أخطاء فرعون في طريقته لحل قضية الأقلية الدينية في مصر

21

العدد 131 الصادر في أغسطس 2016
أخطاء فرعون في طريقته لحل قضية الأقلية الدينية في مصر

    كتبتُ في مقال سابق بعنوان: “الفرعون وطريقته في حل قضية الأقلية الدينية في مصر”، ما ملخصه أن الفرعون لم ينتبه، لا هو ولا سابقيه، إلى خطورة قضية الأقلية الدينية في البلاد إلا بعد مئات السنين، عندما استفحل الأمر وأصبح من التعقيد بما لا يسمح للفرعون المعاصر أن يحلها بمجرد طرق سلمية منطقية حقوقية سليمة وعادلة، فاعتمد على شماعة الخوف والتخويف في حل قضية الأقلية الدينية، تخويف شعبه من شعب الله وتخويف شعب الله من شعبه، واستخدام الغش والخداع والانفراد برأيه المتطرف في التعامل مع الأقلية الدينية في مصر. وكتبت أن الحلول المبنية على غير العدل والمساواة والمراعاة لحقوق الأقليات والمظلومين والمبنية على الخوف والإرهاب لن تنجح أبدًا كحلول جذرية لأي مشكلة من المشكلات، حتى ولو بدت لوقت قصير أنها نجحت وأتت أكلها.

     ولعل المتأمل، حتى السطحي البسيط، لطرق تعامل الفرعون في القديم ومن هم في مقام الفرعون في هذه الأيام، مع شعب الله الذي في مصر، وهم الأقلية العددية فيها في الحالتين، يرى بكل وضوح أن التاريخ يعيد نفسه، وأن الاثنين متطابقان تمام التطابق.

   فعلى سبيل المثال لا الحصر، بدأت خطة الفرعون القديم حسب ما جاء بتنزيل الحكيم العليم بكذب فرعون بأن شعب الله أكثر منهم، ثم بخطة للاحتيال لهم، ثم التخويف منهم  واستخدام نظرية المؤامرة، التى مازالت تستخدم حتى اليوم، وهي لئلا ينموا وينضموا لأعدائنا ويحاربونا وفي النهاية يخرجون من تحت أمرنا وطوعنا، فيشوهون صورتنا الديمقراطية أمام العالم الخارجي، شعب الله في المهجر، ويسحبون أموالهم وأملاكهم من اقتصادنا ونخسرهم كعبيد يخدموننا ويدفعون الجزية لنا عن يد وهم صاغرون، أي أن الحقيقة وبكل اختصار، هي أن الفرعون لا يريد حلاً جذريًا عادلاً لمشكلة الأقلية الدينية في مصر، أولئك الذين ما تركهم الفرعون في حالهم يعيشون في مصر كسائر خلق الله في أرضه بسلام، يعبدون إلههم في محاربهم وبيوت عباداتهم ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر الذين منهم قسيسين ورهبان وهم لا يستكبرون، ولا يريدهم أن يستقلوا على الأقل بقطعة من أرضهم ويفارقوه إلى حال سبيلهم ويتركوا له الجمل بما حمل، فكان الحل المأساوي الشيطاني في ذهنه لمشكلة الأقلية العددية الدينية هي أن يبقى عليهم، لكن تحت التسخير والإذلال والعبودية، غير مدرك أن هذا الشعب له إله لا تأخذه سنة ولا ينام، وهو سبحانه، يدافع عن المظلومين في كل مكان وزمان ودين وخاصة أولاده الذين اعتمدوا عليه وسلموه أمرهم وكل ما لهم، فهو الذي يقول للشئ كن، فيكون. يقول تنزيل الحكيم العليم في هذا الشأن: “ثم قام ملك جديد على مصر لم يكن يعرف يوسف. 9فقال لشعبه هوذا بنو إسرائيل شعب أكثر وأعظم منا. 10هلم نحتال لهم لئلا ينموا فيكون إذا حدثت حرب أنهم ينضمون إلى أعدائنا ويحاربوننا ويصعدون من الأرض. 11فجعلوا عليهم رؤساء تسخير لكي يذلوهم بأثقالهم. فبنوا لفرعون مدينتي مخازن فيثوم ورعمسيس. 12ولكن بحسبما أذلوهم هكذا نموا وامتدوا فاختشوا من بني إسرائيل 13فاستعبد المصريون بني إسرائيل بعنف. 14 ومرروا حياتهم بعبودية قاسية في الطين واللبن وفي كل عمل في الحقل. كل عملهم الذي عملوه بواسطتهم عنفًا 15وكلم ملك مصر قابلتي العبرانيات اللتين اسم إحداهما شفرة واسم الأخرى فوعة وقال: حينما تولدان العبرانيات وتنظرانهن على الكراسي إن كان ابنًا فاقتلاه وإن كانت بنتًا فتحيا 17ولكن القابلتين خافتا الله ولم تفعلا كما كلمهما ملك مصر بل استحيتا الأولاد، 18فدعا ملك مصر القابلتين وقال لهما: لماذا فعلتما هذا الأمر واستحييتما الأولاد؟ 19فقالت القابلتان لفرعون: إن النساء العبرانيات لسن كالمصريات فإنهن قويات يلدن قبل أن تأتيهن القابلة. فأحسن الله إلى القابلتين. ونما الشعب وكثر جدًا. 21وكان إذ خافتا القابلتان الله أنه صنع لهما بيوتًا. 22ثم أمر فرعون جميع شعبه قائلاً: كل ابن يولد تطرحونه في النهر. لكن كل بنت تستحيونها”. (خروج1)

وحسبما جاء بالنص الكتابي السابق نرى أن خطة الفرعون لإضعاف شعب الله الذين في مصر كانت ولا زالت ذات ثلاثة محاور أساسية:

            ١- محور التعامل مع الآباء.

            ٢- محور التعامل مع الأمهات.

            ٣- محور التعامل مع الأطفال والأبناء.

   أولاً: في محور التعامل مع الآباء، كانت خطة الفرعون القديم هي الإذلال بأثقالهم وأن يسخر الرجال في العمل والعبودية القاسية بعنف، وفي النهاية يكون هو ورجاله المستفيدين الأول من كل ما يعمله الرجال المسخرون، فيبنون له المدن والطرق والقناة مع أنهم كان يجب أن تكون حصيلة تسخيرهم لفائدة مصر أولاً وأخيرًا وإنعاش اقتصادها ورفع قيمة عملتها وجذب المستثمرين إليها، الأمر الذي لم يحدث ولم نره ولست أظن أنه حدث أو سيحدث في مصر قديمًا وإلى أبد الآبدين، وحتى يضمن الاستمرار في الاذلال جعل على شعب الله في مصر رؤساء تسخير، كما جاء في قول العلي: “فجعلوا عليهم رؤساء تسخير لكي يذلوهم بأثقالهم”. والعجيب أن يخترع الفرعون وظيفة جديدة غير منطقية ظالمة تسمى وظيفة “رؤساء تسخير”، فلو كانت الوظيفة هي فقط رؤساء أو نظارًا أو مراقبين أو مشرفين، لقلنا إنها وظيفة معروفة متداولة ومطلوبة لضمان حسن سير الأمور، لكن أن يضع الفرعون رؤساء لتسخير شعب الله وإذلالهم، فهذا ما لا يمكن لعقل سليم أن يفهمه أو يقبله، ولعل أهم المؤهلات والصفات التى كانت مطلوبة فيمن يتولى تلك الوظيفة هي، أن يكون المعين لها، أي رئيس التسخير، خبيرًا في تعذيب الناس واستخدام العنف وتثقيل النير عليهم وعدم الاكتراث باحتياجاتهم وعذاباتهم وصراخهم من التعب والظلم الواقع عليهم وكأنه لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم، ويكون قادرًا على أن يحفظهم مذلين طول اليوم في الطين وصناعة اللبن، بشرط أن لا يوفر لهم بعض المواد الأساسية التى يصنع منها اللبن أي الطوب، وهي الطين والقش، فعلى المسكين المسخر أن يحضر بنفسه القش الذي يخلطه بالطين، مما جعل شعب الله في مصر يتفرق في كل مصر بحثًا عن القش، كما ذكر لنا تنزيل الحكيم العليم، ويا لها من حياة مذلة أن يعيش الساكن في مصر حياته يبحث عن القش، ويجوب الشوارع والطرقات بحثًا عن قش وإذا وجده يفرح لأن حصيلة تعبه وكده طول يومه ما نتجت إلا بحصوله على قش وتبن ليخلطه بالطين ليرضى من سخره، أي رئيس تسخيره، أما الطين فما أكثره منذ القديم وإلى يومنا هذا، فهو متوفر بكثرة في كل مجالات وأعمال وحياة شعب الله، فكل ما يقدمه رئيس التسخير والمعذب للمسَخر المضَطهد في النهاية هو الطين، وهذا  ما أكثره كما قلت في كل زمان وأوان، وعلى المضطهد والمذل في الطين أن يسلم عددًا محددًا من الطوب كل يوم لرئيس التسخير ولا ينقص منه شئ، وإن لم يفِ بفريضته اليومية يضرب ويذل من رئيس التسخير الذي لا بد له أن يكون قادرًا على أن يلهى الناس طول اليوم ويجعلهم في ضنك العيش والخوف من الكرباج أو العصاة التى يحملها، هذا هو وصف الكتاب المقدس بالتمام وبالتدقيق لهذه الوظيفة، فهذا ما لا يصدقه عقل، لكن ما أشبه اليوم بالبارحة، فحتى أيامنا هذه تبدو بعض الوظائف الحكومية، الذي يحلو للبعض أن يسميها، السيادية في مصر قد وضعت لتسخير الناس وإهانتهم والسيطرة عليهم والتحكم في أقدارهم ولعل أشهر هذه الوظائف هي وظيفة الباشا الذي يحمل بجنبه مسدسًا حكوميًا مرخصًا وفي يده عصاة تطول الأبرياء والمذنبين وتحت لسانه سم الأصلال من الألفاظ وفي عقله وطبعه كبرياء قد يصل حتى على رب العالمين، ولذا فهو لا يكترث ولا يتحرك لإنقاذ امرأة تعرى من سفاحين أو رجل يسخر من المجرمين أو يضرب من الوحوش الآدمية المفترين أو يقتل ويحرق بيته وكل ما له من غوغاء أشرار متدينين منفلتين إلا بإذن من الباشا الكبير الذي ينتظر بدوره الإذن من الباشا الأكبر وهكذا حتى يصدر أكبر الباشاوات أوامره التى تسافر لمدة طويلة من الزمان عائدة عبر العديد من الباشاوات حتى تصل مرة أخرى للباشا الصغير التى اندلعت من دائرته الأحداث، وهو غير المتحمس للقيام بهذه المهمة وفض هذه العركة التى تكررت كثيرًا حتى فقدت أهميتها بالنسبة له، فتبلدت مشاعره، وهو لا يتفاعل كثيرًا مع منظر عجوز عارية ليسترها أو ينقذها من ذئاب تبغي افتراسها، ولعلمه أنه لن يعاقب من الباشاوات الأعلى منه رتبة ومقامًا لأنها هي على كل حال توجيهاتهم، بشكل أو بآخر، للباشا الصغير الذي يصل إلى مكان التسخير والحرق والتدمير والتعرية من الملابس حتى للسيدات بواسطة الأشاوس المغاوير، بعد فوات الأوان وطمس الحقائق والأدلة والمعايير، وبعد أن يفلت المجرم بما فعل، وإن اعترض واحد من شعب الله في مصر، المسخر والمذل في بلاده، سيضع عليه أحد رؤساء التسخير وزر ما حدث ويقبض عليه وعلى أهله وحتى أمه فيصرخ من الظلم، فيسخر مرة أخرى ليقبل حلاً جاحفًا مشينًا بأن يرحل عن قريته ومدينته وبيته إلى غير رجعة. فالمؤمن الحقيقي من شعب الله الذي يخافه سبحانه وتنازل إلينا، المؤمن بالله، الذي لا يؤمن، أن هذه نقرة وهذه نقرة، والذي يكد ويتعب طوال النهار لكي يحصل على لقمة عيش نظيفة من كل غش وخداع ورشوة ومحاباة، يسبح ضد تيار الفساد المتفشي بين رؤساء التسخير والمصريين  في مصر اليوم، وهو مسخر ومحروم من أبسط حقوقه في التعيينات في الوظائف السيادية، والأماكن الرئاسية والترقيات الأوتوماتيكية بأمر شريعة ترفض ولاية غير المسلم على المسلم، فالمدرس من شعب الله لا يحلم بالترقي إلى مدير مدرسة، وإن بدا أن الحلم على وشك أن يتحقق، في غفلة من الزمان، وأصبح مرشحًا لمنصب مدير مدرسة، قامت الدنيا ولم تقعد وأقصي عن ترشيحه بأمر من طالبات المدرسة المسلمات، والطبيب من شعب الله اليوم في مصر لا يمكن أن يكون رئيس قسم في تخصصه، ومن الأقسام ما كان ولا يزال محرمًا على الغالبية العظمى من أطباء شعب الله من الحصول فيها على درجة الماجستير أو الدكتوراه، اسألوا في ذلك الدكتور العالمي مجدي يعقوب منذ أن كان طالبًا حاصلاً على بكالوريوس الطب والجراحة، اسألوه عن سبب تركه لمصر والاتجاه للدراسة في إنجلترا، فهو الرجل الأشهر في العالم في جراحة القلب، الرجل المسيحي المصرى القبطي، وأعضاء هيئات التدريس في الجامعات والمعاهد العليا نادرًا ما يكون أحدهم من شعب الله، وعلى الرجل من شعب الله أن يشتغل أضعاف المسلم حتى يرضى عنه رؤساؤه، روؤساء التسخير، بالقدر الكافي الذي يسمح له أن يترك في حاله ومكانه وعليه أن لا يحلم بأكثر من ذلك. وبالتالي إذا أراد أن يعيش حياة الستر والفضيلة، عليه أن يعمل الساعات الطوال كالمسخر اليوم كله حتى يحصل على القليل الذي عادة ما لا يكفي احتياجاته الأساسية. ونتيجة لهذا الصراع المعيشي يتغيب الأب عن بيته نهارًا وليلاً، مما يترك الحيرة والمرارة والسخط في قلوب الأبناء المحرومين من آبائهم الذين حتى إذا رأوهم في نهاية يومهم، لا يكون هناك من الوقت أو الجهد أو العواطف التى تسمح للأب أن يحتوى صغاره. هكذا كان الحال تمامًا مع الرجال في شعب الله القديم، مع الفارق في الزمن والإمكانيات والتقدم المعيشي بين الماضي والحاضر.

   ثانيًا: أما فيما يختص بمحور التعامل مع الأمهات، فيتم الفصل بينها وبين زوجها المسخر في خدمة الفرعون ليبنى له مدنًا جديدة ويشق له قناة جديدة، فتقوم المسكينة بدور الأب والأم في نفس الوقت، تسهر على أولادها حتى يعبروا النفق المظلم المسمى بالثانوية العامة التى تفاجأ في نهايته، هي وأولادها، أن لصوص الامتحانات الذين ما مشوا يومًا بجوارها في هذا النفق المظلم، قد وصلوا إلى نهايته أسرع وبأقل معاناة وتكلفة وصراع من أولادها وحصلوا على الدرجات القصوى في امتحاناتهم وقد سرقوا تعب وجهد أولادها الذين حصلت إحداهن، وكانت من المتفوقات، على صفر كبير ولم تنفع معها أية محاولات لاسترداد حقها المسلوب، ونسي الأمر، فكانت الفضيحة الأكبر في امتحانات الثانوية العامة لهذا العام 2016 . وهكذا تجد الأم نفسها، وفقًا لخطة الفرعون في القديم، مراقبة منذ الليلة الأولى لحملها وولادتها وأن القابلة (أي المولدة) التي تولدها مكلفة من قبل السلطات، وبأمر من فرعون نفسه، بقتل ابنها، هل من إنسان يمكن أن يصف مشاعر أم تحبل بطفل وبدل أن تفرح وتسعد عند اكتشافها أنها حبلى وبدل من أن تدعو الأهل والأصدقاء والجيران ليفرحوا معها وأن يساعدوها في فترة حملها، ترتعب وترتعش المسكينة خوفًا واكتئابًا لتسعة أشهر من مجرد فكرة حملها بجنينها وتظل تدعو الله أن لا يكتشف غريب عن أسرتها أنها حامل قبل أن تلد، وأن لا يكون ما ببطنها ولد حتى لا يؤخذ منها ويقتل الرضيع أمام عينيها، هل هناك من يستطيع أن يصور لنا مرارة حزن وصراخ وتضرع أم في كل صباح إلى الله لينقذ طفلها من الفرعون ثم تختلط صرخاتها من آلام الولادة بصرخات أقوى وأمر عندما تقول لها القابلة إنه ولد، ثم تصل صرخاتها إلى قمتها عندما يؤخذ منها إلى مصيره المحتوم بالقتل بأمر من فرعون البلاد، أو بإلقائه في نهر النيل للتماسيح بأمر من فرعون البلاد نفسه؟!! هل من يصور لنا حزن أم نبي الله موسى عندما وضعته في سفط مطلٍ بالقار وأرسلت مريم أخته لتضعه في نهر النيل وفي حسبانها أنها لن تعود تراه فيما بعد؟! وهل هناك فرق كبير بين أم موسى وكل أم مصرية من شعب الله تخرج ابنتها إلى مدرستها أو عملها أو إلى كنيستها ولا تعود، أو يخرج ابنها ولا يرجع إلى بيته أو يضعونها جيرانها هي وعائلتها خارج بيتها أو قريتها وكأنهم يضعونهم في نهر النيل، فلا يعود يعرفها موضعها بعد؟!!

   ثالثًا: أما عن الأولاد أنفسهم، فحدث ولا حرج، فقد كتبت مقالة كاملة عنهم بعنوان: “إنهم يقتلون الأطفال”، تجدها عزيزي القارئ على موقع جريدة الطريق (www.eltareeq.com) .

لقد أصدر الفرعون أوامره منذ عشرات السنين بأن “اقتلوا أطفال شعب الله المسيحيين”. حاصروهم منذ نعومة أظافرهم بالمسلسلات وأفلام الكارتون وقصص البطولات الإسلامية والآيات القرآنية، أسمعوهم إياها في وسائل الإعلام وفي المناهج الدراسية وفي مجلات الطفل وحتى في وسائل الترفيه والألعاب الإلكترونية وأجبروهم على حفظ آيات القرآن في المدارس في مادة اللغة العربية وامتحنوهم فيها، وامحوا تاريخهم وإنجازاتهم من كتب التراث والتاريخ ولقنوهم أنهم عرب لينسوا أصلهم وقوميتهم ولغتهم وتاريخهم، باختصار اقتلوهم كما قتل الفرعون القديم أجدادهم.

لقد كانت خطة الفرعون في القديم أن دمروا واستعبدوا الآباء، واقتلوا الأولاد واثكلوا الأمهات، وترك تنفيذ هذه الخطة لشعب مصر، فهو الذي وكلهم لإلقاء كل طفل لشعب الله في النهر، وأصبح المواطن المصري العادي هو الذي ينفذ أمر القتل والتخريب والخطف والإجبار على تغيير الدين وهو الذي يسمح أو يمنع إنشاء دور العبادة في قريته أو مدينته، دون الرجوع إلى القانون الذي لم ولن ينصفه على كل حال، كما أوكل الفرعون الإشراف على هذه القضايا لمساعديه ومعاونيه ورؤساء تسخير الشعب والعمدة والمأمور وعضو مجلس النواب وكلهم على كل حال من الكارهين لشعب الله تحت أي ظرف أو بند من البنود، وكان الفرعون في صمت مطبق وكأنه لا يسمع، لا يرى  ولا يتكلم وإذا ما جاءه متظلم من ظلم رؤساء التسخير أحاله إلى القضاء، وأشاع وأقر أن القضاء خط أحمر ولا دخل له به، وإذا ما صرخ إليه الناس من المظالم وحبس أولادهم القصر وإعطائهم العقوبة القصوى من سنوات السجن، سد أذنيه وكأنه فرعون دولة أخرى ولا علاقة له بما يحدث لهم ولم يستطع الفرعون أن ينتبه أو يدرك خطورة عدة نقاط، كانت سببًا في فشل خطته وفنائه هو وجيشه إلى الأبد:

   1- إن لهذا الشعب إلهًا حيًا قادرًا جبارًا لا ينعس ولا ينام، يقول، فيكون، يأمر فيصير، يهتم بشعبه وقطيعه وهو إن تأنى عليهم، لكنه لا يتركهم ولا يهملهم، فإلى كل فرعون تكتمل فيه الأوصاف السابقة والآتية أقول اعلم جيدًا واعرف يقينًا أن شعب الله اليوم في مصر لا يعبدون نفس الإله الذي تعبده أنت، فإله شعب الله في مصر هو الأب الحكيم الرحيم المحب الذي يعاقب أبناءه بواسطة الفرعون وأتباعه لتأديبهم، لكنه للموت لا يسلمهم، وفي نفس الوقت يعاقب، جلت وعلت قدرته وحكمته، من يعتدي عليهم لأنه أبوهم  المحب بل وهو المحبة ذاتها، وهو المتسلط عليهم في مملكة الناس ولم ولن يترك أمرهم لآخر وهو الذي وعدهم أن من يمسكم بأي شكل من الأشكال، لا بد يومًا ما، مهما طال الزمان، لابد أن يُمس في حدقة عينه، فأين هم الرؤساء والملوك والأباطرة والسلاطين الذين سَخَّروا شعب الله وسَخِروا من إلههم؟! واعلم أيها الفرعون، إنسًا كنت أم جنًا، أن الضيق والاضطهاد لشعب الله، لن يفعل بهم إلا ما فعلته نار أتون الطاغية نبوخذ نصر، ملك ملوك الأرض في القديم، الأتون المحمى سبعة أضعاف والتي أُلْقِى بها عبيد الله الحي في القديم، فمكتوب: “لم تكن للنار قوة على أجسامهم وشعرة من رؤوسهم لم تحترق وسراويلهم لم تتغير ورائحة النار لم تأتِ عليهم”، بل إن نيران الاضطهاد لن تفعل إلا ما تفعله النار بالذهب المصفى سبع مرات، والفضة الممحصة الخالية من الشوائب، ولن يتسبب الضيق والاضطهاد إلا في زيادة ونمو وامتداد شعب الله في كل الأماكن والمجالات، فحسب ما جاء في كتابه العزيز: “ولكن بحسبما أذلوهم هكذا نموا وامتدوا. فاختشوا من بني إسرائيل”، لكن الفرق بين المصريين الأول وفرعونهم والحاليين وفراعينهم، إنه قيل عن المصريين الأول المفترين والمضطهدين لشعب الله إنهم اختشوا من شعبه، تبارك اسمه، الأمر الذي لا يحدث هذه الأيام، فالغالبية العظمى يتم فيها المثل المصرى العقيم: “اللي اختشوا ماتوا”، أما الفراعين الحاليون، فلم ولن يختشوا أبدًا وهم سيواصلون اضطهادهم وإذلالهم لشعب الله. لذا فأنا أحذر الفرعون وأتباعه أن اختشوا من شعب الله ولا تجلبوا على أنفسكم غضبه، فإنه تعالى، شديد العقاب.

    ولعل واحدة من أكبر غلطات فرعون أنه لم يكن مستعدًا لردود أفعال المضطهدين، وفقًا لحساباته المغلوطة، فلقد حكم على ردود أفعالهم المستقبلية بما عرفه ورآه فيهم من قبل، ومن ردود أفعالهم السابقة وطريقة تناولهم للمشكلات الكثيرة والخطيرة التى واجهتهم في حكم الفراعنة السابقين له، فلقد عاش شعب الله في خوف وارتعاب كل أيام حياتهم، بعد أن مات يوسف  الصديق، ولم تكن لهم آراء واضحة محددة في أي من الأمور الشريرة التى يمارسها المصريون الأشرار ضدهم، وطالما سارعوا بتأييد الحاكم والفرعون ورجال أمنه في كل قراراته وتوصياته ولم يعترض أحد على تسخيره لخدمة الفرعون وعبيده، لا من المسؤلين ولا القادة الدينيين ولا رجال الأعمال والقوة في شعب الله، فكان من الطبيعي أن يزداد الفرعون ورجاله في تسخيرهم والسخرية منهم واستعمال العنف في التعامل معهم وقام ملوك لم يكونوا يعرفون من هو يوسف ومن هو شعب الله في مصر وماذا عملوا لإنقاذ مصر والمصريين والعالم كله من أشد مجاعة عرفها التاريخ حتى الآن، وهكذا يحكم كل فرعون تولى رئاسة مصر منذ قيام الثورة على يد محمد نجيب وشركائه، ومن قبلها منذ الغزو الإسلامي لمصر، ولم يكن يعلم أن ما يمكن أن يحدث له ولجيشه وشعبه وأبكار أولاده في يوم واحد يفوق إدراك الخيال ولا يتناسب أبدًا مع خبراته السابقة، فالأمر ليس أمر خبرات سابقة، بل من هو المحارب والمقاتل في هذه المرة، فإن كان القدير على كل شئ هو الذي سيأتي راكبًا على سحابة سريعة إلى مصر ليهز تماثيلها وأوثانها وعباداتها غير الإلهية، فمن يستطيع الوقوف أمامه؟!  فلا تتوقع فيما بعد نفس ردود الأفعال لكل الأفعال التى يرتكبها من اتخذوا شعب الله الذين في مصر أعداء لهم، فما كنا بالأمس القريب نسمع أو نتوقع أن واحدًا من المطارنة الأرثوذكس شعب الله المسيحيين يمكن أن يخرج ليتكلم بلهجة حادة بهذه الطريقة عن أحداث المنيا المختلفة وغيرها تلك التى حدثت منذ أيام أي في شهر يوليو 2016 ، موجهًا كلماته إلى رئيس البلاد ورجال الأمن، بل ما كنا نرى سوى المهنئين والمعانقين وناكري الضيق والاضطهاد الواقع على المسيحيين في مصر.

  2- أما الخطأ الثاني الذي وقع به الفرعون هو أنه لم يكن يعرف أو يدرك أن هناك أنبياء في شعب الله، يسمعون صوته تعالى الواضح الجلى ويأتمرون بأمره ويحملون قوته تبارك اسمه وأنهم بعصاة يابسة وبأيدي مرفوعة إلى السماء وله سبحانه، يمكنهم أن ينزلوا عشر ضربات على أرض مصر كل أسوأ مما قبلها حتى إلى ضربة قتل أبكار مصر من ابن الفرعون نفسه الجالس على العرش إلى ابن الجارية التى تطحن خلف الرحى. وظن أنه بعرشه وإمكانياته وسحرته ومنجميه وجيشه ورجال أمنه أنه لقادر على سحق شعب الله وقادتهم وأنبيائهم، فهو لا يعلم أن الأمر ليس بالقوة ولا بالقدرة بل بروحي قال رب الجنود، وإن لم يكن الفرعون القديم يعلم كل هذا، حتى أتى عليه قضاء الله وأيضًا إن لم يكن فراعين العهد الجديد الذين يعيشون كالفرعون القديم اليوم أيضًا لا يعلمون إلا إنني أعلمهم وأشهدهم اليوم أنى قد أبلغتهم، أن هناك أنبياء اليوم في شعب الله في مصر وهم قادرون على فعل كل ما عمله موسى كليم الله في العهد القديم، ومن لا يستمع لصوت الأنبياء كموسى وهارون لا ولن ينجح .ها أنا أنادي لكل فرعون يقف ضد خطة القدير لإطلاق شعبه في الحرية وأقول له بفم السيد تبارك اسمه: “اطلق شعبي ليعبدوني”. فعصى الله التى زود بها سبحانه موسى كليمه لازالت محفوظة عنده في سمواته يهبها لمن يشاء، فهو على كل شئ قدير، (إن الجريمة العظمى التي يمكن أن يرتكبها شعب أو حاكم في حق نفسه وشعبه هى أن يمنع شعب الله من عبادة إلههم بأي شكل من الأشكال، سواء يمنعهم بنفسه أو بمساعديه ووزرائه أو جنوده، وسواء بذات الفعل أو بالكلام أو حتى الصمت عن أن يدافع علنًا وبصرامة عن كل مظلوم لا حول له ولا قوة بسبب عبادته لله، لأنه بهذا يأخذ مكان ومكانة الله سبحانه، حتى ولو لم يكن يدري بذلك. فقد كان فرعون يتصرف ويأمر وينهي وكأنه هو الله العظيم، وكأن الله القدير غير موجود، فيعطى من الأوامر أغباها للقابلتين بأن الولد الذي تلده المرأة من شعب الله لا بد أن يموت مقتولاً، وكأنه هو الذي يحيي ويميت، أما البنت فتحيا، ومازال حكامنا يتعاملون مع شعب الله بنفس هذه العقلية ونفس طريقة فرعون وكأن لا إله لشعب الله)!

    3ـ خطأ ثالث أخطأ فيه الفرعون هو أمره الشعب المصرى أن كل ولد يولد لشعب الله يلقونه في النهر، وهو لا يعلم أنه بذلك قد حول هبة المولى لمصر، نهر النيل العظيم، إلى مقبرة للأطفال الأبرياء الصغار، وأمر أن تتحول البركة إلى لعنة عليه وعلى أسرته وشعبه المصري، دون أن يعلم البعد الروحي لتصرفاته الحمقاء، وما من شك أن الفرعون الذي أمر أن يتحول النيل إلى قبر للأطفال لم يدرك لا هو ولا من جاءوا بعده إلى يومنا هذا، أن الذي أمر به عبيده يندرج في محكمة السماء تحت بند القضايا الروحية والاعتداء على الذات الإلهية نفسها، ومثل هذه القضايا لا تسقط بالتقادم، ولا تنتهي بموت مرتكب الجريمة، بل هي جرائم روحية تورث للملوك والحكام والشعوب الذين أتوا بعده حتى يومنا هذا، ولا بد للشعوب أن تدفع ثمن عقابها يومًا إن آجلاً أم عاجلاً، ولعل ما جاء عن ما أصاب وسيصيب نهر النيل المصرى في كتاب المولى الوحيد الكتاب المقدس وفي أماكن كثيرة منه لخير دليل على ذلك، وخاصة ما جاء في إشعياء ١٩، فلقد قال تنزيل الحكيم العليم: “وتنشف المياه من البحر ويجف النهر وييبس. 6وتنتن الأنهار وتضعف وتجف سواقي مصر ويتلف القصب والأسل. 7والرياض على النيل على حافة النيل وكل مزرعة على النيل تيبس وتتبدد ولا تكون. 8والصيادون يئنون وكل الذين يلقون شصًا في النيل ينوحون. والذين يبسطون شبكة على وجه المياه يحزنون 9ويخزى الذين يعملون الكتان الممشط والذين يحيكون الأنسجة البيضاء. 10وتكون عمدها مسحوقة وكل العاملين بالأجرة مكتئبي النفس”.

وإننى على يقين روحي أن نهر النيل المصري يحمل لعنة الأطفال الذين قتلوا فيه ولعنة تحويله إلى مقبرة للأطفال الأبرياء حتى يومنا هذا، ولعل نقص مستوى المياه الخطير الذي بدأنا نراه في النيل منذ سنين، ومشروع كسد النهضة الأثيوبي ستستخدم كآلة لعقاب مصر وجفاف مياه ينابيعها وخاصة نهر النيل، حتى يدرك أحد الفراعنة الحاليين أو الآتين مدى الخطورة الروحية لهذا الأمر ويقدم توبة واعترافًا حقيقيًا بواسطة المؤمنين المسيحيين الحقيقيين الفاهمين في الأزمنة والأوقات والروحيات والحرب التى في السماويات، وإلى أن يقوم فرعون رئيسًا على مصر يعلم أن شعب الله اليوم في مصر هو الوحيد الذي معه وله السلطان من قبل رب السماء والأرض ليمحو اللعنة عن نهر النيل، فهو القائل عن نفسه سبحانه: “دفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض”.

   ومن قال بدوره لتلاميذه: “ها أنا أعطيكم سلطانًا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء”.

   شعب الله المسيحي الحقيقي هو وحده القادر أن يطهر النيل وكل ما به وما حواليه وأرض مصر، من لعنة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المتمثلة في قتل أطفال شعب الله الأبرياء في النيل الذي مارسها حكام مصر جميعاً بطريقة أو أخرى، وفي وقت أو آخر، سواء بعلمهم أو غير علمهم إلى أن يقوم هذا الرئيس ويعترف بهذه الخطية الرهيبة في حق المولى، ويكفر عن خطية القادة المصريين من أول فرعون مذبحة الأطفال إلى اليوم لن تبرأ أرض مصر من هذه اللعنة ولن يعود النيل يعطى قوته فيما بعد، فمهما تعددت الأسباب، لكن الجفاف واحد.

4- خطأ آخر شنيع ارتكبه الفرعون كان واضحًا في أمره الذي أعطاه للقابلتين اللتين كانتا تولدان نساء شعب الله وهو أنه لم يدرك مقدار القوة الكامنة في المرأة، لذا أمرهما الفرعون أنه إن كان المولود ولدًا يقتلاه، أما إذا كانت بنتًا، فيستحيونها، ظانًا أن الخوف كله يكمن في الولد، أما البنت فهى مكسورة الجناح، لا حول لها ولا قوة، لا تستطيع أن تعمل ما يعمله الرجال، ولا يمكنها إلا أن تحيا مع زوجها كالخادمة في بيتها وخاصة في مجتمع ذكوري ومع رجال يرونها وسيلة للتسلية والمتعة والجنس وإنجاب الأطفال.  مجتمع لا يحترم المرأة على أي حال ولا يقدرها حق قدرها. وظن أن بأمره القابلتين بأن تميتا كل ابن ذكر تلده المرأة من شعب الله، أنه قضى أمرًا لا رادًا له، ولعله هو الذي ألهم بروحه الشرير الفرعون الذي مات مخرمًا من رجال قواته المسلحة، أن يقول إنه لن يكون هناك مسيحي في مصر بعد 15 سنة من تصريحه، ولم يعلم أن المرأة الواحدة من شعب الله يمكنها لا أن تكسر أوامره فحسب، بل يمكنها أن تكسر رأسه أيضًا، كما كسرت ياعيل حرفيًا رأس سيسرا رئيس جيش ملك كنعان في القديم، كما دون الكتاب المقدس: “إنها سحقت رأسه شدخت وخرقت صدغه”، فالمرأة المؤمنة من شعب الله لا تخاف إلاه سبحانه من تنازل إلينا، ولا تأبه بتهديد أو وعيد، وأنها بقادرة على تحدي قرارات الفرعون وأن تستبقي الأولاد أيضًا أحياء وليس فقط البنات، فيكتشف الفرعون أن أوامره لم تعل فوق رأسه وأنها لا تنفذ إلا في مخيلته فقط فهو، مها كان، ليس إلا إنسان ضعيف لا يملك من نفسه شيئًا، وأنه وإن كان قد نجح في بعض الأحيان في قتل أطفال صغار أبرياء وأثكل أمهاتهم، إلا أنه يومًا ما سيفقد بكره، أول قوته، بسبب رفض امرأة قابلة أن تنصاع لأوامره وأبقت على الطفل موسى، الذي استخدمه الله في إماتة كل ابن بكر في مصر، من بكر فرعون الجالس على العرش إلى بكر الأمة التى تطحن على الرحى، ولم يستطع الفرعون أن يتخيل حكمة امرأة واحدة من شعب الله، تلك التى استطاعت أن تخبئ طفلها، بالرغم من كل أوامر الفرعون، لمدة ثلاثة أشهر وبعدها وضعته بحكمتها في سفط ووضعته في النهر أمام ابنة فرعون، وبدلاً من أن تقتله القابلة، أرجعته ابنة فرعون إلى حضن أمه لتربيه في بيتها وتأخذ أجرة على تربيتها لطفلها، وتزرع به كل ما أرادت من مبادئ إلهية حية وتصنع منه محاربًا مع شعب الله وليس ضده، وتخلق منه رجل إيمان بالإله الحي القادر على كل شئ وحكيمًا يأبى أن يدعى ابن ابنة فرعون، مفضلاً بالأحرى أن يذل مع شعب الله على أن يكون له تمتع وقتى بالخطية، هذه يوكابد أم موسى، امرأة واحدة من شعب الله استطاعت أن تضع بين يدي القدير “إنسان آية” ليستخدمه في تغيير العالم كله، وإلى كل فرعون معاصر، أقول لا تستهن بقدرات وإمكانيات المرأة المصرية المسيحية، فهن لم يخلقن من ضلع أعوج، بل خلقن على صورة الله وشبهه، وهن لسن ناقصات عقل ودين، بل حكيمات يبنين بيوتهن على الصخر، بدليل أنهن لازلن أحياء محاربات وواقفات في الثغر عنك وعن مصر، قديسات مصليات لأجلك وأعوانك، حتى يهديك المولى سواء السبيل، وهن حسب شريعة إله السماء مساويات للرجل في كل شيء، فما الرجال في شريعتهن بقوامين عليهن ولم يفضل المولى بعضهم على بعض درجات وإنني لعلى يقين أن حركة التطهير والتحرير والتغيير الكبرى الشاملة الآتية لشعب الله في مصر سريعًا ستبدأ بفعل امرأة مسيحية مصرية من شعبه تعالى، إن آجلاً أو عاجلاً، بإذن من لا رادًا لقضائه، فغدًا لناظره قريب.

5-  ولعل أسوأ ما فعله الفرعون أنه لم يتعلم من أخطائه وأخطاء سابقيه ومشى في طريقه المظلم، عندما بدأ القدير بضرب مصر بضرباته العشر، ولم يستمع حتى إلى رجاله وسحرته ومنجميه الذين كان يعتمد عليهم في تقليد ما يجريه أمامه من معجزات نبي المولى موسى، فقد قالوا له عندما طلب منهم أن يصعدوا بعوضًا من التراب كما أصعد نبي العلى موسى، ولم يستطيعوا وأعلنوا فشلهم، قالوا له لا نقدر لأن هذا هو إصبع الله وهذا لا يمكن تقليده، ومع ذلك استمر في عناده وكبريائه وظل يجلب اللعنات والضربات عليه وعلى شعبه وعلى مصر كلها وظل يراوغ محاولاً أن يحفظ الوضع على ما كان عليه وأن يستمر في خطته لإذلال شعب الله.

   لذا وفي ختام مقالي هذا، فإنني أقول لكل فرعون كان أو كائن أو سوف يكون: “اعلم يا سيادة الفرعون أن خطة الحرية والإطلاق لشعب الله معدة منذ الأزل وقبل خطتكم للإذلال والتسخير، لكن لكل شئ عند القدير تحت السماء وقت. واعلم أن عدم تنفيذ أو تأجيل خطة الإطلاق يسبب قساوة القلب للمصريين جميعًا ويزيد من العنف والقتل والإرهاب، الأمر الذي حتمًا ولابد أن يسبب المزيد من الضربات والخسارات لأرض مصر ولشعب مصر وفي النهاية إلى إطلاق شعب الله الذي في مصر في الحرية وبالتالي إلى خراب مصر الدائم”. اللهم احمِ مصرنا من الفراعين والمخربين، اللهم اسمع دعاءنا وامنحنا عقول الأذكياء لا المجانين، اللهم اقبل صلواتنا وتضرعاتنا واعفِ عنا وارحمنا يا أرحم الراحمين. آمين.

1 تعليق

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا