البابا فرنسيس قديس العصر والذي سار على خطى القديس فرنسيس الأسيزي

7

البابا فرنسيس ولد باسم خورخي ماريو بيرجوليو «17 ديسمبر1936 – 21 أبريل 2025»، وهو بابا الكنيسة الكاثوليكية الـ 266 «من 13 مارس 2013 حتى وفاته في 21 أبريل 2025»، وهي الكنيسة التي يزيد أتباعها عن مليار ونصف إنسان. وبحكم كونه البابا، فهو خليفة القديس بطرس وأسقف روما، بابا الفاتيكان وسيد «رئيس» دولة الفاتيكان. وقد تم انتخابه من المجمع الانتخابي للكرادلة ونُصِّبَ رسميًا في ساحة القديس بطرس يوم 19 مارس 2013 في عيد القديس يوسف في قداس احتفالي. وهو أول بابا من الرهبنة اليسوعية التي أسسها القديس فرنسيس الأسيزي في مدينة أسيزي بإيطاليا، وأول بابا من أمريكا الجنوبية ومن الأرجنتين، كما أنه أول بابا من خارج أوروبا منذ عهد البابا غريغوري الثالث «731 – 741». لكن لماذا اختار البابا اسم فرنسيس تحديدًا؟ كان ذلك تأسيًا بالقديس فرنسيس الأسيزي وهو ما سنركز عليه في هذا المقال بعد هذه المقدمة ونربط بين الشخصين. وهو اختار هذا الاسم على خلاف أسلافه من البابوات مثل بيوس، يوحنا، بولس يوحنا، بولس، بنديكتوس، ليون، لاون. لقد كان لهذا الاختيار مدلول معين لدى قداسته إذ أراد أن يسير على خطى القديس فرنسيس الأسيزي، لذا نجد أوجه شبه كثيرة ما بين البابا فرنسيس والقديس فرنسيس الأسيزي.

* رحل البابا فرانسيس الأول بابا الفقراء خادم كنيسة الفقراء يوم الاثنين 21 أبريل 2025 فرثاه العالم كله، حيث جاء كثيرون من كل بقاع العالم لتوديع بابا الإنسانية والمحبة ورجل السلام. كنت مثالًا حيًا للتواضع والبساطة والتسامح والمحبة والسلام. فتحت قلبك وفكرك للجميع وارتفعت فوق اختلاف الطوائف والمذاهب المسيحية.

* لم نراك ترتدي التيجان والصلبان الذهبية ولا الملابس والأحذية الغالية بل كانت ملابسك بسيطة بيضاء كقلبك وترتدي حذاءً باليًا. اخترت العيش في شقة بسيطة تاركًا الإقامة في القصر البابوي الفخم. تركت كل حياة الأبهة ونذرت الفقر الاختياري الذي عشته رغم أنك رئيس دولة الفاتيكان. لم تركب السيارات الفارهة التي أهديت لك لكن قيمة اتضاعك وبساطتك جعلت السيارة البسيطة المتواضعة التي تركبها أعظم من مركبة فضاء لأنها حملتك إلى عالم الخلود وسماء المجد مرتديًا تيجان المجد السماوي. وجدوا أن ما تملكه 100 دولار فأظهرت أن الغنى غنى النفس وأنك رجل الله الغني عن أموال العالم. فتحت قلبك وعقلك للعالم كله لتتدفق منه أنهار من المحبة ودعوات السلام فاتحًا باب الحوار مع كل الأديان من أجل العيش في سلام حريصًا على جوهر العقيدة والإيمان المسيحي. اخترت أن تُدفن في كنيسة سانتا ماري ماجيوري التي اعتدت أن تصلي فيها وليس في كاتدرائية القديس بطرس الفخمة العظيمة وأنت بابا روما. واليوم رأى فيك العالم محبة الله المحبة التي هي أقوى من الموت، رأيناك وإن مت تتكلم بعد، رأيناك تجمع الكل نحوك حتى وأنت صامت داخل صندوق مغلق. وداعًا بابا السلام والمحبة ستظل إرثًا حيًا في ضمير البشرية فأنت بحق يا بابا فرنسيس قديس هذا العصر. سلامًا لروحك. ارقد بسلام.

* فهنا يكمن سر اختيارك لاسم فرانسيس. ونعم الاختيار والمثل الأعلى ونموذج الاقتداء لتسير على خطاه.

* فالقديس فرنسيس الأسيزي المولود في مدينة أسيزي بإيطاليا عام 1182 رغم أنه أبن لتاجر إيطالي ثري جدًا فقد كان فرنسيس شغوفًا بالفقراء والإحسان إلى المساكين حتى ضج أبوه منه فحرمة من الميراث إلا أنه اختار نذر الفقر الاختياري فقد ترك حياة الرفاهية والعيش الرغد وحياة المرح والمتع الدنيوية وتبع المسيح طالبًا مرضاته، وأنشأ نظامًا رهبانيًا يتبنى الفقر الاختياري ودعا إخوته الرهبان إخوة. ولما وجد أن لقب إخوة لقب عام يشترك فيه جميع الناس شاء أن يميز أبناءه فأطلق عليهم الإخوة الأصاغر مقابل الطبقة الظالمة من الأثرياء والأغنياء والحكام التي كانت تُعرف بالأكابر ليحملهم على التواضع المسيحي والذود والدفاع عن طبقة الشعب المظلومة التي كانت تُعرف آنذاك بالأصاغر. وكان يحيط إخوته من الرهبان بمحبة فائقة وتقدير بالغ اقتداءً بيسوع الذي صار فقيرًا لأجلنا.

* رائد دعوة الحوار بين الأديان

ففي أثناء الحملة الصليبية الخامسة على دمياط سنة 1219، خرجت من بين صفوف الفرنجة بلباس الكهنوت متجردًا من أي سلاح سوى سلاح الإيمان بالرب يسوع وتعاليمه التي تدعو إلى المحبة والسلام ومعك أحد الرهبان وذهبتما قاصدين معسكر المسلمين طالبين مقابلة السلطان، فقدر الملك الكامل تلك المبادرة وكنتما موضع تقدير واحترام وتبجيل من الملك الذي قدَّر هذين الراهبين اللذين يريدان السلام، فأرسى القديس فرنسيس الأسيزي طريقة جديدة في الحوار الديني والعيش المشترك وتقبل الآخر، واحتلت مبادرته مكانة مرموقة في تاريخ الكنيسة والحوار المسيحي الإسلامي.

* وحين كان القديس فرنسيس على وشك الموت أوصى الإخوة أن يحملوه إلى البورتسيونكلا لأنه كان يرغب في أن يموت في المكان نفسه حيث جاهد وتألم بالمسيح من أجل السلام والإيمان والعدالة والحرية.

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا