المسيحية”. والسبب في ذلك أن كلمة “مافيا” ليست كلمة عربية الأصل، مع أنها مفهومة جداً لدى العرب أكثر من غيرهم في كل العالم، حتى في البلاد الأعجمية المشهورة والمليئة بوجود العدد الكبير من المافيا فيها، كأمريكا وإيطاليا والمكسيك واليابان والاتحاد السوفيتي، تلك البلاد التى بدأت وانطلقت منها عصابات المافيا إلى كل العالم.
والسبب الثاني، حتى نكون جميعًا، كاتب وقراء، في اتفاق وعلى علم بالتعريفات الخاصة بكل محتويات عنوان هذا المقال وبالموضوع أو الجماعة التي يخصها هذا المقال. وأقصد وأصف وأتكلم بوضوح عن “مافيا الفضائيات المسيحية”.
أما التعريف التاريخي والأكاديمي لكلمة “مافيا” فهو “كيان منظم من أصحاب الجرائم، الذين بدأوا وعرفوا أولاً بين الإيطاليين من “سيسيليا”، أولئك الذين جلبهم الأمريكان من إيطاليا ليعملوا الأرض في أمريكا، وسلبهم الأمريكان حقهم وأجرتهم مقابل خدمتهم، فكونوا الجماعات الخاصة والتي عرفت بالمافيا لاسترداد حقوقهم. ثم تحور تعريف المافيا وعملها إلى “مجموعات منظمة تمارس الضغوط للحصول على شيء ما وخاصة الأموال من الناس بكل الطرق غير الشرعية المختلفة، والتى تصل حتى إلى التهديد باستخدام السلاح وبعض الطرق الإجرامية الأخرى”. وتتكون المافيا من مجموعة مغلقة من الأشخاص يجمعهم مجال أو عمل أو حقل نشاط واحد ويكون لهم تأثير محكم وسيطرة كاملة على أعضاء مجموعتهم الإجرامية وعلى العامة من خلق الله. ويعرف القانون الإيطالي في البند رقم ٤١٦ من قانون العقوبات المافيا بـ “أنها الجماعة التي تستخدم وتحصل على مكاسبها الشخصية بالضغوط على أعضائها لارتكاب الجرائم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للتحكم في المعاملات المادية والحصول على تسهيلات أو موافقات أو مكاسب مادية أو خدمات بغرض المنفعة الذاتية لأنفسهم أو لآخرين.
وحيث أن البعض سيرى هذا التعريف الأكاديمي لكلمة “مافيا” لا ينبغي أن يُطبق على بعض الفضائيات المسيحية مهما كانت درجة انحرافها عن الحق والحقيقة لذا فإنني لابد أن أعترف وأقر ولا أنكر أن هناك القليل من الفضائيات المسيحية لا ينطبق عليها هذه التسمية، بل أغلبنا كمشاهدين يمكننا أن نشهد أنها تدار برجال الله القديسين المسوقين من الروح القدس، وأن أصحابها ومؤسسيها لا يبتغون إلا تمجيد المسيح وخلاص النفوس. وهذه القنوات القليلة لا يسيرها أو يتحكم في قراراتها أشخاص أقل ما يقال عنهم إنهم مرضى نفسياً أو روحياً أو كليهما، ولا يتحكم فيها كمية الدعم الذي يصلها من المتبرعين أو المتملقين وأصحاب المصالح، ولا يتحكم فيها غرور أصحابها أو مؤسسيها لسبب أو لآخر، أو احتياجاتهم المادية والنفسية أو انفصالهم عن عالم الواقع المسيحي الذي نعيش فيه، ولا يتحكم فيها حتى جنان أصحابها وإهانتهم لكل من حولهم بحق أو غير حق. ومع ذلك فهناك بعض الفضائيات المسيحية التي يظن أصحابها أنهم وصلوا إلى قمة الخبرة الروحية والإعلامية والفنية وأنهم أصبحوا مشاهير الإعلاميين العرب والدوليين، وخاصة إذا كانوا يعتمدون على الأمريكان لا على العرب في تغطية احتياجات فضائياتهم، وينسون أو يتناسون أن الذين يشاهدون الفضائيات جميعها من متحدثي اللغة العربية هم عدد قليل جدًا لا يتعدى الـواحد في المائة من الشعب المسيحي العربي خارج الشرق الأوسط وداخله، أولئك الذين أغلبهم من كبار السن أمثالي، أو الذين يقضون معظم أوقاتهم في البيوت لسبب أو لآخر. وبالإجماع، فإن العنوان والمضمون “مافيا الفضائيات المسيحية” لا ينسحب على كل الفضائيات المسيحية، فالتعميم في هذه الحالة يكون خطأ كبيرًا يخصم من مكافأتي يوم أقف أمام كرسي المسيح. مع علمي أن كل مؤسس أو صاحب أو سارق قناة فضائية مسيحية سيُسْقِط ما أكتبه على غيره وربما يكون هو المقصود والمدان في هذا المقام، أما أنا فلست في وضع من يحكم أو يدين الفضائيات أو مؤسسيها، فالحكم للقدير وحده يوم لا ينفع مال ولا شهرة ولا بنون ولا حتى النيات الطيبة، بل سيحكم الكل على نفسه عندما تُفْتَح الأسفار، ويختبر ميزانُ النار عمل كل واحد من القديسين والأبرار، فلا يعرف الإنسان غير روح الإنسان الساكن فيه.
أما أوجه الشبه بين التعريف الأكاديمي السابق لكلمة مافيا وبعض الفضائيات المسيحية، فكثير على أي حال، أذكر منه على سبيل المثال لا الحصر:
أولاً: معظم الفضائيات المسيحية هي مجموعة منغلقة على نفسها تعيش في عالمها الخاص الذي صنعته لنفسها أو صدقته لغييها والذي يتكون عادة من المؤسسين وأقاربهم وأهل الصفوة من الممولين والمستفيدين والموظفين. هذا العالم الذي غالباً ما يفتقر إلى أبسط معاني الشفافية والأمانة والأخلاق وحتى المهنية الصحفية والإعلامية. فهناك شخص واحد عادة ما يكون هو المتحكم في كل قناة من تلك القنوات، سواء أكان هو الذي بدأ القناة بالفعل، برؤية سماوية أم برغبة أرضية نفسانية، أو سرقها من أصحابها وأقصى المسؤول السابق عنها، أو استغل جهل الأمريكان وبساطتهم وملايينهم وأقنعهم بحاجة الشرق الأوسط إلى قناة فضائية مسيحية جديدة لخلاص المسيحيين ورجوع المسلمين للمسيح، أو استغل حقد بعض العرب المسيحيين وكرههم للمسلمين بسبب معاملة المسلمين لهم في بلادهم الشرق أوسطية، وروج لهم أنه متنصر وسيصل للمسلمين برسالة المسيح،فانهالت عليه التبرعات وأسس قناة فضائية مسيحية ثم هرب بما ملكت يداه، أو من أفلست قناته بعد أن انتشر عفن تصرفات مؤسسيها وسدت أنفاس مموليها، فحولوا لها القفا لا الوجه ثم أبعثت حية مرة أخرى عندما قررت شخصية أخرى استكمال المسيرة وأن تبدأ قناة بنفسها، وظنت أن الشهرة والمال والجاه يأتي بالتميز، وهذا صحيح في معظمه، لكنها لم تفهم أن التميز يُقَدَّر بما يُقَدَّم من معلومات وحقائق صادقة جاده روحية هامة تقدم بطريقة مسيحية صحيحة في ثوب من المحبة والتواضع والوداعة والانقياد بروح الله، فقررت أن تكون قناتها مميزة،فانهالت على الجميع بصفعات وركلات وطعنات وشتائم لم ولن تنتهي. فهذا الكاهن الشيخ، من يستخدمه الله في إخراج الشياطين قالت إنه ماسوني، وذاك المرنم الشهير قالت إنه ينتمي لجماعة الكبالا الشيطانية وذلك البابا الكاثوليكي فهو الوحش الطالع من البحر، حتى المبشر العالمي بلي جراهام الذي خدم الرب لسنين عديدة وربح الملايين للمسيح لم يسلم منها ولا من لسانها.
ولعل واحدة من أسباب ودواعي وصف بعض الفضائيات المسيحية بالمافيا هو أنه عادة ما لا يكون لمؤسس الفضائية أو مديرها أو سارقها (لأن بعض الفضائيات مسروقة من مؤسسيها الأصليين أو مديريها الأول) لا كبير ولا مراجع ولا مرشد روحي أو نفسي أو مادي، سواء أكان هذا المرشد أو المشير هو شخص أو مجموعة أشخاص روحيين يستطيعون أن يقوِّموا مؤسس القناة ويناقشوه ويعترضوا على سياسته وتصرفاته وطريقة إنفاقه لأموال المتبرعين إذا لزم الأمر, ويتخذوا القرارات بطريقة “رأى الروح القدس ونحن” كما كان التلاميذ في القديم يديرون الكنيسة، أو حتى كما كان داود الملك والنبي في القديم يدير إسرائيل مع مشيريه أو حكمائه حوشاي الأركي وأخيتوفل الجيلوني، وبالرغم من وجود ما يعرف بمجلس الإدارة في كل قناة فضائية مسيحية، سواء بأمر حكومي أو لئلا يقال على مؤسسها إنه ديكتاتور أو ماشابه ، لكن الواقع وما أصبح من الطبيعي أن رئيس مجلس الإدارة أو مدير القناة هو الشخص الذي بدأ بفكرة إنشاء القناة وبالتالي، فهو المالك الحقيقي وهو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة فيها، ولا مانع أن يجتمع مجلس الإدارة مرتين أو ثلاث مرات في السنة لبحث بعض الأمور البسيطة المتعلقة بالقناة سواء في قبرص أو كاليفورنيا أو ميتشجن او فيرجينيا وغيرها، لكن الأمر في النهاية متروك لصاحب القناة، أو مقترح تأسيسها على الأمريكان أو سارقها من مدير أو مؤسس أو ممول آخر. وبعض القنوات الفضائية المسيحية، لا يمكنك أن تعرف من هو مؤسسها، أهم العرب أم الأمريكان، أهم الأمريكان ولفظوها للعرب أم العرب ووضعوها تحت تصرف الأمريكان وخيارات أخرى كثيرة، ولا تعرف من هو رئيس مجلس إدارتها وصاحب الكلمة الأولى والأخيرة فيها أهو الممول الأمريكاني، فلسطيني المولد، صاحب الشهرة العريضة الذي يلقي بجاكت بدلته على الناس فيتكومون وقوعاً فوق بعضهم ويقولون حدث هذا تحت تأثير عمل الروح القدس، أم القسيسة الأمريكية المحترمة التي غزت العالم المسيحي الغربي والشرقي بحملاتها الوعظية التعليمية، أهو الرجل الكبير الشهير وابنه من يملكان شبكة تليفزيونية تعتبر أكبر شبكة تليفزيون مسيحي في العالم الأمريكي الأصل والمصري المولد والرسولي التعليم والطائفة، والتى أصبحت قناته فجأة أرثوذكسية تحت سلطان إدارتها الجديدة، وزوجته صاحبة الشعر المميز، أم العجوز وابنه من يمتلك ثان أكبر شبكة تليفزيون مسيحي في أمريكا أم الفلسطيني الأصل الفنلندي الجنسية الذي يمكن أن يقول أو يعمل أي شيء وكل شيء بأي طريقة لتحقيق أغراضه وليسيطر على خدام ومرنمين وقسوس ومقدمي برامج بما ملكت يديه، هل هو عربي مسيحي أم متنصر؟، يختفي كل هؤلاء تمامًاكما يحرص أعضاء المافيا على إخفاء اسم الكبير أو الكبيرة التى أسست القناة، وعادة ما يطلقون عليه لقب “الكبير أو المؤسس أو الرجل” وكأن لا اسم له، وعند حدوث أية مشكلة يتصدر لك أحدهم بأنه المسؤول عن القناة، وعندما يعجز عن حل المشكلة يقول لك: “المسؤولون في القناة يقولون”، أو “المسؤولون قرروا”، دون أن تعرف من هم المسؤولون الذين لا يتحركون أو يتخذون أية قرارات رادعة مصححة للانحرافات الموجودة بينهم. وعندما يشتمك أحدهم وينشر في مواقع التواصل الاجتماعي أنك جاهل ومراءٍ وكاذب وجريدتك ما هي إلا جريدة صفراء، لا تسمع للمسؤولين عن هذه القنوات صوت أو همس وكأنهم من أهل الكهف ولم يحن الوقت بعد لخروجهم منه، بل على العكس يسمحون للمهرطقين والمسيئين الشتامين أن يصوروا حلقات تليفزيونية تعرض على قنواتهم ويظهر بها من يعمل بروح جليات الجبار، من يعتقد في نفسه، وهكذا أتباعه وبطانته ومريديه، إنه يقيناً جليات الجبار، الطويل ذو الستة أذرع وشبر، الأعلى قامة، والأكثر دراسة وبحث وخبرة، والأعمق تأثير والأشهر سمعة وانتشار والأقوى عضلات روحية، ويخرج ليتحدى شعب الله ويطلب منهم من يبارزه ويتصدى له ويرسل أمامه الولد الفلسطيني حامل سلاحه الذي يتحرك ويتكلم ويتحدى شعب الله وكأنه هو جليات نفسه وهو صاحب القوة والطول والعرض والعلم والمعلومات والمواهب والتأثير والعضلات، ويرى أن لا أحد في قامة سيده، فسيده في نظره قامة كبيرة لا يستطع أحد أن يرد على هرطقاته وخزعبلاته وتصوراته ويبدأ الولد هو أيضاً في تعيير شعب الله وخدامه وقسوسه، وهو في الحقيقة ليس إلا ببغاء يكرر كلام وتعييرات وشتائم وألفاظ سيده من ظن في نفسه أنه جليات، ويتحدى شعب الله وهو لا يدري أنه ليس إلا حامل سلاح سيده، السلاح الأرضي الجسدي الذي لا يمكنه أن يغلب به حتى صبي صغير، أشقر مع حلاوة العينين اتكل على إلهه ويأتي إليه لا بردود على تعييراته، ولا بمناقشة لخزعبلاته ولا بكلام حكمة إنسانية مقنع ولا بسيف أو برمح بل باسم رب الجنود، صبي يحتمي في لاهوت المسيح ابن الله الوحيد الذي ليس بأحد غيره الخلاص وليس في “لاهوت المحبة الحر”، أو “ناسوت العداوة المر”. والعجيب أن الجنود الذين يقفون خلفه في هذه المعركة يهتفون له ويوافقونه على كل ما يقول ودائماً على استعداد أن يتكلموا هم أيضاً لكنهم يتهتهون في كلامهم عندما يسألون عن “لاهوت المحبة الحر” ويجلسون أمام من أقنع نفسه وأقنعته جماهيره أنه جليات، يجلسون أمامه كالتلاميذ الصغار الذين في قرارة نفوسهم يعلمون أن إجاباتهم على أسئلته غير كتابية أو منطقية أو مقنعة لكنها الحاجة ربما إلى الدعم أو الى الشهرة أو إلى سد فراغات نفسية لا يجدونها إلا في مثل هذه البرامج واللقاءات، وهم لا يعلمون أن خسارتهم أفدح من خسارته، فهو يمتلك من المواهب والإمكانيات والعلاقات ما يضمن له تسديد الاحتياجات الأمر الذي يفتقدونه هم، فعندما يتدخل الله القدير عن قريب ويوقف هذه المهزلة التعليمية سريعاً سيستمر هو في استخدام مواهبه أما هم فقل على جميعهم السلام.
والعجيب أنه عندما ترد على التحديات والإهانات الموجهة لشعب الرب، والاتهامات الموجهةإليك، وتفضح أعمال الظلمة غير المثمرة وتوبخها، وتطالب بعدم خلط التبن مع الحنطة، وترفض وضع تسابيح المسيح مع تواشيح بليعال وأن لا تضع اسم صاحب المولد بجوار اسم صاحب الميلاد، أو إقامة سهرة رمضانية بعنوان “نقوم ونبني” في كنيسة إنجيلية مشيخية يحييها نجوم الفن الغنائي أحدهم مسلم موحد بالله والآخر مسيحي صوفي هائم في حب الله، وهو في الحضرة شايف واخد رايح لله في مرآة يا محلاه، ثم يعقب الانتهاء من سهرة الإنشاد الديني طعام السحور، عندما تسلط الأضواء على كل هذا يخرج المسؤولون عن القناة فجأة من كهفهم ويتصلون بك بكل الوسائل ويحملونك المسؤولية الأدبية والروحية عن الإساءة لسمعة القناة، وعندما يشتمك من يدعى أنه صاحب القناة على مواقع التواصل الاجتماعي وعندما يهينك المرنم صاحب المولد والميلاد التى أنتجت له القناة حلقات “لاهوت المحبة الحر” فلا ترى ولا تسمع من المسؤولين عن القناة شيء، وكأنهم لا يعلمون ماذا يجرى بينك وبين أكبر مسؤوليهم، بالرغم أن أيديهم تسرع لعمل ”لايك“ على تعليقاته التى أقل ما يقال عنها أنها تعليقات شريرة، شيطانية غير مسؤولة، وكأنهم مازالوا من أهل الكهف، لكن عندما تفضح اعماله الشريرة حتى بكتابة تعليق على صفحتك بالفيس بوك يجرى وراءك المسؤولون عن القناة ويتوسطون إليك بصديق عزيز محترم لكي ما يتصل بك ويطلب منك أن لا تذكر اسم القناة في تعليقاتك، ويحملونك من خلال عمل روح الغي والتدين والخوف المسؤولية الروحية لأن الناس ستقف ضد القناة وبالتالي ستهلك “يا حرام” النفوس البريئة التى مات المسيح لأجلها إن لم تسمع لقنواتهم، وكأن الناس ستهلك من تعليقك على الفيس بوك ولن تهلك إذا ما اقتنعت بـ “لاهوت المحبة الحر” الذي ينادي بوجود عدة طرق للوصول لله غير شخص المسيح تبارك اسمه، بواسطة ما أسموه البر العام وهو طريق موازٍ لبر المسيح للذين لم يسمعوا عن بر المسيح. ثم يحاولون استخدام أساليب روح التدين والكذب والغي الذي يشوه الخادم ويصفه بالجهل علنًا في الحلقات التليفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي وفي نفس الوقت يطلب منه أعضاء مجلس إدارة القناة السكوت وعدم الدفاع عن النفس أو إظهار الحقائق أو الوقوف أمام الهرطقات. أليست هذه الأمور الحادثة منهم هي نفس الأمور التي تعملها عصابات المافيا المختلفة في كل العالم؟، ألا ينطبق عليها بين المسيحيين صفة “مافيا الفضائيات المسيحية”؟
والأسئلة التي تطرح نفسها في هذه الأيام: من هو الشخص الذي اقترح ورتب وأنفق على إنتاج مثل هذه الحلقات، وأين كان المسؤولون عن القناة أو القنوات عند اتخاذ قرار إنتاج حلقات “لاهوت المحبة الحر”؟، من مول هذه الحلقات وكم من آلاف الدولارات أنفقت عليها؟ثم من أين جاءت هذه الأموال، هل من المشاهدين العرب الذين بعضهم من المحتاجين إلى القوت الضروري وقد اقتطعوا من أموالهم حتى يتبرعوا بها للقنوات المنتجة ليعرف الخطاة طريق المسيح الواحد وليدخلوا إلى الحياة الأبدية السعيدة أم دفعوها ليقال للمشاهدين إن هناك طرقًا كثيرة للوصول إلى المسيح عن طريق ما يسمى بـ “لاهوت المحبة الحر” وأن هناك صوفية في المسيحية؟، أليس هذا ظلمًا وخيانة وسرقة علنية مقنعة من الممولين الغلابة المخلصين أو الأمريكان المغرضين المغيبين الذين لا يعرفون شيئًا عن المادة الروحية المسجلة باللغة العربية في استوديوهاتهم والمنتجة بدولاراتهم الكثيرة التى يغدقونها على القنوات الفضائية المبثة من أمريكا وأستراليا وقبرص ولبنان؟، فمن الواضح أن القناتين اللتين تبثان مثل هذه البرامج وحفلات الإنشاد الديني حصريًا هما القناتان اللتان لا تقومان بعملية الجمع المالي السنوي من المشاهدين لتدعيم قناتيهما، ولذلك فهما لا يعتمدان على المشاهدين العرب في إنتاج برامجهما، بل على الأمريكان والجنسيات الأخرى، فهل عدم الجمع المالي من المشاهدين العرب كافٍ بأن يجعلهما يبثان سموماً بدعوى مد الجسور مع المسلمين ويقحمان “لاهوت المحبة الحر” وحفلات المولد والميلاد وإنشاد على الحجار الديني على المشاهدين في بيوتهم، وينفقان الآلاف من الدولارات في إنتاج مثل هذه البرامج، ثم ما هي سياسة القناة التى سمحت بإنتاج أو عرض مثل هذه الحلقات؟، هل هناك سياسة محددة واضحة مكتوبة، يمكن للمشاهد والمتبرع أن يتطلع عليها لهذه القنوات، سياسة تحدد صفات وخصائص ما يسمح به للتسجيل أو العرض، أم أن سياستها، كما هو الحال مع أغلب القنوات الفضائية، هي ما يطلبه المستمعون ويصفق له المشاهدون، ويأمر به الممولون، أو ما يأمر به مؤسس القناة أو سارقها فهو من يجول البر والبحر في رحلات عمل ترفيهية ليجمع الأموال من المتبرعين المساكين أو المغيبين؟، هذا ما يُسْمَح بإنتاجه وعرضه لا ما يأمر به الروح القدس الأمين، من المنتجين لمثل هذا البرنامج المهين والمشين لرب العالمين، أليس من حق المتبرعين أن يحصلوا على إجابات لكل هذه الأسئلة؟، ثم مادامت القناة قد سمحت لنفسها أن تنتج مثل هذه البرامج المشبوهة والمليئة بكل أنواع المغالطات والتشويش في سرد المعلومات فلماذا لا تقبل النقد والنقاش حولها وسماع الرأي والرأي الآخر؟ ولماذا يثور مسجلوها ومدعموها ومبثوها ويهاجمون ويشتمون في القنوات المسيحية الأخرى ويتطاولون على مقدمي البرامج الذين يخالفونهم في الرأي ويناقشون مثل هذه الخزعبلات بمنطق وأدب ومحبة دون الإساءة لمنشئ أو مذيع أو قناة، أهو محلل لأشخاص ولقنوات بعينها، لأن لسان حالها يقول:”أنا غني وقد استغنيت ولا حاجة لي إلى شيء” ومحرم على أشخاص وقنوات أخر؟وخير دليل على ما أقول هو أنه، عندما كتب مؤسس ورئيس تحرير الجريدة المسيحية الورقية الوحيدة بين المتحدثين بالعربية في الشرق الأوسط من نقد لمثل هذه البرامج الهدامة أو الحفلات إياها أو التعاليم الشيطانية أو التواشيح الدينية سمح كبير المسؤولين عن القناة لنفسه أن يصف الجريدة، على مواقع التواصل الاجتماعي، بأنها جريدة صفراء، ولم يذكر لنا دليل واحد أو سبب واحد لاتهامه للجريدة بأنها جريدة صفراء، وإذا كتب قسيس تعليق ينتقد فيه هذه البرامج أو المقالات شتموه واتهموه بزواج المطلقين والمطلقات والجهل العلمي والروحي، وحتى إذا أوضح وأبدى أحد رأيه في الصوفية المسيحية أو لاهوت المحبة الحر، حتى لو كان من الخدام والعاملين بإحدى هذه الفضائيات التي تعرض هذه الحلقات، حتى مع كونه أعمقهم إيمانًا، وأفضلهم أخلاقاً، وأغزرهم علمًا، وأكثرهم شهرة، وأقواهم تأثيرًا، وكتب مقالة وافيةكافية بالأدلة والبراهين، خالية من الشتائم والإهانات والاتهامات، كتبهاعلى صفحته، وضع له التقي الصوفي صاحب المولد والميلاد وخالط التبن مع الحنطة على صفحته في رده على أحد المعلقين على المقال صورة حمار يرفس (وهي الصورة التى اخترت لأضعها في رأس هذا المقال) ولم ينس ولم يتورع أن يكتب ويؤكد في تعليقه أن الصورة هي لحمار وليس لفرس؟، فلم يعد هناك فرسان اليوم على حد قوله، بل يا صديقي كلنا دونه حمير …و.. و..و..
وبالرغم من كل هذا، القليل الذي ذكرته من الكثير الذي يعف قلمي عن كتابته، لم يتحرك المسؤولون عن القناة للاعتذار عما صدر من مؤسسيها لا لمن أساء إليه مؤسس القناة ولا لمن تبنته القناة وأنتجت له مثل هذه البرامج، وفي نفس الوقت عندما ترد على الإهانات بأسلوب علمي وبحثي راق، دون شتيمة أو اتهامات تكون مُهَدِّدْ للقناة، على حد قول المسؤولين عنها، فيصحوالمسؤولون من غيبوبتهم ويستيقظ أهل الكهف من سباتهم خوفاً على التدعيم المادي والأدبي للممولين. أسئلة حائرة لن يجرؤ المسؤولون عن أية قناة فضائية مسيحية الإجابة عليها.
الأمر الثاني الذي يدل على أن “مافيا الفضائيات المسيحية” يعملون بنفس الأرواح العاملة في المافيا الدولية هو التنافس غير المسيحي وغير الشريف بين هذه القنوات بعضها وبعض، فالكل يحاول أن يجعل المشاهدين المسيحيين المحدودي العدد والدخل المادي، الذين يتنقلون بين الفضائيات المسيحية لمشاهدتها، أن يشاهدوا فضائياتهم ولا يشاهدوا الفضائيات الأخرى. فنظرة سريعة على البرامج المقدمة على القنوات المسيحية وتوقيتاتها لخير دليل على ما أقول فعندما تبدأ قناة فضائية تقديم برنامج إخباري وتقدم ما وراء الأحداث حتى يطل منها المشاهدون وخاصة المسيحيين في أمريكا على ما يحدث في مصر، ويتم إذاعة البرنامج في الواحدة والنصف ظهرًا من يوم ما في الأسبوع، ويكون هذا البرنامج هو الوحيد من نوعه على كل الفضائيات المسيحية لمدة طويلة، تقوم فضائية أخرى، أسست بعدها بسنين بأمر مديرها والمسؤولون عنها ببث نفس نوع البرنامج على فضائياتهم لكن نصف ساعة قبل ميعاد بث البرنامج الشبيه له بالقناة الأولى، ولا يبالون بصرخة شعب يريد أن يشاهد كلا البرنامجين، فلا يستطيعون، وعلى المشاهدين أن يختاروا صاغرين بين أن يشاهدوا هذه الفضائية أم تلك. وللحق والانصاف والأمانة الصحفية أذكر أنني تقابلت في إحدى زياراتى للقناة للتسجيل بمؤسس القناة التى بدأت إذاعة برنامجها قبل الأخرى بسنين وسألته، والحقيقة إنني كنت أريد أن أكتشف طريقة تفكيره ورده على ملاحظتي وسؤالي، سألته:”أنت واخد بالك أن القناة الثانية تقوم ببث نفس نوع البرنامج الذي تبثونه أنتم وفي النفس الميعاد لكن نصف ساعة قبلكم، ألا يؤثر ذلك على عدد مشاهديكم لأن أولئك الذين يبدأون في مشاهدة القناة الأخرى لا يمكنهم مشاهدة قناتكم؟، أجابني مؤسس القناة، قسيس ناجي إحنا بنبث البرنامج لشهور الآن وأنا لن أتنافس مع أحد ولن أغير ميعاد بث البرنامج لمجرد أن قناة أخرى تبدأ برنامجها قبلنا بنصف ساعة، نحن نخدم الله ونقدم ما عندنا من خمسة أرغفة وسمكتين وهو يوزع على من يشاء، أجبته أنا فخور بك وبطريقة تفكيرك.
مثال آخر للمنافسة غير المسيحية وغير الشريفة بين “مافيا الفضائيات المسيحية” يظهر جليًا في نوعية البرامج التي تبث على الفضائيات يوم الأحد صباحًا من ١٠ إلى ١٢ ظهراً بتوقيت كاليفورنيا لاستقطاب المشاهد ناحيتهم، فقناة واحدة في أمريكا هي التي تذيع بثاً مباشرًالاجتماع كنيسة قصر الدوبارة بمصر، وهي قناة الكرمة، ولا خيار لها ولا تستطيع أن تغير ميعاد البث المباشر لأنه الوقت الذي تكون الكنيسة في مصر مجتمعة فيه، فماذا تفعل بقية القنوات المسيحية، حيث أنه قد أصبح من الواضح أن المسيحيين العرب في أمريكا يتابعون اجتماع قصر الدوبارة على قناة الكرمة؟ وبالتالي فعدد المشاهدين لبقية القنوات المسيحية لابد أن يكون ضعيفاً في هذا الوقت بالذات؟ وبالطبع يخشى بعض المسؤولين عن بقية الفضائيات أن يتحول المشاهدون إلى تلك الفضائية ويتركونهم، والإجابة هي تقوم كل قناة أخرى، إن بقصد أو غير قصد، بوضع أفضل ما لديها من برامج وشخصيات في نفس ميعاد البث المباشر لاجتماع كنيسة قصر الدوبارة، فقناة الحياة تضع المحبوب الأخ رشيد وبرنامجه سؤال جرئ، وقناة الحرية تعرض اجتماع للكاهن الحبيب مكاري يونان، وقناة الفادي تقوم بعرض برنامج للكاهن الحبيب زكريا بطرس، وأعجب الكل تعرض قناة الكلمة وفي نفس الوقت، اجتماع قديم مسجل مسبقًا لكنيسة قصر الدوبارة أيضاً، والحمد لله أن الكنيسة الأرثوذكسية خارجة عن هذه اللعبة وإلا لوضعت لنا عظة البابا الراحل أو الحاضر، وكأن الفضائيات تتصارع وتتحارب حرب باردة بينها، وأنا وأنت، نحن المشاهدون هم أرض المعركة وضحاياها ونحن لا ندري، فالمشاهد البسيط الذي يتوق أن يشاهد الأخ رشيد وأبونا مكاري، وأبونا زكريا، وقصر الدوبارة ماذا يفعل ومن يشاهد؟! وصارت الفضائيات المسيحية كمحلات الأنتيكات في محاولتها لجذب المشاهد، ونسيت أنها لا ينبغي أن تكون كشركات ذاتية المنفعة تعرض بضاعتها على زبائن للشراء، بل هي جزء حي من جسد المسيح ومن المفترض أنها تتكاتف معًا لتبني جميعها في ملكوت واحد، ويكون المشاهد لها هو بيت القصيد وليس الفضائية نفسها. أما دخلها المادي والروحي بالكامل ينبغي أن يوضع عند أرجل السيد المسيح الواحد الذي هو سبب وجود هذه الفضائيات جميعًا وهو الذي يوزع دخل وثمار هذه القنوات مجتمعه على كل منهم بحسب غناه في المجد.
الأمر الثالث: هو الأمر الوحيد الذي كنت أتمنى أن تمارسه مافيا الفضائيات المسيحية بنفس الطريقة التى تمارسه بها الفضائيات غير المسيحية أو حتى المافيا العالمية، ألا وهو الحرفية في أداء العمل، والعمل على رفع مستوى المذيعين والمذيعات ومقدمي البرامج المسيحية التلفزيونية، والحكم على الأحداث واختيار ما يقدم للمستمع (المستهلك) من مادة روحية وعلمية وثقافية، وهذا ما تفتقر إليه الغالبية العظمى من الفضائيات المسيحية جميعها تقريبا. فمن ناحية الحرفية في أداء العمل ومستوى مقدمي البرامج العلمي والثقافي لا تجد أكثر من واحد او اثنين من مقدمي البرامج على الأكثر في كل قناة هم العماد و السبب الذي لأجله يشاهد الناس الفضائية من أصله. وأترك لك عزيزي القارئ إن كنت ممن يشاهدون القنوات الفضائية المسيحية أن تراجع في عقلك أسماء الفضائيات وتفكر في أسماء مقدمي البرامج بكل منها أولئك الذين إذا غابوا وتركوا القناة لانهارت في الحال. فكثير من مقدمي البرامج تكتشف وأنت على الهواء معهم أنهم غير فاهمين كل أبعاد الموضوع الذين يسألونك فيه، والغالبية العظمى من مقدمي البرامج يختارون ضيوف حلقاتهم من أولئك الذين يتفقون معهم في الرأي فقط ويلقنونهم قبل دخولهم الحلقة ماذا يجيبون على هذا السؤال أو ذاك، وإذا خرج الضيف عن النص المكتوب له يضرب المضيف أخماس في أسداس ويرتبك أمام المشاهدين ولذا فالغالبية العظمى من البرامج التى تذاع مباشرة على الفضائيات المسيحية تكون مملة سخيفة تزيد من إحباط المشاهد وتشعره بالسطحية وبالاكتئاب وضياع الوقت.
وبعض البرامج التى تلقي الضوء على ما وراء الأحداث في الشرق الأوسط والتى يذاع برامجها على كل المتحدثين بالعربية في كل البلاد المختلفة تبدو وكأن العالم بالنسبة لمقدميها ومعديها ليس أكثر من مصر، فليس هناك عراق أو كويت أو ليبيا أو سعودية، هناك مصر وحدها. فالمراجعة للصحف الصادرة في مصر والسيسي هو من يأخذ نصيب الأسد في كل حلقة وحالات الاضطهاد التي تحدث في مصر يتم التواصل مع الأهل والأقارب وكأن بقية الوطن العربي لا اضطهاد فيه. ثم انحياز مقدم البرنامج الصارخ مع أو ضد رئيس بعينه أو قطر بذاته أو قضية بالتحديد، والحكم على الأمور بالعواطف لا بالعقل والمنطق. ألا يتعارض هذا مع الحرفية والأمانة الصحفية والإعلامية،ألا يدل هذا الأمر على عدم الحرفية لدى الفضائيات المسيحية؟!
أما الأمر الرابع: هو أنه في كثير من الفضائيات المسيحية تعمل مجموعة الأرواح الشريرة من كذب وغي ومحاباة للتحكم فيما تقدمه الفضائية المسيحية لجمهور المسيحيين، سواء من مادة روحية أو أشخاص تمنح لهم امتيازات خاصة وتعرض برامجهم في كل القنوات الإنجيلية تقريباً والتى يغض أصحابها والمتحكمين فيها النظر عن تعاليمهم وفي بعض الأوقات تخاريفهم ورسائلهم التى يرسلونها عبر قنواتهم إلى المشاهدين. فعندما يخرج أحدهم ويكلمنا عن اضطهاد الإنجيليين للأرثوذكس المصريين وعلينا كإنجيليين أن نتوب وأن نعتذر للأرثوذكس بسبب اضطهادنا لهم، الأمر الذي لا يعترف به حتى الأرثوذكس أنفسهم، وعندما يعلمنا أحدهم أن الله لا يترك نفسه بلا شاهد، فلذا جسد القديس شربل كان ينضح ماء ودمًا بعد دفنه بسنين، وعندما يعلمنا أحدهم أن هناك طرقًا كثيرة لله غير طريق المسيح الذي ينادي به المسيحيون، وأن هناك صوفية في المسيحية وأن أيوب كان صوفيًا وعندما يطلب أحدهم من القديسة العذراء مريم الظهور فوق كل كنيسة إنجيلية، وعندما يخرج على إحدى القنوات المسيحية القس الفلسطيني الأم والإيطالي الأب، الذي كان عمدة رام الله في وقت من الأوقات، من ولد في فلسطين ويتكلم العربية بطلاقة حيث أنه عاش سنوات كثيرة من عمره في يافا فلسطين قبل أن يرحل إلى كندا ثم أمريكا، ولازالت والدته حتى يومنا هذا، وهي سيدة تقية فاضلة، تتكلم العربية فقط ولا شيء غير العربية، ثم يتصنع عدم قدرته على الحديث باللغة العربية، ويخفي الجانب الفلسطيني من لغته وهويته عمدًا ويظهر فقط الجنسية الإسرائيلية التى يحملها كواحد من عرب ٤٨ أو الجنسية الأمريكية حتى لا يخسر أموال معضديه من الأمريكان إذا ما عرفوا أنه من أصل عربي، ويحكي هذا القسيس، ويترجم له صاحب القناة، ما أسماه باختبار العناية الإلهية به وكيف أن الله اعتنى به عندما طلق امرأته (بالرغم من شهادته هو نفسه ومن حوله بأنها امرأة فاضلة) وقد كلفه طلاقها ٨٠٠ ألف دولار ثم ردها مرة أخرى، لكنه خسر مايقرب من مليون دولار في ردها. ويعمل هذا القس من ضياع مليون دولار من أموال المغيبين المتبرعين في قصة طلاق زوجته اختبارًا ويقوم مؤسس الفضائية المسيحية بالترجمة له للعربية ويبلع المشاهدون الطعم ويصفقون للمطلق ولصاحب القناة، كنت أسأل نفسي، بينما كنت أسمع قصة هذا القسيس، منه شخصياً، ما الذي سيستفيده المشاهدون مما أسماه هذا القسيس اختبارًا، كيف سمح لنفسه أن يطلق امرأته لغير علة الزنا، من أين أتى بالمليون دولار التى أنفقها على عملية طلاق زوجته ثم ردها، فهو لا يعمل شيئًا آخر سوى أن يكون قسًا، فهل دفع هذا المبلغ الضخم من فلوس الخدمة وعمل الرب؟، وأية عناية إلهية هذه التى يتحدث عنها التى سمحت له بطلاقها، وكيف ولماذا تركه صاحب القناة الفضائية المسيحية يحكي مثل هذا “الاختبار”، ألا يدل كل هذا على سيطرة روح الكذب والغش والغي على الكثير من الفضائيات المسيحية؟
خامسًا: ولعل أخر ما أشير إليه في هذا المقال هو التشابه بين طريقة استحواذ المافيا العالمية على ممتلكات الناس وخاصة نقودهم وبين حصول بعض الفضائيات على ممتلكات الناس، وخاصة نقودهم، فكلا الطرفين يضغطان على ضحاياهم حتى يحصلوا منهم على شيء، أي شيء. فالمافيا العالمية تحصل على ما تريد إما بالمكر والدهاء، أو بالكذب والغش أو بتهديد السلاح الحديدي، ولكن مافيا الفضائيات المسيحية، فيحصلون على ما يريدون بالاستخدام الخاطئ للسلاح الحي أي كلمة الله الحية والفعالة والأمضى من كل سيف ذي حدين، فيهددون الناس بالآيات الكتابية ويحملونهم بعقد الذنب، ويتهمونهم بالتقصير في تدعيم جسد المسيح والويل لهم إن لم يتبرعوا لأنهم سيصفونهم بكل الصفات غير الكتابية. فمع أني مع إعلان حاجة الفضائيات عن احتياجهم للدعم المادي وتشجيعي لأعضاء كنيستي وللمشاهدين للتبرع لبعض القنوات الفضائية، إلا أنني أكره أن يحمل المسؤولون عن الفضائيات المشاهدين ذنب إيقاف البث فيلعبون بكارت غلق القناة إن لم تتبرعوا لأننا مديونون بمبلغ كبير وإن لم ترسل تقدمتك اليوم سيقف البث على قناتنا. إن القناة التى تعتمد على المتبرعين في استمرار خدمتها أو توقفها لا تستحق أن تشاهد، فهي قناة جسدية مادية لا يؤتمن المسؤولون عنها على تقديم مادة روحية جادة مغيرة للمشاهدين، لكن الفضائية التى تعتمد وتستند على ذراع حبيبها وسيدها فقط فهي التى توصف بأنها جميلة كالقمر طاهرة كالشمس مرهبة كجيش بألوية، وهي التى تستحق أن يدعمها كل المؤمنين ببشارة المسيح.
أما في نهاية هذا المقال، فدعني أقول للفضائيات المسيحية، الأمينة الملتزمة المخلصة: أوسعي مكان خيمتك ولتبسط شقق مساكنك. لا تمسكي. أطيلي أطنابك وشددي أوتادك. لأنك تمتدين إلى اليمين وإلى اليسار. ولكل فضائية مسيحية تساهم في ضلال النفوس، بعلم أو غير علم، إن مسؤوليتكمأمام الله ستكون كبيرة جداً، فويل لمن عمل وعلم الآخرين بما ليس كتابيًا منتفخًا باطلاً من قبل ذهنه الجسدي. ومرة أخرى أذكركم بأن عمل كل واحد سيمتحن بالنار، إن بقي عمل أحد فسيأخذ أجرة، إن احترق عمل أحد، فسيخلص ولكن كما بنار.