العدد 21 الصادر في يونيه 2007 يا صديقي.. كلهم بن لادن
منذ أن أسقطت الجماعة الإرهابية المسماة القاعدة برجي التجارة في نيويورك، عرف العالم ولأول مرة هذه الجماعة واسم قائدها أسامة بن لادن، ولا حديث لدى الحكومات والإذاعات ووسائل الإعلام إلا عن بن لادن. واختلفت الآراء في بن لادن، من هو، وما هي خلفيته وتعليمه وثقافته ودينه؟
يرى غير المسلمين أن بن لادن هو رأس وسبب وأساس الإرهاب في العالم، وكأن الإرهاب والقتل والسرقة والنهب لم يبدأ إلا ببداية بن لادن، فلم يخل برنامج تلفزيوني أو إذاعي واحد يبحث قضية الإرهاب من ذكر بن لادن والقاعدة، ونسوا أننا في مصر بدأنا في سنة 1945 وربما قبل مولد بن لادن إرساء قاعدة الإرهاب في العالم كله، والتي كان من نتائجها أسامة بن لادن وجماعته ولم نكتف بذلك بل جاءت أحداث كثيرة قبل وبعد أحداث الزاوية الحمراء المشئومة لتؤكد أننا كمصريين خير أمة أخرجت للناس، فنحن الأمة التي بنت الحضارة والأهرام والمعابد واستضافت رئيس السلام على أرضها فشرفها تبارك اسمه بوضع قدمه الصغيرة على ترابها وأننا أيضاً الأمة التي انمحت ثقافتها وحضارتها من التاريخ وتولى أمرها الغزاة لأجيال وأجيال متعاقبة فدمروها وأهلها منذ أن جاء الاحتلال الإسلامي إلى مصر وحتى يومنا هذا. ولعلي لا أكون ظالماً لو قلت إن ما من جماعة إرهابية عربية من الذين يسميهم العالم “المتطرفون أو الإرهابيون أو الأصوليون” إلا ولهم اتصال مباشر بجماعات دينية بمصر وعلاقات وثيقة إما في انتماءاتهم أو تعليمهم أو عقائدهم أو جميعها معاً. فكما أن مصر سباقة على كل ما يعمل في البلاد العربية كذلك هي أيضاً فى تكوين الجماعات الأصولية الإسلامية، فالإخوان المسلمون، والتكفير والهجرة، والجهاد، والجهاد الإسلامي وغيرها، بدأت أولاً في مصر وانتشرت إلى أقصى العالم، والرجل الثاني في تنظيم القاعدة هو مصري وله تاريخ طويل في ممارسة الإرهاب منذ أن كان طالباً بكلية الطب، وأكثر من نصف مختطفي الطائرات التي استخدمت في أحداث 11 سبتمبر 2001 هم مصريون، ومخططي عملية ضرب أبراج التجارة في المرة الأولى وقبل 11 سبتمبر هم مصريون.
ويرى جل المسلمين أن بن لادن هو رمز للقوة والشجاعة والحماس الديني وهو حامي حمى الإسلام وهو الوحيد الذي استطاع أن يدخل بجنوده إلى أمريكا العظمى ويقتل أكثر من ثلاثة آلاف من الأمريكان بضربة واحدة وهو يهاجمهم في أفغانستان والعراق وحيثما يوجدون. وفي ذكر ابن لادن نسى الجميع تقريباً من هو بن لادن وتخفى كل مجرم جبان خلف اسم القاعدة وابن لادن وكأنها الجماعة الإرهابية الوحيدة في هذا الكون.
فكرت في كل ذلك وأنا أشاهد فيلماً لأحداث قتل المسيحيين في مركز العياط ونهب بيوتهم وحرقها في دقائق معدودات وكأننا في عملية إرهابية أخرى لتنظيم القاعدة ورئيسه بن لادن، ومع علمي أن بن لادن لم يكن من الإرهابيين الذين حرقوا بيوت المسيحيين في العياط لكني أرى أن روحه وأوصافه وإيمانه ومعتقداته هي التي ارتكبت جريمة العياط، والجرائم السابقة لها.
وحتى لا يسيء أحد فهمي وقصدي أقول إنني لا أؤمن بتناسخ الأرواح، فروح بن لادن هي روح بن لادن التي تسكن جسده إلى يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا زعامة وجنون، لكن روح بن لادن تمثل روحياً شخصيته أو أوصافه وطريقته وحضوره المميز بين الجماعة. فلقد قال تنزيل الحكيم العليم عن يوحنا المعمدان، يحيا بن زكريا، إنه جاء بروح إيليا، وقال عنه السيد المسيح عندما سألوه عن مجيء إيليا قبل مجيء المسيا (المسيح عيسى بن مريم) قال إن “ايليا قد جاء” وكان يقصد يوحنا بن زكريا وهذا ما أقصده بروح بن لادن.
لقد انقسم العالم بعد 11 سبتمبر إلى إرهابيين ولا إرهابيين، لقد اختفى بن لادن بجسده الأرضي من أعين الناس لكنه ما يزال يمارس إرهابه في تلاميذه ومحبيه. بن لادن ليس مجرد زعيم لتنظيم متطرف بل هو أيديولوجية وإيمان وعقيدة، وروح شرير يعيث في الأرض فساداً، إذاً فمن هو بن لادن.
1. بن لادن هو روح الكراهية السوداء التي تعمي أعين الأشرار حتى يكرهوا المسيحيين واليهود، فكل من لا يحب الآخر ويكرهه هو بن لادن، إن ما حدث في نيويورك ولندن وأسبانيا والأردن ومصر من حلقات المسلسل الإرهابي مروراً بأحداث الزاوية، الإسكندرية، طحا العمودين، الخانكة، الكشح والعياط من أعمال إرهابية مدفوعة بهذا الكم الكبير من الكراهية والحقد وحب التدمير الشامل يقول إن مرتكبي كل هذا، كلٌ على حدة، هو بن لادن.
فلماذا يكره بن لادن وتلاميذه المسيحيين؟ ولماذا تكره الغالبية العظمى من المسلمين في مصر والبلاد العربية المسيحيين؟ لم يسمع عبر التاريخ أن المسيحيين العرب في مصر أو في غيرها اعتدوا على جامع أو كسروا مُصلى أو أحرقوا بيت مسلم، على مر التاريخ، حتى ظن المسلمون أنهم جبناء غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم، فاستحلوا مالهم ونساءهم غنيمة للمؤمنين. لماذا يرفض المسلمون في تصريحاتهم وعقائدهم وتعاليمهم بناء كنائس للمسيحيين في مصر أرض المسيحيين قبل أن يحتلها المسلمون. هل هناك ما يهدد المسلمين والإسلام في بناء كنائس للرحمن في أرضه وأرض المسيحيين المصريين، لماذا يهب المسلمون لتكسير وحرق البيوت والكنائس عندما ينادى صوت إسلامي الله أكبر، الله أكبر، قوموا يا مسلمين، المسيحيون يبنون كنيسة، وكأن المسيحيون يبنون قاعدة عسكرية لنسف المسلمين وإقصائهم عن مصر أرض المسيحيين. ما الذي يخيف المسلمين من بناء الكنائس، هل يخافون من أماكن يذكر فيها اسم الرحمن ويحض فيها على البر والتقوى ويوعظ فيها عن محبة الأعداء ومباركة اللاعنين والصلاة لأجل الذين يسيئون إلى المسيحيين ويضطهدونهم. ولم يسمع قط في كل البلاد العربية أن كنيسة واحدة قبض فيها على جماعة متطرفة كانت تخطط لقلب نظام الحكم أو تنظيم عملية إرهابية ضد الأبرياء الآمنين من المسلمين أو المسيحيين المصريين.
ترى ماذا يحدث لو قامت جماعة انتحارية مسيحية أو حتى مخبول مسيحي واحد أو مختل عقلياً كما يحلو للسادة الوزراء والمحافظين أو يدعى المتطرفون الذين يقتلون غيرهم، بتفجير نفسه في جامع مكتظ بالمصلين يوم الجمعة (هذا افتراض لا يمكن أن يحدث حيث أن من يقوم بهذا العمل لا يدعى مسيحياً بل شريراً تتبرأ منه المسيحية) كما حدث عدة مرات في الماضي في التفجيرات والاعتداءات على الكنائس، لماذا كل هذا الحقد والكراهية.. إنه بن لادن.
2. بن لادن هو كل إرهابي يوقع تعصبه وكبريائه وكراهيته بالمرأة فكل من يعامل المرأة في هذا العصر على أنها أقل من الرجل بأي شكل أو درجة مهما كانت الأسباب هو بن لادن، وكل من ينظر للمرأة على أنها ناقصة عقل ودين وأنها مخلوقة من ضلع أعوج وأنه من المحلل له أن يضربها حتى بسبب نشوزها هو بن لادن. فالمرأة أسمى وأعظم عطية وهدية وهبها المولى تبارك اسمه للرجل، وليست المرأة من دون الرجل أو الرجل من دون المرأة، كما علمنا كتاب الكتب الكتاب المقدس.
3. إن كل من ينصر أخاه ظالماً أو مظلوماً هو بن لادن، ويتحرك بروح بن لادن، فمناصرة الظالم هى ظلم، والله لا يحب الظالمين، وما للظالمين من أنصار.
إن كل من يؤمن أن بيوت الله في الأرض المساجد، وليس هناك مكان لكنيسة أن تبنى في أرض الله هو بن لادن، فليؤمن المسلمون بما يريدون أن يؤمنوا، ليؤمنوا أن بيوت الله في الأرض المساجد، لكن ليؤمن أيضاً المسيحيون بما يريدون أن يؤمنوا، فإن بيوت الله في الأرض ليست الكنائس بمبانيها وحيطانها وجدرانها، إنما بيوت الله في الأرض هم نحن المؤمنون بالسيد المسيح رباً ومخلصاً ومطهراً لنا من الذنوب والمعاصي، نحن الذين يسكن فينا الروح القدس، فنحن هيكل الله وروح الله يسكن فينا كما يعلمنا تنزيل الحكيم العليم، الكتاب المقدس. ولسنا نحن فقط بل كل من يقبل المسيح يسوع سيداً على حياته من كل قبيلة وشعب وأمة ولسان ودين.
قد يدمر المسلمون الكنائس في مصر، كل الكنائس، ويحرقون أبنيتها ويمنعون بناء مبانيها وتصليح ما انهدم منها، لكنهم لن يقدروا أن يدمروا هيكل الله، فالله يا سادة بداخل المؤمنين وليس بمبانيها، فالمولى لا يسكن في بيوت مصنوعة من الطين لكنه يسكن في قلب طفل صغير أو رجل أو امرأة تفتح له قلبها ليطهره من خطاياه ويتخذ منه عرشاً له تبارك اسمه، وحينئذ فقط يملئه بالمحبة والصفح والعفو والغفران حتى لأولئك الذين يعادوننا ويضطهدوننا.
أيها المتعصبون، الجهلة، العميان، الحاقدون، المشحونون كراهية ضد كنيسة الله، لا تهدموا الكنائس، لا تحرقوا جدرانها، فالمسيح في القلوب والله سبحانه وتعالى يعمر حياة التائبين الراجعين إليه.
إن كل جبان خائف يفعل جريمته في لحظات ليوقع بالأبرياء ثم يختفي عن الأنظار ومحاسبة الناس، هو بن لادن. إن كل من يخطط لقتل الأبرياء في الخفاء ويدفع الجهلة والمغفلين لتفجير نفوسهم طمعاً في الشهادة ودخول الجنة والتمتع بالنساء والشراب الممزوج والولدان المخلدين هو بن لادن.
إن كل إرهابي في أي دين أو ملة لا يرحم أماً أو زوجة أو أولاداً ينتظرون عائلهم حين الرجوع من عمله، ويخطط لقتل الأبرياء، هو بن لادن، حتى لو فعل هذا باسم الدين حنيفاً كان أو مسيحياً.
إن كل جاهل لا يقرأ الأحداث ولا يزن الأمور ولا يحكم عقله وقلبه وإنسانيته قبل اتخاذ قرارات الهدم والحرق والتدمير هو بن لادن. ما الذي فعله بن لادن ومن معه من المسلمين حين دمروا برجي التجارة، ما الذي كسبه بن لادن؟! أصبح بطلاً في عيون العميان، والجهلاء ينادون باسمه ويعلقون صوره في بيوتهم، لقد كبد الأمريكان أكثر من ثلاثة آلاف نفس، خسرت أمريكا بلايين الدولارات، نعم كل هذا ظن بن لادن أنه كسبه، لكن ما الذي خسره العرب والمسلمون في هذه الهجمة الغبية، خسروا مكانتهم وسمعتهم في العالم أجمع، أصبح الإسلام في عيون العالم مرادفاً للتعصب والقتل والغدر وأصبح المسلمون أعداء البشرية جمعاء ولم تنجح حتى الآن محاولات الدول العربية في العالم الغربي أن ليس كل المسلمين متطرفين وقتلة وإرهابيين.
لقد أعطى بن لادن فرصة للدول الغربية أن تدخل إلى داخل سياسات البلاد العربية تجبرها على تغيير حتى مناهجها الدراسية وتنحي حكومات بأكملها، وتجبر حكومات أخرى على القبض على من تراهم أمريكا أنهم إرهابيين، وعلى هذا القبيل دعني أسأل ما الذي استفاده الغوغاء الذين قتلوا المسيحيين في الكشح والإسكندرية والعياط…؟!
منعوا عدة كنائس من أن تبنى؟! أرسلوا عشرات الشهداء الحقيقيين إلى السماء حيث النعيم الأبدي، أرضوا غرورهم وكبريائهم أنهم انتصروا على النصارى في معركة غير متكافئة، قد يكون كل هذا، لكن تُرى هل فكر هؤلاء فيما ستكون نتائج فعلتهم النكراء عليهم وعلى المسيحيين، أما عليهم فستحل بهم لعنة الأرض والسماء، فإن الله لا يحب الظالمين، ومن فعل مثقال ذرة خيراً يره، ومن فعل مثقال ذرة شراً يره، أما نتائج ما يعملون على الإسلام ومصر فهو كثير على كل حال. ففي كل مرة يحدث فيها مثل هذا العمل الإجرامي في مصر يتجدد في أذهان الغرب وخاصة الأمريكان فيهم أن الشعب المصري شعب همجي يأكل أفراده وأن الإسلام دين حرب وقهر وظلم، وأن المسلمين المصريين متخلفون عن الحضارة والمدنية لمئات السنين. وفي كل مرة يحدث فيها حرق لكنيسة أو إماتة لمسيحي تضطر الحكومة أن تظهر بمظهر المستاء من الأحداث فتمنح مجموعة من الكنائس تراخيص بناء، وتتدفق على الشهداء وأسرهم المساعدات والمعونات فلا يقارن حجم الإساءة للإسلام ولمصر أو الفائدة للمسيحيين بحجم المكسب (إن كانت هناك مكاسب) التي حصل عليها هؤلاء الجهلة العميان المتعصبين من حرقهم لبيوت المسيحيين وتحطيم كنائسهم.
بن لادن هو كل حكومة أو رئيس أو مرؤوس يؤمن بقهر الناس وتعذيبهم وتخويفهم لتحقيق مآربه وطموحه وآماله، إن كل من يجبر شخصاً ما على تغيير دينه والدخول في دين الآخر، هو بن لادن. إن كل من يرهب الناس حتى يعترفوا بما لم يرتكبوه من جرائم هو بن لادن، إن كل من لا يناصر الحق ويدافع عن الضعفاء والعزل والمساكين في الأرض سواء أكان في قسم للشرطة أو يجلس خلف مكتب من صاج أو عاج هو بن لادن.
إن كل من يفرح ويهلل ويكبر لقتل الأبرياء، ويفرح بأعمال الشر والعنف والإرهاب هو بن لادن.
وأخيراً أقول إن كل من يظن أنه يدافع عن دين الله في الأرض (أياً ما كان هذا الدين) بيده هو بن لادن. فالله لا يحتاج إلى من يدافع عنه وعن دينه، فلو شاء ربك لأفنى الأرض وما عليها ومن عليها، فهو القدير على كل شيء.
فيا أيها الذين سيطر عليهم روح ضد المسيح فأعمى أذهانهم وطمس بصائرهم وقتل ضمائرهم، اعلموا أن الرب هو الله، ونحن شعبه وغنم مرعاه، وأن كل آلة تصور ضد كنيسة الله لن تنجح، وكل لسان يقوم عليها سوف تحكم عليه، فالكنيسة قائمة بذات الشخص الذي قال بفمه الطاهر: “أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها” فالكنيسة الحقيقية المكونة من المؤمنين المسيحيين والمتنصرين من كل الأديان وفي كل البلدان ستبقى شامخة مرفوعة الرأس مفتخرة بمسيحها مصدر سلامها وقوتها وفعاليتها وجاذبيتها، وستبقى قوية بروحه القدس شامخة مرهبة كجيش بألوية، وسيتم فيها المكتوب في أش 60 / 14 “وكل الذين أهانوك يسجدون لدى باطن قدميك” ، أش 54 / 11 – 13 “أيتها الذليلة المضطربة غير المتعزية هاأنذا أبني بالاثمد حجارتك وبالياقوت الأزرق أؤسسك وأجعل شرفك ياقوتاً وأبوابك حجارة بهرمانية وكل تخومك حجارة كريمة وكل بنيك تلاميذ الرب وسلام بنيك كثيراً”.
وسيعلم المصريون أن للكنيسة رباً وسيداً وملكاً يدافع عنها، سيأتي الرب سريعاً إلى مصر راكباً سحابة فتهتز أوثان مصر ويضع أحكاماً بكل آلهة المصريين، فالعدو تم خرابه إلى الأبد، وإن غداً لناظره قريب. نعم كل هؤلاء هم بن لادن، نعم يا صديقي كلهم بن لادن.