المحكمة!

0

د. عبد المنعم سعيد

معذرة إذا كان الحديث سوف يطول عما يحدث فى الولايات المتحدة حيث الأسباب معروفة لأهميتها بالنسبة لنا وللعالم. وفى عصر ترامب، فإن الأهمية تزداد لأن العجب كثير، وذات يوم قال لى السفير الكندى فى القاهرة إن الولايات المتحدة مثل الفيل الذى يرقد فى جوار كندا، وعلينا كل صباح أن نرصد حالته النفسية ومزاجه بين الاكتئاب والمرح. كان ذلك قبل سنوات من رغبة ترامب ضم كندا إلى الاتحاد الأمريكى لتكون الولاية الـ 51. فىمقالات سابقة رصدنا بعض القلق فى الولايات الأمريكية، وهذه المرة فإنه يزيد عندما بدأت المواجهة بين ترامب، ومن ثم الحكومة الفيدرالية، والولايات التى يتكون منها الاتحاد الأمريكي. وفى مصر يقال إنه «لا يأتى بها إلا رجالها» قاصدين الأمور المهمة، فإن النساء الأمريكيات يقمن بالمهمة. حاكمة ولاية «مين Maine» – وهى من أصغر الولايات – «جانيت ميل» الديمقراطية تحدت الرئيس ترامب فى مؤتمر حكام الولايات الذى أعلن فيه وقف المعونات الفيدرالية إلى الولايات التى تسمح للرجال «المتحولين» بالمشاركة فى المناسبات الرياضية للنساء. القضية معقدة بالطبع، ولكن السيدة «جانيت» قصدت أن المعونات الفيدرالية لا تعنى التدخل فى شئون الولايات مادامت تجمع من الضرائب الفيدرالية بالولايات. وعندما أخبرها «ترامب» أنه سوف يمنع عنها المعونة، فردت : «سوف أراك فى المحكمة»!

اللجوء إلى المحاكم بين الحكومة الفيدرالية والولايات، وبين الأولى والهيئات الفيدرالية المستقلة بقرارات من الكونجرس، باتت شائعة خلال الأسابيع الأخيرة، ولكن حاكمة ولاية نيويورك الديمقراطية «كاثى هيتشول» قالت لترامب: «إنك تتصرف كما لو كنت ملكًا؟!». مثل هذه الأشكال من التحدى جديدة على النظام السياسى الأمريكى الذى استقرت تقاليده بعد الحرب الأهلية (1860 – 1865) التى قننت أكثر العلاقة بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات. ولكن للمسألة وجها آخر، وهو أن الحزب الديمقراطى بدأ تطبيق استراتيجية اختبار قدرات ترامب من خلال تحديات الولايات بحيث تنتهى إلى المحاكم التى يوجد لديها تراث كبير من القضايا «الترامبية»!

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا