العدد 106 الصادر في يوليو 2014 زمن كشف المستور وتنقية البيادر
لعله من المهم والعدل فيما يتعلق بالكنيسة الإنجيلية على اختلاف مذاهبها في مصر، أن أبدأ هذا المقال بالإقرار أن لا علاقة على الإطلاق بما سأكتبه فيها من آراء وقضايا وحقائق وبين الكنيسة الإنجيلية الوطنية المصرية، لا كرئاسة الطائفة أو قسوسها أو شعبها الإنجيلى على اختلاف مذاهبه بأى حال من الأحوال أو شكل من الأشكال، وليس ذلك فقط، بل أنا اتوقع، كالعادة، هجومًا من بعض المغيبين المخدوعين والمتملقين والمغرضين على اختلاف أماكنهم ومذاهبهم ومكاناتهم فى الكنيسة الإنجيلية على ما سيأتى لاحقًا.
وفى البداية أقرر أنه لم يكن فى حسبانى أن أكتب فى هذا العدد عن الكنيسة إطلاقًا، لكنى كما قلت سابقًا فى مناسبات ومقالات كثيرة أن ما يحدث فى الكنيسة المصرية على اختلاف طوائفها كان وسيكون وسيظل له كل الأولوية فى كتاباتى، مهما كانت أهمية الأمور الأخرى التى تحتاج إلى مناقشتها والكتابة عنها.
والحقيقة إن ما حدث وقيل من أسقف المقطم للكنيسة الإرثوذكسية ضد الإنجيليين والترانيم الإنجيلية، والطريقة العنترية التى تكلم بها والتي تناقلتها مواقع الاتصالات الإلكترونية، ومحاولته إظهار التواضع المزيف باستخدامه كلمة الحقير فى وصفه لنفسه عدة مرات، كل هذا لم يثرنى أو يقلقنى ولم يغضبنى كما أثار وأغضب الكثير من الإنجيليين وحتى الأرثوذكس أنفسهم الذين خَلَصوا بالنعمة التي فى المسيح يسوع، تبارك اسمه، والذين تخلصوا بنعمته تعالى من روح التدين والسيطرة والعبودية المتحكم فى مصر كلها وخاصة في الكنيسة المصرية على اختلاف طوائفها ومذاهبها ورتبها الكنسية، وبالذات فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والحقيقة إنني لم أر في تصريحات الأسقف ما هو جديد على الكنيسة الأرثوذكسية ورتبها والمترددين عليها، ابتداءً من الشخص المتردد العادي على اجتماعاتها، والذي لا يعرف يمينه من شماله، ولا يفهم أغلب ما يقال له فى صلوات وقداسات وطقوس نصفها بلغة غير مفهومة له، إلى أكبر الرتب فيها، اللهم إلا بإستثناء نفر قليل من كهنتها وشعبها الذين نالوا اختبار الخلاص المجاني، الذي كثيرًا ما تهكموا عليه، قبل نواله، وأطلقوا عليه اختبار الخلاص فى لحظة، وأطلقوا على أقدس وأعظم اختبار في الحياة، وهو اختبار الولادة الجديدة من فوق أو التوبة الحقيقية والإيمان الواعي بشخص السيد الرب يسوع كالمخلص الوحيد لحياتهم، النكات اللئيمة حتى قال أحد رتبهم الكنسية العالية: إن الجنيه المصرى لا بد وأن يكون بروتستانتيًا والسبب أنه “بيخلص في لحظة”، ذلكم النفر القليل الذين فهموا التعاليم الكتابية المسيحية الصحيحة لا كما تلقنوها من أناس لم يختبروها، بل تعلموها على حقيقتها، كما هي واردة فى رسالة العبرانيين الذي لم يسمح كاتبها، المساق بالروح القدس، أن يعطى لقب رئيس الكهنة أو صاحب القداسة أو الكاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق، وغيرها من ألقاب تدل على طبيعة الملقب بها، إلا لشخص المسيح يسوع، تبارك اسمه، وحده ولا سواه، كما يؤكد كاتب هذا السفر بالروح القدس على كهنوت جميع المؤمنين، والذي يصر على أن عبادة الطقوس والفرائض والغسلات والأصوام المقننة المسموح فيها ببعض الأطعمة والمحرم فيها بعضه الآخر، والصلوات المحفوظة المكررة وتقديم (حَمَل) وقرابين، ولبس ثيابًا خاصة بالكهنة وتفردهم بهذا اللقب وبأمور لا يمكن ممارستها في الكنيسة إلا بواسطتهم، وهى محرمة على المؤمن المسيحي العادي، كلها أمور انتهت بانتهاء الناموس الطقسى ولا مكان لها في كنيسة الله عامود الحق وقاعدته التي اشتراها المسيح بدمه، ثم أيضًا إعطاء طائفة من الناس يعرفون بالكهنة حق ممارسة ما يعرفونه هم بالأسرار المقدسة أو أسرار الكنيسة السبعة، التى لم تذكر أبدًا كأسرار على الإطلاق فى الكتاب المقدس، بل هي معلنات واضحات ممنوحات لكل المؤمنين بالمسيح يسوع، تبارك اسمه، ناهيك عن الألقاب الكنيسة التى نص الكتاب المقدس حرفيًا على تحريم استخدامها عندما يعامل ويخاطب الناس بعضهم البعض بدءًا من لفظة “أبونا” ونهاية بصاحب الغبطة وصاحب القداسة ورئيس الرعاة وراعى الرعاة وغيرها مما حرم القدير استخدامه فى وصف البشر مهما كانت رتبهم وعظمتهم ورفعة كراسيهم، وهذا ما قاله المسيح لتلاميذه والذين التزموا هم بتنفيذه إلى أن قام من ادعوا أنهم خلفاء لمرقس الرسول إلى مصر أو بطرس الرسول إلى روما أو توما الرسول إلى الهند، وغيرهم من هؤلاء التلاميذ، فاتخذوا من ألقاب وصفات ووظائف ومكانات لم تعط لهم بواسطة المسيح ولا تلاميذه، وأصبح الانحناء ولمس الأرض وتقبيل الأيادي أمام الرتبة الكنسية حتمية لمن يريد الاقتراب منهم، ولا بد أن يبدأ الحديث بنقبل الأيادي يا أبانا أو يا قدس أبونا أو يا سيدنا كل حسب رتبته، وإذا تواجد أحدهم فى مجلس ما، لا يستطيع غيره أن يتقدم لخدمة الكلمة أو قراءة الإنجيل أو بداية اجتماع إلا قبل أن يرشم هو علامة الصليب أولاً ويعطى لمن يريد أن يتكلم الحل بالكلام، بالرغم مما جاء فى إنجيل متى والأصحاح 23 والعدد من 6 إلى 11 وما نصه “ويحبون المتكأ الأول في الولائم والمجالس الأولى في المجامع والتحيات في الأسواق وأن يدعوهم الناس: سيدي سيدي! وأما أنتم فلا تدعوا سيدي لأن معلمكم واحد المسيح وأنتم جميعًا إخوة. ولا تدعوا لكم أبًا على الأرض لأن أباكم واحد الذي في السماوات. ولا تدعوا معلمين لأن معلمكم واحد المسيح. وأكبركم يكون خادمًا لكم. فمن يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع”.
ومع أنه من الواضح أن المسيح، تبارك اسمه، كان يتكلم عن كهنة وكتبة وفريسي العهد القديم فى فترة وجوده على الأرض، إلا أن الوصايا الكتابية لا تعرف الزمن أو الحدود، بل هي صالحة لكل وقت وزمان وبالأخص فى هذه الأيام الشريرة التى نعيش فيها. فإن كانت تلك هى وصايا العهد القديم قبل حلول الروح القدس وسكناه فى البشر ومساعدته لهم لتتميم وصايا الله، يوم أن كانت شريعة عين بعين وسن بسن وكسر بكسر قائمة، فكم وكم يكون الحال اليوم؟! فتخيل معى عزيزي القارئ أن أحدهم تجرأ وخاطب رتبة كنسية كبيرة أو صغيرة بالقول: الأخ فلان، ماذا عساه أن يلقى؟! ، والحقيقة أن كلام أسقف المقطم لم يزعجنى أبدًا، لأننى أثق أن هناك في علم الله السابق ما يعرف بالأزمنة والأوقات، وأيضًا لأنني أؤمن وأثق أن الزمن الذى نعيش فيه هو زمن كشف المستور وتنقية البيادر، وما يترتب على هذا الكشف والتنقية من مواقف وتصرفات وأفعال واتهامات ومراوغات وقيام وسقوط كثيرين، تلك الأمور التى عادة ما تكون موجودة لمدة قصيرة أو طويلة من الزمان، قبل كشف المستور وتنقية البيادر، لكنها عادة ما تكون مختفية تحت غطاءات التواضع الكاذب، أو مزج السياسة بالدين، أو عدم وجود الوقت المناسب لإعلان ما بداخل الإنسان أو الأسقف أو الطائفة من اتجاهات وقناعات وقد تكون من عداوات ومؤامرات ضد الآخر، وقد تكون مختفية خلف غطاء الخوف من كلام الناس ومحاولة تجنب ما أسميناه: “نشر الغسيل الوسخ” وأما محاولة التجمل والتمثيل والظهور بما يخالف الواقع ويناقض الحقيقة، وقد تكون مختفية بسبب وجود الرجل اللئيم الذي يفعل ما يريد ويزرع خصومات بين الإخوة في الكنيسة أو الطائفة أو حتى الدين الواحد ككل، لكنه لا يظهر فى الصورة، فيتلون بكل لون كالحرباء ليصل إلى مبتغاه، وعادة ما يكون هذا الرجل قد تمتع بكرسى عالٍ لا يدنو منه الآخرون وبشعبية بالغة منقطعة النظير، فلا يستطيع من هم مثلى من المواطنين العاديين المسيحيين أن يقترب منه أو ينتقد تصرفاته أو حتى يفكر فى عقله الباطن أن لمثل هذا الإنسان نواقص وأنه فى الموازين إلى فوق مثلنا نحن البشر، فالناس تتبعه كالعميان وهو يقودهم على هواه والويل كل الويل لمن يجرؤ على انتقاده أو سؤاله عما يعمل!
ويخطئ من يظن أن كشف المستور وتنقية البيادر وزمن الانتقام والتصحيح يطبق فقط على غير المسيحيين أو غير المؤمنين به، تبارك اسمه، أو أصحاب طائفة أو ملة أو دين دون الآخر، لا، فالله لا يحابي الوجوه ولم يفضل الناس بعضهم على بعض درجات، وليس عنده محاباة أو غش أو ظل دوران، ومحبته تعالى للبشر لا تتوقف على كون أحدهم مؤمنًا ضعيفًا أم مؤمنًا قويًا، بل هو يبدأ بالقضاء من بيته، من بيت الله، أي أولئك الذين يعرفون أو يتشدقون بالإيمان والمحبة والتواضع والامتلاء من الروح القدس، وليس عند الله مسيحي اسمي ومسلم ويهودي، بل في كل أمة الذي يصنع البر و يتقيه سبحانه وتنازل إلينا مقبول عنده وهو الذي خلق من دم واحد كل أمة على وجه هذه الأرض. فقادة الكنيسة وشعبها والإخوان المسلمون والسلفيون والأحزاب والداعشيون والقاعديون والصوفيون كلهم سواسية أمامه سبحانه، فهو خالق الكل وهو رب الكل وإله الكل وديان الجميع بنفس القسط والميزان وهو الذي يمطر على الأشرار والصالحين ويشرق شمسه على الأبرار والطالحين.
وأكرر أن مقالى هذا ليس ردًا على ما قاله مطران المقطم عن الترانيم الإنجيلية والإنجيليين، بل ما هو إلا صوت صارخ فى البرية، وصوت مبحوح فى عالم أصم يصرخ قائلاً: “انتبهوا أيها السادة”، ” لأنه هكذا قال الرب هذا هو زمن كشف المستور وتنقية البيادر أي تنقية الكنيسة في الأرض من كل زغل وإثم وغش وتدين وكبرياء وتسلط ورئاسة ليست من وزناً روحي ومادي وعضوي، زمن سأترك فيه قراءات العبادات غير المسيحية وغير الموحى بها، تقرأ فى مباني كنائسكم بدعوى المصالحة ومد الجسور وإظهار محبة المسيح، وسأترك تعاليم ضد المسيح التى استهنتم بها تتغلغل فى جماعاتكم، فتأتي سنة عقابكم يقول الرب، وسأعاقب أنا الزانية العظيمة التي انغمست فى العالم وأضلت شعبي وأشركت بي أنا الحي إلى أبد الآبدين، وأعطت ألقابي لآخر، ها أيام تأتي يقول الرب فيها أزحزح الرياسات البشرية وأكشف الشر المستتر فى جماعاتكم وتجمعاتكم وأجعل الذين يقولون إنهم شعبي وهم ليسوا شعبي والذين يقولون إنهم كهنتي وهم ليسوا بكهنتي يصرخون من كثرة المظالم يقول القدوس القادر على كل شئ. والآن قد وضعت الفأس على أصل الشجر فكل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا تقطع وتلقى في النار. وقريبًا سيأتي “الذي رفشه في يده وسينقي بيدره ويجمع قمحه إلى المخزن وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ”. أما قطيعي الصغير، البقية التقية التى لم تحن لإله غيري فسترى مجدي وستعرف أنني أنا الله القادر على إعالتها وإنقاذها حتى في الزمن العصيب الآتي على الأرض كلها قريبًا، يقول الكائن والذي كان والذي يأتي.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه اليوم فى هذا المقام، لماذا الآن في هذا التوقيت بالذات يتكلم أسقف المقطم عن الترانيم البروتستانتية، هل أصبحت الثورات وتصفية الحسابات جزء من المزاج المصرى حتى إنه إن لم يجد حتى المسؤولين عن الكنيسة ما ينشغلون به خارجها بحثوا عن مشكلات أو اختلقوا مشكلات داخلها لتظل متوترة الأعصاب ثائرة غاضبة باستمرار ويستمر الإبقاء على حالة الحرب النفسية الداخلية، لماذا هذه الدعايات والعروض الإعلامية على الفيس بوك وتناقل الأخبار بهذه الطريقة التليفزيونية التي تزيد من تأزم الموقف وتعطيه حجمًا أكبر من حجمه؟، هل هذه هي أهم مشاكل الكنيسة القبطية الإرثوذكسية الآن حتى إنها طغت على كل ما عداها في هذه الأيام؟، هل كف الإخوان عن حرق كنائسنا أو أرجعت لنا حقوقنا القبطية المهضومة والمسروقة منا على مر العصور؟ يا حضرة الأسقف حتى تفجر قضية الترانيم البروتستانتية، ثم ما علاقة الترانيم البروتستانتية على حد قولك مع عدم ممارسة سر الاعتراف وإن المرنمين معظمهم لا يعترفون وليس لديهم أب اعتراف! ومعظمهم لم يحضر الكنيسة منذ زمن، هل مازلتم تستخدمون ما تطلقون عليه “سر الاعتراف” فى السيطرة على الشباب والتحكم فى دخولهم وخروجهم ومصائرهم؟ ، ألا يعلم حضرة الأسقف أن هذه الترانيم البروتستانتية التي قررت فجأة منعها وعدم الترنم بها فى أبروشيتك، إنما تُرَنَم منذ عشرات السنين وقبل أن يتم رسامتك أسقفًا على هذه المنطقة كلها؟ ، وهل تعلم أن النهضة فى الترنيم التى حدثت فى الكنيسة الأرثوذكسية كانت من خلال الترانيم التى تسميها أنت ترانيم إنجيلية بروتستانتية؟ وأقصد أنها نابعة من كُتَّاب ومرنمين وملحنين تابعين للكنيسة الإنجيلية، هل حقًا توجد ترانيم إنجيلية وأخرى أرثوذكسية وثالثة كاثوليكية، أليست الترانيم هى مناجاة وتسبيح وتعظيم وطلبة للمسيح الواحد الذي صلى قبل صلبه أن نكون جميعًا واحدًا كما أنه هو والآب واحد؟! ، هل الموضوع هو موضوع ترانيم بروتستانتية أم أن الموضوع أنه لديك فى كنيسة المقطم بالذات كاهن أرثوذكسى ممتلئ من الروح القدس يتكلم بكلام الله بكل مجاهرة ويستخدمه المسيح فى صنع المعجزات الروحية والجسدية والتعليمية وإخراج شياطين؟! ، وقد أصبح فى تواضعه واحدًا من أشهر الكهنة الأرثوذكس ليس فى مصر وحدها، بل على مستوى العالم أجمع، بل وأشهر منك أنت شخصيًا بالرغم من عدم ظهوره على الفضائيات وانقطاعه فى أغلب الوقت للعبادة والصلاة وخدمة الرب فى شعبه الفقير الذي يحيا وسط أكوام من الزبالة، أثق أنك تعرف عن أي كاهن بالضبط اتكلم أنا، وأثق أنك تعرف أين قَبِل هذا الكاهن الحياة الجديدة فى المسيح وكيف بدأ هذا الكاهن خدمته، وكيف تخلى عن كل ما يملك وأصبح مجرد كاهن، وكيف وصل صيته وسمعته إلى أقصى الأرض وهو معروف ليس أكثر منك فحسب، بل أكثر من كل أعضاء مجمعكم الذي تطلقون عليه المجمع المقدس، أثق أنك تعلم بالمحاولات العديدة التى حاولها آخرون غيرك من الأساقفة والرياسات السابقة، لقلع هذا الكاهن من مكانه ولم يستطيعوا لما له من مكانة عظيمة فى قلوب المسيحيين الأرثوذكس والإنجيليين والكاثوليك وحتى مسلمي المقطم. أخشى أن يكون هذا هو السبب الحقيقى وراء هجومك على البروتستانت، لأنك تتهمه أنه بروتستانتي ودليلك الوحيد على ذلك أنه يسمح للمرنمين الأرثوذكس أن يرنموا ترانيم إنجيلية، هل تقصد حقًا يا حضرة المطران أن تعيد شعبك وشباب كنيستك إلى عصر ترانيمكم القديمة “يا محبًا مات عن جنس البشر” و”اسمع صراخي يا سيدي” و” كنيستى القبطية” و”مرة تهت بعيدًا”، مع كل احترامي لهذا التراث القديم من الترانيم التى كان أبي الذي توفاه الله منذ أكثر من ربع قرن عن عمر يناهز ال75 عامًا يرنمها. إلا تعلم أننا فى عصر ما بعد الروك والرول، ألا تعلم أن الكتاب المقدس الذي بين يديك نفسه هو ترجمة وطباعة وتوزيع إنجيلى، أعلم ما يمكنك أن تعمل للتغلب على مشكلة عدم وجود ترانيم أرثوذكسية بعدد يكفي لشعب كنيستكم، يمكنك أن تطلب من الشباب الأرثوذكسى الواعي المثقف الموهوب أن يضع عشرات من الترانيم بالنكهة الإرثوذكسية، كلمات وألحان، ويمكنك أن تجبر من فى أوبروشيتك على الترنيم منها داخل كنائس أبروشيتك، أما أكثر من ذلك، فلن تستطيع أن تعمل شيئًا، لا يمكنك أن تمنع شبابك المثقف والذي كسر كلام البابا الراحل ونزل إلى ميدان التحرير حتى عندما أوصى هو الشباب الأرثوذكسي بعدم النزول لن تستطيع أن تمنعه أن يرنم ما يريد وما يروق له، فلقد مضى عهد العصور الوسطى وتحكم الرياسات الكنسية فى الشباب المثقف، شباب ثورة يناير ويونيو. ثم دعني أهمس فى أذنك وأخبرك كيف تغلغلت الترانيم المؤلفة من الإنجيليين في كنيستكم الأرثوذكسية، صدقنى أنها تغلغلت فى طائفتك الأرثوذكسية بناء على طلب وشغف وإصرار شبابك الأرثوذكسى على دخولها كنيستكم والعبادة بها لرب العباد، فهذا تاريخ ربما لا يعرفه أكثر من حفنة قليلة من الأحياء اليوم فى مصر، كان هذا فى سنة 1990 وفي مؤتمر الترانيم الصيفى الذي كنا قد تعودنا أن نعقده فى بداية الإجازة الصيفية من كل عام والذي فيه كنا نجتمع بمؤلفي وملحني الترانيم التى كانت تعرف في ذلك الوقت بترانيم الصيف، وكانت تصدر عن لجنة التهذيب المسيحي التابعة لسنودس النيل الإنجيلي، كان الآلاف من الشباب من كل الطوائف المسيحية يحضرون هذه المؤتمرات التى عادة ما كانت تعقد فى مسرح كلية الدي لا سال بالظاهر بالقاهرة، ليتعلموا الترانيم الجديدة وليسمعوا الاختبارات المتعلقة بكتابة هذه الترانيم من فم مؤلفيها وملحنيها، كنا أيضًا نقوم بتدريس الشباب كيفية تأليف الترانيم وتلحينها وكتابة النوتة الموسيقية وكيفية قيادة فرصة الترانيم فى اجتماعات الشبيبة أو فى الكنيسة، كانت هذه المؤتمرات هي المنفذ الوحيد يومئذ لنشر هذه الترانيم على نطاق أوسع وخاصة على الكنائس غير المشيخية والتى كانت تصلها هذه الكتب على أي حال، وفي إحدى هذه المؤتمرات حضر معنا مجموعة من الشباب الأرثوذكسى من كنائس مختلفة وطلبوا منا أنه إن أمكن لنطبع لهم كتاب ترانيم الصيف بشرط أن نحذف من على غلافه عبارة صادر عن لجنة التهذيب المسيحي بسنودس النيل الإنجيلي، قالوا لنا إن الترانيم لا غبار عليها ونحن نحب أن نرنمها فى كنائسنا لكن أساقفتنا وكهنتنا لن يوافقوا على استخدام كتاب مكتوب على غلافه “الكنيسة الإنجيلية”. رفع زميلاي اللذان كانا يقومان بالإعداد والتنفيذ لمؤتمرات الترنيم معي الطلب لسنودس النيل ولجنة التهذيب المسيحى به فوجد مقاومة غير طبيعية فى أن تحذف عبارة ” لجنة التهذيب المسيحي، سنودس النيل الإنجيلي” واستمر الكر والفر فى هذه المعركة طويلاً حتي وافق المسؤولون عن مجلس التهذيب المسيحي يومئذ على رفع اسم سنودس النيل الإنجيلى من على بضعة آلاف نسخة من كتاب ترانيم الصيف وقاموا بطبعه للراغبين من المذاهب الأخرى، ليس فقط الأرثوذكسية بل حتى الإنجيلية غير المشيخية منها، الراغبين فى الحصول عليه واستخدامه فى اجتماعاتهم، والحقيقة أنهم ما وافقوا إلا بعد صعوبة بالغة وبعد أن أعلمنا الإخوة والأخوات الأرثوذكس أنهم على كل حال سوف يستنسخون الكتاب ويستخدمونه فى كنائسهم، فالترنيمة لا يمتلكها من لحنها أو الفها بمجرد أن تخرج إلى أرض الواقع إلا بقدر ما يمتلك الإنسان الهواء الذي يتنفسه، وهكذا دخلت يا حضرة الأسقف الترانيم الإنجيلية إلى الكنيسة الأرثوذكسية، أما اليوم وفي عصر الإنترنت والفضائيات والأقمار الصناعية فلم تعد هناك حاجة لأن يطبع كتب ترنيم تحمل أو لا تحمل اسم كنيسة أو طائفة، فما يذاع على الفضائيات من الترانيم لا يمكن الإحاطة به كله أو تعلمه حتي لو تفرغ المرء لمحاولة الإلمام به، وإن محاولتك لمنع استخدام الترانيم الإنجيلية فى الكنيسة الأرثوذكسية فى المقطم لمدة ساعتين فى الإسبوع ستنجح بلا شك، لكن لا تنس أنك لن تستطيع أن تمنع شباب ثورة يناير 2011 من ترنيم الترانيم البروتستانتية فى بيوتهم وسياراتهم والاجتماعات غير الأرثوذكسية التى يحضروها ولن تستطيع أن تكمم أفواههم فى بيوتهم وكلياتهم وشوارعهم وستكون النتيجة الحتمية الطبيعية أن الشباب سيستخف بكلامك كما استخفوا بكلام ورفضوا الخضوع لمن أمرهم بأن لا ينزلوا إلى ميدان التحرير. والحقيقة أننى لا أجد سببًا إنسانيًا مقنعًا لهذه الحادثة إلا أننا فى زمن كشف المستور وتنقية البيادر، وقد بدأ بالفعل، من خلال هذه الحادثة، كشف المستور وسيعقبه تنقية البيادر. أليس هذا ما فعله المولى مع الإخوان المسلمين؟! ، فلقد فضح المولى، تبارك اسمه، الإخوان المسلمين ونواياهم وأعمالهم وخباياهم فى غضون العام الواحد وأنه اليوم ليلتفت، سبحانه، للكنيسة لنفس السبب.
ثم لماذا فى هذه الأيام بالذات التى أنشئ فيها مجلس الكنائس المصرية الموحد، والذي من بين أهدافه هو التقارب بين الكنائس المسيحية بالرغم من أنها لا تحتاج إلى مجلس لتتقارب وتتحد، بل تحتاج إلى روح الله وفكر المسيح وتواضعه وإخلاصه وقوته لكي تلتصق وتحب بعضها البعض. هل أقحم الإنجيليون أنفسهم أو ترانيمهم وخدماتهم على شباب الكنيسة الأرثوذكسية حتى يتكلم الأسقف بهذه الثورة العارمة ضد كل ما هو إنجيلى؟! ، والحقيقة تقال إن جناب الأسقف مغرور في موقفه من الترانيم الإنجيلية والخدمات الإنجيلية وبيوت المؤتمرات الإنجيلية التى يؤم إليها الألاف من الشباب الأرثوذكسي عشرات المرات كل عام، فهذا هو ميراث السنين من التعالي واتهام الإنجيليين بأنهم ذئاب خاطفة وأنهم أجانب وأنهم غير مسيحيين بالمرة وغيرها من الأوصاف والتهم الكريهة التى ألصقها بعض القادة الأرثوذكس بالإنجيليين، والأمر ليس بجديد كما قلت، فبدعوى الحفاظ على التعاليم والكنيسة الأرثوذكسية الأم!! حرَّم الراحل البطريرك شنوده الثالث على القسوس الإنجيليين أن يشتركوا حتى فى صلوات الجنازات في القرى النائية ما دام الميت أرثوذكسى، وحرم على القسوس الإنجيليين على اختلاف مذاهبهم حتى أن يقرأوا الكتاب المقدس على منابر الكنيسة الأرثوذكسية، ولا زلت اتذكر ما قاله لشابة كانت تسأله فى اجتماعه الإسبوعى عن كيف تتصرف فى ورطة حدثت لها، حيث تقدم لها عريس كامل الأوصاف من كل ناحية غير أنه إنجيلي، فكان رده عليها: يا بنتي اتجوزي واحد مسلم وما تتجوزيش واحد انجيلى، وكم من مرة طلب الكهنة والأساقفة من الزوجين اللذين يريدان أن يتناولا فى الكنيسة الأرثوذكسية أو أن يعمدا ابنًا أو ابنة أو حتى يزوجا ابنًا أو ابنة لهما، أن يعقدا قرانهما من جديد، لأن الزواج الإنجيلى الذي تم بينهما منذ 30 عامًا مضت ليس زواجًا شرعيًا وبالتالي فهما فى حالة زنا إلى أن يتزوجا أرثوذكسيًا. ولا زلت محتفظًا بمقطع من فيديو تم أخذه فى إحدى خيام مولد ميت دمسيس، كانت هذه الخيمة مؤجرة لمجموعة من الشباب لاستخدامها لمكان لشرب الشاي والقهوة والتسلي بالرقص البلدي، كانت الراقصة فى هذه الخيمة لا يزيد عمرها على 20 عامًا، وكان جسمها عاريًا إلا مما لا بد من وجوده لستر القليل من جسدها العاري الذي كان يهتز ويتمايل بحركات جنسية تلهب مشاعر وأحاسيس الشباب الذين كانت عيونهم تلتهمها التهامًا وقد سرح أغلبهم فى تخيلات وتصورات أبعد من واقع الحدث نفسه، كان أغلبهم يطيل الشهيق من الشيشة المعمرة بقطع الحشيش وبعضهم كان يمضغ ما يمضغ من المخدرات، الموسيقى سوقية جنسية مبتذلة، الفتاة اللعوب مازالت تتراقص فيصيح الحضور من الشباب بأعلى أصواتهم طالبين منها أن تهتز أكثر وأسرع وأن تكشف عما تبقى من جسدها النحيل، دخلنا إلى هذه الخيمة وكنا مجموعة شباب من كنائس مختلفة ومن بيننا بعض الإخوة والأخوات الأرثوذكس أباً وجدًا، كانت قبلتنا وهدفنا هما أن نكلم الحضور عن الحياة الجديدة فى المسيح، بدأنا بتوزيع النبذات الصغيرة والبسيطة التي كانت معنا والتى منها ” اثنان ماتا لأجلك”، ” ما هي حياتك”، “اهربوا من الغضب الآتي” وغيرها، ولم تمض دقائق معدودات حتى دخل إلى تلك الخيمة أحد كهنة كنيسة مار جرجس بميت دمسيس ومعه نفر من أعضاء الكنيسة، كانوا في حالة من الغضب والهياج وكأنهم رجال صاعقة قد استعدوا للنصر فى معركة حامية الوطيس مع قوات العدو، كنا نظن أنهم جاءوا ليوقفوا مهزلة الرقص والعربدة والزنا والمخدرات فى خيمة الكنيسة المؤجرة لمجموعة من الأشقياء خريجي السجون، لكن اكتشفنا أن سبب مجئ قدس!! أبونا!! ومعه حراس الهيكل هو لطردنا نحن المبشرين من الخيمة وليس لطرد الراقصين، والسبب، والجرم الذى ارتكبناه كان هو أننا إنجيليون ذئاب خاطفة، جئنا لنخطف الشباب المنحل ونحولهم إلى إنجيليين، وقام القس بطردنا من الخيمة شر طردة وحذرنا أن لا نعود مرة أخرى إلى هذا المكان وإلا طلب من البوليس أن يقبض علينا بعد أن يسمح لشباب الكنيسة أن يعلمونا درسًا لا يمكننا أن ننساه طيلة حياتنا، ولقد علمنا أن هذا الكاهن يتصرف بهذه الطريقة بناء على أوامر من سيده الأسقف، ولا عجب أنه بدل من أن تربح الكنيسة اليوم الجموع الخائفة المحبطة التائهة اللاهثة لإيجاد من يعطيها أملاً تحيا لأجله، المحتاجة للمسيح يسوع مصدر السلام والراحة والفرح، كانت الكنيسة بتصرفاتها الرعناء وتسرعها فى مد الجسور مع الأشرار والقتلة والظالمين وتأييدها من لا يكرهون شئ أكثر من كرههم لحقيقة صلب وقيامة المسيح من الأموات، فما كان من الشباب المسيحي والمسلم إلا أنه قد ألحد وكفر برب السماء والأرض وأعلن عن نفسه كملحد وهو اليوم يتفاخر بإلحاده ويجر من هم على شاكلته معه للجحيم الأبدي بسبب إلحاده، ومع ذلك كله أن يكون الفرد ملحدًا وواضحًا وصريحًا لخير عشرات المرات من أن يكون ملحدًا، لكن فى الخفاء ويتظاهر بالتدين والتقوى والأحسن من الاثنين أن تؤمن أيها الملحد بالمسيح يسوع، تبارك اسمه، سيدًا ومخلصًا دون النظر للمسيحيين، بل إلى المسيح، وبدلاً من أن تتفرغ الكنيسة الأرثوذكسية للم شمل المسيحيين ومواساتهم على ما مروا ولا يزالون يمرون به من اضطهاد وقتل وخطف وبدلاً من أن تمد يدها وهي الكنيسة الأكبر عددًا لبقية الطوائف المسيحية فى اتحاد حقيقي ليكونوا جميعهم واحدًا ليعرف العالم أن الله قد أرسل المسيح للعالم ليخلص به العالم، فيقبل الكثيرون إلى التوبة ها هي تقف في وجه من علموا شعبها أن يقرأوا الكتاب المقدس وأن يرنموا ويمجدوا الله بتسبيحات ومزامير وأغاني روحية ما كانوا يعرفونها لولا استخدام الله للإنجيليين فى توصيلها إليهم وتعليمهم إياها. وللإنصاف أقول إن الكنيسة الإنجيلية، في رأيي الخاص، تستحق كل ما يقوله ويعمله معها قادة الكنيسة الأرثوذكسية من إهانات واتهامات واستخفاف بقادتها وشعبها، لأنها تخازلت ولم تعلن الحق الإلهي الواضح ضد كل تعاليم غير كتابية زائفة كاذبة فيها وفى الطوائف الأخري، وقَبَّلَ الكثيرون من قادتها وشعبها وقسوسها أيادي الكهنة، والأساقفة والقادة الأرثوذكسيين وخاطبوهم بأبينا وسيدنا، وقَبِلوا أن يكون رأس الكنيسة الأرثوذكسية هو صورتهم أمام العالم أجمع، وممثلهم لدى الحكومة، والمتكلم باسمهم فى المحافل الرسمية، والذي لا تعرف الدولة إلا إياه كبيرًا وقائدًا عند وقوع أي مشكلة مع المسيحيين، أو لكسب أصوات المسيحيين فى الانتخابات أو التأييد لخارطة الطريق، وهو الحاضر الدائم بجوار شيخ الأزهر في كل المناسبات الرسمية والشعبية، وحتى الشهر الماضي فى مناسبة تنصيب الرئيس السيسى، الذي لست اعتقد أنه يعرف أن هناك من بين شعبه المصرى قسوسًا لا يرتدون الحلة والعمامة السوداء، وليسوا أرثوذكسيين، بل اسمهم الإنجيليين، وكأن رأس الكنيسة الأرثوذكسية هو الممثل الوحيد للشعب المسيحي المصرى، وكم سارع قادتنا، بدعوى المحبة لمد الجسور مع الكنيسة الأرثوذكسية ورأسها وأكليروسها، والذهاب على رأس وفد رسمي لتهنئته بكل أعيادنا كمسيحيين ولم يكلف رئيس الكنيسة الحالي نفسه أن يرسل ممثلاً عن كنيسته أو حتى عن شخصه لتهنئة الإنجيليين في احتفالاتهم بأعيادنا المسيحية، وكأن الأعياد المسيحية هي ليست أعيادنا أيضًا، بل هى أعياد الأرثوذكس وحدهم، وكنا نتوقع أن يفاجئ الرئيس الحالي للكنيسة الأرثوذكسية الإنجيليين بزيارة أو تهنئة فى احتفالهم الرسمي بعيد الميلاد على غرار ما قام به مع قادة الكنيسة الكاثوليكية، لكن يبدو أنه لا يزن بميزان واحد علاقاته مع الطوائف المختلفة في مصر، ولربما لم يفعل خوفًا من أسقف المقطم وغيره من المقاومين لمثل هذا التقارب والزيارات من المطارنة والقساوسة والشعب الأرثوذكسي. وكم تقاعس الإنجيليون حتى عن الوصول للشعب الأرثوذكسى برسالة المسيح الحي حتى لا نغضبهم وخوفًا من ردود أفعالهم حتى تجرأ أحد أساقفتهم وقال في لقاء مباشر على الهواء أن الإنجيليين ليسوا بمصريين، وما الونا جهدًا من أن نثبت لهم أننا لا نبشر أحدًا منهم واكتفينا بالخضوع والخنوع وانشغلنا بمشاكل مذاهبنا وانتخاباتنا، ولم نفكر يومًا كشعب أو قادة أن نتحرك للعمل المسيحي والمرسلي فى مصر وفقًا لخطة مدروسة معلنة من قبل المولى، تبارك اسمه، وتسامحنا مع شعبنا وخدامنا وحتى بعض قسوسنا عندما اختلطوا بالكنيسة الأرثوذكسية، فدخلت التعاليم الأرثوذكسية إلى كنيستنا الإنجيلية واختلط الحابل بالنابل، وظننا أننا نتصرف بطريقة مسيحية لإظهار المحبة لهم ولم نقتنع أن النمر لا يغير رقطه والكوشي لا يغير لون جلده إن لم يغيره القادر على كل شئ، ليت الكنيسة الإنجيلية على اختلاف طوائفها، أن تتعلم الدرس وتعلم أن محاربتنا ليست مع لحم ودم بل مع الرؤساء والسلاطين وقوات الشر الروحية فى السماويات، وأن جسورنا أيضًا لا يجب أن تمتد مع اللحم والدم، بل مع الله ومع كلمته السيد الرب يسوع المسيح، ليت الكنيسة الإنجيلية أن تتعلم أنه لن يشفع لكم عند الرتب الكنسية الأرثوذكسية، إن قلتم على الضوء الذي كان يتحرك فوق كنيسة الوراق إنه أحد ظهورات العذراء مريم، وإن ناديتم الأساقفة بلقب سيدنا الذي نهاهم المسيح نفسه عن قبوله من الناس، أو إن قلتم للقسوس نقبل الأيادي يا قدس أبونا، أو أن أذعتم القداسات وصلوات الإجبية وسمحتم بذكر الشفاعات من على منابركم وفضائياتكم المسيحية التي يمتلكها الإنجيليون، ولن يغير مجلس الكنائس المصرى الموحد، ولن تغير اللقاءات والمؤتمرات والندوات والزيارات المتبادلة بينكم وبين الأرثوذكس من نظرتهم لكم كذئاب خاطفة، ولن يغيرهم ويغيركم إلا روح الله وهو القادر الوحيد على تحريركم جميعًا من روح الغي والتدين والانقسام. وإنني أطالب رئيس الكنيسة الأرثوذكسية أن يقدم اعتذارًا رسميًا مكتوبًا للشعب الإنجيلي المصرى وأن يتخذ من الإجراءات المعلنة ما يمنع من على شاكلة أسقف المقطم من تكرار ما حدث، كما أطالبه بسرعة اتخاذ قرارات حاسمة وعملية ورادعة لإنهاء حالة الحرب الباردة بين الكنيسة الأرثوذكسية والكنيسة الإنجيلية فى مصر، والتى يعرفها جيدًا كل مسيحي مصرى على اختلاف طائفته، وأن يدرك أن الشعب الإنجيلي لن يعود ليدور في فلك الكنيسة الأرثوذكسية فيما بعد، وإن الشباب المسيحي الإنجيلي المكرس لخدمة السيد لا يمكنه أن يكف عن تقديم المسيح يسوع كالمخلص الوحيد للشباب الأرثوذكسي الذي لم يختبر معظمه خلاص المسيح الحي فقط بالإيمان به، تبارك اسمه، حتى ولو كره المطارنة والأساقفة، فالمولودون ثانية ليس بمشيئة جسد أو مشيئة رجل أو عمل معمودية من الماء لا تغسل إلا أوساخ الجسد فقط لا يمكنهم أن يكفوا عن التبشير باسمه ربًا وسيدًا ومخلصًا. اللهم اهد كنيستك إلى الحق المبين، واغفر إثم آبائنا وكهنتنا وقسوسنا وأساقفتنا يا رب العالمين، واهدنا جميعًا إلى ما فيه خير بيعتك يا أرحم الراحمين، وعلمنا الحب والمغفرة والرحمة وابعد عنا الضالين، واكشف عن عيوننا فنرى حقك الغالي الثمين، ووحد قلوبنا، وأصلح عقولنا، وتوفنا مع أحبائك المقربين. آمين.