الهدية العظمى

1

جلوريا حنا

أسمع منذ فترة أغنية تدعى “The Greatest Gift” أو “الهدية العظمى”، وهي غناء عائلة “بوتشيلي” أو ربما ثلاثة منهم. هي أغنية عيد الميلاد في المقام الأول لكني قررتُ مشاركتها في عيد القيامة، إذ أن الهدية التي يتحدثون عنها هي المحبة، ولن نجد أفضل من فداء السيد المسيح لنا لمعرفة معنى المحبة الحقيقية. هذه الأغنية تتحدث بشكل عام عن منح المحبة للآخرين وقضاء بعض الوقت مع بعضنا حتى مع أبسط الإمكانيات، مثل مجرد الجلوس حول المدفأة في يوم شتائي بارد، وهذا هو موضوع حديثنا.

يعلِّمنا الكتاب المقدس أن المحبة هي الوصية العظمى؛ عندما سأل رجل ناموسي السيد المسيح عن الوصية العظمى في الناموس أجاب يسوع وقال: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ» (مت 22: 37-40)، فكثير من الوصايا تعتمد على المحبة كي نستطيع تطبيقها، كما أن الرسول بولس منحنا إصحاحًا كاملًا في رسالة كورنثوس الأولى، وهو الإصحاح الثالث عشر، يتحدث عن المحبة فقط.

نعيش في عالم يدعو لتفضيل الذات على الآخرين، يدعونا ألا نضحي بأي شيء في سبيل إسعاد شخص آخر حتى وإن كان هذا الشخص يستحق. تلك الدعوات ليست من باب حماية الذات من الأذى، ولكن من باب أن نفسي أولى. وبرغم من الأعمال الفنية التي تدعو لعودة الود والمحبة بين الناس، إلا أن الناس لا تصدق، وتسمي مثل تلك الرسائل شعارات فارغة، لأنها مسلسلات لا علاقة لها بالواقع المؤذي.

عزيزي… تجدني مؤخرًا بدأتُ أتحدث كثيرًا عن المحبة، ربما بدايةً من عيد الميلاد وحتى الآن، لكن هذه هي الوصية العظمى التي يجب أن نسير عليها في عالم يدعو لفعل العكس. فداء السيد المسيح لنا ليس لأجل شيء مميز فينا، بل لأجل أنه هو أحبنا، «ليس لأحد حبّ أَعظم من هذَا: أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه.» (يو15: 13). الجدير بالذكر أن ما يميزنا كتلاميذ للمسيح هو محبتنا بعضنا لبعض ومحبتنا للآخرين، وهذا ما أوصى به المسيح تلاميذه: «بهذا أوصيكم حتى تحبوا بعضكم بعضًا» (يو15: 17)، وإثبات محبتنا لله هو أن نحفظ وصاياه.

صدقت الأغنية عندما قالت إن أعظم هدية هي المحبة، فالله المحبة بنفسه قد قدم لنا ذاته هدية لأجلنا، كي نكون معه. والمحبة أيضًا هي الدافع الأساسي لأي هدية نقدمها في أي مناسبة، وأي هدية لا تقدم بغرض المحبة، فلا تُسمى هدية. وفي مقالة سابقة ذكرتُ أن الوقت هو أغلى هدية يقدمها الشخص بعد حياته، فحتى الوقت لا نستطيع أن نعطيه بفرح بدون دافع المحبة. انتباهنا لئلا نؤذي أنفسنا لا يعني أن نمتنع عن المحبة كليًا، بل أن نكون حكماء، سائرين على نهج يسوع المسيح الذي كان يقدم المحبة للجميع.

لنشكر الله على هديته الغالية العظيمة، والتي بها أعطانا حياة… عيد قيامة مجيد!

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا