العدد 161 الصادر في فبراير 2019 أنا وأخويا وابن عمي والغريب
بالرغم من كرهي الشديد للغالبية العظمى من الأمثال العربية، إن لم يكن لها كلها، تلك الأمثال التى توارثناها والتى نتداولها في الشرق الأوسط وكأنها آيات منزلة من رب كريم، ووحي ينبغي أن يتبع، حتى مع كونها سببًا رئيسيًا في إصابة الخلق بحالة من الغيبوبة الدماغية، والإعاقة المستديمة التى يصعب التخلص منها، بالرغم من كل هذا لا أدري لماذا استرجَعَتْ ذاكرتي المثل المصري الشهير، الذي لم أسمعه لأكثر من ٣٥ عام مضت، والذي طالما رددته واستخدمته وسمعته في مصر من الكثير من الأقارب والأصحاب في مناسبات عديدة وخاصة عندما يحدث خلاف بين أفراد الدين الواحد أو الطائفة أو العائلة الواحدة أو العائلات المختلفة، يقول المثل: ” أنا وأخويا على ابن عمي وأنا وابن عمى على الغريب“.
كانت المرة الأخيرة التى استعملت فيها هذا المثل في مخاطبتي لرجال مباحث أمن الدولة في الزقازيق يوم تم الاعتداء علىَّ وعلى أعضاء اتحاد الشباب المسيحي من أعضاء مجلس إدارة ملجأ البنات الأيتام الأرثوذكسي بمدينة الزقازيق، بحضور كاهن الملجأ المسؤل، وبعلم وأمر من مطران الزقازيق يومئذ، كان اتحاد الشباب المسيحي في تلك الأيام الجميلة يقوم بعمل اجتماعات كرازية تشجيعية تحتوي على ترانيم وموسيقى وخدمة الكلمة للشباب المسيحي من كل الطوائف المسيحية، تلك الاجتماعات الروحية التي كنا نطلق عليها مسمى حفلات ”الموسيقى والترنيم“. لم نكن نعقد هذه الحفلات في كنائس إنجيلية إطلاقًا، حيث أننا كنا نرى أن رسالتنا لن تكون جديدة على أعضاء الكنائس الإنجيلية، وحيث أننا لم نكن نقدم أية تعاليم طائفية، بل كنا نقدم رسالة روحية بسيطة لإيقاظ الشباب المسيحي لمساعدتهم على التوبة والرجوع إلى الله، لذا فعادة ما كنا نستخدم بعض القاعات العامة أو قاعات الكنائس الكاثوليكية في مختلف المحافظات التى نعقد بها حفلاتنا، حيث لم يكن مسموح لنا أن نستخدم بالطبع أية قاعات لكنائس أرثوذكسية، ببساطة لأننا إنجيليون، ونعلم أن الكنائس الأرثوذكسية لن تقبل بأي شكل من الأشكال أن نعقد حفلاتنا في أماكنهم، الأمر الذي لم يكن يزعجنا على الإطلاق فهي أولاً وأخيرًا كنائسهم ولهم مطلق الحرية في التصرف فيها، بالإضافة إلى أن كهنتها ورتبها الإكليروسية من أصغرهم إلى أكبرهم يرون أننا ذئاب خاطفة، نخطف شبابهم من كنائسهم الأرثوذكسية ونزرعهم في كنائسنا الإنجيلية، وأنهم كقادة الكنيسة هم مسؤلون عن حفظ عقيدة كنائسهم والحفاظ على رعيتهم وهذا بالطبع حقهم التنظيمي الكنسي والطائفي، حتى لو كنا نراه نحن الإنجيليين غير كتابي ومخالف لتعاليم المسيح وشريعة السيد الرب يسوع.
يومًا ما قررنا أن نقيم واحدة من حفلات الموسيقى والترنيم في الزقازيق، لم يكن أمامنا سوى الكنيسة الإنجيلية التى قام قسيسها المنتقل إلى جوار ربه طيب الذكر القس “رمزي بسطا”، بالترحيب بنا وأبدى استعداده الكامل مع مجموعة كبيرة من شباب وشابات وأعضاء الكنيسة لمساعدتنا في كل ما نحتاجه للحفل. اقترح عمها لزوجتي الأستاذ رضا أمين قرياقص، شيخ الكنيسة الإنجيلية بالزقازيق يومئذ، اقترح أن يقوم بطلب تأجير واستخدام مسرح ملجأ البنات الأيتام الأرثوذكسي بالزقازيق، كان الشيخ الأستاذ رضا أمين إنسانًا محترمًا، مدرسًا للرياضيات، طيب القلب، خادمًا للكبير والصغير بكل محبة وتواضع دون النظر إلى نوعية الكنيسة أو الطائفة التى ينتمي إليها مخدومه. عند سماعي اقتراحه باستخدام مسرح ملجأ البنات الأرثوذكسي دهشت وسألته: كيف سيسمح لنا الأرثوذكس بتأجير مسرحهم ونحن إنجيليون؟ أجابني الأستاذ رضا، أنا متأكد أن أبانا سيسمح لنا، لأني صديقه، كما أنني أذهب إلى الملجأ مرات عديدة في الأسبوع للتدريس مجانًا للبنات اليتيمات هناك، وهو يعلم أنني شيخ بالكنيسة الإنجيلية والبنات يعتبرونني والدهن، سررت بفكرة عقد حفلة الموسيقى والترنيم بالملجأ وخاصة أن البنات اليتيمات سيشاركوننا وسيخرجن من روتينهن اليومي وسنحاول أن ندخل الفرحة إلى قلوبهن الصغيرة بكل الطرق، الحقيقة كنت في شك كبير إذا ما كان الأستاذ رضا، سيحصل حقًا على تصريح لاستخدام مسرح الملجأ من أبينا المسؤل عنه، لأني أعرف أن الكاهن لا يمكن ولا يستطيع أن يقرر هذا من نفسه، بل لابد أن يرجع لسيده مطران الزقازيق لأخذ الحل والبركة والموافقة على عقد حفلة لجماعة إنجيلية في الملجأ، بعد أن أكد لي الأستاذ رضا ثقته في الحصول على الموافقة غادرت الزقازيق لحال سبيلي، بعدها بأيام قليلة اتصل بي الأستاذ رضا، وقال: ” أبونا المسؤل عن الملجأ رحب بفكرة عقد الحفلة عندهم في الملجأ وسيحضرها هو والبنات، سألت الأستاذ رضا، وماذا عن نيافة المطران، قال إن الكاهن المسؤل قام بأخذ مباركة وموافقت سيدنا على استضافة الحفل بالملجأ، كان الأستاذ رضا، مبتهجًا جدًا أنه أثبت لي أن مخاوفي من رفض قبولنا في الملجأ، لأننا إنجيليون، لا أساس لها من الصحة، وأن مكانته عند الكاهن والمسؤلين عن الملجأ لن تسمح لهم بالرفض، قال، هم يعرفون أنني لست متعصبًا لطائفة أو كنيسة، بالرغم من أنني شيخ بالكنيسة الإنجيلية، ولا خوف مني إطلاقًا، لأنني أحترم كل الطوائف والكهنة ولا أتدخل أو أتكلم في أية عقائد وهم أيضًا يقدرون جدًا مساعدتي لهم في تدريس جميع بنات الملجأ بالمجان. شكرته، وبدأنا الإعداد للحفل، سافرت بعدها بأيام إلى الزقازيق وذهبت إلى الملجأ وتقابلت مع الكاهن الذي رحب بي وأكد سروره لإقامة الحفل بالملجأ، مرت الأيام بعد ذلك مسرعة، حتى جاء اليوم الموعود الذي سيقام به الحفل، سافرت يومها مبكرًا إلى الزقازيق بمفردي لانتظار فريق الترنيم والإشراف على الإعداد للحفلة. في حوالي الساعة الثانية ظهرًا أي قبل بداية الحفل بخمس ساعات تقريبًا، اتصل الكاهن المسؤل عن الملجأ بالأستاذ رضا، وأبلغه أن الحفل تم إلغاؤه بأمر من مطران الزقازيق، ذهبت لمقابلة الكاهن، وسألته: لماذا ألغيت الحفل، ومن صاحب القرار بإلغائها أجابني سيدنا المطران، قلت وهل كان يعلم المطران أننا حاجزون المسرح هنا للحفل من عدة أسابيع مضت، أجابني: كان عارف وقال إنه موافق، قلت إذًا ما الذي جد في الأمر، ولماذا لم يبلغنا من قبل بعدم موافقته بمجرد علمه أننا نريد حجز المكان، أجاب مش عارف، قلت، كيف يمكن مقابلته والتحدث إليه؟ قال، لا تتعب نفسك لن يقابلك ولن يسمح لكم بإقامة حفلكم في الملجأ على الإطلاق. كان من الواضح أن سيادة المطران لم يرد أن يبلغنا بعدم موافقته على استخدامنا لمسرح الملجأ، لإقامة حفلنا المسيحي الروحي مسبقًا، وانتظر حتى ساعات قليلة قبل ميعاد البدء في الاحتفال ليصدر قراره بعدم استضافتنا، حتى لا نتمكن من إيجاد مكان آخر لعمل الحفل، وحتى لا يعرف ويرتب الراغبون في الحضور أنفسهم ويذهبوا لحضور الحفل في أي مكان آخر، فالهدف كان إحداث ارتباك في صفوفنا ومنعنا من عقد الاجتماع من أصله، ومنع الناس جميعًا من حضور الحفل. رجعت إلى القس رمزي وطلبت منه أن نعمل الحفل بكنيسته الإنجيلية. فوافق مشكورًا على الفور.
كانت المشكلة كيف يعرف المدعوون لحضور الحفل أن مكان انعقادها أصبح في الكنيسة الإنجيلية بدلاً من الملجأ، لم يعد هناك وقت للإخبار، ولم يكن هناك تليفونات محمولة ولا فيس بوك ولا إنترنت لتوجيه الناس إلى المكان الجديد، الطريقة الوحيدة كانت أن تذهب مجموعة منا وتقف أمام الملجأ وتعتذر للراغبين في حضور الحفل عند وصولهم وتخبرهم بتغيير مكانها إلى الكنيسة الإنجيلية، ذهب ثلاثة من الإخوة للوقوف أمام الملجأ، فوجئوا بمجموعة شباب أرثوذكسي يقفون أمام الملجأ واشتبكوا معهم بالأيدي، ترك شبابنا المكان وجاءوا مسرعين لإخباري بما حدث، قالوا لي الشباب الأرثوذكسي ضربونا وجروا وراءنا وتوعدونا أنهم سيبلغون البوليس ضدنا قائلين، إننا نحن الذين جئنا واعتدينا عليهم في مكانهم بالملجأ، كان قسم الشرطة على بعد أمتار من الكنيسة الإنجيلية ومقابلها تمامًا، لم أرد أن أنتظر حتى يذهب الشباب ويتهمونا بما لم تقترفه أيدينا، أصبحت في حيرة من أمري، هل أذهب لأخبر البوليس بما حدث؟ لم أكن مقتنعًا أن أسمح للبوليس (الغريب) بالدخول بيني وبين إخوتي (وأولاد عمي) الأرثوذكس وكررت لنفسي المثل الذي يقول: ” أنا وأخويا على بن عمي وأنا وابن عمي على الغريب“ والبوليس ليس أخويا ولا ابن عمي، لكنه الغريب، والمشكلة هي بيني وبين أخويا وليس بها ولا يجب أن يتدخل بها لا ابن عمي ولا غريب. لكن ماذا لو ذهب أخويا وأدخل الغريب المسلم من رجال البوليس بيننا وأقنعه أنني لست أخاه وأنني وجماعتي الذين ذهبنا إليهم في عقر دارهم واعتدينا عليهم، مستخدمًا نفوذ سيدهم مطران الزقازيق الذي لا يتورع أن يلصق بنا تهمة الاعتداء على شبابه؟، أجمعت آراء كل من كان حولي أنني ينبغي أن أذهب إلى قسم البوليس وأبلغهم فقط بما حدث وأسجله كتابة في محضر قبل أن يذهب أخي ويتهمنى بما لم أفعله، ذهبت إلى قسم البوليس والتقيت بحضرة الصول المسؤل عن تسجيل البلاغات، حاولت أن أقوم بتسجيل ما حدث لنا وشرح أن شبابنا هم الذين تم الاعتداء عليهم وما اعتدوا على أحد، وأضع البوليس في علم بالواقعة حتى لا تنقلب الأمور ضدنا، وخاصة إنني أعلم أن المطارنة يكونون على اتصال دائم، ويحاولون بكل إمكانياتهم، التقرب وإرضاء رجال الأمن ومسؤلي الشرطة في محيط أبروشياتهم. رفض حضرة الصول تسجيل البلاغ وقال لي، ”إحنا ما بنتدخلش بين المسيحيين، روحوا اتفاهموا مع بعض!“. بالطبع فشلت أن أقنع سيادة الصول أنني لا أريد أن يتدخل البوليس بيني وبين إخوتي المسيحيين، وأنني لم آت إلى قسم البوليس لأشتكي ضدهم، وما جئت إلا لتسجيل حقيقة واقعة حدثت بيني وبينهم، وعندما رأيت استحالة إقناع الصول وأن لا فائدة من ضياع الوقت في قسم البوليس تركت المكان وذهبت بنفسي للوقوف أمام الملجأ، حيث لم يكن قد بقى من الوقت سوى أقل من نصف ساعة ويبدأ الحفل، كنت قد عزمت أن أتكلم مع المسؤلين عن الملجأ إذا خرج أحدهم لتكرار ما حدث من الاعتداء على الشباب. بينما كنت أقف لتوجيه الراغبين في حضور الحفل إلى الكنيسة الإنجيلية، وإذ بعربة بيجو ٥٠٤ خضراء جاءت مسرعة نحوي وصعدت على الرصيف الذي كنت أقف عليه، ومتكئ بظهري على حائط الملجأ، وتوقفت فجأة بعد أن ضغط صاحبها على الفرامل بكل قوة مما أثار زوبعة من الأتربة والرمال والحصى الرفيع في وجهي، فحصرتني السيارة بين مقدمتها وسور الملجأ. نزل مسرعًا من العربة رجل في الستين من عمره تقريبًا وبدأ الصياح في وجهي وبشتيمتي بأقذر الألفاظ وتهديدي بأنه سيقتلني إن لم أنصرف من أمام الملجأ فورًا. تركت المكان ورجعت إلى الكنيسة الإنجيلية غير مصدق لما يحدث وكأنني في كابوس مخيف، فأنا أعلم أن التعصب الأعمى والكراهية في قلوب بعض المتدينين من المسيحيين كانت وستظل إلى يوم القيامة، لكن لم أكن أتخيل أنها يمكن أن تصل إلى هذا الحد أبدًا.
جاء من جاء لحضور الحفل، رنمنا وصلينا ووعظنا وباركنا إلهنا في اجتماعنا بالكنيسة الإنجيلية بالزقازيق، بعد أن انتهى الاجتماع وبينما كنت أصافح الحضور أمام باب الكنيسة الخارجي في الشارع، جاء رجل يمسك بدراجته وكان يسأل أين الدكتور ناجي، قلت أنا الدكتور ناجي، قال لي أنا أحمد، من قسم البوليس، الباشا فلان، نائب مأمور قسم الزقازيق، بيقول لسيادتك إنه منتظرك في مكتبه الآن. سألته لماذا يريد الضابط فلان مقابلتي، قال لتستكمل المحضر والبلاغ الذي قدمته هذا الصباح ضد المسؤلين عن الملجأ الأرثوذكسي، قلت: أولاً أنا لم آت في الصباح لكي أعمل محضرًا أو لأشتكي ضد المسؤلين عن الملجأ، ثانيًا الصول المسؤل عن عمل المحاضر رفض، حتى أن يسمع منى ما كنت أريد أن أشرحه له ورفض أن يسجل أي شئ عن الواقعة، فكيف أستكمل ما لم أبدأه، ثالثًا وأخيرًا قل للضابط فلان إن الدكتور ناجي، يقول لك هناك مثل يقول “أنا وأخويا على ابن عمى وأنا وابن عمي على الغريب”، أجابني عم أحمد، يعنى أيه تقصد سيادتك بهذا الكلام، أجبته “عم أحمد، مش مهم تفهم ما أقصده بهذا الكلام، انقل أنت كلامي للضابط اللي بعتك كما قلته أنا وهو سيفهم ما أقصد“، قال عم أحمد، ما على الرسول إلا البلاغ، سلام عليكم وانصرف..
منذ وقوع هذه الحادثة من عشرات السنين لا أذكر أنني فكرت أو نطقت بهذا المثل، لكن ذاكرتي استرجعت على الفور كلماته هذا بمجرد سماعي لما حدث بين الإخوة في المسيحية بقرية منشأة الزعفرانة بالمنيا. استرجعته ذاكرتي بالرغم من عدم قبولي واعترافي ومصادقتي عليه، بل وتصنيفه على أنه مثل مضلل ومعوق، حيث أنه لا يجب أن نتعامل كبشر مع الحقائق والأحداث والتعديات بخلفية أننا إخوة أو بسبب انتمائنا لدين واحد أو قطر أو عائلة واحدة، وإلا لأصبحنا كمسيحيين نسير على درب المبدأ الديني الإسلامي المرفوض تمامًا، لدينا جميعًا، والقائل: ”انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا“، هذا القول الذي قاومه ووضحه وصححه بأعماله وبلسانه وتعاليمة، أكثر من مرة، المسيح يسوع نفسه عندما كان يسير، تبارك اسمه، بقدميه الطاهرتين على الأرض.
فيدوّن مرقس الرسول في إنجيله مفهوم المسيح، تبارك اسمه، عن من هو أخوه وأخته وأمه وقريبه كاتبًا: ” فجاءت حينئذ إخوته وأمه (إخوة المسيح وأمه مريم) ووقفوا خارجًا وأرسلوا إليه يدعونه. وكان الجمع جالسًا حوله (حول المسيح) فقالوا له: «هوذا أمك وإخوتك خارجًا يطلبونك». فأجابهم (المسيح): «من أمي وإخوتي؟» ثم نظر حوله إلى الجالسين وقال: «ها أمي وإخوتي لأن من يصنع مشيئة الله هو أخي وأختي وأمي»..
وفي القصة المعروفة بقصة ”السامري الصالح“. أراد المسيح أن يجيب على نفس هذا السؤال الجوهري عندما نأتي إلى معاملتنا مع البشر من حولنا سائلين ”من هو أخي أو ابن عمي أو الغريب“؟ سواء أكانوا مسيحيين أم مسلمين أم يهودًا، مسيحيين من طائفتي الإنجيلية أم يخالفونني في الطائفة والعقيدة وطريقة العبادة، لذا قصد السيد، تبارك اسمه، أن يشرح لسامعيه أنه لا فرق عند الله بين مسلم ومسيحي ويهودي، مسيحي إنجيلي أو أرثوذكسي أم كاثوليك، لأن الجميع زاغوا وفسدوا ليس من يصنع صلاحًا ليس ولا واحد، وأنه، سبحانه، خلق من دم واحد كل إنسان على الأرض، ولأنه جاء وعاش ومات لكي يفدي الجميع ويخلص الجميع من خطاياهم ولأن في كل أمة الذي يتقيه ويعمل البر مقبول عنده ما دام على استعداد أن يقبل المسيح مخلصًا شخصيًا لحياته.
يقول تنزيل الحكيم العليم: ”واذا ناموسي (معلم للناموس) قام يجربه (يجرب السيد المسيح) قائلاً: «يا معلم ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟». فقال له: «ما هو مكتوب في الناموس. كيف تقرأ؟» فأجاب: «تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك وقريبك مثل نفسك». فقال له: «بالصواب أجبت. افعل هذا فتحيا». وأما هو فإذ أراد أن يبرّر نفسه سأل يسوع: «ومن هو قريبي؟» فأجاب يسوع: «إنسان كان نازلاً من أورشليم إلى أريحا فوقع بين لصوص فعروه وجرحوه ومضوا وتركوه بين حي وميت. فعرض أن كاهنًا نزل في تلك الطريق فرآه وجاز مقابله. وكذلك لاوي (خادم للهيكل) أيضًا إذ صار عند المكان جاء ونظر وجاز مقابله. ولكنّ سامريًا (السامريون هم نسل اليهود الذين اختلطوا بالأمم الذين عاشوا بينهم، ولذا فاليهود لا يعاملون السامريين ولا يعترفون بهم أنهم يهود ولا يحبونهم ويستخدمونهم كمادة للسب واللعن) مسافرًا جاء إليه ولما رأه تحنن فتقدم وضمد جراحاته وصب عليها زيتًا وخمرًا وأركبه على دابته وأتى به إلى فندق واعتنى به. وفي الغد لما مضى أخرج دينارين وأعطاهما لصاحب الفندق وقال له: اعتن به ومهما أنفقت أكثر فعند رجوعي أوفيك. فأي هؤلاء الثلاثة ترى صار قريبًا للذي وقع بين اللصوص؟» فقال (الناموسي): «الذي صنع معه الرحمة». فقال له يسوع: ”اذهب أنت أيضًا واصنع هكذا“. .
ولا شك أن العدو إبليس اللعين يصعد في هذه الأيام من خباثة وضراوة خططه ضد الكنيسة العامة على اختلاف طوائفها، فالخطة الشيطانية ضد الكنيسة الشرق أوسطية بدأت منذ تجسد سيد كل الأرض ومجيئه ليولد في بيت لحم، حيث حاول قتل المسيح وهو في المهد صبيًا، ثم تبلورت بعد مئات السنين في ظهور جماعة الإخوان المسلمين وممارسة معاداتها السافرة للمسيحيين، والوقوف ضد بناء الكنائس، ونشر الفكر الوهابي في مصر، ثم وضع قرارات العزبي باشا التعسفية ضد بناء كنائس المسيحيين أو تصليحها أو ترميمها، ثم جاءت حكومات الضباط الأشرار مرورًا بجمال عبد الناصر، ومن بعده الرئيس المؤمن ومن تولوا عرش مصر من بعده، فأصبح بناء الكنائس أو ترميمها ضربًا من ضروب المحال والخيال، لكن بطريقة مستترة وبتهديد خفي بارد ومستمر من قبل الأمن المصري حتى يخاف المسيحيون ويكفوا عن المطالبة بحقوقهم في بناء الكنائس دون قيد أو شرط، ثم قامت الثورة الحديثة وتم خلع مبارك وأعوانه من الحكم وجاءت حكومة المرشد لمدة قصيرة، فتجمد كل شئ في مصر، ونظرًا للظروف التى كانت سائدة في تلك الفترة توقفت طلبات بناء الكنائس وبالتالي توقفت التصريحات، حتى انضم السيسي، أطال الله بقاءه للإرادة الشعبية ووضع خريطة الطريق وطلب من البابا تواضروس، التواجد في جلسة الإعلان عنها، فأحدث حضوره وكلمته التى قالها يومئذ غليانًا وفورانًا في دم الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية المستبعدة من الحكم والمشهد، فعاثوا في الكنائس نهبًا وتدميرًا جزاء لما فعله المسيحيون وقادتهم من قبولهم لخريطة الطريق وتأييدهم العلني لها ولسيادة الرئيس، وجاء رئيسنا المفدى إلى الحكم وسمح بإعطاء تصاريح بناء لبعض الكنائس القليلة من العدد الكبير المنتظر والحالم بمجئ دوره لبناء كنائسه قبل مجئ المسيح واختطاف الكنيسة، حيث لن يعد بعد ظهوره تبارك اسمه احتياج بعد لتصاريح بناء، فالمسيحيون الذي سيبقون على الأرض بعد اختطاف الكنيسة لن يهتموا كثيرًا بحضور الكنائس ولن يكون لهم فرصة أخرى للتوبة وفقًا لما أؤمن به أنا والغالبية العظمى من المسيحيين من تفسير للآيات الكتابية المتعلقة بهذه الفترة المعروفة بالضيقة العظيمة. وبتصريح من القيادة السياسية، بدأت بعض الكنائس القليلة بالبناء والترميم وإعادة استخدام كنائسهم المغلقة أو المتهالكة، فصعد العدو، إبليس الشرير، من خطته، فأصبح يثير بعض العامة من المسلمين ضد أية كنيسة ترمم أو تبنى أو يحاول أصحابها مباشرة الصلاة بها، حتى لو كانت قائمة منذ عشرات السنين، أو بيت يتم الصلاة به في أية قرية من القرى وخاصة في ولاية المنيا الداعشية، وفي كل مرة لا يتدخل البوليس إلا بعد فوات الآوان ووقوع عدد من الجرحى وربما القتلة أيضًا ودخول المسيحيين إلى الحبس، إلى أن يتم عقد جلسة من جلسات الصلح العرفية، أما أحدث الخطط الشيطانية وأكثرها خبثاً وإيذاءً التى وصلت حديثًا إلى ولاية المنيا هي استخدام الحرب الباردة بين الطوائف المسيحية، الحرب المعروفة تمامًا للمسيحيين والمسلمين، وخاصة بين الإنجيليين والأرثوذكس منذ بداية دخول الكنائس الإنجيلية على اختلاف طوائفها إلى مصر، الحرب التى تظهر على السطح بوضوح بين الحين والآخر والتى يعتدي فيها أرباب ورياسات الطوائف المسيحية المختلفة على أحدهم الآخر، إما بالكلام والتصريحات أو بالأفعال والتصرفات، للدرجة التى قال معها رتبة كنسية كبيرة لفتاة تسأله، على الهواء مباشرة في أحد اجتماعاته الإسبوعية، إن كان يجوز لها الزواج من إنجيلي أم لا، فكانت إجابته: “أنصحك تتجوزي مسلم ولا تتزوجي إنجيلي” وقال رتبة آخر في برنامج تليفزيوني مباشر في مصر “الإنجيليون؟ لا تسألني عنهم هؤلاء ليسوا مسيحيين، وكلهم سيذهبون إلى جهنم” وقال قس في مركز من مراكز الزقازيق: “محروم اللى يروح عند الإنجيليين، كتابهم غير كتابنا ومسيحهم غير مسيحنا” ويكفي ذكر هذه الأمثلة القليلة القبيحة لإثبات أن الاعتداءات الطائفية المسيحية ليست جديدة، والبيانات المتضمنة للإهانات وغيرها من وسائل الاعتداء التى يتعرض لها الإنجيليون عمومًا من أخي الأرثوذكسي ليست قليلة، فأخي الأرثوذكسي يمكن أن يقف في الشارع وأمام أي جامع وينادي بأعلى صوته بعد صلاة الجمعة على “الغريب” داعيًا إياه أخي ويقول: ” أخويا المسلم عايز أقول لك إني بحبك“، مع أن من يدعوه الشاب الأرثوذكسي “أخويا المسلم” في الحقيقة ليس أخاه، ولا يقبل أخوه المسلم أن يكون الصليبي أخاه، لا في الدين ولا في الإيمان ولا حتى في الوطن، حيث أنه لا يعتبر المسيحي صاحب أرض ووطن، بل عدوًا، هزمه آباؤهم وفتحوا بلاده ودخلوها ضد مشيئة الله آمنين، فأصبحت من ممتلكاتهم وحدهم ولا مكان لغيرهم فيها ولذا، فأخوه المسلم الذي يصرف أخي، أنا المسيحي، الوقت والجهد والمال في محاولة لإرضائه لا يلتفت له مهما نادى وصرخ أمام الجامع، بل ويعتبره ضعفًا وخوفًا وجبنًا وتملقًا من النصراني القائل لمثل هذه الشعارات.
والعجيب أنه في نفس الوقت، وبنفس المقياس، لا يستطيع أخي الأرثوذكسي، الذي هو بالحقيقة أخي، في اللغة القبطية والأرض المصرية، والحضارة القبطية الفرعونية، والثقافة المسيحية، والمصير المشترك والمعاناة اليومية والاضطهاد الممنهج والإيمان بالمسيح وكتابه المشترك بيننا جميعًا الموحى به من الله، وبكنيسة واحدة جامعة رسولية، لا يستطيع أن يعمل معي مثل ما يعمل مع أخيه المسلم، فكلمة إنجيلي عند الأرثوذكسي مرادفة لذئب خاطف كما يسمعون من رياساتهم وكأن لسان حاله “أنا والغريب على ابن عمي وأنا وابن عمى والغريب على أخويا”.
وما من شك في أنه إن كنا جادين لإدراك ما يصبو إليه عدو النفوس في هذه الأيام وفي الفترة المقبلة، فإنه لابد لنا أن نزن الأحداث، تطورها وردود أفعالنا نحوها، وعندها سنكتشف أن كل ما ذكرته سابقًا مجمعًا يمكن أن يوضع في كفة واحدة من الميزان، وما حدث أخيرًا في قرية الزعفرانة يوضع في الكفة المقابلة لها من ”ميزان الأحداث“. فلقرون عديدة كنا نرى المقاومة الشديدة من قادة الكنيسة الأرثوذكسية لكل محاولة لفتح أية كنيسة إنجيلية في أي مكان في مصر، وكأنهم وحدهم أصحاب الأرض، ووارثي كنائس المسيحيين جميعًا، والموكلون وحدهم من المسيح، تبارك اسمه، للحفاظ على تعاليم الآباء الأول للكنيسة ضد ما يسمونه هرطقة ظهور الكنيسة الإنجيلية، لكن الجديد في الأمر اليوم هو أن يتحد البوليس والمسلمون وأهالي القرية الإنجيليين في غزوة الزعفرانة لإخراج الكاهن الأرثوذكسي ومن قطعة أرض مساحتها ٣٠ مترًا، حسب رواية الكنيستين، ولا شك أن هناك عدة أسئلة نحتاج إلى إجابة مخلصة على جميعها، حيث أن هذه الأحداث والتصريحات تضر بنا كإنجيليين حتى لو لم نكن مشيخيين بل من مختلف المذاهب الإنجيلية، حيث إن الكنيسة الأرثوذكسية، والحكومة المصرية، ورجل الشارع البسيط يضعنا في سلة واحدة، لأننا بالنسبة لهم نحن جميعًا إنجيليين مهما اختلفت مذاهبنا الإنجيلية، تقاربت أو تباعدت.
لعل أول هذه الأسئلة أهمها: لماذا أصدرت الكنيسة الإنجيلية البيان الخاص بأحداث قرية الزعفرانة؟ فما دخل كنيسة الإنجيلية في أن تبنى الكنيسة الأرثوذكسية أو لا تبني؟، هل كان هناك ما يضير الكنيسة الإنجيلية في بناء كنيسة أرثوذكسية، أم طول مدة وجود الكنيسة المشيخية بمفردها بالقرية لمائة سنة جعلها تعتقد وتتصرف وكأن القرية ملكًا لها وأنه من حقها أن تمنع الأرثوذكس من بناء كنيسة لهم؟، أليس هذا هو نفس المبدأ الخاطئ الشرير الذي تتبعه الكنيسة الأرثوذكسية معها ككنيسة إنجيلية عندما تفتخر على الإنجيليين بأن كنيستهم الأرثوذكسية مبنية من ألفي عام، بينما الحركة الإنجيلية كلها لم يمر عليها أكثر من ٥٠٠ عام؟، هل أصدرت الكنيسة الإنجيلية البيان من تلقاء نفسها أم طلبت منها جهة ما، كنسية أم سيادية غير كنسية، إصداره؟ جهة تعلم ما يمكن أن يترتب على إصدار مثل هذا البيان من مشاكل وزيادة في الصراعات والحروب بين الإخوة في المسيح مع بعضهم البعض، ويحقق ما يرغب المسلمون بالقرية في تنفيذه من منع إقامة كنيسة فيها دون تدخلهم أو ظهورهم في الصورة كمانعين لبناء الكنيسة. وهل الـ ٣٠ متر التي حصلت عليها الكنيسة الأرثوذكسية من أحد المسيحيين كانوا من ممتلكات الكنيسة الإنجيلية؟ هل الأسرة التى باعت أو منحت الكنيسة الأرثوذكسية هذه الأرض هم أعضاء في الكنيسة الإنجيلية؟ ربما، حيث أنه لا توجد كنيسة أخرى بقرية الزعفرانة إلا الكنيسة الإنجيلية، وحتى وإن كانت الأسرة من أعضاء الكنيسة الإنجيلية، فهل محرم عليهم بيع أو إهداء أرضهم لمن يريدون؟ ثم من هو أو هم الذين أصدروا البيان الإنجيلي بهذه السرعة وظهروا على شاشات التليفزيون ليدلوا بتصريحاتهم العشوائية عن هذه الحادثة والتى أضرت بعلاقتنا بأخويا الأرثوذكسي أكثر من أي وقت مضى؟ هل طريقة إصدار البيانات هي المثلى في مثل هذه الأحداث؟، وإن كانت فمن هو المنوط به أن يصدر هذه البيانات؟، وهل يراجع من قبل المسؤلين بالطائفة الإنجيلية المشيخية أو رئاسة الطائفة الإنجيلية ككل؟ وما هي المعايير التى ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار لإصدار مثل هذه البيانات؟
هل هناك مجلس إنجيلي مشيخي، أو إنجيلي عام يجتمع بصورة عاجلة في دقائق، لأخذ القرار المناسب من كل النواحي لمثل هذه الأحداث (علمًا بأن كل النواحي تعنى كتابيًا، مسيحيًا، أخويًا، مصريًا، أمنيًا، شعبيًا، إلخ)؟، وكيف تؤخذ القرارات في مثل هذا المجلس؟، هل بطريقة ماحدش أحسن من حد، أي عين بعين وسن بسن والبادئ أظلم؟، لأنه كما هم بيقرفونا في كنايسنا لازم نقرفهم نحن أيضًا، أم تؤخذ القرارات بطريقة رأى الروح القدس ونحن؟، هل يتم إعلان القس المنتخب كرئيس للطائفة الإنجيلية قبل اعتماد أية قرارات أو اتخاذ أية خطوات تجاه مثل هذه الأحداث، حيث أن الأمر يتعلق بنا، وتنعكس نتائجه إيجابية كانت أم سلبية علينا جميعًا كإنجيليين من مختلف المذاهب الإنجيلية، أم أن القس المنتخب كرئيس للسنودس، أم المتحدث الرسمى باسم الطائفة الإنجيلية هم المخول لهم إصدار مثل هذه البيانات ؟
ثم ما هو دور مجلس الكنائس المصرية الموحد؟، هل تناقش مثل هذه الأمور علانية وبصراحة في هذا المجلس الموقر سواء قبل أن تحدث الكارثة بين الكنيستين الأرثوذكسية والإنجيلية أو بعدها؟، ألا ينبغي أن يكون حل مثل هذه المشاكل قبل تفاقمها، ودخول الغريب فيها، من صميم عمله ومسؤلياته؟
هل هناك من يحاسب القسوس والكهنة والأساقفة إذا ما أدخلونا كمسيحيين في حروب وصراعات طائفية سخيفة لا معنى لها كما في هذه الحادثة المهينة للجميع؟، باختصار، هل هناك كبير للمسيحيين يستطيع أن يحاسب الآخرين على أخطائهم ضد الكنيسة بكل طوائفها ومذاهبها؟. هل نرى ونقرأ نحن الإنجيليين الصورة كاملة روحيًا ومسيحيًا ومصريًا وأمنيًا ودينيًا، في كل ما نتعرض له من أحداث، حلوها ومرها، أم أننا نركز على جزء واحد منها؟، وهل يمكن أن تكون تحركاتنا في مواجهة كل ما نمر به، أفعال وليست ردود أفعال على ما تعودت الرياسات الكنيسة الأرثوذكسية عمله أو قوله ضد الكنائس الإنجيلية؟
وفي النهاية، أقول أليس من المضحك المحزن المبكي أننا نطالب الحكومة المصرية بإطلاق يدها لفتح الكنائس المغلقة والتصريح ببناء كنائس جديدة، بينما نثور نحن المسيحيين لفتح كنيسة جديدة مخالفة لمذهبنا أو طائفتنا، ونصدر البيانات ونجتمع ونتحد مع المسلمين في الهتاف ”اخرج، ارحل“ ضد كاهن يحاول البدء في إنشاء كنيسة على ثلاثين متر من الأرض، حتى لو كان وراءه مطران يُعرف بتشدده وعدائه وكرهه للإنجيليين وكنائسهم في هذه القرية والقرى المجاورة لها والتابعة لأبروشيته؟! ألا يذكرنا هذا الحدث بموقف تلاميذ المسيح الأول عندما جاءوا لسيدهم قائلين: «يا معلم رأينا واحدًا يخرج شياطين باسمك وهو ليس يتبعنا فمنعناه لأنه ليس يتبعنا، فقال يسوع: «لا تمنعوه لأنه ليس أحد يصنع قوة باسمي ويستطيع سريعًا أن يقول عليّ شرًا. لأن من ليس علينا فهو معنا”.
يا سيدي المسيح، يا من صليت وطلبت من الله قبل موتك ورفعك لتجلس في يمين العظمة في الأعالي، أن يكون أتباعك واحدًا وليكون فيهم الحب الذي أحبك الآب به، انظر يا سيدي من سماك، فهم الآن متفرقون، منقسمون، متصارعون، كارهون بعضهم البعض، يا من طلبت أن يكون تلاميذك ومحبوك معك حيث تكون أنت حتى يروا مجدك، انظر يا سيدي فهم لا يريدون أن يكونوا مع بعضهم البعض في الأرض، فكيف سيكونون معك في سماك؟!، نعلم جميعًا أنك قادر على كل شئ، فأيقظ شعبك وكنيستك، وغر على مجدك واسمك، وطأطأ السموات وانزل، فمن حضرتك تتزلزل الجبال، فأنت القادر على كل شئ. لك العظمة والسلطان والقوة والجلال والجبروت إلى أبد الآبدين. آمين.