نعم، مميز!

84

جلوريا حنا

شاهدتُ منذ فترة قريبة فيلمًا من إنتاج ديزني اسمه “Encanto”، يتحدث عن عائلة لديها شمعة سحرية تعطي أفرادها قوى خاصةً عند سن معين. ظهرت تلك الشمعة في شباب الجدة الأكبر والتي تتسم بالصرامة بسبب ما حدث لها في شبابها، وهي المسئولة عنها. أعطت الشمعة القوى لأبنائها وأحفادها إلا حفيدة واحدة فقط تدعى “ميرابل”، وهنا كانت المشكلة. كان هدف الجدة الأول هو تربية الأبناء والأحفاد على محبة العائلة ككل واستخدام قواهم لحمايتها وحماية قريتهم، فقامت بالضغط على الكثير منهم ليكونوا مثاليين برهانًا على محبتهم للعائلة، حتى لو كان ذلك على حساب مشاعرهم وأحلامهم وراحتهم، وكانت ترى أن تميزهم يكمن في الاستخدام الأقصى لقواهم.

كانت شديدة على “ميرابل” بالخصوص، وأحيانًا كان يتم استبعادها من المناسبات كي لا تسبب المشاكل، حيث رأت أن “ميرابل” تصنع الكوارث بسبب عدم حصولها على قوى، وبسبب تلك النظرة، يبدو أنها لم تحب أو لم تستطع أن تبين محبتها “لميرابل”. شعرت الجدة أن “ميرابل” غير مميزة بين العائلة، وهذا قلل من قيمتها في نظرها ونظر بعض أفراد الأسرة الآخرين أيضًا، فكانوا يتعاملون مع “ميرابل” بشيء من الاحتقار أحيانًا. لاحقًا وخلال تتابع أحداث الفيلم يكتشفون جميعًا أن سر سحر الشمعة هو المحبة، المحبة بين أفراد الأسرة ككل، باختلاف كل شخص منهم عن الآخر، وأن كل شخص مميز بطريقته الخاصة، حتى “ميرابل” كانت مميزة بطريقتها. كانت معجزة الشمعة في وجود العائلة معًا وليست في القوى التي يحصلون عليها.

كم مرة حكمنا على شخص حكمًا خاطئًا بسبب شكله أو الطريقة التي يظهر بها، فنقلل من قدره ولا نتعامل معه بطريقة لائقة؟ بالإضافة إلى طريقة بعض العائلات للضغط على أولادهم في الثانوية العامة لدخول إحدى كليات القمة كما يقال عليها. مَنْ الذي وضع ذلك التصنيف على أية حال؟! وتُقام الدنيا ولا تهدأ إذا لم يحصلوا على مجموع كاف، ونجد أن بعض الناس أيضًا يتعاملون معهم باحتقار بسبب هذا الأمر. ربما نجد أيضًا عائلة تحب أحد أطفالها وتترك الآخر فقط لأن واحدًا منهما “يظهر” أكثر تميزًا في شيء ما أكثر من الآخر.

يجعلنا المجتمع والتقاليد نضع شروطًا للمحبة والاحترام، شروطًا لكلمة “مميز”، فنجدنا نقدر الطبيب، المهندس والسياسي، الإعلامي…، ونحتقر صاحب ورشة الصيانة، العامل، أصحاب المهن الحرفية…، على الرغم من أن المجتمع في حاجة للجميع، وما نراه غير مميز قد تكون لديه ميزة كبيرة لا ندركها.

عزيزي.. عندما أتى المسيح إلى الأرض كان شخصًا بسيطًا، يقضي الوقت مع هؤلاء المنبوذين المكروهين من وجهة نظر المجتمع/ فكان يجلس مع العشارين والزناة، ولم يدنهم أو ينظر لهم باحتقار مثلما كان يفعل معهم الفريسيون، بل كان يتعامل معهم بالمحبة والاحترام دون أن يشترط عليهم شيء، وهذا ما جعلهم يتغيرون.

إن المحبة لا تقتصر فقط على المميزين بل هي تعني إظهار التقدير والمحبة لمَنْ حولنا، المحبة أن نرى الجميع مميزين كما يراهم الله، وألا نحتقر من قد يكون أقل منا اجتماعيًا، ماليًا… كتب الرسول بولس إصحاحًا كاملًا عن المحبة، وهو إصحاح 13 من الرسالة الأولى لأهل كورنثوس، فكل ما نفعله يجب أن يكون بقلب مُحب كما فعل المسيح في حياته على الأرض، فجميعنا مميزين في عيون الله، ونحن يجب أن نرى الآخرين بنظرة الله وليس نظرتنا.

وفي النهاية انتهر فرصة أننا في شهر فبراير، وهو شهر عيد الحب، لكي أتمنى دوام المحبة بين الجميع!

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا