حديث مع ڤيروس كورونا

7

العدد 176 الصادر في مايو 2020

حديث مع ڤيروس كورونا

كعادتي، في كل مرة تقع فيها أحداث جسام، سواء مع بشر أم مخلوقات أو حتى مصنوعات أخرى، أشعر بمسؤولية ثقيلة على أكتافي أن أقوم بإجراء حديث صحفي مع من وقعت عليه الأحداث شخصيًا، ولا أكتفي بما أسمع أو أقرأ عن هذا الحدث أو ذاك، وهذا ما جعلني أجرى أحاديث سابقة كانت عناوينها ومضامينها وأهدافها هي التعرف على أبعاد كل مشكلة أو حدث أو فاجعة من منبعها، كما أسمع وجهات نظر أصحاب المشكلة في تفاصيلها وطرق حلها والخروج منها، إن كانت هناك طرق تؤدي إلى ذلك، وكتابة ما توصلت إليه في جريدتنا (الطريق والحق).

تذكرت أنني أجريت وكتبت “حديث مع المدرعة المسروقة”، تلك المدرعة التي دهست الأقباط الذين تظاهروا أمام مبنى ماسبيرو في مصر. وحديث آخر بعنوان: “حديث مع خنزير هارب”، يوم قامت الحكومة المصرية بإعدام كل الخنازير الموجودة في مصر بحجة وقاية البلاد من ما عرف بإنفلونزا الخنازير. أما آخر المقالات التي كتبتها في مثل هذه الظروف كانت بعنوان: “حديث مع الحمار المخطط”، ذلك الحمار الذي قيل إنه في الأصل كان حمارًا عاديًا، ليس حمارًا وحشيًا، قامت حديقة حيوان الجيزة بمصر بتخطيطه بخطوط سوداء حتى يوهموا زائري الحديقة بأنه حمار مخطط.

أما في هذه الفترة العصيبة التي يمر بها العالم أجمع بسبب ڤيروس كورونا، رأيت لزامًا علىّ أن أقابله وجهًا لوجه وأن أجري معه هذا الحديث التالي. وكما هي عادتي، سألت نفسي ذات السؤال الذي سألته لها في كل مرة عزمت أن أجري حديثًا مع جماد أو حيوان أو طير، ألا وهو: كيف يمكنني أن أجري حديثًا مع فيروس؟، فالفيروس لا يتكلم ولا يفهم ولا يستطيع أن يجيب أسئلتي، فأجابتني نفسي بذات الإجابة التي أجابتني بها في كل مرة سألتها السؤال السابق، أجابتني بما نصح به أليفاز التيماني، أحد أصحاب أيوب الصديق، الذي نصحه في بلواه، نصيحته الواردة في سفر أيوب والأصحاح الثاني عشر والعدد السابع والثامن والتاسع قائلاً:  “فاسأل البهائم فتعلمك وطيور السماء فتخبرك. أو كلم الأرض فتعلمك ويحدثك سمك البحر، من لا يعلم من كل هؤلاء أن يد الرب صنعت هذا؟”. قالت لي نفسي: إذا كان هذا الرجل الحكيم قد قال لأيوب ونصحه مؤكدًا أن البهائم وسمك البحر وطيور السماء والأرض نفسها على علم كامل بأن يد الرب قد صنعتنا وصنعت كل ما حولنا من خلائق، وأكد له أنها كلها ستخبره، وستكلمه وتعلمه، فلماذا لا أتكلم أنا مع ڤيروس كورونا؟!

بعد تردد شديد من ناحيتي لمقابلته خوفًا منه، وتجنبًا لأذيته، واتخاذي لكافة الاحتياطات الطبية والصحية الوقائية ضده، اقتربت منه بكل حذر وقلت له: هل تسمح لي بالمقابلة معك وإجراء حديث خاص بيني وبينك؟

ابتسم كورونا وقال: بكل تأكيد، والحمد لله، على حد قولكم أنتم  البشر، جاءني أحدكم ليتحدث إليّ مباشرة، فالجميع يخافونني، ويهربون مني ويفرون حتى من آبائهم وأمهاتهم إذا تخيلوا أنهم مرضى بي، ويكممون أفواههم وأنوفهم بسببي، ويتحدثون عني في إذاعاتهم وتليفزيوناتهم ومقابلاتهم وغرف نومهم، ويقاومونني ويقتلونني ويتوعدوني بأدوية وعقاقير ولقاحات لتقضي عليّ دون أن يتحدث معي أحد مباشرة، وجهًا لوجه، وهو الأمر الأهم بالنسبة لكم أيها البشر، بل وهو الأكثر أهمية لكم من قتلي ومحاولة التخلص مني إلى الأبد كما تظنون.

سألته: كيف يكون اللقاء معك والحديث إليك أمرًا أهم من التخلص منك، والقضاء عليك وأنت ڤيروس نشط متحور مهاجم عنيد قاتل، وقد قتلت بالفعل الكثيرين من جنسنا نحن البشر؟!.

أجابني كورونا، إن استخلاص العبر والدروس واكتشاف إرادة القدير الصالحة الكاملة المرضية من جهتكم، ومعرفة أسباب تركه تعالى لي لمهاجمتكم والقضاء على الكثير منكم، لهو أهم ما يمكن أن تعملوه في هذه الأيام العصيبة التي تمرون بها، ولذا فأنا أنصحكم أن تسألوه تعالى: لماذا سمح لكم بانتشار ڤيروس قاتل مثلي، وأجبركم على غلق كنائسكم واجتماعاتكم، وأبعدكم بعضكم عن بعض؟، فقلت محبتكم له ومحبتكم تجاه الآخرين، وقلت أو كادت تنعدم موارد كنائسكم المادية، ومع هذا كله ما انتبهتم أن لكم إلهًا متسلطًا في مملكة الناس، يحيي الموتى، ويدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة، وله سلطان مطلق في ذاته على كل ما يجري في العالم بأسره، وبالتالي فله سبحانه سلطان مطلق علينا كفيروسات ومسببات للأمراض، وغيرها الكثير والكثير من الأمور التي أعدك أنكم كبشر لن تنتبهوا لها أو تفكروا فيها، ولن تتوبوا عن فعلها أو الجهل بها، ولن تغيروا طرقكم ومساراتكم وتتركوا آثامكم وخطاياكم، حتى لو تعهدتم أمام الله بدموعكم، أو كتبتم تعهداتكم بدمائكم أنكم لن تكرروا عملها في حياتكم فيما، بعد انحساري وغيابي ورحيلي المؤقت عن بؤرة اهتمامكم.

قلت: هذا كلام عارٍ من الصحة، فلن ننسى طوال الأعمار على الأرض ما حصدته من نفوس من أرضنا، ولن يرجع عالمنا كما كان قبل هجومك علينا.

ضحك كورونا وقال: لقد سمعنا مثل هذا الكلام منكم يا بني البشر مرات عديدة في كل مرة غزوناكم وقتلنا منكم الملايين، وإن لم تكن بقادر على تصديق كلامي فاقرأ سفر القضاة وأنت ترى كم مرة تاب وصرخ الشعب القديم للرب وسط كل ضيقة ووباء مر بهم، فأنقذهم من الأوبئة والأمراض والضربات، وخلصهم من أعدائهم، فاستراحوا مدة قصيرة، ثم عادوا يعملون الشر في عينيه وكأن شيئًا لم يكن!

سألته قائلاً: وما الحل في رأيك يا كورونا في وضعنا الحالي؟

قال: الحل في أيديكم أنتم يا كنيسة الله، عمود الحق وقاعدته، فتوبتكم وصلاتكم وتواضعكم  وانكساركم أمامه، إن لم يوقف تأثيرى كڤيروس مدمر على الخليقة كلها، يمكنها أن توقف تأثيري على الغالبية العظمى من أفراد وأعضاء جسد المسيح الذي هو أنتم.

عند هذا الحد لم أدع كورونا يسترسل أكثر في كلامه السلبي بالرغم من اتفاقي الكامل معه في كل ما قاله، وعلمي أن لديه الكثير من الحقائق ليقولها في هذا الوضع الكنسي الخطير.

اقتربت منه قائلاً: سأناقش معك كل هذه العبارات والآراء السابقة التي قلتها، لكن لابد من البداية الصحيحة ومن أول القصة لظهورك، وسؤالي الأول لك: أين ومتى تم تحضيرك كڤيروس قاتل فتاك، فأنت تعلم أن أمريكا والدول الغربية تتهم الصين بأنها هي سبب ومصدر وجودك وانتشارك وخروجك للعالم أجمع من المنطقة الصينية المعروفة بالسوق المبلل ؟The Wet Market  حيث يبيعون كل أنواع الحيوانات التي يمكن أن تؤكل والتي لا تؤكل، والصين تقول إنه تم تحضيرك في المعامل الأمريكية، وأنك أنت وليد تجارب أجريت بالمعامل الأمريكية لدمج فيروس إنفلونزا الطيور مع فيروس إنفلونزا الخنازير مع أحد فصائلكم أنتم فيروسات الكورونا، فخرجت أنت إلى الحياة الدنيا جبارًا عتيًا، حضروك وما استطاعوا أن يصرفوك، فما هي إجابتك عن أين ومتى تم تحضيرك وخروجك إلى العالم المرئي البشري؟

ضحك الفيروس وقال لي: إن واحدة من مشاكلكم الأساسية يا بني البشر أنكم لا ترون ما هو وراء المنظور الذي يمكن لأعينكم أن تراه، فدنياكم وأفعالكم وردود أفعالكم تبنونها دائمًا على ما ترونه بعيونكم، غير عالمين أن العالم المرئي بالنسبة لكم، والذي تعرفون عنه القليل والقليل جدًا، لا يمثل سوى غبار الميزان بالنسبة لما هو كائن وما خلقه الخالق سبحانه، بالرغم من أنه، تبارك اسمه، أنبأكم بالكثير والكثير مما بهذا العالم في كتابه الوحيد، الكتاب المقدس:

قلت: معك حق لكنك لم تجب سؤالي بعد، متى وأين ولماذا تم تحضيرك، وهل تم تحضيرك في أمريكا أم في الصين؟

بدا على الفيروس التردد في الإجابة على سؤالي هذا، فصمت، وبعد برهة من الزمان أجابني.

هل أنت على استعداد أن تصدقني إذا قلت لك أين ومتى ولماذا تم تحضيري بالصورة التي أنا عليها الآن؟

قلت: سأحاول تصديقك، ولكن سيتوقف ذلك على مدى عقلانية ومنطقية كلامك.

أجابني كورونا: هذه مشكلة أخرى لديكم يا بني البشر! فأنتم تثقون في عقولكم أكثر مما يجب أن تثقوا بها، فبالرغم من محدودية عقولكم وتفكيركم وتخيلاتكم، إلا أنكم تثقون بصحة تصورات قلوبكم وعقولكم أكثر من التسليم بصحة أقوال الله المدونة لكم في الكتاب المقدس بكل وضوح.

قلت: سأبحث هذا أيضًا معك، لكن أجب على سؤالي من فضلك، أين ومتى ولماذا تم تحضيرك يا كورونا؟

أجابني بالقول: من جهة المكان، فلقد تم الأمر بتحضيري وتغيير صفاتي وطباعي وطرق مهاجمتي للناس، لا في أمريكا ولا في الصين.

قلت: إذًا أين؟

أجاب كورونا: في جنة عدن، التي خلقها المولى في بداية خلقه لهذا العالم المرئي ليستمتع بها الإنسان ويعملها، أما متى تم تحضيري، فكان في اللحظة التي سقط فيها آدم وحواء في الخطية وأكلا من الشجرة المحرمة، بعد أن صدقا غواية الحية القديمة إبليس.

قاطعته بحزم قائلاً: يا كورونا، أنا لا أتكلم الآن في الدين أو الروحيات، وسؤالي لا علاقة له بجنة عدن ولا بالسقوط أو خطية آدم وحواء، أنا أتكلم في العلم، علم الأحياء البيولوجي، علم الأمراض، علم تحضير الجراثيم والفيروسات أمثالك التي يتم تحضيرها في المعامل العلمية الطبية.

أجابني كورونا بالقول: إن مشكلة أخرى من مشاكلكم يا بني البشر أنكم تفصلون بين العلوم الطبيعية الإنسانية والأمور الفوق طبيعية الروحية، وأنتم لا تعلمون أن الاثنين مرتبطان ببعضهما ارتباطًا وثيقًا، ويؤثر كل منهما في الآخر تأثيرًا كبيرًا في عقول الناس وقلوبهم وحياتهم.

قلت: كيف ترتبط العلوم الطبيعية الإنسانية بالروحيات فوق الطبيعية من وجهة نظرك، وخاصة فيما نتكلم فيه معًا الآن؟،

سألني الڤيروس: هل سبب موت الإنسان، الموت الجسدي، هو سبب علمي بحت أم روحي أيضًا؟

حاولت التفكير في الإجابة قبل نطقها، قلت لنفسي: لو أجبت هذا الڤيروس وقلت: إن سبب موت الإنسان هو سبب علمي فقط، لسألني وأين دور الله سبحانه وتعالى في زمن وكيفية موت الإنسان، فنحن نعلم أن الله متسلط في مملكة الناس وهو الذي حدد الآجال والأعمار على الأرض، وهو الذي جعل أمام الإنسان الخيار في أن يبقى على قيد الحياة إلى اليوم المعين من الله الذي يؤخذ فيه بسلام إلى بيته الأبدي أو أن ينهي حياته بيده وقبل وقته المحدد له من الله بوسيلة من وسائل القتل الكثيرة التي تتدرج نزولاً من القنبلة الهيدروجينية إلى سكين المطبخ.

ولو قلت إن سبب موت الإنسان الجسدي هو سبب روحي فقط، لقال لي فكيف يعمل الأطباء على إنعاش مريض توقف قلبه لعدة دقائق ويعيدونه للحياة؟، فهل كان ممكنًا لهذا أن يرجع إلى الحياة بدون عمل الأطباء واستخدام الوسائل العلمية الطبية.

أجبت كورونا بالقول: لكل من العلم والروحيات والإيمانيات مكانه ومجاله وقوانينه ولا علاقة بينك كڤيروس، ومحاولة اكتشاف تفاصيل دورة حياتك، وكيفية تدميرك لخلايا الإنسان، وطرق الوقاية والعلاج منك والقضاء عليك، وبين الإيمانيات والروحيات والحياة بعد الممات التي تتكلم عنها.

أجابني كورونا قائلاً: هذه مشكلة أخرى تعانون منها يا بني آدم، فأنتم، كما ذكرت لك، دائمًا تفصلون بين العلم والإيمان، بين الماضي والحاضر والمستقبل، ما ترونه وما لا ترونه بعيونكم المجردة أو بميكروسكوباتكم  المُكبِرة ومناظركم التلسكوبية المُقربة، غير عالمين أن لا جديد تحت الشمس، أليس مدون في كتابكم وعلى يد سليمان أحكم من خلق من جنسكم على الأرض منذ آدم وحتى اليوم ما نصه: “ما كان فهو ما يكون والذي صُنِع، فهو الذي يُصنع فليس تحت الشمس جديد، أن وجد شيء يقال عنه انظر هذا جديد فهو منذ زمان كان في الدهور التي كانت قبلنا”.

سألته في غضب: هل تريد أن تقول لي إن الله هو الذي خلقك في جنة عدن عقابًا لآدم وحواء على خطيتهما؟

أجابني كورونا بكل هدوء: لماذا الانفعال والغضب الظاهر عليك الآن؟

أجبته: لأنك تتهم الله سبحانه وتعالى، بأنه خلقك ضمن المخلوقات في جنة عدن، والله لم يخلق ڤيروسات أو مسببات للأوبئة والأمراض، بل مكتوب: “رأى الله كل ما عمله أنه حسن جدًا”

قاطعني كورونا وأجابني قائلاً: وهذه مشكلة رابعة لديكم يا بني البشر، فالغالبية العظمى منكم في انفعالكم تحت ضغط ظروفكم أو احتياجاتكم أو أمراضكم وحتى في حياتكم اليومية العادية، وبلا ضغوط من ظروفكم، أنتم لا تسمعون ولا تنصتون لمن يتحدث إليكم، وأن سمعتم لا تعطوا لأنفسكم الوقت الكافي للتدقيق فيما تسمعون وبالتالي، فأنتم لا تفهمون ولا تستوعبون ما يقال لكم، ولهذا السبب أنتم دائمي الغضب والتسرع في كلامكم وإجاباتكم وحكمكم على الأمور وتعاملكم مع ظروفكم المختلفة، ألم يجعل هذا الأمر المولى – تبارك اسمه – أن ينزل لكم آياته لحضكم على الإسراع في الاستماع والإبطاء في الكلام، كما كتب لكم يعقوب رسوله عن قوله تعالى: “إذًا يا إخوتي الأحباء، ليكن كل إنسان مسرعًا في الاستماع، مبطئًا في التكلم، مبطئًا في الغضب”.

قلت: وما أدراك أنت أيها الڤيروس الفتاك بكلام المولى – تبارك اسمه – وآياته التي أنزلها لنا سراج لأرجلنا ونور لسبيلنا، وكيف تستشهد بكلامه سبحانه وكأنك كائن عاقل روحي مؤمن به وبما أنزله في كتابه الوحيد، التوراة والإنجيل؟

أجابني كورونا: وهذا أيضًا هو خطأ آخر من جانبكم تقعون فيه جميعكم يا بني البشر، فأنتم تظنون أنكم الخلائق الوحيدة التي تعرف نواميس الله وأحكامه وكلماته وتخبرون بها غيركم من البشر، وتعللون ذلك بأنكم الخلائق الوحيدة التي حباها الله – تبارك اسمه – بالعقل والمعرفة والتمييز الروحي، وهذا مع كونه صحيحًا تمامًا لكنكم لم ولن ينتبه إلا القلائل منكم أن نواميس الله وقوانينه مكتوبة في الطبيعة والأرض وكل ما فيها ومن فيها من الحيوانات والنباتات والطيور والزحافات والدبابات وكافة المخلوقات، حتى الضار منها كأمثالي، ألم يكتب إمام المغنين داود “أن السموات تحدث بمجد الله. والفلك يخبر بعمل يديه. يوم إلى يوم يذيع كلامًا وليل إلى ليل يبدي علمًا. لا قول ولا كلام. لا يسمع صوتهم. في كل الأرض خرج منطقهم وإلى أقصى المسكونة كلماتهم”؟، ألم يضع المولى في الطخاء حكمة وفي الشهب فطنة حسب قوله لأيوب: “من وضع في الطخاء حكمة أو من أظهر في الشهب فطنة”؟ ألم يقل لكم بولس الرسول بالروح القدس: “إن أموره – تبارك اسمه – غير المنظورة، أي قدرته السرمدية ولاهوته، تُرى  منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات”؟.

صَمت قليلاً، ثم قلت لهذا الڤيروس: اسمع يا كورونا، هذه هي الحقيقة المجردة التي لابد من الاعتراف بها من جانبي، فإنه على قدر ما أنني أكره أن أستمع لك، وأفحص كلامك، وقد أقبل بعضه كحقائق مسلم بها، وخاصة في هذه الظروف العصيبة التي جعلتنا أنت أيها الڤيروس نمر بها، لكن لابد من التسليم أن الكثير مما تقوله صحيحًا ويمكن إثباته بسهولة ويدل على حكمة مستترة فيك، قد لا تتوفر في الكثير من جنسنا نحن البشر.

أجابني: أشكرك على هذا الاعتراف، فمعظم الذين أتحدث إليهم لا يريدون أن يعترفوا بأن لي قدرًا من الحكمة أنا أيضًا جبلت عليها.

سألت: للآن لم تشرح لي كيف وجدت في جنة عدن منذ ستة آلاف عام تقريبًا وليس لك اليوم أكثر من عشر سنين منذ أن ظهرت في أرضنا لأول مرة؟

قال كورونا: هل حقًا أنك قصدت كلمة “ظهرت” في أرضنا أم إنها كلمة خرجت من فمك دون تدقيق، كالكلمات الكثيرة التي تخرج من أفواهكم أنتم البشر دون تفكير أو قصد منكم؟

صمت قليلاً أفكر وقلت لنفسي: لو قلت له إن كلمة ظهرت خرجت من فمي دون قصد  مني فسيسألني وما هي الكلمة البديلة التي أردت أن تقولها، فكرت في كلمة بديلة تصلح في هذا المقام، فلم أجد، فكل الكلمات التي يمكن أن أقولها مثل جئت، أو تم اكتشافك، أو تم تحضيرك، أعلم أنها مردود عليها كلها من كورونا، وخاصة إنه ثبت لي بالدليل القاطع أنه فيروس ليس سهل التعامل معه، وهو على قدر كبير من اللؤم والمحاورة والتحور والعلم ببواطن الأمور، ولو مثلت دور الواثق مما يقوله، وقلت: إنني كنت أقصد كلمة ظهرت التي نطقت بها، فسيقول لي: إذًا فأنت تعترف أنني كنت موجودًا قبل أن أظهر، لذا لم أرد أن أجيب على سؤاله، فصمت وتظاهرت بأنني أفكر في الكلمة قبل أن أنطق بها، وخاصة إنه قال لي لتوه، إن الغالبية العظمى منا نحن البشر تخرج من أفواهنا الكثير من الكلمات دون تفكير في معانيها أو ما يمكن أن تحدثه في عقل ومشاعر ونفسية من يسمعها منا، وما تحدثه من أذى أو راحة، سكينة وسلام أو خوف واضطراب، بركة وبناء أو لعنة وهدم للسامعين.

بينما كنت مستغرقًا في التفكير الصامت، نظر لي كورونا بلؤم واستخفاف وكأنه عرف ما يدور بعقلي، وقال:

سأعفيك من الإجابة، فأنتم البشر ونحن الفيروسات في مركب واحد  ونشترك معًا في كثير من الصفات والحيل والخدع، فنحن متشابهون في أشياء كثيرة وجميعنا مخلوقون بإله واحد.

أجبته بسرعة وانفعال وغضب قائلاً: لا، هذا غير صحيح!، نحن مخلوقات الله، أما أنتم فمخلوقات إبليس العدو الشرير.

ضحك كورونا وبهدوء قال لي: تريث، وانتبه لكلامك جيدًا ودقق فيما تقول!، دعني أسألك، من هو الخالق الوحيد في هذا الكون؟، وهل هناك أكثر من خالق؟

سكت للحظات كنت أتحدث فيها إلى نفسي قائلاً: صحيح، هل يوجد أكثر من خالق في الكون؟، هل يستطيع الشيطان أو غيره من الخلوقات أن يخلق؟، استغفرت الله العظيم وأجبت نفسي بالقول، بالتأكيد لا يوجد إلا الله الواحد، وهو وحده الخالق الوحيد في هذا الكون سبحانه، لكن المشكلة لو اعترفت له بهذه الحقيقة التي لا مفر منها ربما يسألني كورونا الڤيروس الشرير إن كان الله هو الذي خلقه كڤيروس، وعندها لا مفر بأن أعترف أن هذا الڤيروس المدمر هو خليقة الله سبحانه، والحقيقة لم أكن مستعدًا أن أقبل فكرة أن الله يخلق ما هو مدمر وقاتل ومؤذٍ، فهذه صفات العدو الشرير إبليس الذي لا يأتي إلا ليسرق ويقتل ويهلك، أخذتني الحيرة والتفكير العميق الطويل في الإجابة على سؤال كورونا الذي أيقظني بالقول:

سأعفيك من الإجابة على هذا السؤال أيضًا، لكن أنت تعلم أنه لا يوجد في الأرض  والسماء إلا خالق واحد فقط لهذا الكون، ولا يصح أن تساوي في تسرعك وانفعالك بين الله وبين إبليس.

صمت قليلاً وقلت: نعم معك حق.

قال: عندما تقول إننا خلقنا بواسطة إبليس، فأنت تعمل من إبليس خالقًا بجوار الله.

قلت في حيرة وغضب وانفعال: هل تريد أن تقنعني بأن الله هو خالقك أيها الفيروس المدمر المميت كما هو خالقي أنا والبشر جميعًا؟

قال: اسأل نفسك!، هل نسب الكتاب المقدس الخلق لأي كائن حي إلا لله وحده؟

قلت: الحقيقة لا، فالإنسان يقدر أن يعمل كل الأشياء حسب التعليم الكتابي ما عدا الخلق وغفران الخطايا وضمان الحياة الأبدية.

قال: وهل تعتبرني أنا مخلوقًا أم مصنعًا في معامل كيميائية؟

قلت: حسب علوم الميكروبايولوجي أنت كفيروس يمكن تصنيعك وتشكيلك بالشكل الذي يريده العلماء.

قال: العلماء يستطيعون أن يغيروا صفات الخلية الحية بتغيير الـ “دي أن أيه” الخاص بها، لكن لا يستطيعون أن يعطوا حياة حتى لخلية واحدة، فالحياة التي لي ولغيري من الخلوقات مصدرها الله وحده لا سواه.

قلت: هذه حقيقة.

قال: وبناء على هذه الحقيقة، فأنا وأنت مخلوقون بواسطة نفس المصدر الذي هو الله  سبحانه، وقد وهب – تبارك اسمه – لي حياة وصفات وتركيبة خاصة وزمنًا بعد انتهائه أموت وأتلاشى، وهكذا أنت أيضًا، فنفس الإله الخالق العظيم أعطى لك حياة، وصفات وتركيبة خاصة بك وزمن تحياه على الأرض وبعد انتهائه يرجع جسدك إلى التراب وترجع روحك إلى الله، فالاختلاف بيننا ليس إلا في نفخة الله الذي خصكم بها أيها البشر، وحجم كل منا، ووجود العقل والإرادة والمشاعر، وطريقة وسرعة التكاثر، وزمن وظروف المعيشة والحياة بعد الموت من عدمها، أما بقية الأشياء، فنحن متساوون بها جميعًا.

قلت: لا نحن بشر خلقنا الله على صورته كشبهه، أما أنتم فمخلوقون على صورة وشبه إلهكم. الشيطان العدو الذي لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك.

قال كورونا في غضب وانفعال: وماذا فعلتم بعقولكم ومشاعركم وعواطفكم التي خلقكم الله بها؟، ماذا فعلتم بصورة الله التي خلقكم عليها؟، ألم تطلبوا أن تتحرروا منها وصدقتم غواية رئيس مملكة الظلمة إبليس، وكذبتم من خلقكم على صورته ومثاله، وطلبتم في غباء عقولكم من رئيس مملكة الظلمة أن يملك عليكم، ورضيتم أن يسلب سلطانكم منكم، وزغتم وفسدتم جميعكم وأعوزكم مجد الله، حتى إنه ليس من يعمل صلاحًا ليس ولا واحد بينكم، فحكمتم بعقولكم، التي ميزكم بها تعالى على كافة مخلوقاته الأخرى، حكمتم كأغلبية ساحقة، إلا قلة صدقت وقبلت فداء المسيح يسوع لها على الصليب، حكمتم على أنفسكم وبمحض إرادتكم بالهلاك الأبدي والطرح في جهنم النار، تلك التي ما أعدها الله لكم بل لإبليس وجنوده، وحتى جهنم هذه خرج منكم يا بني البشر جهابزة يقنعونكم أنها ليست نارًا حرفية بل معنوية، وقالوا لكم في محاولة لإثبات كلامهم المضلل للمؤمنين: أي إله هذا الذي سيلقي الناس في جهنم النار ويقعد يتفرج عليهم وهم بيتشووا، وكل ما يحترقون في النار، يرجع لهم أجسادهم التي احترقت مرة تاني علشان النار تأكلهم مرة تانية وهو مستمتع بمشاهدة النار وهي تحرق البشر؟!

قلت لكورونا: لقد تاب بعض قائلي هذه الخزعبلات ورجعوا عن أفكارهم واعتذروا عنها.

قال كوفيد الفيروس: عندما قالوا هذا قالوه على وسائل التواصل الاجتماعي، والفضائيات، وسمعته الملايين، وهو مازال مسجلاً ومرفوعًا هناك، وأضلوا به كثيرون، وعندما تابوا، تابوا أمام كنائسهم أو جلسات محاكمتهم خوفًا على مكانتهم وتجنبًا للمزيد من ردود أفعال من حولهم من الأمناء الدارسين والفاهمين لكلمة الله، فهل هذا هو العقل والمشاعر والإرادة التي ميزكم بها المولى والتي تفتخر بها علىَّ وعلى أمثالي من كل المخلوقات الأخرى غير بني آدم؟

قلت: اسمع أيها الڤيروس اللئيم، أنا جئت اليك لإجراء حديث معك في نقاط بعينها، فتفرعت بي في إجاباتك لموضوعات كثيرة، وللآن لم تقل لي أين ومتى ظهرت للناس لأول مرة في أرضنا الحالية التي نحن عليها الآن! هل ظهرت في الصين أم أمريكا.

قال الڤيروس: نعم، أنا بالفعل ظهرت في الصين للناس في ٢٠٠٨ لأول مرة،  لكني كنت هناك في الجنة منذ ما يقرب من ستة آلاف عام عند سقوط أبويك آدم وحواء في معصية القدوس، فكينونتي سبقت ظهوري بأكثر من ٦ ألاف سنة على الأقل.

قلت: أنا لا أفهم ما تقوله الآن، فاشرح لي.

قال كورونا: في بداية الخليقة كان كل شيء في الجنة وفي الأرض قد صمم لخدمة وإسعاد الإنسان وبقائه إلى الأبد في نعيم الجنة الأرضية التي أعدها له المولى سبحانه، حتى نحن الذين عرفنا فيما بعد باسم الڤيروسات، سواء النافع منا أو الضار بيننا، وحتى الأرض ذاتها كانت لا تنتج للإنسان إلا طيب الثمر، ولم تكن تنتج له شوكًا وحسكًا بل كانت تعطيه قوتها عندما كان آدم يعملها ويعتني بها، كما أوصاه سيدها وسيد السماء، ليس ذلك فحسب بل “أنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل، وشجرة الحياة في وسط الجنة، وشجرة معرفة الخير والشر” ولم يخلق المولى جراثيم أو ميكروبات أو فيروسات ضارة مسببة لأي مرض ما، فلم يكن هناك ما يعرف بالأمراض على اختلاف أنواعها، فهو إله محب رحيم وصالح. ويبدو أن الحية القديمة الشيطان، على ما فهمنا وشاهدنا يومها في الجنة، كانت في عداوة وحسد وغيرة من الإنسان لأنه خُلق على صورة الله في البر وقداسة الحق، فعمل بكل جهده أن يسقط آدم وحواء في الخطية، فوسوس لهما بأن الشجرة المحرمة شهية للنظر وبهجة للعيون وأن الله سبحانه قد منعهما من الأكل منها حتى لا تنفتح أعينهما ويصيران كالله عارفين الخير والشر، فأخذت المرأة من الشجرة وأكلت وأعطت رجلها أيضًا فأكل..

قاطعته وقلت: يا كورونا، هذا ليس وقتًا للوعظ، فكلنا يعلم قصة الخلق والسقوط هذه، وقد قرأناها عشرات المرات منذ نعومة أظفارنا.

لم يلتفت لي كورونا حيث كان مستغرقًا في تفكير عميق وكأنه يرى حدث سقوط آدم وحواء في الجنة في الخطية لتوه وللمرة الأولى، وتعامل معي وكأنني لست بموجود أمامه، ولا أتحدث إليه من الأصل.

استطرد في الحديث وقد اعترته انتفاضة عنيفة جدًا، فهزت كيانه هزًا كبيرًا، ثم أكمل حديثه بحزن عميق قائلاً:

وعندما نطق المولى بلعنة الأرض قائلاً: “ملعونة الأرض بسببك” وقال لآدم: “بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود إلى الأرض أخذت منها. لأنك تراب، وإلى تراب تعود”.

ودخلت الخطية إلى العالم، كما هو مكتوب: “من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ الجميع.” وعندها أُعد الموت عدو الإنسان الأول، الذي دخل إلى العالم في شخص الخصم الشرير، أعد أسلحة محاربته ووسائل قضائه على الجسد الترابي، وحدث في التو واللحظة تغيير في جميع مخلوقات الله على الأرض، بدأً بآدم وحواء اللذين ابتدأا في الحال العد التنازلي لفساد جسديهما، وموتهما ورجوعهما إلى التراب الذي أخذا منه، وهكذا كان الحال مع النباتات والأسماك والطيور والحيوانات وكافة المخلوقات، فأصبح الإنسان قابلاً للفساد والتحلل الجسدي بالأمراض ومسبباتها، وأصبحت بعض الحيوانات والأسماك والطيور مفترسة متوحشة، وحتى بعض النباتات الضعيفة الجميلة أصبح لها من العدوان والمكر والدهاء الكثير حتى تغلق أوراقها على فراشة أو نحلة أو نملة تقف عليها وتلتهمها دون رحمة أو شفقة، وكما حدث لآدم وحواء من تغيير في أجسادهما وخلاياهما التي أصبحت قابلة للموت والتحلل والفساد، حدث لنا نحن المخلوقات جميعنا.

قاطعته بالقول: هل لديك ما يثبت من الكتاب المقدس ما تقوله لي في هذه الجزئية؟

أجاب كورونا: أنا أعلم أنه عند ذكر كل حقيقة من الحقائق التي أتكلم عنها ستطالبني بإثباتها من الكتاب المقدس.

أجبته: هذا ما لابد أن يحدث، فكل ما يقال أو يعمل أو يعلم أو يوعظ به في أي مكان على الأرض لابد أن يكون له أساس كتابي صحيح، وآيات كتابية عديدة لإثباته عملاً بالقانون الإلهي: “قارنين الروحيات بالروحيات”، حتى لا ندخل في هرطقات وتعاليم فاسدة شريرة غير كتابية، مبنية على تخيلاتنا أو طموحاتنا أو غبائنا البشري.

قال كورونا: أعلم ذلك، ولذا فأنا أبتعد عن الإجابات التي لا تدعمها آيات كتابية كثيرة، حتى تلك التي رأيناها نحن الكائنات الحية الأخرى بأم عيوننا، ولها لدينا الدليل المادي، الذي أنتم يا بني البشر قد لا ترونه على الإطلاق، أو تلك الحقائق التي ترونها بعيونكم المجردة، لكن لإصراركم على عدم تصديقها، تدفنون رؤوسكم في التراب، وتنكرونها وتخدعون أنفسكم وتظلون تبحثون عنها في الكتاب المقدس مع أنها مكتوب عنها، فيه، عشرات الآيات، الواضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار.

قاطعته بالقول: ما هو الدليل الكتابي على أنه في لحظة السقوط حدث هذا التغير في طبيعتكم؟

بادرني كورونا بالقول: لكي أجيبك على هذا السؤال لابد أن تجيبني أنت أيضًا على عدة أسئلة.

قاطعته قائلاً: لا، أنت الذي لابد لك أن تجيبني على أسئلتي وليس العكس، فأنا الذي جئت لأجري هذا الحديث معك.

قال: أعلم ذلك، لكنني أحاول أن أجعلك تحصل على إجاباتي بأن تجيب أنت على أسئلتي.

قلت: اسألني إذًا ما دام الأمر كذلك.

قال: هل يمكن أن يخلق الله شيئًا، أو إنسانًا، أو جسدًا فاسدًا من الأصل بطبيعته؟

أجبته: بالتأكيد لا، فالآية التي ذكرتها لك سابقًا تقول عنه سبحانه بعد اتمام عملية الخلق: “رأى الله أن كل ما عمله إذ هو حسن جدًا”

قال: هل تؤمن أن الأرض وما عليها ومن عليها بما فيها الإنسان كما نعرفه الآن، في مختلف الأديان والأزمان قد فسد فأصبحت الصفة اللائقة به أنه فاسد؟

قلت: نعم أؤمن بهذه الحقيقة!

قال كورونا: هل يمكنك أن تؤكد ذلك بآيات كتابية؟

قلت: لديّ منها الكثير، فعلى سبيل المثال لا الحصر ووفقًا للآيات الكتابية: “وفسدت الأرض أمام الله، وامتلأت الأرض ظلمًا. ورأى الله الأرض فإذا هي قد فسدت، إذ كان كل بشر قد أفسد طريقه على الأرض”.

قال كورونا: هذه الآية تتكلم عن أيام نوح وقد قيلت له قبل الطوفان وإهلاك الله لكل ما كان يدب على الأرض.

قلت: هذا صحيح!.

سألني: هل لديك آيات أخرى في عصر ما بعد الطوفان تؤكد فساد الأرض والإنسان؟

قلت: نعم، منها “الله من السماء أشرف على بني البشر لينظر هل من فاهم طالب الله. كلهم قد ارتدوا معًا فسدوا. ليس من يعمل صلاحًا ليس ولا واحد”.

قال: وماذا عن العهد الجديد؟ وبعد مجيء المسيح، هل مازال فساد الإنسان قائمًا؟

قلت: نعم وفقًا للقول: “كما هو مكتوب: “أنه ليس بار ولا واحد. ليس من يفهم. ليس من يطلب الله، الجميع زاغوا وفسدوا معًا. ليس من يعمل صلاحًا ليس ولا واحد. حنجرتهم قبر مفتوح. بألسنتهم قد مكروا. سم الأصلال تحت شفاههم وفمهم مملوء لعنة ومرارة، في طرقهم اغتصاب وسحق، وطريق السلام لم يعرفوه، ليس خوف الله قدام عيونهم”.

قال كورونا: وماذا عن الخليقة ككل؟، أليست الخليقة كلها خاضعة الآن للبطل ولعبودية الفساد؟

أجبته: نعم وفقًا للقول الكتابي: “إذ أخضعت الخليقة للبطل ¬ ليس طوعًا، بل من أجل الذي أخضعها¬ على الرجاء. لأن الخليقة نفسها أيضًا ستعتق من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله. فإننا نعلم أن كل الخليقة تئن وتتمخض معًا إلى الآن”.

قال لي كورونا: احتملني فأسألك سؤالاً آخر.

قلت: اسأل!

قال: من الذي أخضع الخليقة إلى عبودية الفساد؟، هل الله أم إبليس عدوكم الذي هو كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه؟

قلت: لا، لا يمكن أن يكون الله هو الذي أخضع خليقته لعبودية الفساد، فهو إله قدوس صالح لا شر ولا جرم ولا جور فيه.

قال: إذا إبليس الحية القديمة هو الذي أخضع الخليقة لعبودية الفساد، أجبته بكل تأكيد!

قال كورونا: هل تعتقد أن عبودية الفساد، أفسدتكم أنتم فقط يا بني البشر وتركتنا نحن الكائنات غير البشرية وحتى الميكروسكوبية أمثالنا نعيش على قديم حالنا بعيدًا عن عبودية الفساد، أم أننا أيضًا خضعنا كجزء من الخليقة والأحياء التي خضعت للتغيير البيولوجي، كما خضعتم أنتم أيضًا له؟

قلت: كلامك منطقي جدًا، لكن ما ذنبكم أنتم كبقية الخليقة من نباتات وحيوانات وأسماك وطيور ودبابات على الأرض، حتى تخضعوا أنتم أيضًا لعبودية الفساد؟، فأنتم لم تعصوا الله كما عصاه آدم وحواء، وأنتم لم تأكلوا من الشجرة المحرمة، وكان ينبغي أن تكونوا في معزل عن الصراع والحرب الدائرة بين إبليس عدو البشر وبين الله سبحانه في أرض معركتهما وهو الإنسان.

قال كورونا: تخطؤون إذ تظنون أن أرض المعركة هي فقط الإنسان، لأنكم تركزون على أنفسكم فقط، وتتعاملون مع كل ما حولكم ومن حولكم بناء على علاقته بكم وتأثيره عليكم، فأنتم دائمًا ترون أنكم أنتم مركز دائرة حياتكم والكون كله، وليس غيركم، وبعضكم أخرج حتى المولى – سبحانه وتعالى – من دائرة حياته بالكامل واختار الإلحاد له طريقًا في الحياة الدنيا، وما فكر يومًا في حياة الآخرة، حيث أنه لا يؤمن أن هناك حياة في الآخرة من أصله، وبعضكم حاول تطويع الله سبحانه ليعمل لصالحه فقط، واحتفظ بإله صنعه هو لنفسه، واقتنع بوجوده مع أنه ولا وجود لهذا الإله إلا في خياله القاصر المريض.

سألته قائلاً: إن لم يكن الإنسان، كما يتخيل على حد قولك، إنه مركز الدائرة وهو أرض المعركة، فماذا تكون أرض المعركة، قال إن الحقيقة المؤكدة أن أرض المعركة الحقيقة الوحيدة بين الخالق وعدوه إبليس هي في السماويات، وأن تأثيرها يرى على كل الأرض، وكل ما بها من مخلوقات على اختلاف أنواعها وأجناسها، وفقًا للقول الكتابي: “فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم، بل مع الرؤساء، مع السلاطين، مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر، مع أجناد الشر الروحية في السماويات”.

قاطعت استرسال كورونا في الكلام وقلت: للآن لم تخبرني كيف خلقت أنت في جنة عدن؟

قال: كما حدث تغيير للإنسان وجميع المخلوقات الأخرى في طبيعتها، وصفاتها، والغاية من خلقها، وطرق معايشتها بعضها لبعض، وطرق حصولها على الطعام، والدفاع عن نفسها، وتكاثرها، وتأثيرها على البيئة المحيطة بها وأشياء أخر كثيرة يمكن أن نعددها في هذا الحديث، هكذا حدث لنا كذلك نحن الڤيروسات أيضًا، حدث لنا تغيير مفاجئ في تركيبنا البيولوچي، لم نعرف من أين جاء ذلك التغيير، ولا مدى تأثيره على حياتنا كڤيروسات، كل ما عرفناه ونعرفه حتى اليوم هو أنه بعد أن كنا كبكتيريا وفيروسات، مخلوقات خلقت لخدمة الإنسان ومساعدته على العيش المريح الآمن، أصبح اهتمامنا الأول هو القضاء على جسد الإنسان بما أصبح لنا من قدرة على مهاجمته وقتله بطرق كثيرة، وأصبح الغدر والوحشية في طباعنا، فنحن كما ترى اليوم لا نرحم صغيرًا او كبيرًا، رجلاً أو امرأة، وأصبح بيننا وبين الإنسان عداوة وصراع، هو يخترع لنا اللقاحات والأمصال والأدوية التي تقضي علينا ونحن نتحور ونتطور ونتغير عن شكلنا وتركيبنا ونزداد شراسة وعدوانًا على الإنسان ونتحين الفرصة المناسبة لننقض عليه على حين غرة، فيرتبك ويسرع إلى معامله في معاهده العلمية ليخترع لنا المزيد من وسائل القضاء علينا، ونحن نسرع بتغيير المواد المكونة لأجسامنا. ونظهر بين الحين والآخر في ثياب فيروسية جديدة.

قلت: وهل من نهاية لذلك الصراع بينكم وبين الإنسان في يوم من الأيام؟

أجابني كورونا: لحسن حظنا نحن الفيروسات ولسوء حظكم أنتم البشر لن ينتهي هذا الصراع إلى يوم مجيء خالق كل الأشياء بكلمة قدرته، ويقبض على الشرير ويطرحه في النار الأبدية ويأمر الشر، فيهرب من أمامه وعندئذ تكون النهاية.

سألته: عن أي نهاية تتكلم؟

قال: عن نهايتنا جميعًا، أنتم ونحن، عندما يأتي “يوم الرب، الذي فيه تزول السماوات بضجيج، وتنحل العناصر محترقة، وتحترق الأرض والمصنوعات التي عليها بالنار”، كما أخبركم الروح القدس في كتابات بطرس الرسول.

قلت: لماذا لا ترحل أيها الڤيروس المؤذي وتترك الأرض والبشرية في حالها لتعيش حياتها في سلام؟، فأنت ومن على شاكلتك في نهاية الأمر من الفيروسات مخلوقات ميكروسكوبية ضعيفة.

قاطعني ڤيروس كورونا بإصرار وغضب وقال: لا، من فضلك لا تقل علينا مخلوقات ضعيفة، نعم نحن مخلوقات ميكروسكوبية صغيرة، لكن ليست ضعيفة، فلم يخلق الله مخلوقات ضعيفة حتى الفيروسات، بل خلق الله كل مخلوقاته لتتعايش مع بعضها، وهي قوية إذا ما التزمت بالدور الذي خلقت لتلعبه مع غيرها من المخلوقات على الأرض، وهي قوية وحكيمة ومسالمة في بيئتها التى خلقها بها سبحانه، أما إذا خرجت عن قصد الله من خلقها، أو خطة الله لحياتها، فستصبح حقًا ضعيفة في ذاتها، وستحاول أن تلعب دور القوى المهاجم الشرس، ولذا ستلعب دورًا أقوى وأكثر عنفًا وعمى وإيذاء إذا خرجت عن القصد من خلقها، لذا ففي الحقيقة  نحن الآن على صغر أحجامنا، إلا أننا أقوى منكم أيها البشر.

قلت: كيف تكون أنت كفيروس أقوى منا نحن البشر؟.

قال: انظر حولك، فإن لنا مئات بل آلاف السنين متواجدون، هل قدرتم أيها المخلوقات الإنسانية بكل ما لديكم من قوة وحكمة وعقل ومعامل ومستشفيات وإمكانيات مادية وعلمية أن تقضوا علينا تمامًا؟

قلت: الحقيقة لا.

سألني كورونا: هل استطعتم بكل إمكانياتكم أن توقفوا قتلنا وإيذاءنا لكم في الشهور الماضية؟

قلت: الحقيقة لا، لكن سريعًا سنكتشف المصل والدواء القاتل لكم والشافي من إيذائكم لنا نحن البشر.

قال: وسنطور نحن من شكلنا وتركيبنا وقوتنا على مهاجمتكم والتغلب على علمكم وإمكانياتكم، ولن تفلتوا منا أبدًا.

سألته: إذًا فما هي طريقة القضاء عليك وعلى أمثالك من الفيروسات؟

قال: الحقيقة المرة بالنسبة لكم هي أنه لن يمكنكم القضاء علينا نهائيًا أبدًا إلى قيام الساعة كما قلت لك، نعم يمكنكم فقط مقاومتنا، وإضعاف قوتنا، وتحجيم انتشارنا واختراع وسائل وأمصال وأدوية للشفاء من تأثيرنا الضار عليكم، لكن لن يمكنكم التخلص منا بالكامل على الإطلاق.

قلت: ولماذا لا يمكن التخلص منكم بالكامل على الإطلاق؟ قال كورونا لعدة أسباب:

أ- لأننا أكثر جدًا مما تعتقدون أو تظنون في النوعية وفي الكمية وفي الانتشار والتأثير في عالم المخلوقات على اختلافها، وإن كنت لا تصدقني فسأسأل بعض النمور والأسود الضارية المتوحشة المفترسة التي أصبناها في مقتل نحن المخلوقات التي لا ترى بالعين المجردة والتي تصفنا أنت والبقية من البشر بأننا مخلوقات ضعيفة.

ب ـ الأمر الثاني الذي لا يمكنكم بسببه أيها البشر أن تتخلصوا منا ومن تأثيرنا عليكم نهائيًا هو لأنكم لا تتعلمون من أخطائكم.

قلت: فسر ما قلته الآن.

قال: هل تعلم كم من النفوس والأجساد حصدنا منكم نحن الفيروسات والأوبئة من قبل؟

قلت: لا.

قال: حصدنا حرفيًا الملايين الكثيرة جدًا.

قلت: متى تم حصادكم لهذه الملايين الكثيرة جدًا؟

قال: يوم أصبناكم بڤيروسات الإنفلونزا الإسبانية، وداء الكوليرا، والجدري والطاعون الأسود وغيرها وغيرها الكثير.

أكمل كوفيد ١٩ حديثه قائلاً، أنت تعلم أن السوق الصيني المبلل والذي كان نقطة انطلاقنا للعالم كله هو نفس السوق الذي انطلقت منه مجموعة ڤيروسات إنفلونزا الخنازير والطيور والذي قضى على الألاف إن لم يكن الملايين منكم منذ سنوات قليلة، والمصيبة أنكم لم تتعلموا من أخطائكم، ولم تستعدوا لنا نحن كورونا ١٩، مع أن مجموعة فيروساتنا المعروفة بالكورونا قد هاجمت العديد من بلادكم من قبل، كما حدث في السعودية والبحرين واليمن وأمريكا، ومع ذلك فلم تستعدوا لهجوم آخر منا عليكم، ليس فقط لم تستعدوا بمصل واق منا، أو بعلاج أكيد من إصابتنا لكم، لكن لم تستعدوا حتى بالماسكات الواقية التي تضعونها على أفواهكم وأنوفكم والتي تعتقدون أنها تسد الطريق أمام دخولنا إلى حلوقكم ورئاكم، ولم تستعدوا بالمطهرات والمنظفات والمعقمات ولا حتى بورق التواليت وغيره. لقد حذرتكم أشهر المجموعات المالية المتحكمة في الاقتصاد العالمي كله  وهم مجموعة روكرفيلدز عندما أصدرت ورقه بعنوان: “سيناريو في مستقبل التكنولوجيا والتطور العالمي”، منذ أكثر من عشر سنوات، وكتبت لكم السيناريو الحاصل اليوم بالضبط من أننا سنجتاح أرضكم في عام ٢٠٢٠ ووصفت لكم بدقة متناهية ما سيحدث لكم كبشر عندما نضرب أجسادكم كڤيروسات كورونا، وقد كتبت لكم عن ماذا سيكون مدى تأثيرنا على حياتكم وأشغالكم واقتصادكم وحركة طيرانكم العالمية وتنقلاتكم وتجمعاتكم، حتى الأزمة التي حدثت في الماسكات الواقية لكم والتي تضعونها على أنوفكم وأفواهكم، والأزمة في المطهرات وحتى أزمة الحصول على ورق التوالت كل هذا كتبته لكم بالتفصيل ولم ينتبه أحد ولم يتب بعض المؤمنين عن شرورهم ولم تستيقظ الكنائس على اختلاف طوائفها من نومها لتصرخ إلى الهكم قبل أن تقع الواقعة، وحتى بعد أن اجتحنا أرضكم وأجبرناكم على غلق كنائسكم واجتماعاتكم، فإننا كڤيروسات مازلنا نسمع من أغلبكم كقسوس صلواتكم لله للتخلص منا ومن شرنا، دون أن تتواضعوا وتطلبوا وجهه تعالى ودون أن ترجعوا عن طرقكم الردية، والحقيقة أننا نسمعكم تتكلمون عن تأثركم وتأثر كنائسكم ماديًا بسبب انخفاض ما تجمعونه من عطاءات الغلابة من الناس لعدم تمكنهم من حضور اجتماعاتكم أكثر جدًا من ما نسمع إياكم تتكلمون على اهتمامكم بأعضاء كنائسكم والمترددين عليها لشخصهم ولنموهم في علاقتهم بالله من الناحية الروحية.

ج- لن تستطيعوا القضاء علينا نهائيًا لأنكم أنتم الذين تحضروننا في معاملكم ومختبراتكم لتقتلوا بنا غيركم من البشر المساكين الذين لا ناقة لهم ولا جملاً في حروب وصراع قادتكم على التحكم في موارد بلاد غير بلادهم لتحقيق مصالحهم الشخصية العدوانية وبعد أن تحضرونا تحاولون أن تصرفونا والقضاء علينا، وهذه ليست سُنة الحياة، فالقانون الإلهي للقادر وحده أن يحيي ويميت، الله المتسلط في مملكة الناس هو “ما يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضًا”.

د- لن تستطيعوا أن تقضوا علينا تمامًا لأنكم تثقون بقوتكم وبقدرتكم وبعلمكم وخبراتكم في القضاء علينا أكثر من اللازم، حتى نسيتم أن هناك متسلطًا في مملكة الناس، الإله الحكيم القوي الجبار الذي يقول فيكون ويأمر فيصير والوحيد القادر على أن يحيي ويميت.

هـ – سبب آخر سيمنعكم من القضاء علينا هو لأنكم تفصلون بين حياتكم الروحية والجسدية مع أنهما وحدة واحدة لا تتجزأ، فليس هناك ما يعرف بالحياة الروحية بعيدًا عن الحياة الجسدية ما دمتم تعيشون في الجسد، فأرواحكم لا يمكن أن تعيش بعيدًا عن أجسادكم إلا بعد موت أجسادكم وانطلاق أرواحكم إلى خالقها، فما يؤثر على أحدهما يؤثر بطريقة مباشرة على الآخر، شئتم أم أبيتم.

سألت كورونا: وما دور ما تقول في عدم القدرة على التغلب عليكم ووضع حد لإيذائكم؟

أجاب كورونا: عندما تعيش كإنسان سليم، سوي، مستنير، روحيًا، هذا يجعلك تهتم بجسدك بطريقة صحيحة وتفسر لجسدك كل ما يحدث له تفسيرًا روحيًا سليمًا مبنيًا على كلمة الله، فمن الناحية الجسدية تعمل كل ما يطلب منك للحفاظ على جسدك سليمًا معافًا بعيدًا عن إيذائنا نحن الڤيروسات، ومن الناحية الروحية إذا أصبت بأحدنا، بعد أن عملت كل الاحتياطات الطبية والوقائية اللازمة، سيكون لسان حالك: “إن عشنا فللرب نعيش وإن متنا فللرب نموت. إن عشنا وإن متنا فللرب نحن”، وتكون على يقين أنه إن نقض بيت خيمتك الأرضي فلك في السماء بيت غير مصنوع بيد أبدي. وفي هذه الحالة يتحول لك قصدنا كڤيروسات من أن نصنع لكم شرًا يا بني الإنسان إلى خير، ونكون قد فشلنا في عملنا الشرير تجاهكم، إذ حولتم بإيمانكم واستعدادكم لملاقاة المسيح، حولتم اللعنة إلى بركة لحياتكم.

و- سبب آخر هو لأنكم مستخفون ومستهترون بنا كمخلوقات تظنون كما قلت سابقًا أننا مخلوقات ضعيفة، فأنتم لا تعرفون معنى الضعف أو القوة الحقيقية، الضعف والقوة الحقيقية يا سيدي هو شيء نسبي.

قلت: اشرح.

أجاب كورونا: لقد دون لكم بولس الرسول اختباره في القول: “حينما أنا ضعيف، فحينئذ أنا قوى”، ومكتوب: “ليقل الضعيف بطل أنا”، وغيرها الكثير من الآيات، فالقوة والضعف مرتبطة ارتباطًا لا ينفصل عن صاحب القوة في ذاته، والمعطي لها لمن يشاء، ليتمم مقاصده الإلهية.

زـ أمر آخر لن تتمكنوا معه من القضاء علينا تمامًا هو لأنكم تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله، فلقد أنبأكم سيد الخلق أجمعين أنه في الأيام الأخيرة ستأتي أوبئة وزلازل ومجاعات، وأنتم تصرون الآن على أن تحنوا رؤوسكم إلى أسفل، بل وفي بعض الأوقات، دفنها في الرمال في مثل هذه الأحداث والأوبئة والزلازل، ناظرين إلى الأرض ومن عليها ليخلصوكم من منغصاتكم وأسباب أمراضكم، مع أنه سبحانه وتعالى، وهو عالم بطبيعتكم البشرية الضعيفة الفاسدة المبيعة تحت الخطية، أوصاكم قائلاً عندئذ “ارفعوا رؤوسكم لأن نجاتكم تقترب”.

شعرت في نفسي أنني لن أستطيع أن أقاوم المنطق والحكمة التي يتكلم بها ڤيروس كورونا هذا، فقلت له محاولاً الانفراد بنفسي بعيدًا عنه لأتفكر فيما قاله لي في هذا اللقاء

قلت: في النهاية يا ڤيروس كورونا هل يمكن قبل أن أتركك أن توجه نصيحة مختصرة  للناس المرتعبة منك في هذه الأيام؟

قال كورونا: مع أني أعلم أن لا أحد من الناس يريد أن يأخذ نصيحة مني، حيث أنهم يعتبرونني عدوهم الأول، لكن أقول لهم:

١- أحذركم يا بني البشر من أنني لن أكون آخر الڤيروسات التي ستضرب الأرض، بل قد سمعت الشرير يقسم برأس رئيس مملكة الظلمة أنه سيرسل لكم سريعًا ڤيروسًا آخر أسوأ مني، فاستعدوا للقائه، فنهاية فترة مبتدأ الأوجاع قد مضت، واليوم دخلت أرضكم فترة الأوجاع التي تسبق مجيء الآتي الذي سيأتي سريعًا ولن يبطئ، فقولوا، آمين. تعال أيها الرب يسوع.

٢- استعدوا للقاء إلهكم فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم ولتأتي أزمنة الفرج من عند الرب.

٣- نصيحتي أيضًا لكم هي أن لا تخف أيها القطيع الصغير لأننا لم ولن نُعطى سلطانًا، كمسببات للأمراض وقابضين للحياة، أن نمس أرواحكم لأنكم لستم ملكًا لنا ولا لرئيس مملكة الظلمة، رئيس سلطان الهواء، بل أنتم ولدتم ثانية لرجاء حي، بقيامة يسوع المسيح من الأموات، لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل، محفوظ في السماوات لأجلكم، أنتم  الذين بقوة الله محروسون، بإيمان، لخلاص مستعد أن يعلن في الزمان الأخير، فأنتم ملك للذي مات لأجلكم وقام، فأقامكم معه وأجلسكم معه في السماويات فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة، وكل اسم يسمى ليس في هذا الدهر فقط بل في المستقبل أيضًا.

٤- لا تتركوا كنائسكم واجتماعاتكم كما لقوم عادة، فمن يهمل حضور اجتماعات كنيسته بإرادته، وبدون عذر قهري، سيأتي اليوم الذي يشتاق ويتمنى فيه أن يحضر اجتماعًا في كنيسة ولن يستطيع، كما هو حادث معكم اليوم.

٥- أخيرًا اذهبوا للعالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس.

تركت ڤيروس كوفيد ١٩ شاكرًا إياه على حديثه معي، مصليًا أن يتدخل القدير لفنائه في أسرع وقت ممكن، ومصليًا لنفسي وأحبائي والكنيسة ككل بالحفظ والحماية منه ومن أمثاله، وبأن نفوق من غفلتنا ونتواضع ونصلي ونطلب وجه الرب ونرجع عن طرقنا الردية، حتى يسمع الله من السماء ويغفر خطيتنا ويبرئ أرضنا.

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا