19.4 C
Cairo
السبت, أبريل 27, 2024
الرئيسيةفكر مسيحيالوقت وكنيسة اليوم – 3 الشهرة

الوقت وكنيسة اليوم – 3 الشهرة

القس رأفت رؤوف الجاولي

بادئ ذي بدء هناك احترام كامل لعمل الله في كل مكان وشكر للرب لأجل كل عمل روحي يمجد المسيح، فهناك أمناء وأتقياء كثيرون ساهرون على عمل الله بكل تفاني وتضحية عميقة بل وبذل وعطاء… لكن هناك ظواهر غير مألوفة لا يمكن أن تجعلنا لا نرى الأمناء والأفاضل، فقد كنتُ بالفعل لا أتخيل أبدًا أن أكتب اليوم عن كنيسة المسيح وعلاقتها بالشهرة ولذا فالاستنارة الروحية هي وحدها ووحدها فقط وراء وأساس إثارة ذلك الموضوع. ومع ذلك فإن هناك أمرًا هامًا آخر سبق أن أشرت إليه في هذه السلسلة ألا وهو: أن الوقت يتحرك سريعًا جالبًا لنا أمورًا عجيبة تحدث اليوم وقد تم الاعتياد عليها فصارت كأنها أمور طبيعية. ونتناول ذلك الموضوع الهام عن”علاقة كنيسة اليوم والشهرة “من خلال النقاط التالية:

أولاً: مفهوم الشهرة

وهنا يأتي السؤال الهام: لماذا نحب الشهرة؟

1- لا شك في أن الشهرة فطرة أصيلة في الإنسان تنتمي لمحبة الإنسان لنفسه، ولكن هل كانت المشكلة في محبة الإنسان لنفسه أم في جهله بكيفية الحب لنفسه؟ إن مشكلة البشر كانت في عدم معرفتهم كيف يحبون أنفسهم.

2- الشهرة أمر خطير لأنها تجعل الإنسان يشعر بالمكانة وبأنه أعلى شأنًا من غيره، فالشهرة لها بريق جاذب للغاية لأنها تثير فضول الناس، فالذات تبرز وراء حب الشهرة التي تجعل الأضواء مسلطة على عمل أو أمر معين بدلاً من رؤيا إلهيه روحية صائبة.

3- الشهرة تخلق أهدافًا وهمية حيث إن معاييرها تفتقر إلى الموضوعية فتميل للمزاج والتفضيلات العاطفية بدلاً من التفكير العقلي المتزن السليم.

4- الشهرة تسبب ألمًا لا يوصف لمن هم ليسوا مشهورين حيث يرون أن الدعوة المحدودة لهم للخدمة فيها إجحاف لهم وتقليل من مكانتهم الروحية.

5- الشهرة قد تخلق منافسه بأسلوب العالم بين خادم وآخر وتجعل هناك بذرة جمود أو تباعد في علاقة بعض الخدام معًا. فنحن لا ينبغي أن ننكر أبدًا أن “الجسد” لا يزال يؤثر والميول الذاتية لا تزال جامحة فينا مهما تكرسنا وتقدسنا في عمل الرب.

ثانيًا: الشهرة وكنيسة اليوم

وحتى نتبين المقصود بذلك، سأبدأ في هذه الفكرة بافتراض محدد ألا وهو: لنتخيل أن إحدى الكنائس قررت أن تقيم مجموعة من الليالي الانتعاشية وقررت أن تدعو مرنمًا وواعظًا غير معروفين للكثيرين. ما هو حجم الثورة والغضب العارم بين جموع أعضاء هذه الكنيسة والمتعبدين بل والتساؤل: لماذا ولماذا؟

والسبب بكل بساطة هو أن شعب الرب صنَّف الخدام، سواء مرنمين أو وعاظ، إلى خدام مشهورين وخدام غير مشهورين. وعند وجود أي فرص روحية في أي كنيسة فإن شعب الرب يضغط على الخادم المسئول أو الراعي لدعوة المشهورين فقط. بالطبع لا يوجد أي أمر قام به الخدام الأفاضل لجذب الشهرة، بل فقط بسبب الميديا وانتشار اليوتيوب أصبح الناس يتابعون أسماء بعينها تروق لها. وهنا أؤكد مرة أخرى أنه لا يوجد عيب في هؤلاء الخدام على الإطلاق بل العيب في المتابعة الانتقائية لشعب الرب، فقد يميلون لمتابعة المنتشر عبر الميديا أكثر من الأشخاص الذين ليس لهم تواجد على الميديا، فشكلت الميديا حالة من الهلع في متابعات محددة لأسماء بعينها.

ثالثًا: حلول هامة

1- يمكن عمليًا ترتيب عدد من الليالي الانتعاشية على أن تحوي اسمين معروفين واسمًا غير معروف حتى يتم تدريجيًا نضوج شعب الرب ويعتبر بعد ذلك أن الخدام غير المعروفين هم خدام أفاضل أيضًا شانهم شأن المعروفين (المشهورين). وهذا يعتمد على فريق كنسي واعي وصاحب رؤيا وأهداف واضحة.

2- تنويع الخدام المدعوين للخدمة أيام الآحاد هام وضروري لأن تنويع الطعام المقدم يتضمن نضوج شعب الرب. وفي ذات الوقت تتزامن مع ذلك ضرورة صبر الخدام بالكنيسة على أي ردود فعل من شعب الكنيسة تطالب بأسماء بعينها ولا ترضي بغيرها أبدًا.

3- ضرورة تدريب متكلمين ووعاظ من قادة الكنيسة حتى يكون هناك فهم واستيعاب علمي وروحي لأهمية الوعظ وتنوع مدارس الوعظ ما بين موضوعي وتفسيري. فإذا وُجِدَ هذا التعليم في الكنيسة وانتشر فإنه سيساعد على النضج في اختيار الوعاظ المدعوين من خارج الكنيسة.

أخيرًا أصلي أن يفتقد الله شعبه في هذه الأيام الشريرة وأن تعاد صياغة فكر الكنيسة لبناء كنيسة الغد قوية وشامخة، والغرض كله مجد المسيح وحده لا غير. والطريق يبدو عسيرًا وطويلاً نحو التغيير المقصود حتى وإن لاقى الرفض والثورة أولاً، لكن مع الوقت لا يصح إلا الصحيح.

وصلاتي اليوم أن يُنهِض الرب أبطالاً يغيرون غيرة مقدسة على عمل الرب ويعون جيدًا حتمية تغيير ذلك المشهد الموجود الآن.

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا