ما أكثر الغموض الذي يحيط بعالم الأرواح الذي نعيش فيه، وما أقل الذين يجهدون أنفسهم في فهمه والتعامل معه، وما أكثر اختلاف الآراء والنظريات حوله: فمنهم من ينكر تماماً أن هناك عالماً للأرواح، وبما أنه غير منظور بالعين المجردة فهم لا يرونه ويفتخرون أنهم لا يؤمنون به ويسمونه عالم الغيبيات غير المنظورة. ومنهم من يرى أن الأرواح موجودة بل وتطاردهم في قيامهم وجلوسهم وتريد النيل منهم والفتك بهم فيعيشون حياتهم في رعب وحرب مع أرواح شريرة في عالم الروح. ومع أنني لست من المهووسين بالأرواح، شريرة كانت أم خيرة، ولا أتطلع في كل ركن في عالمي لأبحث عنهم، إلا أنني أؤمن أن عالم الأرواح عالم حقيقي موجود ويضم أرواح البشر، أرواح الشياطين، أرواح الملائكة وأيضاً الروح القدس روح المولى تبارك اسمه. أما إيماني فمبني على تنزيل الحكيم العليم أننا في عالم روحي وأن مصارعتنا ليست مع لحم ودم ولكن مع الرياسات والسلاطين وقوات الشر الروحية (ولكنها أرواح) في السماويات. وأنا أؤمن أننا لن نستطيع أن ندرك حقيقة ما يواجهنا ويمر بنا من مواقف ومشاكل ومصاعب وتجارب إلا إذا فهمنا حقيقة هذا العالم غير المنظور وطبيعته وكيفية التعامل معه. وفي مقالات سابقة تناولت الحديث عن روح الخوف وروح الإرهاب وهي أرواح شريرة تسيطر على بني البشر فتحول حياتهم إلى جحيم وعالمهم إلى سجن كبير يتصارع فيه الكل. لكنني أرى أن أسوأ الأرواح بل أكثرها عنفاً وضراوة هو “روح ضد المسيح” وتعبير روح ضد المسيح لست أنا مخترعه وليس من بنات أفكاري بل ورد هذا التعبير بالنص في كتاب الله العزيز على فم تلميذ المسيح الحبيب يوحنا، يقول تنزيل الحكيم العليم: “كل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من الله وهذا روح ضد المسيح الذي سمعتم أنه يأتي والآن هو في العالم”.
ويعلمنا الكتاب المقدس أيضاً أنه لابد لنا من أن نمتحن الأرواح لنعرف من منها من عند الله ومن منها من عند غير الله فيقول “امتحنوا الأرواح هل هي من الله؟” والمسيحية تشجع تابعيها بأن يبحثوا في عالم الأرواح، والكتاب العزيز يشرح لنا ويحدثنا كثيراً عن الأرواح وكيف تعمل في الأرض والسماء. فالبحث ليس كفراً ولا ذنباً نحتاج أن نكفر عنه بحسناتنا، إن كانت الحسنات تذهبن السيئات، فهناك أرواح من عند الله كما ذكرت كروح القوة والمحبة والنصح، روح الحكمة والإعلان في معرفة المولى تبارك اسمه، روح الفهم والمعرفة، أما الأرواح التي من عند غير الله هي روح الكذب والكراهية والفشل والجهل والتعصب والإرهاب والخوف وعدم الفهم والمعرفة، وكلها من أتباع الوسواس الخناس الذي يملك مملكة الشر اللعينة والتي على رأسها “روح ضد المسيح”.
فمن هو روح ضد المسيح وما هي صفاته وكيف يعمل في أبناء المعصية وما هي نهايته.
أما روح ضد المسيح فهو روح شرير له مكانة كبيرة في عالم الأرواح، له جنود وقوات طوع أمره، وله خطط وطرق عديدة لمقاومة روح المسيح، الروح القدس تبارك اسمه، فهو كالرئيس الذي يحرك كثيراً من الأرواح الشريرة الأخرى كروح الإرهاب وروح التدين وروح الخوف وروح الكذب وروح الغي، وهو يسيطر عليها ويوجهها لفعل كل ما يمنع البشر من الاتصال بالمولى تبارك اسمه والبقاء في قبضة هذا الروح الشرير، روح ضد المسيح.
ودراسة روح ضد المسيح في غاية الأهمية لفهم كثير من الظواهر التي تحدث حولنا وليس لها تفسير في عالم المنظور. فلماذا تخاف الحكومات والشعوب والمؤسسات من الكنيسة الحقيقية وتضطهد المؤمنين الحقيقيين بالمسيح تبارك اسمه بالرغم من أنك لن تجد أكثر من أتباع المسيح تواضعاً وشفقة وعطفاً ومحبة وبذلاً وتضحية، ليس لأحبائهم فقط بل لأعدائهم أيضاً، حتى قيل لتجدن أشد الناس مودة للذين آمنوا، والذين آمنوا هنا تعني عادوا المسيحيين وسلبوا أرضهم وأجبروهم على دفع الجزية وهم صاغرون، الذين قالوا إنا نصارى لأن منهم قسيسين ورهباناً وهم لا يستكبرون.
لماذا تمنع الحكومات والرياسات الكتاب المقدس من الانتشار في كثير من البلاد وهو الكتاب الذي فيه هدى للناس ورحمة وهو ما أنزل على موسى وعيسى والنبيين، لماذا يتهم الوسواس الخناس الكتاب المقدس بالتخريف والعبث وهو الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه، لماذا يغلقون الكنائس المفتوحة ويمنعون فتح الكنائس الجديدة وهي بيوت الله في الأرض التي تهذب البشر وتقودهم في طريق الحق والسلام، ويبقون على ما تهدم منها متهدماً فلا يستعمله المصلون.
في إحدى زياراتي لمدينة المنيا بالصعيد رأيت دورة مياه في كنيسة عريقة وقد تهدمت وكانت مليئة بالحجارة والتراب، فسألت القسيس في بساطة لماذا تركتم دورة المياه هذه لتتهدم وتصبح في هذه الحالة المزرية، هل لديكم بديل آخر لدورة المياه هذه ورحت أتحسس جيبي لإخراج ما يكفي من نقود لإعادة بناء دورة المياه المتهدمة وإذا القسيس يمسك بيدي ويقول وفر فلوسك ليس لدينا غير دورة المياه هذه وهي تخدم 200 شخص في صباحات الآحاد. قلت: وماذا يفعل الأعضاء حين الاحتياج لقضاء حاجتهم؟ قال القسيس وقد بدا الأسى على وجهه يذهبون راجعين إلى بيوتهم وبعضهم من مرضى السكر قد قرروا البقاء في البيت وعدم المجيء للكنيسة نظراً لأنهم يحتاجون دورة المياه أكثر من غيرهم. قلت: لكنك لم تقل لي لماذا أهملتم دورة المياه حتى تؤثر على عدد المصلين بالكنيسة. قال القسيس: لم نهملها لكن المشكلة أننا قررنا أن نعتني بها ونصلح ما تهدم منها، لكننا فوجئنا بمأمور المركز يأتي وبصحبته بلدوزر ثقيل وهدم دورة المياه كما تراها وقال القسيس حضرة المأمور قال لي لو كنت راجل ابنيها، وغادر، ونحن نعيش على أمل إصلاحها. انعقد لساني وسألت نفسي ما هو الضرر من إصلاح دورة مياه متهدمة في كنيسة؟ حاولت أن اقدر حجم الحقد والكراهية والعداوة التي يكنها مأمور المركز لهذه الجماعة المصلية، قلت لنفسي لا، لا يمكن لإنسان طبيعي أن يعمل أو يفكر هكذا، لا يمكن له أن يحمل كل هذا الحقد والكراهية، لابد من أن هناك قوة خفية عارمة دفعت هذا الإنسان وبدلت طبيعته التي خلقها المولى تبارك اسمه إلى طبيعة الوحوش الكاسرة التي لا ترحم رجلاً، امرأة، شيخاً أو طفلاً، ولا تحترم المسيحيين أصحاب الأرض الحقيقيين الأصليين، لابد أن هناك روح البغضة والانتقام تلك التي قادت البلدوزر لهدم دورة مياه الكنيسة. وتبددت حيرتي وتعجبي عندما جاءني الصوت، هو روح ضد المسيح، الأمر ليس متعلقاً بدورة مياه كنيسة فهذه هي أعراض المرض وليست أصل المرض، الأمر أعمق من ذلك، الأمر متعلق بالمعركة الروحية في السماويات بين روح الحق تبارك وتعالى وروح الضلال الذي هو ” روح ضد المسيح”.
وعلى نفس المنوال أخذت أفكر، ترى ما الذي دفع بن لادن وجماعته لهدم برجي التجارة في نيويورك، هل كان يظن أنه سيهزم أمريكا ويجعلها تترك تأييدها لإسرائيل وتخاف المسلمين وتقرر أن تنسحب من الشرق الأوسط. هل كان بن لادن يدرك أن هدم هذه الأبراج سيهدم النظام القائم في أفغانستان ويدمر العراق ويفتح الباب للتقاتل بين الشيعة والسنة في بلاد الرافدين وسيفتح المجال للتبشير بإنجيل المسيح في هذه البلاد لرجوع الآلاف من أتباعه للمسيح تبارك اسمه وسيحكم عليه ورجاله أن يعيشوا كالخفافيش في المغاير والكهوف.
هل كان بن لادن يدرك أن ما فعله لن يغلق الباب في وجه الأمريكان الكفار على حد تعبيره بل سيفتح الباب لتبنى الكنائس أكثر وتوزع ملايين من نسخ الكتاب العزيز، الذي يتهمه ومن على شاكلته بالتحريف، في أراضي ظلت لعقود كثيرة موصدة في وجه الكتاب الكريم. فلو كان بن لادن وجماعته يعلمون ذلك، وأظنهم لا يعلمون، فإنه يستحق أن يحاكمه المسلمون في كل بلاد العالم كخائن للدين ولابد أن يطاردوه أينما حل وأينما ذهب فهو في الآخرة والدنيا من الخاسرين. وإن كان لا يعلم، مع أن الأمر لا يحتاج لعبقري فذ ليعلمه، فإنه وجماعته يستحق أيضاً المحاكمة لأنه جر الإسلام والمسلمين وراءه إلى متاهة لا يعلم نهايتها إلا المولى القدير تبارك اسمه. أليس هذا عين ما يفعله “حزب الله” اليوم في لبنان، هل ظن قادة حزب الله أن إسرائيل ستقف صامتة، خانعة لا حول لها ولا قوة أمام خطف اثنين من جنودها، ألا يعلم أن إسرائيل، تلك المكروهة من الغالبية العظمى من العالم، تحترم رجالها وتقدرهم كأغلى ما تملك وأنها على استعداد أن تبيد كل العرب (إن استطاعت) مقابل رجل واحد من رجالها. ما الذي يجعل هؤلاء القادة والرجال الذين خلقهم المولى تبارك اسمه ليستمتعوا بما وهبهم إياه أن يتخذوا مثل هذه القرارات الغبية التي تجلب الصراع والحرب والدمار عليهم وعلينا وعلى البشر أجمعين.
والجواب: لابد أن هناك قوة خفية تدفع هؤلاء البشر للإرهاب والحرب والدمار، قوة تتستر خلف الدين، روح يستغل الاختلاف في الدين ليهجم على الآخر ويدمره. وحيث أن هذا الروح الشرير يقاوم كل ما يدعى مسيحي أو يهودي، كل ما له علاقة بروح المسيح، فهو لا يتورع أن يستخدم هؤلاء البشر المغيبين للهجوم على غيرهم وسيستخدم غيرهم للرد عليهم، وفى النهاية فهذا الروح الشرير كان منذ البدء قتالاً للناس فهو يعلم أن روح المسيح هو روح المحبة والصفح والعفو والغفران والسلام وحقن الدماء، وبالتالي فإن روح ضد المسيح يستخدم الكراهية والإدانة وعدم الصفح والغفران وزعزعة الأمن والسلام في العالم وأيضاً سفك الدماء كلما استطاع لذلك سبيلاً. وهو يعلم أن روح المحبة إذا دخلت إلى قلوب هؤلاء القادة لأصبحوا كالحملان ولعلموا أن السيد المسيح هو الحق والحياة والطريق الوحيد إلى الله ولكفوا المؤمنين شر القتال. لذلك فهو يعمل بكل قوته أن يملأ قلوبهم بالكراهية والقتل ويقنعهم أنهم يدافعون عن دين الله في الأرض وأن العالم كله سيخضع لهم ويؤمن بإيمانهم ويتبرك بأوليائهم وأن المولى سيكافئهم على قتلهم وإرهابهم للمسيحيين الكفار واليهود الأشرار ولهم النعيم ولنا ولأولادنا السعير والنار.
لقد بحثت عن صفات هذا الروح البغيض روح ضد المسيح فوجدتها:-
أولاً أنه “أي روح ضد المسيح” لا يؤمن ولا يعترف بأن السيد المسيح يسوع تبارك اسمه قد جاء في الجسد. والتعبير الكتابي (جاء في الجسد) يفيد بأنه كان موجوداً قبل أن يتخذ جسداً ويحل بيننا. ومن ذا الكائن، الذي كان، قبل أن يأتي إلى الأرض في صورة إنسان؟ فهذا وصف لا ينطبق إلا على من قال عن نفسه قبل أن يكون إبراهيم (أبو الآباء) أنا كائن. ويقول تنزيل الحكيم العليم “كل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه جاء في الجسد فليس من الله”.
ومع أن “روح ضد المسيح” يعلم ما هو المعنى الحقيقي لعبارة “ابن الله” الواردة في الكتاب العزيز في وصف السيد المسيح تبارك اسمه وأن المقصود منها ليس ابناً بالتناسل أو الجسد بل هي عبارة تدل عن تجسد المولى تبارك اسمه في المسيح له المجد، إلا أنه يصر على تشويه هذه الحقيقة في أذهان الغالبية العظمى بما فيهم المسيحيون الاسميون الذين هم ليسوا بحق مسيحيين، لذا فتنزيل الحكيم يرى أن كل من يقول إن المسيح يسوع تبارك اسمه ليس هو ابن الله، فهذا هو من “روح ضد المسيح” الذي لا يؤمن بالأب ولا الابن وينكر الأب والابن، ويقرر الكتاب الكريم أن كل من ينكر الابن (السيد المسيح) فليس له الأب (الله تبارك اسمه) وكل من له الابن فله الأب. أي أن كل من يؤمن أن السيد المسيح (الابن) هو تعين الله وظهور الله في جسد إنسان فهذا له الله ويعرف الله. وكل من لا يؤمن بهذه الحقيقة فهذا لا يعرف الله وليس له الله حتى لو كان اسمه عبد المسيح أو عبد الله.
ثانياً: “روح ضد المسيح” ينكر صليب المسيح. فلعلمه أن ما عمله السيد المسيح تبارك اسمه على الصليب من فداء وخلاص للبشرية هو أهم ما يمكن أن يقدم للبشر الساقطين المنحدرين لجهنم النار وبئس المصير، وفي طريق محاولته لإضلال الناس عن الطريق الوحيد للسماء، فإنه يصر على إنكار حادثة الصلب ويمحو من أذهان الناس نتائج معركة الصليب. فتارة يقول أن المسيح لم يصلب ولكن رفعه الله إليه، وتارة يقول أنه صلب وأنزل عن الصليب حياً فبعثت فيه الحياة من جديد، وتارة يقول أن يهوذا الإسخريوطي هو الذي صلب، وتارة يقول أن أحد حواريي المسيح اشترى منه الجنة بالصليب، وتارة يقول أن المسيح كان خاطئاً مثل بقية الناس لأنه بشر فهو لا يصلح للصليب والفداء، وتارة يلفت أنظار الناس المغيبين إلى إنجيل يهوذا وتارة أخرى كذبة دافنشي كود. وهو بذلك يحاول قصارى جهده أن ينال من حقيقة صلب المسيح. والحقيقة يا بني البشر أن روح المسيح تبارك اسمه لا يهمه في كثير أو قليل أن يؤمن الناس ويعترفوا أنه صلب أم لا، مع أنه لا يشاء أن يهلك أحداً بل أن يقبل الجميع إلى التوبة، فهو عمل ما كان لابد له أن يعمله وهو أن يصلب المسيح، فإن قبل الإنسان هذه الحقيقة كسب نفسه وربح النعيم الأبدي وأفلت من عذاب القبر والنار، ومن رفضها فقد حكم على نفسه بالخسارة إلى يوم الدين حيث سيرى أن نفس هذا المصلوب الذي أنكره في حياته هو الشخص الذي سيجلس على عرشه الأبيض العظيم ليدين الأحياء والأموات، ولن يفيده هو وأمثاله أن يقولوا للجبال اسقطي علينا ولا للآكام غطينا من وجه الجالس على العرش لأنه قد جاء يوم غضبه العظيم ومن يستطيع الوقوف.
ثالثاً: “روح ضد المسيح” يهيج مسيحيين على مسيحيين، طوائف ومللاً ونحلاً تتصارع كل ضد الآخر، كل يدعى أنه سليل الرسل والأنبياء، فهؤلاء من تسلموا رسالتهم من مرقس الرسول، وأولئك من تسلموها من بطرس الرسول، وذلكم من فتح الله عيونهم على الحقيقة في عصر الإصلاح وصحوة الإنجيليين، ومازلنا في مسلسل قيام طوائف وبطاركة وأساقفة وقسوس جدد يدخلون الساحة ليزيدوا الطينة بلة، مدفوعين “بروح ضد المسيح” للدفاع عن دين المسيح!! ولإصلاح ما أفسده الآخرون في كنيسة المسيح!! ويلعب “روح ضد المسيح” بحكمة في السياسيين وأولى الأمر منا، فهم ولا شك يشجعون أي طائفة أو حركة جديدة يمكن أن تزيد الصراع والتوتر بين المسيحيين وبعضهم، أما في المؤتمرات الصحفية وأمام الكاميرات التلفزيونية فهم أهل الديمقراطية الذين لا يتدخلون في مسائل المسيحيين الشخصية، فهم يمنحون المسيحيين حق حكم أنفسهم بأنفسهم وحل مشاكلهم مع بعضهم البعض، فهذه قمة نظرية الديمقراطية التي تتمتع بها بلادنا العربية فقط عندما يحدث انشقاق بين صفوف المسيحيين ويقف “روح ضد المسيح” متفرجاً مشجعاً كل فريق ضد الآخر، لأنه يعلم أن صلاة السيد المسيح تبارك اسمه للمولى عز وجل في يوحنا 17 كانت “ليكونوا هم واحداً فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتني”. فسياسة “روح ضد المسيح” ليكونوا هم طوائف ونحلاً ومللاً متفرقة متصارعة لئلا يعلم العالم أن المسيح يسوع تبارك اسمه قد أرسل إلى العالم ليخلص الخطاة ويفدي الأثمة، لئلا يرجع الناس إليه ويتوبوا له فيرحمهم ويدخلهم نعيمه الأبدي فيصبح “روح ضد المسيح، من الخاسرين. وهو يحاول أن يشوه صورة المسيح تبارك اسمه باستخدام أتباع المسيح، وباستخدام من أطلقوا على أنفسهم أسماء مسيحية والمسيحية منهم براء.
رابعاً: “روح ضد المسيح” يقاوم كل نشاط يؤدي للتعرف على شخص السيد المسيح ويحاول أن يغتال كل من ينشر رسالة المسيح، فنشر رسالة المسيح جريمة يعاقب عليها القانون في معظم البلدان العربية. واغتيال رسل المسيح الحاليين على الأرض يتم إما بلصق التهم بهم لتبديد سمعتهم وإما بإيقاعهم في خطايا تحطم شهادتهم ونشاطهم، وإما بتصفيتهم جسدياً ووضعهم في غياهب السجون والمعتقلات، وإما بتهديدهم بخطف أولادهم وعائلاتهم فيجبرونهم على السفر للخارج، المهم أن يخرس كل لسان، وينتهي كل نشاط، وتبرد كل كنيسة نشطة وينسى الناس أن السيد المسيح رسول الحق والسلام للبشرية جمعاء الذي ليس بغيره الخلاص.
خامساً: “روح ضد المسيح” لا يعرف المحبة على الإطلاق، فالمحبة ليست في قاموسه وليست من طباعه وخصاله. هو خبير في إرهاب الناس وملء قلوبهم بالحقد والكراهية، يستطيع أن يقلد كل ما يعمله روح المسيح تبارك اسمه، لكنه لا يستطيع أن يقلد محبة المسيح لأنها ليست في تكوينه. ولعل روح المحبة هي التي يمكننا بها أن نحدد وبسهولة من هم من “روح ضد المسيح” ومن هم من “روح المسيح” ولعل هذا هو أهم سؤال يسأله المرء لنفسه ليعلم هل هو يعرف الله سبحانه وتعالى أنه مليء بروح ضد المسيح، روح الوسواس الخناس، والسؤال هو هل تحب أخاك وجارك بغض النظر عن دينه ولونه وخلفيته، وهل تحبه كنفسك، هل يمكن أن تتخذ من مسيحي أو مسلم صديقاً أو حبيباً لك. إن كانت إجابتك لا، إذن فأنت من أتباع روح ضد المسيح وأنت ولا شك من الخاسرين. وإن كانت نعم فأنت من أنصار روح المسيح، روح المولى تبارك وتعالى فالله محبة.
ويرى البعض أن ما يحدث الآن في العالم من حولنا يشير إلى أن “روح ضد المسيح” هو السائد، هو الغالب وهو المتحكم في مملكة الناس، فأين المحبة والعفو والغفران والسلام الذي يتحدث عنه المسيحيون، فنحن في عالم الإرهاب والاغتصاب والاحتلال وتصنيع الأسلحة النووية الفتاكة. فما رأي الكتاب المقدس في هذه المعادلة أو هذا اللغز. وللإجابة أقول إن كتاب الكتب الكتاب المقدس الكريم، سبق فأنبأنا بهذه الأيام السوداء التي نعيش فيها والتي يقول عنها إنها ستزداد سوءاً وسواداً إلى أن تشرق شمس البر (شخص المسيح تبارك اسمه) والشفاء (لكل صراعات العالم وأمراضه) في أجنحتها.
فيرى رسول المولى تبارك اسمه يوحنا الحبيب أن “روح ضد المسيح” موجود في العالم وأنه في نهاية الأيام سيصنع حرباً مع القديسين (المؤمنين بشخص السيد المسيح تبارك اسمه) وأيضاً أن الله تبارك اسمه سيسمح لهذا الروح الشرير أن يغلب القديسين. وأن هذا الروح سيعمل معجزات خارقة للطبيعة ليضل الساكنين على الأرض ويحول أنظارهم عن صاحب وصانع المعجزات الحقيقي شخص الرب يسوع المسيح، وسيعمل روح الضلال في العالم بقوة تزداد يوماً بعد يوم. فما يحدث الآن في العالم من نشر للضلال والأكاذيب وأعمال روح ضد المسيح كان منذ البدء معروفاً للعليم بكل شيء، وهو في حكمته ووفقاً لخطته تبارك اسمه يبدو وكأنه صامت هادئ أو كجبار لا يستطيع أن يخلص وكمسافر غريب يميل ليبيت، ولا يكترث بما يحدث في العالم، وما يحدث لأتباعه من اضطهاد وضيق وهزيمة أمام “روح ضد المسيح”. لكن هيهات فنهاية عمل “روح ضد المسيح” في الأرض قد اقتربت، وهو عالم أن له زماناً يسيراً. أما نهاية “روح ضد المسيح” فستكون هكذا كما أنبأ بها الكتاب العزيز الحكيم:
أولاً: سيسجد للسيد المسيح تبارك اسمه كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض (الأحياء) ومن تحت الأرض (الأموات من البشر، وأرواح الشياطين) وسيعترف كل لسان (شاء أم أبى) أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله.
فلن يعطي المولى للناس أو الملائكة أو الشياطين أن يختاروا حق أن يسجدوا أو لا يسجدوا للسيد المسيح فيما بعد، لا. هذا الحق ممنوح لهم الآن في حياتهم على الأرض أما في ذلك اليوم فسيسجد له الكل، الملوك، الرسل، الأنبياء، القادة، الرؤساء، الزعماء، الفقراء، الأغنياء، العظماء، الأدنياء، الكل، كل من خلق منذ آدم وحتى اليوم الأخير سيسجدون له وسيعترفون شاءوا أم أبوا أنه المسيح يسوع سيد كل الأرض والمتسلط في مملكة الناس، ملك الملوك، ورب الأرباب، البداية والنهاية، مالك يوم الدين، الرحمن الرحيم.
ثانياً: سيقبض السيد المسيح تبارك اسمه على “روح ضد المسيح” ويفتتح به نشاط البحيرة المتقدة بالنار والكبريت، ليظل بها إلى أبد الآبدين وستهتف الأرض والساكنون عليها المجد والكرامة والغنى والعظمة والسلطان والقوة والقدرة والجبروت والجلال للجالس على العرش، الله الأب تبارك اسمه وللخروف (الرب يسوع المسيح) تبارك اسمه.
فيا شعب المسيح، يا من يسكن بكم روح المسيح روح المحبة، الفرح، السلام… لا تظنوا أنكم متروكون ومهملون، فأنتم ليس العالم مستحقاً لكم، وإن وليكم حي إلى أبد الآبدين وهو يعلم ما تعانونه وتقاسونه على الأرض، لكنه أعد لكم في السموات بناء غير مصنوع بيد، هو عالم بكل شيء، متسلط في مملكة الناس، وسيأتيكم عن قريب على السحاب فترونه وتفرح قلوبكم. ويا أتباع المسيح ارفضوا كل تدخل “لروح ضد المسيح” في بيوتكم وكنائسكم وطوائفكم وعائلاتكم، ولا تتأثروا بما حولكم فمن يصبر إلى المنتهى فذلك يخلص، واعملوا كما علمنا المسيح سيدنا بأن تحبوا أعدائكم وتباركوا لاعنيكم، وارفعوا رؤوسكم فإن نجاتكم تقترب “فإن كان أحد يجمع سبياً فإلي السبي يذهب وإن كان أحد يقتل بالسيف فينبغي أن يقتل بالسيف هنا صبر القديسين وإيمانهم” اقرءوا هذه الكلمات بأنفسكم في رؤيا يوحنا 13 : 10 واعلموا أن من يمسكم سيمس في حدقة عينه كما علمنا كتابنا الكريم، وصلوا كي لا تدخلوا في تجربة، صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم حتى تكونوا أبناء أبيكم السماوي. وإلى اللقاء.