تعودتُ منذ سنين عديدة، وفي بداية كل سنة منها، أن أسأل الهي، الذي أنا له والذي أعبده، عما يريد أن يعلنه لي، ولغيري من عبيده المؤمنين به ربًا وسيدًا وملكًا وقائدًا على حياتهم، ليعلن لي عن رؤيته، وخطته، وما بعلمه السابق، وفي قلبه تعالى وتنازل إلينا في المسيح من جهتنا، وعن الاتجاه الذي يريد أن يقودني وأسرتي وكنيستي والكنيسة العامة فيه في السنة الجديدة.
وبينما أنا في محضره، له العظمة وحده، متسائلًا: “ماذا عن 2022 يا سيد كل الأرض؟ ماذا تريد أن تعمل بها؟ ما الذي تريدنا أن ننتبه إليه ككنيستك، ونقبله ونسير فيه وبه وله في هذا العام؟” وإذ بصوت داخلي، اعتدتُ على سماعه في مرات كثيرة، يهمس لي قائلًا: “سنة 2022 ستكون سنة إرسال روح داود إلى كنيستي، روح داود المرنم، والراعي الحقيقي للغنيمات القليلة، والجندي المحارب المنتصر على أعتى الأعداء وعلى الجبار، وأيضًا التائب عن عصيانه وخطيته، والملك والباني لخيمتي الساقطة.
2022 هي سنة إرسال روح داود لأفراد صغار السن والخبرة والقدرة في ذواتهم، لأمسحهم بروحي، وأصنع منهم جبابرة بأس محاربين ومنتصرين، كما عملتُ مع داود في القديم، وأرسلهم لمجموعات وكنائس قد عيَّرها العدو، جليات الذي تصفونه أنتم لا أنا بجليات الجبار، عيَّرها كثيرًا، ووقف في وجهها، وتحداها قائلًا لها: “أين هو الرب إلهكم؟” وقال لهم معيِّرًا شعب الله: “اختاروا لأنفسكم رجلًا ولينزل إليَّ. فان قدر أن يحاربني ويقتلني نصير لكم عبيدًا. وإن قدرتُ أنا عليه وقتلته تصيرون أنتم لنا عبيدًا وتخدموننا.” وقال الفلسطيني: “أنا عيَّرتُ صفوف إسرائيل هذا اليوم. أعطوني رجلًا فنتحارب معًا”، فخفتموه يا جسدي على الأرض، ولذا لم يخرج أحد لمبارزته لأنكم نسيتم أن الفرس مُعَدٌّ ليوم الحرب أما النصرة فمني أنا الرب، وأن لكم إلهًا قادرًا على كل شيء.”
سيعطي الرب هؤلاء الشباب الصغار أن يغلبوه وينتصروا عليه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم لأنهم لن يحبوا حياتهم حتى الموت، وستُخْرِج الكنيسة من وسطها رجالًا بهم روح داود، مبارزين يقدرون على دحره، بعد أن فشلت الكنيسة، منذ قرون مضت، في الانتصار عليه وفي تحجيمه ولم تقدر، ولم تفعل ما كان يريد منها فعله، وقبلت الهزيمة واعتبرتها نصرًا مبينًا، بل وهربت وأخفت نفسها في المغاير وشقوق الأرض، في مبانٍ وطقوس وعبادات داخل مبانيها وأديرتها وصوامعها، خوفًا منه ومن شعبه المتغطرس والمتسلط عليهم، وكأنه الفعال لما يريد في مصر، وكأنه هو رب العالمين والمتسلط في مملكة الناس، وصاحب الدين الحق وحده الذي أنزله القدير ليهدي به البشر المغضوب عليهم والضالين، وصاحب الكتاب المنزَّل الوحيد الذي لم يتغير ولم يتحرف أو تتبدل كلماته، والذي لا ولن يستطيع أحد أن يبدل كلماته، فلا تجدن لكلمات الله تبديلًا، ولا مبدل لكلمات الله. وبناءً على كل ما تقدم في وصف هذا الشعب، وما يعتقد ويؤمن به هذا الشعب عن نفسه، لذا فحق لهذا الشعب الإيمان بالقول إنهم “خير أمة أُخرجت للناس”، ولذا أصبح لهذا الشعب ولهذه الأمة، كتحصيل حاصل، أن تعتبر دينها هو الأفضل، وكتابها هو الأوحد، ونبيها هو الأعظم بين الأنبياء، وهو خاتمهم مَن سيؤم بقية الأنبياء الذين سيقفون خلفه في صلاة لله سبحانه وتعالى، وسيصلون جميعهم عليه ويسلمون تسليمًا، بما فيهم المسيح يسوع تبارك اسمه، سر التقوى، الله الظاهر في جسد إنسان، المكتوب عنه وعن أوصافه وكمالاته وخصاله ما لم ولن يُكتب عن إنسان آخر عاش على وجه هذه الأرض، فمكتوب: “الله، بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديمًا، بأنواع وطرق كثيرة، كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه (المسيح يسوع) الذي جعله وارثًا لكل شيء، الذي به أيضًا عمل العالمين. الذي، وهو (المسيح يسوع) بهاء مجده (مجد الله الجالس على العرش سبحانه)، ورسم جوهره، وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته، بعد ما صنع بنفسه تطهيرًا لخطايانا، جلس في يمين العظمة في الأعالي، صائرًا أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسمًا أفضل منهم.”
المسيح يسوع تبارك اسمه الذي سيسجد له كل البشر والملائكة والشياطين ومَنْ على الأرض ومَنْ تحت الأرض كما جاء عنه في القول الكتابي: “لذلك رفعه (أي المسيح يسوع) الله أيضًا، وأعطاه اسمًا فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومَنْ على الأرض ومَنْ تحت الأرض، ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب.” وهكذا أيضًا مكتوب عنه في كتاب الله الوحيد، الكتاب المقدس: “الذي لنا فيه الفداء، بدمه غفران الخطايا، الذي هو صورة الله غير المنظور، بكر كل خليقة. فإنه فيه خُلق الكل، ما في السماوات وما على الأرض، ما يُرى وما لا يُرى، سواء كان عروشًا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خُلق. الذي هو قبل كل شيء، وفيه يقوم الكل وهو رأس الجسد: الكنيسة. الذي هو البداءة، بكر من الأموات، لكي يكون هو (أي المسيح) متقدمًا في كل شيء.”
ولا شك أنه لابد من شرح عبارة “روح داود” الواردة في عنوان هذا المقال، فحيث إنه واضح كل الوضوح أننا كمسيحيين لا نؤمن بتناسخ الأرواح، ولا برجوع روح ميت عاش على هذه الأرض ومات وذهب إلى مصيره الأبدي إلى جسد إنسان آخر على الأرض، أو حتى رجوع روح شخص رقد على رجاء القيامة في المسيح، لذا فإن عبارة روح داود لا تعني حرفيًا روح داود بن يسى بل تعني إحياءً لنفس صفات وأعمال وثبات وقوة وانتصارات وترنيمات داود النبي والملك في القديم. تمامًا كما قِيل عن يوحنا المعروف بيوحنا المعمدان، النبي الذي سبق في مجيئه إلى الأرض مجيء المسيح يسوع تبارك اسمه إنه، أي يوحنا المعمدان، سيتقدم أمام المسيح بروح إيليا كما جاء بالقول: “فقال له الملاك: لا تخف يا زكريا لأن طلبتك قد سمعت وامرأتك أليصابات ستلد لك ابنًا وتسميه يوحنا. ويكون لك فرح وابتهاج وكثيرون سيفرحون بولادته لأنه يكون عظيمًا أمام الرب وخمرًا ومسكرًا لا يشرب ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس. ويرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم. ويتقدم (أي يوحنا) أمامه (أي أمام المسيح يسوع) بروح إيليا وقوته ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء والعصاة إلى فكر الأبرار لكي يهيئ للرب شعبًا مستعدًا.”
وهذا عين ما شهد به المسيح تبارك اسمه عن يوحنا المعمدان، إذ يذكر تنزيل العليم الحكيم عن تلاميذ المسيح القول: “وفيما هم نازلون من الجبل أوصاهم يسوع قائلًا: لا تعلِموا أحدًا بما رأيتم حتى يقوم ابن الإنسان من الأموات. وسأله تلاميذه: فلماذا يقول الكتبة إن إيليا ينبغي أن يأتي أولًا؟ فأجاب يسوع: إن إيليا يأتي أولًا ويرد كل شيء. ولكني أقول لكم إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه بل عملوا به كل ما أرادوا. كذلك ابن الإنسان أيضًا سوف يتألم منهم. حينئذٍ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان.”
أما ما أرى أن الروح القدس سيعمله في كنيسته، وأقصد في أولئك المؤمنين الساهرين والذين يقبلون ويأخذون هذا الإعلان لنفوسهم، والذين يطالبون القدير بتحقيقه في حياتهم، ويجعلون أنفسهم متاحين لعمل الروح المبارك ليتمم فيهم مشيئته وقصده، في 2022، بغض النظر عن خلفياتهم التي قبلوا منها المسيح مخلِّصًا شخصيًا لحياتهم، وبغض النظر عن أسماء طوائفهم ومذاهبهم، وعن صغر أعمارهم وقلة خبراتهم وتواضع مكانهم ومكانتهم في كنائسهم المحلية، وكنيسة الله عامةً، فإن ما سيعمله الروح القدس معهم هو تمامًا ما عمله في حياة داود الفتى الصغير الذي أصبح ملكًا عظيمًا وجِدًا للمسيح يسوع تبارك اسمه حسب الجسد. وسيعمل الروح القدس في حياة هؤلاء الشباب على محورين رئيسيين، مثلما عمل مع داود:
أولًا: محور السن والخبرة العملية والتدريبات الإلهية. والحرب الروحية التي تعرَّض لها داود والتي لا بد أن يتعرض لها ويواجهها كل من سيُخْتَار من الله لكي يسير على نهج داود في القديم والذين سيحصلون على روح داود في سنة 2022.
وثانيهما: محور المُلْك والترنيم وبناء خيمة داود الساقطة.
أولًا: محور السن والخبرة العملية والتدريبات الإلهية:
كان داود قبل المسحة فتىً صغيرًا، يرعى غنيمات أبيه القليلة. كان قليل الخبرة الروحية والعملية، ولم يكن قد كبر في السن ليتحمل التدريبات الإلهية اللازمة لإقامته ومسحه ملكًا أو مرنمًا أو خادمًا واعظًا أو راعيًا لشعب الرب، ولذا لم يكن يُعَدُّ أو يُعتبر رجلًا ناضجًا بما فيه الكفاية، من قِبل أبيه، يسى البيتلحمي، ليكون بين إخوته الكبار رجال الحرب، وليتحمل تبعة اختياره ملكًا على إسرائيل بدلًا من شاول الملك، فواضح من كلمات أبيه الأرضي، يسى البيتلحمي، لصموئيل النبي عنه، أن داود ما كان يُعَدُ بين أصحاب القوة والخبرة والتأثير، لصغر سنه، كما كان بقية إخوته وبالمقارنة بهم، وقد كان يومئذٍ ابن سبعة عشر عامًا، حتى أن صموئيل النبي عندما جاء ليمسح ملكًا من بين بني يسى لم يُحْضِر يسى ابنه داود من الحقل ليقف أمام صموئيل بين إخوته، لأن يسى أباه لم يضع في حسبانه أن الرب يمكن أن يختار داود ليكون هو الممسوح ملكًا على إسرائيل، حيث نقرأ: “وَعبَّر يسى بنيه السبعة أمام صموئيل، فقال صموئيل ليسى: الرب لم يختر هؤلاء. وقال صموئيل ليسى: هل كمل الغلمان؟ فقال: بقي بعد الصغير وهوذا يرعى الغنم. فقال صموئيل ليسى: أرسل وأت به، لأننا لا نجلس حتى يأتي إلى ههنا. فأرسل وأتى به. وكان أشقر مع حلاوة العينين وحسن المنظر. فقال الرب: قم امسحه لأن هذا هو. فأخذ صموئيل قرن الدهن ومسحه في وسط إخوته. وحل روح الرب على داود من ذلك اليوم فصاعدًا. ثم قام صموئيل وذهب إلى الرامة.”
ولأن القدير لا يحابي الوجوه فعندما “جاءوا (بنو يسى السبعة أمام صموئيل النبي) أنه (أي صموئيل) رأى أليآب، (ابن يسى البكر) فقال: إن أمام الرب مسيحه. فقال الرب لصموئيل: لا تنظر إلى منظره وطول قامته لأني قد رفضته. لأنه ليس كما ينظر الإنسان. لأن الإنسان ينظر إلى العينين، وأما الرب فإنه ينظر إلى القلب.”
وما أراه بالروح القدس في العام القادم أن الرب سيمسح مَنْ هم في ظروف وأحوال وعمر داود بن يسى البيتلحمي يومئذٍ، سيمسحهم ليكونوا أبطال الجيل القادم الذين سيقتفون أثر داود بن يسى في القديم، وسيكون تأثيرهم على بلادنا وكنيستنا ونتائج استخدامهم أقوى وأعظم مما عمله داود بن يسى نفسه، حيث إنهم سيكونون مملوءين من روح أبي داود وإلهه، الروح القدس، أي روح المسيح يسوع تبارك اسمه. فيا كل مَنْ تشعر في نفسك أنك صغير السن والخبرة وقليل القوة والتأثير، الله يبحث عنك لتكون بطلًا من أبطال شعب الله كما كان داود في القديم.
لكن اعلم أنك في فترة تدريبك وأثناء انتظارك للاستخدام والخلاص الذي سيصنعه بك الرب لا بد أن تتواجه وتتصارع وتقتل الأسد والدب، فالعدو يعرف أنك إناء مختار من سيد الأرض والسماء لتكون ملكًا، مرنمًا كنت أو خادمًا، ومُخَلِّصًا للمقهورين والمظلومين، ولذا فهو سيحاول الهجوم عليك وعلى القطيع الصغير الذي ترعاه في صورة أسد ودب، ليخطف ما يستطيع خطفه منك حتى لو كانت نعجة واحدة صغيرة من بين قطيع رعايتك. وسيبدو وكأن القدير القادر على كل شيء يقف بعيدًا غير مكترث بهجوم الأسد والدب عليك، إلا أنه سبحانه سيعطيك القوة والقدرة، ليس على أن تقاومهما فقط، بل وعلى أن تهجم عليهما، وأن تقتلهما وتشق كليهما، الأسد والدب، وتنتصر عليهما، وسيكون هذا اختبارًا لأمانتك وحرصك على قطيع الرب وشعبه الذي سيأتمنك على رعايته وقيادته، وتدريبًا لك سينفعك عند وقوفك أمام جليات الجبار. واعلم أن هناك الكثير من الأمور والعوامل التي ستحدد مدى قوة استخدامك ومسيرك مع الرب، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1- رؤيتك لنفسك ومعرفة مكانك ومكانتك في ملكوت الله وفي جيش القدير، وفي هذا لابد أن تنتبه لما يلي:
أ- إن ما تراه في نفسك هو ما ستكونه في حياتك في 2022، تمامًا كما حدث مع داود في القديم، فبالرغم من أنه كان ممسوحًا ملكًا، وفي فترة إعداد من القدير ليأخذ المُلك من سابقه الملك شاول بن قيس، إلا أنه كان يرى نفسه ليس أكثر من كلب ميت أو كبرغوث واحد يفر على الجبال أمام شاول عندما كان شاول يطارده بجيش كبير من العسكر ليقتله، فاعترف داود بذلك ونطق بتلك الكلمات السلبية عن نفسه قائلًا لشاول: “وراء من خرج ملك إسرائيل. وراء من أنت مطارد. وراء كلب ميت. وراء برغوث واحد.” وعندما نسى دعوته ومسحته وتعيين الرب له كملك، بسبب الحروب التي كانت ضده، أقنع نفسه بأنه لا بد أنه سيهلك يومًا بيد شاول، فمكتوب: “وقال داود في قلبه: إني سأهلك يومًا بيد شاول، فلا شيء خير لي من أن افلت إلى أرض الفلسطينيين فييأس شاول مني، فلا يفتش عليّ بعد في جميع تخوم إسرائيل، فأنجو من يده.” ولم يكتف بذلك بل وضع، بنفسه ولنفسه، ما ظنه أنه خطة حكيمة مُحْكَمَة لنجاته من يد شاول، وبئس ما فعل، فنزل إلى معسكر الأعداء الفلسطينيين، وحاول مد الجسور بينه وبينهم، وأراد أن يحارب شعبه، شعب الله الذي مسحه القدير عليه ملكًا، ليرضي الفلسطينيين أعداء شعب الله تعالى وملكهم، ولولا رحمة الله ومنعه لداود من أن تتلطخ يداه بدماء شعبه، الذي ما كان له ناقة ولا جمل في الصراع بينه وبين شاول الملك، لحارب داود شعبه وقهرهم لصالح الفلسطينيين، بالضبط كما هو الحادث اليوم في مصر من وقوف الكثير من شعب الله المسيحيين الاسميين في صف أعداء الله ضد إخوتهم من رجال الله المدافعين عنهم والباذلين كل جهد لإخراجهم من شقوق الأرض التي اختبأوا فيها أزمنة طويلة، ومن الذل والمهانة التي كوموها فوق رؤوسهم دافعين الجزية، بطريقة أو بأخرى، عن يدهم وهم صاغرون، تمامًا كما حدث ليس في القديم فحسب بل في الجديد أيضًا حين ارتمت الكنيسة في أحضان جماعة الإخوان، وذهبت الوفود لمد الجسور معها، وتهنئتها بتولي السلطة في البلاد، حتى قبل انتخابها وتوليها الحكم، وذلك لخوف الكنيسة وجبنها وبدعوى محاولة التصالح والتقرب مع من يرغبون في إنهاء وجودهم في مصر كلها.
ب- وعليك يا مَنْ سيختارك القدير في 2022 أن تنتبه وتحذر من خطورة الشهرة العريضة، والسوبر تأثير على سامعيك والمتعاملين معك، فعندما كان داود راعيًا بسيطًا صغيرًا لغنيمات أبيه القليلة كان يشعر بالمسئولية تجاه القطيع الذي ائتمنه أبوه على رعايته، حتى أنه كان على استعداد أن يضحي بنفسه في سبيل إنقاذ نعجة واحدة من القطيع، ووقف ضد الأسد والدب وقتلهما، لكن عندما تغنت النساء له، ورقصن بسبب انتصاره على جليات، وبعدما صار ملكًا عظيمًا على كل إسرائيل اشتهى النعجة الوحيدة التي لصاحبه، ولقائد عظيم في جيشه، وأخذها واغتصبها لنفسه بغير حق، وأعطى أوامره بذبح رجلها حتى لا تنكشف فعلته. لذا فعليكم أيها الشباب الذين سيختارهم الرب ليقفوا ضد أعداء الكنيسة أن تعلموا أن الشهرة العظيمة التي قد تسرع وراء أحدكم ما هي إلا قنبلة موقوتة تريد أن تلازمكم حتى يشعل الملتفون حولكم فتيل انفجارها بتعليقاتهم الجميلة والحارة لكم على الفيس بوك وغيره، تعليقاتهم على كل ما تعملون خيرًا كان أم شرًا، فيمشون وراءكم كالعميان دون تمييز لما يسمعون، لذا فاعلموا أن القوة لن تُعطى لكم، لاستحقاق لكم في ذواتكم، ولا لبر فيكم ولا لخير قلتموه أو عملتموه، بل هي بمقتضى القصد والنعمة، وهي لا تتوقف على مكانكم أو مكانتكم أو خدمتكم وتأثيركم في مجتمعاتكم وكنائسكم إن كانت كبيرة أو صغيرة، بل هي القوة التي يمنحها الله الروح القدس.
ج- واعلموا أنه عندما كان شغل داود الشاغل هو السؤال عن إخوته وسلامتهم في الحرب، والدفاع عن شعبه وأمته حتى لو عرّض نفسه للخطر الذي لم يجرؤ إنسان غيره على التصدي له، وكانت غيرة رب الجنود تأكله عندما يسمع مَنْ يهين أو يعير اسم إلهه، عندها استطاع أن يقف ضد الجبار، في وقت جبن فيه الكل بما فيهم الملك والرؤساء ورجال الجيش جميعهم وقادتهم، أما عندما نسي أنه لا بد له أن يكون المتقدم لصفوف جيشه لاسترداد ما سلبه العدو منه، قام وتمشى على السطوح فرأى واشتهى وأخذ نارًا في حضنه وقتل ولم يفارق الخطف والزنا والسيف بيته حتى بعد أن مات وذهب إلى ربه.
د ـ واعلموا أنه عندما كان داود يعرف أنه مجرد أداة مستخدمة في يد القدير قال لشاول في محاولة إقناع الأخير بالسماح له للذهاب لمواجهة وقتل جليات: “الرب الذي أنقذني من يد الأسد ومن يد الدب هو ينقذني من يد هذا الفلسطيني”، أما عندما اتكل داود على خبراته وقوته وانتصاراته في حروبه قرر وسمح القادر على كل شيء أن تُحرق بنار الغزاة مدينته، صقلغ، التي بناها داود لنفسه ولرجاله، وسبيت نساؤه وبنوه وبناته وكل شعبه وقال أتباعه برجمه.
هـ ـ عندما كان داود يوقر ويخاف ويهاب الله ويحترم أولاده سبحانه، حتى الذين كانوا يسعون وراءه ليقتلوه، رفض أن يمد يده لشاول عدوه الذي حاول قتله عدة مرات، وكان يطارده ويبحث عنه أينما سمع بخبر وجوده في مكان ما، أما عندما اجتمع لديه كل رجل متضايق وكل مر النفس وكل مَنْ كان عليه دين وأصبح جيشًا كبيرًا وصار عليهم رئيسًا قرر الانتقام لنفسه من نابال الكرملي الذي رفض أن يعطيه من غنمه الذي كان يجزه لولا أن منعته عن ارتكاب تلك الحماقة أبيجايل امرأة نابال واستعطفته ساقطة عند رجليه ليصفح عن ذنب زوجها الأحمق.
2- الأمر الثاني الذي سيحدد مدى قوة استخدامك ومسيرك مع الرب هو مدى استماعك لصوته، وتصديق ما يقوله لك، والإيمان الراسخ بأن ما قاله لك هو قادر أن يفعله، وسيفعله حتى لو وقفت أبواب الجحيم في وجهك، فلك الوعد القائل: “أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها.” واعلموا أن كل ما أكتبه إليكم أيها الشباب الذين سيختارهم القدير لتغيير وجه الكنيسة ابتداءً من 2022 والذين سيعطيهم القدير “روح داود” قد مررتُ به أنا شخصيًا في حياتي الروحية والعملية وخدمتي في مصر وخارجها، فكم من جليات وجيوش للفلسطينيين والعرب وقفت مقابلي من المسئولين الحكوميين ومن قسوس وخدام وإخوة وشركاء خدمة لسنين طويلة محاولين إيقافي عن التقدم فيما شرفني القدير بحمله وتنفيذه فلم يستطيعوا، لا لقوة أو حكمة أو شجاعة أو علم في نفسي بل بقوة روح الله الذي حفظني ورعاني منذ وجودي والذي أثق انه سيفعل إلى يوم مجيء المسيح يسوع ليأخذني إلى مقري الأبدي.
ثانيًا: محور الُملْك والترنيم وبناء خيمة داود الساقطة
أما ثاني المحاور الأساسية التي سيعمل عليها القدير مع الذين سيُدْعَون حسب قصده ليختبروا عمل روح داود في 2022 فهو محور الترنيم النبوي الذي يتوق القدير أن يكتبه ويرنمه ويعلنه المرنمون في أجواء مصر والبلاد العربية، الترنيم المبني على رؤية القدير المستقبلية لمصر والوطن العربي وخاصةً المسيحيين الحقيقيين فيها من محبيه، تبارك اسمه، الذين أعطاهم سلطانًا أن يكونوا أولاد الله أي المؤمنين باسمه. وفي عجالة أقول إن موجة الترنيم التي يريد القدير إطلاقها في مصر والوطن العربي لابد أن تُكتب كلماتها بالروح القدس ضد كل زيف وكذب وغي نراه أو نسمعه، ملأ أو يملأ أجواء بلادنا، ويرَدَد سواء مرة واحدة أو خمس مرات في اليوم، وحتى ضد ذلك الذي يعتقد الناس أنه ترنيم والذي يُرَدَد منه الكثير جدًا في كنائسنا غير الكتابية على اختلاف طوائفها، والذي يصل في بعض الأحيان إلى حد التجديف على المسيح وعمله الكفاري لأجلنا وشفاعته التي لا يشاركه فيها شخص أخر، سواء كان حيًا أو ميتًا، ومهما كانت صفاته، والذي يُرَدَد مرتَلًا ومنغَّمًا في كنائسنا على اختلاف طوائفنا، كل بقدر ما تختلف عن الأخرى. فكم وكم يكون الكلام عن ترانيم المهرجانات، فليصدق المرنمون أو لا يصدقوا أن خلط التبن مع الحنطة التسابيح مع التواشيح، ما يُرَنم ويَرَدَد للمسيح ولروح ضد المسيح في نفس الوقت ومن على نفس المنبر، لن يُقبل ممن سيعطيهم الرب روح داود، بل سيقاومونه بكل قوتهم، التي سيمنحهم إياها الله، ببساطة لأن هذا النوع الخالي من اسم المسيح وحده، وسلطان المسيح وحده، لا يمكن أن يفتح الأجواء الروحية ولا يساعد على فهم ورؤية الحق الإلهي معلَنًا منتصرًا، بل على العكس فسيسلم القدير المرنمين والمؤلفين والملحنين لهذه الترانيم والتواشيح إلى ذهن مرفوض، ليعملوا ويقولوا ويرنموا ما لا يليق وما لا يفتح السماء بل يغلقها حتى مع كون إرادة ربك هي فَتْحها، فمَنْ يعلن إعلاناته الروحية في السماويات ليخيف مَنْ يخالفونه في الدين والعقيدة يستطيع روحيًا أن يؤثر سلبيًا بطريقة كبيرة على التفكير والتطلعات والاتصالات الروحية بالسماويات، ولا يمكن أن يتغلب أصحاب الحق الكتابي على إغلاق الأجواء الروحية، ولا يمكن أن يفتحوها إلا بالتسبيح النبوي الذي يتكلم عن الآتي وكأنه حادث اليوم.
بقى هناك اقتراحان أرى أنه من المحتم على الكنيسة أن تعمل بهما.
أولهما هو كتابة دعوة للترنيم ورفع اسم المسيح عاليًا، وإعلان أن المسيح أكبر المسيح أكبر، وأننا نشهد أن لا إله إلا الله وأن المسيح يسوع هو الله، وندعو الناس إلى تحميله على الموبايلات الخاصة بهم.
والثاني هو إقامة حركة تسبيح عالمية عربية يشترك بها أكبر عدد ممكن من الكنائس في مصر وخارجها على مدى 24 ساعة يوميًا كما كان التسبيح مستمرًا في خيمة داود وبأمره.
وسنرى ما سيفعله القدير بالكنيسة في 2022 إذا ما سمعنا وأطعنا ونفَّذنا كأفراد وجماعات ما هو مطلوب منا عاليه.
اللهم أرسل لنا روح داود في اختياره ومسيرته وانتصاراته وترنيمه، واجعل لنا 2022 سنة الغلبة على جليات يا سميع الدعوات.