٢٠١٧ سنة البقية التقية

10

العدد 138 الصادر في مارس 2017
٢٠١٧ سنة البقية التقية

   بينما كنت أتفكر في بداية عام 2017 عن ما يمكن أن يكون في فكر الله من جهة شعبه المسيحي الحقيقي في البلاد العربية والمكتوب أسماءهم في سجلات السماء، انتابنى كثير من الإحباط والحيرة والأسئلة التى يبدو أن لا إجابة شافية كافية لها،وخاصة بعد أن تفجرت أزمة القتل والتهجير القصرى للعائلات المسيحية في العريش وسكوت الحكومة المصرية عن الإعلان عن إتخاذ الإجراءات المناسبة مع المعتدين والمعتدى عليهم في مثل هذه الحالات، ولعل أهم هذه الأسئلة هى:إلى متى أيها السيد الرب تنسانا كل النسيان؟إلى متى تحجب وجهك عنا؟إلى متى تتوارى في أزمنة الضيق؟إلى متى تكون كمسافر يميل ليبيت وكجبار لا يستطيع أن يخلص؟ نعلم أننا وآباءنا وأجدادنا قد أخطأنا إليك وفعلنا الشر قدام عينيك وقد عوجنا المستقيم أمامك وحدنا عن وصاياك وسلمنا بلادنا للغرباء الذين لا يؤمنون بك ولا بصليبك ولا بموتك وقيامتك ولا بكتابك، ولم نتضرع إلى وجهك يومئذ ككنيسة مصرية لصد عدوانهم على بلدنا وكنا، ولازلنا، ملتهين بكراسينا وطوائفنا وبمصالحنا واحتياجاتنا ومشاكلنا، ولذا فنحن نستحق أن ننال جزاء ما فعلنا من قهر واضطهاد وضيق، لكننا أيضًا نترجى وجهك في أزمنة الضيق، لقد حكى لنا آباؤنا أنك إله حنان ورؤوف، طويل الروح وكثير الرحمة، غافر الإثم وصافح عن الزلات لا تحقد إلى الأبد، فهل إلى الدهر تسخط علينا؟ هل تطيل غضبك إلى دور فدور؟ ألم يتغنى عبدك داود النبي والملك بصفاتك هذه قائلاً:”الرب مجري العدل والقضاء لجميع المظلومين. الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة. لا يحاكم إلى الأبد ولا يحقد إلى الدهر. لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب آثامنا؟إذن فلماذا لا تصفح عن ذنب عبيدك؟

   وبينما أنا متفكر في هذه الأمور، دارت بينى وبين نفسى محادثة عن حالنا كمسيحيين وككنيسة في هذه الأيام التى نعيش فيها، سألت نفسى:إن كان للقدير القادر على كل شيء القدرة على أن يغفر الخطايا ويستر الآثام، فلماذا لا يفعل؟أجابت نفسي، لأن غفران الخطايا والمعاصى حسب ما ورد في كتاب الله، الكتاب المقدس، لا يتوقف على الجانب الإلهي فقط من غفران الخطايا، بل يتوقف أيضًا على الجانب الإنساني والذي يحتم على الإنسان الاعتراف بالخطية والتوبة عنها ومعرفة أن مسألة غفران الخطايا مبنية على الإيمان بكفارة وصليب المسيح فقط ليس إلا. ففي تعاليم الكتاب المقدس لا يغفر الله لمن يشاء، لا يهدي من يشاء ولا يضل من يشاء، والحسنة عنده سبحانه ليست بعشرة أمثالها، ولا يمكن أن يضاعف الله الحسنات لمن يشاء بغير حساب، ليس ذلك فقط بل ألزم القدير نفسه، وهو فعال لما يريد، بالقانون السماوي الإلهي الذي وضعه هو نفسه للبشر:إنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة، أي بدون الإيمان بعمل المسيح الكفاري وسفكه دمه نيابة عنا تكفيرًا لخطايانا لا يمكن أن تحصل مغفرة لمعاصينا وخطايانا. سألت نفسى: إن كان الأمر كذلك، فلا بد للمصريين جميعًاأن يؤمنوا بهذه الحقائق ويطبقونها على أنفسهم ويعترفون بخطاياهم لغفار الخطايا والذنوب. فهل يتوقع عاقل واحد أن كل من في مصر من المسلمين والمسيحيين أن يتوبوا عن خطاياهم حتى يبرئ المولى أرضنا وفقًا للقول:”إذا تواضع شعبي الذين دعى اسمي عليهم وصلوا وطلبوا وجهي، فإني أسمع من السماء وأغفر خطيتهم وأبرئ أرضهم”؟ بل أكثر من ذلك، فهل هناك عاقل واحد يمكن أن يتخيل أن المسيحيين فقط يمكن أن يتوبوا جميعهم دفعة واحدة؟ بل أقول لتضييق فرصة التوقعات: هل يمكن أن يتوب فقط كل المؤمنين الذين ولدوا ثانية من الله وكتبت أسماؤهم في سفر الحياة،أن يتوبوا عن أعمالهم الشريرة توبة رجل واحد، حتى يحقق المولى وعده بأن يغفر خطيتهم ويبرئ أرضهم؟ وللأمانة أقول إنني لا يمكن أن أتوقع أو أتخيل أن المسيحيين في مصر،أو أعضاء طائفة واحدة أو مذهب واحد،أو حتى أعضاء كنيسة واحدة، يمكن أن يتوبوا توبة جماعية. قلت لنفسى:إن كان ذلك مستحيل الحدوث فيبدو أنه من رابع المستحيلات أن يفتقدنا الله كشعب أو أصحاب حياة في المسيح أو أعضاء كنيسة ما. سألت نفسى:إذن منأين جاء المؤمنون بفكرة يأتي مشتهى الأمم، ويعرف المصريون الرب ويعرف الرب في أرض مصر ومبارك شعبي مصر وإلى غير ذلك؟ أجابت نفسى: هذه كلها نصوص كتابية صحيحة لابد أن تتحقق يومًا ما، سألتها إن كان حقًا بالحقيقة إن مجيء المسيح ثانية قد أصبح قريبًا جدًا وكما يقول المؤمنون بالمسيح ربًا وسيدًا منذ مئات السنين أنه على الأبواب. أجابت نفسى: نعم وفقًا للوحي الإلهي أنه قريب على الأبواب، لأنه قال بفمه الطاهر:”أنا آت سريعًا” وكان هذا منذ ألفي عام تقريبًا، قلت ألم يقل هو بنفسه بفمه الطاهر:”ولكن متى جاء ابن الإنسان ألعله يجد الإيمان على الأرض؟”. أليس هو سبحانه من قال:”وكما كانت أيام نوح كذلك يكون أيضًا مجيء ابن الإنسان. لأنه كما كانوا في الأيام التي قبل الطوفان يأكلون ويشربون ويتزوجون ويزوجون إلى اليوم الذي دخل فيه نوح الفلك ولم يعلموا حتى جاء الطوفان وأخذ الجميع كذلك يكون أيضًا مجيء ابن الإنسان.ألم يدون لنا بولس رسول المسيح بالروح القدس في حديثه إلى تلميذه تيموثاوس:”ولكن اعلم هذا أنه في الأيام الأخيرة ستأتي أزمنة صعبة، لأن الناس يكونون محبين لأنفسهم، محبين للمال، متعظمين، مستكبرين، مجدفين، غير طائعين لوالديهم، غير شاكرين، دنسين، بلا حنو، بلا رضى، ثالبين، عديمي النزاهة، شرسين، غير محبين للصلاح، خائنين، مقتحمين، متصلفين، محبين للذات دون محبة لله، لهم صورة التقوى، ولكنهم منكرون قوتها. فاعرض عن هؤلاء”؟

   أو ليس هذا عين ما نراه الآن فينا وفي من حولنا من خليقة الله، حتى في كنيسة المسيح، جسده – تبارك اسمه- على الأرض، ألم يحذرنا بولس في حديثه إلى قسوس كنيسة أفسس بالقول:”احترزوا إذًا لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة، لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه، لأني أعلم هذا: أنه بعد ذهابي سيدخل بينكم ذئاب خاطفة لا تشفق على الرعية. ومنكم أنتم سيقوم رجال يتكلمون بأمور ملتوية ليجتذبوا التلاميذ وراءهم”؟. قالت نفسى: نعم كل هذا صحيح.

   قلت: واليوم ما أكثر الذئاب الخاطفة التى لا تشفق على الرعية، ولا تكترث للرعية في شيء فهم يُحَمِّلون الناس أحمالاً عسرة، من صلوات وأصوام وقهر الجسد ويصبح كل همهم هو ضمان ارتباط الرعية بهم والخضوع لسلطانهم والدوران في فلكهم ومداراتهم، هذه الفئة التى لا تشفق على الرعية بل تشفق على مراكزها ودخلها ومكانتها وتقبل السجود وتقبيل الأيادي والأرجل من الرعية، والويل كل الويل لمن يشرد عن مثل هذه المنظومات الإنسانية، فلا ينتظره سوى الحرمان من دخول النعيم الأبدي والعزل من القطيع واللوم والتقريع حتى يتوب ويرجع مدافعًا عن تقبيل الأيادي. وما أكثر الرجال الذين يتكلمون اليوم بأمور ملتوية، سواء أكانوا مخلصين لكنهم مخدوعون مضللون من الأرواح الشريرة،أو منجذبون من شهواتهم وكبريائهم وشرورهم، ليجذبوا التلاميذ وراءهم! أولئك الذين يجدوا سعادتهم الجمة في أن يتناقل الناس أخبارهم وأن يدعوهم العامة سيدي سيدي أو أن يظهروا في وسائل الإعلام وكأنهم حماة الكنيسة أو أكثر الناس علمًا وتقوى وخفة دم وهذه كل مؤهلاتهم.

   سألت نفسى: إذن كيف يمكن التوفيق بين ما قاله الروح القدس من حقائق كتابية، على فم المسيح سيد كل الأرض وتلاميذه المكرمين، وكلها تؤكد على ازدياد حالة الارتداد الواضح والعام عن الله ومسيحه لتصل إلى ذروتها من عدة قرون مضت حتى بين المسيحيين المترددين على الكنائس، وبين مايقوله المؤمنون كما سبق الذكر من بركة كبيرة آتية على مصر ونهضة عظيمة عارمة ستجتاحها، وسيعرف الرب في مصر وسيعرف المصريون الرب؟

   وللإجابة على هذا السؤال المحير،أرى أن الوعود الكتابية السابقة بما فيها مبارك شعبي مصر، ويعرف الرب في مصر ويعرف المصريون الرب، ويضرب الرب مصر ضاربًا فشافيًا، هي ليست لكل المصريين الذين يعيشون أو ينتمون إلى مصر، بل هي لمن أطلق عليهم أنا “البقية التقية”؛ أي الجماعة المفدية المكرسة للمسيح يسوع والتى سأذكر بعض صفاتها لاحقًا.”والبقية التقية” هذه موجودة منذ وجود هابيل الصديق، ابن آدم وحواء، الذي أرضى القدير، فقبل سبحانه ذبيحته ورفض ذبيحة قايين الشرير أخاه؛ مما تسبب في اضطهاد قايين لأخيه هابيل وانتهى الأمر بمقتل هابيل على يد قايين أخيه, موجودة إلى يومنا هذا، مرورًا بأيام إيليا النبي الذي صرح الله له أن هناك “بقية تقية” تعدادها ٧٠٠٠ ركبة لم تنحن للبعل في أيام أخآب الملك الشرير وزوجته الشريرة إيزابل. لكنني أرى أن سنة ٢٠١٧ سيبدأ الرب بتعاملات خاصة مع هذه البقية التقية، فسيرفع رؤوسهم أمام أعدائهم، سيضيئون كالشمس في ظلمة هذا العالم، وسيرون الرب بصورة مختلفة الوضوح في خدماتهم واجتماعاتهم، وسيكونون سبب رجوع كثيرين من المصريين للرب، وبسببهم سيزداد الأبرار لمعانًا وأيضًا سيزداد المشوشون تشويشًا، فكما يقول المثل:”وبضدها تتبين الأشياء”. هذه السنة ستكون لسقوط وقيام كثيرين ولعلامة تقاوم. أنا لا أدعى أن هذا وحيًاأو نبوة، لكنى متأكد في روحي أن هذا ما سنراه قريبًا من الاستخدام والراحة واختبارات المعية الإلهية التى سيعطيها القدير للبقية التقية الموجودة في مصر في هذا العام.

   أما الدليل على أن الوعود الكتابية المذكورة سابقًا، بما فيها مبارك شعبي مصر،أن العدد الأول من الأصحاح التاسع عشر من سفر إشعياء يبدأ بالقول:”وحي من جهة مصر. هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها”. وهنا نرى أن مجيء الرب إلى مصر ليس لافتقادها والإحسان إليها كما يظن البعد ويعدون شعب كنائسهم بل لعقابها وارتجافها ممثلة في أوثانها وآلهتها الكاذبة الباطلة، والنتيجة أن يذوب قلب مصر داخلها من الخوف والرعب وهول العقاب. ثم يستمر الأصحاح في سرد أنواع العقاب وأنواع المصريين المعاقبين من العدد الثاني من إشعياء ١٩ إلى العدد الثامن عشر. أما أنواع العقاب فهي:

   ١- “ترتجف أوثان مصر من وجهه”: يأتي الرب إليها كمنتقم ومعاقب وليس مباركًا، فكل وثن وعبادة لا تتبع الرب سترتجف الأرواح المساندة لها وسيظهر كذبها وعدم فائدتها، وبالتالي سيرتجف أتباعها عندما يظهر بطل مزاعمهم وتعاليمهم.

   ٢- “يذوب قلب مصر داخلها”: يسيطر على مصر والمصريين الخوف الذي يذيب القلب، حيث أنه لن يكون هناك إله أو شيطان يمكن أن ينقذهم من يد إله غضبان آت إلى مصر لمواجهة آلهة غريبة مسيطرة على مصر، وخادعة ملايين من المصريين بكذبهم وإرهابهم وكراهيتهم لكل ما هو إلهي حقيقي سماوي.

   ٣- “أهيج مصريين على مصريين”: سينبت الخلاف والهيجان بين المصريين بعضهم مع بعض دون أسباب منطقية أو أساس واضح للخلاف بين المصريين، وسيتعدى التعامل مع الخلاف مرحلة الحل بالطرق السلمية وسيسود استخدام الشر والطرق الدموية في التعامل بين المصريين وبعضهم البعض، وهذا عين ما يحدث اليوم.

   ٤- “يحاربون كل واحد أخاه وكل واحد صاحبه مدينة مدينة ومملكة مملكة:  تبدأ حرب أهلية منتشرة في أرجاء مصر بين الإخوة في الدين والوطن وبين الأصحاب وأعضاء الجماعات ليست بين أصحاب دين وآخر، بل بين أصحاب الدين الواحد وأصحاب العقيدة الواحدة والمصالح المشتركة، وبهذا يتم إلغاء المنطق، ولن يعد: انصر أخاك ظالمًاأو مظلومًا مبدأ يعمل به،حيث سيكون الصراع والاقتتال بين الإخوة والمصريين بعضهم مع بعض.

   ٥-  “وتهراق روح مصر داخلها”: لا تبقى لمصر قوة على عمل أي شيء.

   ٦- “وأفني مشورتها”: لا يبقى هناك حكماء أو مشيرون حول الفرعون لينصحوه وكل مشورة تخرج منها لا تتم بل تفنى وكأنها لم تكن.

    ٧-“فيسألون الأوثان والعازفين وأصحاب التوابع والعرافين”:بدل من أن يسألوا الله العليم بكل شيء عن ما يحدث معهم يسألون الأوثان والأرواح الشرير، الأمر الذي يغضب الله أكثر والمؤكد معه أن الأرواح العاملة في العرافين وأصحاب التوابع، لا تحب الخير للبشر وبالتالي لمصر. وستقودهم هذه الأرواح الشريرة إلى مزيد من الضلال والبعد عن الله وتتميم الخطط الشيطانية لدمار مصر.

   ٨- “وأغلق على المصريين في يد مولى قاس”: يكونون معذبين تحت حكم رئيس قاس يدعونه “مولانا”، وواضح أن هذه الكلمة لها دلالة دينية، فهي ليست مجرد مرادفة لحاكم أو رئيس أو ملك بل هو حاكم ديني، قد تكون جماعة إرهابية أو دينية متطرفة، ولن يستطيع المصريون أن يقوموا بثورة أخرى للتخلص من هذا القائد الدينى “مولانا” لا بواسطة الشعب ولا بواسطة القوات المسلحة أو البوليس، والسبب أن الله سبحانه هوالذي سيغلق على المصريين وهو الذي يغلق ولا أحد يفتح ويفتح ولا أحد يغلق سبحانه.

   ٩-  “فيتسلط عليهم ملك عزيز يقول السيد رب الجنود”:الملك العزيز لا يحكمهم بل يتسلط عليها وما أبعد الفرق بين الاثنين!

   ١٠- “وتنشف المياه من البحر ويجف النهر وييبس”: وهذه إحدى طرق الله في معاقبة الناس أن يمنع المطر ويعطى حرًا يجفف النهر فييبس ويتشقق.

   ١١- “وتنتن الأنهار”: (أي روافد النيل المختلفة) “وتضعف وتجف سواقي مصر”.

   ١٢- “ويتلف القصب والأسل والرياض على النيل على حافة النيل وكل مزرعة على النيل تيبس وتتبدد ولا تكون”:  تختفي الزراعة من حول النيل.

   ١٣- “والصيادون يئنون وكل الذين يلقون شصًا في النيل ينوحون.والذين يبسطون شبكة على وجه المياه يحزنون”: انعدام الثروة السمكية.

    ١٤- “ويخزى الذين يعملون الكتان الممشط والذين يحيكون الأنسجة البيضاء”: البطالة الكبيرة وعدم توفر الصناعة بما يترتب على ذلك من محاولة استيراد كل شيء من الخارج ومع نقص الموارد، لن يبقى لها دولارات للتعامل مع البنوك.

   ١٥- “وتكون عمدها مسحوقة”: كل ما ترتكز عليه من أعمدة، سياسية، دينية، فكرية، تعليمية، اقتصادية، فلن تكون هناك أية أعمدة قوية ثابتة لترتكز عليها من أي ناحية.

   ١٦- “وكل العاملين بالأجرة مكتئبي النفس”: حالة الإحباط والاكتئاب والأمراض النفسية التى بدأت تتفشى بين المصريين من الآن والتى تصيب العاملين المصريين بسبب الغلاء المعيشي المتفاقم وزيادة الاحتياجات وعدم توفر أجورهم بعد تعبهم في العمل اليوم كله نتيجة لسعر الدولار.

   ١٧- “إن رؤساء صوعن أغبياء.حكماء مشيري فرعون مشورتهم بهيمية.كيف تقولون لفرعون:أنا ابن حكماء؟ ابن ملوك قدماء؟”: نزع الحكمة عن المصريين وإعطاء مشورات بهيمية، أي لا تصلح في عالم البشر بل في عالم الحيوانات والبهائم فقط، وبالتالي فإن هذه المشورات تضر ولا تنفع.

   ١٨- “فأين هم حكماؤك فليخبروك؟”: اختفاء أهل الخبرة والعلم والمعرفة الحكماء حتى أولئك الذين مشورتهم بهيمية لن يجدهم أحد.

    ١٩- “ليعرفوا ماذا قضى به رب الجنود على مصر”:غياب التمييز الروحي ومعرفة قضاء وأحكام الله على مصر، وبالتالي عدم التوبة والرجوع إليه سبحانه.

   ٢٠- “رؤساء صوعن صاروا أغبياء”: انتشار الغباء حتى بين الرؤساء، مع أنهم لم يكونوا أغبياء من الأصل بل صاروا أغبياء.

   ٢١- “رؤساء نوف انخدعوا”:انتشار الخداع بين الرؤساء والناس والحكام والدول، حتى لم يعد أحد يعرف أين الحقيقة.

   ٢٢- “وأضل مصر وجوه أسباطها”: أي سيادة روح الضلال على مصر من خلال قادتها وكبار مسؤليها وأسباطها وعائلاتها.

   ٢٣- “مزج الرب في وسطها روح غي”: روح التوهان وقبول الشيء وعكسه، والخداع والتغييب ممزوج في وسط مصر ومتحد بها ولا يمكن فصله عنها، ولأنه في وسطها، فهو الغالب والمسيطر على كل ما تعمل.

   ٢٤- “فأضلوا مصر في كل عملها كترنح السكران في قيئه”: كل ما يعمل في مصر يقودها إلى الضلال والبعد عن الحقيقة والحياد عن الطريق المستقم.”كترنح السكران” أي إن كل ما تعمله مصر تعمله بدون وعي بل انفصال تام عن الواقع والحقائق لدرجة أنها لا تعلم أن ما ببطنها من قازورات ودواخل قد خرج منها وجعل أقدامها تنزلق واختلطت صورتها بقيئها “في قيئه”.

   ٢٥- “فلا يكون لمصر عمل يعمله رأس أو ذنب نخلة أو أسلة”: كل ما سيقولونه في مصر كلامًا فقط وليس عملاً، فلا الرأس يعمل ولا الذنب يعمل، لا من كان ثابتًا كالنخلة في تجارته أو زراعته أو علمه يعمل ولا من كان هشًا ضعيفًا هزيلاً كالأسلة يعمل.

   ٢٦-  “في ذلك اليوم تكون مصر كالنساء”: أي في حالة الاعتماد على غيرهن، وضعفهن وعدم قدرتهن على الدفاع عن أنفسهن،أو عمل شيء ينقذهن مما وصلن إليه، كما كانت النساء في القديم تعتمد اعتمادًا كليًا على رجالهن في المعيشة والبقاء.

   ٢٧- “فترتعد وترجف من هزة يد رب الجنود التي يهزها عليها”: كالنساء الخائفات المرتعدات والمرتجفات من هزة يد رب الجنود.

   ٢٨- “وتكون أرض يهوذا رعبًا لمصر”: يرتعب المصريون من إسرائيل.كل من تذكرها يرتعب من أمام قضاء رب الجنود الذي يقضي به عليها.

   ٢٩- “في ذلك اليوم يكون في أرض مصر خمس مدن تتكلم بلغة كنعان وتحلف لرب الجنود يقال لإحداها مدينة الشمس”: لغة كنعان هي لغة أقطاب الفلسطينيين الخمس، هذه لغة الأرض والأرضيين وهي ليست لغة السماء التى جعلت بعض المؤمنين المصريين يظنون أن هناك خمس مدن مصرية ستتكلم لغة أرض كنعان، أي العبرية.

   ثم بعد أن يسطر لنا الوحي عقاب الله إلى أرض مصر من عدد واحد إلى عدد ١٨ من إشعياء ١٩ يبدأ في الحديث عن جماعة مختلفة عن الجماعة السابقة الذكر. وفي رأيي الخاص هذه هي جماعة “البقية التقية” وهي أيضًا جماعة من المصريين، لكنهم في حال آخر مختلف عن بقية المصريين، جماعة متواجدة حسب النص الكتابي مكانيًا وزمانيًا في مصر”في ذلك اليوم”أي في نفس ذات وقت تواجد الجماعة الأولى. أما صفات جماعة البقية التقية هذه  بحسب الوصف الكتابي هي:

   ١- “في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر وعمود للرب عندت خمها”: أي سيكون هناك جماعة تؤمن بالرب وبالمذبح والذبيحة وهذه الجماعة هي ما أطلق عليها “جماعة البقية التقية”. وواضح أن هذه الجماعة تختلف تمامًا عن جماعة المصريين الحاليين الذين لا يؤمنون بالرب، الذي نعبده نحن المسيحيين المولودين ثانية من الله، وهو شخص المسيح يسوع تبارك اسمه وحده وهم أيضًا غير ذات الجماعة التى لا تؤمن بالمذبح حرفيًا كان كما كان في أيام إسرائيل، أم روحيًا كما نؤمن نحن المسيحيين، فسواء أكان هذا المذبح حرفيًا حجريًا منظورًا أم روحيًا إلهيًا مستورًا عن الأعين والأنظار فهم لا يؤمنون بهذا أو ذاك، إذًا فهم ليسوا بالمقصودين بتحقيق هذه النبوة. وهذه الجماعة التى تؤمن بالمذبح والذبيح لن تكتفي بإيمانها بهذه المسلمات الإلهية؛ بل ستقيم مذبحًا للرب في وسط أرض مصر، أي في مكان الصدارة في مصر، ليس في البيوت أو في الخفاء كما يحدث الآن بل في ذلك اليوم سيقام المذبح علنًا في وسطأرض مصر دون مواراة أو خوف أو ارتعاب من المصريين الذين لا يؤمنون بالمذبح والذبيح. في ذلك اليوم لن يكون للجماعة التى لا تؤمن بالمذبح والذبيحة أي سلطان أو قوة توقف بها بناء هذا المذبح أو تمنع تقديم الذبائح الروحية عليه، كما يحدث الآن ولن يؤخذ رأيهم إن كان بإمكان البقية التقية الباقية للرب أن تبنى مذبح له في وسط أرض مصر أم لا ولن ننتظر موافقتهم من عدمها ولن يطبق على بناء هذا المذبح قانون بناء الكنائس. فبناء المذبح مختلف عن بناء الكنيسة وسيقدم على هذا المذبح ذبائح روحية مقبولة مرضية عند الله من تسبيح وتمجيد وتعظيم لاسم المسيح العظيم ولن تتمكن قوات الشر الروحية مجتمعة أو منفصلة أن توقف بناء هذا المذبح أو تقديم الذبائح الروحية عليه لأن رب الجنود يصنع هذا.

   ٢- هذه البقية التقية سوف لا تكتفي ببناء هذا المذبح فحسب وليس فقط عبادة الرب الإله وحده، بل وستقيم عمودًا شاهدًا عند تخومها كما ذكر الوحي المقدس حرفيًا: “وعمود للرب عند تخمها”: أي عند تخوم مصر أي عند أبوابها أو حدودها،”فيكون علامة وشهادة لرب الجنود في أرض مصر”: أي إن عمل هذه البقية التقية لن يكون في الخفاء والسر ومحاطًا بالخوف من السلطات والبوليس ومن حولنا ممن لا يؤمنون بمسيحنا بصفاته وطبيعته التى نؤمن بها نحن المسيحيين، بل سيكون التبشير باسمه تعالى علنًا واضحًا، سواء أكان مصرحًا به من السلطات المصرية أم لا، وستدعو هذه البقية التقية غير المسيحيين الحقيقيين من كل قبيلة وأمة وشعب ولسان ودين إلى قبوله سبحانه ربًا وسيدًا ومخلصًا وغافرًا للخطايا وديانًا للأحياء والأموات وواهبًا وضامنًا للحياة الأبدية وسيدًا للخلق وآخر الأنبياء والمرسلين إلى عالمنا المسكين، لكل من يقبل خلاصه وغفرانه، وستقيم هذه البقية التقية عمودًا شاهدًا ومنارة له للشهادة أمام الآخرين عن عظيم صنعه معنا، وعلى أنه الإله الحقيقي وحده ويسوع المسيح تبارك اسمه، هو بهاء مجده ورسم جوهره، وهو أيضًا عمود لجذب البعيدين والقريبين وإعلان أن المسيح يسوع-تبارك اسمه-أنه هو الطريق الوحيد للسماء والمذبح والذبيح هو التدبير الوحيد لله لدخول الإنسان لا إلا جنات تجري من تحتها الأنهار بل إلى السماء بعينها، حيث يسمع القول:”هوذا مسكن الله مع الناس، وهو سيسكن معهم، وهم يكونون له شعبًا، والله نفسه يكون معهم إلهًا لهم”:وعندها لن يبكي المهجرون من العريش أو الذين أكرهوا على ترك ديارهم وقراهم وأجبروا على النزوح  لغير مساقط رؤوسهم، أو الذين فقدوا نفسًا غالية عليهم في أحداث تفجير كنيسة أو الذين سجنوا وعذبوا واضطهدوا لأجل المسيح لن يبكي كل هؤلاء على ما فقدوا لأننا سنكون معه -تبارك اسمه-  كل حين إلى أبد الآبدين.

   ٣- “لأنهم”: أي “البقية التقية””يصرخون إلى الرب بسبب المضايقين، فيرسل لهم مخلصًا ومحاميًا وينقذهم”.

   وواضح أن أولئك الذين يصرخون إلى الرب سيصرخون له ليس بسبب ذنوبهم وخطاياهم أو أخطائهم التى جلبت عليهم الضيق والمعاناة، بل بسبب المضايقين، ومن الواضح أن الصارخين هنا هم ليسوا المصريين جميعًا، بل هم جماعة المتضايقين من المصريين الذين يضايقونهم، جيرانهم ومن يعيشون معهم على أرضهم من المصريين. وواضح أن هذه الجماعة الصارخة هي جماعة تعرف من هم المضايقون وتعرف سبب الضيق الذي تمر به وتعرف ماذا ينبغي عليها أن تعمل وتعرف أن الطريق الوحيد لخلاصها من المضايقين هو أن تصرخ للرب وهذه الأوصاف كلها لا تنطبق على الجماعة، من المصريين، التى مزج الرب في وسطها روح الغي أوالفرعون وجماعته المشيرين عليه بكيفية التعامل مع هذه “البقية التقية”، أولئك المشيرين الذين قال عنهم الأصحاح نفسه أنهم مضللون ومشوراتهم بهيمية، وهم كالسكران المترنح في قيئه، فالسكران المترنح في قيئه لا يدري بأفعاله ولا يطلب الرب ولا يدري بمن حوله من المضايقين؛ وبالتالي لا يصرخ من المضايقين.

    فيرسل لهم (الرب) مخلصًا ومحاميًا وينقذهم. وواضح أن المخلص الذي سيرسله الرب والمحامي عن شعبه الذي سينقذهم لا يمكن أن يكون هو الفرعون أو واحد من مشيريه، فالفرعون ومشيريه هم المضايقون الذين تصرخ البقية التقية من أعمالهم وإهمالهم ومحاباتهم وعدم مواجهتهم الحقائق بالحقائق وعدم الدفاع عن البقية التقية التى في مصر، والفرعون وبطانته هم الذين، حسب النص الكتابي، كانوا السبب في كل ما حدث وسيحدث في مصر، لذا وصفهم الوحي قائلاً:”رؤساء صوعن صاروا أغبياء.رؤساء نوف انخدعوا.وأضل مصر وجوه أسباطها”. فليس من المعقول أو الممكن أن يكون المخلص من رؤساء صوعن الأغبياء أو رؤساء نوف الذين انخدعوا أو أحد وجوه أسباطها الذين أضلوا مصر، لكي يكون هو المخلص لشعبه في مصر والبقية التقية التى مازالت تصرخ للرب بسبب المضايقين.

٤-    “فيعرف الرب في مصر ويعرفا لمصريون الرب في ذلك اليوم ويقدمون ذبيحة وتقدمة وينذرون للرب نذرا ويوفون به”: ولعل هذه الآية المذكورة في سفر إشعياء والأصحاح التاسع عشر والعدد الواحد والعشرين هي ثاني أشهر الآيات في هذا المقطع الكتابي بعد القول:”مبارك شعبي مصر”. وهذه الآية مبنية على الآيات التى قبلها، فلن يعرف المصريون الرب إلا إذا أرسل الرب المخلص، من بين البقية التقية الموجودة في مصر، وليس من بين رجال الحكومة المصرية في أي زمان بغض النظر عن أسماء وصفات شخصياتهم. فعندما يرسل الرب المخلص والمحامي والمنقذ للمصريين من البقية التقية التى في مصر، عندها فقط سيعرف المصريون الرب. وهنا سينقسم المصريون إلى قسمين، قسم داخل البقية التقية وهؤلاء سيعرفون الرب كالمخلص من الضيقات والشدائد والسيد المتسلط في مملكة الناس والرفيق الألزق من الأخ، حتى في الأزمات والضيقات وعندها سيقدمون ذبائح الحمد والفرح والترنيم والهتاف، أما من هم من خارج البقية التقية سيعرفون الرب كالجبار الديان العادل الذي سيجازي كل واحد حسب عمله خيرًا كان أم شرًا، ولن يعد هو قول الحق الذي فيه يمترون وسيختبرون أنه الإله الذي يدافع ويحامي عن أولاده وسيقع عليهم رعبه وخوفه، فسيحاولون أن يسترضوا وجهه بذبيحة وتقدمة وينذروا له، خوفًا منه ومن عقابه وقصاصه، ويوفون نذورهم، لا عبادة له بل خوفًا وإرضاء له واتقاء لعقابه، فسيعرفون أن له النقمة وأن من يمس أتباعه ومؤمنيه الحقيقيين لابد أن يمس في حدقة عينه. لكن قوم منهم سيواصلون اضطهادهم ومضايقتهم للبقية التقية ولن يرجعوا عن شرهم وعنادهم، فسيضطر المولى، سبحانه القادر على كل شيء، أن يعود “ويضرب الرب مصر ضاربًا فشافيًا فيرجعون إلى الرب فيستجيب لهم ويشفيهم.

   وستظل مصر في حالة الضرب والشفاء ثم الضرب والشفاء إلى أن تتخلى عن كبرياءها وتعرف أن المسيح يسوع، تبارك اسمه، الحي في البقية التقية التى في مصر، هو الطريق الوحيد والحل الوحيد لكل مشكلات مصر؛ وأنه طالما هناك إصرار على مضايقة محبيه واضطهادهم وقتلهم وتهجيرهم، سيظل هو يضرب مصر إلى أن يرجع المصريون إليه، فيشفيهم ولن يتحقق الوعد مبارك شعبي مصر،إلا بعد أن تمم هذه النبوة الأخيرة في أصحاح دراستنا القائلة: “في ذلك اليوم تكون سكة من مصر إلى أشور فيجيء الأشوريون إلى مصر والمصريون إلى أشور ويعبد المصريون مع الأشوريين. في ذلك اليوم يكون إسرائيل ثلثًا لمصر ولأشور بركة في الأرض بها يبارك رب الجنود قائلاً: مبارك شعبي مصر وعمل يدي أشور وميراثي إسرائيل”.

    وفي النهاية أقول للبقية التقية: لا تخافوا “هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها”،وإن صراخكم إلى الرب لن يطول، فسيرسل لكم الرب  مخلصًا ومحاميًا ومنقذًا، وسيأتي اليوم الذي فيه ستكون هناك سكة بين مصر وأشور وإسرائيل وستكون بركة في الأرض يتم لكم  من خلالها الوعد”بها يبارك رب الجنود قائلاً: مبارك شعبي مصر وعمل يدي أشور وميراثي إسرائيل”.

وللحديث بقية

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا