يبدو أن السؤال: لماذا غابت السعادة والبسمة عن وجه المصريين؟ سؤال ليس في محله، فالجميع يعرف الظروف الصعبة التي يمر بها المصريون، سواء كانت ظروفًا اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، فكثير من المصريين انتقلوا من الطبقة المتوسطة إلى الطبقة المعدمة وأصبح كثير من المصريين تحت خط الفقر، وبعض الأسر لا تعرف كيف تدبر أمرها.
سافرت بلادًا كثيرة من البلاد عربية وأوربية، ولم أرَ وجوهًا تعلوها التكشيرة والعبوسة، مثلما وجدت على وجوه المصريين، فقط يكفي أن تتأمل وجوه المصريين في الصباح وهم خارجون للعمل، أو تتعامل مع موظف حكومي، أو تركب وسيلة مواصلات عامة.
أنا هنا لا أناقش الأسباب أو الحلول، فلهذا مقال آخر، لكن أتحدث عن جهود بعض الدول في بث السعادة في حياة مواطنيها، أذكر على سبيل المثال دولة الإمارات التي تستحق الاحترام والتقدير لما تبذله قياداتها لبث السعادة في حياة قلوب مواطنيها.
الحقيقة إن حكوماتنا تبذل كل الجهد وبكل الطرق في التنكيد والعكننة على المصريين، وأحيانًا تنفذ الخطة الجهنيمة التي تتبعها الزوجة النكدية مع زوجها، فقد اتفق زوج مع زوجته أن يكون النكد يومًا واحدًا في الأسبوع وهو يوم الجمعة، وكانت الزوجة تنكد عليه كل يوم جمعة، ووجدت أن هذا لا يكفي، فكانت يوم الخميس طوال اليوم تذكره النكد بكره. النكد بكره. وهكذا تفعل بنا حكومتنا تقرر أن تصدر القرارات التي تنكد علينا بها وقبل أن يأتي الوعد بشهر تذكرنا النكد بكره. النكد بكره.
هل تعبر المسلسلات التي يعرضها التليفزيون المصري عن حال المجتمع المصري؟
لست من هواة مشاهدة أو متابعة المسلسلات، لكني شاهدت بعض اللقطات المتفرقة من مسلسلات لا أعرف حتى اسمها، وسمعت تعليقات وقرأت تحليلات. وتعجبت من كمية القتل وبأبشع الطرق المستخدمة في القتل، والخيانة الزوجية، فلا يخلو مسلسل من خيانة زوج أو خيانة زوجة، ما هذا الكم من الإيحاءات الجنسية، والألفاظ الهابطة، والعبارات السوقية! يكفي تقرأ ما جاء في تقرير المجلس الأعلى للإعلام عن مسلسلات رمضان الماضي، تابعت اللجنة نحو 10 آلاف مشهدًا تضمنها 16 مسلسلاً احتوت على 345 مخالفة للمعايير التي أصدرها المجلس بنسبة حوالي 3% من إجمالي المشاهد، احتلت الألفاظ السوقية والمتدنية صدارة المخالفات بنسبة 60.3% من إجمالي عدد المخالفات، الإيحاءات الجنسية 12.4%، السباب 7.8%، إهانة المرأة 2.3% ومشاهد العنف غير المبرر 2.3%، والترويج للدجل والشعوذة 2.6% والإساءة لقيم الأسرة المصرية 6% .
هل فعلاً هذه أخلاق الأسرة المصرية؟ هل فعلاً الأسرة المصرية صارت هكذا من الخيانة والأخلاق؟! وإذا كان هذا هو الحال، فما الذي وصل بنا إلى هذا الحد؟ هل من علاج؟
المتحولون دينيًا في مصر… متى تنتهي هذه البلبلة؟
لا تهدأ الأمور إلا وسرعان ما تتأزم مرة أخرى، فمنذ شهور قليلة عاش المجتمع المصري أزمة الطفل شنودة، التي تعود تفاصيلها لعام 2018 عندما عثرت سيدة مسيحية تُدعى آمال فكري على طفل رضيع داخل إحدى الكنائس، لتقرر مع زوجها احتضان الرضيع وتبنيه وأطلقت عليه اسم “شنودة”، حتى تدخلت إحدى قريبات الزوج خشية أن يؤول ميراث الأسرة إلى الطفل الجديد ويحرم منه باقي أفراد العائلة، وتقدمت ببلاغ ادّعت فيه العثور على الطفل خارج الكنيسة مطالبة بإيداعه دار أيتام باعتباره مجهول النسب وهو ما حدث بالفعل، وقررت النيابة إيداعه دار أيتام لحين انتهاء التحقيقات، وفي تلك الأثناء جرى تغيير اسم الطفل من “شنودة” إلى يوسف عبدالله محمد، وبات مسلمًا بحكم القانون الذي يعتبر فاقد الأهلية مسلمًا بالفطرة.
ولم ينصف القانون في مصر “شنودة” بقدر ما أنصفته دار الإفتاء المصرية ومشيخة الأزهر اللتان حسمتا الجدل وانتصرتا لأسرة “شنودة” بالتبني، إذ استطلعت النيابة العامة المصرية رأي مفتي الجمهورية في شأن ديانة الطفل الذي أفتى بأن الطفل يتبع ديانة الأسرة المسيحية التي وجدته وفق آراء فقهية مفصلة.
كما أكد الأزهر في فتوى رسمية أن “ديانة الطفل مجهول النسب تصبح على دين من وجده”، لتسدل النيابة المصرية الستار على هذا الملف بتسليم الطفل شنودة للسيدة التي عثرت عليه والتوجيه بإعادة تسمية الطفل لاسمه وديانته المسيحية.
واقعة الطفل “شنودة” انتهت، لكن أزمات تغيير الديانة في مصر لم تنته؛ فمنذ أيام تفجرت قضية طبيبة أسوان، وسيليها بعد أيام غيرهما وغيرهما.
كثير من الإشكالات القانونية والاجتماعية والشرعية التي تواجه من يسعى إلى التحول عن ديانته في مصر، إجراءات اعتناق الإسلام سهلة وميسرة، والمستحيلة لمن يرغب في الخروج من الدين الإسلامي، والأقل سهولة لمن يرغب في العودة لديانته الأولى التي عرفها قبل إشهار إسلامه.
الحل الدولة المدنية التي لن يرضى عليها المتدينين من الطرفين!