العدد 24 الصادر في سبتمبر 2007 الساكن في السموات يضحك
يحكى أن فأراً صغيراً أراد أن يتزوج من فأرة أحبها ورأى نفسه أنه أحق فئران الغابة بزواجها. وفي يوم من أيام (الخطوبة) مشى معها يروى لها عن شجاعته وإمكانياته وكيف أنه لا يرهب ولا يخاف من أحد وأن عنده من الحيل والمكر ما يجعله يخدع الكل ويتحكم في مصائر كل من في الغابة. وقال لها إن الغابة ملكي ولا يستطيع أي من كان فيها حتى الأسد ملكها أن يقف أمامي. وأخذ يتطاول على الأسد وعلى أتباعه وعلى أصحابه. وفجأة ظهر الأسد واقترب من الفأر وخطيبته فواصل الفأر مدفوعاً بجهله وكبريائه وعنجهيته تطاوله وسب الأسد، وسمعت خطيبته، فنظر الأسد لهذا الفأر الصغير وضحك وتركه ومضى مستهزأً به وتركه إلى يوم آخر.
فرح الفأر بهذا الموقف من الأسد وراح يؤكد لخطيبته أنه يستطيع أن يسب الأسد، والأسد لا يمكنه أن يرد إساءته مستخدماً ومستغلاً موقف الأسد منه عندما سبه وأهانه. ثم اصطحب الفأر خطيبته إلى بيتها وبعد أن ودعها في جحرها، مشى مزهواً فرحاً بنفسه لأنه نجا من براثن الأسد، وفجأة ظهر الأسد مرة أخرى لكنه لم يكن يضحك في تلك المرة بل كان غاضباً. ومن نظرات الأسد عرف الفأر أن الشر قد أُعد ضده وأنه لابد أن يدفع حساب ما فعله من سبه للأسد، فذهب للأسد وأخذ يقبل قدميه ويديه ويعتذر عما صدر منه، وقفز الفأر فوق رأس الأسد ليقبلها لعل الأسد يعفو عنه، وعندما وصل إلى قمة رأس الأسد ظهرت فجأة خطيبته أمامه فأسقط في يده، فقال للأسد: “يعني لازم أدوس على رأسك علشان تعقل وتتأدب” حتى يُوهم خطيبته أنه هو الذي يؤدب الأسد ويتحكم فيه.
لست أدرى لماذا تذكرت هذه القصة المضحكة المبكية عندما قرأت هذه السطور القادمة في سفر المزامير أو الزبور، المزمور الثاني عندما ذكر تنزيل الحكيم العليم ورسم صورة دقيقة لما يحدث في العالم اليوم ضد المسيح وأتباعه.
يتساءل الوحي مستنكراً ومتعجباً: “لماذا ارتجت الأمم وتفكر الشعوب في الباطل، قام ملوك الأرض وتآمر الرؤساء معاً على الرب وعلى مسيحه؟”
فالصورة هنا لأمم وممالك ترتج وتهتز وشعوب تتفكر في الباطل، الدول منقسمة على ذاتها وعلى بعضها، مسلمون ضد مسيحيين، مسيحيون ضد يهود، يهود ضد مسيحيين ومسلمين، إنجيليون ضد كاثوليك وأرثوذكس، كاثوليك وأرثوذكس ضد إنجيليين، شيعة وسنة يتقاتلون ويزيديون وهندوس وسيخ، حزب الله يتقاتل مع إسرائيل، يختطف لبنان، يدمر لبنان، إسرائيل والوطن العربي، لبنان وسوريا، العراق والكويت، السودان الجنوبيون والشماليون، السودان الشماليون ودارفور، السعودية حليفة الأمريكان وعدوة الأمريكان في نفس الوقت، حماس ومنظمة التحرير، الجزائر حكومة ومسلمين وقبائل، المغرب عرب ويهود وملكيون وجمهوريون، القاعدة والعالم كله، كوريا وأمريكا وفنزويلا، جنوب أفريقيا إنجليز ووطنيون. حقيقي ارتجت الأمم، الجميع ضد الجميع يتقاتل مع الجميع، والبقاء للأقوى، للأغنى، للأكثر عدداً وسلاحاً لمغسولي الأدمغة والمغيبين والمسيطرين على مضخات البترول والمتحكمين في الإذاعة والتليفزيون، لأولئك الذين يؤمنون بالقتل وسفك الدماء وقطع الأيدي والأرجل والألسنة والجلد والحبس والنفخ ونزع الأظافر والويل والعناء والذل والعار للأقليات وخاصة إذا كانوا أصحاب شريعة المحبة التي تحرم عليهم القتال ولا تكتبه عليهم كما كتب على الذين من قبلهم وتلزمهم بأن لا يقتلوا ولا يسرقوا ولا يزنوا ولا يشهدوا بالزور، بل أكثر من ذلك تجرمهم إن لم يحبوا الذين يسيئون إليهم ويطردونهم وأن لا يغضبوا، وإن غضبوا فلا يخطئوا بل يعطوا مكاناً للغضب عالمين أن لي النقمة أنا أجازي يقول الرب. فما أعمق الهوة وأبعد الفرق بين أغلبية تتحكم في مقاليد الأمور وتؤمن بأن الضرورات تبيح المحظورات وأن هذه نقرة وهذه نقرة، وأن تنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، وتبيح للمرء أن يقوم المنكر حتى بيده ويعد لأعدائه ما استطاع من قوة ومن رباط الخيل ليرهب به عدو الله وعدوهم، ويؤمنون أنهم خير أمة أخرجت للناس وأن خروج أحدهم عن دينه يسمى كفراً وارتداداً ويجعله ضمن الخوارج والمبدلين لدينهم، من بدل دينه فاقتلوه، وأقلية تُلزم بحب هذه الأغلبية وإن أبغضتها اعتبرها المولى خارجة عن قانونه الإلهي لأنه مكتوب أن من يبغض أخاه فهو قاتل نفس.
ولعله من الطبيعي والمنطقي حسب فهم الناس للأمور أنه إذا كان المولى تبارك اسمه قد طلب من هذه الأقلية أن تحب الأغلبية ولا تبادلها عنفاً بعنف وقتلاً بقتل وكذباً بكذب أنه جل جلاله لابد له أن يتدخل وينصر المظلومين ويحامي عنهم ويلقن المفترين درساً يشفي غليل أتباعه ويشهد عن نفسه أنه جبار في وسط شعبه يخلص، لكن الصورة التي يرسمها لنا الوحي في هذا المقطع تتحدث عن شيء مخالف ومغاير، تصور الوحي يتساءل وكأنه لا يعرف الإجابة ويقول: “لماذا ارتجت الأمم وتفكر الشعوب في الباطل” فالمولى لم يخلق الأمم والشعوب لترتج وتتصارع وتفكر في الباطل، بل خلقها أمة واحدة، شعباً واحداً، يعود في الأصل إلى رجل واحد وامرأة واحدة، خلقهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا ويحض أحدهم الآخر على البر والتقوى، لا يتعاونون على الإثم والعدوان. لذا يسأل الوحي هذا السؤال مستنكراً: “لماذا ارتجت الأمم…” فهو لا يرى من سبب لذلك الارتجاج والتفكير في الباطل.
أما الأعجب والأكثر إدهاشاً من ذلك أن الوحي هنا يصور لنا موقف الخالق تبارك اسمه من هذه الأمم التي ترتج وتتفكر في الباطل، وهو الساكن في السموات أنه يضحك فمكتوب: “الساكن في السموات يضحك، الرب يستهزئ بهم” لعل هذا المشهد وتلك الصورة التي جعلت أنبياء العهد القديم يتحيرون من موقف الساكن في السموات، فيقول له أحدهم متسائلاً: “لماذا تكون كغريب في الأرض وكمسافر يميل ليبيت، لماذا تكون كإنسان قد تحير، كجبار لا يستطيع أن يخلص وأنت في وسطنا، يا رب وقد دعينا باسمك لا تتركنا”. ويناجيه تبارك اسمه نبي آخر قائلاً: “عيناك أطهر من أن تنظرا الشر ولا تستطيع النظر إلى الجور، فلم تنظر إلى الناهبين وتصمت حين يبلع الشرير من هو أبر منه” ويعود فيقول له: “حتى متى يا رب أدعو وأنت لا تسمع، أصرخ إليك من الظلم وأنت لا تخلص لم تريني إثماً وتبصر جوراً وقدامي اغتصاب وظلم،يحدث خصام وترفع المخاصمة نفسها، لذلك جمدت الشريعة ولا يخرج الحكم بتة لأن الشرير يحيط بالصديق فلذلك يخرج الحكم معوجاً”. ونبي ثالث يسأله جل شأنه: “لماذا تقف بعيداً تختفي في أزمنة الضيق” وليس ذلك فقط بل تضحك أيضاً في وسط كل هذا الاضطراب العالمي والاضطهاد الواقع على أولادك الذين سلموك امرهم واتكلوا عليك في ازمنة الضيق , هل تضحك و اولادك يزج بهم في أقسام البوليس وغياهب السجون وقد قام ضدهم شهود زور وكمنوا لهم ولفقوا لهم التهم وأتوا بتقارير مزورة من أطباء مرتشين، تتهم أتباعك الذين اعتدى عليهم بأنهم هم المعتدون، وانفلت المذنب الجبان وانسحب أتباعك من المشهد. هل تضحك وأولادك يبكون لخطف ابنتهم الصغيرة القاصر وإجبارها على قبول دين لم تخلق فيه بل وتمقته. هل تضحك وطفلان صغيران تتصارع عليهم الوحوش لإضاعة سنة دراسية من أعمارهم وحسابهم في تعداد الراسبين، لا لشيء إلا لأنهم تمسكوا بدينك الحق وتحدوا الجميع، هل تضحك والعالم يجرم التبشير باسمك وأنت الذي أوصيت أن “اذهبوا للعالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. أتضحك والمصلون لك يقتلون في كنائسهم ويحرقون في بيوتهم وأعمالهم، ومتاجرهم تنهب تحت ضوء الشمس وفي وضح النهار.
هل تضحك والفئران تسبك وتخالف شريعتك كل يوم وتنادي بعكس ما علمت في كتابك المقدس، ألم تقل عن نفسك أنك الله الظاهر في الجسد وهم يقولون كفر الذين قالوا إن عيسى بن مريم هو الله. قلت بفمك الطاهر أنك ابن الله وأنك من عند الله خرجت وإلى الله تعود، ويقولون لا لأنك لست الابن وأنى أن يكون لله ولد. علمت أتباعك أنك ستصعد إلى أورشليم وسيصلبونك وفي اليوم الثالث تقوم، ويقولون لا “ما صلبوه وما قتلوه ولكن شبه لهم”. فلماذا تضحك يا سيدى، هل تسمح لي وقد شرعت أكلم المولى وأنا التراب والرماد أن أسألك أيها الساكن في السموات لماذا تضحك؟ وإلى متى ستضحك وأتباعك في هذه الحالة من الذل والهوان، هل يمكن أن تُجيبني عن سؤالي: ما هو الباطل الذي تتفكر فيه الشعوب عندما قلت في كتابك: “لماذا ارتجت الأمم وتفكر الشعوب في الباطل”.
الحقيقة أنني كنت أنتظر أن تأتيني إجابة من السماء ربما في عقلي أو في قلبي أو حتى في أذني بصوت مسموع، لكنني سمعت همساً في عقلي يقول إن الإجابة على كل أسئلتك إنما هي مدونة في كتاب الكتب تنزيل الحكيم العليم الكتاب المقدس، فيقول الوحي إن “الشرير يتفكر ضد الصديق ويحرق عليه أسنانه، الرب يضحك به لأنه رأى أن يومه آت، الأشرار قد سلوا السيف ومدوا قوسهم لرمي المسكين والفقير، لقتل المستقيم طريقهم، سيفهم يدخل في قلبهم وقسيهم تنكسر”.
فهو يضحك وهو الأسد الخارج من سبط يهوذا عندما تتطاول الفئران عليه لأنه عالم أن يومهم آت وأن سيفهم سيدخل في قلوبهم وقسيهم تنكسر.
ويجيب الوحي أيضاً أن الساكن في السموات يضحك لأنه “هو ذا يبقون بأفواههم، سيوف في شفاهم، لأنهم يقولون من سامع، أما أنت يا رب فتضحك بهم، تستهزئ بجميع الأمم”. فالمولى يضحك عليهم هنا لأنهم يقولون أنه لا يسمع، وهم لا يعلمون أن اسماً من أسمائه الحسنى التي يرددونها كل يوم أنه السميع العليم.
ويقول الوحي أيضاً أن الساكن في السموات يضحك قائلاً لهم: “لأني دعوت فأبيتم ومددت يدي وليس من يبالي، بل رفضتم كل مشورتي ولم ترضوا توبيخي، فأنا أضحك عند بليتكم أشمت عند مجيء خوفكم” فالذين رفضوا شريعة المسيح شريعة المحبة و تطاولوا عليه، وأبوا أن يلبوا النداء بفتح القلب للسيد المسيح تبارك اسمه ولم يبالوا بإمهاله وطول أناته ومده يده إليهم بل رفضوا مشورته، يضحك سبحانه عليهم عند مجيء بليتهم وخوفهم.
إن المولى يضحك لأنه المتسلط في مملكة الناس وهو الجالس على كرة الأرض, يضحك لأنه قادر على كل شيء قادر أن يغير الأزمنة والأوقات، يهدم ممالك وإمبراطوريات، يعزل ملوكاً ويولي ملوكاً، يهدم حصون العدو ويفضح كذبه وألاعيبه.
لقد ترك المولى تبارك اسمه ربشاقي الرجل المرسل من ملك آشور وكانت مملكة عظيمة في وقتها تحكم العالم وتتحكم في مصائر الناس ولا تضع خوف المولى أمام عينيها، تركه يعير الإله الحي ويخالف شريعته، لكن لما صلى حزقيا الملك للرب واعترف الشعب بخطاياهم وطلبوا عونه أرسل لهم كلمة من السماء قائلاً: “من عيرت وجدفت وعلى من عليت صوتاً وقد رفعت إلى العلاء عينيك على قدوس إسرائيل، على يد رسلك عيرت السيد وقلت بكثرة مركباتي قد صعدت إلى علو الجبال… لكني عالم بجلوسك وخروجك ودخولك وهيجانك على، لأن هيجانك على وعجرفتك قد صعدا إلى أذني، أضع خزامتي في أنفك ولجامي في شفتيك وأردك في الطريق الذي جئت فيه… وأحامي عن هذه المدينة لأخلصها من أجل نفسي”.
فلتكن هذه الكلمات النبوية صلاتنا هذه الأيام، وليمتد مفعولها وتأثيرها أمام عجرفة المتعجرفين وهيجان الهائجين ضد شعب المسيح وكنيسة المسيح وشريعة المسيح. أما الباطل الذي تفكر فيه الشعوب ضد الرب ومسيحه فهو كثير على كل حال. أليس من الباطل أن تأتي شريعة أخرى تنسخ شريعة السيد تبارك اسمه وتستبدلها بما هو عكسها.
أليس من الباطل أن يقتل ويحلل دم كل من يقبل شريعة المسيح من غير المسيحيين. أليس من الباطل أن يُمنع بناء بيوت الله في الأرض الكنائس في كثير من بلدان العالم، أليس من الباطل أن ينادي بأن التوراة والإنجيل قد حرفا وعبثت بهم يد البشر، أليس من الباطل أن يتهم المسيحيون بأنهم يعبدون ثلاثة آلهة وأنهم يشركون بالله، لذا يدعو المولى تبارك اسمه ملوك الأرض ورؤساءها وقضاتها أن يتأدبوا ويتعقلوا ويضع أمامهم الحلول إن أرادوا أن لا يقعوا تحت طائلة عقابه وغضبه لأنه شديد العقاب، فالحل..
أولاً: يبدأ من ملوك الأرض وقضاتها فهم مدخل هذه البلاد والأمم والشعوب الذين تفكروا في الباطل وتآمروا معاً على الرب ومسيحه قائلين: “لنقطع قيودهما ولنطرح عنا ربطهما” إن الإصلاح لابد أن يبدأ من القمة من الرؤساء والملوك والقضاة، ولابد أن يبدأ الإصلاح الآن.
فتنزيل الحكيم العليم يقول: “فالآن يا أيها الملوك تعقلوا تأدبوا يا قضاة الأرض” فأولئك القضاة غير المؤدبين لابد أن يتأدبوا في أحكامهم على الناس لأن فوق العالي عالياً والأعلى فوقهما، فكل قاض يحكم بغير العدل على أحد أتباع المسيح يحتاج أن يتأدب وفقاً لكلمة الله. كل قاض لا يقبل شهادة المسيحي في المحكمة يحتاج أن يتأدب، كل قاض ينصر أخاه ظالماً أو مظلوماً لابد أن يتأدب. كل قاض يحكم على متنصر بالسجن لكونه مسيحياً يحتاج أن يتأدب. كذلك كل من لا يحكم بما أنزل الله في التوراة والإنجيل سيتأدب.
ومن رحمة الله أن المولى يوصى الملوك والرؤساء والقضاة أن يأدبوا أنفسهم أولاً وإن لم يصيغوا هذا التأديب لأنفسهم الآن فسيأتي وقت حينئذ سيقعون تحت طائلة تأديبه في غضبه، ومن يستطيع الوقوف أمام الإله الغضبان، ووفقاً لتنزيل الحكيم العليم أن الملوك والرؤساء الذين لا يعرفون من هو المسيح تبارك اسمه فهم بلا عقل ويحتاجون إلى أن يتعقلوا.
ثانياً: على الملوك والرؤساء والقضاة أن يعبدوا الرب بخوف، الرب إله إبراهيم وإسحق ويعقوب، يهوه القدير، ويهتفون أمامه برعدة. لقد تعود الملوك والرؤساء أن يمشوا ويتحركوا وسط مواكب وسيول من البشر تهتف لهم بخوف ورعدة، لكنه قد حان الوقت أن يهتف هؤلاء الرؤساء والملوك لملك الملوك ورب الأرباب بخوف وبرعدة ويعلنوا في بلادهم أن الرب هو الله وأن يهوه القدير اسمه إيلوهيم، إيل شداي، يهوه شالوم ويهوه نسى من أسمائه الحسنى التي لابد أن يعترف بها الملوك والرؤساء والقضاة والشعوب.
ثالثاً: على الملوك والرؤساء والقضاة أن يوقروا الابن ويقبلوه لئلا يغضب، فلابد من الاعتراف بأن المسيح تبارك اسمه هو ابن الله، أي الخارج من الله , أي الله الظاهر في الجسد وليس هذا الاعتراف وحسب بل أن يحترموه ويوقروه وينحنوا عند قدميه ويقبلوه فهو وفقاً لما جاء بنفس المقطع من الوحي أنه تبارك اسمه هو الوارث لكل الأمم والملك على أقاصي الأرض، فاعلموا أيها الملوك والرؤساء أن بلادكم ليست ملكاً لكم وثرواتكم ليست أموالكم، فالكل ملك السيد الابن المسيح لأنه منه وله وبه خلقت كل الأشياء، لأن كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان.
أخيراً أقول إن الفرصة مقدمة للملوك والرؤساء والقضاة أن يتعقلوا ويتأبوا وفقاً لكلمة الله، لكن من لا يغتنمها ويصدق الجالس في السموات سيكون نصيبهم وفقاً لما جاء بكتاب الحكيم العزيز.
أولاً: الرب يستهزئ بهم. إن كل ظالم استهزأ بأبناء الله إن كان في العمل أو البيت أو السوق أو قسم البوليس سينال جزاء ما فعل، وسيهزأ به المولى نفسه تبارك اسمه.
ثانياً: سيحطمهم بقضيب من حديد، مثل إناء خزاف يكسرهم، فأين هي مملكة اليونان اليوم، أين هي مملكة الرومان، أين هي مملكة مادي وفارس، أين هم الفراعنة، أين هي المملكة الآشورية والبابلية، أين طالبان اليوم، وأين صدام حسين، وغيرهم وغيرهم، فالعبرة لمن يعتبر.
ثالثاً: سيبيدوا من الطريق. إن كل من يوجه آلته ضد كنيسة المسيح من أمم أو شعوب أو ألسنة أو ملوك أو رؤساء وقضاة وأديان وشرائع ومعتقدات وكل من لا ينحني عند قدمي السيد الرب المبارك يسوع المسيح ليقبلها سيبيد من الطريق. فستجثو كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض وسيعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب.
واعلموا أن تنزيل الحكيم العليم يقول: “لأنه عن قليل يتقد غضب الابن” فإن غداً لناظره قريب واسمعوا صوت الابن محذراً قبل فوات الأوان واتكلوا عليه، فطوبى لجميع المتكلين عليه، اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد.
أما أنتم يا شعب المسيح فاعلموا أن المولى يضحك، ضحكة الأسد الغالب الغاضب لأجل شعبه وغنم مرعاه، وأنه في كل ضيقكم يتضايق وملاك حضرته سيخلصكم، واعلموا أن إلهكم عندما يضحك في غضبه لن يقف رؤساء ولا ملوك ولا قضاة أمامه، فاصبروا وتوبوا وتوحدوا، واهتفوا له واسجدوا أمامه وارفعوا رؤوسكم لأن نجاتكم تقترب.