ما من شك أن المشاهد والمتابع لما تمر به الكنيسة المصرية في السنين القليلة الماضية يمكنه أن يرى بسهولة ما وصلت إليه على اختلاف طوائفها، وخاصة الكنيسة الإنجيلية على اختلاف مذاهبها، من تدهور في العلاقات بعضها مع بعض، ومن تطبيع للعلاقات بينها وبين تعاليم الأديان الأخرى المحيطة بها، وتقهقر واضح في فهم وتطبيق المفاهيم الكتابية الصحيحة، كالإيمان بظهور القديسين الراقدين بصورة أو أخرى لنا في هذه الأيام الشريرة، واستخدام الله لظهوراتهم ليثبت أنه لا يترك نفسه بلا شاهد، وسيرى المشاهد والمتابع لأحوال الكنيسة في هذه الأيام واتجاهها السريع نحو خلط التبن مع الحنطة والإعلان عن ذلك صراحة على البرامج التليفزيونية المسيحية المذاعة على قنوات فضائية منحلة لا يهمها إلا التواجد على الساحة الإعلامية المسيحية وهم يتحدثون عن المقدسات بطريقة ساخرة وباستخفاف وتقليل من قيمة من ينادون بعدم خلط التبن مع الحنطة، المسيحي الكتابي السليم مع الإسلامي غير المعترف به لدى الكنيسة من قديم الزمان، ومجاملة الناس على اختلاف أنواعهم وأديانهم على حساب الحق المعلن في كتاب الله الوحيد التوراة والإنجيل، والتنازل عن حقائق مسَلمّه لنا عبر الأجيال من القديسين الذين كتبوا لنا الكلمة النبوية التي هي أثبت والذين حذرونا يومئذ عند كتابتهم الوحي، نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور، من دخول أنبياء كذبة كثيرين وظهورهم لنا في ثياب حملان وهم لا يشفقون على الرعية، ومن أرواح شريرة كثيرة تعمل ضد المسيح وكنيسته كأرواح الغي، والكذب، والتدين، والنوم العميق، والزنى المادي والروحي، وروح ضد المسيح، الذي لا يؤمن أن المسيح يسوع – تبارك اسمه – جاء في الجسد، وأنهم ما صلبوه وما قتلوه ولكن شبه لهم وأنه – تبارك اسمه – لم يقم من الأموات ولا صعد إلى السموات كغالب منتصر على الموت، حيث أنه في اعتقادهم وحسب ما أملاه عليهم روح ضد المسيح لم يمت من أصله حتى يقوم ويصعد.
وحيث أن الحادث اليوم في الكنيسة المصرية ليس جديدًا على كنيسة المسيح يسوع التي اقتناها بدمه منذ بدايتها، فكل ما يحدث للكنيسة وفي الكنيسة اليوم حدث من قبل مع الكنيسة الأولى في مهد بدايتها، إذًا لابد من الرجوع لكتاب الله ومراجعة ومطابقة ما يحدث في الكنيسة اليوم مع ما حدث في الكنيسة الأولى، ولابد من دراسة الطرق الكتابية التي اتخذها “المعتبرون أعمدة” في القديم في إرساء قواعدها، وحل مشاكلها، والعمل على سرعة انتشارها في المسكونة كلها، ولابد من تطبيق واستخدام نفس الطرق الكتابية التي اتخذها الرسل الأولون لحل كل ما يعترضنا في هذه الأيام من مشاكل.
ولكي يتم ويتحقق ذلك لكنيسة اليوم لابد أن نبدأ من أولى الخطوات التي اتخذها المسيح – تبارك اسمه – ليحقق بها هدفه في أن يبني كنيسته وأبواب الجحيم لن تقوى عليها وأن تسير كنيسته إلى بر الأمان، بالرغم من الرياح العاتية والأمواج العالية القاسية التي مرت بها الكنيسة الأولى في العالم الذي كان يحيط بها منذ بدايتها، من قلة عدد التلاميذ المكرسين الذين طلب منهم – تبارك اسمه – أن يذهبوا للعالم أجمع وأن يكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها، وينشروا تعاليمه وحياته في كل الأرض، أضف إلى ذلك عدم وجود كتاب العهد الجديد، الإنجيل، كاملاً مكتوبًا في متناول أيديهم، ودخول كثير من الوثنيين لملكوت المسيح وهم يحملون معهم عاداتهم وتقاليدهم وفي بعض الأحيان أصنامهم وأعمالهم وسيرتهم التي تقلدوها من الآباء، هذا بالإضافة إلى قسوة المستعمر الروماني في إخضاعهم واستعبادهم واحتلال بلادهم ومقاومة أتباع الدين الجديد، ومن هيمنة رجال الدين اليهودي، من الكهنة والكتبة والفريسيين ورؤسائهم، على الحياة الدينية في ذلك الوقت، واعتبارهم أن من ليس من سبط الكهنوت اللاوي ومن عشيرة هارون لا حق له في أن يقترب منهم أو مقدساتهم، أو من تعاليمهم ونظامهم الكهنوتي الذي لم ينتبهوا أنه قد انتهى وولى، ولم تعد البشرية في حاجة إليه، يوم جاء المسيح ومات وقام وأصبح هو رئيس الكهنة إلى الأبد، وأنهم لا ولن يحتاجوا فيما بعد إلى مذبح أو ذبيحة ولا كهنة أرضيين يلبسون ثيابًا مختلفة عن بقية المصلين والعابدين في كنائسهم أو معابدهم، لأن هذه كلها كانت ظل الأمور العتيدة.
أما الخطوة الأولى التي اتخذها السيد – تبارك اسمه – هي أنه أقام مجموعة تتكون من ثلاثة أفراد صاروا له من المقربين، والذين عرفوا فيما بعد بين التلاميذ والإخوة بـ “المعتبرين أعمدة” وهم بطرس ويعقوب ويوحنا. فبالرغم من اختياره الاثني عشر تلميذًا لتعليمهم جميعًا حقائق الملكوت، وتدريبهم كتابيًا وعمليًا على فهم رسالته الجديدة واختلافها عن ما أنزل من قبلها على موسى كليمه، من ناموس وشرائع وقوانين ووصايا وفرائض، ولإعدادهم لنشر رسالته، تبارك اسمه، في العالم أجمع لإخراج الناس من الظلمات إلى نوره العجيب، إلا أنه خص بطرس ويعقوب ويوحنا “المعتبرون أعمدة” بمساحة أكبر من التعليم والتدريب والإرسالية والمسؤولية، لذا كانوا هم وحدهم معه في جبل التجلي حين تغيرت هيئته وظهر موسى الكليم وإيليا النبي الناري يتحدثون معه، وحتى في ساعاته الأخيرة على الأرض كان هؤلاء الثلاثة أقرب ما يكونون إليه على بعد نحو رمية حجر وهو يصلي صلاته إلى الآب قبل القبض عليه بلحظات، كما اختار – تبارك اسمه – أحد هؤلاء المعتبرين أعمدة، بطرس، ليعطيه مفاتيح ملكوت السموات.
وما أحوجنا اليوم في الكنيسة الإنجيلية المصرية إلى قيام مثل هذه المجموعة الصغيرة على غرار “المعتبرين أعمدة” في الكنيسة الأولى، فبكل الأسف والأسى أقول إن واحدة من أكثر المشاكل تعقيدًا في الكنيسة المصرية عامة، والإنجيلية المصرية خاصة، أن المعتبرين أعمدة، أو من كان ينبغي أن يكونوا من المعتبرين أعمدة، كرعاة بعض الكنائس، صغيرها وكبيرها عدديًا، وبعض المرنمين، والمعلمين والمشيرين، وأساتذة بعض كليات اللاهوت والقادة والمسؤولين عن الكنيسة هم الذين يحتاجون إلى آخرين من “المعتبرين أعمدة” ليقوموهم وليتابعوهم عن قرب ويدرسوا فلسفاتهم وتعاليمهم وإيمانهم وقناعاتهم ويواجهوهم بالحقائق وبنتائج تصريحاتهم وتعاليمهم صحيحة كانت أم خاطئة.
ويعلمنا الروح القدس من خلال ما كتبه بولس رسول يسوع المسيح عن نفسه وعلاقته بالمعتبرين أعمدة في الكنيسة الأولى، فبالرغم من ما نعرفه جميعًا عن من هو بولس، خلفيته التي كانت متطرفة في التعامل مع كنيسة الله، واختبار لقائه بالمسيح الذي أسقطه من فوق ظهر حصانه، ونور المسيح العظيم الذي أعمى عينيه ثم معجزة شفائه من العمى، بعد أن وضع حنانيا تلميذ السيد المسيح يديه عليهما، فتساقطت القشور من عينيه، ثم ذهابه إلى العربية وقضائه ثلاث سنوات هناك، وهي نفس المدة تقريبًا التي قضاها التلاميذ مع السيد المسيح وقت وجوده على الأرض بالجسد، وبالرغم من أن بولس قد قبل الإنجيل وتعاليمه ليس من إنسان بل بإعلان من يسوع المسيح نفسه في تلك الفترة التأسيسية الأولى في حياته والتي قال عنها في رسالته إلى أهل غلاطية: “وأعرفكم أيها الإخوة الإنجيل الذي بشرت به، أنه ليس بحسب إنسان. لأني لم أقبله من عند إنسان ولا علمته. بل بإعلان يسوع المسيح. فإنكم سمعتم بسيرتي قبلاً في الديانة اليهودية، أني كنت أضطهد كنيسة الله بإفراط وأتلفها. وكنت أتقدم في الديانة اليهودية على كثيرين من أترابي في جنسي، إذ كنت أوفر غيرة في تقليدات آبائي. ولكن لما سر الله الذي أفرزني من بطن أمي، ودعاني بنعمته أن يعلن ابنه فيّ لأبشر به بين الأمم، للوقت لم أستشر لحمًا ودمًا ولا صعدت إلى أورشليم، إلى الرسل الذين قبلي، بل انطلقت إلى العربية، ثم رجعت أيضًا إلى دمشق. ثم بعد ثلاث سنين صعدت إلى أورشليم لأتعرف ببطرس، فمكثت عنده خمسة عشر يومًا. ولكنني لم أر غيره من الرسل إلا يعقوب أخا الرب” (غل1: 13-19).
بالرغم من كل ما تقدم إلا أنه في النهاية يكتب: “ثم بعد أربع عشرة سنة صعدت أيضًا إلى أورشليم مع برنابا، آخذًا معي تيطس أيضًا. وإنما صعدت بموجب إعلان، وعرضت عليهم الإنجيل الذي أكرز به بين الأمم، ولكن بالانفراد على المعتبرين، لئلا أكون أسعى أو قد سعيت باطلاً”، ثم يكمل: “فإذ علم بالنعمة المعطاة لي يعقوب وصفا ويوحنا، المعتبرون أنهم أعمدة، أعطوني وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للأمم، وأما هم فللختان. غير أن نذكر الفقراء. وهذا عينه كنت اعتنيت أن أفعله”.
لذا فمن الواضح أنه إذا أرادت الكنيسة في مصر وفي هذه الأيام بالذات أن يصلح الله حالها، فعليها أن تبحث عن أولئك “المعتبرين أعمدة” فيها وتعطيهم مكانتهم في مراقبتها ومحاسبتها عند انحرافها وقيادتها بالروح القدس وتشجيعها عند إحسانها.
ولعل أهم عناصر لابد من دراستها والتأكد من وجودها قبل اعتماد الروح القدس لمن هم “المعتبرون أعمدة” في الكنيسة المصرية هي نفس العناصر التي توفرت في الذين كانوا “المعتبرين أعمدة” في الكنيسة الأولى والتي منها:
أ- أن يكونوا ملتزمين بالتعاليم الكتابية النقية التي تسلمناها من خلال الكلمة النبوية التي هي أثبت دون إقحام لأفكارهم الشخصية أو قناعاتهم الذاتية في التعاليم الكتابية، في ذلك يقول يوحنا، من كان أقرب الناس إلى السيد – تبارك اسمه – والوحيد الذي تبعه حتى الصليب، وهو أحد المعتبرين أعمدة في الكنيسة الأولى، يقول: “الذي كان من البدء (المسيح يسوع، تبارك اسمه)، الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا، الذي شاهدناه، ولمسته أيدينا، من جهة كلمة الحياة”.
ويؤكد الرسول بطرس وهو الكبير بين “المعتبرين أعمدة” كلام يوحنا الحبيب سابق الذكر، بالقول: “لأننا لم نتبع خرافات مصنعة، إذ عرفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح ومجيئه، بل قد كنا معاينين عظمته. لأنه أخذ من الله الآب كرامة ومجدًا، إذ أقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسنى: «هذا هو ابني الحبيب الذي أنا سررت به». ونحن سمعنا هذا الصوت مقبلاً من السماء، إذ كنا معه في الجبل المقدس. وعندنا الكلمة النبوية، وهي أثبت، التي تفعلون حسنًا إن انتبهتم إليها، كما إلى سراج منير في موضع مظلم، إلى أن ينفجر النهار، ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم، عالمين هذا أولاً: إن كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص. لأنه لم تأتِ نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس”. (2بط1: 19-21).
لذا قال رسول الأمم بولس: “ولكن إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم، فليكن «أناثيما»! كما سبقنا فقلنا أقول الآن أيضًا: إن كان أحد يبشركم بغير ما قبلتم، فليكن «أناثيما». (غل1: 8-9).
ب ـ أناس تركوا ما يشغلهم ويربطهم في العالم الحاضر، تركوا كل شيء من اهتمامات أرضية، ومصالح شخصية، وزعامات فردية وتدربوا على الخدمة الجهادية والجهارية، دون سند أو اعتماد على دعم معنوي أو مادي من إرساليات خارجية أو جهات أو هيئات محلية أو أجنبية وتبعوا المسيح – تبارك اسمه – حال سمعه كل منهم يأمره: “اتبعنى أنت”، كما عبر عن ذلك مقدامهم بطرس الرسول بالقول: “ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك”.
ج ـ أناس التصقوا بالرب في كل الظروف، يوم لم يكن له أين يسند رأسه، ويوم هتف له الناس وأرادوا أن يتوجوه ملكًا أرضيًا، يوم أشبع الجموع الغفيرة بالسمكات والخبزات القليلة، وهكذا ثبتوا على حالهم يوم أظهر لهم – تبارك اسمه – لمحة من مجده على جبل التجلي، ويوم ساروا معه في طريق الآلام للصليب وسمعوا قوله تعالى، وهو مروى الأرض كلها، أنا عطشان، وبعدها ذهبوا في معيته، بلا كيس ولا مزود، للعالم أجمع لكي يكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها.
د ـ أناس يتم فيهم ما كتبه بولس الرسول عن نفسه وعن سائر الرسل رفقائه في القديم حين خاطب الكنيسة التي كانت في كورنثوس بالقول: “فإني أرى أن الله أبرزنا نحن الرسل آخرين، كأننا محكوم علينا بالموت. لأننا صرنا منظرًا للعالم، للملائكة والناس. نحن جهال من أجل المسيح، وأما أنتم فحكماء في المسيح! نحن ضعفاء، وأما أنتم فأقوياء! أنتم مكرمون، وأما نحن فبلا كرامة! إلى هذه الساعة نجوع ونعطش ونعرى ونلكم وليس لنا إقامة، ونتعب عاملين بأيدينا. نشتم، فنبارك. نضطهد، فنحتمل. يفترى، علينا فنعظ. صرنا كأقذار العالم ووسخ كل شيء إلى الآن. (1كو4: 9-13).
هـ ـ أناس لديهم من المواهب الروحية الممنوحة لهم بالروح القدس ما يمكنهم من تمييز الأرواح المضادة والمهاجمة ومقاومتها وانتهارها وفضح خباياها وكسر أعمالها الشريرة والانتصار عليها.
وـ أناس يتم اختيارهم بناء عن كل ما تقدم، إلى جانب الصفات التى يتحلى بها الأسقف المختار من الله، لا المقام من الناس، والواردة فيما كتبه الرسول بولس في رسالته الأولى لتلميذه تيموثاوس وما نصه: “فيجب أن يكون الأسقف بلا لوم، بعل امرأة واحدة، صاحيًا، عاقلاً، محتشمًا، مضيفًا للغرباء، صالحًا للتعليم، غير مدمن الخمر، ولا ضراب، ولا طامع بالربح القبيح، بل حليمًا، غير مخاصم، ولا محب للمال، يدبر بيته حسنًا، له أولاد في الخضوع بكل وقار. وإنما إن كان أحد لا يعرف أن يدبر بيته، فكيف يعتني بكنيسة الله؟ غير حديث الإيمان لئلا يتصلف فيسقط في دينونة إبليس. ويجب أيضًا أن تكون له شهادة حسنة من الذين هم من خارج، لئلا يسقط في تعيير وفخ إبليس”. (1تيمو3: 2-6).
زـ أخيرًا لابد من اختيار أولئك “المعتبرين أعمدة” بطريقة رأى الروح القدس ونحن، تلك الطريقة التي كان يمارسها رجال الله القديسون المعتبرون أعمدة في الكنيسة الأولى عند اختيار رسول جديد بين الرسل، أو من يريدون أن يرسلوهم ليحملوا البشارة إلى أقصى الأرض أو حل مشكلة روحية تعترض الكنيسة، والتي بدونها لا يمكن أن يصير أي أخ أو أخت من المعتبرين أعمدة، فالكنيسة كنيسة الله، والاختيار لابد أن يكون اختيار الله بالروح القدس، والقوة لممارسة دور المعتبرين أعمدة قوة يمنحها الله، والحكمة والإرشاد والقدرة على المثابرة في مثل هذه الوظيفة هي فقط من عند الله الذي يعطى الجميع بسخاء ولا يعاير.
أما مهمة وتكليف وعمل المعتبرين أعمدة، في أبسط أشكالها هي:
أ- الوقوف على المرصد لرؤية الأحداث على اختلافها، والهرطقات والتعاليم الغريبة الشيطانية قبل أن تتسلل داخل الكنيسة دون أن ينتبه إلى تسللها أحد، وأن يتعاملوا معها ويحاربوها بطريقة وأسلحة روحية سليمة قبل وصولها للعامة من الشعب المسيحي، وتمييز الأرواح الشريرة التي قد تكون عاملة في أحداث ما، كروح رابعة العدوية الصوفية التي تسللت إلى داخل الكنيسة في السنوات القليلة الماضية وأصابت في مقتل بعض الخدام والقسوس والمرنمين والمشيرين وتسببت في انقسام في الكنائس بين أعضائها، والتشويش العالي جدًا الذي أصم السامعين، وأعمى المبصرين وأدى إلى كراهية الخدام بعضهم لبعض، والتطاول أحدهم على الآخر والسخرية منه ورسمه على صفحات الفيس بوك كبغل يرفس ليس إلا. وكذلك روح الغي الذي جعل البعض يخلط بين التبن والحنطة، المولد والميلاد، الترانيم الروحية المسيحية بالتواشيح الدينية الإسلامية، المقارنة بين ظهور القديسين يوم تشققت الصخور وانفتحت القبور عند قيامة رب الحياة من الموت بظهور الأرواح المختلفة فوق الكنائس اليوم، وادعاء أن القديس الميت شربل مازال قبره يخرج ماء ودم، أضف إلى ذلك الأفكار الليبرالية التي ينادي بها الكثيرون داخل الكنيسة، والطعن في الميلاد العذراوي وفي حرفية وحي الكتاب المقدس، والتشجيع على زواج المسيحيات من غير المسيحيين وإظهار جمال الأسرة التي يكون الخال فيها مسيحيًا والعم مسلمًا، والسماح للمسلمين بالآذان وإقامة الصلاة في قاعات الكنائس الإنجيلية والصلاة على منابرها لروح ضد المسيح، مرددين بأعلى أصواتهم كل ما يخالف تعاليم المسيح يسوع – تبارك اسمه – ومشتركين معًا في الترنيم للمسيح والمديح لغير المسيح من على نفس المنبر أو المسرح أو البرنامج التليفزيوني و، و، و، إلخ.
٢- أما العمل الثاني الذي ينبغي أن يقوم به “المعتبرون أعمدة” هو النفخ في الأبواق التي يحملونها بكل قوتهم وبأعلى أصواتهم وبكل الطرق في الإذاعات والفضائيات والفيس بوك ووسائل التواصل مع المؤمنين أينما كانوا، بمجرد أن يروا عدو النفوس يأتي بأية صورة من الصور، ولا يصمتون كما صمتت البقية التقية واختفت عند موقعة جبل الكرمل وتركوا نبي الله إيليا ليبقى وحده، ويصرخون بأعلى أصواتهم لتحذير المحلة ومن فيها من قسوس وقادة ومؤمنين صاحين أو حتى مغيبين، من الأرواح الشريرة العاملة في الكنيسة اليوم، فالسكوت عن إعلان الحق بكل قوة وعدم التصدي للباطل بكل عنف ومحبة ليس من عمل “المعتبرون أعمدة” في أي مكان وزمان، فقد يأتي العدو كنهر ولكن نفخة الرب تبيده، وقد يأتي كحية لكن نسل المرأة قد سحق رأسها على الصليب وسيسحقه في كل مرة يتسلل فيها ليسحق عقب جسده الكنيسة، وإن أتى كملاك نور فصاحب النور الأقوى والنار الآكلة على استعداد أن يلاشيه بنوره، أما إذا جاء كأسد مزمجر، فالأسد الحقيقي الخارج من سبط يهوذا قد غلب وخرج لكي يغلب.
٣- العمل الثالث الذي لابد من إتمامه بواسطة “المعتبرون أعمدة” هو قيادة المتجردين والمجندين والمتجندات للتصدي للعدو الشرير في أي مكان وزمان، ولقيادة الحرب الروحية في كل كنيسة وطائفة ومذهب، تلك الحرب القادرة على الانتصار على العدو، وكشف خططه وهدم حصونه بالأسلحة الروحية المعطاة لنا من القائد الأعظم الرب يسوع المسيح.
٤- أما المهمة الرابعة “للمعتبرين أعمدة” هي قيادة الآخرين لكي بيدٍ يبنون الخرب القديمة، ويقيمون أساسات دور فدور في أسوار الكنيسة المنهدمة، ويرممون الثغرات التي يمكن أن يعاود العدو المحاولة للدخول منها، ويرجعون المسالك للسكنى، بيد يبنون وبيدٍ يحملون السلاح، ويعلمون شعب الرب القتال في معركة الحق الكتابي، وهم واقفون على مرصادهم ليل ونهار.
ومع علمي الكامل أن من يقبلون الخضوع للمعتبرين أعمدة وقبول إرشاداتهم وتوجيهاتهم ونصائحهم وحلولهم للقضايا التي تواجه الكنيسة اليوم دون عناد أو كبرياء أو تصلف هم أولئك المؤمنون الحقيقيون المخلصون المشتهون بكل قلوبهم أن يرضوا سيد كل الأرض، الرب يسوع المسيح وأن يسيروا في إثر خطواته، وهؤلاء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون عند مجيء القدوس ليجازي كل واحد حسب عمله، أرى أنه يوجد على الجانب الآخر أولئك الذين ظنوا في أنفسهم أنهم معلمو الكنيسة، ومكتشفو أسرار لم تعلن للذين من قبلهم، والذين لا يهمهم في قليل أو كثير تشويه جسد المسيح بخلط التبن مع الحنطة، ويظنون أنهم وحدهم هم الفاهمون والعارفون ببواطن الأمور التي يحصلون عليها في الحضرة الإلهية الصوفية، وأنهم مؤهلون لكي يأخذوا الكتاب المقدس من أيدي كل من يخالفهم في هرطقاتهم، هؤلاء جميعًا لن يخضعوا للمعتبرين أعمدة، حيث أنهم يظنون أنهم هم الذين ينبغي أن يكونوا “المعتبرون أعمدة” في كنيسة اليوم.
ولأولئك أوجه نصيحتي البسيطة بالكف عن إقحام تعاليمهم الشيطانية الصوفية على كنيسة الله التي اقتناها بدمه، فهو للآن صابر عليكم وهو لا يشاء أن يهلك أحد، بل أن يقبل الجميع، مؤمنين وخطاة، إلى التوبة، وإلا عن قريب سيتقد غضبه، وسيدافع عن عروسه الكنيسة، وسيقتحم كل من يلعب بالمقدسات، لخلاصك انتظرت يا رب.