العدد 158 الصادر في نوفمبر 2018 الإجهاض الروحي وطرق إيقافه
بينما كنت أستمع إلى إحصائية دولية عن الإجهاض وأسبابه وطرق منعه انفعلت وحزنت، إذ رأيت الأعداد الهائلة، وهي بالملايين في العالم كله، في كل البلاد فقيرها وغنيها، سواء أكانت بلادًا متقدمة متحضرة من العالم الأول أم متخلفة متقهقرة من العالم الثالث، لا فرق، فالذين يتمتعون بالحرية في العالم المتحضر، ويملكون قرارهم والموارد المادية والحضارية لتربية أطفالهم، يتصرفون بنفس الطريقة التي يتصرف بها من يعيشون تحت ضغوط معيشية وأمنية ومادية، الجميع متساوون، عندما يأتي الأمر إلى مسألة الإجهاض الجسدي لأطفالهن.
هذه الحقيقة جعلتني أتأكد أن الإجهاض الجسدي لطفل ما أمر روحي شيطاني من عدو النفوس، الذي لا يأتي إلا ليسرق ويقتل ويهلك، الأمر الذي لا يعرفه الشباب صغار السن والخبرة الزمنية والروحية، فيسرعون بالإجهاض لمجرد اقتناعهم أن هذا الطفل جاء في الوقت الخطأ أو بطريق الخطأ أو من الشخص الخطأ وغيرها من الأمور الكثير.
ولست أدري لماذا أقوم دائمًا، دون قصد مني، بربط كل ما يحدث معي أو ما أسمعه أو أراه حولي بالكنيسة وما يحدث بها سواء كجماعة أو كأفراد، فإن رأيت الفقر المادي والمجاعات والأوبئة التي تجتاح الغالبية العظمى من العالم تجدني أتفكر في الفقر الروحي والأوبئة التي تجتاح الكنيسة في هذه الأيام، وإذا قرأت إحصائية عن الإجهاض، أسبابه وطرق إيقافه، وجدتني أتفكر في كم القضايا والفرص والمشاريع والنفوس التي اجهضتها الكنيسة ولم تحتفظ بحملها حتى ترى النور خارج رحمها، أو التي ماتت في رحمها قبل أن تولد ومن ثم أُجهضت قبل أن يكتمل نموها. لكن ما أعرفه جيدًا في هذا الشأن أن تركيبة ونظام تفكيري العقلي الشخصي واهتمامي بالكنيسة هو الذي يفرض علىَّ هذه الطريقة من التفكير والتدبير وردود الأفعال.
في تعريفها لكلمة الإجهاض تتفق القواميس المختلفة على أن معنى الإجهاض هو “إنهاء الحمل عند المرأة عن عمد، وفي كثير من الأحيان يحدث أثناء الثمانية والعشرين الأسبوع الأول من الحمل”. أي إن الإجهاض هو فعل مقصود ومرتب له قبل حدوثه ولا يحدث بالصدفة أو بطريقة طبيعية. فما يحدث بالصدفة أو لأسباب خارجة عن يد المرأة هو السقط وليس الإجهاض.
ولا شك، وبكل المقاييس والاعتبارات، أن الحمل سواء بجنين روحي، كعمل أو رؤية أو مشروع أو طلب أو أمر الهي يلقيه المولى في رحم رجاله أو نسائه المؤمنين والمؤمنات به تبارك اسمه، أو سواء أكان حملاً حرفيًا جسديًا، بابن أو ابنة، فهو عطية شخصية من المسيح خالق كل الأشياء بكلمة قدرته. وهو في الوقت نفسه جزء من خطة إلهية للأسرة الصغيرة أو الكبيرة للجنين، وبناء عليه، ففي حالة عدم حدوث الإنجاب الحرفي بالنسبة لأية أسرة حديثة أو قديمة التكوين لا يعتبر ذلك تقصيرًا أو حرمانًا من المولى تبارك اسمه تجاه تلك الأسرة، بل جزءًا من خطته – تبارك اسمه – لها، فلا أحد يعلم مشيئته ولا يمكن أن يسبر غور حكمته ولا المستقبلات إلا هو سبحانه، فالسرائر لله والمعلنات لنا، لكننا جميعًا نعلم أنه صالح في ذاته، وإلى الأبد رحمته وإلى دور فدور أمانته، بغض النظر عن عطاياه لنا من عدمها والتي من بينها الحمل بمولود جسدي.
لكن الأمر يختلف تمامًا عند الحديث عن الحمل الروحي لدى المؤمنين به تبارك اسمه، حيث أن جميع من آمنوا به – تبارك اسمه – أعطاهم إمكانية وسلطانًا على الحمل الروحي وتتميم مشيئته له المجد في قوله: “اذهبوا للعالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها، من آمن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن”.
لكن بالرغم من هذا التكليف الخطير والعطية المجانية والإمكانية الفائقة الطبيعة البشرية، إلا أن هناك عدة أسباب قد تؤدي إلى إجهاض جنين الرؤية السماوية في بطون حامليها قبل أن تكتمل وتصبح حقيقة واقعة، وهي في مجملها نفس الأسباب التي قد تؤدي إلى الإجهاض الطبيعي الجسدي.
من هذه الأسباب على سبيل المثال لا الحصر:
1- صغر سن الوالدين وقلة خبرتهم وعدم المعرفة ومحاولة الإسراع بالولادة وتقليل مدة الحمل بكل الطرق: وهو أحد أهم أسباب الإجهاض البشري الجسدي، وهو أيضًا أحد أسباب الإجهاض الروحي، فعندما يسمح الله لشاب أو شابة أن يحمل برؤية أو مشروع روحي أو خدمة معينة كثيرًا ما يبدأ أحدهم بالتعامل مع الرؤية وكأنها حقيقة واقعة مجسدة وجاهزة للولادة والخروج للنور يوم استلامه الرؤيا أو التكليف من القدير، غير عالم أن الرؤية أو الوعد أو التكليف بعمل روحي قد يبدأ في الوجود الفعلي المرئي بالعيون المجردة، بعد الوعد بشهور أو سنين أو حتى عشرات السنين. والدليل على ذلك أن من يقرأ ويدرس قصة إنجاب سارة زوجة إبراهيم الخليل لابنها إسحق يرى أن الوقت بين حصولها وإبراهيم على الوعد بميلاد اسحق وتنفيذه استغرق ما يقرب من ٢٥ عام. ولهذا قال الله لنبيه حبقوق في القديم: “لأن الرؤيا بعد إلى الميعاد وفي النهاية تتكلم ولا تكذب. إن توانت فانتظرها لأنها ستأتي إتيانًا ولا تتأخر“.
وكثيرًا ما حدث هذا الأمر في حياتي أنا شخصيًا، فهناك بعض الوعود أو التكليفات الإلهية لي بعمل أشياء معينة وكنت أحسبها أنها ستتم بأسرع مما تحققت به، ولم أنتبه أن الرؤيا بعد إلى الميعاد، فبدأت بالإسراع بمحاولة تنفيذها، ليس في وقتها المعين من الله، فما حصدت إلا خيبة الأمل والتشويش الذهني والأسئلة التي لا إجابة لها. وهذا عين ما حدث لأبينا إبراهيم، إذ ظن أن القدير سيهبه ابنًا بعد زمن قصير من وعده له بإسحق ولما طال الزمان ولم يحصل على تحقيق الوعد، تسرع وأتى بإسماعيل من هاجر الجارية المصرية، فندم وندمنا جميعًا معه إلى أبد الآبدين.
أما في حياتي الشخصية، فدعني أستخدم، عزيزي القارئ، مشروع إصدار جريدة الطريق والحق الورقية والتي أنت ممسك بها الآن بين يديك، إن كنت تقرأ مقالي هذا من الجريدة الورقية مباشرة وليست من وسائل التواصل الاجتماعي.
عندما سمعت، بطريقة أو بأخرى، صوتًا داخل روحي وعقلي وقلبي يقول لي: ””يومًا من الأيام سيكون هناك جريدة مسيحية واضحة في مصر تخاطب المسيحيين وتتكلم بلسانهم، وستكون أنت المسؤول عن إصدارها”. يومها لم يكن عندي أدنى شك أن هذا الصوت كان قد أتى إلى من السماء مباشرة، بالرغم من أنني لم أسمعه بآذاني كسائر الأصوات من حولي، يومها علمت يقينًا أنني قد صرت حاملاً لتلك الرؤيا، وأن هذه الجريدة لابد وأن تصبح حقيقة واقعة، مهما كانت الظروف الأمنية والحكومية في مصر في تلك الأيام.
كانت مصر يومها ترزح تحت حكم السادات الرئيس المؤمن!!، كبير العائلة المصرية!! ورجاله، كانت مباحث أمن الدولة لشؤن الكنائس تسير وراء الكنائس والقسوس وقادة الشباب في كل خطوة نخطوها، لم يكن مسموح لنا كشباب مسيحي أن نشارك إيماننا مع غيرنا عن طريق كتاب مقدس أو كتيب روحي أو نبذة بسيطة وخاصة خارج كنائسنا أو أن نعقد أية اجتماعات روحية استثنائية حتى داخل الكنيسة دون أن نقوم بإبلاغ السلطات الأمنية بها أولاً وأخذ موافقتهم على عقد الاجتماع، كنت أنا شخصيًا محط أنظار رجال شؤن الكنائس بالأمن المصري، حيث إنني كنت قد تجرأت، على غير عادة الشباب في ذلك الوقت، وكونت جماعة للخدمة بين الشباب المسيحي من مختلف الطوائف وأطلقت عليه اسمًا، كان مخيفًا للسلطات الأمنية في ذلك الوقت، وهو ”اتحاد الشباب المسيحي المصري“، الأمر الذي حتم على بأن أقوم بزيارات جبرية سخيفة متكررة لمكتب شؤن الكنائس في لاظوغلي عدة مرات في السنة.
وكشاب حديث العهد بالأمور الروحية وأمر الحمل الولادة والرعاية للرؤى الإلهية، حتى تولد وتصبح حقيقة مرئية للعيون الجسدية، ملأت الدنيا بالمكالمات التليفونية والمشاركات الصوتية لأصدقائي وأقربائي وأهم قادة الشباب المسيحي في مصر، كنت أتكلم معهم عن يقين وثقة وكأن الجرنال او المجلة التي وعدني بها الرب قد أصبحت حقيقة أمسك بها في يدي، وعندها بدأت ردود الأفعال تقذف في وجهي وتهاوت على رأسي كالمتفجرات وما أدراك ما كانت ردود أفعالهم، فبعض الجبناء (وهذه صفة مرضية وليست شتيمة) من الذين كانوا يصدرون مجلات كنائسية أو شبه مسيحية بتصاريح قبرصية ومدعمة من الخارج من هيئات عالمية كبرى صرخوا في وجهي عندما شاركت معهم هذه الرؤيا بالتليفون وقالوا لي صراحة: “إياك أن تتحدث إلينا عن هذا الشأن أبدًا، نحن مجلة اجتماعية ثقافية علمية ليست مسيحية، فلا تذكر اسمنا وأنت تتكلم عن مشروعك الوهمي هذا” وبعضهم قالوا لي: “يا ابني أنت لسه شاب صغير ومتحمس لذا، فنحن ننصحك أن تعيش في الواقع وتبعد عن أحلام اليقظة التي تحلمها في وضح النهار، وغيرها من الأقوال المحبطة المفشلة المدمرة لإيمان شاب لا خبرة له في كيفية التعامل مع حيتان القادة المسيحيين في ذلك الوقت. ولولا تدخل الله في الوقت المناسب لإنقاذ جنين جريدة الطريق والحق الذي كنت قد بدأت الحمل به بأكثر من ١٢ سنة قبل أن يرى النور لكان الإجهاض الروحي قد ناله.
2- أمر آخر عادة ما يؤدي إلى الإجهاض هو انشغال الوالدين أو أحدهما، في وقت معين بشيء يعتبرونه أهم من الحمل والولادة: ولذا إما يتخلصون من الحمل إذا ما حدث مدعين أن هذا ليس وقته، وإما يؤجلون الحمل لسنين عديدة أو يتخلصون حتى من فكرة الإنجاب إلى الأبد. وهكذا الحال مع الإجهاض الروحي، فقد يكون الشخص منشغلاً جدًا بخدمات أو اجتماعات كنسية، أو أنشطة ومؤتمرات روحية كبيرة للدرجة التي معها، إما أن يرفض الحمل حتى بتكليف بسيط من الله أو فكرة صغيرة منه وإما أن يتسبب في إجهاض الحمل المعطى له من القدير.
وإليك هذه القصة الواقعية المضحكة المؤكدة لما ذكرته سابقًا. عندما تزوجنا، أماني وأنا، كان لدينا الكثير جدًا لنعمله، كنا (ولا زلنا) نستمتع بالتواجد مع بعضنا البعض في أية أماكن أو ظروف، سواء في حياتنا الشخصية، أو في عملنا الزمني أو الروحي. كان لدينا الاهتمام بالعيادة والمرضى، وخدماتنا المتنوعة في كنيسة المسيح بشبرا، خدماتنا ولقاءاتنا في المؤتمرات والكنائس على اختلاف طوائفها، خدمتنا في اتحاد الشباب المسيحي ورابطة الأطباء المسيحية بمصر، ثم دراستي لدبلوم الدراسات العليا بقسم الصحافة وغيرها من الأمور الكثير، للدرجة التي كنت أتغيب عن العمل في عيادتي يومين أسبوعيًا على الأقل في حالة عدم وجودي في المؤتمرات الكنيسة.
كانت فكرة إنجاب أطفال في ذلك الوقت، والاهتمام بهم، وترك كل ما كنا نعمل لرعايتهم، فكرة غير مقبولة لدى كلينا تمامًا، الأمر الذي استغرق منا أكثر من ثلاث سنوات ونصف حتى نقرر إنهاءه ونبدأ في التفكير في إنجاب أول طفل لنا. كان كل من حولنا من أسرة وكنيسة وأصدقاء وأعداء متحيرين في أمر عدم إنجابنا، فلم يكن للمصريين المتزوجين حديث، في تلك الأيام الجميلة، عادة بأن لا يأتوا بأبناء صغار لمدة ثلاث سنوات ونصف، إلا إذا كان هناك سبب خارج عن إرادة أحدهم يمنعه من الإنجاب. فمن الناس حولنا من ظن أن هناك موانع طبية لدى أحدنا أدت إلى عدم إنجابنا لهذه المدة الطويلة في رأيهم. لم يكن سوى أماني وأنا اللذين كنا متأكدين من قدرتنا على الإنجاب لأسباب لا داعي للخوض فيها في هذا المقال.
ولاتخاذ قرارنا بإنجاب أول طفل لنا قصة غريبة ومضحكة، لكنها كانت مرتبة من فوق من عند أبي الأنوار الإله العارف ببواطن الأمور، بعد ثلاث سنين وبضعة أشهر قلت لأماني: حبيبتي واضح أننا مشغولون جدًا وأن موضوع إنجاب أطفال ليس من أولوياتنا، لكن لئلا يسرقنا الوقت، لابد لنا أن نقرر قرارنا النهائي إذا كنا سننجب أم لا، فالأيام تجري، ونحن نتقدم في العمر كل يوم عما قبله، ولا نريد أن يأتي اليوم الذي نندم فيه على أننا أنجبنا أو أننا لم ننجب، أكملت كلامي لأماني وقلت، كنت أتمنى أن أجلس مع أحد الأطباء النفسيين أو المشيرين المسيحيين المؤمنين وأسأله هل رأى اثنين مثلنا في حياته أم لا، اثنان لا يريدان أن ينجبا أطفالاً بمحض إرادتهما، وهل إذا قررنا أن لا ننجب أبدًا نعتبر في هذه الحالة من المرضى النفسيين، وفي معرض تمنياتي قلت لأماني لابد أن يكون هذا الطبيب النفسي أو المشير رجل مسيحي مؤمن يقدم لي مشورة كتابية ويكون كلامه مساقًا بالروح القدس، كان هذا في الوقت الذي لم نكن نسمع فيه عن مشيرين مسيحيين، فعلم المشورة لم يكن معروفًا في مصر قبل فيضان المشيرين الذي اجتاح مصر في السنين القليلة الماضية، تنهدت قليلاً، فقد كنت كمن يطلب المستحيل يومها، وخاصة إنني كنت أحد القادة الذين يقومون بتدريس علم المشورة لطلبة كلية لاهوت كنيسة المسيح، وكنت أقوم بعمل مشورة كتابية للشباب والقسوس والطلبة فيها، فمن أين لي أن أجد من يمكن أن يشير عليّ، وفجأة لمع في ذهني اسم صديقي العزيز ورفيق الخدمة في رابطة الأطباء رجل الله الروحي الحكيم المكرس هو وزوجته الفاضلة د. أليس لخدمة الرب، الدكتور إميل جوزيف، وهو خادم للرب وطبيب نفسي ومشير ودارس للكتاب المقدس، قلت لنفسي هذا أنسب شخص لسؤاله سأذهب إلى كنيسة قصر الدوبارة وألتقي به وأشرح له وضعنا وأطلب مشورته. في اليوم الذي قررت الذهاب فيه لمقابلته ركبت أتوبيسًا من الأوتوبيسات الصغيرة الغالية ثمن التذكرة والموحدة السعر، والتي كانت اختراعًا جديدًا يستخدم من هيئة النقل العام بمصر لتخفيف أزمة الحشر في الأتوبيسات العامة، حيث لم يكن لديّ سيارة خاصة.
ركبت السيارة من شبرا، في طريقي إلى التحرير، في محطة الإسعاف، بعد أن وقف الأتوبيس وأنزل ركابه ثم بدأ في التحرك، قبل أن يغلق السائق أبوابه، رأيت شابًا يجري وراء الأتوبيس بكل قوته حتى تمكن من القفز به، لفت نظري المجهود الذي بذله هذا الشاب ليقفز في الأتوبيس، فنظرت إليه بالتدقيق وإذ به الدكتور إميل جوزيف صديقي، الذي كنت ذاهبًا إلى قصر الدوبارة للقائه، بعد أن استراح من عناء الجري والقفز في الأتوبيس قال لي: “ياه أشكر الله إني لحقت الأتوبيس ده بالذات، هذا ترتيب إلهي، الحقيقة أنا ببحث عنك، وكنت ذاهبًا إلى قصر الدوبارة لأقابلك، لأنني أريد الحديث معك في موضوع هام جدًا بالنسبة لي، ضحكت من قلبي وقلت، هل تصدق يا إميل أني أنا جاي لقصر الدوبارة علشان أبحث عنك وأقابلك لأن عندي موضوعًا أريد الحديث لك عنه، ضحكنا سألني ما هو الموضوع، قلت لا موضوعي ليس ملحًا أو هامًا للدرجة، موضوعي بسيط، قل لي أنت موضوعك، قال إميل، ناجي أنت تعلم أنني واليس متزوجان منذ أربع سنين تقريبًا، والحقيقة نحن مشغولان جدًا في الخدمة والسفريات والمؤتمرات، لذا أجلنا موضوع إنجاب الأطفال إلى الآن، لكني لاحظت أخيرًا أننا نكبر في العمر، والأيام تمر بسرعة، وقلت لأليس، لابد أن نقرر قرارًا نهائيًا الآن إن كنا سننجب أطفالاً أم لا طيلة حياتنا، قال، فكرنا أليس، وأنا أن نسأل شخصًا روحيًا له نفس ظروفنا إن كان هذا الوضع الذي نحن فيه وضعًا صحيحًا روحيًا أم لا، ووقع الاختيار عليك، فما رأيك؟ ضحكت من كل قلبي وقلت لصديقي الدكتور إميل، لن تصدق يا عزيزي أن مجيئ الآن لقصر الدوبارة لأقابلك، أنت شخصيًا، لهذا السبب ولتجيب لي عن نفس سؤالك، ضحكنا معًا واعتبرنا أن هذا ترتيب إلهي وأن الله يريدنا كلينا أن ننجب أطفالاً، تكلمنا عن عطية الأطفال وأننا حتى بسبب الانشغال في الخدمة لا يجب أن نستخف بها، قلت لإميل، في خلال العشرة شهور القادمة سيكون لنا أطفال. ونشكر الله قد كان.
3- أمر آخر قد يتسبب في الإجهاض الجسدي عند الأمهات وخاصة الصغار عمرًا منهم هو عدم توفر الإمكانيات المادية للوالدين للعيش الكريم، فكم بالحري للإنفاق على تربية طفل يضاف لهما كعائلة بكل احتياجاته المادية، من أكل وعلاج وكسوة ومصاريف مدارس ودروس وغيرها من الطلبات.
هذا أيضًا واحد من أهم أسباب الإجهاض الروحي عند المؤمنين والقادة والخدام. فالعدد الكبير منهم تقف الإمكانيات المادية عائقًا وسدًا منيعًا لا يمكن اختراقه لتحقيق رؤى الله في حياتهم، وإنني على يقين أنك إن سألت خادمًا ما أو أحد القادة الذي قام بإجهاض مولوده الذي زرعه الله في قلبه وعقله وأحشائه ستجد عددًا كبيرًا منهم يعترفون لك أن الإجهاض للمشروع أو الفكرة أو التكليف الإلهي حدث لعدم توفر الإمكانيات المادية لتدعيمه، وستجدهم يستخدمون الكثير من الآيات الكتابية التي ما قيلت لتعوق الناس عن عمل المستحيل في حياتهم، بل على العكس، على الأقل في رأيي الخاص، قيلت لتشجيعهم والتأكيد على أنهم قادرون على تحقيق رؤى القدير لهم. فعلى سبيل المثال يقول المجهضون لأطفال أحلامهم ورؤاهم وخدماتهم: “ومن منكم وهو يريد أن يبني برجًا لا يجلس أولاً ويحسب النفقة هل عنده ما يلزم لكماله؟”. تلك الآية المختصة باتباع المسيح كرب وسيد وملك، والتي لا علاقة لها على الإطلاق بالدعم المادي الذي تفتقده لتحقيق ما يأمرك سبحانه بعمله، فأوامره وطلباته وتكليفاته -تبارك اسمه- هو مسؤول عن تسديد احتياجاتها، وليس من يجلس أولاً ويحسب النفقة، فحساب النفقة بالنسبة لي هي أن أجلس معه –سبحانه- وأسمع بوضوح تكليفه لي بعمل شيء معين في وقت معين وبطريقة معينة وبعدها أقوم بعمل ما أمرني بتنفيذه تمامًا كما طلب مني، وعندها أستطيع أن أهتف مع من قال: “أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني”.
لقد كان هذا اختباري الشخصي مع المسيح طيلة أكثر من ٤٠ عام مضت، وأنا في مصر وليس في أمريكا فقط،، بدأ هذا الاختبار بجملة واحدة قالها لي –سبحانه- بصوت مسموع واضح لا يقبل الشك، تمسكت بها في أحلك الضيقات المادية، الشخصية منها أو الخدمية الروحية.
أما قصة سماعي لصوت القدير في هذا الشأن فبدأت هكذا: كنت يومها راكبًا في أتوبيس ١٧٦ بشرطة، والذي كان يبدأ رحلته يومئذ من محطة خلوصي بشبرا وينتهي بموقف أتوبيس الأوبرا بالعتبة، كان الوقت هو الثانية ظهرًا بعد منتصف النهار، الأتوبيس، كعادة تلك الأيام، كان مزدحمًا للغاية، الناس مُكَوَّمَة فوق بعضها، الوقت صيف والحرارة والرطوبة مرتفعتان جدًا، كنا نتمايل ككتلة واحدة من اللحم الحي الملتصق ببعضه كلما تمايل الأتوبيس، الغطاء الحديدي لموتور السيارة الضخم القابع في خلفية السيارة والذي من المفترض أنه يفصل بين الموتور وحرارته وصوته العالي غير المحتمل والعادم الأسود الخارج منه، وبين كبينة الأتوبيس، حيث يتكدس اللحم كان غير متواجد، رائحة الجاز المحترق كانت تُضَخُ علينا بقوة من الموتور مختلطة برائحة عرق كتلة اللحم المتلاحمة والمتلاصقة والتي كانت كفيلة بأن لا تخنق الأحياء فحسب، بل والأموات أيضًا ليموتوا عشرات المرات، لم يكن أمامي وقتها سوى أن أرفع قلبي بصلاة للقادر على كل شيء للخروج من حالة الاختناق وتحويل تفكيري لما هو أهم وأصلح، لكن العجيب إنني وجدت صلاتي لا تتجه نحو التخلص من هذا الأتوبيس المميت، بل وجدتني أصلي من قلبي قائلاً: آه يا سيدي المسيح، كم في قلبي وعقلي من مشاريع روحية، أفكار لمؤتمرات ولقاءات ونهضات واحتياجات لدعوة رجال الله القديسين من خارج مصر أمثال “ريتشارد وورمبراند”، مؤلف كتاب “العذاب الأحمر” للتحدث للشباب في خدمات “اتحاد الشباب المسيحي”، لكن أنت تعلم يا سيدي كل شيء حولي وداخلي، المشكلة الكبرى أن لا إمكانيات مادية لديّ، فمن أين لي أن آتي بنفقات تلك الخدمات، وأنا لا أعرف أية هيئات أجنبية لتساعدنا ماديًا ولا أريد أن أعرف أي منها حتى لو وجدت، آه يا سيدي، لو كان لديّ الإمكانيات المادية لكنت قد قمت بعمل كذا وكذا وأخذت أعدد ما أريد عمله أمام الرب، عندها سمعت صوتًا غيَّر حياتي بالكامل مرة وإلى الأبد، قال لي الله بصوت واضح ومسموع في كياني الداخلي، صوت أعلى من صوت محرك السيارة: “أنا لا أعطي مقدمًا، اعمل كل ما تريد وأنا سأرسل لك ما تحتاج إليه من دعم مادي”. نزلت من سيارة النقل العام وعشت بقوة ذلك الوعد سنين عديدة حتى تركت مصر كمهاجر إلى أمريكا. لذا فنصيحتي إلى إخوتي وأخواتي الحاملين والحاملات لجنين رؤية سماوية في أحشائهم: لا تفكر أبدًا في الإجهاض الروحي بسبب قلة الإمكانيات، ولا في كيفية تسديد الاحتياجات المادية لتنفيذ الخطط الإلهية، فهو وحده سبحانه المسؤول عن تنفيذها.
4- هناك سبب آخر للإجهاض الجسدي والروحي وهو عدم تحقيق رغبة الوالدين بما يخص نوع المولود. فمنذ سنين قليلة مضت لم يكن رجل الشارع العادي يعرف أنه هو المسؤول عن نوع المولود الذي تحمله زوجته وأن لا دخل للزوجة في هذا الأمر، فكان رد الفعل التخلفي الطبيعي لدى الكثير من العائلات وخاصة النساء أنه لا مانع لديها لإجهاض نفسها، والتخلص من جنينها، لو كانت بنتًا لا ولدًا، فنوع المولود هو الذي يحدد مصيره وبقاءه من عدمه عند أولئك الأمهات، وهكذا الحال أيضًا بالنسبة لكثيرين من المؤمنين الخدام، عندما يأتي الأمر لنوع الخدمة أو الإرسالية أو الموهبة التي أعطاها له القدير وائتمنه عليها، فمن منا لا يحلم بخدمة كبيرة يحضرها الآلاف ويتعرف بها المئات على المسيح مخلصًا شخصيًا لهم، ومن منا لا يطلب أن تكون موهبته الروحية التي تعطى له من السماء هي موهبة عمل القوات أو الشفاء أو النبوة وغيرها من مواهب “الدرجة الأولى” حسب تقسيمنا الخاطئ القاصر -نحن البشر- لأهمية المواهب وأفضلية واحدة عن الأخرى!!، وفي سبيل ذلك، وإذا لم يحصل على ما يريده قد يجهض الشخص الجنين الصغير الذي يعطيه له الله ويقضى حياته كلها في انتظار تحقيق أحلامه وتصوراته الشخصية حول ما يريد أن يحصل عليه منه سبحانه. لذا أوصانا الكتاب المقدس أن لا نحتقر يوم الأمور الصغيرة، وقال لنا سبحانه، إن الأمين في القليل سيُقام على الكثير، وأن من له سيعطَى ويزداد.
5- سبب آخر من أسباب الإجهاض الجسدي هو الأمراض التي تصيب الحامل للجنين، وخاصة الناتجة عن عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية وبعض الأدوية والمسكنات التي تتعاطاها الأم أثناء الحمل. وهكذا الحال مع الحمل الروحي أيضًا، فكثير من المؤمنين في غمرة فرحهم بالحمل الروحي أو التكليف الإلهي بإتمام أمر ما، كثيرًا ما ينسون أو يتناسون أمر نظافتهم الشخصية اليومية، فتصيبهم الأمراض الروحية الشيطانية الفتاكة وتسبب لهم الإجهاض الروحي، والنظافة الشخصية اليومية للمؤمن تتضمن الاغتسال من خطايا وأوحال السير اليومي في العالم الحاضر الشرير، الاغتسال بالماء الحي الذي هو كلمة الله؛ فالاغتسال اليومي بكلمة الله، والتطهر اللحظي من الخطية المحيطة بنا بسهولة، أمر لا غنى عنه للمؤمنين جميعًا، فكم وكم للمؤمن الحامل برؤية من الله، وما أدل على ذلك من شمشون الرجل الذي كان نذيرًا للرب من بطن أمه، والذي بشر به الملاك والدته وعَلَّمَها كيف تقوته وتربيه وتعده للحمل بإرسالية القضاء على أعداء الله وشعبه، وكبر شمشون وبدأ يحمل بدوره جنين الاستخدام الإلهي، وتحرك في الخدمة يمينًا وشمالاً وحقق انتصارات مذهلة ضد العدو، لكنه نسى أمر نظافته الشخصية بعد أن ضاجع دليلة عدة مرات، فأصابه مرض عضال في عينيه، جعله يرى نساء أعداء شعب الله وكأنهن حوريات الجنة، فاشتهاهم وأسلم نفسه لركبهن، فأنامته دليلة على ركبتيها حتى علمت منه سر قوته، ثم دعت حلاقًا وحلقت، سر قوته، سبع خصل شعر رأسه، ففارقته قوته فضعف وصار كواحد من الناس، وابتدأت بإذلاله، فأخذه الأعداء وقلعوا عينيه اللتين أصابهما مرض حب النساء، وكان يطحن في بيت السجن إلى يوم انتحاره الحرفي وموته، بعد أن أجهض خطة الله لحياته، فإلى كل شمشون في هذه الأيام، أشير عليك أن تشتري من إلهنا ذهبًا مصفًى بالنار وتكحل عينيك بكحل من عنده تعالى، فتبصر وتعتني بنظافتك الشخصية اليومية، فتوقف الإجهاض الروحي الذي هو مزمع أن يصيبك.
6- هناك سبب آخر من أسباب الإجهاض الجسدي والروحي وهو اعتبار الحمل غلطة، أو كما يراه البعض أن هذا الحمل الروحي ليس لي، إما بسبب ظروفي الشخصية وإما في هذه السن المتقدمة، فكم من مرة سمعنا الأم أو الأب يشير إلى ابنه أو ابنته ويقول مجيء هذا الابن كان “غلطة” لم يكن في الحسبان، ولم نكن نريده أن تحدث. وهكذا الحال أيضًا مع كثير من رجال الله، الذين استخدمهم المولى في ميلاد شعب أو أمة أو في نصر أنقذ دولة من الدمار أو في بشارة بلد خلصت حياة الآلاف من سكانها. عندما حملوا برؤاهم ظنوها وتعاملوا معها على أنها غلطة ليس لهم أن يحملوا مسؤولياتها أو تبعاتها. فها هي سارة امرأة إبراهيم الخليل تضحك غير مؤمنة بأنها ستنجب ابنًا عندما بشرها الملائكة بمولد إسحق قائلة: “أبعد فنائي يكون لي تنعم وسيدي قد شاخ؟!”، وها هو يونان النبي عندما حمل برسالة إلى أهل نينوى، فضل أن يهرب متجهًا إلى ترشيش، وعندما هاج البحر على مركبه فضل أن يلقيه من في السفينة في البحر على أن يذهب إلى نينوى وينادي عليها لتتوب، وها هو موسى، كليمه سبحانه، يرفض الحمل بإرساليته لإخراج شعب الله من مصر ويقول للمولى: “أرسل بيد مَن ترسل”، وها هو جدعون، عندما ألقى ملاك الله في أذنيه التحية السماوية: “الرب معك يا جبار البأس”، “فقال له جدعون، أسالك يا سيدي إذا كان الرب معنا، فلماذا أصابتنا كل هذه؟ وأين كل عجائبه التي أخبرنا بها آباؤنا؟” وغيرهم الكثير، ولولا رحمة علام الغيوب عليهم جميعًا لسمح لهم بإجهاض أجنتهم، وما كانوا ليذكروا في كتابه العزيز، وما نالوا شرف العمل تحت قيادته سبحانه. فالحمل بجنين رؤية، بالرغم من المعاناة الشديدة التي قد يتعرض لها من يحمله، إلا أن إلهنا حكيم يحسن الاختيار ويعرف كيف يحقق الأحلام وكيف يحفظ الجنين في رحم أمه، حتى يخرج إلى عالم الواقع في أحسن ما يكون التكوين.
7- واحدة من أهم أسباب الإجهاض أيضًا هو عدم الكشف الدوري للحامل وعدم اتباع إرشادات الطبيب، والإصرار على عدم أخذ مشورة طبية سليمة من الأطباء والمتخصصين، وفي كثير من الأحيان الاستماع إلى مشورة ونصائح وفتاوي غير المتخصصين أو حتى الدجالين الغشاشين المشعوذين.
منذ أكثر من خمسة وثلاثين عامًا كنت أعمل كطبيب أسنان في وحدة علاجية صحية لرعاية الأمومة والطفولة بشبرا، كانت السيدات الحوامل مقرر عليهن زيارة هذه الوحدة الصحية مرة كل شهر، كان الروتين اليومي لي وللطبيب البشرى أن نقوم بالكشف على كل سيدة، كل في اختصاصه، ونتأكد من سلامة الجنين ونموه بطريقة طبيعية في بطن أمه، وسلامة الأم، وسلامة أسنانها وما إلى ذلك، كان الأمر المدهش حقًا لي وللطبيب البشري هو أن معظم تعليماتنا لهؤلاء الأمهات الجدد لا تنفذ، وكثيرًا ما كانت هذه الأمهات تتغيب عن المجيء للكشف الدوري بحجة أنها لا تشعر بأية آلام أو أعراض غير طبيعية في جسدها، وأنه بالنسبة لها كل شيء تمام، وبالتالي فهي لم تكن مقتنعة بأهمية الكشف الدوري، والعجيب في الأمر أن كلمات وتوصيات الممرضات والقابلات لهن كانت تسمع وتنفذ من قبل هؤلاء السيدات الحوامل، لم تكن السيدات تسمع لنا كأطباء إلا في حالات الضرورة القصوى والتي يكون فيها الأم على وشك أن تفقد جنينها بسبب غبائها والثقة العمياء في الممرضات والقابلات العاملات معنا في تلك الوحدة الصحية دون الأطباء.
ولقد وجدت أن هذا الأمر يحدث أيضًا في الكنيسة على اختلاف طوائفها، فكل من يحمل برؤيا أو مشروع أو جنين روحي لا يذهب للممسوحين بالحكمة والروح القدس من كبار السن والخبرة الزمنية والروحية والمعينين من الله للإرشاد والمشورة وإعطاء الرأي السديد بالروح القدس، بل يذهب إلى الأحداث الذين نشأوا معه وخاصة بعد أن ضخت كليات اللاهوت الأوروبية والأمريكية كميات كبيرة، في الشارع الكنسي المصري، ممن يسمونهم بالمشيرين، الذين معظمهم مطلقين ومطلقات أو منفصلين ومنفصلات عن أزواجهم أو زوجاتهم حتى إذا كانوا يعيشون تحت سقف بيت واحد، واتجهت كنائس كبيرة وكثيرة لتعيين من لا خبرة لهم في قيادة أسرهم الخاصة الصغيرة ليكونوا قادة مجموعات بيتية كبيرة؛ وبالتالي مشيرين للمساكين الذين يحضرون هذه المجموعات، هؤلاء المشيرون الذين يشبهون تمامًا الممرضات والقابلات اللاتي كن يعملن بالوحدة الصحية لرعاية الأمومة والطفولة بشارع الشيخ بشبرا مصر.
أعلم أن النوعية الأمينة من المشيرين التي ذكرتها سابقًا قليلة جدًا في أعدادها بالنسبة للاحتياج الرهيب الكبير الذي يعاني منه المصريون الإنجيليون المؤمنون، لكنهم بكل تأكيد موجودون ومتاحون وبعضهم على استعداد لخدمة المحتاجين للمشورة مجانًا دون مقابل.
لقد حمل الكثيرون، أفراد وجماعات وقادة، بأجنة من سيد كل الأرض، لكن أين هي اليوم هذه الجماعات والخدمات؟، فعلى سبيل المثال لا الحصر، أين هي جماعة “مصر في نهضة” التي كانت تربح العشرات من النفوس للمسيح في حفلات شهرية، بأشهر فنادق الإسكندرية، وكان خدامها يعملون في حقل الملكوت بكل قوتهم، واليوم لم يبق منهم إلا نفر قليل متفرق كقادة في الكنائس والجمعيات المختلفة؟!، ولم تحدث النهضة في مصر كما كانوا يرجون، بل حدثت انقسامات واتهامات وطلاقات وخراب في بيوت قادتها والمسؤولين عنها. الإجابة تم إجهاضها لسبب أو لآخر.
أين هي جماعة “نداء الملكوت” التي كانت تضم العشرات من رجال الله القديسين والشباب الغيور المكرس لخدمة السيد؟!، تم إجهاضها لسبب أو لآخر. أين هي جماعة “ماران آثا” من خطة الله لهم وما حمل به قادتها من رؤى لمصر؟!، الإجابة تم إجهاضها.
أخيرًا دعني أقدم بعض النصائح للحوامل من الخدام وأصحاب الرؤى الإلهية السماوية الحقيقة، حتى لا تجهض أجنتهم ويفقدون ثمرة أعماقهم:
أ- عزيزي الحامل، تأكد من الحمل أنه صحيح وليس حملاً كاذبًا، فكثير من بطون الحوامل المنتفخة جسديًا تخلو من أطفال حقيقيين، بل قد تكون هناك، بدلاً من الأطفال، تكون أورامًا خبيثة أو حميدة لا تثمر عن مولود حسب مشيئة الله، فلا تعلن عن حملك إلا إذا تأكدت من القدير أنه حمل صحيح أكيد، وإن كنت في شك من حملك، فهناك رجال ونساء قديسون يستطيعون أن يساعدوك على التأكد مما تشعر به داخل أحشائك ويستطيعوا متابعتك حتى نهاية الطريق.
ب ـ عند تأكدك من الحمل أنه صحيح من عند القدير لا تسرع بملء الدنيا بالصياح، ولا تشارك بحملك سوى شخص واحد أو اثنين على الأكثر بعد مشاركة زوجتك أو زوجك بحملك، ولا تشارك إلا من كان روحيًا دارسًا لكلمة الله، حكيمًا أمينًا محبًا يشهد تاريخه أنه ذو خبرة في مساعدة الحوامل بالرؤى والأحلام خبيرًا في أمراض الحمل وفي رعاية الحوامل حتى يلدن أولادهن.
ج – افرح بحملك واشكر الله يوميًا على خروجه للعيان، حتى قبل أن يخرج، سليمًا قويًا مؤثرًا متممًا لمشيئة الله في حياتك وحياة من حولك، ولا تنس تسبيح العلي والترنم له على كرمه بالسماح لك بالحمل، فالتسبيح والشكر يضمن سلامة الجنين ونموه بطريقة طبيعية قوية ويرى المولود مكتملاً، حتى قبل نزوله في العالم المرئي.
د- ثق بربك العاطي أنه ساهر على أجنته لينميها ويحفظها من الأمراض ومن كل شر وشبه شر ويخرجها إلى حيث شاء بمسحة تكسر النير.
هـ- لا تفكر مطلقًا في كيف ستعول مولودك الجديد وكيف ستسدد احتياجاته وتضمن له البقاء في الحياة ليتمم ما هو مخلوق لأجله، فالعاطي الذي سمح لك بالحمل والإنجاب لن يتركك ولن يهملك وهو مسؤول عن تحقيق وعوده وخطته في حياتنا كأشخاص وكخدمات روحية وزمنية، فهو يعرف إمكانياتك غير الموجودة، وهو الذي له الأرض وملؤها المسكونة والساكنين فيها. يعرف أن يغيث المعي بكلمة ولعديم القوة يكثر شدة.
و- استعد ليوم الميلاد واستقبال تحقيق حلمك ورؤية الرب التي منحك إياها وقدم مولودك للرب ولا تنس أن تكرسه له كل يوم قائلاً: “منك الجميع ومن يدك أعطيناك”.
ز- استعد بإعداد صف ثان وثالث، من القادة والمعاونين لك في تحقيق حلمك والحصول على مولودك، إلى أن يأتي اليوم الذي تقول للعاملين معك منذ الحمل والولادة والرعاية والاستخدام: “ها أنا اليوم ذاهب في طريق الأرض كلها. وتعلمون بكل قلوبكم وكل أنفسكم أنه لم تسقط كلمة واحدة من جميع الكلام الصالح الذي تكلم به الرب عنكم. الكل صار لكم. لم تسقط منه كلمة واحدة”.
حفظ الله الأجنة الروحية داخل أرحامنا من الإجهاض الروحي وعلمنا طرق إيقافه.