أسمع كثيرًا منذ فترة أُناس كثيرين يتحدثون عن “الوقت”، وكيف أن الوقت مهم للغاية خاصة في عصرنا الحالي، فهو عصر يتسم بالسرعة، والأجهزة التي تسرق الوقت بشكل مخيف، وإيقاع الحياة السريع والمضطرب الذي يجعل الكل يجري ليحصل على احتياجاته. ولذلك، أنا شخصيًا أعتبر الوقت أغلى هدية يمكن أن يقدمها شخص لآخر بعد حياته.
نقول دائمًا مقولة: “الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك”، وهذا لضمان عدم تضيع الوقت فيما لا يفيد. يُعتبر الوقت الشيء الوحيد الذي إذا أعطيناه لن نسترجعه ثانيةً، فالدقيقة التي تضيع لا تسترد. يمكن أن نسترجع المال الذي نحضر به هدية ما، ويمكن من خلال الراحة أن نسترجع الطاقة التي بذلناها لمساعدة شخص ما، لكن الوقت الذي نقضيه مع شخص يحتاج، سواء بالمساعدة أو بالاستماع له، لن يعود ثانية، ولذلك إن الوقت هدية غالية جدًا.
أصبحت للوقت أهمية أكبر حاليًا بسبب ما نسمع عنه من ظروف حروب وأوبئة، وكيف يمكن أن نفقد أشخاص أعزاء في لحظات، وهناك مَنْ يتمنى أن يعود به الزمن كي يقضى وقتًا أكثر مع ذلك العزيز الذي فقده. حسن تنظيم الوقت حاليًا مهارة يجب علينا أن نتعلمها، كي نضمن أن نستفيد من تلك الهدية الإلهية بأفضل شكل، فكل شيء له وقت: العمل، الأسرة، الأصدقاء… إلخ، حتى الراحة يجب أن يكون لها وقت. نعم، الراحة أيضًا مهمة ويجب أن يكون لك وقتك الخاص الذي ترتاح فيه من كل شيء حولك كي يصفى ذهنك، وقد قال لنا الكتاب المقدس الكثير عن الوقت وأهميته: «لكل شيءٍ زمان، ولكل أَمرٍ تحت السماوات وقت» (جا3: 1)، «مفتدين الوقت لأَن الأَيام شريرة» (أف5: 16)، وغير ذلك الكثير.
عزيزي… نحتفل هذا الشهر بعيد الميلاد، المعروف دائمًا بعيد تقديم الهدايا، وهو أيضًا المناسبة التي نحتفل فيها بذكرى أعظم هدية أعطاها الله للبشر: ابنه. لقد أعطى يسوع قبل فدائه الكثير من الوقت للمحتاجين، فكان يعظهم بما يحتاجون، ويشفيهم، ويعطيهم الحنان والمحبة التي كان الكثيرون منهم يفتقدونها، ونحن على مثاله نصنع. الوقت هدية غالية جدًا تبين مدى محبتنا لشخص ما، أكثر من الهدايا المادية. فلنعطِ لأحبائنا وقتًا، لأبنائنا وقتًا، لعائلتنا وقتًا، ولمَنْ يأتي لنا محتاجًا لأحد يعطيه وقتًا ليسمعه، وكل هذا له أجره. عيد ميلاد سعيد!