على طرقك يضيء نور…

14

عـادل عطيـة

   لا شيء أسوأ من أن تجوب في ظلمة حالكة، مُتخمة بالإكراهات الجسيمة!

   ولا أرهب من غرفة مظلمة، إلا من نور أحمر كأنه جرح في الليل، ينزف شعاعًا بعد شعاع!

   لكن كسحاب الصبح، وكالندى الماضي باكرًا، يأتي الضوء!

   قد يكون خافتًا ضعيفًا، بلون انبلاج الفجر!

  أو جميلًا ولامعًا ومتألقًا، ولكن إذا نظرنا إليه، يخدش عيوننا، ويصيبها بالألم!

  وقد يكون عملًا ساطعًا من أعمال القدير، لا يشبه أي نور تعرفه على الأرض، وتشعر بأنك محاط به تمامًا، وذائب فيه!

   إنها لمناسبة يُقدِّر فيها المرء سحر النور المتجلّي!

   وتنبعث تساؤلاته الأبدية..

   ما هو شعاع النور؟!

   وماذا تعني فكرة: أننا نستدل على النور من مجيء النهار، مع أن النهار لا يطلع إلا بفعل النور؟!

   ما هو هدف النور؟!

   ولماذا تتكاثر الإرادات الشيطانية والبشرية عبر التاريخ في محاولة لإطفاء نور الله؟!

   فمنهم، كما في أساطير الإغريق، مَنْ أراد أن يسرق النور من موكب الشمس، حتى تكون الشمس قرصًا مستديرًا بلا ضوء، يومًا بلا نهار!

    ومنهم مَنْ يوقد سراجًا، ويضعه تحت المكيال، حتى لا ينير الطريق القاسي للإنسان!

    ومنهم مَنْ لا يحاول أن يضع الزيت في مصباحه، حتى يظل مستمتعًا بخطاياه المعتمة!

    وتتوالى الأسئلة:

   إن كان الله خلق النور، فلماذا بقي الظلام؟!

   وإن كان النور لا يمكن أن يمحو الظلام من الكون، فما قيمة وجود النور؟!

   النور يضيء الوجود!

   وبقاء الظلام أعظم شاهد على بهاء نور الله، وأعظم شاهد على المؤمنين الذين لا يلعنون الظلام، وإنما يضيئون ولو قنديلًا صغيرًا!

نحن لا نخشى الظلام ولا نهابه، لأن الظلمة ليست قوة خلاقة، وإنما هي صورة سلبية لأنها غياب النور!

   ألم تكن وأنت صغير، وحينما كنت تلعب لعبة الغميضة، تتحرك في الظلمة، لكي تثبت قدرتك على فعل ما تريده، وأنت في قيود الظلام؟!

   ألا تغمض عينيك كلما بحثت عن فكرة تائهة، وتتحدى الظلمة من أجلها، لتجدها في عقلك؟!

   ألا نطفئ الأنوار في احتفالات رأس السنة، لأننا نعرف أن ظلام الدنيا لن يخيفنا، بل ونجعله منصة لاستقبال عام جديد؟!

   ولأن الظلمة لا يمكن أن تنتصر على النور، فقد فعلها توماس إديسون، وانتصر بمصباحه الذي كلما أضأناه فر الظلام هاربًا مذعورًا!

   ولأن الله يأبي إلا أن يتم نوره، فكما تتدفق أنوار الشمس علينا من خلال فرجات الغيوم في اليوم المطير، فإن النور الإلهي يسطع علينا من وراء الستار خلال الضباب في وسط الظلمة، مبددًا ظلمات الجهل، والكفر، والشقاوة، في رحلة مجيدة في النور!…

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا