عودة ترامب رئيسًا لأمريكا

14

نشأت أبو الخير

وقف العالم على أطراف أصابعه وحبس أنفاسه وهو يتابع الانتخابات الأمريكية على مقعد الرئاسة بين المرشح عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة عن الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، وهما الحزبان المتنافسان دائمًا لأنهما الأكبر والأشهر، كما أن تلك الانتخابات هي الأشهر على مستوى العالم. ولمَ لا؟ فأمريكا هي القوة العظمى الأولى في العالم اقتصاديًا وعسكريًا وسياسيًا وهو ما ينعكس بالضرورة على مختلف دول العالم. ومن هنا كان سباقًا محمومًا للوصول إلى البيت الأبيض، وكان يوم الخامس من نوفمبر يومًا مشهودًا في تاريخ أمريكا والعالم والذي يراقب الانتخابات عن كثب. كان التنافس على أشده بين المرشح الجمهوري ترامب والمرشحة الديمقراطية هاريس. وما لفت نظري بشدة هو فشل استطلاعات الرأي في توقع نتيجة الانتخابات، حيث ظلت حتى اللحظات الحاسمة تقول إن النتائج متقاربة على غير الواقع، كذلك لم تكن هاريس متقدمة كما ضللتنا بعض وسائل الإعلام والصحافة والتي اتسمت بعدم الحيادية ومعاداة ترامب وكانت منحازة في الغالب لمنافسته هاريس للتأثير على الرأي العام الأمريكي.

ويفاجئ ترامب الجميع بفوز ساحق كاسح على منافسته هاريس بعد التفوق الكاسح في المجمع الانتخابي بـ 312 صوتًا، وكان يكفيه الفوز بـ 270 صوتًا ليفوز بالمنصب الرفيع على مستوى العالم، بينما لم تحصل هاريس إلا على 226 صوتًا، بل تفوق ترامب وباكتساح أيضًا في التصويت الشعبي، فقد استطاع ان يحطم الجدار الأزرق لصالح الجدار الأحمر بفوزه الكبير والكاسح والساحق في الولايات السبع المتأرجحة: ميشيجن وبنسلفانيا وجورجيا وكارولينا الشمالية وويسكونسن وأريزونا ونيفادا، كما واصل الحزب الجمهوري تفوقه على الحزب الديمقراطي بتحقيق انتصارات كافية مكّنته من انتزاع الغالبية والسيطرة على مجلس الشيوخ. كذلك واصل الجمهوريون زحفهم المقدس بتحقيق الأغلبية والسيطرة على مجلس النواب بالحصول على 218 مقعدًا وبالتالي دامت للجمهوريين السيطرة التنفيذية والتشريعية من خلال مقعد الرئاسة والكونجرس الأمريكي بغرفتيه الشيوخ والنواب، مما يسهل الكثير للرئيس الأمريكي في حكمه وسياساته.

وبهذا الفوز الساحق الكاسح والذي يرقى لانتصار تاريخي، أصبح ترامب أول رئيس أمريكي يفوز بولايتين غير متعاقبتين منذ أكثر من 100 عام، حيث لم يحدث ذلك في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية إلا مرة واحدة من قبل منذ الرئيس الأسبق جروفر كليفلاند عام 1892 حين فاز بولايتين غير متعاقبتين، وكأن التاريخ يعيد نفسه مع الرئيس التاريخي للمرة الثانية وهو ما حققه الرئيس دونالد ترامب الذي فاز بالولاية الأولى عام 2016 ليصبح الرئيس الخامس والأربعين ويعود مجددًا إلى البيت الأبيض عام 2024 ليصبح الرئيس السابع الأربعين بعد أن كان قد خسر انتخابات عام 2000 أمام الرئيس الديمقراطي الحالي جو بايدن الرئيس السادس والأربعين. كما أن المرشح الرئاسي ترامب الجمهوري هو الوحيد الذي اكتسح بالفوز على السيدتين الديمقراطيتين المرشحتين أمامه على منصب الرئاسة الأمريكية، ففي عام 2016 أطاح بالبيضاء هيلاري كلينتون ليعود في عام 2024 للإطاحة بالسمراء كامالا هاريس. وفي نشوة النصر، خاطب ترامب أنصاره عقب الفوز قائلًا: إن أمريكا ستدخل عصرًا ذهبيًا. لقد حققنا نصرًا كاسحًا يجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى. خسرت هاريس لأنها استفزت الأمريكان بسياسات الحرية الجنسية والمثلية والإجهاض بدون حد والهجرة غير الشرعية بلا رقابة واقتصاد سيئ جدًا وغيرها من الأمور، بل وصلت بها الوقاحة في أحد تجمعاتها الانتخابية حين صرخ أحد الحاضرين قائلًا: Jesus is lord أن نهرته قائلة: ليس لك مكان هنا.

قد تكون خسارة هاريس للانتخابات الرئاسة في صالح الحزب الديمقراطي كي يعيد النظر في المبادئ والسياسات اليسارية والتقدمية التي تبناها في السنوات الأخيرة ويعود للوسط حيث يقف معظم الناخبين الأمريكيين. كما أن فوز ترامب يعني نهاية الحقبة الأوبامية شديدة السواد في تاريخ أمريكا. فمن ينسى حين تدخل لينهي حكم حسني مبارك مطالبًا إياه بالتنحي عن الحكم وقال عبارته المشهورة: now. وعندها استولت جماعة الإخوان المسلمين على الحكم في عام 2012 حتى يتسنى لها الحكم في العالم الإسلامي. فحكم بايدن ما هو إلا امتداد لحكم أوباما، ولو لا قدر الله فازت هاريس كانت ستكون أيضًا امتدادًا لحكم أوباما. لقد أنهى فوز ترامب الحقبة الأوبامية بكل امتداداتها وبكل ما فيها من يسار وإسلام سياسي. وإثر إعلان فوز ترامب، ألقى خطابًا جاء فيه: “سويًا سنبدأ بوضع أمريكا أولًا وعظيمة مرة أخرى لكل الأمريكيين.” وأتذكر هنا سؤال طرحة الفيلسوف الدكتور مراد وهبة: “ماذا حدث لأمريكا حين يقول ترامب: سويًا سنبدأ بوضع أمريكا أولًا عظيمة مرة أخرى لكل الأمريكيين؟ ماذا حدث ليقول هذه العبارة؟ لقد سرقها أوباما وأهداها إلى جماعات الإسلام السياسي من أجل استدعاء الخلافة الإسلامية.” انتهى الاقتباس

أما الحزب الجمهوري فقد اكتسح الانتخابات من أجل استرداد أمريكا ووضع في المقدمة عودة الاقتصاد القوي ورفض الحرية الجنسية والمثلية والإجهاض والهجرة غير الشرعية والتأشيرات غير القانونية والعمل على تدعيم القيم الأمريكية وإطلاق دعوى السلام ووقف الحروب ولتعود أمريكا بقيادة ترامب إلى قيادة العالم الحر والعالم كله.

***

وقفات في محطات

وقفتُ متأثرًا وأنا أشاهد تلك الصورة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يقف الرئيس الأمريكي ترامب في خشوع وحوله مجموعة من الأشخاص يمدون أياديهم إليه ويضعونها عليه، يصلون من أجله ومن أجل أن يلهمه الله الحكمة والقدرة على قيادة أمريكا والعالم ووقف الحروب ونشر السلام.

قام الرئيس ترامب بترشيح المصري إميل جرجس مايكل “رئيس شركة أوبر” وزيرًا للمواصلات في إدارته الجديدة. وقد سبق في ولايته الأولى عام 2016 أن كانت دينا حبيب باول مستشارًا اقتصاديًا لترامب في البيت الأبيض كما فاز زوجها ديفيد بعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية بنسلفانيا.

فرحة كبيرة اجتاحت العرب بفوز ترامب، حيث يأملون أن يفي بوعده بتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط وإنهاء الحروب في غزة والضفة ولبنان.

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا