دعوة للحوار مع الله..!!

3

الدكتور القس ﭽورﭺ شاكر

نائب رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر

تسطر ريشة الوحي المقدس في (إشعياء1: 18-20) دعوة للحوار مع الله فمكتوب: “هلم نتحاجج، يقول الرب. إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج. إن كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف. إن شئتم وسمعتم تأكلون خير الأرض. وإن أبيتم وتمردتم تؤكلون بالسيف. لأن فم الرب تكلم”.

والدارس المدقق في كلمة الله يجد في الأصحاح الأول من سفر إشعياء أن عدسة الوحي المقدس ترصد عدة صور للخطية وهي كالتالي:

الصورة الأولى: صورة الابن العاصي

(إش1: 2) فمكتوب «ربيت بنين ونشأتهم، أما هم فعصوا عليّ» هذه الآية تصور الخطية إنها عصيان الله وعدم تنفيذ وصاياه، كيف لا ألم تكن خطية آدم هي عدم طاعته للوصية الإلهية، وعصيانه للرب؟!

والدارس للشريعة الموسوية يجد أن عقوبة الابن العاصي المتمرد تصل لدرجة الموت كما تنص الشريعة «إذا كان لرجل ابن معاند ومارد لا يسمع لقول أبيه ولا لقول أمه، ويؤدبانه فلا يسمع لهما. يمسكه أبوه وأمه ويأتيان به إلى شيوخ مدينته وإلى باب مكانه، ويقولان لشيوخ مدينته: ابننا هذا معاند ومارد لا يسمع لقولنا، وهو مسرف وسكير. فيرجمه جميع رجال مدينته بحجارة حتى يموت. فتنزع الشر من بينكم، ويسمع كل إسرائيل ويخافون. (راجع سفر التثنية21: 18-21).

الصورة الثانية: صورة الإنسان الجاهل

  (إش1: 3) فمكتوب الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه، أما إسرائيل فلا يعرف. شعبي لا يفهم». ياه… كم هي بشاعة الخطية التي تصور الخاطئ أجهل من الدواب.

فالخطية جعلت الشعب لا يعرف ولا يفهم ولا يراجع ولا يتأمل معاملات الله معه عبر تاريخه الطويل.

فلقد قال الرب في (هوشع4: 6) “قد هلك شعبي من عدم المعرفة”.

وقال الرب يسوع: «تضلون إذ لا تعرفون الكتب». (مت22: 29) وقال: «وتعرفون الحق، والحق يحرركم». (يو8: 32) وفي (مز14: 1) والدليل على ذلك يقول المرنم «قال الجاهل في قلبه: ليس إله. فسدوا ورجسوا بأفعالهم. ليس من يعمل صلاحا». لكن الرب من السماء أشرف على بني البشر لينظر هل من فاهم طالب الله، فالله يطيل أناته على الخاطئ ليرجع إليه، فهو لا يريد هلاك الخاطئ بل خلاصه، وينتظر الله ليرى هل من فاهم “لنفسه وضعفه وخطيته وواجبه ومصيره، هل من فاهم لمحبة الله .

  ولعل هذا يفسر ما سجله الرسول بولس وهو يكتب قصة تجديده فيقول “وأنا أشكر المسيح يسوع ربنا الذي قواني، أنه حسبني أمينًا، إذ جعلني للخدمة، أنا الذي كنت قبلًا مجدفًا ومضطهدًا ومفتريًا. ولكنني رُحمت، لأني فعلت بجهل في عدم إيمان. وتفاضلت نعمة” (1تي1: 12، 13).

ويكتب في (1كو2: 2) لأني لم أعزم أن أعرف شيئًا بينكم إلا يسوع المسيح وإياه مصلوبًا… لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد”. ولذلك كانت صلاة الرب يسوع على الصليب «يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون» (لو23: 34).

نعم! ما أجمل النصيحة التي فاه بها الرب يسوع في (يو7: 17) إن شاء أحد أن يعمل مشيئته يعرف التعليم.

  الصورة الثالثة: صورة الزوجة الخائنة

في (إش1: 4، 21) “ويل للأمة الخاطئة، الشعب الثقيل الإثم… كيف صارت القرية الأمينة زانية!” صورة قاسية بشعة للخطية يصورها الوحي كالخيانة الزوجية التي تكسر القلب وتجرح المشاعر، وتفقد الثقة والأمان، وتلطخ قدسية العلاقة والشركة.

 هذه الصورة توضح أن الخطية هي الزنى الروحي، ولعل هذا يفسر التجربة المريرة التي مر بها هوشع… لكن الله في غنى نعمته وفيض محبته جعل هوشع يفتش عن زوجته الخائنة، ويعيدها إلى بيته، وإلى محبته هكذا  يبحث الله عنا في شرنا.

 كما كان الراعي يفتش عن الخروف الضال، والمرأة تفتش عن الدرهم المفقود، وينتظر عودتنا كانتظار الآب للابن الضال (لوقا ص 15).

الصورة الرابعة: صورة الجسم المريض

  (إش1: 5، 6) “كل الرأس مريض، وكل القلب سقيم. من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة، بل جرح وأحباط وضربة طرية لم تعصر ولم تعصب ولم تلين بالزيت”.

صورة مرعبة لشخص مريض في المراحل المتأخرة لإصابته ببرص الخطية… حالة ميئوس منها كما يُقال.

إنها الخطية التي تجعل الإنسان كمجنون كورة الجدريين الذي يجرح نفسه (مرقس5: 5، 15).

نعم! ما أبشع مرض الخطية إنها تدمر الإنسان وتتركه بقايا إنسان، لا بل أنها تصل به إلى درجة الموت  ولكن “ألَيس بلسان في جلعاد، أم ليس هناك طبيب؟” (إرميا8: 22).

ما أجمل ما سطره الوحي عن إلهنا الذي يقدر أن يشفي ويخلص إلى التمام فمكتوب “وكل من لمسه شفي” (مز6: 56).

 نعم! لا يستحيل على الرب شيء.

الصورة الخامسة: صورة البلاد الخربة المدمرة

  (إش1: 7- 9) “بلادكم خربة. مدنكم محرقة بالنار. أرضكم تأكلها غرباء”.

نعم! أنها النتيجة الطبيعية والمنطقية للخطية فهي تبدأ بالتمرد والعصيان لتصل إلى دمار الإنسان، فبلا شك هذا النص الكتابي يصف حالة الإنسان الخاطئ الذي يصبح كالأرض الخراب البور التي بلا ثمر، والمكان المهجور المخيف، بعد أن تم نهبه وسلبه من الغرباء.

 آه… عندما يعلن الله عقابه على الشر كما جاء في (حز5: 14) “وأجعلك خرابًا وعارًا بين الأمم التي حواليك أمام عيني كل عابر”.

وفي (مت23: 38) «يا أورشليم، يا أورشليم! هوذا بيتكم يترك لكم خرابًا”.

نستكمل العدد القادم

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا