٢٠١٩ سنة المسامحة والغفران ومواجهة الإساءة بالإحسان

17

العدد 159 الصادر في ديسمبر 2018
٢٠١٩ سنة المسامحة والغفران ومواجهة الإساءة بالإحسان

     للسنين في الكتاب المقدس، وفي قناعاتي الشخصية، دلالاتها الروحية وفيها تختلف الخطط الإلهية من ناحية الفرد والكنيسة والقطر الواحد، والعالم أجمع كوحدة واحدة.

     والمقصود بالسنة، في هذا المقال، هي مدة زمنية محددة بسنة شمسية واحدة وهي ٢٠١٩، علماً بأن السنة في الكتاب المقدس قد تكون سنة أيام ٣٦٥ يوماً، أو فترة زمنية قد تطول أو تقصر عن ٣٦٥ يومًا، وقد تكون سنة اعتبارية لا حرفية.

     فعلى سبيل المثال لا الحصر، منذ أن أوحى سبحانه لعبده موسى بالتوراة، جعل المولى السنة السابعة ومرادفاتها، وهي ٣٦٥ يومًا، في شريعته العظيمة الحكيمة، سنة الراحة، وأطلق عليها سنة اليوبيل. وهناك سنة وليست بالضرورة أن يكون طولها 365 يومًا، عُرفت في الكتاب المقدس بسنة العقاب، وفقًا لقوله تعالى في (إرميا44: 48): “الذي يهرب من وجه الخوف يسقط في الحفرة والذي يصعد من الحفرة يعلق في الفخ لأني أجلب على موآب سنة عقابِهِم يقول الرب”. وهناك سنة أخرى تعرف في الكتاب المقدس بسنة القحط، كقوله تعالى: “مبارك الرجل الذي يتكل على الرب وكان الرب متكله، فإنه يكون كشجرة مغروسة على مياه وعلى نهر تمد أصولها ولا ترى إذا جاء الحر ويكون ورقها أخضر وفي سنة القحطِ لا تخاف ولا تكف عن الإثمار” (إرميا17: 8)، وهناك أيضًا سنة تعرف بسنة مفديي الرب، كما جاء في قوله تعالى: “لأن يوم النقمة في قلبي وسنة مفدِييَّ قد  أتت” (إشعياء63: 4).

     ولست أدري لماذا ملأني شعور روحي داخلي أنه ينبغي أن تكون (٢٠١٩) سنة المسامحة والغفران ومواجهة الإساءة بالإحسان”.

     وهناك تميز واضح بين المسامحة والغفران والإحسان، فهي ليست مرادفات لمعنى واحد، بل هي درجات سُلم يصل الأرض بالسماء ويأخذ المرء من حروب وضغائن الأرض إلى سلام وصفاء السماء، فيغير الأذهان ويفتح العيون ويملأ القلوب بالحب الذي هو طبيعة الله المحبة.

     فالدرجة الأولى في سُلم المسامحة والغفران ومواجهة الإساءة بالإحسان هي المسامحة، وهي التنازل عن حقي في الإساءة لمن أساء إليَّ، والتنازل عن حقي في الاعتداء علىَّ من اعتدى عليَّ، وعدم التنفيذ الاختياري للقول: “عين بعين وسن بسن”، ذلك المبدأ الإلهي الذي أنزل إلى الذين من قبلنا من اليهود ليردعهم عن عمل الشر للآخر، وفقاً لإمكانياتهم البشرية الجسدية، ودون مساعدة الناموس الموسوي لهم، حيث كان الناموس عاجزاً عن تقديم العون اللازم للمسامحة والغفران ومقابلة الإساءة بالإحسان، ودون مساعدة أيضاً من روح الله القدوس، روح المسامحة والغفران ومواجهة الإساءة بالإحسان، لمن كانوا من شعب الله في القديم، حيث لم يكن المسيح يسوع – تبارك اسمه – قد جاء في الجسد ومات وقام في اليوم الثالث. لكن منذ اتخاذ الروح القدس من جسد المسيح على الأرض، الكنيسة، مسكناً لله في الروح تغير وتحطم، تغييراً وتحطيماً نهائياً، القول: “عين بعين وسن بسن” أو “من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه والبادي أظلم”، ولم تعد تصلح للممارسة في عالم يملكه المسيح وروحه القدوس.

     أما الدرجة الثانية في سُلم المسامحة والغفران ومواجهة الإساءة بالإحسان فهي الغفران. والغفران يعني اعتبار الإساءة كأنها ما كانت من الأصل، فإن كان المولى عز وجل وهو الكبير العظيم القدوس، من لا يدانيه أحد من خلائقه، وعد الخطائين التوابين أن خطاياكم وتعدياتكم لا أعود أذكرها فيما بعد، فكم بالحري نحن المصنوعين من الطين ونسكن أرضاً وبيوتاً من طين؟، أفلا ينبغي أن نغفر لمن أساء إلينا؟

     أما درجة السُلم الثالثة فهي مقابلة الإساءة بالإحسان. والإحسان إما أن يكون إحسانًا عمليًا ماديًا ملموسًا لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً، وأما لمن لا يستطيع تقديم إحسان عملي، فليكن إحسانًا لفظيًا باللسان أو إحسانًا معنويًا بالقلب وهذا أضعف الإيمان.

     ولرب سائل يسأل: لماذا كل هذا؟، ما هي ضرورة المسامحة والغفران ومقابلة الإساءة بالإحسان؟ وللإجابة: أقول إن هناك عدة مجموعات لابد من مسامحتنا لهم أو قبول مسامحتهم لنا وهكذا الحال مع الغفران ومواجهة الإساءة منها بالإحسان.

     أولاً: واحد هو المتفرد القائم بذاته سبحانه الذي لم يسء إلينا كبشر ولا لغيرنا من خلائقه هو المولى، تبارك اسمه، فليس في طبيعته الإساءة، وليست من خصاله الخطأ سبحانه، ولذا فعدم المسامحة والغفران ومقابلة الإساءة بالإحسان بيننا كبشر وبين بعضنا لهي كبيرة عنده سبحانه، من تتساوى لديه الكبائر والصغائر، فلا كبائر ولا صغائر عنده، فالكبائر كالصغائر أمام عينيه وفي شرعه الإلهي، لأنها جميعها معصية، و كل معصية إثم، وكل إثم ومعصية ضلالة وكل ضلالة ومرتكبيها في النار إن لم يتوبوا ويعودوا لإلهنا، فهو يكثر الغفران.

فو إن كان المسيح – تبارك اسمه – وهو المنزه عن كل إثم ومعصية ألزم نفسه سبحانه، وهو الفعال لما يريد، بالمسامحة والغفران ومواجهة الإساءة بالإحسان، فكان مسامحاً العالم لنفسه في الصليب، غير حاسب لنا خطايانا، معطياً بموته غفراناً وتطهيراً لآثامنا، وقابل إساءة صالبيه بالمحبة والرحمة والإحسان، فكيف لنا أن لا نأتيه خاشعين خاضعين شاكرين طائعين ومسامحين بعضنا بعضاً وغافرين من القلب ومقابلين الإساءة بالإحسان لمسيئين إلينا والذين يضطهدوننا؟

     ثانياً: إساءتنا لأنفسنا وللأقربين، فالحقيقة التي لا مفر من مواجهتها والاعتراف بها والعمل على معالجتها في حياتنا هي أننا جميعاً بلا استثناء قمنا بالإساءة، بشكل أو بآخر، في وقت أو في آخر، بطريقة أو بأخرى، لأنفسنا أولاً، ثم للأقربين منا والبعيدين عنا. وهكذا فعلوا هم أيضاً تجاهنا. فمن منا لم يسىء إلى نفسه بطريقة أو بأخرى؟، فممارستنا للكبرياء وحب الظهور والغيرة والحسد والشهوة الردية والعصيان والتسلط والعناد والخطايا المستترة والظاهرة وخلافه الكثير الكثير جداً، كلها تقع تحت طائلة الإساءة إلى النفس والذات.

     ثم من منا لم يُسَاء إليه من عائلته أو أقربائه المقربين لديه، وهكذا الحال أيضاً بالمثل، من منا لم يَسِئ إلى الكثيرين، بالقول أو الفعل أو الفكر، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

   وبالرغم من أن الإساءة والجرح من الأقربين لأشد قسوة وإيذاء، وأبقى تأثيراً وإيلاماً، وأصعب غفراناً ونسياناً، إلا أن القدير، الذي يستطيع كل شيء، والذي يمكنه أن يخرج من الآكل أكلاً ومن الجافي حلاوة، يستطيع أن يجعل و يحول الإساءة والجرح من الأقربين إلى المسامحة والغفران ومواجهة الإساءة بالإحسان، فلا يترك الجرح إلا محبة أعمق وغفرانًا أشمل ومسامحة من القلب.

     وفي رأيي إن أهم الفئات التي من الأهمية القصوى أن تمارس وتجعل ٢٠١٩ سنة المسامحة والغفران ومواجهة الإساءة بالإحسان هم الخدام والقسوس والكهنة، ثم الشعب المسيحي المولود ثانية، وبقية شعب كنائسنا على اختلاف طوائفها. فكم من مؤمن مخلص روحي صلى لأجل زيارة افتقاد من المسيح يسوع – تبارك اسمه – لجسده على الأرض، الكنيسة، وطلب أن “يأتي مشتهى الأمم“ وتوسل إليه مخلصاً أن يخلص النفوس، ويعد العروس، وتأتي يا قدوس، ولم يتحقق شيء من كل هذه الطلبات، مع أنه سبحانه يحب شعبه وكنيسته محبة أبدية ولأجل ذلك أدام لها الرحمة، ويحبها إلى المنتهى، وهو إله كريم في العطاء سخي في التوزيع يعطى بسخاء ولا يعّير، ولذاته مع بنى آدم، ويفرح وتفرح السماء كلها معه بخاطئ واحد يتوب أكثر من ٩٩ بارًا لا يحتاجون إلى التوبة، إذاً إن كانت هذه أوصافه وطبيعته، فلماذا لم يأتِ لافتقاد شعبه، بل على العكس؟، لماذا ترك كنيسته تنقسم وتتصارع وتتناحر وتمثل المحبة تمثيلاً ليس إلا، وتركها ولها صورة التقوى، لكنها منكرة لقوتها؟، ما الذي يمنعه – تبارك اسمه – عن زيارة الافتقاد التي يتوق إليها المؤمنون ويصلون لأجل تحقيقها؟، الإجابة ببساطة، في رأيي الخاص، هو أنه لن يفعل ونحن كمؤمنين ومسيحيين نعيش في هذه الحالة الروحية المتدنية من الخلاف والصراع والانقسام، وعدم الغفران بعضنا لبعض. ففي كل مرة على مر التاريخ حدث بها افتقاد إلهي لشعب أو أمة أو جماعة واقتربت فيها السماء للأرض سبقها اعتراف بالذنب والخطية والمعصية وخاصة من رجال الدين الكهنة والقسوس، ومن هم في الصدارة، أولئك الذين يجلسون على المنابر أو الذين يتمتعون بالدخول إلى الهياكل المصنوعة والمدشنة بأيديهم، ففي أحداث افتقاد المولى لشعب ومدينة نينوى في القديم يقول الكتاب المقدس: “فآمن أهل نينوى بالله ونادوا بصوم ولبسوا مسوحًا من كبيرهم إلى صغيرهم. وبلغ الأمر ملك نينوى فقام عن كرسيه وخلع رداءه عنه وتغطى بمسح وجلس على الرماد ونودي وقيل في نينوى عن أمر الملك وعظمائه قائلاً: لا تذق الناس ولا البهائم ولا البقر ولا الغنم شيئًا. لا ترع ولا تشرب ماء. وليتغط بمسوح الناس والبهائم ويصرخوا إلى الله بشدة ويرجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في أيديهم. لعل الله يعود ويندم ويرجع عن حمو غضبه فلا نهلك فلما رأى الله أعمالهم أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه”. (يونان3: 5-10)

    أليست هذه وصفة إلهية سماوية تشرح لنا كيف يعفو الله عنا ويسامحنا ويغفر لنا، كما غفر للذين من قبلنا، حتى نستطيع نحن أن نغفر للآخرين؟ هل يستطيع رأس من رؤساء الطوائف المسيحية في مصر أو الوطن العربي أن يعمل ما عمله ملك نينوى في القديم؟، ألم يقل الله عنا نحن المؤمنين به أننا ملوك وكهنة؟، هل يستطيع أن يقوم عن كرسيه، المذّهب أو المزّخرف أو المنحوت في الصخر أو الخشب أو المرمر، وأن يخلع ثيابه أمام الناس ويتغطى بمسوح ويجلس على الرماد ويصرخ بشدة إلى الله ويرجع كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في أيدينا، لعل الله يعود ويندم ويرجع عن حمو غضبه على مصر والكنيسة التي في مصر على اختلاف طوائفها ومذاهبها فيرفع العدو يده عنها ويكف صاغراً عن إيذاءها؟ والغريبة العجيبة إن هناك من الطوائف المسيحية تصوم كل عام ما يعرف بصيام يونان الذي فيه نتذكر توبة أهل نينوى ورجوعهم إلى الله بعد صوم ثلاثة أيام، لكننا لا نسعى لندرك حقيقة توبتهم ولا نتضع مثلهم، ولا نصرخ لإلهنا بتوبة قلبية حقيقية، حتى يتم معنا ما حدث لهم من سماح وغفران. وحتى عندما نقوم بعمل لقاء مشترك بيننا كمسيحيين للصلاة وطلب السماح والغفران من رب الكنيسة الواحدة الجامعة الرسولية كما حدث في ١١ـ ١١ لا تقبل الرتب الكنسية أن يشاركها أحد بالوقوف على منبر كنيستها لأنه “ليس يتبعنا”. وفي نفس الوقت، ونفس الاجتماع، لا مانع أن نهتف جميعاً متحدين بأعلى أصواتنا لمدة نصف ساعة متواصلة قائلين: يسوع، يسوع، يسوع حتى ترتج الأرض والسماء! فيا لها من حالة مرضية خطيرة ازدواجية روحية شريرة! نحتاج أن نعترف بها ونتعامل معها ونتوب عنها ونطلب من إلهنا السماح والغفران.

     وفي افتقاده لشعبه إسرائيل، وإرجاعه إلى أرض الموعد بعد أن سُبي في أرض الكلدانيين، قال دانيآل: “وجهت وجهي إلى الله السيد طالبًا بالصلاة والتضرعات بالصوم والمسح والرماد. وصليت إلى الرب إلهي واعترفت وقلت أيها الرب الإله العظيم المهوب حافظ العهد والرحمة لمحبيه وحافظي وصاياه. أخطأنا وأثمنا وعملنا الشر وتمردنا وحدنا عن وصاياك وعن أحكامك. وما سمعنا من عبيدك الأنبياء الذين باسمك كلموا ملوكنا ورؤساءنا وآباءنا وكل شعب الأرض.لك يا سيد البر. أما لنا فخزي الوجوه كما هو اليوم لرجال يهوذا ولسكان أورشليم ولكل إسرائيل القريبين والبعيدين في كل الأراضي التي طردتهم إليها من أجل خيانتهم التي خانوك إياها. يا سيد لنا خزي الوجوه لملوكنا لرؤسائنا ولآبائنا لأننا أخطأنا إليك.للرب إلهنا المراحم والمغفرة لأننا تمردنا عليه. وما سمعنا صوت الرب إلهنا لنسلك في شرائعه التي جعلها أمامنا عن يد عبيده الأنبياء”.(دا 9: 3-10)

     وفي افتقاد المولى لشعبه على يد نحميا، صلى نحميا قائلاً: “أيها الرب إله السماء الإله العظيم المخوف الحافظ العهد والرحمة لمحبيه وحافظي وصاياه لتكن أذنك مصغية وعيناك مفتوحتين لتسمع صلاة عبدك الذي يصلي إليك الآن نهارًا وليلاً لأجل بني إسرائيل عبيدك ويعترف بخطايا بني إسرائيل التي أخطأنا بها إليك فإني أنا وبيت أبي قد أخطأنا. لقد أفسدنا أمامك ولم نحفظ الوصايا والفرائض والأحكام التي أمرت بها موسى عبدك”.(نحميا1: 6-8)

     والخلاصة الحتمية التي لا مفر منها إذا أردنا افتقادًا من السماء لا بد أن يتصالح الخدام مع أنفسهم أولاً ثم يتصالحون مع بعضهم البعض ثم مع الرعية، والرعية لا بد أن تتصالح مع الخدام، لكي نستطيع أن نكون بقلب واحد ونفس واحدة حتى يفتقدنا المشرق من العلاء، لقد طغت الممارسات العالمية في كافة المجالات داخل الكنيسة العامة على تنفيذ الوصايا الكتابية، فأصبحت خدمة الرب، سواء في الكنائس على اختلاف طوائفها أو في الفضائيات المسيحية، لدى الكثيرين من خدام الكلمة والمرنمين والعازفين فرصة للشهرة، وإظهار العضلات الروحية، أو التشنجات الطائفية، أو التربح والسفر ولف العالم، وأصبح التكالب على إقامة علاقات مادية واجتماعية مع الهيئات المسيحية الخارجية هدف في حد ذاته إلى جانب الأهداف الروحية “الثانوية البسيطة”؟!! من ربح النفوس وبنيان المؤمنين والشهادة الواضحة عن المسيح والكرازة بالإنجيل للخليقة كلها. وامتلأت الكنائس بالممارسات غير الكتابية وبالرتب الكنسية والكهنوتية، وركعت الكنيسة أمام الملوك والرؤساء ومن هم في منصب، وساومت على مكانها ومكانتها بدعوى الحكمة والمحبة ومد الجسور مع أن حقيقتها هي خوف وتملق ومحاباة ومساومة على الحق الكتابي. ونتيجة لكل هذا أنتجت الكنيسة جيلاً من الشباب الفاشل روحياً والمشوه نفسياً والمشوش عقلياً، جيلاً يكره معظمه الكنيسة على اختلاف طوائفها ورياساتها على اختلاف مسمياتهم، جيلاً يحتقر معلميه ومرشديه ويصفهم بأنهم مضيعوه ومحطموه ومضللوه.

     فلكي نجعل من ٢٠١٩ سنة المسامحة والغفران ومواجهة الإساءة بالإحسان، فلنبدأ، أنا وأنت، بأنفسنا أولاً، ثم ندعو الآخرين لمشاركتنا في حملتنا، لنبدأ بالصلاة والدعاء مع الشكر لأجل الآخرين، وفي محضر الله نذكر أسماءهم، ونطلب من الرب المعونة لمسامحتهم والغفران لهم ومواجهة إساءاتهم بالإحسان، نبدأ بالاتصال بهم وربما بإرسال بطاقة تهنئة لهم في عيد مولد سيد كل الأرض المسيح يسوع له المجد، وإذا لم تكن تعرف كيف تتواصل مع أحدهم تواصلاً مباشرًا لسبب أو  لآخر، يمكنك أن تستخدم أخًا أو أختًا في المسيح لتفتح لك أبواب قلب من تريد أن تسامحه أو من تطلب سماحه. صل واستخدم الكلام المناسب في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة حسب إرشاد القدير، وستحصد الحب والفرح والسلام، ولا تخشَى من رفض مقابلك لك، أو اتهامك بالضعف، أو حتى الجبن والخوف منه، أو طلب المصلحة الشخصية، فاعمل أنت ما يريده الله منك أن تعمله، واترك البقية بين يدي القدير. واصنع هذا مع المسيحيين والمسلمين على السواء، فالمسامحة والغفران ومواجهة الإساءة بالإحسان لا تطلب ما لنفسها ولا تسأل عن ديانة المسيء إليَّ ولا تنظر حتى لاضطهاده لي وإلا لما قال سيدنا المسيح: “أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويضطهدونكم!”، وتذكر دائماً القول الإلهي: “إن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أبوكم السماوي زلاتكم” ولا تواجه الإساءة بالإساءة، بل بالمسامحة والغفران ومواجهة الإساءة بالإحسان.

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا