السلفية في المسيحية

44

العدد 115 الصادر في أبريل 2015
السلفية في المسيحية

    كلما تفكرت فيما يحدث الآن في الشارع الكنسي المصري واختلاط الأمور على الكنيسة المصرية مع اختلاف طوائفها ومذاهبها وجماعاتها ككنيسة مصرية مستقلة وكرائدة للكنيسة العربية، ليس في البلاد العربية فحسب، بل ووسط الجاليات العربية في كل الدول الأجنبية يزداد اقتناعي بمبدأ السلفية المسيحية وأصلى أن يتأصل هذا المبدأ في عقولنا وقلوبنا كشعب مسيحي مصرى وعربي ولا نتنازل عن تطبيقه تحت أي ظرف من الظروف أو اضطهاد مهما كانت قوته وأساليبه ومنفذيه وتكلفته. والحقيقة أن مجرد الكلام عن السلفية ومحاولة تطبيقها، علينا كمسيحيين بل ومجرد استخدام  لفظة السلفية في حديث أو مقال أو لقاء يجعل العقل، أي عقل لأي عاقل، يسرع إلى تداعي أحداث ومواقف بغيضة وحروب وقتل وحرق وظلم وتعصب وكراهية وحقد ضد الآخر، فهذه هي الصورة التى كبرنا عليها من جماعات وصفت نفسها بالسلفية والسلفيين من غير المسيحيين وهي ليست عند المسلمين فحسب بل وفي ديانات أخرى كثيرة على وجه هذه البسيطة. ولعل هذا هو الذي يدفع بكثير من قرائي عندما أكتب في موضوع شائك ويكون لي رأي مخالف أو مضاد للتيار السائد اليوم لخلط التبن مع الحنطة إلى التعجب وربما التشنج ووصفى بالسلفي من البعض، وكم من مرة سؤلت: إذا كنت مقتنعًا بالتيار السلفي، أو إذا كنت أعتبر نفسى من السلفيين أو يحاول أحدهم أن ينبهني أنني أبدو وكأنني أشارك السلفيين آرائهم، ويتعجب أصحابي عندما أكتب وأقول عن نفسي أنني سلفي مسيحي، فيسألونني، وهل هناك سلفيون في المسيحيين؟، وبالطبع السؤال في ذهنهم دائمًا يحتوي على الصورة السلفية غير المسيحية ولذلك يرفض أصدقائي هذه التسمية تمامًا، السلفية في المسيحية، فهل حقًا هناك سلفية في المسيحية؟ وللإجابة على هذا السؤال لا بد أن نتفق معًا على معنى لكلمة السلفية، فما  معنى السلفية؟ السلفية على وجه العموم هي اتباع أقوال وأفعال وتعاليم السلف الصالح، أي من سبقونا من العصور الأولى التى بدأت بها ديانة أو حركة ما، والسلفية الحقيقية في المسيحية تعنى فقط اتباع ما عمله ونادى به ودونه في كتاب الله الوحيد، الكتاب المقدس، الرسل والأنبياء في العهدين القديم والجديد ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية، عملاً بالقول: “مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية” وهي الآية المركزية في تعاليم وأفعال وأقوال وتفسيرات الجماعة السلفية المسيحية، ولعله من المحتم أن تُعَرَّف الجماعة السلفية المسيحية بأنها ليست جماعة بالمفهوم المتبع للجماعات الدينية من أعضاء وقوائم واجتماعات خاصة بهذه المجموعات وإصدارات وتعاليم ووصايا وغيرها، لكن أعضاء الجماعة السلفية المسيحية تجدهم منتشرين في كل قبيلة وشعب وأمة ولسان وطائفة ومذهب مسيحي حقيقي وليس لهم من تنظيم سياسي أو اجتماعي وما إلى ذلك بل لهم ما يربطهم بعضهم ببعض من الإصرار على اتباع الكتاب المقدس بحرفيته وحده دون سواه وما دون فيه دون زيادة أو نقصان.

    فالسلفية في المسيحية ليست سلفية وأعدوا بل هي سلفية وأحبوا. هي ليست سلفية وقاتلوا بل هي سلفية باركوا. هي ليست سلفية ضرب الرقاب ولبس الحجاب والنقاب، بل هي سلفية الإنقاذ من العقاب ولبس الورع والتعقل إنها آية لأولي الألباب والمنقذ الوحيد من العذاب.   وأنا أعلم أن كثير من الأفراد والجماعات والطوائف المسيحية إن لم تكن جميعها ترى في أنفسها أنها هي هذه الجماعة القويمة، أو الكنيسة الأم، أو الكنيسة الجامعة الرسولية، التى تتمسك بالحق الكتابي ولها من التاريخ الطويل ما يؤهلها أن تكون قائدة للحركة السلفية المسيحية، لكن الحقيقة ليست العبرة بما أقوله عن نفسي كفرد أو جماعة، إنما العبرة بما اتبعه تمامًا من تعاليم المسيح وأقواله وأعماله في أحلك المواقف وأحلاها. ولعل أجمل ما عبر به أحدهم عن ما نعرفه بالسلفية المسيحية هو ذلك السؤال المحوري في الموضوع وهو what would Jesus do  أي ماذا كان سيفعل يسوع لو كان مكانى؟  تلك الصيحة والمبدأ الذي قرأنا عنه في كتاب “نهضة في كنيسة” للقس الأمريكي إزوالد سميث، والذي كان سببًا في حدوث نهضة كبيرة في كنيسته مازال العالم يذكرها حتى اليوم، والذي يمكن أن يكون سببًا في نهضة حقيقية في قلب كل إنسان أو جماعة أو كنيسة تتبعه بكل تدقيق. وفي اعتقادي إن مؤسس مبدأ السلفية في المسيحية هو الرب يسوع المسيح نفسه الذي قال عن نفسه لم آت لأنقض الناموس بل لأكمل الناموس، أي ناموس موسى، أو العهد القديم. ولقد حرض المسيح أتباعه وسامعيه من الصالحين والطالحين على أن يفتشوا الكتب، وأعطى كل الأهمية لأسفار موسى والأنبياء، بل وأرسى مبدأ “مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية.”

    ولا شك أن هناك العديد من القضايا المثارة على الساحة الكنسية العربية تحتاج إلى وضع النقاط على الحروف من منطلق مبدأ السلفية في المسيحية، أذكر منها القليل على سبيل المثال لا الحصر، أولها يتعلق بمن هو الشيطان، وهل هناك شياطين وأرواح شريرة؟ فبالرغم من ذكر الكتاب المقدس بكل وضوح أن هناك ملائكة ساقطة، والتى نعرفها بأنها الشياطين، وعلى رأسهم الساقط الأعظم إبليس وبالرغم من نص الكتاب المقدس أن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماويات، وكلها رتب شيطانية، إلا إننا نجد اليوم من ينكر وجود الشيطان والأرواح الشريرة، وتحضرني قصة طريفة حدثت معي عندما كنت شابًا يعيش في مصر، كنت بصحبة أستاذ للعهد الجديد في كلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة، كان هذا الأستاذ طبيبًا مشهورًا ويحمل رتبة عسكرية عالية، وأشهد بصدق أننا، أنا ورفاقي من الأطباء الصغار في السن، يومها كنا نجد فيه مثالاً رائعًا للمؤمن الحقيقي المتواضع، بالرغم من مكانته العسكرية، والمحب الحقيقي من قلبه البسيط، كان أستاذنا وأنا نسيران في المستشفى العسكري بكبري القبة وفجأة سألنى سؤالاً طنت له آذاني، سألني: “ناجي هل مازلت تؤمن بأن هناك أبالسة وشياطين وأرواحًا شريرة؟ ظننته يمازحنى كعادته بهذا السؤال، فأجبته مازحًا: “أومال لا سمح الله راحوا فين الشياطين؟! طيب دا حضرتك بالذات كنت بتصلى في كنيسة كان تخصص قسيسها هو إخراج الشياطين من كافة أنواع البشر وخاصة الفنانين والفنانات، حتى صور بعضهم كانت معلقة في كنيستكم بعد أن أخرج راعيكم الشياطين منهم، وأخذت أضحك من قلبي، حتى سألنى أستاذي الفاضل سؤالاً آخر قائلاً: “ناجي تقدر تجيب لي شاهدًا كتابيًا واحدًا عن شياطين حقيقية مذكورة في الكتاب المقدس؟”، كان أستاذي يتكلم بكل جدية، فعرفت عندها أنه لا يمزح معي كما ظننت بل أن هناك تعليمًا جديدًا، تسلل إلى عقل أستاذنا العبقرى، قلت بكل جدية: نعم هناك ما ورد في إنجيل لوقا عن مجنون كورة الجدريين الذي كان بداخله لجئون، ضحك أستاذنا وقال: ناجي اقرأ النص بالتدقيق، هذا المجنون كان يعاني من مرض الصرع، اقرأ الأعراض التى ظهرت عليه، أنت طبيب أسنان وتعرف أعراض مرض الصرع، هذا الرجل لم يكن به شياطين بل استخدم الكتاب المقدس هذه التسمية ليصف لنا حالة الصرع التى كانت عند هذا الشاب، قلت لأستاذى، نعم أنا طبيب أسنان وأعرف أعراض مرض الصرع لكن يبدو أن أستاذي بكلية الطب الذي درسنى عن مرض الصرع وكيف أشخصه، نسى أن يقول لي إن مريض الصرع يمكن أن يتكلم وهو في نوبة صرعه ويقول إن به لجئون، وإن اللجئون الذي بمريض الصرع يحتاج أن يأخذ الإذن من السيد المسيح ليخرج منه ويدخل في ألفي خنزير كانوا على الجرف، وإن مريض الصرع هذا عندما يشفى يخرج منه مرض الصرع ويدخل في قطيع الخنازير فيصيبهم هم بالصرع، فيلقون بأنفسهم في الماء ويهلكون جميعًا وبعدها فقط يشفي المريض ويصبح لابسًا وجالسًا وعاقلاً، لقد ذهب أستاذي الجليل عند المسيح الآن وإني على ثقة أنه اكتشف أن هناك شياطين، لكنه خلف لنا، هو وأمثاله جيلاً ينادي أنه لا يوجد ما يعرف بالشيطان أو الشياطين، وبالتالي فهذا الجيل يؤمن بأنه لا توجد نار حقيقة ودود حقيقي ولا توجد ظلمة خارجية ولا بكاء وصرير أسنان ولن يصعد دخان عذاب الأشرار إلى أبد الأبدين كما علم سيد كل الأرض. والعجيب أن من الجيل الذي لا يؤمن بوجود الشياطين التى تحدث عنها الكتاب عدة مرات في عدة أماكن يؤمن بظهور القديسين الذين سبقونا إلى السماء ويدافع عن الفكرة بكل قواه ويصلى بكل قواه أن تظهر القديسة المطوبة العذراء مريم في كل كنيسة، ومنهم من يؤمن أن القديسين الأموات مازالوا قادرين على أن يشفوا أمراض الناس، ومنهم من يؤكد أن العذراء مريم قد أرسلت له أحد الرهبان (وأنا لا أشك ولا أشكك في مجئ ذلك الراهب له) ومنحته العذراء الشفاء مع أن الكتاب المقدس لم يذكر ولا مرة واحدة أن القديسين الراقدين شفوا أو يمكن أن يشفوا الأحياء أو أن يظهروا للعامة إلا في مناسبة واحدة لم ولن تتكرر ثانية عند قيامة الرب يسوع من الأموات وعندها قام أجساد كثير من القديسين الذين رقدوا على رجاء القيامة كدليل على قيامة المسيح كباكورة للراقدين، قاموا وظهروا للناس في المدينة بارتباط بعمل القيامة وليس لفائدة الناس الذين شاهدوهم عند قيامتهم.

    2- ومن الموضوعات التى يؤمن بها السلفيون المسيحيون وفقًا لكلمة الله هو موضوع يقينية الخلاص من الخطية والحصول على اختبار الميلاد الثاني وقبول المسيح مخلصًا شخصيًا للحياة بمحض إرادة الإنسان وأن الإيمان بالمسيح يسوع المصلوب لأجل خطايانا والمقام لأجل تبريرنا هو الطريق الوحيد للحصول على هذا الخلاص، وأنه ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد بل بالنعمة نحن مخلصون بالإيمان وذلك ليس منا هو عطية الله، وكما هى الولادة الجسدية التى تحدث في وقت معين فيولد طفل جديد، هكذا من يولد من الله يحدث اختبار ولادته في لحظة ما، نعم قد تكون هذه اللحظة هادئة بلا صراخ أو بكاء أو قرع الصدور كما كان الحال في خلاص ليديا بائعة الإرجوان، وقد يكون اختبار الخلاص هذا صاخبًا مثيرًا كما حدث مع سجان فيلبى، أو قد يكون في وليمة كما حدث لزكا العشار، وقد يتذكر من نال الخلاص التاريخ واليوم والدقيقة التى ولد فيها من فوق وقد لا يتذكر كل هذا، لكن ما هو متيقن منه أنه ولد ثانية ولن يستطيع حتى الشيطان الذي ينكرون وجوده أن يشككه في اختبار خلاصه، لقد كنت أظن أن الكنيسة الأرثوذكسية فقط هى التى لا تؤمن باختبار الخلاص في لحظة وقد كتب بعض رجالها كتبًا في تفنيد أن اختبار الخلاص يحدث في لحظة، وأنه يمكن للإنسان أن يضمن حياته الأبدية من هنا على الأرض، لكنني فوجئت أن هناك من قيادات الكنيسة الإنجيلية أيضًا لا يؤمنون بأن هناك اختبارًا اسمه اختبار الخلاص، ومن القصص الطريفة أنه جاء أحد الأحباء القسوس التابعين لمجمع كنيسة المسيح للحديث مع الراقد في المسيح القس سامي لبيب الرئيس الأسبق ومؤسس مجمع كنائس المسيح، وكان طالبًا في كلية اللاهوت الإنجيلية، جاء ثائرًا غاضبًا مقررًا أنه لن يذهب لتكملة دراسته في كلية اللاهوت بعد ذلك اليوم، كنت وقتها أجلس مع القس سامي، سأله القس سامي: لماذا اتخذت عزيزي هذا القرار؟، قال القس صديقي: “يا بابا القسيس، هؤلاء الناس لا يؤمنون باختبار الخلاص. إنه يحدث في وقت معين، سأله القس سامي: قل لي ما حدث!، قال صديقي: “اليوم كنا ندرس مادة العهد الجديد، وذكر اسم مدرسه لهذه المادة، كنت أعرف ذلك الرجل الجليل، كان هو نفس الأستاذ الذي حاول إقناعي بعدم وجود شياطين، أكمل صديقي وقال: أستاذ مادة العهد الجديد كان يدرسنا أنه ليس هناك ما يعرف باختبار الخلاص في لحظة، وللتدليل على ذلك سألنا: “مين يقدر يقول لي بطرس اتجدد إمتى؟، أين هي لحظة تجديد بطرس؟، قال صديقي: شعرت أن الدم يغلى برأسى، فرفعت يدي وقلت له: “أنا لا أستطيع أن اقول لك متى كانت لحظة تجديد الرسول بطرس، لأن الكتاب لم يذكرها، لكنى أستطيع أن أقول لك متى كانت لحظة تجديد اللص الذي كان مصلوبًا مع المسيح، وأقدر أقول لك عن لحظة خلاص سجان فيلبى، وأقدر أقول لك لحظة خلاص ليديا بائعة الإرجوان، وأقدر أقول لك لحظة خلاص زكا العشار وفوق الكل أقدر أقول لك لحظة خلاصي أنا، لأن اختبار خلاصي كان في لحظة وبطريقة معجزية لم ولن أنساها ألى الأبد”. والحقيقة إن كان البعض يعلمون أن لا اختبار خلاص في لحظة وأنه ليس هناك شياطين وليس هناك جهنم، فلا عجب أن تصل الكنيسة إلى الحالة اللاودوكية التى نعيشها في هذه الأيام، ولكل ما تقدم، لذا فعلى الكنيسة أن تحدد مفاهيمها الواضحة في هذه القضايا كما يحددها السلفيون المسيحيون، وعليهم أن يحددوا موقفهم من هذا الخلاص، فهل هو يحدث في لحظة أم أنه يحدث على طول الحياة؟ وهل يمكن للإنسان أن يضمن مصيره الأبدي وهو لا يزال حيًا يرزق أم أنه لا يعرف مصيره إلا عندما يصعد إلى النعيم الأبدي أو ينزل إلى الهلاك الأبدي؟؟!، حتى إن أكبر الرتب الكنسية المصرية كتب لأتباعه قبل موته في رسالته الأخيرة يطلب منهم أن يصلوا لأجله حتى يفتح له المسيح باب الفردوس ويدخله مع القديسين والأبرار، فهل كانت طلبته وسيلة لإظهار تواضعه أم أنه لم يكن واثقًا حقًا عند موته من مصيره الأبدي وأن المسيح سيفتح له باب الفردوس؟ مع أن الكتاب المقدس يقول: إن الصديق واثق عند موته.

    3- السلفيون يؤمنون بحرفية الكتاب المقدس، وأن كل ما كتب فيه كتب لأجل تعليمنا، وأن الكتاب المقدس هو الدستور الوحيد المعتمد من الله والوحيد الذي لا بد أن يتبع تمامًا بلا زيادة أو نقصان، وأن أي كتاب آخر يضاف إلى الكتاب المقدس أو يدعى مستخدموه أو معتمدوه أنه مفسر للكتاب المقدس أو مؤكد له أو شاهد له أو مؤمن عليه أو مطبق له، لا يصح استخدامه حتى لو كان واضعوه هم آباء الكنيسة الأولون أو الآخرين مع كل إخلاصهم ومحبتهم واحترامنا لهم، لكن في تعليم السلفية المسيحية لا كتاب آخر سوى الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، وكل من يزيد ولو حرف واحدًا على الكتاب المقدس سيزيد عليه الله الضربات المكتوبة في كتاب رؤيا يوحنا اللاهوتي ومن يحذف حرفًا منه سيحذف نصيبه من سفر الحياة حسب ما جاء بالكتاب نفسه، حتى إذا كان الحاذف أو المزيد رتبة كنسية أو مجمعًا كنسيًا أو حتى الكنيسة كلها مجتمعة!

    أما أخطر النقاط التى يتمسك بها السلفيون المسيحيون هو كيفية التعامل مع غير المسيحيين، ولعله من المحتم علي أن أوضح في هذا المقام من هم المسيحيون ومن هم غير المسيحيين، فالمسيحيون في هذا المقام ليس كل من ولد من أب أو أم مسيحي ومن كتب في بطاقته الشخصية “الديانة مسيحي” لا بل المسيحي هو من آمن بالمسيح ربًا ومخلصًا ونال الحياة الأبدية وأصبح ابنًا لله وعضوًا في عائلة المسيح المقام من بين الأموات، وهؤلاء موجودون في كل بقاع الدنيا وبعضهم لم يولدوا في المسيحية على الإطلاق، فالسلفيون يؤمنون أن الوحيد الذي يمكن أن تدعوه أخي أو أختى هو من اتخذه المسيح يسوع أخًا له، فنحن كبشر لسنا إخوة أو أخوات، أتكلم من الناحية المسيحية الروحية وليست الآدمية أو الإجتماعية أو السياسية أو الوطنية وغيرها، نعم نحن كبشر لكننا صرنا إخوة وأخوات عندما أصبحنا إخوة وأخوات للمسيح يسوع- تبارك اسمه- فكل الذين قبلوا المسيح يسوع مخلصًا وربًا أعطاهم الله سلطانًا أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسم المسيح، لذا فكل من يؤمن بالمسيح مخلصًا شخصيًا بغض النظر عن طريقة إيمانه، أو ديانته الأصلية أو جنسه أو نوعه هو أخي وأختى، وكل من لا يؤمن بالمسيح يسوع ربًا وإلهًا ومخلصًا شخصيًا له فهو ليس أخي وليست أختى، ولذا فهو محرم علي أن أناديه بأخويا المسلم حتى لو كنت أريد أن أقول له إني بحبك، قل له إنك تحبه لأن المسيح علمنا أن نحب الآخرين، لكن لا يحل لك أن تناديه بأخويا أو أختى، لا يمكن أن يردد السلفيون عبارات روحية خاطئة وكاذبة أو أن يشتركوا مع غير المغسولين بدم المسيح يسوع الإخوة الحقيقيين في إفطار رمضاني، أو صيامات بشرية لروح ضد المسيح، ولا ينبغي أن تفتح لهم الكنائس أو الكاتدرائيات ليتوضأوا أو يصلوا فيها أو للوقوف على منابرها وترديد آيات هى من تأليف روح ضد المسيح، أو الاشتراك معهم في ترديد مدائح وتواشيح صوفية لا تعترف بالمسيح يسوع أنه جاء في الجسد وتنكر صليب المسيح وموته وقيامته.

    أعلم أن الكثيرين يمكنهم أن يستغلوا ما أكتبه لوصفي بالتطرف والعداء لغير المسيحيين، فليكن! فعلام الغيوب وحده يعرف كم أنا أحب غير المسيحيين وخاصة المسلمين وكيف ضحيت بالغالي والنفيس ليعرفوا المسيح مخلصًا شخصيًا لهم!!، لكنه الحق الكتابي، على الأقل الذى أؤمن وأتمسك أنا به، وكسلفي أقول إنه لن يؤمن غير المسيحيين بالمسيح عندما نفتح لهم كنائسنا للوضوء والصلاة، ولن يؤمن غير المسيحيين بالمسيح عندما يصومون لروح ضد المسيح، فنطعمهم ولن يؤمن غير المسيحيين عندما أمسك بلافتات أو أن أصرخ بأعلى صوتي: أخويا المسلم عايز أقولك إني بحبك، أو أن استخدم نفس الألفاظ التى يستخدمونها هم كرمضان المبارك، والأضحى المبارك، لن يؤمن غير المسيحيين ولن يرجعوا للمسيح إلا إذا قدمنا الحق الخالي من المجاملة والمداهنة والتملق واستخدام الحكمة البشرية الإنسانية النفسانية في توصيل رسالة المسيح لهم، لن يؤمنوا ولن ينخسوا في قلوبهم إلا إذا قلنا لهم نحن وأنتم، فالجميع زاغوا وفسدوا ليس من يعمل صلاحًا ليس ولا واحد، بأيدي أثمة صلبناه وقتلناه، هذا أقامه الله من الأموات ناقضًا أوجاع الموت. لقد عاش التلاميذ سلفيين، يبنون تعاليمهم على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية، فغيروا العالم وانهوا أكبر الإمبراطوريات الأرضية وبقيت الكنيسة صامدة، لقد عاش المسيح سلفيًا فلم ينقض الناموس وتمسك بكل حرف ونقطة فيه وأكمله، إن من أهم ما يميز السلفيين المسيحيين هو:

    1- دراسة الكتب المقدسة والتقيد بها وحدها.

    2- دراسة النصوص الكتابية من كل جوانبها وفي قرائنها.

    3- مطبقين المبدأ الكتابي العظيم: قارنين الروحيات بالروحيات. ليت القدير ينعم علينا جميعًا أن نكون من السلفيين المسيحيين.

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا