حزب الظلام ينعقد من جديد… لذا فالمواطنة الكاملة هي الحل في مواجهة طيور الظلام

14

نشأت أبو الخير

قبل بداية العام الدراسي الجديد صدر بيان من وزارة التربية والتعليم لتحديد ملامح الزي المدرسي تم فيه حظر ارتداء النقاب في المدارس والنص على أن الحجاب ليس إجباريًا بل اختياريًا وبموافقة وعلم ولي الأمر، وأن يكون ولي الأمر على علم باختيار ابنته للحجاب وأن اختيارها لذلك تم بناءً على رغبتها دون ضغط أو إجبار من أي شخص أو جهة. ووجهت الوزارة في تعليماتها للمديريات التعليمية التابعة لها بأن يتم التحقق من علم وموافقة ولي الأمر بذلك. وإذ كنا نحيي الوزير التنويري الدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم ونشد على يده ونشد من أزره ونسانده بكل قوة فإنه يجب على المثقفين والتنويريين في المجتمع مساندته بقوة في هذه القضية التي يتعرض بسببها لحرب شعواء من حزب الظلام الملقب بحزب النور وهو أبعد ما يكون عن النور.

ومما أثارني أن يعود حزب الظلام ينعق كالبوم من جديد ويعترض على قرار وزير التربية والتعليم في مصر بحظر ارتداء النقاب ونحن في سنة 2023م باعتبار ذلك مخالفًا للدستور ومرجعيته للشريعة الإسلامية في المادة الثانية. إنها ردة ثقافية واجتماعية للوراء لا علاقة لها بالدين، فهذا الحزب غير الشرعي والمخالف للدستور لا يخجل. أين حمرة الخجل؟ لقد تأسس في غفلة من الزمان أو لعله بتواطؤ من البعض الذين يعملون من خلف الستار، تأسس على أساس ديني والدستور يمنع تأسيس الأحزاب السياسية على أساس ديني أو مرجعية دينية، فهو مخالف للقانون وللدستور الذي هو القانون الأعلى أو الأسمى للقوانين وكان يجب حله منذ زمن، لكنها الموائمات السياسية أو لسبب آخر لا نعرفه.

إن هذا الحزب بأفكاره الظلامية وتعصبه الأعمى لا يقل خطورة عن الإخوان إن لم يكن أكثر منهم خطورة. ألا يخجلون فيحومون حولنا من وقت لآخر كطيور الظلام بأفكارهم الرجعية والسلفية والوهابية التي ترفض الآخر المختلف عقائديًا وتريد أن تمحوا وجوده من المجتمع إن أمكن وتنفر من كلمة تنوير؟

وهذا يقودني إلى ما كتبه صديقي وزميلي الدكتور سامح فوزي في الأهرام بعنوان “المواطنة في مواجهة المشروع الطائفي”: “مع التحديات الاقتصادية واستهداف الدولة، اتجهت أصوات معروفة بانتمائها للإسلام السياسي إلى إحياء المشروع الطائفي الذي توارى عن المشهد العام طوال العقد الماضي، وهو ذات المشروع الذي كان حاضرًا بقوة في تسعينيات القرن الماضي والسنوات العشر الأولى من الألفية الثالثة، وعنوانه الأساسي هو التحريض الطائفي بهدف تقويض دعائم الدولة، ويتمثل في إحداث التوتر الديني والإثارة الطائفية وبث الشائعات بين المسلمين والأقباط، وهو المشروع الذي تكشفت أبعاده بعد 25 يناير 2011.

ففي الوقت الذي تطلع فيه المصريون إلى دولة مدنية ديمقراطية حديثة، تصاعدت الأصوات الداعية إلى تقسيم المجتمع على أساس ديني وممارسة الاستعلاء في مواجهة المختلفين بما في ذلك المسلمون الذين لا يوافقون الإسلام السياسي في غاياته واتجاهاته وما شاهدناه في العام الذي تولى فيه الإخوان المسلمون الحكم وما أعقب ذلك في أغسطس 2013 من حرق وتدمير نحو 90 كنيسة ومبنى كنسيًا. وهناك الآن مَنْ يريد إحياء المشروع الطائفي بكل أبعاده، والأمثلة كثيرة على ذلك. هناك منابر إلكترونية تحرض على المسيحيين وتستغل حالات التحول الديني الفردية والمتناثرة في نشر الكراهية والاحتقان والمساجلات العقائدية وتأليب المسلمين على شركائهم في المواطنة من الأقباط وبث الشائعات والروايات المكذوبة والافتئات على المؤسسات والرموز الدينية. ومما لاشك فيه أن المشروع الطائفي مهما ارتدى مسوح الديمقراطية هو في أعماقه يروج لثقافة العنف والتعصب والكراهية في المجتمع.” انتهى الاقتباس.

ومما يزيد من ذلك ظاهرة اختفاء الفتيات والسيدات القبطيات في ظروف غامضة أو حتى خطفهن، ومن حين لآخر نسمع عن حالة اختفاء فتاة قبطية، ولاحظ أن ذلك لا يحدث إلا للفتيات والسيدات بالذات والقبطيات بنفس الذات وما تعانيه أسرهن مما يهدد السلام الاجتماعي، لذا طالبنا وما زلنا نطالب بتدعيم المواطنة والمواطنة الكاملة في مواجهة المشروع الطائفي البغيض من خلال المواطنة الكاملة وإقرار الحقوق والواجبات الكاملة والمتساوية ونشر ثقافة التنوير والتطلع إلى الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة المعاصرة والتي تأخذ بأساليب العلم والتقدم في مواجهة مشروع الطائفية.

 

وقفات في محطات

رحل عن عالمنا أحد أبطال الإيمان في زماننا رجل قل أن يجود الزمان بمثله، رجل من الزمن الجميل، رجل ملائكي يحمل قلب وفكر قديس فارس نبيل في مهنته التي امتهنها، فهو الطبيب الإنسان الذي يقدس مهنة الطب كرسالة إنسانية سامية، وليس كبعض أطباء الزمن الأغبر الذين تكون بالنسبة لهم تجارة. رحل رجل المنبر المفوَّه بكلمة الله مفسرًا كلمة الحق باستقامة شاهد عليها منبر كنيسة قصر الدوبارة وغيره من المنابر. كان رجل الله بحق يجول يصنع خيرًا كسيده. وقد كان والده الدكتور القس إبراهيم سعيد رئيس الطائفة الإنجيلية الأسبق هو مَنْ شيد هذا الصرح الكنسي العملاق في قلب القاهرة المعروف بكنيسة قصر الدوبارة. رحل عن عالمنا إلى المكان الأفضل العالم الجليل الأستاذ الدكتور الشيخ مفيد إبراهيم سعيد أستاذ الجراحة ورئيس أقسام الجراحة بكلية الطب جامعة القاهرة (القصر العيني) وأمير المنبر في قصر الدوبارة. عزاءً لأسرته ومحبيه وتلاميذه وعارفي فضلة وكنيسته. شيخنا الوقور مفيد إبراهيم سعيد، سلامًا لروحك، ارقد بسلام.

 

 

 

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا