قصة قديمة لكننا سنظل نتعلم منها

148

ق. ماجد فخري

اقرأ صموئيل الأول إصحاح 17.

هي قصة قديمة تعلمناها منذ الصغر، ولأننا تعلمناها وعرفنا تفاصيلها ونهايتها فقد أصبحت مألوفة وربما فقدت بريقها، لكن أرجو أن نتأمل فيها وكأننا نقرأها لأول مرة: ترتيب الأحداث ولماذا ذهب داود لمكان الحرب وما هو الرد عليه وحديث داود مع الملك شاول. كل هذه التفاصيل نعرفها بالرجوع للقصة في (1 صم 17).

التفكير المنطقي يقول إنه من غير الطبيعي أن يتقدم داود لمحاربة جليات، فالحرب ليست متكافئة وبالتالي لا يمكن أن يهزم داود جليات (نرجع في القصة إلى وصف جليات ووصف داود) لكننا ينبغي أن نسأل سؤالاً مهمًا وهو: لماذا اختلف داود في فكره عن باقي الجيش اليهودي وحتى عن إخوته الذين كانوا ضمن الجيش؟ الحرب في ظاهرها حرب جيوش وجنود محاربين أو مبارزين، فهل فكرنا ونحن نقرأ القصة في الحرب في جوهرها كانت بين مَنْ ومَنْ؟ الحرب كانت حرب آلهة: إله الفلسطينيين يتجرأ ليحارب إله إسرائيل رب الجنود. ولهذا فإن القضية واضحة والنصر محسوم، وهذا ما أدركه وآمن به داود، فداود يعرف قدرة وقوة إلهه التي اختبرها والتي لم يعرفها لا إخوته ولا حتى جيش إسرائيل، وفي ذات الوقت كان داود يعرف أن إلهة الأعداء أصنام.

داود وثق في النصر قبل أن تبدأ معركته مع جليات. وقد أوضح لنا الكتاب هذا في عدد 47: “وتعلم هذه الجماعة كلها أنه ليس بسيف ولا برمح يخلص الرب لأن الحرب للرب وهو يدفعكم ليدنا.” داود لم ينسب تحقيق الانتصار لشخصه مع مهارته في استخدام المقلاع ولكنه نسب كل الفضل للرب.

أخي وأختي، إلى مَنْ ننسب نجاحاتنا في أي أمر: هل لاجتهادنا وشطارتنا، حتى إن كنا قد اجتهدنا، أم ننسب ما نحن فيه للرب؟ داود استطاع أن يحول الحقائق الإيمانية إلى واقع عملي. سكنى الروح القدس في داود كانت مصدر الثقة واليقين لداود. لنعرف أن مَنْ كانوا حول داود وأيضًا الذين حوله كانوا مصدر إحباط وليس تشجيع لكن داود استطاع أن يذهب ويقنع الملك شاول لدرجه أن شاول قال له: “اذهب والرب معك.” ثقة داود في إلهه وآن إلهه سيحقق به الانتصار جعلت جليات نفسه ينزعج. ثقة داود جعلته لا يتأثر بكلام جليات بل قال لجليات: “ليحبسك الرب اليوم في يدي”، فالعامل هنا هو الرب.

ونتعلم من هذه القصة القديمة الآتي:

1- في حياتنا لا يجب أن نستسلم للكلمات المحبطة بل نعتبرها جزءًا من التحديات.

2- لا بد أن ينعكس الاستناد على الوعود الإلهية والإيمان سلوكا على واقع مليء بالثقة والشجاعة.

3- الصراع بين المؤمنين والعالم هو صراع بين ملكوتين: ملكوت الله وملكوت الظلمة، ولهذا فإن النتيجة محتومة وهي زوال ملكوت الظلمة.

4- عندما نضع في قلوبنا أن نعمل إرادة الله ومقاصده فإن الله سيستخدم ما في أيدينا ولو كان إمكانيات بسيطة ليُظهِر بها أمورًا عجيبة وعظيمة.

5- لا يجب أن نعرف فقط عن المعركة مع عدونا إبليس بل يجب أن يكون لنا الإيمان والثقة في أننا نستطيع كل شيء بالمسيح الذي يقوينا. وهنا لا يجب أن نركز على صراعنا مع إبليس وأجناد الشر الروحية بل نركز على نصرتنا بالمسيح.

6- سيظل الرب باستمرار هو الأقوى والأعظم من كل المواجهات والتحديات والظروف التي نمر بها لأنه هو الله القدير. آمين.

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا